نشرت جامعة نورث ويسترن تقريرا مُقلِقا بشأن تراجع الصحافة المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية. يقول التقرير إنه إلى حدود سنة 2022، كانت الصحف المحلية تُغلَق بمعدل اثنتين كل أسبوع، أما في العام 2023 ارتفع ليصبح 2.5، وهو رقم يمكن تفسيره بالهزة التي تتعرض لها الديمقراطية الأمريكية بسبب التضليل وحدة الاستقطاب.
وحسب التقرير، أغلقت أكثر من 130 صحيفة، أو "استولت" عليها مؤسسات إعلامية كبيرة تابعة لتركيزات اقتصادية تسعى إلى الهيمنة، مبرزا أن عشرات الولايات أصبحت بالفعل "صحاري" إخبارية أو يهمين عليها مصدر إخباري واحد غالبا ما يصدر بشكل أسبوعي، كما يعيش واحد من كل خمسة أمريكيين في إحدى هذه المناطق التي تعاني من نقص المعلومات.
لا يتوقف التقرير عند هذا الحد، بل ينبه إلى خطورة انقراض الصحافة المحلية في نظام مبني على القرار الفيدرالي، ووفق نموذج تنبؤي للتقرير نفسه، فإن مزيدا من الولايات مهددة بفقدان مصادر الصحافة المحلية.
منذ أكثر من عقد من الزمن سعت مؤسسات اقتصادية كبرى إلى السيطرة على صحف محلية وإلحاقها بالمؤسسات الوطنية المركزية. كما أن هذه السيطرة شملت تغيير الخطوط التحريرية وتغيير الصحفيين في غرف الأخبار.
لا تقتصر الظاهرة فقط على الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقد أظهرت دراسة أرجنتينية أن الصحاري الإخبارية تجتاح البلاد مهددة حق الناس في الإخبار ومعرفة الحقائق والمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية.
وقد نلخص تراجع الصحافة المحلية بالأسباب التالية:
- رغبة رجال السياسة والاقتصاد في مزيد من التحكم والسيطرة، والقدرة على اتخاذ القرارات الكبرى دون نقاش من المواطنين.
- انهيار النموذج الاقتصادي القديم القائم على الاشتراكات أو المبيعات بسبب التحول الرقمي وضعف القدرة الشرائية لدى القراء.
- سيطرة الإعلام الوطني/ المركزي على سوق الأخبار المحلية بسبب تغير أنماط التدبير السياسي والإداري (التخفيف من اللامركزية في القرار على سبيل المثال).
- لقد ربط تقرير جامعة نورث ويسترن تراجع الصحافة المحلية في منطقة جغرافية معينة، بانخفاض الملاحقات القضائية الفيدرالية بتهمة الفساد العام فيها. يمكن القول بناء على ذلك إن الصحافة المحلية تتوفر على ميزة القرب التي تسمح لها بمراقبة ومساءلة أقوى للسلطة.
- في أمريكا، حيث الفيدرالية تتحكم في انتخاب الرئيس والكونغرس، تظهر أهمية الصحافة المحلية في النقاش الديمقراطي في انتخابات تخضع أكثر فأكثر لسلطة الرأسمال.