رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة إلى جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للقواعد المهنية للصحافة ومواثيق الشرف المهنية، وذلك بعد أن شهدت العديد من التغطيات الصحفية انتهاكات جمّة تضرب في قواعد العمل الصحفي من موضوعية واستقلالية ونزاهة في تغطيتها للأحداث الجارية في قطاع غزة. ستكون نافذة مفتوحة على الصحفيين والراغبين في المشاركة أو النقد أو التصحيح والتنقيح، انتصارا للحقيقة، والمهنة وممارساتها وأخلاقياتها. ستكون هذه المواد خاضعة لتقييم هيئة التحرير في مجلة الصحافة استنادا إلى معايير المهنة المتعارف عليها دوليا. كما أن النقاش المستمر سيتيح معالجة المواد لتحقيق التوازن والموضوعية والإنصاف.

يمكنكم تقديم مساهماتكم/مقترحاتكم عبر هذا الرابط 


الأحد 11 أغسطس 

لماذا عدلت رويترز عنوان مادتها عن مجزرة مدرسة التابعين أكثر من مرة؟ 

بعد المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق النازحين داخل مدرسة وأدت إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني، نشرت وكالة رويترز للأنباء خبرا عنوانه: "غارة إسرائيلية على مدرسة في غزة قتلت أكثر من 100، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية". 

1
صورة مؤرشفة من مادة رويترز حول مجزرة مدرسة التابعين عند الساعة 06:49 بتوقيت مكة المكرمة، ويظهر فيها العنوان الأول

 

 وفي الساعة 12:5 بالتوقيت العالمي UTC، أي الساعة 15:50 بتوقيت مكة المكرمة، حدّثت الوكالة نص الخبر وتوسعت فيه كتقرير صحفي، مع تعديل العنوان ليصبح: "أنباء عن وفاة العشرات في مدرسة - ملجأ في غزة بينما تقول إسرائيل إنها قصفت مسلحين". 
  

1
صورة مؤرشفة من مادة رويترز حول مجزرة مدرسة التابعين عند الساعة 16:46 بتوقيت مكة المكرمة، ويظهر فيها العنوان الثاني بعد التعديل

وكانت أبرز التغييرات بين العنوانين كالتالي: 

- الصياغة المحدّثة للعنوان أزالت الرقم الفعلي لضحايا القصف الإسرائيلي واستبدلت به عبارة "أنباء عن وفاة العشرات في مدرسة" مقارنة بالصياغة الأولى "غارة إسرائيلية على مدرسة في غزة قتلت أكثر من 100" 
- استخدمت رويترز في الصياغة الأولى عبارة "قتل" في الإشارة للضحايا وذكرت المسبب "القصف الإسرائيلي"، بينما استخدمت في العنوان المحدث عبارة "وفاة" في الإشارة للضحايا دون ذكر المسبِّب. 

- في الصياغة المحدّثة، استبدلت رويترز بمصدرها الأولي "وكالة الأنباء الفلسطينية" مصدرا إسرائيليا برر القصف بأنه استهدف "مسلحين"، إلا أن صياغة رويترز المحدثة لم تربط بشكل واضح بين الضحايا في المدرسة وبين القصف الإسرائيلي. 

عادت رويترز بعدها بساعات وعدلت العنوان ليصبح "غارة إسرائيلية تقتل قرابة 100 في مدرسة [تؤوي] لاجئين في غزة، حسب مسؤولين رسميين في الدفاع المدني"، قبل أن تعتمد العنوان بحذف جملة "حسب مسؤولين رسميين في الدفاع المدني" وتستبدل بها عبارة: "حسب مسؤولين رسميين".

