إسكات "المتمردين" في غرف الأخبار والتهمة: فلسطين

 

مساء يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان فريق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في طريقه إلى الفندق في مدينة تل أبيب عندما أوقفت أفرادَه شرطة الاحتلال الإسرائيلي. ترجَّل عنصران مسلَّحان ببنادق "M16" من المركبة العسكرية، وطلبا من فريق بي بي سي إبراز بطاقات الهوية الصحفية، وأخرجوهم من سيارتهم، ودفعوهم باتجاه الحائط، وأخرجوا كل المعدات، وألقوا بعضها على الأرض.

حاول مراسل بي بي سي مهند توتنجي تصوير ما يحدث، لكن هاتفه أُلقي على الأرض، وضُرب على رقبته، وفي تلك اللحظة ابتعد الشرطيان عن أفراد طاقم العمل مسافة متر، ووجها أسلحتهما عليهم مباشرة، وطلب أحد عناصر الشرطة دعما إضافيا رغم علمه بأن المركبة تحمل إشارة واضحة تدل على أنها "جهة إعلامية". وبعد 20 دقيقة من المناكفة، تعرض أفراد الطاقم الصحفي لعدة إصابات نتيجة الاعتداء عليهم.

بعد ساعات قليلة، أصدرت بي بي سي بيانًا دعت فيه إلى سلامة الصحفيين وضمان قدرتهم على تغطية ما وصفته بـ "الصراع في إسرائيل وغزة" بحرّية، وفي اليوم التالي، أوقفت بي بي سي 6 صحفيين وصحفيات من قسمها العربي في مكتبي القاهرة وبيروت عن العمل بسبب إظهارهم مشاعر متعاطفة مع الفلسطينيين عبر نشرهم أو إعجابهم بمنشورات يُزعم أنها "منحازة ضد إسرائيل"، ومؤيدة لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على مواقع التواصل الاجتماعي مع تصاعد القصف الإسرائيلي المستمر على غزة.

ورغم إزالة هذه المنشورات، تعهدت الهيئة البريطانية باتخاذ إجراءات صارمة في حق الصحفيين الموقوفين عن العمل، خاصة بعد أن شهّرت صحيفة التلغراف البريطانية بهم، مدعيةً أن نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي احتوى على "تحيز مناهض لإسرائيل"، وأن عددا منهم يبرر "قتل مدنيين إسرائيليين على يد حماس"، ويؤيد التعليقات التي تشبّه حماس بـ "المقاتلين من أجل الحرية".

بالنظر إلى الموقفين، يبدو أن ثمة تناقضا واضحا بين ما دعت إليه بي بي سي عند تعرض طاقمها في تل أبيب لانتهاكات على الأرض، وما تفعله داخل غرف الأخبار المغلقة. ومع ذلك، لم يكن ما فعلته سوى مقدمة لحملة عنيفة تدور داخل غرف الأخبار الغربية وخارجها لرفض وإخفاء أي تعاطف مع الفلسطينيين وتجريدهم من إنسانيتهم باستمرار ونزع الشرعية عن النضال الأوسع من أجل الحرية في فلسطين، مقابل خلق تأييد عام للاحتلال الإسرائيلي.

 

الحرب داخل غرف الأخبار

هذه الواقعة سبقتها وتلتها وقائع كثيرة سلطت الضوء على نمط من الانتقام والقمع المتمثل في إسكات الأصوات المدافعة عن الحقوق الفلسطينية في وسائل الإعلام الرئيسية أو تجاهلها تمامًا. ومنذ بداية القصف الإسرائيلي العشوائي على غزة، تزايدت عمليات فصل الصحفيين والمعلقين المؤيدين للفلسطينيين وتهميشهم، مع سعي "إسرائيل" للسيطرة على خطاب وسائل الإعلام الغربية.

طلاء واجهة بي بي سي باللون الأحمر احتجاجًا على انحيازها لـ"إسرائيل"
طلاء واجهة بي بي سي باللون الأحمر احتجاجًا على انحيازها لـ"إسرائيل"

ويرى الصحفي الفلسطيني الأمريكي رامي خوري أن هناك ساحتي معركتين متوازيتين لخوض الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ تشمل الأولى العنف على الأرض، فكلما اندلع التوتر أو العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل منهجي الصحفيين الفلسطينيين والأجانب، وتعرقلهم أو تهاجمهم لمنعهم من التصوير أو التقاط الصور.

وصل هذا النهج إلى مستويات جديدة في الأسابيع الأخيرة التي تلت عملية "طوفان الأقصى"؛ إذ استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين بمعدل غير مسبوق، وقتلت ما لا يقل عن 63 صحفيا (90% منهم فلسطينيون)، وفقًا للجنة حماية الصحفيين، وهو ما يجعل هذه الفترة القصيرة "الأكثر دموية" منذ أن بدأت اللجنة في جمع البيانات، قبل 31 عاما.

 استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين بمعدل غير مسبوق
 استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين بمعدل غير مسبوق

 

أما ساحة المعركة الثانية فهي أقل وضوحا ولكنها ليست أقل ضراوة بحسب خوري، تدور رحاها داخل غرف أخبار وسائل إعلام غربية تدعي أنها مستقلة وعادلة في تغطيتها، منها شبكة تليفزيون "جلوبال نيوز"، ومقرها كندا، حيث تعمل الصحفية الكندية من أصل فلسطيني زهراء الأخرس منذ فبراير/ شباط 2020، لكنها فُصلت من عملها مؤخرا بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي التي لفتت الانتباه إلى معاناة الفلسطينيين، وادَّعت شبكة التلفزيون العالمية الكندية أن لها الحق في "منعها من التغريد أو نشر شيء في موضوعات معينة". 

