"تسألني من أنا
أنا كل الناس الذين فكروا فيّ وخططوا لي وبنوني وجعلوني أركض
لذا فأنا بشر
أنا كل الأشياء التي أرادوا أن يكونوا عليها وربما لم يتمكنوا من أن يكونوا عليها؛
لذلك صنعوا طفلا عظيما
لعبة عجيبة لتمثيل تلك الأشياء"(1)
لم يتصور أحد أن قصة "أنا أغني الجسد الكهربائي" للكاتب "راي برادبري" التي نشرها عام 1969، متأملا الآلة التي تحاكي الحياة، ستصف بعد عقود جوهر العلاقة الجدلية بين الإنسان في الجنوب العالمي والعالم الافتراضي، حيث تختلط كل مشاعره وأفكاره وبياناته في وعاء أحلام وطموحات من اخترعوا مساحاته الافتراضية. هكذا تنال استعارة "برادبري" مصداقية في عالمنا، فلا تشبه الآلة المنصات الرقمية اليوم، بوصفها أدوات محايدة، ولكنها امتداد متقدم ومعقد للهيمنة.
قبل عشر سنوات، زار مارك زوكربيرغ قرية شانداوولي الهندية حاملا ما ظنه هديته لدول العالم النامي: تطبيق Free Basics الذي جرى تسويقه بوصفه نافذة خيرية تفتح أمام الملايين أبواب الشبكة العنكبوتية، ولكن ما بدا لمؤسس الفيسبوك مشروعا خيريا لم يكن بالنسبة للشعب الهندي سوى مشروع رقمي استعماري يُقيد حريته الرقمية(2) أطلق فيسبوك على التطبيق اسم "Internet.org"، ولكن بعد كشف مجموعة من الناشطين الهنود النقاب عن مخاطر التطبيق نظرا لمحدودية المواقع التي يمكن الولوج إليها، إضافة إلى هيمنة الفيسبوك الذي غير اسمه ليصبح "Free Basic". تصاعد النقاش بشأن التطبيق حتى وصل الاحتجاج عليه إلى الشوارع(3)، ما دفع هيئة تنظيم الاتصالات في الهند إلى حظر التطبيق بموجب قوانين حيادية الشبكة(4)، في خطوة للتأكيد على حق الناس في إنترنت غير مقيد.
قبل عشر سنوات، زار مارك زوكربيرغ قرية شانداوولي الهندية حاملا ما ظنه هديته لدول العالم النامي: تطبيق Free Basics الذي جرى تسويقه بوصفه نافذة خيرية تفتح أمام الملايين أبواب الشبكة العنكبوتية، ولكن ما بدا لمؤسس الفيسبوك مشروعا خيريا لم يكن بالنسبة للشعب الهندي سوى مشروع رقمي استعماري يُقيد حريته الرقمية.
أفرزت هذه المواجهة لاحقا نقاشات عميقة بشأن من يتحكم في حقوق الوصول إلى البيانات، وكيف أصبحت قدرة المجال الرقمي هي الحدود الجديدة للقوة. وبينما يتحدث البعض عن "حرية الإعلام"، يكشف الواقع أن السيطرة على المعلومات تتسع كلما سيطر الشمال العالمي على المؤسسات الإعلامية الكبرى والشركات التكنولوجية.
في هذا المشهد غير المتكافئ، هل يمكن للجنوب العالمي أن يطالب بنصيبه في القوة الرقمية، أم إننا أمام شكل جديد من أشكال الاستعمار حين يصبح التحكم في البيانات أشبه بسطوة الأمر الواقع للإمبريالية الرقمية؟
أمل الجنوب العالمي أم فخ استعماري جديد؟
عندما ظهرت أول منصة تواصل اجتماعي الفيسبوك 2004 (5)، رُحّب بها بوصفها ميدانا واعدا لحرية التعبير في العالم ومساحة تفاعلية يمكن للأصوات فيها أن تتجاوز الحدود. عام بعد آخر، ومع كل ظهور جديد لمنصة تواصل اجتماعي، يجري تقديم الوعد المغري لمستخدميها بسلطة رقمية مشتركة، حيث تتقارب قصص شعوب العالم وتجاربهم، ونشهد مسارات جديدة لمفهوم التواصل الاجتماعي. كل هذا التحول كان بارقة أمل بالنسبة لشعوب الجنوب العالمي، فثمة خيارات جديدة أمامهم تكسر سلطة الإعلام التقليدي واحتكاره لسردياتهم.
