"الانتقال الإعلامي" الموؤود في تونس

"الانتقال الإعلامي" الموؤود في تونس

في عام 1998، انتقد إدوي بلينل، مدير موقع ميديا بارت السابق، في مقال نشره موقع لوموند ديبلوماتيك، بعنوان "المحاكمة الجائرة للصحافة"، كتاب "كلاب الحراسة الجدد"(1) لسيرج حليمي، ورأى أنّه محاكمة أيديولوجية للمهنة.

 وقتئذ، تساءل الصحفي الفرنسي البارز: "هل يكفي أن يكون المرء في المعسكر الصحيح، ويدافع عن الأفكار الصحيحة، ويستمع إلى المفكرين "الصالحين"، ليؤدي هذه المهنة جيدا؟ بعبارة أخرى، في اليوم الذي تصبح فيه أفكار سيرج حليمي هي الأيديولوجيا السائدة، هل سيخرج عندئذ الصحفيون "كلاب الحراسة" من قفصهم؟"(2)

أعتقد أنّ هذه الأسئلة التي وجهها بلينل هي جوهر مشكلة الصحافة في تونس خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي؛ لأنّ مطالب الإصلاح والتغيير المنتظرة ارتبطت بأفكار أيديولوجية، ولم ترتبط بتأسيس صحافة قادرة على أداء أدوار مركزية لإنجاح المسار.

وهذا ليس حكما قطعيا على المسار الإعلامي ولا المسار الانتقالي الديمقراطي المتوقف حاليا في تونس، بل هو قراءة للواقع ؛ فلا يبدو أن هناك استعدادا لدى العاملين في هذا الحقل لمواجهة أي مشروع سياسي أو اقتصادي للسيطرة عليه، عدا بعض الاستثناءات التي حافظت على الحد الأدنى من وظيفتها، وممارسة الصحافة بصورة مهنية، خصوصا بعد 25 يوليو/ تموز 2021 (إعلان الرئيس قيس سعيد عن إجراءات استثنائية).

 تساءل الصحفي الفرنسي البارز إدوي بلينيل: "هل يكفي أن يكون المرء في المعسكر الصحيح، ويدافع عن الأفكار الصحيحة، ويستمع إلى المفكرين "الصالحين"، ليؤدي هذه المهنة جيدا؟ بعبارة أخرى، في اليوم الذي تصبح فيه أفكار سيرج حليمي هي الأيديولوجيا السائدة، هل سيخرج عندئذ الصحفيون "كلاب الحراسة" من قفصهم"؟

 

البحث عن القيمة المفقودة

يعد الإعلام الحر والمستقل ضمانة أساسية لإنجاح المسار الانتقالي نحو إرساء نظام ديمقراطي قائم على التعددية. في هذه العلاقة النسقية بين الانتقال السياسي والانتقال الإعلامي، هناك تقارب حذر بين الفاعل السياسي والصحفي، قد يمثل تهديدا وظيفيا إذا غاب عنصر الاستقلالية عن العمل الإعلامي وسيطرت الأجندة الأحادية على مساره؛ إذ تفقد بذلك الصحافة أدوارها التقليدية في الرقابة وتعزيز الوعي بالمواطنة والشفافية، والإخبار ونقل المضامين بصورة مهنية، وتصبح في خدمة الفاعل السياسي عوض أن تكون في خدمة الصالح العام.

والإعلام بحد ذاته أداة ديمقراطية، بوصفه مصدرا رئيسا للأخبار الموثوقة، وفضاءً للنقاش وتبادل المعلومات، كذلك يوفر مساحة لنقد السياسات، ويساعد المجتمعات على فهم الأحداث وما يجري حولها، عبر نشر المعلومات وتبسيطها.

وقد عكست تونس مثالا مهما في تجربتها الانتقالية والإعلامية، نظرا للوضع السياسي، الذي رغم عدم استقراره بوصفه ضامنا للنمو والاستقرار الفعليين في البلاد، فإنه لم ينحدر إلى ما وصلت إليه دول عربية أخرى من تناحر مسلح على السلطة.

لذلك كان الفضاء العام في البلاد خصبا لا لتحقيق انتقال سياسي ديمقراطي سلمي ضامن للحريات والعيش الكريم فحسب، ولكن لتكريس تجربة إعلامية رائدة.