تعكس مبررات "جلوبال نيوز" مدى انحيازها لـ"إسرائيل"، وتؤكد على موقف كثير من وسائل الإعلام الغربية تجاه مجرد تعاطف الصحفيين مع فلسطين على وجه التحديد؛ فقد سبق أن نشرت الأخرس تصريحات عبَّرت فيها عن آرائها السياسية وموقفها من أحداث عالمية، منها معارضتها للغزو الروسي لأوكرانيا، ولم يخبرها أحد -كما تقول- أنها متحيزة، لكنها أصبحت فجأة كذلك عندما تحدثت عن الاحتلال الإسرائيلي، ورأت المؤسسات الإعلامية الغربية في تعبيرها عن رأيها تهديدا للمبادئ التي تبنتها!

لم تكن هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها الأخرس للضغوط؛ ففي عام 2021، قادت مؤسسة كندية صهيونية حملة تطالب بفصلها من العمل حتى نالت منها مؤخرا بعد ضغط خارجي تمارسه مثل هذه المؤسسات التي تُسمَّى بـ "واتش دوك" (watchdogs)، وتعمل على رقابة الإعلام الغربي للتأكد من انحيازه للرواية الإسرائيلية. هذه المؤسسات تتصيد كل صحفي يحاول أن يتحدى الرواية الإسرائيلية أو يعاديها أو يرفع الصوت الفلسطيني في الإعلام الغربي.

ولم تكن الأخرس أول فلسطينية تُستهدَف من قبل هذه الجماعات منذ بدء العدوان على غزة، وربما لن تكون الأخيرة؛ فقد سبقتها الصحفية الفلسطينية الكندية يارا جمال التي تعرضت للمصير ذاته، وفي خلال 24 ساعة فقط، طردتها قناة كندا الإخبارية (CTV News) بعد أن أدلت بتعليق بشأن فلسطين خلال مظاهرة احتجاجية على ممارسات الاحتلال في مدينة تورونتو الكندية في أكتوبر/ تشرين الأول  الماضي.

تصريحات يارا فُسرت على أنها "مؤيدة لفلسطين ومعادية للصهيونية"، وادعت حسابات مختصة بمطاردة مناصري فلسطين أنها "معادية للسامية"، وأٌغلقت صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن تستعيدها وتنشر مقطع فيديو روت فيه ما تعرضت له من عنصرية بوصفها "الفلسطينية الوحيدة داخل غرف الأخبار، وكان من المفترض أن يكون صوتها ذا أهمية في وقت الإبادة الجماعية للفلسطينيين".

يُنظر إلى إقالة الصحفيتين الفلسطينيتين في سياق حراك شامل يهدف إلى إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين في وسائل الإعلام الغربية، وهو ما يؤكده تحقيق أجراه موقع "The Breach" الكندي في نوفمبر/ تشرين الثاني، كشف أن المجموعة الإعلامية "Bell Media"؛ وهي تكتل إعلامي كندي يضم  مؤسسات إعلامية منها CTV، أرسلت توجيهات عبر المنصات بعدم استخدام كلمة "فلسطين" في تغطيتها. وقال عدد من الصحفيين إن الشبكة الإعلامية تتخوف من "التقارير الناقدة لإسرائيل"، وإنهم رأوا كبار المنتجين والمحررين يرفضون دعوة الضيوف الفلسطينيين إذا كانوا ينتقدون "إسرائيل" كثيرا في الماضي.

  يُنظر إلى إقالة الصحفيتين الفلسطينيتين في سياق حراك شامل يهدف إلى إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين في وسائل الإعلام الغربية، وهو ما يؤكده تحقيق أجراه موقع "The Breach" الكندي كشف أن المجموعة الإعلامية "Bell Media"؛ وهي تكتل إعلامي كندي يضم مؤسسات إعلامية، أرسلت توجيهات عبر المنصات بعدم استخدام كلمة "فلسطين" في تغطيتها.

"ثمن التعاطف مع غزة وظيفتك"

لسنوات، حاولت الجماعات اليمينية والكيانات المناصرة لـ "إسرائيل" إسكات الأكاديميين والناشطين والصحفيين الذين يقدمون وجهات نظر فلسطينية، حتى تسود وجهات النظر الإسرائيلية. ويأتي على رأس هذه الجماعات: لجنة الدقة في إعداد التقارير عن الشرق الأوسط في أمريكا (CAMERA)؛ وهي  كيان غير حكومي مقره الولايات المتحدة يجري حملات من أجل تغطية "متوازنة ودقيقة لإسرائيل"، ويبلِّغ عن نشاط الصحفيين على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعثة الكناري (Canary Mission ) المعنية بجمع ملفات عن الطلاب والأساتذة والمنظمات النشطة التي ترى أنها "معادية لإسرائيل أو معادية للسامية"، وترسلها إلى أصحاب العمل المحتملين. 

