التكوين الإعلامي وقلق البحث العلمي بالمغرب

تتجه العلوم والفنون يوما بعد يوم إلى الانقسام والتفكك لتأخذ تخصصات وفروعا دقيقة. بعكس الإعلام الذي بدأت تخصصاته تتقارب وتفرض على الذي يحمل صفة إعلامي أو صحفي أن يكون ملما بكل الأبجديات المعاصرة للمهنة، فلم يبق الصحفي في التلفزيون حبيس مصلحته أو قسمه، وإنما وجب عليه أن يواكب التطور الذي مس مختلف جوانب الإعداد والبث والتفاعل.

ولا تنتهي مَهَمَّةُ المذيع، مثلا، بمجرد قراءة النشرة أمام الكاميرا أو خلف الميكروفون في الإذاعة، وإنما عليه متابعتها عبر الوسائط الرقمية الجديدة، من خلال مشاركة المادة الإعلامية مع الجمهور. وقد رأينا كيف أضحى الإعلامي في القنوات العالمية يتواصل مع جمهور الويب عبر مقاطع متعددة الوسائط، ويساهم في الترويج والنشر والإعلان لصورة مؤسسته.

إذن، فهل وعت المؤسسات التعليمية والتدريبية التي تؤطّر وتعدُّ إعلاميي المستقبل هذا التحول الجذري في أدوات العمل أم لا؟ وهل طالب الإعلام يدرك تحديات المهنة قبل اختيارها؟ وهل الإنتاج الفكري المحلي يساير التطور في مجال إنتاج وقراءة الصورة الإعلامية؟ 

بانوراما مكتبة الإعـلام بالمغرب

في إطار إعدادي لهذا التقرير، زُرتُ مكتبتين معروفتين بالعاصمة الرباط باستقطابهما للنسبة الأكبر من زوار الكِتَاب بالمغرب، وذلك من أجل الاطلاع على نسبة حضور المُؤَلَّف المغربي الذي يصنف في حقل الإعلام، فوجدت أن مؤلفيه ينتمون لتخصصات معرفية مختلفة، وتتوزع مقارباتهم له من خلال العناوين إلى الدراسات الإعلامية "15 كتابا"، والسوسيولوجية "13 كتابا"، والتاريخية "7 كتب"، واللسانية "6 كتب" والقانونية "كتابين"، مع استثناء الإنتاجات والدراسات والدلائل التي تصدرها المنظمات والهيئات العربية والدولية التي يوجد مقرها بالمغرب كالإيسيسكو مثلا.

فما السبب في ضعف كم الإنتاج الفكري في مجال الدراسات الإعلامية بالمغرب؟ وهل لذلك علاقة بالوضع التعليمي عموما؟ أم أن هذا الأمر ينسجم مع طبيعة هذا التخصص الذي يحضر فيه التقني والتطبيقي أكثر من النظري؟ وما دور المؤسسات التعليمية التي يناط بها تدريس وتخريج الإعلاميين والصحفيين بالمغرب؟ ألا يعتبر الاهتمام المتأخر للأساتذة الباحثين والجامعيين المغاربة بفتح وحدات ومسالك التكوين في الدراسات الإعلامية، إدراكا متأخرا بقيمة الفكر الإعلامي وسلطته الاستراتيجية؟ ألا تشكل تبعية المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط لوزارة الاتصال وضعا غير ملائم لمؤسسة تعليمية بغض النظر عن طبيعة تخصصها؟ وهل الثورة الرقمية دفعت الباحث إلى الاستغناء عن المكتبة بمفهومها التقليدي؟

كل هذه الأسئلة وأخرى، طرحناها على عدد من الفاعلين الأكاديميين والتربويين والإعلاميين واستقينا منهم آراء ومواقف ندعوكم لرصدها في هذه المادة، آملين أن نساهم في تعقب آثار الخلل الممكن، وأن نضيء طريق المبادرات التي تتلمس النجاح. 