رغم البداية المتعثرة، كانت الحرية العمود الأساسي للإعلام في تونس، وخلقت فرصا مهمة لإحداث وسائل إعلام قادرة على إنجاح المسار الانتقالي بأشكال مختلفة، وتحولها إلى فضاء للنقاش السياسي والمدني، وإشراك المواطنين في تحديد السياسات العامة والتعبير عن آرائهم.

حققت هذه التجارب انتشارا مهما مع بداية استعادة التونسيين للثقة فيها، بعد عقود من الانغلاق والاصطفاف، وغياب للحرية. ومع التعددية الكمية وتسهيل الحصول على رخص التأسيس، وحرص المنظمات المهنية على تحرير الإعلام من سلطة النظام، ظهرت بوادر لتطوير المجال، بالاستعانة بخبراء محليين وأجانب وتكثيف الدورات التدريبية وتحسين ظروف عمل الصحفيين.

وهكذا، رصدت تمويلات كبيرة للمشاريع الإعلامية والدورات التدريبية من جهات أغلبها أجنبية، من أجل تطوير العمل الصحفي بوصفه مهنة تخضع للاحتراف ضمن سياقه الجديد.

احتدمت المنافسة في استقطاب المعلقين على الأخبار في البرامج واستحواذها  على الظهور والشهرة والتحليل في كل شيء، خصوصا التي كان تمويلها مرتبطا ومرتهنا بطرف سياسي، وكان أفولها أيضا مرتبطا به مباشرة. كذلك شرعت أخرى الباب أمام اختصاص جديد هو بيع المستلزمات المنزلية..

وبعد أن شهدت الساحة خلال السنوات الأولى طفرة كمية في إصدار الصحف والتلفزيونات والإذاعات الخاصة والجمعياتية والمواقع الإخبارية، وجدت هذه المؤسسات نفسها أمام تحدي الاستمرارية. لم توفر وسائل الإعلام المنشأة الإمكانات المادية اللازمة للصحفيين لتعزيز الممارسة المهنية ولأن تكون سلطة وقوة مضادة، بل كان الصحفي هو الحلقة الأضعف، أمام المنافسة في استقطاب المعلقين على الأخبار في البرامج واستحواذ هذه الفئة على الظهور والشهرة والتحليل في كل شيء، خصوصا التي كان تمويلها مرتبطا ومرتهنا بطرف سياسي، وكان أفولها أيضا مرتبطا به مباشرة. كذلك شرعت أخرى الباب أمام اختصاص جديد هو بيع المستلزمات المنزلية، حتى إن التونسيين صاروا اليوم يسخرون منها ويتندرون عليها بوصفها بـ"إعلام الكاسارونات(3)" (les casseroles).

وباستثناء بعض التجارب الإعلامية الصامدة التي لا تزال تقدم مواد إعلامية تخدم الصالح العام، فإنّ تداعي أغلبها واصطفافها إلى جانب السلطة خلال السنوات الأخيرة، يؤكد فشل منظومات التدريب، والفاعلين السياسيين، وضعف التدريب الصحفي، بل وأظهرت أن وسائل الإعلام –ولا سيما العمومية منها- لا تزال غير قادرة على الاستجابة للتغيير.

يقول الباحث التونسي الصادق الحمامي في كتابه ديمقراطية مشهدية(4): "إن الحالة التي تعيشها الميديا (وسائل الإعلام) التونسية تُبين أن الحرية التي يتمتع بها الصحفيون لا تمثل الشرط الوحيد لقيام الصحافة الجيدة التي يطمح إليها الصحفيون أنفسهم والمواطنون كذلك، كما أن الحرية التي تضمنتها الأطر التشريعية والقانونية ليست كذلك الشرط الوحيد لقيام الصحافة الجيدة القادرة على أداء وظائفها في مجتمع ديمقراطي".  ويضيف أنّ "الصحافة هي أيضًا ممارسة ذات تكلفة عالية، وهي عملية جماعية وليست مغامرة فردية تحتاج إلى الشجاعة فقط، كما يمكن أن يروج لذلك، تصور رومانسي للصحافة".