على سبيل المثال، اتبع المدير المساعد ومدير الأبحاث في "CAMERA" أليكس سفيان، نهج الهجوم الشخصي على الصحفيين القائم على مزيج من التحديق المهووس في وسائل التواصل الاجتماعي، للإطاحة بمديرة تحرير صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الفلسطينية الأمريكية سارة ياسين، التي اتهمها بـ"معاداة إسرائيل"، ومشاركة منشورات تعكس تعاطفها مع غزة، مدعيا أن "انحيازها الشخصي يؤثر على المحتوى الذي تنتجه الصحيفة"، وهو ما رفضته إدارة الصحيفة بشدة.

لكن نادرًا ما يتلقى الصحفيون الدعم من أصحاب العمل في وسائل الإعلام حتى إذا كانوا يعملون في المؤسسة الإعلامية نفسها؛ فمنذ أيام قليلة، منعت الصحيفة ذاتها 38 صحفيا من تغطية أخبار غزة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل بعد أن وقّعوا على رسالة مفتوحة تنتقد غرف الأخبار الغربية بسبب تقاريرها المتحيزة عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في حق الفلسطينيين، وادَّعت الصحيفة "انتهاك الصحفيّين سياسة الأخلاقيات"، ما يثير مخاوف قوية بشأن التفسير الغامض للقواعد وإنفاذها.

للأسباب ذاتها، دفعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية واحدة من أشهر صحفييها؛ وهي جازمين هيوز، الكاتبة الحائزة على جوائز عديدة عن أعمالها، إلى تقديم استقالتها بعد توقيعها رسالة احتجاج نشرتها مجموعة تسمى "كُتّاب ضد الحرب على غزة"، وأعربت عن دعمها للفلسطينيين واحتجت على الحصار الإسرائيلي في غزة، وهو ما عدّته الصحيفة "انتهاكًا لسياسة غرفة الأخبار والمؤسسة بشأن الاحتجاج العام".

تأتي استقالة هيوز التي تعمل في الصحيفة منذ عام 2015، في إطار حملة عنيفة تستهدف ليس فقط الصحفيين، بل أي شخص يظهر تعاطفا مع الفلسطينيين وينتقد الحرب الوحشية التي يرتكبها الاحتلال، وهو ما حدث مع الرئيس التنفيذي لـ"Web Summit" أحدِ أكبر مؤتمرات التكنولوجيا في العالم، بادي كوسجريف، الذي على أُجبِر على الاستقالة بعد رد فعل عنيف بسبب منشور على موقع "إكس" انتقد فيه "جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل".

ولم يكن كوسجريف الوحيد الذي فقد وظيفته بعد تعبيره عن رأيه؛ فقد أُقيل أيضًا ديفيد فيلاسكو من منصب رئيس تحرير رتفوروم (Artforum)؛ وهي واحدة من أهم المجلات الفنية في العالم، بعد 6 سنوات من توليه المهمة، مع العلم أنه بدأ عمله في المؤسسة في عام 2005، وكان من ضمن آلاف الفنانين والأكاديميين الذين وقَّعوا على رسالة مفتوحة دعمت فكرة التحرر الفلسطيني، وانتقدت صمت المؤسسات الثقافية تجاه القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما عدّه مالكو "آرتفوروم" "لا يلبي معايير المؤسسة وسياستها".
وقبلها بأيام قليلة، طُرد مايكل آيسن، الذي كان رئيس تحرير مجلة "eLife" العلمية، ومقرها كامبريدج، بعد إعادة نشر مقال ساخر من موقع "The Onion" الأمريكي يسلط الضوء على "اللامبالاة بحياة المدنيين الفلسطينيين"، والطريقة التي يطالب بها مؤيدو "إسرائيل" وبعض الشخصيات الإعلامية بإدانة حماس من أي شخص يعرب عن قلقه على سلامة الفلسطينيين.

  لسنوات، حاولت الجماعات اليمينية والكيانات المناصرة لـ "إسرائيل" إسكات الأكاديميين والناشطين والصحفيين الذين يقدمون وجهات نظر فلسطينية، حتى تسود وجهات النظر الإسرائيلية. ويأتي على رأس هذه الجماعات: لجنة الدقة في إعداد التقارير عن الشرق الأوسط في أمريكا (CAMERA).

"ليس لك مكان هنا"

مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، أصبح هناك نمط من القمع واضح تجاه الصحفيين والموظفين الذين يدافعون عن الحقوق الفلسطينية، وقد كلَّف "التضامن مع فلسطين" المراسل الرياضي جاكسون فرانك الذي غطى فريق كرة السلة المحترف سفنتي سيكسرز (76ers) وظيفتَه بعد أن فصله موقع فيلي فويس (PhillyVoice) الأمريكي؛ بسبب رده على تغريدة نشرها النادي أعلن فيها الوقوف إلى جانب "شعب إسرائيل"، وأدان ما وصفه بـ"هجوم حماس الإرهابي"، ليرد فرانك بتغريدة داعمة للقضية الفلسطينية حذفها لاحقا، لكنها ذلك لم يحل دون غضب مديريه.

ولم يشفع 42 عامًا من العمل المتواصل لرسام الكاريكاتير المخضرم ستيف بيل الذي أنهت صحيفة "الجارديان" البريطانية مؤخرا عقده بعد 4 ساعات من تقديم رسم كاريكاتيري انتقد فيه ممارسات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، وصوره وهو يجري عملية جراحية على بطنه مع الخطوط العريضة لغزة، ليتعرض على إثرها لانتقادات واتهامات بأنه "معاد للسامية".