1
صورة مؤرشفة من مادة رويترز حول مجزرة مدرسة التابعين عند الساعة 19:29 بتوقيت مكة المكرمة، ويظهر فيها العنوان الثالث بعد التعديل
1
عنوان مادة رويترز حول مجزرة مدرسة التابعين بصيغته النهائية إلى حين وقت إعداد هذه المادة

 وما بين هذه العناوين، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا قالوا إنها لعناوين لمادة رويترز نفسها عُدلت مرارا، منها استخدام رويترز في إحدى التعديلات عبارة "حسب المكتب الإعلامي التابع لحماس"، لكن لم يتسن للمجلة التأكد من صحة ذلك العنوان لمحدودية النسخ التي تمكنا من الحصول عليها باستخدام تقنية أرشفة صفحات الويب من موقع Archive.is 

1

لم توضح رويترز سبب هذه التعديلات المختلفة في العناوين، ولا سيما أن عددا من المواقع والصحف اختارت أن تأخذ عنوان رويترز الذي تبنت فيه السردية الإسرائيلية عن الهجوم دون غيره، ولم تحدثه بعد تعديل رويترز له مثلما فعلت صحيفة يو أس إيه توداي الأميركية (USA Today) واسعة الانتشار في الولايات المتحدة، التي نقلت العنوان عن رويترز، دون تعديله لاحقا.

1

 


الخميس 25 يوليو 

هل مارست وول ستريت جورنال التضليل بشأن عدد نواب الكونغرس الذين حضروا خطاب نتنياهو؟

بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي بمجلسيه يوم أمس 24 يوليو/ تموز، نشرت وول ستريت جورنال تقريرا، قالت فيه إن المجلس كان "مزدحما بالحضور" من دون توضيح طبيعته.

ولأن الخطاب قُدّم في الكونغرس، فإن القارئ سيفترض أن القاعة كانت ممتلئة بأعضائها من الشيوخ والنواب، وهو ما يوحي بوجود قبول واسع لزيارة نتنياهو وخطابه، الذي شهد كثيرا من تصفيق الحضور.

1

لكن، موقع أكسيوس الأمريكي، نشر تقريرا أشار فيه إلى أن قرابة 100 عضو كونغرس من الحزب الديمقراطي و28 سيناتورا قد قاطعوا كلمة نتنياهو ولم يحضروها، وسط حملات مقاطعة واسعة دُعِي إليها قبل أيام من زيارة نتنياهو. فهل كان المجلس مزدحما فعلا؟ ومن الحضور الذين شغروا المقاعد الفارغة للأعضاء المقاطعين للخطاب؟

1

عضو الكونغرس الأميركية ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز نشرت على موقع X منشورا تقول فيه تعليقا على الخطاب: "نتنياهو خسر العديد من الأشخاص؛ لذا فإنه يخاطب جزءا بسيطا من الكونغرس. وعندما حدث هذا، فقد ملؤوا المقاعد بأشخاص ليسوا أعضاء في الكونغرس من أجل إظهار وجود حضور ودعم مكتملين".

فلماذا لم تشر وول ستريت جورنال إلى هذه المعلومة المهمة في تقريرها وتوضحْ للرأي العام الأميركي حقيقة مقاطعة عشرات النواب الأميركيين للخطاب؟ ولماذا اكتفت بالإشارة تلميحا إلى "ازدحام" من دون توضيح حقيقة الحضور كافة؟

1

 


الإثنين 22 يوليو 

لماذا لم تتحقق إلموندو الإسبانية من ادعاءات الأسرى الإسرائليين؟

نشرت صحيفة إل موندو الإسبانية تقريرا مطولا تضمن مقابلات مع أسرى إسرائليين سابقين لدى حركة حماس. واستند التقرير إلى شهادات الأسرى بشأن ما جرى يوم السابع من أكتوبر، إلى درجة أن مراسل الصحيفة بدا منسجما مع هذه الرواية دون تحقق منها، خصوصا بعد ظهور تحقيقات صحفية وأخرى نشرها جيش الاحتلال تفند السردية الأولى التي تبناها زعماء دول كثيرة غداة الهجوم. ينطوي التقرير على كثير من المخالفات المهنية والأخلاقية، أبرزها:

1- تبني الرواية: بعبارات ناجزة ولا تقبل الشك، الذي من المفترض أن يتحلى به الصحفي -خصوصا أنه لم يورد الرواية الأخرى- نقَلَ التقرير على لسان أحد الأسرى الذين استعادهم جيش الاحتلال أن مقاتلي حماس "كانوا مخدرين". من الناحية المهنية، لا يمكن للصحفي تبني كل ما يقوله المصرحون، ويجب أن يخضع للتدقيق والمراجعة، إما لأسباب تتعلق بالتشريعات القانونية، وإما بسبب مسؤولية الأخلاقية للصحفي نفسه في إخبار الرأي العام. كذلك، فإن الصحيفة ذهبت إلى أبعد من نشر مقابلات مع الأسرى ومعرفة ظروف الاعتقال وروايتهم بشأن ما جرى، لتعطي الانطباع في كل فقرات التقرير بأنها تتبنى الرواية الإسرائيلية بالكامل، مع التركيز على السرد العاطفي المكثف مقابل تغييب الحقائق.

2- غياب السياق: يتعامل التقرير مع القضية الفلسطينية وكأنها بدأت يوم السابع من أكتوبر، ولا توجد إشارة واحدة إلى واقع الاحتلال والاستيطان الذي تدينه الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والاتحاد الأوروبي، ولا يذكر التقرير وهو يستعرض هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر الحصار المفروض على غزة من طرف الاحتلال. إلى جانب ذلك، يربط المقال بشكل غير منطقي بين هجوم السابع من أكتوبر واستحالة قيام دولة فلسطينية، محمّلا حماس والفلسطينيين مسؤولية انهيار اتفاقية السلام.

 


الأحد 21 يوليو 

هل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية موضوع جدل في الأمم المتحدة كما تدعي نيويورك تايمز؟

في تغطيتها للرأي القانوني الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعيّة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، سارعت صحيفة نيويورك تايمز إلى نشر عنوان يدّعي أن "الاحتلال الإسرائيلي ظل موضوعاً للجدل في الأمم المتحدة طيلة عقود". إن هذا العنوان الإخباري يفتقر إلى الدقّة ويشكّل مخالفة مهنيّة جديدة في تغطية الصحيفة الأمريكية لتطورات الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين.  

1

وكانت محكمة العدل الدولية، وهي الهيئة القضائية الأعلى في الأمم المتحدة، قد أعلنت رأيها الاستشاري الحاسم بشأن عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، وتوجيهها بضرورة إنهائه ووضع حد له "في أسرع وقت ممكن".

ورغم أنّ الرأي الصادرَ عن هذه المحكمة بشأن الاحتلال الاستيطاني في الأراضي الفلسطيني يعدّ سابقة في تاريخها، إلا أن المجتمع الدولي لطالما نظر إلى أنشطة الاحتلال والممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة على اعتبارها غير شرعية، وهو ما تؤكده قرارات عديدة في كلّ من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ففي مجلس الأمن، واتساقاً مع مبادئ اتفاقية جنيف الرابعة، صدر القرار 446 عام 1979 بشأن حالة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة، وكذا القرار رقم 452 في تموز/يوليو من العام ذاته. إضافة إلى القرار رقم 465 عام 1980، والذي طالب إسرائيل بتفكيك المستوطنات القائمة ووقف مخططات الاستيطان في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس.

وقد تتابعت قرارات المجلس في هذا الشأن، حتى صدر القرار رقم 2334 عن مجلس الأمن في 23 ديسمبر/كانون أول عام 2016، والذي جدّد مطالبة دولة الاحتلال بالوقف الكامل والفوري للأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية.

أما على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد صدرت العديد من القرارات التي أدانت الاستيطان ودعت إلى إنهائه، كان من أبرزها القرار رقم 2851 للعام 1971، إضافة إلى القرار رقم 38/79 الرافض لسياسات إسرائيل في "الضم والاستيطان في الأراضي المحتلة"، والذي جدّد نصُّه التأكيدَ حينها على أنّ "الاحتلال يشكل في حد ذاته انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان للسكان المدنيين في الأراضي العربية المحتلة". وقد تبع ذلك قرارات أخرى عديدة مماثلة في مضمونها الذي يتفق على إدانة سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وتقرير عدم شرعيّتها.