من الواضح أنّ الصحافة التونسية، لم تكن، في الفترة التي تلت الثورة مباشرة، جاهزة للانتقال بسبب سنوات الاستبداد السابقة، وتكريس التوجه الأحادي والرقابة المسبقة على مضامينها[5]، وكانت لا تملك آليات الممارسة المهنية للصحافة، والقدرة على التعامل مع الكم الهائل من المعلومات وتحديد الأولويات والتحليل بعد سنوات من الانغلاق، ومن ثَمّ عجزت عن تثبيت الممارسة الصحفية بالشكل المرجو، وأهدرت فرصا لمراكمة التجربة والتحسين.

يقول العربي شويخة في كتابه: "وسائل الإعلام في تونس، التحول الصعب من الاستقلال إلى الانتخابات 2014"، إن "ما يجعل هذه المرحلة الانتقالية التونسية فريدة من نوعها، وفي الوقت نفسه يشكل أيضا مصدر هشاشتها، هو أنها لا يمكن أن تتطور بقطيعة تامة ولا رجعة فيها مع الممارسات والنماذج التي لطالما حكمت وسائل الإعلام في الماضي"(6).

ما يجعل هذه المرحلة الانتقالية التونسية فريدة من نوعها، وفي الوقت نفسه يشكل أيضا مصدر هشاشتها، هو أنها لا يمكن أن تتطور بقطيعة تامة ولا رجعة فيها مع الممارسات والنماذج التي لطالما حكمت وسائل الإعلام في الماضي.

ورغم ذلك، ساد تفاؤل حذر، ومبادرات لتعزيز المضامين الجادة ومواكبة التطورات المتسارعة، لم تنجح في أغلب الأحيان في تحقيق المعنى، وترسيخ قيمة المهنة؛ فـ"وسائل الإعلام كانت تزداد حضورا، والصحفيون يزدادون خضوعا، والمعلومات تزداد رداءة" كما ذكر حليمي في "كلاب الحراسة الجدد"(7).

 

فضاء إعلامي غير سليم

يشدد معظم الباحثين على دور الصحافة في خلق فضاء عام لتعزيز المشاركة وتمثيل مختلف الرؤى السياسية والمدنية في عملية الانتقال الديمقراطي ومساعدة الجمهور على اتخاذ قرارات متعلقة بالأحداث الكبرى مثل الانتخابات.

وقد كانت وسائل الإعلام التونسية حاضرة، بمختلف أشكالها لمواكبة التحولات التي عاشتها البلاد، خصوصا مع حل وزارة الاتصال ووكالة الاتصال الخارجي، إضافة إلى تسهيل إصدار تراخيص لإحداث وسائل إعلام جديدة، ما أسهم في خلق ديناميكية جديدة على الساحة الإعلامية بينما حاولت هياكل المهنة التصدي للتعيينات الفوقية في المؤسسات العمومية من دون التشاور معها، وكانت هذه المؤسسات ذاتها تشهد تخبطا أمام الضغط السياسي وغياب إرادة سياسية جدية للإصلاح.

لم يخلق الصحفيون، في هذه الفترة، فضاء عاما سليما لتبادل الأفكار والتنشئة السياسية، بل اتسمت الساحة بزخم الضيوف والمحللين والمتدخلين، من دون أن يوفر ذلك في معظم الأحيان "منتدى" للنقاش الحر بشأن الأفكار للخروج بحلول للأزمة.

يرى الباحثان سونيا ليفنغستون وبيتر لونت في دراسة لهما عن وسائل الإعلام والديمقراطية والفضاء العام، أن "هذا المنتدى التقليدي في الفضاء العام لا يعني فقط تعدد الأصوات في النقاش والاختلاف، بل أيضا قواعد النقاش التي يتم من خلالها معالجة الصراعات، وليس تفاديها، وتحليل الحجج بدلا من مجرد عرضها" (8). وهو ما كان مفقودا في معظم ممارسات الصحافة التونسية خلال فترة الانتقال غير المكتمل، وكانت على عكس ذلك فضاء للمعارك السياسية وأداة لما يسميه الحمامي "مشهدة السياسة".