كذلك طُرد قاسم رعد، وهو مهاجر لبناني انتقل إلى ألمانيا بعد أن أنهى الصف التاسع في لبنان، من وظيفته في قناة Welt TV التابعة لشركة الإعلام الألمانية العملاقة "أكسل سبرينجر" (Axel Springer)، بعد بضعة أسابيع فقط من بداية تدريب مهني لمدة 3 سنوات في الشركة التي نشرت في 7 تشرين الأول/أكتوبر مقالا داخليا بعنوان "نحن نقف مع إسرائيل"، وهو ما دفع رعد إلى التشكيك في السياسات الداخلية المؤيدة لـ"إسرائيل"، ونشَرَ مقطع فيديو على الإنترنت يتعارض مع أجزاء من رواية جيش الاحتلال الإسرائيلي عن هجوم حماس.

ويأتي طرد رعد بإجراءات موجزة بعد حملة تشهير ضد الصحفيين العرب والفلسطينيين بألمانيا في السنوات الأخيرة، تعكس ما اضطلعت به الحكومة الألمانية  لفترة طويلة من قمع للأصوات المنتقدة لـ"إسرائيل"؛ من خلال السياسات الحكومية وسياسات الشركات التي تساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية وتنزع الشرعية عن انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين. واشتد القمع في الأسابيع القليلة الماضية؛ فقد حظرت الحكومة الألمانية معظم التجمعات التي تحتج على القصف الإسرائيلي لغزة، وهاجمت الشرطة المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع.

يبدو أن الصحف والمنظمات المؤيدة لـ"إسرائيل" وأعضاء الجماعات اليمينية المتطرفة يحددون الصحفيين العرب أو الفلسطينيين ويميزونهم في وسائل الإعلام الألمانية، ثم يبذلون جهودا كبيرة لتشويه سمعتهم تمهيدا لفصلهم، وينطوي هذا على حملات تشهير متعمدة تسلط الضوء بشكل انتقائي على سجلات الصحفيين المستهدفين، وتسيء تفسير الكلمات عمدا أو تخرجها من سياقها النقدي لاستحضار اتهامات بـ"معاداة السامية".

دفعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية واحدة من أشهر صحفييها؛ وهي جازمين هيوز، الكاتبة الحائزة على جوائز عديدة عن أعمالها، إلى تقديم استقالتها بعد توقيعها رسالة احتجاج نشرتها مجموعة تسمى "كُتّاب ضد الحرب على غزة".

بالنسبة لرعد، وصل هذا التحذير بعد وقت قصير من انضمامه إلى شركة أكسل سبرينجر التي تمتلك مؤسسات إعلامية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بيلد ودي فيلت الألمانيتان، والصحيفة الشعبية البولندية "فاكت"، وموقعا" إنسايدر" و"بوليتيكو" في الولايات المتحدة. وضمن ميثاقها، تحافظ على 5 "أساسيات": أولها "دعم الحرية وسيادة القانون والديمقراطية"، وثانيها "دعم الشعب اليهودي وحق وجود دولة إسرائيل"، وفي حالة رعد تجاهلت الشركة جميع الأساسيات الخاصة بها، واختارت دعم "إسرائيل" قبل أي شيء آخر.

ويحاول تكتيك جديد إسكات الصحفيين ليس بسبب تقاريرهم التي تركز على أوضاع الفلسطينيين الذين يتعرضون لقصف الطيران الإسرائيلي، ولكن بسبب الآراء التي نشروها  قبل سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ففي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أوقِف مراسل وكالة أسوشيتد برس في غزة عصام عدوان، بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي نشرها قبل أكثر من عام، وتعبر منشوراته المحذوفة الآن عن رأيه في الاحتلال الإسرائيلي، لكنها عُدَّت "تحريضية بشأن إسرائيل".

 

 تغطية حرب فلسطين بدون فلسطينيين

خلقت هذه الممارسات ثقافة خوف سائدة في كثير من غرف الأخبار، وقد اضْطَرت بعض الصحفيين الذين يخشون فقدان وظائفهم أو عدم تعيينهم أو ترقيتهم إلى اتخاذ الطريق الأسهل، ولا سيما بعد تعرضهم إلى سيل من الرسائل أو الانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو التهديدات بإنهاء التعاقد معهم بسبب تغطيتهم الأكثر توازنا، بينما اضطر آخرون إلى الاعتذار عن مواقفهم أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؛ كما فعلت رئيسة تحرير مجلة "هاربرز بازار أمريكا" سميرة نصر، ذات الأصول اللبنانية، التي كتبت على "إنستجرام": "قطع إسرائيل المياه والكهرباء عن غزة هو أكثر فعل لا إنساني شاهدته في حياتي"، فواجهت حملة شرسة لدرجة دفعتها إلى الاعتذار، وتكافح حاليا حتى لا تخسر وظيفتها.

تتجلى ثقافة الخوف هذه أيضا في اختيار وسائل الإعلام للصحفيين للتعليق على الأحداث الجارية في غزة؛ ففي الأسابيع الماضية، تحدث عدد من المعلقين ذوي الأصول الفلسطينية عن تهميشهم واستبعادهم عمدا من الظهور التلفزيوني أو عدم بث تعليقاتهم المسجلة مسبقا، ومنهم الناشطة والباحثة القانونية ومحامية حقوق الإنسان نورا عريقات، والكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الأمريكي يوسف منير من المركز العربي في واشنطن، والمحلل السياسي الفلسطيني الأمريكي عمر بدار.