إن هذه القرارات والتقارير الأممية، والتي يمكن لأي صحفي مطالعتها بين وثائق الأمم المتحدة بلغاتها الرسمية، تؤكّد على أنّ عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي ليس موضعَ جدل في نظر "المجتمع الدولي" بحسب ما ذهب إليه خطأً عنوان نيويورك تايمز، وأنَّ الرأي المسيطر الذي يحظى بتوافق واسع هو ذلك الذي يرى في الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية خرقاً للقانون الدولي وانتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان الأصليين تحت الاحتلال، وهو ما قطعت به أخيراً محكمة العدل الدولية، التي أوضحت أن استمرار الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني.


الإثنين 15 يوليو 

وسائل إعلام غربية وعربية تتبنى رواية الاحتلال في مجزرة "المواصي"

في تغطيتها لمجزرة إسرائيلية جديدة طالت يوم السبت الماضي (13 يوليو/تموز) خياما للنازحين في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة، أبدت عدة وسائل إعلام غربية سائدة اهتماما واضحا بتصدير رواية الاحتلال بشأن استهداف قيادي كبير في حركة حماس، هو محمد الضيف. ورغم أن الهجوم العنيف أدى إلى استشهاد 90 فلسطينيا على الأقل وإصابة مئات آخرين، وهي نتيجة حتمية نظرا للطبيعة المدنية المكتظة للموقع المستهدف، فإن وسائل إعلام غربية، وأخرى عربية، تلقّفت ادّعاءات الاحتلال بشأن استهداف الضيف، رغم عدم قيام دليل عليها، فصدّرتها في العناوين ومتون المواد الخبرية، مشكّلةً بذلك إطارا للجمهور يدفعه للتعامل مع الضحايا من المدنيين باعتبار موتهم "ضررا جانبيا" ضروريا في مقابل القضاء على الشخص المطلوب، ما دام أنه المخطط- بحسب رواية الاحتلال- لهجوم السابع من أكتوبر، عام 2023.

وسائل إعلام غربية وعربية تتبنى رواية الاحتلال في مجزرة "المواصي"
عنوان نيويورك تايمز "إسرائيل تستهدف مهندس هجمات السابع من أكتوبر بغارة جوية" 

كذلك تماهت وسائل الإعلام التي تبنّت رواية الاحتلال بشأن استهداف قياديين بارزين في موقع لخيام النازحين، مع آلة الدعاية الإسرائيلية التي تسعى من جهة إلى تكثيف الضغط النفسي على فصائل المقاومة الفلسطينية عبر اتهامها بالعمل بين المدنيين، والتنصّل من جهة ثانية من اتهامات القصف العشوائي للفلسطينيين في قطاع غزة، على الرغم من أنّ أي قصف في المناطق القليلة المتبقية المأهولة بالسكان ممّن باتوا جميعا بحكم النازحين، لا يمكن إلا أن يكون عشوائيا وذا نتائج كارثيّة على أعداد كبيرة من المدنيين، ويشكل بالنتيجة جريمة حرب، وهو ما تؤكده بيانات وتقارير منظمات دولية كثيرة.

ضمن هذا السياق، وقَعَت وسائل الإعلام تلك عبر تصديرها روايةَ الاحتلال الإسرائيلي- وهو الطرف الذي تلاحقه تهم الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية-  في انتهاكات مهنية وأخلاقية أساسية، من ضمنها منح الصدقية والأولوية لادعاءات غير مؤكدة ( سردية بديلة) لمجرّد صدروها عن الطرف الإسرائيلي، والتساهل مع منطق "الأضرار الجانبية" على المدنيين بدعوى تحقيق أهداف عسكرية، على نحو ينمّ عن استخفاف ضمني بقيمة حياة الفلسطينيين، وهو استخفاف ينوّه مراقبون إلى احتمال أن يكون ذا طبيعة عنصرية لدى وسائل إعلام معينة تتبنّى صراحة الموقف الإسرائيلي أو تخضع له في كيفية تغطية حربه المتواصلة على قطاع غزّة.

