معهد الجزيرة للإعلام - الدوحة

ضمن سلسلة الإصدارات التي يقدمها معهد الجزيرة للإعلام لدعم الكفاءات الإعلامية وتعزيز الأداء المهني في مجال الصحافة، يقدم المعهد إصدارًا جديدًا بعنوان: في الميدان كما في غرفة الأخبار.. تأملات في الصحافة كأداة أنثروبولوجية، الذي يتناول رؤية مبتكرة لإعادة تعريف مفهوم الدقة في العمل الصحفي.
ينطلق الكتاب من سؤال جوهري شغل أذهان الصحفيين لعقود: ما مدى حدود الدقة والمصداقية في الصحافة؟ وهل تقتصر على مطابقة الأرقام مع المصادر والتحقق من صحة الأسماء والاقتباسات، أم تشمل أيضًا دقة نقل التجارب الإنسانية والاجتماعية المرتبطة بالقضايا المطروحة؟

وقالت إيمان العامري، مديرة المعهد، خلال فعالية إطلاق الكتاب: "يمثل هذا الكتاب مرجعية فريدة في مجال الإعلام، إذ يسلط الضوء على جوانب عميقة لا تتناولها المناهج التقليدية في كليات الصحافة، ويمنح طلاب الإعلام الفرصة للتعمق في القصص الإنسانية وتناول الأخبار من منظور أكثر شمولية وعمقًا." وأضافت العامري: "يمتاز الكتاب بجمعه بين النظرية والتطبيق العملي، بمشاركة نخبة من المؤلفين الذين أثروا الكتاب بقصص وتجارب أنثروبولوجية." ودعت إلى تعميم الكتاب في الجامعات والمكتبات، مع العمل على ترجمته ليكون في متناول الجميع.

هذا ويُبرز الإصدار أهمية توسيع مفهوم الدقة ليشمل البعد الإنساني، ويُشدد على أن الصحافة الحقيقية لا تكتفي بنقل الوقائع، بل تذهب أبعد إلى فهم وتعميق التجربة الإنسانية الكامنة وراء الأخبار. كما يفتح الإصدار آفاقًا جديدة لتأمل الصحافة من خلال منظار العلوم الاجتماعية والإنسانية، وبالأخص الأنثروبولوجيا، باعتبارها الحقل الأكثر التصاقًا بجوهر الممارسة الصحفية القائمة على الفهم والتقارب مع الإنسان.
يعتمد الكتاب فكرة أن أدوات الأنثروبولوجيا، وخصوصًا المنهج الإثنوغرافي المرتكز إلى الملاحظة والمعايشة، يمكن أن تمنح الصحفيين قدرة أعمق على تفسير مجتمعاتهم ورصدها بدقة معرفية وإنسانية.
كما يتضمن الكتاب حوارًا تمهيديًا بين أستاذ في الصحافة وآخر في الأنثروبولوجيا، يستعرضان فيه إمكانيات التقاطع والتلاقي بين المجالين، قبل أن يتوزع العمل على ثمانية أبواب تغطي موضوعات مثل: معايشة المجتمعات المهمشة، كتابة السير الغيرية، وتحليل الحركات الاجتماعية، إلى جانب استكشاف فنون صحفية ناشئة في العالم العربي، كصحافة الرحلة والسرد التاريخي.
ويهدف الإصدار إلى تزويد الصحفيين بحقيبة أدوات معرفية تعينهم على توسيع زاوية النظر، وتعميق الفهم للسياقات التي يعملون في إطارها، بما يجعل الصحافة أكثر قدرة على نقل التجربة الإنسانية بعمق وصدق.