المتغير والثابت في المعهد العالي للإعلام والاتصال

يعد المعهد العالي للإعلام والاتصال (ISIC)بالرباط المؤسسة الجامعية العمومية الأولى والوحيدة في المغرب التي يتم فيها تدريب الطلبة في مهن الإعلام والاتصال. ويعود تأسيسه إلى سنة 1969 تحت اسم "مركز تكوين الصحفيين" بمبادرة من المنظمة الألمانية "فريديريك نومان"، التي عملت بشراكة مع الحكومة المغربية آنذاك، على إدارة المؤسسة العمومية الأولى للتعليم العالي المتخصص في تخريج محترفين في العمل الإعلامي عموما والصحفي بشكل خاص.

وسيعرف المعهد سنة 1989 أول عملية إصلاح بيداغوجي، إذ سيصبح بإمكان الحاصلين على الإجازة التسجيل بالمؤسسة، عوض النظام السابق الذي كان لا يستقبل إلا الطلبة الحاصلين على شهادة "الباكالوريا". لكن في سنة 1996، ستعود الهيئة الحكومية المشرفة على هذه المؤسسة مرة أخرى للعمل بنظام السلك العادي مع إحداث تخصص ثالث وهو "الاتصال المؤسساتي"، تلبية لرغبات المقاولات والمؤسسات العمومية والخاصة، وكذا لحاجة مؤسسات الدولة ومرافقها للأطر المتخصصة في ميدان الإعلام والاتصال بمختلف أنواعه، فانتقل المعهد إلى مرحلة جديدة مُؤَطَّرَة تشريعيا بظهير مصادق عليه في مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1996، فتغير اسمه إلى "المعهد العالي للإعلام والاتصال" (ISIC).

وتؤرخ السنة الجامعية (2013-2014) لتخرج أول فوج من الطلبة الصحفيين الحاصلين على الإجازة في ظل النظام التعليمي الحالي (إجازة- ماجستير- دكتوراه)، والذي انخرط فيها المعهد تبعا لقرار الحكومة المغربية بانتقال مؤسسات التعليم العالي بدءا من عام 2000 للعمل وفق الهيكلة الجديدة التي جاء بها مخطط الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

حافظ المعهد طيلة هذه السنوات -رغم الإصلاحات المتعاقبة- على كنهه وفلسفة عمله والمتمثل، حسب ما أفادنا به "عبد المجيد فاضيل" المدير الحالي للمعهد، في "تهييئ أطر (دورات تدريبية) من أجل "السوق" الإعلامي في تخصصات مختلفة منها الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية والإلكترونية والتواصل)، إلى جانب مهام أخرى كالدورات التكوينية التي تدخل في إطار التكوين المستمر لتجديد المعلومات والقدرات في عدة مجالات بالتعاون مع منظمات وجهات خارج المعهد، وذلك نظرا للتحولات التي يعرفها الإعلام". إذ بلغ عدد الخريجين خلال الأربعة مواسم الماضية (ما بين 2011 و2015) لـ 225 صحفي، أي بمعدل 56,25 سنويا.

ومن المهام المنوطة بالمعهد أيضا -إلى جانب التدريب- البحث العلمي في حقل الإعلام، لكن هذا الأمر "لم يرق للمستوى الذي نرغب فيه"، يقول المسؤول الأول عن المؤسسة، مبررا ذلك بـ"عدم هيكلة المعهد بما يناسب تحديات البحث  العلمي على المستوى الأكاديمي"، وبالتالي فـ"الأبحاث والدراسات والمقالات التي تقدم بين الفينة والأخرى من طرف الأساتذة تبقى اجتهادات فردية.. لهذا، سنحاول مستقبلا هيكلة البحث عبر خلق مركز للبحوث والدراسات وفرق ومختبرات تهتم بالبحث في مجال الإعلام". يضيف محدثنا.