 


الثلاثاء 11 يونيو 

كيف أصبح 4 أسرى إسرائيليين أهم من 274 فلسطينيا في التغطية الإعلامية الغربية؟

بعد أن قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 274 فلسطينيا، وأصاب المئات في أثناء عملية تحريره لأربعة أسرى إسرائيليين من مخيم النصيرات في غزة، حاولنا رصد أبرز تغطيات الإعلام الأمريكي والبريطاني لهذا الحدث.

صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية

صحيفة وول ستريت جورنال عنونت مادتها بـ "إسرائيل تنقذ 4 رهائن احتجزوا في غزة" بالبنط العريض، وبخط أصغر في العنوان الفرعي ذكرت أن "وزارة الصحة في غزة تقول إن العملية الإسرائيلية أدت إلى وقوع "عدد هائل" من الوفيات والإصابات بين الفلسطينيين".

لم تشر مادة وول ستريت جورنال في عنوانها إلى العدد الفعلي الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، وهو أكثر من 274 شهيدا حسب آخر حصيلة، و210 في الساعات الأولى، على الرغم من اقتباسها العنوان الفرعي على لسان الوزارة، واستعاضت عن الرقم بتعبير "عدد هائل من الوفيات".

وفي الفقرة العاشرة من المادة، اكتفت بالقول إن العملية أسفرت عن "وفاة" 210 فلسطينيين وإصابة 400، على الرغم من أن بيان وزارة الصحة يتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر بوصفه متسببا في قتل المدنيين الفلسطينيين.

فهل اعتبرت وول ستريت جورنال أن خبر إنقاذ 4 رهائن يعد أهم بكثير من قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 210 فلسطينيين حينئذ –الحصيلة ارتفعت لـ 274–؟ وهل قدّرت أن عدد الضحايا الفلسطينيين ليس بالأهمية الكافية في وجهة نظر الصحيفة ليوضع في العنوان؟ ولماذا استعاضت الصحيفة عن ذكر الرقم بعبارة "عدد هائل" ولا سيما أن وزارة الصحة كانت تصدر إحصاءات محدثة بأرقام القتلى؟

1

 

صحيفة واشنطن بوست الأمريكية

الواشنطن بوست عنونت مادتها بـ "في إسرائيل، يوم فرح نادر في خضم حمام الدم بعد إنقاذ أربع رهائن على قيد الحياة"، بينما في عنوانها الفرعي وبخط صغير، ذكرت أن "الجيش الإسرائيلي نفذ هجمات أسفرت عن مقتل 210 أشخاص"، من دون تحديد هويتهم.

وسينتظر القارئ لحدود الفقرة الثامنة من المادة حتى يعرف من هم هؤلاء الأشخاص؛ إذ ذكرت الصحيفة أن "210 فلسطينيين قتلوا في الأحداث المحيطة بالنصيرات، بالقرب من مكان تحرير الرهائن" من دون ذكر الطرف المتسبب بقتلهم، علما أن بيان وزارة الصحة الذي اعتمدت عليه الصحيفة بوصفه مصدرا لهذا الرقم، اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل واضح.

1

وفي الفقرة 11 من المادة ذاتها، أشارت الصحيفة إلى أن عمليات الإنقاذ أظهرت أن ما حدث كان "اليوم الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ بداية الحرب".

تُطرَح أسئلة مهنية كثيرة حول هذه الصياغات، أبرزها: لماذا تظهر تلك المعلومة في عنوان المادة أو في الفقرات الأولى منها؟ ولِم لمْ تذكر الصحيفة هوية الضحايا الـ 210 في العنوان الفرعي للمادة؟ وهل رأت أن خبر عملية تحرير 4 أسرى إسرائيليين ذو قيمة خبرية أكبر من قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي لـ 274 فلسطينيا خلال العملية؟

1

 

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية

كان العنوان الرئيسي لمادة نيويورك تايمز كالتالي: "إسرائيل تُنقذ 4 رهائن في اعتداء قتل أعدادا كبيرة من الغزيين" من دون ذكر الرقم الفعلي للضحايا الذي وصل حينئذ إلى أكثر من 210 شهداء فلسطينيين، ليرتفع لاحقا إلى 274. 

