حتى ولو بدت الخطوة متأخرة جدا، بعد أن فتك الاحتلال بمئات الصحفيين ودمر عشرات المقرات واستهدف عائلاتهم في سلوك إبادي ممنهج، وقّعت مؤسسات صحفية فرنسية ودولية رسالة تدين سياسة الاحتلال الإسرائيلي في قتل الصحفيين.
اختارت المؤسسات الموقِّعة ومن بينها مراسلون بلا حدود ونقابة الصحفيين ووسائل إعلام فرنسية بارزة أن تنشر رسالتها على صفحات صحيفة "لوموند" مضيئة على قصص صحفيين فلسطينيين قتلتهم إسرائيل رغم معرفتها المسبقة بأنهم صحفيّون.
ودون اللجوء إلى لغة التعويم أو البحث عن توازن مصطنع، يكتب الموقعون على المقال: "كان جميع الزملاء يرتدون خوذات وسترات واقية من الرصاص، تحمل شعار "صحافة"، مما يشير بوضوح إلى أنهم إعلاميون محترفون. وقد تلقى بعضهم مكالمات هاتفية تهديدية من مسؤولين عسكريين إسرائيليين. وفي حالات أخرى زعم المتحدث باسم الجيش أنه تم التعرف عليهم كأعضاء في جماعات مسلحة في غزة دون أن يقدم أدلة موثوقة (أو ذات مصداقية) لدعم هذه الاتهامات. وتدفع كل هذه العناصر إلى الاعتقاد بأنهم تعرضوا لاستهداف عمدي من قبل الجيش الإسرائيلي".
حتى ولو بدت الخطوة متأخرة جدا، بعد أن فتك الاحتلال بمئات الصحفيين ودمر عشرات المقرات واستهدف عائلاتهم في سلوك إبادي ممنهج، وقّعت مؤسسات صحفية فرنسية ودولية رسالة تدين سياسة الاحتلال الإسرائيلي في قتل الصحفيين.
وإذا كان لافتا توقيع مؤسسات إعلامية فرنسية معروفة بخطها التحريري المنحاز للرواية الإسرائيلية مثل LCI وLe Figaro على الرسالة، فإن الأكثر لفتا للانتباه هو أن الرسالة وصفت ما يحدث للصحفيين الفلسطينيين بـ "المذبحة التي لم نشهد لها مثيلا"، واستشهدت "بأرقام المنظمات الدولية المدافعة عن الصحفيين؛ مثل مراسلون بلا حدود، ولجنة حماية الصحفيين، والاتحاد الدولي للصحفيين، بالتعاون مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين. وفي تاريخ مهنتنا، يشكل الأمر مذبحة كبيرة لم نشهد لها مثيلا من قبل، كما أثبتت دراسة حديثة أجرتها جامعة براون الأميركية".
وتعود الرسالة إلى قصص صحفيات وصحفيين فلسطينيين قتلتهم إسرائيل في الميدان خاصة الرسالة التي خطها حسام شبات مراسل قناة الجزيرة مباشر في قطاع غزة قبل لحظة اغتياله.
إذا كان لافتا توقيع مؤسسات إعلامية فرنسية معروفة بخطها التحريري المنحاز للرواية الإسرائيلية مثل LCI وLe Figaro على الرسالة، فإن الأكثر لفتا للانتباه هو أن الرسالة وصفت ما يحدث للصحفيين الفلسطينيين بـ "المذبحة التي لم نشهد لها مثيلا".