ومع بداية الاستقطاب السياسي الذي بلغ أوجه عام 2013، عقب الاغتيال السياسي لشكري بلعيد في فبراير/ شباط 2013 ومحمد البراهمي في شهر يوليو/ تموز من العام نفسه، تعزز الانقسام السياسي والأيديولوجي والإعلامي.

وفق الباحث التونسي نور الدين الميلادي، فإنّ "فترة ما بعد الثورة شهدت توترات مستمرة بين مؤسسات الإعلام المؤثرة وحكومة تونس الأولى المنتخبة ديمقراطيا. يعود ذلك جزئيا إلى الفهم المتناقض لدور وسائل الإعلام في الديمقراطية الانتقالية ومحاولات التلاعب بوسائل الإعلام من قبل رجال الأعمال الأثرياء واللوبيات الأيديولوجية"(9).

خلال الورقة البحثية التي قدمتها ضمن زمالة الجزيرة عام 2019 بشأن دور الإعلام في الانتقال الديمقراطي، خلصت إلى أنّ المحاولات السياسية للسيطرة على أجندة الأخبار، واستغلال كل طرف سياسي لهشاشة الوضع الذي يعيشه الإعلام في تونس، مع تشــتت الهيــاكل القائمــة علــى القطاع، وضعف الاستعداد المهني، جعلت من عملية الإصلاح عسيرة وغير قابلة للتطويـع علـى أرض الواقـع في ذلك الوقت.
 

الصحافة والانتقال الديمقراطي.. القطيعة

عاشت تونس عدة أزمات وأحداث كان الانتقال منها عسيرا، على غرار العمليات الإرهابية التي غطتها وسائل الإعلام من دون خبرة سابقة، وكان المحللون يسدون فراغ الممارسة الإعلامية الجادة، بآراء كانت في معظمها تخدم مصالح أطراف سياسية وحزبية، وتسعى لتشكيل الرأي العام عبر التضليل الإعلامي، واعتماد مصادر غير موثوقة، وشيطنة أطراف دون أخرى.

وقامت بعض البرامج أساسا على الإثارة، (توك شو) ودعوة أشخاص من خلفيات مختلفة ومتضادة بغية رفع نسب المشاهدة، وهو ما قوض مصداقية العديد من الصحفيين وأحدث القطيعة بين الجمهور ووسائل الإعلام.

وفق مارك لينش، دمرت وسائل الإعلام عملية التحول الديمقراطي بعد الربيع العربي وأفسدتها. ويعتقد الباحث وأستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن أن ذلك يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسة: الاستحواذ السياسي، وتسويق الخوف، والاستقطاب(10).
ففي تونس، بحسب لينش، كادت عملية الانتقال أن تنهار في منتصف عام 2013 وسط "حالة من الهستيريا السياسية التي غذّتها وسائل الإعلام"(11).

تواصل هذا الانقسام بعد الحوار الوطني والانتخابات التي عرفتها البلاد عام 2014؛ إذ كان الاستقطاب السياسي في أوجه بين حركة النهضة ونداء تونس، مسنودا بوسائل إعلام ذات توجهات مفضوحة لهذا الطرف أو ذاك.

حتى عام 2019، كان الوضع تقريبا على الوتيرة نفسها: تعددية كمية من دون تحسين واضح في المضامين، وتفوق برامج الإثارة في نسب المشاهدة، وتزايد انعدام الثقة والغضب الشعبي والانقسام السياسي، الذي مهد لتخلي الإعلام عن وظائفه والعودة إلى خدمة التوجه السياسي الذي فرضه الرئيس الحالي قيس سعيد.

يرى لينش أنّ فشل إصلاح الإعلام العمومي، والخوف الناجم عن عدم اليقين المؤسسي، والصراعات بشأن الهوية وهياكل السلطة في الدول التي شهدت انتقالا سياسيا خلال الربيع العربي، كانت "ضمن بيئة إعلامية حزبية منقسمة ساعدت على دفع الاستقطاب الاجتماعي والإحباط السياسي. وكان من المحتمل جدا أن تكون النتيجة هي عودة الاستبداد أو فشل الدولة كليا"(12).