عاش الجنوب العالمي تجارب مدهشة كان لمنصات التواصل الاجتماعي دور مهم من خلال توظيفها أداةَ حشد وإخبار في الاحتجاج، كما حدث في ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، إلا أن هذا الأمل سرعان ما تلاشى حين أصبحت هذه المنصات جزءا من منظومة تمتلكها إمبراطوريات غير مرئية لا تسمع أصوات الجنوب العالمي إلا في قضايا محددة وتحت رحمة الخوارزميات التي تحلل وتتنبأ بسلوك المستخدمين من دون أي مساءلة.
عاش الجنوب العالمي تجارب مدهشة كان لمنصات التواصل الاجتماعي دور مهم من خلال توظيفها أداةَ حشد وإخبار في الاحتجاج، كما حدث في ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، إلا أن هذا الأمل سرعان ما تلاشى حين أصبحت هذه المنصات جزءا من منظومة تمتلكها إمبراطوريات غير مرئية.
"تريد وكالات التجسس الأمريكية قراءة مدوناتك، وتتبع تحديثاتك على تويتر، وحتى التحقق من مراجعات كتبك على أمازون.. هذا جزء من حركة أوسع نطاقا داخل أجهزة التجسس لتحسين استخدام المعلومات الاستخبارية مفتوحة المصدر".(6) هكذا عنونت مجلة WIRED الأمريكية كشفها الحصري في عام 2009 عن استثمار شركة In-Q-Tel التابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية في شركة Visible Technologies المتخصصة في مجال الرصد الاجتماعي عبر الإنترنت.
بحسب لويس شيبرد، وهو ضابط كبير سابق في مجال التكنولوجيا بوكالة استخبارات الدفاع، تعتمد وكالة الاستخبارات الأمريكية على الشركات التكنولوجية لمواكبة المشهد المتطور بسرعة في منصات التواصل الاجتماعي. وكثيرا ما يكافح ضباط الاستخبارات لتتبع الاتجاهات المتغيرة باستمرار على هذه المنصات في ظل التغير المتلاحق لتفضيلات مستخدمي الإنترنت الدوليين بشأن مواقعهم/ منصاتهم المفضلة.
يشير "شيبرد" إلى أنه مع وجود أكثر من 70% من مستخدمي فيسبوك خارج الولايات المتحدة وأكثر من 200 منصة تدوين غير ناطقة بالإنجليزية وغير أمريكية تشبه تويتر، فسيكون من الإهمال -حسب شيبرد- من جانب مجتمع الاستخبارات تجاهل هذا التدفق الهائل من المعلومات العالمية في وقتها الحقيقي.(7)
وعلى مدى العقد الماضي، أقامت شركة In-Q-Tel عددا من الاستثمارات العامة في الشركات المتخصصة في مسح مجموعات كبيرة من البيانات عبر الإنترنت، وضمت الاستثمارات 38 شركة لم يُكشَف عنها سابقا تتلقى تمويلا من رأس المال الاستثماري لوكالة الاستخبارات الأمريكية، وتُطور معظم هذه الشركات أدوات تنقيب في منصات التواصل الاجتماعي. كذلك فإن الشركات الأخرى المدعومة من In-Q-Tel تتبنى الآن هذه الممارسة علَنا(8).
تتطور هذه المنصات الرقمية، وسيتبع ذلك تغيّر بنيتها الوظيفية أيضا، فما عرفه الجنوب العالمي ذات يوم أنه فضاء بلا قيود، أصبح إمبراطورية شاسعة لا يحكمها التبادل العادل للأفكار والأصوات. في هذا السياق، نحن لسنا أمام عالم رقمي متساوٍ، وإنما أمام نمط جديد من أنماط الاستعمار تُستغل فيه المساحات الرقمية لتعزيز الذهنية الاستعمارية بتوسيع الفجوة بين الشمال والجنوب العالميين. وعليه، يجب استكشاف آثار القوة الرقمية؛ إذ إننا نُشحَذ بمعاني حرية التعبير وحقوق الإنسان، ولكن نادرا ما ننالها.
هكذا يتجلى الاستعمار الرقمي بهيمنة شركات التكنولوجيا الأمريكية على البرمجيات والأجهزة والبنية الأساسية للإنترنت، ولعل هذا الشكل الحديث من الاستعمار على الجنوب العالمي، بقيادة شركات مثل غوغل وأمازون، يحد من السيادة الرقمية ويعزز التفاوت العالمي(9).
الخوارزميات في خدمة القمع الرقمي
أحيت حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة النقاش بشأن إسكات الأصوات المتضامنة مع القضية الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي، وتتعرض هذه الأصوات للقمع الرقمي مع كل نقد لإسرائيل، خصوصا في دول الجنوب العالمي.