وكثيرا ما يجد الصحفيون الفلسطينيون، وكذلك الصحفيون العرب والمسلمون بشكل عام، أن هذا التهميش يزداد حدة خلال فترات الصراع النشط في إسرائيل/فلسطين، يعتقد هؤلاء وغيرهم أنهم هُمِّشوا لأنهم يتحدون تغطية شبكات التلفزيون الأمريكية الرئيسية مثل "سي بي إس" و"سي إن إن"، التي تفضل خطوط الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، وتتعرض أيضا لضغوط من الأصوات المؤيدة لـ"إسرائيل".

في حين ظهر بعض الفلسطينيين على شبكات أمريكية رئيسية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، إلا أن تجارب عريقات ومنير وبدار هي جزء من تجربة وسائل الإعلام الأمريكية التي تعكس تاريخا طويلا من تهميش الأصوات الفلسطينية؛ فعلى الرغم من أن الصحف الأمريكية الكبرى استضافت الآلاف من مقالات الرأي حول "إسرائيل" وفلسطين على مدى 50 عاما، فإنه نادرًا ما كتب أيًّا منها فلسطينيون.

ووجدت مقالة في "مجلة +972" عام 2020 للمؤرخة والباحثة الفلسطينية مها نصار أنه منذ عام 1979 ثمّة 46 مقالة افتتاحية (أقل من 2%) فقط من أصل 2490 مقالة رأي في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تناقش فلسطين كتبها فلسطينيون، وفي صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، كان المتوسط 1% فقط، ومن ضمن ما يقرب من 500 مقالة تناقش الفلسطينيين على مدار 50 عاما، لم ير المحررون أن من الضروري الحصول على وجهة نظر فلسطيني واحد!

تجربة وسائل الإعلام الأمريكية تعكس تاريخا طويلا من تهميش الأصوات الفلسطينية
تجربة وسائل الإعلام الأمريكية تعكس تاريخا طويلا من تهميش الأصوات الفلسطينية. static.972mag.com

وتتواصل سياسة التهميش هذه حاليا داخل أروقة بعض الصحف الغربية الأكثر رواجا؛ فخلال الأسبوعين الأولين للحرب على غزة، نشرت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية 38 مقالة ومدونة صوتية وأسئلة وأجوبة بشأن الوضع في غزة، واحدة فقط من هذه المقالات كتبها فلسطيني، ويستعرض تحليل جاف وأكاديمي إلى حد ما لمواقف السلطة الفلسطينية من الأزمة الحالية، بينما معظم الكتّاب الذين عرضتهم المجلة خلال هذه الفترة هم أمريكيون، وكان هناك أيضا عدد من الإسرائيليين وعدد قليل من اللبنانيين والأمريكيين من أصول لبنانية.

وأبلغ بعض الصحفيين عن حالات مماثلة في عالم الصحافة المطبوعة؛ فقد كُلف المحامي الفلسطيني واليهودي الأمريكي ديلان سابا من قبل صحيفة "الجارديان" البريطانية بالكتابة عن الرقابة على الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، ليُبلغ في يوم النشر أن "جهة عليا لم يكشف عنها قررت عدم نشر مقالته"، بدعوى أنه "لا يلبي المعايير العالية للصحيفة"، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، نُشر مقال سابا في المجلة الأدبية "n+1"، مرفقا بملاحظة توضح أن صحيفة "الغارديان" حذفته.

 ويحاول تكتيك جديد إسكات الصحفيين ليس بسبب تقاريرهم التي تركز على أوضاع الفلسطينيين الذين يتعرضون لقصف الطيران الإسرائيلي، ولكن بسبب الآراء التي نشروها قبل سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي تطور لا يمكن وصفه إلا بأنه "مثير للسخرية السوداء"، أوقفت شبكة ""MSNBC الإخبارية الأمريكية برامج ثلاثة مذيعين مسلمين. وتحدثت تقارير عن أن مهدي حسن وأيمن محيي الدين وعلي فلشي، الذين يعدون من بين أبرز الأصوات الإسلامية في الصحافة الأمريكية، أُبعدوا بهدوء عن مقاعدهم أمام الكاميرا وسط موجة من التعاطف الأمريكي مع "إسرائيل"، ومع تراجع معدلات المشاهدة والغضب من التغطية المتحيزة للحرب بين "إسرائيل" وحماس، نفت الشبكة الإخبارية الأمريكية ذات الميول اليسارية تهميش المذيعين المسلمين.

يحدث كل هذا وسط تقارير تفيد بأن بعض شركات الإعلام الغربية تصدر تعليمات لموظفيها بعدم تقديم سياق للحرب الإسرائيلية على غزة أو حتى التقليل من أهمية الخسائر الفلسطينية، وكما ذكر موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، وجَّه موقع "أبداي" Upday -وهو أكبر تطبيق إخباري أوروبي مملوك لشركة النشر العملاقة "أكسيل سبرنجر"، وعرف باتخاذ منحى يعكس تحيز الإعلام الغربي على مدى سنوات- صحفييه للتقليل من شأن ضحايا فلسطين في تغطيته التي تقدم الرواية الإسرائيلية.

الصحفي المستقل آلان ماكلويد ينتقد ممارسات وسائل الإعلام الغربية لإسكات الأصوات الفلسطينية
الصحفي المستقل آلان ماكلويد ينتقد ممارسات وسائل الإعلام الغربية لإسكات الأصوات الفلسطينية.