خلال الورقة البحثية التي قدمتها ضمن زمالة الجزيرة عام 2019 بشأن دور الإعلام في الانتقال الديمقراطي، وتحديدا دراسة التلفزيون العمومي (13)، خلصت إلى أنّ المحاولات السياسية للسيطرة على أجندة الأخبار، واستغلال كل طرف سياسي لهشاشة الوضع الذي يعيشه الإعلام في تونس، مع تشــتت الهيــاكل القائمــة علــى القطاع، وضعف الاستعداد المهني، جعلت من عملية الإصلاح عسيرة وغير قابلة للتطويـع علـى أرض الواقـع في ذلك الوقت.
وكانت المخاوف جلية من خطورة العودة بغرفة أخبار التلفزيون العمومي إلى ما قبل الثورة، ضمن توجه أحادي يخدم السلطة القائمة.
بعد 25 يوليو / تموز 2021، وإعلان الرئيس قيس سعيّد عن إجراءاته الاستثنائية وسيطرته على الحكم في تونس، عاد الإعلام العمومي إلى أدواره القديمة، كما كان متوقعا، حارسَ بوابة للنظام القائم، وتخلى عن وظائفه بوصفه سلطة مضادة، وساحة للنقاش العام وأداة للديمقراطية. مثلت أنشطة الرئيس الأجندة الأساسية، واستأثر السياسيون والمحللون المساندون له بالحضور في التلفزيون والإذاعة، بينما غيبت المعارضة.
كذلك فقد القطاع الخاص، أدواره، خصوصا مع إصدار المرسوم 54 لعام 2022، الذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال (14)، الذي استهدف ناشطين وصحفيين ومعارضين، علاوة على القرار القضائي المتعلق بمنع التداول في قضية التآمر على أمن الدولة، التي رأى فيها صحفيون وحقوقيون تأسيسا لتقييد الحريات (15) في البلاد ومحاولة للتخويف والسيطرة على القطاع.

كان ينظر للصحافة تاريخيا بأنها سلطة رابعة، تراقب السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وتعزز استقلاليتها ومهنيتها المساءلة والمحاسبة وكشف الفساد، ولكن خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي عكست وسائل الإعلام في تونس مظاهر الانقسام الأيديولوجي والسياسي ولم تطرح مناخا لإنجاحه في مختف مراحله.
رغم ذلك، ثمة رأي يعتقد أن الصحافة رغم التقييد والتحديات التي تواجهها، لم تتخلّ عن كونها سلطة رابعة، مع وجود صحفيين يؤدون أدوارهم بمهنية عالية، بينما يرى تصور آخر أنّ الصحافة قد تتحول إلى طابور خامس (16)، خصوصا إذا حاول السياسيون تبرير تقييد حريتها تحت مسميات عدة؛ مثل سعيها إلى التحريض على العنف أو محاولة زعزعة النظام، لتصبح من ثَمّ تهديدا للديمقراطية في حد ذاتها عوض دعم ركائزها، فـ"كما تسير الصحافة، تسير الديمقراطية"(17).


المراجع 

 