هكذا إذا، نرى أن التكوين (التدريب) الإعلامي بالمغرب ظل إلى نهاية العقد الأخير من الألفية الثانية حكرا على التعليم العمومي. فهل ذلك ناتج عن عدم اهتمام القطاع الخاص بهذا المجال؟ أم أن حاجة "السوق" آنذاك لم تكن تستدعي المنافسة؟ وما هي المؤسسات التي تصدت للتكوين في هذا المجال؟ وكيف استطاعت تدبير مواردها البشرية من أساتذة جامعيين ومدربين؟ 

دور االتكوين الإعلامي بالجامعة

يرتبط تكوين الإعلاميين في العديد من دول العالم العربي بالمؤسسات الجامعية العمومية، أي بفضاء كليات الإعلام أو الآداب والفنون، مثلما هو الحال -على سبيل المثال لا الحصر- بالسودان ومصر وسوريا والعراق، على اعتبار أن هذه الأقطار تعرف وجود كليات أو أقسام داخل الجامعات خاصة بالإعلام. أما بالمغرب فالأمر مختلف، إذ تَأَخَّرَ تدريسُ الإعلامِ بفضاء الكليات حتى بداية الألفية الثالثة لأسباب متعددة، من أهمها قلة الدورات التدريبية والأساتذة الجامعيين المتخصصين في الإعلام، واشتغال أغلبهم في المعاهد العليا العمومية والخاصة، إضافة إلى متطلبات هذا المجال المهني البحت، الذي يحتاج لبنية تحتية وأجهزة تقنية لا تتناسب مع طبيعة التدريس في كليات الآداب والعلوم الإنسانية التي تعرف استقطابا عدديا كبيرا للطلاب، عكس الإعلام الذي يتطلب ظروفا وشروطا تعليمية قريبة لشعب الهندسة.

وفي سبيل تقييم هذه التجارب التكوينية الجامعية، تشير إحصائيات 2015/2016، حسب الدكتور "الطيب بوتبقالت"، أستاذ التاريخ المعاصر وعلوم الإعلام بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، إلى "وجود ما لا يقل عن 35 مؤسسة للتعليم العالي تهتم بالتكوين الإعلامي، منها 18 مؤسسة تنتمي للقطاع العام و17 مؤسسة تنتمي للقطاع الخاص". وهي "مؤسسات تتبع في هندستها التطبيقية شكلا ومضمونا للنموذج الفرنسي". يضيف بوتبقالت.

وهو ما انعكس، حسب بوتبقالت، بشكل سلبي على "أهداف تلك المسالك والوحدات التكوينية، ولم تنجح في إعداد باحثين أكاديميين مغاربة متخصصين في الإعلام والاتصال إلا بنسب محتشمة جدا". وهذا معناه "أن كافة المسؤولين عن العرض التكويني في هذا المجال مطالبون ببذل المزيد من المجهودات كما وكيفا، وعليهم تقع مسؤولية تدارك الاختلالات التي كانت السبب الرئيسي في تدهور تعليمنا بصفة عامة".

أما "لطيفة لزرق"، الأستاذة الباحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، فترى أن تدريس الإعلام يتطلب تصورا قبليا يستحضر مختلف الشركاء، وحينها يمكن "للجامعة الوطنية أن تنجح إلى حد بعيد في تكوين باحثين في مجال الإعلام"، لكن هذا التكوين "لن يكتمل دون الاطلاع على شروط إنتاج الخطاب الإعلامي، وهذا الأمر لا يتحقق دون إسهام قوي وفعال للمؤسسات الإعلامية، عبر عقد اتفاقيات شراكة حقيقية وواضحة وفتح أبواب هذه المؤسسات للباحثين لإطلاعهم على مختلف تقنيات إنتاج الخطاب الإعلامي وظروفه وقيوده". تؤكد منسقة برنامج ماجستير "البلاغة وتحليل الخطاب".

ومن عناصر امتياز كليات الآداب أيضا، حسب "لزرق" دائما، أنها من الجانب البشري، تتوفر على كفاءات مهمة يمكنها أن تسهم إلى حد بعيد في تكوين باحثين متخصصين في الإعلام، مع تسجيل النقص في الإمكانات المادية واللوجستيكية. أما من الجانب الموضوعي، فالخطاب الإعلامي لا تكتمل دراسته دون الرجوع إلى المباحث التقليدية التي هي عماد شعب اللغات والآداب، مثل علوم اللغة،  ولسانيات الخطاب والسيميائيات وعلوم التواصل وعلم السرد". على اعتبار أن هذا الحقل "يمكن تناوله من زاوايا متعددة: لغوية وسيميائية أو باعتباره خطابا حجاجيا أو بوصفه جنسا من أجناس الخطاب أو من حيث علاقته بالخطاب الأدبي". 