ونظرا للبيئة العدائية التي خلقها المنتجون والمحررون، كان على الصحفيين الفلسطينيين محاولة الاستفادة إلى أقصى حد من وصولهم المحدود إلى المنصات الإعلامية الغربية للتشكيك في السردية التي تتبناها، ومن ثم تضخيم النقد على وسائل التواصل الاجتماعي.

استخدمت يارا عيد، وهي صحفية فلسطينية مقيمة في المملكة المتحدة، مقابلة مباشرة على قناة "سكاي نيوز" البريطانية للتنديد بالتضليل الذي تستخدمه وسائل الإعلام الغربية والمعايير المزدوجة والافتقار إلى السياق النقدي في تغطيتها للقصف الإسرائيلي على غزة.

 ومع ذلك، لا توفر وسائل التواصل الاجتماعي دائما مساحة آمنة لحرية التعبير، وبخلاف ما بات شائعا من قيود بإيقاف المنشورات المؤيدة لفلسطين وحجبها، بلغ الأمر ذروته في تحولها إلى أداة عقابية قد تفقد الصحفيين المتعاطفين مع فلسطين وظائفهم إلى الأبد؛ فمهما كان عدد السنوات التي قضوها داخل هذه المؤسسات، يظل احتمال استقبال رسالة قصيرة تفيد بإنهاء العلم احتمالا واردا  لمجرد إبداء رأي شخصي على وسائل التواصل الاجتماعي خارج مواعيد العمل الرسمية.

المزيد من المقالات

المحنة المزدوجة للصحفيين الفريلانسرز بغزة

لا يتوفرون على أي حماية، معرضون للقتل والمخاطر، يواجهون الاستهداف المباشر من الاحتلال، يبحثون عن حقوقهم في حدها الأدنى.. عن المحنة المزدوجة للصحفيين الفريلانسرز في غزة تروي الزميلة نور أبو ركبة قصة أربعة صحفيات وصحفيين مستقلين.

نور أبو ركبة نشرت في: 26 أغسطس, 2025
"لا أريدك صحفية يا ماما".. هل يملك صحفيو غزة ترف الغياب؟

هل يملك الصحفي الفلسطيني في غزة حرية "الغياب"؟ وكيف يوازن بين حياته المهنية والعائلية؟ وإلى أي مدى يمثل واجب التغطية مبررا لـ "التضحية" بالأسرة؟ هذه قصص ترويها الزميلة جنين الوادية عن تفاصيل إنسانية لا تظهر عادة على الشاشة.

جنين الوادية نشرت في: 24 أغسطس, 2025
اللغة تنحاز: كيف روت الصحافة السويدية حرب غزة؟

أظهرت نتائج تحقيق تحليلي أنجزته أنجزته صحيفة Dagens ETC على عينة ة من 7918 مادة خبرية منشورة في بعض المؤسسات الإعلامية السويدية انحيازا لغويا واصطلاحيا ممنهجا لصالح الروائية الإسرائيلية حول حرب الإبادة الجماعية المستمرة على غزة.

عبد اللطيف حاج محمد نشرت في: 19 أغسطس, 2025
الصحفي الفلسطيني كعدو "يجب قتله" في الإعلام الإسرائيلي

بعد اغتيال الصحفي أنس الشريف، ظهر الصحفي الفلسطيني في الإعلام الإسرائيلي كهدف عسكري مشروع ضمن إستراتيجية مصممة لإسكات شهود الحقيقة. يرصد هذا المقال جزءا من النقاشات في مؤسسات إعلامية عبرية تحرض وتبرر قتل الصحفيين في غزة.

Anas Abu Arqoub
أنس أبو عرقوب نشرت في: 14 أغسطس, 2025
تقاطعات الصحافة والعلوم الاجتماعية في الميدان

يمثل الميدان ذروة التقاطع بين الصحافة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، ومع تعقد الظواهر، يرتدي الصحفي في الكثير من الأحيان عباءة السوسيولوجي دون أن يتخلى عن جوهر المهنة في المساءلة والبحث عن الحقائق المضادة لكل أشكال السلطة. إن هذا "اللجوء" لأدوات ومعارف العلوم الاجتماعية، يحسن جودة التغطية ويؤطر القصص بسياقاتها الأساسية.

Mohammed Ahddad
محمد أحداد نشرت في: 10 أغسطس, 2025
فيليب ماير وولادة "صحافة الدقّة".. قصّة كتاب غيّر الصحافة الأمريكية

شهدت الصحافة منذ ستينيات القرن الماضي تحولًا نوعيًا في أساليبها وأدواتها، كان من رواده الصحفي والأكاديمي الأمريكي فيليب ماير، فيما عُرف لاحقًا بـ"صحافة الدقة". في هذا المقال، نعود إلى كتاب ماير الموسوم بالعنوان ذاته، والذي قدّم فيه دعوة جريئة لتبني أدوات البحث العلمي في العمل الصحفي، خاصة تلك المشتقة من حقل العلوم الاجتماعية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 3 أغسطس, 2025
رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة على جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للمعايير التحريرية ومواثيق الشرف المهنية.