  1.  كلاب الحراسة الجدد " The New Watchdogs"، كتاب نشره الصحفي سيرج حليمي، وهو مستوحى من كتاب صدر عام 1932 باسم كلاب الحراسة "Watchdogs" لبول نيزان. ولئن انتقد نيزان الفلاسفة والمفكرين معتبرا أنهم يخدمون النظام القائم، يسلط حليمي الضوء على خضوع وسائل الإعلام الكبرى، للقوى الرأسمالية وجماعات الضغط.
  2. Plenel, Edwy. "Le Faux Procès du Journalisme." Le Monde diplomatique, février 1998, 26. Consulté le 11 février 2025. https://www.monde-diplomatique.fr/1998/02/PLENEL/3546.
  3. عبارة فرانكوآراب تستخدم في دول المغرب الكبير للدلالة على القدر ذو المقبض الثابت، الذي يستخدم عادة لتغلية الحليب.
  4. الحمامي، الصادق. ديمقراطية مشهدية: الميديا والاتصال والسياسة في تونس. صفاقس، تونس: دار محمد علي، 2022.
  5. اليونسكو. دراسة حول تطور وسائل الإعلام والاتصال بتونس. باريس: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، 2012. تم الوصول في 11 فبراير 2025. https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000219222_ara.
  6. Chouikha, Larbi. "Des séquelles de l’étatisation aux aléas de la transition. La difficile transformation des médias. Des années de l’indépendance à la veille des élections de 2014." Communication 33, no. 2 (2015). Consulté le 11 février 2025. https://journals.openedition.org/communication/5935.
  7.  Nouvelle édition, actualisée et augmentée. Paris: Raisons d’Agir, 2005. Consulté le 11 février 2025. https://www.babelio.com/livres/Halimi-Les-nouveaux-chiens-de-garde/12314.
  8. ¹ Sonia Livingstone and Peter Lunt, "The Mass Media, Democracy," in Talk on Television: Audience Participation and Public Debate, ed. Sonia Livingstone and Peter Lunt (London: Routledge, 1994), 9–35, consulted on 11 February 2025, https://eprints.lse.ac.uk/48964/1/Amended%20_Livingstone_Mass_media_democaracy.pdf.
  9. Miladi, Noureddine. "Tunisia: The Transformative Media Landscape after the Revolution." In Arab Media Systems, edited by Carola Richter, Claudia Kozman, and Abdallah Schleifer, 267–284. Cambridge, UK: Open Book Publishers, 2021. Consulted on 11 February 2025. https://www.openbookpublishers.com/books/10.11647/obp.0238/chapters/10.11647/obp.0238.16.
  10. Lynch, Marc. "After the Arab Spring." Journal of Democracy 26, no. 4 (October 2015): 91–99. Consulted on 11 February 2025. https://www.journalofdemocracy.org/wp-content/uploads/2015/10/Lynch-26-4.pdf.
  11. المصدر السابق نفسه.
  12. المصدر السابق نفسه.
  13. غربي، عائشة. الإعلام العمومي والانتقال الديمقراطي: التلفزيون التونسي (دراسة حالة). ورقة بحثية، معهد الجزيرة، زمالة الجزيرة، 2019. تم الوصول في 11 فبراير 2025. https://institute.aljazeera.net/sites/default/files/2019/عائشة%20غربي.pdf.
  14. تونس. المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022، المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. منشور على موقع DCAF، 13 سبتمبر 2022. تم الوصول في 11 فبراير 2025. https://legislation-securite.tn/ar/latest-laws/مرسوم-عدد-54-لسنة-2022-مؤرخ-في-13-سبتمبر-2022-يتعلق/.
  15. المرزوقي، كريم. "منع التداول الإعلامي في قضيتيْ التآمر: تأسيس لسياسة التعتيم وتقييد للحريات." المفكرة القانونية، 22 يونيو 2023. تم الوصول في 11 فبراير 2025. https://legal-agenda.com/منع-التداول-الإعلامي-في-قضيتيْ-التآمر/.
  16. Hutchison, Marc L., Salvatore Schiano, and Jenifer Whitten-Woodring. "When the Fourth Estate Becomes a Fifth Column: The Effect of Media Freedom and Social Intolerance on Civil Conflict." The International Journal of Press/Politics 21, no. 2 (April 2016). Accessed February 11, 2025. https://doi.org/10.1177/1940161216632362.
  17. Moyers, Bill. "Is the Fourth Estate a Fifth Column? Corporate Media Colludes with Democracy’s Demise." In These Times, July 11, 2008. Accessed February 11, 2025. https://inthesetimes.com/article/is-the-fourth-estate-a-fifth-column.

More Articles

In The Cross Fire: The Perils of Rural Journalism in India's Conflict Zones

In India’s conflict-ridden regions like Bastar and Manipur, local journalists—especially freelancers and women—risk their lives daily to report on corruption, displacement, and state violence, often without institutional support or protection. Their work, largely invisible to national media, exposes a stark reality where telling the truth can cost them everything, even their lives.

Quratulain Rehbar
Quratulain Rehbar Published on: 10 Apr, 2025
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 3 Apr, 2025
How Media Drives Collective Adaptation During Natural Disasters in Oman

This paper highlights how Omani media, during times of natural disasters, focused on praising government efforts to improve its image, while neglecting the voices of victims and those affected by the cyclones. It also examines the media’s role in warning against and preventing future disasters.