البحث العلمي الإعلامي بالمغرب ... غصنٌ من شجرة

أشارت كل الأطراف التي استمعنا إليها في سياق إعدادنا لهذا التقرير إلى استحالة الفصل في المغرب بين وضع البحث العلمي عموما والإعلامي بشكل خاص، على اعتبار أن "البحث العلمي ليس ترفا زائدا"، حسب "محمد عز الدين المنصوري" مسؤول الشؤون البيداغوجية والبحث بالمعهد للإعلام والاتصال بالرباط، معتبرا أنه "لا يخرج عن واقع البحث العلمي بالمغرب عموما"، نافيا أن يكون الحل هو فقط "فتح مركز للدكتوراه"، وإنما "وجب توفير شروطه وإمكانياته وطقوسه المعتمدة دوليا".

وأرجع المنصوري تأخر التحاق المعهد بركب البحث العلمي لسببين: الأول ذاتي والثاني موضوعي، فالأول يتجلى في "افتقار المؤسسة لرصيد من الدراسات والوثائق التطبيقية والتجارب الأكاديمية الداخلية التي عادة يضعها الخبراء في مجال الإعلام، مثلما هو لدى مراكز التدريب التابعة للقنوات والمؤسسات الإعلامية الكبرى كالجزيرة مثلا". أما العامل الموضوعي، فهو الارتهان المالي للمؤسسة بالميزانية المرصودة من طرف الوزارة الوصية، والتي "لا تسمح بالرفع من طموحنا وأملنا أكثر من الواقع، على الرغم من وجود مبادرات رسمية عديدة تحاول جاهدة الرفع من المنتوج الأكاديمي بالمغرب، الشيء الذي ينعكس سلبا على أداء المعهد بشكل كامل". وفق تعبير المنصوري الحاصل على دكتوراه في علوم الإعلام والاتصال من جامعة السوربون بباريس.

ومن زاوية أخرى، اعتبر الدكتور "بنعيسى عسلون"، منسق برنامج ماجستير "إنتاج المضامين السمعية البصرية والرقمية" بالمعهد ذاته، أن التأخر الحاصل في ميدان إنتاج البحوث والدراسات المُحَكَّمَة بالمعهد ترجع بالدرجة الأولى إلى "حربائية" التخصص في حذ ذاته، والذي يتسم بالتحول والتجدد المستمر، مما "يجعلنا غير قادرين على مواكبة كل المستجدات التقنية والتكنولوجية، في سياق تأطير الطلبة، بما يوافق تطلعات الأساتذة والمؤطِّرِين".

لكن يبقى السؤال المطروح هو حول قدرة هذا التصور التعليمي على تحقيق أهداف التكوين في مجال الإعلام. وكيف يمكن تخليص الطالب الباحث من هاجس الشغل لفترة معينة، والتفرغ للبحث والدراسة النظرية في ميدان لا يعلو فيه إلا صوت التطبيق العملي، خاصة أمام إغراءات الثورة التكنولوجية المتسارعة؟

الشيء الأكيد هو أن الوضع الحالي للبحث العلمي بالمغرب عموما، بالموازاة مع النقص المُنْتَظَرِ تفاقُمه في الموارد البشرية بالجامعات مقارنة مع تزايد عدد الطلاب، لا يمنح إمكانية التفاؤل كثيرا، رغم المجهودات التي تقوم بها الجهات الرسمية في السنوات الأخيرة عبر تنظيم مباريات لأساتذة التعليم العالي. ويزداد الأمر إلحاحا بالنسبة للتخصصات التي تُدَرَّسُ بالمعاهد العليا، على غرار شعب الإعلام.

