في الوقت الراهن، ومع تصاعد الهجمات الإعلامية العنيفة التي تستهدف الفلسطينيين في حرب أكتوبر ٢٠٢٣، يتجسد مدى أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كمنبر أساسي لنشر الحقائق والأخبار. مع تزايد تواتر الأخبار المزيفة والتضليل الإعلامي، يجب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن يكونوا كالصحفيين المواطنين، ملتزمين بأداء دور حيوي في التحقق والتدقيق من صحة الأخبار، ومكافحة انتشار المعلومات الزائفة بشكل شامل. فالصحفيون المواطنون هم أفراد غير محترفين في مجال الصحافة، يقومون بأداء وظيفة الصحافة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي والتقنيات الحديثة. وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن يكونوا داعمين للمؤسسات الإعلامية في فترات الحروب والصراعات، حيث يقوم هؤلاء الأفراد بالبحث عن الأخبار وجمع المعلومات ومشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو على الإنترنت. ويمكن أن يكونوا أشخاصًا عاديين أو نشطاء أو خبراء في مجالات محددة أو مؤيدين لقضية معينة، مثلما يحدث حاليًا في عدوان غزة.
في يونيو/ حزيران 2018، تم نشر سلسلة من الصور المروعة والمزيفة على موقع فيسبوك أخرجت من سياقها الأساسي. تُظهر هذه الصور إصابات خطيرة لعدد من الأشخاص، بما في ذلك طفل يعاني من جروح مفتوحة في الرأس والفك نتيجة لهجمات عنيفة. كما تم عرض صور لجثث ملطخة بالدماء ومنازل محترقة سويت بالأرض في منطقة جاشيش بولاية بلاتو بنيجيريا. نشرت الصور من قبل الأشخاص الذين زعموا أنها تُمثل مذبحة تحدث في تلك المنطقة، حيث قام مسلمو الفولاني بمهاجمة المسيحيين من البيروم العرقية. نتيجة لذلك، تشير التقديرات إلى أن عدد الضحايا جراء هذه الأحداث يتراوح بين 86 و238 شخصًا خلال الأيام من 22 إلى 24 يونيو/حزيران، وفقًا لتقارير الشرطة وقادة المجتمع المحلي. نتيجة لتلك الصور، أغلقت الطرق وتسببت في وفاة العديد من الأشخاص.
مع تزايد تواتر الأخبار المزيفة والتضليل الإعلامي، يجب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن يكونوا كالصحفيين المواطنين، ملتزمين بأداء دور حيوي في التحقق والتدقيق من صحة الأخبار، ومكافحة انتشار المعلومات الزائفة بشكل شامل.
تكررت الحالة نفسها في حرب غزة الأخيرة، إذ نشرت العديد من الأخبار المضللة والمفبركة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل وسائل الإعلام الصهيونية والغربية المساندة والعربية المنحازة لكسب التأييد وتشويه الرواية الفلسطينية. غمرت هذه الوسائل بمقاطع فيديو تظهر تعامل الفصائل المقاومة بشكل وحشي مع الأسرى الإسرائيليين، واعتقال العجائز واغتصاب النساء، وحبس الأطفال في أقفاص وقطع رؤوسهم، مما أجج الغضب لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وأدى إلى تشويه حقيقة الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وخلق خطاب مليء بالكراهية. تسبب هذا الأمر من جانب آخر في غضب المجتمع الدولي؛ بسبب التعاطف مع الجانب الإسرائيلي أدى إلى إلحاق الضرر بالمدنيين في قطاع غزة. مما يعني ذلك بأن الحرب إعلامية في المقام الأول، قبل أن تكون حربا بالأسلحة، يراد بها حشد التآزر العالمي للوجود الإسرائيلي، وطمس حقيقة ما يجري لسكان قطاع غزة.
على الرغم من ذلك، قامت بعض الصفحات التي تؤيد الحق الفلسطيني بكشف المحتوى الإعلامي المزيف. على سبيل المثال، قامت صفحة إيكاد على منصاتها على إكس وإنستغرام ويوتيوب بالتحقق من جميع تلك الأخبار المُفبركة التي ساهمت في نشر حقيقة الأحداث التي تجري في الواقع. في حين وثقت مؤسسة حملة الفلسطينية ما يقارب ١٩ ألف تغريدة عنيفة بالعبرية والإبلاغ عنها والذي يساهم بدوره في التقليل من خسارة الأرواح. قد يكون هذا الأمر مهمًا بشكل مماثل للأشخاص الذين يتعرضون للمحتوى الغربي والصهيوني على منصات التواصل الاجتماعي حيث يمكن أن يسهم ذلك في الحد من انتشار الأخبار الزائفة والمفبركة قبل نشرها خلال فترات الحروب والأزمات. هذا التدقيق في المحتوى الإعلامي يعد ضروريًا بالقدر نفسه للأفراد الذين يتعرضون للمحتوى الأجنبي والمشبوه والموجه لهم على منصات التواصل الاجتماعي.