Shaimaa Al-Eisai
Shaimaa Al-Eisai Published on: 31 Mar, 2025
Is India Targeting Independent Media Through Tax Status Revocation?

In a move that’s sent shockwaves through India’s independent media landscape, tax authorities have revoked The Reporters’ Collective's non—profit status, claiming journalism doesn’t serve a “public purpose.” Critics warn this unprecedented action, echoed in similar crackdowns on other outlets, is part of a broader campaign to throttle investigative journalism and stifle dissent financially.

Bilal Kuchay
Bilal Kuchay Published on: 27 Mar, 2025
Western Media Bias and Complicity with Israel is Beyond Borders

Once again, Western media framed civilians within the context of "collateral damage" while covering Israeli attacks on Syria. The language of international law was absent, and the tragedy of civilians affected by military strikes was completely obscured, while justifications and cover for the occupation prevailed under the banner of "maintaining national security."

Zainab Afifa
Zainab Afifa Published on: 23 Mar, 2025
Rise and Fall of Kashmir’s First Independent Magazine, Kashmir Walla

Jailed, silenced, and erased—how a fearless journalist built Kashmir’s most vital independent news platform, only to see it brutally shut down by the state. The Kashmir Walla, known for its bold coverage of politics, conflict, and human rights, became too powerful to ignore—so they ensured it disappeared.

Safina
Safina Nabi Published on: 15 Mar, 2025
Misinformation in Syria: Natural Chaos or Organised Campaign?

Old videos inciting “sectarian strife,” statements taken out of context attacking Christians, scenes of heavy weaponry clashes in other countries, fabricated stories of fictitious detainees, and a huge amount of fake news that accompanied the fall of Bashar al-Assad’s regime: Is it the natural chaos of transition or a systematic campaign?

Farhat Khedr
Farhat Khedr Published on: 11 Mar, 2025
The Sharp Contrast: How Israeli and Western Media Cover the War on Gaza

Despite being directly governed by Israeli policies, some Israeli media outlets critically report on their government’s actions and use accurate terminology, whereas Western media has shown complete bias, failing to be impartial in its coverage of Israel’s aggression in Gaza.

Faras Ghani Published on: 5 Mar, 2025
Journalists in DR Congo Face New Threats, Censorship in a Decades-long Conflict

Countless journalists have been arbitrarily arrested, kidnapped or have disappeared in the fog of the protracted war tearing the eastern Democratic Republic of Congo apart. The renewed M23 offensive augurs a more uncertain future for these ‘soldiers of the pen’.

Nalova Akua
Nalova Akua Published on: 3 Mar, 2025
International Media Seek Gaza Access; What Do Palestinian Journalists Say?

As international media push for access to Gaza, Palestinian journalists—who have been the primary voices on the ground—criticize their Western counterparts for failing to acknowledge their contributions, amplify their reports, or support them as they risk their lives to document the war. They face systemic bias and exploitation, and continue to work under extreme conditions without proper recognition or support.

NILOFAR ABSAR
Nilofar Absar Published on: 26 Feb, 2025
Journalism and Artificial Intelligence: Who Controls the Narrative?

How did the conversation about using artificial intelligence in journalism become merely a "trend"? And can we say that much of the media discourse on AI’s potential remains broad and speculative rather than a tangible reality in newsrooms?

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 23 Feb, 2025
The Whispers of Resistance in Assad’s Reign

For more than a decade of the Syrian revolution, the former regime has employed various forms of intimidation against journalists—killing, interrogations, and forced displacement—all for a single purpose: silencing their voices. Mawadda Bahah hid behind pseudonyms and shifted her focus to environmental issues after a "brief session" at the Kafar Soussa branch of Syria’s intelligence agency.

Mawadah Bahah
Mawadah Bahah Published on: 18 Feb, 2025
Culture of silence: Journalism and mental health problems in Africa

The revealing yet underreported impact of mental health on African journalists is far-reaching. Many of them lack medical insurance, support, and counselling while covering sensitive topics or residing in conflicting, violent war zones, with some even considering suicide.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 13 Feb, 2025
Will Meta Become a Platform for Disinformation and Conspiracy Theories?