ثم وضعت عنوانا فرعيا: "قوبلت هذه الأخبار بابتهاج في إسرائيل، حيث تصاعدت التوترات بشأن سلامة الرهائن في الأشهر الأخيرة". ولم يُذكَر عدد الضحايا الفلسطينيين إلا في الفقرة 11 من المادة؛ إذ ذكرت الصحيفة: "وتتباين التقارير بشأن أعداد القتلى والجرحى بشكل كبير في ظل الارتباك الذي أعقب الهجوم"، قبل أن تورد تصريحين لمسؤولين في وزارة الصحة قالا إن "أكثر من 200 شخص قتلوا في غارات على مخيم النصيرات منهم نساء وأطفال". وأنهت الصحيفة تلك الفقرة بالقول إن المصدرين "لم يذكروا عدد المسلحين بين القتلى".

1

فلماذا اعتبرت الصحيفة أن أرقام الضحايا الفلسطينيين "تباينت بشكل كبير" على الرغم من أن المصادر التي ذكرتها اتفقت على أن "العدد يفوق الـ 200 قتيل"، بل ولم تورد أي تقارير تؤكد عكس ذلك؟ وهل حاولت في عنوانها التقليل من هول ما حدث باستخدام عبارات من مثل "أعداد كبيرة" لتجنب ذكر الرقم الفعلي؟

1

 

موقع بي بي سي البريطاني

بمصطلحات مشابهة لصياغة نيويورك تايمز، عنون موقع بي بي سي مادته الرئيسية بـ "إنقاذ أربع رهائن من غزة، بينما تقول المستشفيات إن أعدادا كبيرة قُتلوا في غارات إسرائيلية".

1

وأشارت المادة إلى 3 أرقام متعلقة بالضحايا الفلسطينيين، فقالت إن مستشفيين في غزة أحصيا 70 جثة، بينما ربطت العدد المعلن من وزارة الصحة حينئذ -الذي كان قد تجاوز 210 شهداء- بأنه من "المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس"، لتنقل عن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن "إسرائيل قدرت أقل من 100 ضحية".

فهل حاولت بي بي سي جعل أرقام الضحايا الفلسطينيين تبدو متضاربة بعدم اعتمادها على الرقم المعلن من وزارة الصحة في غزة، رغم أن الأمم المتحدة وَجِهات مستقلة أثبتت دقة ما يصدر عنها؟

1

 

صحيفة التايمز البريطانية

A person and person hugging</p>
<p>Description automatically generatedاكتفت صحيفة التايمز البريطانية بالتطرق في عنوانها لخبر إنقاذ 4 أسرى إسرائيليين من دون التطرق لعدد الشهداء الفلسطينيين الذين قُتِلوا أثناء العملية؛ إذ عنونت مادتها بـ "كيف حررت إسرائيل أربع رهائن وحققت أمنية لمحتضرة؟"، في إشارة إلى والدة إحدى الأسيرات المصابة بمرض مزمن.

 

وفي الفقرة الخامسة من المادة، تذكر التايمز أنه وبسبب تلك العملية "توفي 200 شخص خلال العملية الإسرائيلية في مخيم النصيرات، وأصيب المئات، حسب المصادر المحلية الرسمية في القطاع الذي تديره حماس".

فلماذا قررت التايمز أن عملية إنقاذ 4 أسرى إسرائيليين وذكر تفاصيل إنسانية تتعلق بأسرهم، أهم من ذكر أن إسرائيل قتلت 274 فلسطينيا في أثناء عملية تحرير الأسرى؟ ولماذا استخدمت الصحيفة مصطلح "توفوا" بدلا من "قتلوا" في وصف الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في أثناء عملية تحرير الأسرى؟

 

صحيفة التلغراف البريطانية