ووفقاً لمنصة "ديتا ديتوكس كيت"، يمكن التحقق من الأخبار بعدة خطوات، وهي:
- ما الموقع الإلكتروني مصدر هذه المعلومات؟
- هل يُعدّ الموقع الإلكتروني مرجعاً موثوقاً في جمع الحقائق أم إنه ينشر الشائعات والأقاويل؟
- مَن يُمَوِّلُهُ؟
- ما هي الفكرة أو الرسالة/الرسائل التي يُعبِّر عنها؟
- هل يحمل تحيزًا واضحا؟ (على سبيل المثال، موقع إلكتروني مكرس لترويج العلاج الشفائي التقليدي سيرفض بلا جدال التدخلات الطبية).
- ما هو الرابط الحقيقي لهذه المقالة؟ قد يكون الموقع الذي تمت زيارته مقلدًا لموقع موثوق به، ولكنه قد قام بتغيير الرابط بشكل ما.
- مَن ألفها؟ ومتى صيغت؟
- هل يمتلك المؤلفون إلماماً عميقاً بمجالهم؟ ما هو مدى استيعابهم وخبرتهم الواسعة في ذلك المجال؟
- هل تظهر هذه القطعة في قسم "الرأي" على هذا الموقع؟ (مقالات "الرأي" تحمل شاهداً آخر، تحكي قصة مختلفة عن أخبار الواقع).
- من أين يستمدون معلوماتهم؟
- إذا كانوا يضعون دراسة محددة، يمكنكم النقر على المرجع والاطلاع على الدراسة بأنفسكم. وإذا كانت تحتوي على رابط مع مصادر أخبار أخرى، تحققوا من مصداقيتها.
- هل يمكنك العثور على مزيد من المعلومات الأساسية أو المقابلة الأصلية؟ يجب ملاحظة أن الكلمات فصلت عن سياقها الأصلي، أو تبين أنها كاذبة من قبل.
- هل يحظى هذا الادعاء بدعم من أي جهة أخرى؟ ومن هم أيضًا الذين يؤيدونه؟
في حرب غزة الأخيرة، نشرت العديد من الأخبار المضللة والمفبركة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل وسائل الإعلام الصهيونية والغربية المساندة والعربية المنحازة لكسب التأييد وتشويه الرواية الفلسطينية.
هناك طرق أخرى لكشف الحقيقة المحرفة للإعلام الغربي والصهيوني والعربي، الذي يسعى لتشويه حقائق قضية فلسطين وزيادة الخطابات المعادية للعرب والمسلمين ومنها بإيجاز:
التحقق من الصور:
١. استخدام موقع صور غوغل في عملية البحث العكسي
عندما تقوم بإجراء بحث عكسي عن الصور، فإن أهم الأمور التي تبحث عنها هي اللحظة الأولى التي استخدمت فيها الصورة، وأين ومتى وقع الحدث الذي صوّر. بالإضافة إلى ذلك، يساعدك البحث في التأكد مما إذا كانت الصورة مأخوذة من مصدر موثوق به.
- طرق استخدام غوغل للبحث عن الصور بشكل عكسي:
- احفظوا الصورة المشابهة أو استخدموا رابط الصورة المطلوبة للتحقق. خلاف ذلك، يمكنكم نسخ رابط الويب الخاص بالصورة المراد التحقق منها. (يجب أن يكون رابط URL للصورة الفعلية، وليس لصفحة الويب بأكملها.)
- انتقلوا إلى https://images.google.com
- انتقلوا إلى قائمة المتصفح، ثم قوموا بالتمرير لأسفل، واختاروا "اطلب موقع سطح المكتب". في غوغل كروم، يمكنكم العثور على القائمة بالضغط على النقاط الثلاث الموجودة في أعلى يمين الشاشة. وستجدون هذا الخيار في iOS Safari في منتصف أسفل الشاشة.
- الآن لديكم خياران: إما أن تضعوا عنوان URL للصورة التي ترغبون في التحقق منها في شريط البحث، أو أن تختاروا علامة التبويب "تحميل صورة" لتحميل الصورة من المكان الذي أبقيتموها فيه على هواتفكم.