Al Jazeera Journalism Review
مجلة الصحافة نشرت في: 31 يوليو, 2025
واشنطن بوست أو حين تصبح اللغة غطاء للانحياز إلى إسرائيل

كيف اختلفت التغطية الصحفية لواشنطن بوست لقصف الاحتلال لمستشفيات غزة واستهداف إيران لمستشفى إٍسرائيلي؟ ولماذا تحاول تأطير الضحايا الفلسطينيين ضمن "سياق عملياتي معقد؟ ومتى تصبح اللغة أداة انحياز إلى السردية الإسرائيلية؟

Said Al-Azri
سعيد العزري نشرت في: 30 يوليو, 2025
القصة الإنسانية في غزة.. الحيرة القاتلة "عمن نحكي"!

في سياق تتسارع فيه وتيرة الإبادة الجماعية، هل يتجاوز "إيقاع" الموت بغزة قدرة الصحفيين على معالجة القصص الإنسانية؟ وكيف يطلب منهم التأني في كتابة القصص في ظروف الجوع والنزوح والموت؟ وإلى أي حد يمكن أن يشكل التوثيق اللاحق للحرب قيمة صحفية في حفظ الذاكرة الجماعية وملاحقة الجناة؟

Mirvat Ouf
ميرفت عوف نشرت في: 28 يوليو, 2025
معركة أن يبقى الصحفي حيا في غزة

صحفيون جوعى يغطون أخبار التجويع في غزة، يتناولون الملح للبقاء أحياء، يبيعون وسائل عملهم لتوفير "كيس دقيق" لأبنائهم"، يتحللون من "خجل" أن يطلبوا الغذاء علنا، يقاومون أقسى بيئة إعلامية للحفاظ على "التغطية المستمرة"..

Mona Khodor
منى خضر نشرت في: 24 يوليو, 2025
المجتمع العربي والصحافة الاستقصائية.. جدلية الثقافة والسلطة والمهنة

عندما تلقت صحيفة بوسطن غلوب الأمريكية أول بلاغ عن تعرض طفل لانتهاك جنسي داخل إحدى الكنائس الكاثوليكية تجاهلت الصحيفة القصة في البداية، رغم تكرار البلاغات من ضحايا آخرين.

Musab Shawabkeh
مصعب الشوابكة نشرت في: 20 يوليو, 2025
الإعلام الرياضي في الجزائر.. هل أصبح منصة لنشر خطاب الكراهية؟

كيف انتقل خطاب الكراهية الرياضي في الجزائر من الشارع إلى مؤسسات الإعلام؟ وهل تكفي التشريعات القانونية للحد من تغذية الانقسام داخل المجتمع؟ وإلى أي مدى يمكن أن يلتزم الصحفيون بالموضوعية في ظل ضغوط شديدة من الجمهور؟ الصحفية فتيحة زماموش تحاور صحفيين رياضيين وأساتذة جامعيين، للبحث في جذور هذه الظاهرة.

فتيحة زماموش نشرت في: 15 يوليو, 2025
من "إعلان وفاة" إلى "مرثية".. "النعي" وقد أصبح نمطا صحفيا

أصبح النعي الإعلامي للشخصيات العامة المؤثرة نمطا/ جنسا صحفيا راسخا في الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية يتولاه كبار الصحفيين وأكثرهم خبرة ومعرفة. كيف تطورت هذه الممارسة وما أبرز سماتها المهنية؟ وإلى أي مدى يعتبر "تجهيز" النعي المسبق مقبولا من زاوية المعايير الأخلاقية؟

Mahfoud G. Fadili
المحفوظ فضيلي نشرت في: 13 يوليو, 2025
التحيّز بالحذف.. كيف تُفلتَر جرائم الاحتلال الإسرائيلي في وسائل إعلام غربية؟

لا تكتفي وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها للحرب على غزة بالانحياز في اختيار ما تنشر، بل تمارس شكلاً أعمق من التحيز: التحيز عبر الحذف. الشهادات تُقصى، والمجازر تُهمش، وتُعاد صياغة الرواية لتخدم سردية واحدة. في هذا المقال، يتناول الزميل محمد زيدان عمل "حرّاس البوابة" في غرف التحرير الغربية، ومساهمتهم المباشرة في تغييب الصوت الفلسطيني، وتثبيت الرواية الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 7 يوليو, 2025
عبء ترامب.. كيف تغطي وسائل الإعلام تصريحات الزعماء الكاذبة؟

لماذا يطلق ترامب تصريحات غير دقيقة؟ وهل تعتبر المؤسسات الإعلامية شريكة في التضليل إذا لم تتحقق منها؟ وكيف تصدت وسائل الإعلام خاصة الأمريكية لهذا الموضوع؟ وما الطريقة المثلى التي يجب أن تتبعها وسائل الإعلام في تغطيتها لتصريحات ترامب؟

Othman Kabashi
عثمان كباشي نشرت في: 5 يوليو, 2025
من رواند إلى فلسطين.. الإعلام شريكا في الإبادة الجماعية

يتزامن يوم 4 يوليو من كل سنة مع يوم التحرير في رواندا الذي يؤرخ لإنهاء حرب الإبادة الجماعية ضد التوتسي. يشرح المقال أسباب التجاهل الإعلامي للإبادة الجماعية وكيف أخفقت الصحافة في المساهمة في منع الإبادة الجماعية، كما يقدم رؤية نقدية عن إعادة إنتاج نفس الممارسات في تغطيتها لحرب الإبادة الجماعية على فلسطين.