وأصبحت السردية الفلسطينية تتسلل بين خوارزميات الفضاء الرقمي بطرائق التفافية وتعبيرية مختلفة، واعتاد مواطنو الجنوب العالمي على الكتابة من دون نقاط، واستخدام رموز وتعبيرات مختلفة بوصفها صياغات مشفرة أمام تصيد الخوارزميات.
في ديسمبر/ كانون الأول 2024، أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير نشرته أن الرقابة على المحتوى المتعلق بفلسطين على إنستغرام وفيسبوك تشكل رقابة منهجية وعالمية. شركة ميتا، الشركة الأم المالكة لفيسبوك وإنستغرام، لديها سجل موثق من حملات القمع واسعة النطاق للمحتوى المتعلق بفلسطين(10).
في الوقت الذي كانت تتسع فيه الاحتجاجات على القوانين الزراعية الجائرة في الهند، فبراير/ شباط 2024، وجد المحتجون والمتضامنون أنفسهم محاصرين أيضا من منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ جرى تقييد الوصول إلى الأخبار المتعلقة باحتجاجاتهم، ولم يكن ذلك مجرد خطأ تقني وإنما سياسة قمع رقمي ممنهجة. لاحقا، اعترفت منصة إكس (تويتر سابقا) بحذفها للحسابات والمنشورات المتعلقة باحتجاجات المزارعين في الهند، وفي توضيحها، أفادت أن الحسابات والمنشورات حُجِبت في الهند وحدها "امتثالا لأوامر" من الحكومة الهندية(11).
ماكبرايد.. تلاشي طموح العدالة الإعلامية
في عام 1977، عقدت منظمة اليونسكو اجتماعا على مستوى اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلام، بهدف التحقق من أوجه عدم المساواة في تدفقات الاتصال والبنية الأساسية للإعلام أحادية الاتجاه التي أدانها مندوبو العالم الثالث. قررت المنظمة تشكيل لجنة لدراسة مشكلات الإعلام والتدفق غير العادل للاتصالات مكونة من ممثلي 15 دولة وبرئاسة شون ماكبرايد، وهو سياسي وصحفي ومناضل، شغل منصب وزير الخارجية الإيرلندي، ومن مؤسسي منظمة العفو الدولية.
وفي 1980، قدمت اللجنة تقريرها النهائي بعنوان "أصوات عديدة وعالم واحد: نحو نظام عالمي جديد وأكثر عدالة وكفاءة للمعلومات والاتصالات" (اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الاتصال 1980)، مرفِقةً أكثر من 80 توصية تتعلق بتوسيع الحرية المعلوماتية، وإنشاء نظام إعلامي عالمي متوازن وفعال يعتمد على الإمكانات العالمية في البحث والتدريب. حذَّر التقرير من التدفق غير العادل للمعلومات الذي من شأنه التمهيد لسيطرة القوى الكبرى على المجال الإعلامي وصهر الثقافات المحلية لشعوب العالم واستبدال ثقافة استهلاكية مهيمنة بها، ما يهدد حرية قطاع الإعلام والاتصال العالمي وديمقراطيته. وأشار التقرير إلى أن الاتصالات العالمية بين دول الجنوب العالمي شبه معدومة(12). ورغم الموافقة بالإجماع على تقرير اللجنة الذي قُدم في المؤتمر العام الحادي والعشرين لليونسكو في بلغراد، فإن المنظمة الدولية قررت لاحقا حل لجنة "ماكبرايد" بعد هجوم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإدانتهما لما ورد في التقرير، واعتبار ما ذكره التقرير هجوما على "حرية الصحافة"، وهو ما دفع المنظمة الدولية إلى إخلاء مسؤوليتها عما ورد في التقرير(13) منذ ذلك الحين، يدفع العالم ثمن التراجع أمام هيمنة القوى الاستعمارية على قطاع الإعلام والاتصال وصولا إلى هيمنة الولايات المتحدة على قطاع التكنولوجيا والمنصات الرقمية.
تكنولوجيا على أكتاف الجنوب
لا يتوقف الاستعمار الرقمي عند عمليات استخراج البيانات أو مراقبتها ولا عند قمع أصوات الجنوب العالمي، بل يمتد إلى أبعد من ذلك من خلال الاستغلال المستمر لموارد الجنوب العالمي؛ إذ يجري التعامل مع الجنوب العالمي بوصفه موردا للعمالة الرخيصة والمواد الخام الأساسية لدعم القوى التكنولوجية الأكثر ثراءً.