ورجوعا لماضي البحث العلمي بالجامعات المغربية، نجد أن الباحثين في العلوم الإنسانية والقانونية قدموا الشيء الكثير للإعلام. ويذكر التاريخ، حسب عسلون، "فضل إغناء مجموعة من الأساتذة، بكليات الآداب والحقوق، للمكتبات بالمراجع والمؤلفات المهمة، ونعتز بما قدموه لعلوم الإعلام بالمغرب". ولا يبدو أن "هذا الوضع سيشهد تغييرا في الخمس سنوات المقبلة على الأقل، بالنظر إلى قاعدة الطلبة الباحثين المسجلين في مسالك الدراسات العليا للإعلام بالمغرب"، مما يجعل "حالة استمرار الجامعة في تزويد الخزانة الجامعية بحاجياتها من النصوص الإعلامية النظرية قائما". ويعود السبب في ذلك، حسب وجهة نظر عسلون، إلى "ما تتوفر عليه المختبرات الجامعية من إمكانيات بشرية وهياكل إدارية تساهم في ملء النقص الموجود في هذا الجانب من التعليم".. وما ينقصنا هو "التنسيق مع الجامعات والبحث عن شراكات متنوعة معها، رغم ضبابية العلاقة بيننا، على اعتبار أن الدراسات الإعلامية تتطلب من الذي يتصدى لها أن يكون منفتحا وملما بمجالات معرفية متعددة". 

مساهمة التعليم الإعلامي الخاص في التكوين

إن رصد واقع وتاريخ التكوين الإعلامي بالمغرب لا يكتمل دون الإشارة إلى مساهمة القطاع الحر/الخاص في تكوين مُحْتَرِفي هذا القطاع، إذ تشير معطيات وزارة الاتصال إلى وجود 17 معهدا ومركزا للتكوين في مهن الإعلام والصحافة، تتوزع بين مدارس ومعاهد عليا وأخرى مؤسسات تندرج في إطار التكوين المهني، لكن انتشارها الجغرافي ينحصر أكثر بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية للمملكة.

ويعد المعهد العالي للصحافة والإعلام، المعروف اختصارا بـ (IFJ)، أقدم المؤسسات الخاصة، والتي يعود تاريخ تأسيسها لسنة 1994 بالدار البيضاء، وهو أول معهد (غير عمومي) للتكوين الإعلامي في العالم العربي، حسب إفادة "حسن اليوسفي المغاري"، الكاتب العام ومسؤول الدراسات به.

وتتبع المؤسسة إداريا لقطاعين وزاريين، الأول وهو التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، والثاني لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. وعليه، فتسجيل الطلبة وتسليم الشواهد يتم تبعا لهذه التراتبية، إذ "يقتصر الأمر في التكوين المهني على قبول المرشحين الذين يملكون مستوى البكالوريا فقط، بينما في التعليم العالي يشترط الحصول على شهادة البكالوريا فما فوق".

أما بالنسبة للماجستير والدكتوراه في القطاع الخاص فالوزارة المعنية ما  زالت تحتفظ بهذا المستوى من البحث والتكوين الإعلامي للقطاع العام، مع وجود استثناء وحيد تمنح بموجبه معادلة تانك الشهادتين للحائزين عليها من جامعة "الأخوين" بإفران، بينما يكتفي القطاع الخاص بـ"الاعتراف" فقط. حسب إفادة اليوسفي دائما.

وعلى غرار جل مؤسسات التعليم العالي، العمومية والخاصة، يتشكل نسيج المؤطِّرين (المدربين) بالمعاهد الخاصة من الأساتذة الجامعيين والمهنيين العاملين بالمؤسسات الصحفية والإعلامية، نظرا لحاجة طلبة الإعلام للتكوين المزدوج الذي يجمع بين المعرفة النظرية والتجربة العملية.  

وختاما، أعتقد أن الإحاطة الموضوعية بواقع البحث والتكوين الإعلامي بالمغرب يستدعي الإشارة إلى مسؤولية أخرى تقع على عاتق الطالب والباحث في مجال الإعلام، إذ لا يكفي النبوغ الدراسي خلال سنوات البكالوريا لقبول المرشح للتسجيل بهذه الشعبة، فلا بد من مراجعة شروط القبول، وإيجاد صيغة تجعل من الموهبة شرطا أساسيا إلى جانب التفوق الدراسي، لأن التجربة أثبتت في حالات كثيرة أن الاستعداد الشخصي أهم من كشوف النقط.