Mohammed Ahddad
محمد أحداد نشرت في: 4 يوليو, 2025
تدريس الصحافة والعلوم الاجتماعية.. خصومة راسخة؟

في شمال الضفة الغربية، عاش طلبة الصحافة تجربة مختلفة مع "بدو الأغوار" لمدة ثلاثة أيام، جربوا فيها الاشتباك بالميدان في سياق ممارسة "الصحافة بالمجاورة" تحت إشراف الدكتور منير فاشة. خارج قاعات الدرس اختبر الطلبة أدوات قادمة من العلوم الاجتماعية رغم أن دراسات موثقة تبرز الخصومة الراسخة بين تدريس الصحافة في تقاطعها مع العلوم الاجتماعية والإنسانية.

سعيد أبو معلا نشرت في: 29 يونيو, 2025
حسن إصليح.. "وكالة الأنباء" وصوت المهمشين الذي قتله الاحتلال

لا يمثل اغتيال الصحفي حسن إصليح من طرف الاحتلال الإسرائيلي حالة معزولة، بل نمطا ممنهجا يستهدف الصحفيين الفلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية. تقدم رشيدة الحلبي في هذا البروفيل ملامح من سيرة إصليح الصحفي والإنسان.

رشيدة الحلبي نشرت في: 25 يونيو, 2025
إجابات كبيرة في أماكن صغيرة أو نقد تاريخ السلطة!

هناك تاريخ السلطة، وهناك تاريخ المجتمع. بين هذين الحدين، بحث عمار الشقيري عن إجابات كبيرة في قرية صغيرة في الأردن هي "شطنا" متقصيا عن الأسباب السوسيولوجية لهجرة سكانها إلى المدن الكبرى. بعد فحص المصادر التاريخية وإجراء المقابلات، سرد قرنا كاملا من تاريخ القرية بمنظور "التاريخ المصغر".

عمار الشقيري نشرت في: 22 يونيو, 2025
كيف يصوغ الإعلام الغربي كارثة المجاعة في قطاع غزة؟

هل يمكن لوسائل الإعلام أن تخضع موضوع المجاعة في فلسطين للتوازن المهني حتى بعد إقرار المنظمات الأممية ومحكمة العدل الدولية بذلك؟ لماذا تفادت الكثير من وسائل الإعلام الغربية توصيفات قانونية وأخلاقية دقيقة، مثل "مجاعة" (famine) أو "تجويع " (starvation) ولجأت إلى تعابير فضفاضة مثل "نفاد الغذاء" أو "أزمة تغذية؟ ألا تنطوي هذه الممارسة على تحيز واضح لصالح الرواية الإسرائيلية وتبرير لسياسة "التجويع الممنهجة"؟

Fidaa Al-Qudra
فداء القدرة نشرت في: 18 يونيو, 2025
أن تحكي قصص الأطفال من غزة!

تبدو تجربة الصحفية الفلسطينية ريما القطاوي مختلفة تماما في الاشتغال على القصص الإنسانية. في معهد الأمل بغزة التقت أطفال يعيشون ظروفا قاسية بعد فقدان عائلاتهم، ولم تخل التجربة من تحديات مهنية وأخلاقية. أين ينتهي التعاطف وأين تبدأ المهنة؟ وكيف يمكن التعامل مع الأطفال، وهل مقبول من الناحية الأخلاقية إجراء المقابلات معهم؟

Rima Al-Qatawi
ريما القطاوي نشرت في: 16 يونيو, 2025
المغرب.. الصحافة والمرحلة الانتقالية و"جيوب المقاومة"

"لقد أُجهِض الانتقال الإعلامي حزبيا، وانتصرت رؤية السياسي الذي يفضل الترافع والمفاوضة والمناورة خلف الأبواب المغلقة، عوض تمكين الإعلاميين من طرح القضايا الكبرى في الفضاء العام". من داخل جريدة الاتحاد الاشتراكي، عاش عمر لبشيريت تجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب، ليسرد لنا عن تشابك السلطة بالسياسة والإعلام.

عمر لبشيريت نشرت في: 10 يونيو, 2025
صحافة المواطن.. "الصوت الأخير" وسط الإبادة

كيف ساهم المواطنون الصحفيون بغزة في تغطية حرب الإبادة الجماعية؟ وما الذي دفعهم لدخول مجال الصحافة؟ وما هي التحديات المهنية التي يواجهونها؟ يقدم المقال قراءة في مسارات مواطنين صحفيين جاؤوا من مشارب أكاديمية مختلفة، وجدوا أنفسهم في مواجهة النسق الإبادي لـ "الجماعة الصحفية" في فلسطين.

فاطمة الزهراء زايدي نشرت في: 8 يونيو, 2025
من معسكرات البوسنة وشوراع كيغالي إلى مجازر غزة.. عن جدوى تغطية الصحفيين الأجانب للإبادات الجماعية

كيف غطّى الصحفيون الأجانب عمليات القتل في كل من البوسنة والهرسك ورواندا؟ هل ساهموا في إيصال الحقيقة وإحداث تأثير؟ هل كان دخول الصحفيين الأجانب إلى قطاع غزة سيغير من واقع الإبادة المستمرة؟ وهل كانت تغطياتهم للمجاعة والمجارز ستقدم إضافة للتغطية اليومية للصحفيين المحليين؟ لماذا يُنظر إلى تغطية الصحافة المحلية للحروب بأنها تغطية قاصرة مقارنة بالصحافة الغربية على الرغم من أنها تتكبد الخسائر والضحايا بشكل أكبر؟

Saber Halima
صابر حليمة نشرت في: 1 يونيو, 2025