وقّع أكثر من ٥٠ أستاذا جامعا ينتمون لعشرات كليات الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية، رسالة موحدة تطالب صحيفة نيويورك تايمز بتعيين لجنة مستقلة للتحقيق في القصة الصحفية التي نشرتها عن ادعاء وجود جرائم عنف جنسي ارتكبها عناصر من حماس يوم السابع من أكتوبر.
تؤكد الرسالة، التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست، استغراب الأساتذة الكبير من تجاهل إدارة نيويورك تايمز، على مدى الشهور الماضية، كل الانتقادات والأسئلة التي أثيرت بشأن تلك القصة، والعملية التحريرية التي قادت إلى اعتماد نشرها. ووفقا للرسالة، فإن هذا الصمت لا يضر بسمعة الصحيفة فحسب، بل "يعرض حياة الصحفيين للخطر، بمن فيهم الصحفيون الأمريكيون العاملون في مناطق النزاع، وكذلك الصحفيون الفلسطينيون الذين قُتِل منهم أكثر من ١٠٠ خلال الصراع الجاري وفق تقارير لجنة حماية الصحفيين".
كذلك طالب الأساتذة بضرورة تشكيل لجنة مكونة من خبراء صحفيين لإجراء مراجعة شاملة ومستقلة لمراحل إنتاج القصة كافة، ونشر نتائجها للعلن، ولا سيما أن القرارات التحريرية التي تحكمت في نشر القصة [قصة التايمز عن الاعتداءات الجنسية يوم السابع من أكتوبر] توازي خطورة الأخطاء المهنية التي ارتكبتها صحيفة نيويورك تايمز أثناء تغطيتها للأحداث التي مهدت للغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣. وطالب الأساتذة الصحيفة بإجراء تحقيق مشابه، بحسب الرسالة.
وأبرزت الرسالة أن هذه الإشكاليات التحريرية قد تُسبب ضررا كبيرا بالمهنة وبالعالم، ولا سيما أن التقرير نُشِر في وقت الحرب، وأن جزءا كبيرا من الجمهور رأى أن نشر القصة في ذلك التوقيت "أشعل النار" في لحظة حاسمة كان من الممكن أن يتم احتواء الحرب فيها، خصوصا بعد حكم محكمة العدل الدولية بوجود مؤشرات تدل على أن ما يجري في غزة هو جريمة إبادة جماعية.
طالب الأساتذة بضرورة تشكيل لجنة مكونة من خبراء صحفيين لإجراء مراجعة شاملة ومستقلة لمراحل إنتاج القصة كافة، ونشر نتائجها للعلن، ولا سيما أن القرارات التحريرية التي تحكمت في نشر القصة توازي خطورة الأخطاء المهنية التي ارتكبتها صحيفة نيويورك تايمز أثناء تغطيتها للأحداث التي مهدت للغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣.
واستشهدت الرسالة بالتقارير التي شككت في مصداقية الصحفيين معدي القصة، ولا سيما أن اثنين منهم (آنات شوارتز وآدم سيلا) متعاونان مع الصحيفة Freelancer ولا يعملون لديها، ولا يملكون أي خبرة صحفية بارزة، وهو ما أثار استغراب أساتذة الصحافة بشأن سبب "الثقة الهائلة" التي منحتها الصحيفة لهؤلاء الصحفيين لدرجة أن تضع تقاريرهم على الصفحة الأولى؛ لذلك طالبوا بضرورة نشر الصحيفة توضيحا يبرر هذا السلوك غير المعتاد لديها بالاعتماد على صحفيين متعاونين في إنتاج قصة بهذه الأهمية.
واستذكرت الرسالة حادثة مشابهة وقعت في نيويورك تايمز عام ٢٠٠٣، بعد أن قدّم الصحفي الحائز على جائزة بولتزر، ريك براغ، استقالته بسبب اعتماده الكبير على صحفيين متعاونين في إنتاج قصصه. وحينئذ، أصدرت الصحيفة بيانا نبهت فيه على ضرورة عدم الاعتماد على الصحفيين غير العاملين في الصحيفة (المتعاونين) بوصفهم مصدرا أساسيا للتغطية.
وواصلت الرسالة استعراضها للشواهد والأحداث التي تثير العديد من الأسئلة عن مصداقية تلك القصة، واختتمت بمطالبتها بضرورة إجراء الصحيفة لمراجعة شاملة للتغطية. إلى جانب ذلك، أوضح أساتذة الصحافة الموقعون على البيان أنه حتى وإن اعترفت صحيفة نيويورك تايمز بوجود انتهاكات مهنية شابت القصة، فإن "الضرر الذي أحدثته الصحيفة بحق فلسطين والفلسطينيين لا يمكن إزالته" ، إلا أنه يمكن للمراجعة أن تصلح بعض الضرر الذي أحدثته التايمز لسمعتها بسبب صمتها عن الانتقادات طوال الأشهر الماضية، عدا ذلك فإنها تخاطر بمصداقية كل ما تنشره عن الحرب الحالية، حسب رأيهم.
وسبق لمجلة الصحافة أن أثارت من خلال صفحة الرصد عدة أسئلة مهنية متعلقة بقصة نيويورك تايمز عن الاعتداءات الجنسية، كذلك أرسلنا مجموعة من الاستفسارات لهيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز متعلقة بالقصة ذاتها، إلا أننا لم نتلق أي رد منهم حتى كتابة هذه المادة.