ولا يوجد مكان أكثر وضوحا من جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تزود العالم بأكثر من 70٪ من معدن الكوبالت، وهو عنصر أساسي لا غنى عنه لإنتاج البطاريات للسيارات والهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. وخلف سلسلة التوريد هذه تكمن حقيقة أكثر بشاعة تتعلق بعمالة الأطفال؛ إذ تقاضي 14 عائلة كونغولية الشركات الكبرى Apple وTesla وAlphabet وDell و Microsoftوتتهمها بالاستغلال الوحشي لعمالة الأطفال والتواطؤ في وفاتهم بعد أن أُجبروا على العمل في مناجم الكوبالت(14).
يروي الليثيوم أيضا قصة مماثلة؛ فهو مكون حيوي آخر للتكنولوجيا الحديثة، وتُعَدّ دول مثل تشيلي والأرجنتين وبوليفيا موطنا لبعض أكبر احتياطيات الليثيوم في العالم، ومع ذلك فإن أجور العمال الذين يعملون في هذه المناجم تظل جزءا ضئيلا مما يكسبه نظراؤهم في بلدان الشمال العالمي.
في تشيلي، يتقاضى عمال المناجم ما بين 1430 دولارا و3000 دولار شهريا، بينما تتراوح الرواتب في الأرجنتين بين 300 دولار و1800 دولار. في عام 2016، حددت بوليفيا الحد الأدنى للأجور الشهرية لعمال المناجم عند 250 دولارا فقط! بينما الحال ليس كذلك بالنسبة لعمال المناجم في أستراليا، وهي دولة تمتلك أيضا احتياطيات كبيرة من الليثيوم؛ إذ يكسب عمال المناجم فيها ما يصل إلى 9000 دولار شهريا، ويصل دخل بعضهم حتى 200 ألف دولار سنويا. تفضح هذه التفاوتات في الأجور التسلسل الهرمي العالمي الدائم الذي أنشأته القوى الاستعمارية في مقابل الظروف المرهقة والمخاطر التي يواجهها عمال المناجم في أمريكا اللاتينية.
أصبح الجنوب العالمي أرضا خصبة لشركات التكنولوجيا العملاقة التي تسعى إلى العمالة الرخيصة في المجال الرقمي. تقدم البلدان في مختلف أنحاء الجنوب قوى عاملة منخفضة التكلفة لشرح البيانات في مجال الذكاء الاصطناعي، وعمليات مراكز الاتصال، وإدارة المحتوى لمنصات مثل فيسبوك.
أصبح الجنوب العالمي أرضا خصبة لشركات التكنولوجيا العملاقة التي تسعى إلى العمالة الرخيصة في المجال الرقمي. تقدم البلدان في مختلف أنحاء الجنوب قوى عاملة منخفضة التكلفة لشرح البيانات في مجال الذكاء الاصطناعي، وعمليات مراكز الاتصال، وإدارة المحتوى لمنصات مثل فيسبوك. وفي هذه المغسلة الرقمية، يُكلف المشرفون على المحتوى بتنظيف منصات التواصل الاجتماعي من محتواها الأكثر ضررا؛ مثل مقاطع العنف والجرائم الدموية، والمواد الجنسية الصريحة، ما يترك العديد منهم مصابين بندوب عاطفية ونفسية، وقد لا يكسب المشرف على المحتوى في الهند، حتى بعد حصوله على زيادة في الراتب، أكثر من 3500 دولار سنويا -وهو تحسن عن المتوسط السابق البالغ 1400 دولار سنويا. يعكس استخراج المعادن الخام، والاستغلال المستمر لموارد الجنوب العالمي، ومعاملة العنصر البشري بوصفه موردا رخيصا، أشد معاني الاستغلال خدمةً لرأس مال الشمال العالمي(15).
هل يتحرر الجنوب من قبضة الشمال؟
رغم الهيمنة الرقمية التي تفرض نفسها، فلا يزال هناك أمل في قدرة الجنوب العالمي على مقاومة هذا الاستعمار الجديد، وبدأت العديد من الشركات في مجال التكنولوجيا الإعلامية بتطوير منصات تعتمد على التقنيات الحديثة لخدمة سرديات الجنوب؛ فتجربة مقاومة الرقابة الرقمية في دولة مثل الصين، وتطبيق TikTok رغم ما يحيط به من جدل ومخاوف، تبين لنا أنه يمكن بناء فضاء رقمي مستقل، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والقدرة التكنولوجية، وكذلك تطبيق wechat الصيني(16) الذي أصبح أكبر تطبيق جوال مستقل في العالم في عام 2018 مع أكثر من مليار مستخدم نشط شهريا(17).