كما لا يجب أن ننسى الدور الأساسي المنوط بمؤسسات التشغيل في عملية التكوين، إذ التواصل بينها وبين المؤسسات التعليمية يُسَهِّل على المُؤَطِّر وضع الأهداف والغايات التي يجب أن تسطر قبل وضع المناهج والتصورات النظرية لمسالك ووحدات التدريب والتكوين.

المزيد من المقالات

الوقفة أمام الكاميرا.. هوية المراسل وبصمته

ماهي أنواع الوقفات أمام الكاميرا؟ وما وظائفها في القصة التلفزيونية؟ وكيف يمكن للصحفي استخدامها لخدمة زوايا المعالجة؟ الزميل أنس بنصالح، الصحفي بقناة الجزيرة، راكم تجربة ميدانية في إنتاج القصص التلفزيونية، يسرد في هذا المقال لماذا تشكل الوقفة أمام الكاميرا جزءا أصيلا من التقارير الإخبارية والإنسانية.

أنس بن صالح نشرت في: 18 فبراير, 2025
الاحتلال الذي يريد قتل الصحافة في الضفة الغربية

"كل يوم يعيش الصحفي هنا محطة مفصلية، كل يوم كل ثانية، كل خروج من المنزل محطة مفصلية، لأنه قد يعود وقد لا يعود، قد يصاب وقد يعتقل"، تختصر هذه العبارة للصحفي خالد بدير واقع ممارسة مهنة الصحافة بالضفة الغربية خاصة بعد السابع من أكتوبر

Hoda Abu Hashem
هدى أبو هاشم نشرت في: 21 يناير, 2025
لماذا عدت إلى السودان؟

قبل أكثر من سنة من الآن كان محمد ميرغني يروي لمجلة الصحافة كيف قادته مغامرة خطرة للخروج من السودان هربا من الحرب، بينما يروي اليوم رحلة العودة لتغطية قصص المدنيين الذين مزقتهم الحرب. لم تكن الرحلة سهلة، ولا الوعود التي قدمت له بضمان تغطية مهنية "صحيحة"، لأن صوت البندقية هناك أقوى من صوت الصحفي.

محمد ميرغني نشرت في: 8 يناير, 2025
هل تنقذ المصادر المفتوحة الصحفيين الاستقصائيين العراقيين؟

تصطدم جهود الصحفيين الاستقصائيين في العراق بالتشريعات التي لا تسمح بالولوج إلى المعلومات. مع ذلك، تبرز تجارب جديدة تتجاوز التعقيدات السياسية والبيروقراطية بالاعتماد على المصادر المفتوحة.

حسن أكرم نشرت في: 5 يناير, 2025
التضليل في سوريا.. فوضى طبيعية أم حملة منظمة؟

فيديوهات قديمة تحرض على "الفتنة الطائفية"، تصريحات مجتزأة من سياقها تهاجم المسيحيين، مشاهد لمواجهات بأسلحة ثقيلة في بلدان أخرى، فبركة قصص لمعتقلين وهميين، وكم هائل من الأخبار الكاذبة التي رافقت سقوط نظام بشار الأسد: هل هي فوضى طبيعية في مراحل الانتقال أم حملة ممنهجة؟

فرحات خضر نشرت في: 29 ديسمبر, 2024
طلبة الصحافة في غزة.. ساحات الحرب كميدان للاختبار

مثل جميع طلاب غزة، وجد طلاب الإعلام أنفسهم يخوضون اختبارا لمعارفهم في ميادين الحرب بدلا من قاعات الدراسة. ورغم الجهود التي يبذلها الكادر التعليمي ونقابة الصحفيين لاستكمال الفصول الدراسية عن بعد، يواجه الطلاب خطر "الفراغ التعليمي" نتيجة تدمير الاحتلال للبنية التحتية.