"ليس من المعتاد أن يكتب الصحفي وصيته في سن الثالثة والعشرين، لكن هذا ما فعله حسام شبات، مراسل قناة الجزيرة مباشر القطرية في قطاع غزة. أدرك الشاب أن القصف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية تسبب في خفض متوسط العمر المتوقع لزملاء المهمة؛ فقرر أن يخط رسالته القصيرة تحسبا لوقوع أي شيء". تمهّد هذه العبارات لقصة شبات، ولسرد مأساة الصحفيين الفلسطينيين، وذلك بوضوح لم نشهده سابقا في مؤسسات الإعلام الفرنسية، ثم يضيف المقال في موضع آخر: "لقد قُتل ما لا يقل عن أربعين من هؤلاء الصحفيين - مثل حسام شبات - وهم يحملون الأقلام أو الميكروفونات أو الكاميرات في أيديهم. وهذه هي حالة أحمد اللوح (39 عاما)، مصور قناة الجزيرة الذي استشهد في غارة جوية أثناء تصويره تقريراً في مخيم النصيرات للّاجئين في 15 ديسمبر/كانون الأول 2024، وإبراهيم محارب (26 عاماً)، المتعاون مع صحيفة الحدث الذي قُتل بنيران دبابة في 18 أغسطس/آب 2024، أثناء تغطيته انسحاب الجيش الإسرائيلي من أحد أحياء خان يونس. هذه من الحالات التي تم توثيقها بعناية من قبل المنظمات الصحفية".
ولم تقتصر الرسال على أوضاع الصحفيين في غزة، بل ذكّرت بالانتهاكات ضد الصحفيين في الضفة الغربية الشاهدة على فصل آخر من حرب الإبادة الجماعية. كتب الموقعون: "ولا ننسى الوضع في الضفة الغربية المحتلة؛ حيث سنُحيي بعد أيام قليلة الذكرى الثالثة لمقتل شيرين أبو عاقلة. فقد قُتلت الصحفية الشهيرة مراسلة قناة الجزيرة برصاص جندي إسرائيلي في جنين في 11 مايو/أيار 2022، ولم يُحاسب على جريمته. أما حمدان بلال المخرج المشارك لفيلم No Other Landالفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي لعام 2025، فقد تعرض لاعتداء من قبل المستوطنين في 24 مارس/ آذار، ثم اعتقله جنود في سيارة الإسعاف التي كانت تقله لتلقي العلاج، وهو دليل إضافي على العنف الذي يواجهه أولئك الذين يحاولون رواية قصة حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، كما يكشف هذا أيضًا عن الإفلات من العقاب الممنوح بشكل منهجي - تقريبًا -لأولئك الذين يسعون إلى إسكاتهم ".
باعتبارنا صحفيين ملتزمين بشدة بحرية الإعلام، من واجبنا أن ندين هذه السياسة، وأن نظهر تضامننا مع زملائنا الفلسطينيين، وأن نطالب مرارا وتكرارا بالحق في الدخول إلى غزة. نحن لا نطلب هذا لأننا نعتقد أن التغطية الإعلامية لأحداث غزة لن تكون مكتملة بدون الصحفيين الغربيين، بل لأن هدفنا هو نقل الحقيقة وحماية زملائنا الفلسطينيين من خلال وجودنا، الذين يظهرون شجاعة لا تصدق، من خلال إرسال صور وشهادات إلينا تعبر عن المأساة غير القابلة للقياس في غزة.
وتنتهي الرسالة بتنديد صريح بقتل شهود الحقيقة ومنع الصحفيين من الولوج إلى قطاع غزة لتوثيق الحقائق كما هي، لا كما يرويها الجيش الإسرائيلي. وتقول الرسالة: "وباعتبارنا صحفيين ملتزمين بشدة بحرية الإعلام، من واجبنا أن ندين هذه السياسة، وأن نظهر تضامننا مع زملائنا الفلسطينيين، وأن نطالب مرارا وتكرارا بالحق في الدخول إلى غزة. نحن لا نطلب هذا لأننا نعتقد أن التغطية الإعلامية لأحداث غزة لن تكون مكتملة بدون الصحفيين الغربيين، بل لأن هدفنا هو نقل الحقيقة وحماية زملائنا الفلسطينيين من خلال وجودنا، الذين يظهرون شجاعة لا تصدق، من خلال إرسال صور وشهادات إلينا تعبر عن المأساة غير القابلة للقياس في غزة ".