رغم الهيمنة الرقمية التي تفرض نفسها، فلا يزال هناك أمل في قدرة الجنوب العالمي على مقاومة هذا الاستعمار الجديد، وبدأت العديد من الشركات في مجال التكنولوجيا الإعلامية بتطوير منصات تعتمد على التقنيات الحديثة لخدمة سرديات الجنوب.
أما في أفريقيا، فبدأت بعض الدول مثل نيجيريا وغانا وكينيا والسنغال في إنشاء منصات إعلامية رقمية محلية مثلPulse Africa. تعكس هذه التطبيقات(18) قدرة دول الجنوب على تقديم نماذج ناجحة اعتمادا على اهتمامات شعوبها وأولوياتهم بعيدا عن السيطرة الغربية.
هكذا يصبح الجنوب العالمي مرة أخرى محاصرا، ولكن هذه المرة خلف شاشات وأنظمة وفي فضاء يُفترض أنه حر ولكنه في السياق الجنوبي متروس بالحواجز. تختنق القصص والحقائق والثقافات في عالم رقمي لا نتجاوز فيه كوننا مستخدِمين ومُستخدَمين بجاذبية كل هذه المنصات التي تحكم حياتنا اليومية. ورغم متعة تجريب هذه المنصات، يظل شعور السيطرة على أفكارنا وثقافتنا وهويتنا من قوى لا نراها، يرسم حدودنا فيها. نحن نعلم هذه الحقيقة: أننا ما زلنا نصرخ في فضاء لم يكن يوما ملكا لنا.
المراجع
- Bradbury, R. (1969). I sing the body electric! Stories. Page 160.
- Bhatia, R. (2016, May 12). The inside story of Facebook’s biggest setback. The Guardian. Retrieved September 28, 2024, from https://www.theguardian.com/technology/2016/may/12/facebook-free-basics-india-zuckerberg
- Rai, S. (2016, January 9). In India, fierce opposition builds against Facebook’s free basics. Forbes. https://www.forbes.com/sites/saritharai/2016/01/04/in-india-fierce-opposition-builds-against-facebooks-free-basics/
- Jazeera, A. (2016, February 9). India blocks Facebook’s Free Basics App. Al Jazeera. Retrieved September 28, 2024, from https://www.aljazeera.com/economy/2016/2/9/india-blocks-facebooks-free-basics-app
- Meta. (2024). Company info. About.meta.com; Meta. Retrieved September 28, 2024, from https://about.meta.com/company-info/
- Shachtman, N. (2009, October 19). EXCLUSIVE: U.S. spies buy stake in firm that monitors blogs, tweets. WIRED. Retrieved September 28, 2024, from https://www.wired.com/2009/10/exclusive-us-spies-buy-stake-in-twitter-blog-monitoring-firm/
- المرجع السابق
- Fang, L., & Fang, L. (2016, April,14). The CIA is investing in firms that mine your tweets and Instagram photos. The Intercept. Retrieved September 26, 2024, from https://theintercept.com/2016/04/14/in-undisclosed-cia-investments-social-media-mining-looms-large/#:~:text=Photos%20%2D%20The%20Intercept-,The%20CIA%20Is%20Investing%20in%20Firms%20That%20Mine%20Your%20Tweets,tools%20to%20mine%20social%20media.
- Kwet, M. (2019). Digital colonialism: US empire and the new imperialism in the Global South. Race & Class, 60(4), 3-26. Retrieved September 28, 2024, from https://doi.org/10.1177/0306396818823172
- Younes, R. (2023 December 21). Meta’s broken promises. In Human Rights Watch. Retrieved September 24, 2024, from https://www.hrw.org/report/2023/12/21/metas-broken-promises/systemic-censorship-palestine-content-instagram-and
- Henry, B. N. (2024, February 22). India farmers’ protest: X admits to taking down posts and accounts. Retrieved September 24, 2024, https://www.bbc.com/news/world-asia-india-68366859
- WACC | The MacBride Report legacy and media democracy today. (n.d.). https://waccglobal.org/the-macbride-report-legacy-and-media-democracy-today/
- Wikipedia contributors. MacBride report. Wikipedia. Retrieved September 21, 2024, from https://en.wikipedia.org/wiki/MacBride_report
- (2019, December 17). Tesla, Apple among firms accused of aiding child labor in Congo. Arab News. Retrieved September 29, 2024, from https://www.arabnews.com/node/1600156/amp
- Transnational Institute. (2021, March 04). Digital colonialism: The evolution of US empire - Longreads. Longreads. Retrieved September 22, 2024, https://longreads.tni.org/digital-colonialism-the-evolution-of-us-empire
- https://www.wechat.com/
- https://en.wikipedia.org/wiki/WeChat
- https://pulse.africa/