Meta’s decision to abandon third-party fact-checking in favor of Community Notes aligns with Donald Trump’s long-standing criticisms of media scrutiny, raising concerns that the platform will fuel disinformation, conspiracy theories, and political polarization. With support from Elon Musk’s X, major social media platforms now lean toward a "Trumpian" stance, potentially weakening global fact-checking efforts and reshaping the online information landscape.

Arwa Kooli
Arwa Kooli Published on: 5 Feb, 2025
Charged with Being a Journalist in Sudan

Between the barricades of the conflicting parties, sometimes displaced, and sometimes hiding from bullets, journalist Iman Kamal El-Din lived the experience of armed conflict in Sudan and conveyed to Al-Sahafa magazine the concerns and challenges of field coverage in a time of deception and targeting of journalists.

Iman Kamal El-Din is a Sudanese journalist and writer
Eman Kamal El-Din Published on: 2 Feb, 2025
Sports Photojournalism in Cameroon: A Craft at Risk in the Digital Age

Sports photojournalists in Cameroon face growing challenges, from the rise of mobile photography and content creators to financial struggles, piracy, and a widespread expectation for free images. Despite these obstacles, professionals emphasise the need for innovation, investment in training, and greater respect for their craft to ensure the survival of photojournalism in a rapidly evolving digital landscape.

Akem
Akem Nkwain Published on: 30 Jan, 2025
The Occupation’s War on Journalism in the West Bank

Every day here is a turning point; every moment, every step outside the house could mean returning safely—or not. A journalist may be injured or arrested at any time.” This statement by journalist Khaled Bdeir succinctly captures the harsh reality of practicing journalism in the West Bank, particularly after October 7.

Hoda Abu Hashem
Hoda Abu Hashem Published on: 26 Jan, 2025
From Journalism to Agriculture or “Forced Unemployment” for Sudanese Journalists

How did the war in Sudan push dozens of journalists to change their professions in search of a decent life? In this article, colleague Muhammad Shaarawi recounts the journey of journalists who were forced by war conditions to work in agriculture, selling vegetables, and other professions.

Shaarawy Mohammed
Shaarawy Mohammed Published on: 23 Jan, 2025
October 7: The Battle for Narratives and the Forgotten Roots of Palestine

What is the difference between October 6th and October 7th? How did the media distort the historical context and mislead the public? Why did some Arab media strip the genocidal war from its roots? Is there an agenda behind highlighting the Israel-Hamas duality in news coverage?

Said El Hajji
Said El Hajji Published on: 21 Jan, 2025
Challenges of Unequal Data Flow on Southern Narratives

The digital revolution has widened the gap between the Global South and the North. Beyond theories that attribute this disparity to the North's technological dominance, the article explores how national and local policies in the South shape and influence its narratives.

Hassan Obeid
Hassan Obeid Published on: 14 Jan, 2025
Sound of Change: How Podcasting is Changing Journalism in India

India’s podcasting scene is on the rise, driven by affordable internet and changing content habits, yet still faces challenges like limited monetisation and urban-focused reach. Despite these hurdles, independent creators are using the medium to amplify grassroots narratives, shaping a more inclusive media landscape.

Hanan Zaffa
Hanan Zaffar, Jyoti Thakur Published on: 9 Jan, 2025
I Resigned from CNN Over its Pro-Israel Bias

  Developing as a young journalist without jeopardizing your morals has become incredibly difficult.

Ana Maria Monjardino
Ana Maria Monjardino Published on: 2 Jan, 2025
Digital Colonialism: The Global South Facing Closed Screens

After the independence of the Maghreb countries, the old resistance fighters used to say that "colonialism left through the door only to return through the window," and now it is returning in new forms of dominance through the window of digital colonialism. This control is evident in the acquisition of major technological and media companies, while the South is still looking for an alternative.

Ahmad Radwan
Ahmad Radwan Published on: 31 Dec, 2024
Fake Accounts with Arab Faces: "A Well-Organized Cyber Army"

Israel has launched a digital war against Palestinians by flooding social media with fake accounts designed to spread disinformation, distort narratives, and demonize Palestinian resistance. These accounts, often impersonating Arabs and mimicking regional dialects, aim to create fake public opinion, promote division among Arab nations, and advance the Israeli agenda in the digital space.

Linda Shalash
Linda Shalash Published on: 29 Dec, 2024