أحمد الأغا نشرت في: 26 ديسمبر, 2024
الضربات الإسرائيلية على سوريا.. الإعلام الغربي بين التحيز والتجاهل

مرة أخرى أطر الإعلام الغربي المدنيين ضمن "الأضرار الجانبية" في سياق تغطية الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا. غابت لغة القانون الدولي وحُجبت بالكامل مأساة المدنيين المتضررين من الضربات العسكرية، بينما طغت لغة التبرير وتوفير غطاء للاحتلال تحت يافطة "الحفاظ على الأمن القومي".

Zainab Afifa
زينب عفيفة نشرت في: 25 ديسمبر, 2024
صحافة المواطن في غزة.. "الشاهد الأخير"

بكاميرا هاتف، يطل عبود بطاح كل يوم من شمال غزة موثقا جرائم الاحتلال بلغة لا تخلو من عفوية عرضته للاعتقال. حينما أغلق الاحتلال الإسرائيلي غزة على الصحافة الدولية وقتل الصحفيين واستهدف مقراتهم ظل صوت المواطن الصحفي شاهدا على القتل وحرب الإبادة الجماعية.

Razan Al-Hajj
رزان الحاج نشرت في: 22 ديسمبر, 2024
مقابلة الناجين ليست سبقا صحفيا

هل تجيز المواثيق الأخلاقية والمهنية استجواب ناجين يعيشون حالة صدمة؟ كيف ينبغي أن يتعامل الصحفي مع الضحايا بعيدا عن الإثارة والسعي إلى السبق على حساب كرامتهم وحقهم في الصمت؟

Lama Rajeh
لمى راجح نشرت في: 19 ديسمبر, 2024
جلسة خاطفة في "فرع" كفرسوسة

طيلة أكثر من عقد من الثورة السورية، جرب النظام السابق مختلف أنواع الترهيب ضد الصحفيين. قتل وتحقيق وتهجير، من أجل هدف واحد: إسكات صوت الصحفيين. مودة بحاح، تخفت وراء أسماء مستعارة، واتجهت إلى المواضيع البيئية بعد "جلسة خاطفة" في فرع كفرسوسة.

Mawadah Bahah
مودة بحاح نشرت في: 17 ديسمبر, 2024
الصحافة السورية المستقلة.. من الثورة إلى سقوط الأسد

خلال 13 سنة من عمر الثورة السورية، ساهمت المنصات الصحفية المستقلة في كشف الانتهاكات الممنهجة للنظام السابق. الزميل أحمد حاج حمدو، يقدم قراءة في أدوار الإعلام البديل من لحظة الثورة إلى لحظة هروب بشار الأسد

Ahmad Haj Hamdo
أحمد حاج حمدو نشرت في: 13 ديسمبر, 2024
صحفيو شمال غزة يكسرون عاما من العزلة

رغم الحصار والقتل والاستهداف المباشر للصحفيين الفلسطينيين في شمال غزة، يواصل "الشهود" توثيق جرائم الاحتلال في بيئة تكاد فيها ممارسة الصحافة مستحيلة.

محمد أبو قمر  نشرت في: 17 نوفمبر, 2024
جيريمي سكاهيل: الحرب على غزّة وضرورة العودة إلى "صحافة المواجهة"

يدعو الصحفي الاستقصائي الشهير جيريمي سكاهيل إلى إحياء ما أسماه "صحافة المواجهة" للتصدي لحالة التفريط بالقيم المهنية والإنسانية الأساسية في وسائل إعلام غربية مهيمنة، وخاصة في سياق تغطية الإبادة في قطاع غزة.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 6 نوفمبر, 2024
في السنغال.. "صحافة بلا صحافة"

شاشات سوداء، وإذاعات تكتم صوتها وصحف تحتجب عن الصدور في السنغال احتجاجا على إجراءات ضريبية أقرتها الحكومة. في البلد الذي يوصف بـ "واحة" الديمقراطية في غرب أفريقيا تواجه المؤسسات الإعلامية - خاصة الصغيرة - ضغوطا مالية متزايدة في مقابل تغول الرأسمال المتحكم في الأجندة التحريرية.