- تفحصوا النتائج لكي تعرفوا متى وأين استُخدمت الصورة. إن عدتم إلى الوراء بشكل كافٍ، يجب أن تكونوا قادرين على تحديد المقام الأصلي للصورة، وربما حتى اكتشاف صاحب حقوق النسخ لها.
٢. كاشف الصور المزيفة - Fake Image Detector
اليوم، يتاح لنا الكثير من تطبيقات الهواتف المحمولة وملحقات متصفحات الإنترنت التي تتيح لمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي استكشاف الحقيقة المخفية وراء الصور، ومن بين هذه التطبيقات يبرز تطبيق كاشف الصور المزيفة.
- طرق الاستكشاف باستخدام كاشف الصور المزيفة:
- قوموا بتحميل وتثبيت تطبيق Fake Image Detector من متاجر تطبيقات Chrome أو Firefox.
- افتحوا التطبيق واختاروا بين الخيارين: استعرضوا المعرض أو اختاروا صورة من الذاكرة - ستمنحكم هذه الخاصية إمكانية الوصول إلى المكان الذي يتم فيه تخزين الصور على هاتفكم، لتتمكنوا من البحث عن الصور بطريقة عكسية.
- اختاروا صورة حديثة من الخيارات المتاحة، ويمكن أن تكون هذه الصورة قد التقطت من ملصق أو صورة موجودة في مجلة أو صحيفة.
- يتيح لكم التطبيق أيضًا استعراض البيانات المتعلقة بالصورة، حيث يمكن أن تشمل تاريخ ووقت التقاط الصورة وموقعها، وأحيانًا حتى نوع الكاميرا أو الهاتف المستخدم لالتقاطها، بالإضافة إلى اسم المالك.
إذا كان ظهور الصحفيين المواطنين - وهم القاعدة الأكثر انتقادًا لمستهلكي الوسائط يؤدي دورًا حاسمًا في مكافحة الإشاعات والحروب الإعلامية -، يجب ألا ننسى المسؤولية الكبيرة التي تحملها المؤسسات الإعلامية الكبرى
التحقق من الفيديوهات
اليوم، تتيح لنا الكثير من تطبيقات الهواتف المحمولة وملحقات متصفحات الإنترنت استكشاف الحقيقة المخفية وراء المحتوى الرقمي ومن بين هذه التطبيقات يبرز تطبيق كاشف الصور المزيفة.
يبدأ التحقق من محتوى الفيديو بإجراء خطوة أولى، وهي القيام ببحث عكسي مشابه للبحث عن الصور عن طريق استخدام محرك البحث قوقل. في الوقت الحاضر، لا تتوفر لنا أدوات مجانية تمامًا تمكننا من البحث العكسي في مقاطع الفيديو بالسهولة نفسها التي نفعلها مع الصور. ومع ذلك، يمكننا القيام بما هو أفضل من ذلك بكثير من خلال البحث العكسي عن الصور الملتقطة من شاشات الهواتف والأجهزة. حيث يمكن أن تتم هذه البحث بطريقتين مختلفتين:
- الطريقة الأولى: تتمثل في التقاط لقطات شاشة للفيديو بشكل يدوي، ويفضل أن يتم ذلك في البداية، أو في اللحظات الحاسمة للمشهد، بعد ذلك، يتم تحميل اللقطات على خدمة البحث العكسي للصور، مثل محرك بحث غوغل.
- الطريقة الثانية: هي الاعتماد على اللقطات الصغيرة التي يُنشئها صاحب الفيديو، وكثيراً ما يكون ذلك على موقع يوتيوب عن طريق موقع InVID.
إذا كان ظهور الصحفيين المواطنين - وهم القاعدة الأكثر انتقادًا لمستهلكي الوسائط يؤدي دورًا حاسمًا في مكافحة الإشاعات والحروب الإعلامية -، يجب ألا ننسى المسؤولية الكبيرة التي تحملها المؤسسات الإعلامية الكبرى. ذلك أنها مؤتمنة على صدقية المعلومات، والتزامها بالنزاهة الصحفية، والتحقق من الحقائق، وتقديم التقارير غير المتحيزة يؤثر إلى حد بعيد على سهولة أو صعوبة قدرة القراء والمشاهدين على التمييز بين الحقائق المؤكدة والادعاءات غير المستندة. لذا، فإن العلاقة المتبادلة بين المواطنين المطلعين والمؤسسات الإعلامية المسؤولة ضرورية للحفاظ على سلامة المعلومات خلال فترات الأزمات والصراعات.