عبد الأحد الرشيد نشرت في: 5 نوفمبر, 2024
تهمة أن تكون صحفيا في السودان

بين متاريس الأطراف المتصارعة، نازحة تارة، ومتخفية من الرصاص تارة أخرى، عاشت الصحفية إيمان كمال الدين تجربة الصراع المسلح في السودان ونقلت لمجلة الصحافة هواجس وتحديات التغطية الميدانية في زمن التضليل واستهداف الصحفيين.

Iman Kamal El-Din is a Sudanese journalist and writer
إيمان كمال الدين نشرت في: 28 أكتوبر, 2024
الأثر النفسي لحرب الإبادة على الصحفيين

ما هي الآثار النفسية لتغطية حرب الإبادة على الصحفيين؟ وهل يؤثر انغماسهم في القضية على توازنهم ومهنيتهم؟ وماذا يقول الطب النفسي؟

أحمد الصباهي نشرت في: 18 أكتوبر, 2024
"أن تعيش لتروي قصتي"

في قصيدته الأخيرة، كتب الدكتور الشهيد رفعت العرعير قائلا "إذا كان لا بد أن أموت فلا بد أن تعيش لتروي قصتي".

لينا شنّك نشرت في: 15 أكتوبر, 2024
عامٌ على حرب الإبادة في فلسطين.. الإعلام الغربي وهو يساوي بين الجاني والضحيّة

ما تزال وسائل إعلام غربية كبرى تثبت أنّها طرفٌ في حـرب الرواية، ولصالح الاحتلال الاسرائيلي.. في هذا المقال، يوضّح الزميل محمد زيدان كيف أن وسائل إعلام غربية كبرى ما تزال تطوّر من تقنيات تحيّزها لصالح الاحتلال، رغم انقضاء عام كامل على حرب الإبـادة في فلسطين.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 8 أكتوبر, 2024
حسابات وهمية بأقنعة عربية.. "جيش إلكتروني منظم"

أُغرقت منصات التواصل الاجتماعي بآلاف الحسابات الوهمية التي تزعم أنها تنتمي إلى بلدان العربية: تثير النعرات، وتلعب على وتر الصراعات، وتؤسس لحوارات وهمية حول قضايا جدلية. الزميلة لندا، تتبعت عشرات الحسابات، لتكشف عن نمط متكرر غايته خلق رأي عام وهمي بشأن دعم فئات من العرب لإسرائيل.

Linda Shalash
لندا شلش نشرت في: 6 أكتوبر, 2024
رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة على جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للمعايير التحريرية ومواثيق الشرف المهنية.

مجلة الصحافة نشرت في: 23 سبتمبر, 2024
"مأساة" الصحفي النازح في غزة

بينما تقترب حرب الإبادة الجماعية في فلسطين من سنتها الأولى، ما يزال الصحفيون في غزة يبحثون عن ملاذ آمن يحميهم ويحمي عائلاتهم. يوثق الصحفي أحمد الأغا في هذا التقرير رحلة النزوح/ الموت التي يواجهها الصحفيون منذ بداية الحرب.

أحمد الأغا نشرت في: 22 سبتمبر, 2024
من الصحافة إلى الفلاحة أو "البطالة القسرية" للصحفيين السودانيين

كيف دفعت الحرب الدائرة في السودان العشرات من الصحفيين إلى تغيير مهنهم بحثا عن حياة كريمة؟ الزميل محمد شعراوي يسرد في هذا المقال رحلة صحفيين اضطرتهم ظروف الحرب إلى العمل في الفلاحة وبيع الخضروات ومهن أخرى.

Shaarawy Mohammed
شعراوي محمد نشرت في: 15 سبتمبر, 2024
المصادر المجهّلة في نيويورك تايمز.. تغطية الحرب بعين واحدة

ينظر إلى توظيف المصادر المجهلة ضمن المعايير المهنية والأخلاقية بأنها "الخيار الأخير" للصحفيين، لكن تحليل بيانات لصحيفة نيويورك تايمز يظهر نمطا ثابتا يوظف "التجهيل" لخدمة سرديات معينة خاصة الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 5 سبتمبر, 2024