الذكاء الاصطناعي "المسلح".. "ضيف" ثقيل على منصات التدقيق

استمع إلى المقالة

خيّم ظلام الحرب غير المسبوقة نطاقا وشدة على المشهد في قطاع غزة، الذي ترافق مع نشر متعمّد لمعلومات مضللة، ومشاركة غير مقصودة لمعلومات مغلوطة، عبر الفضاء الرقمي، وعلى ألسنة القادة السياسيين والعسكريين للاحتلال الإسرائيلي، ليضع العالم كله في مواجهة وابل من الأكاذيب ومحاولات غسل الأدمغة.

على مدار تسعة أشهر ونيف، اجتاحت مئات الصور والقصص والأخبار والمعلومات المزيفة، مواقعَ التواصل، واكتسبت انتشارا عالميا؛ تبعا للمتابعة الواسعة لمجريات الإبادة، التي شنها الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي، عقب هجوم "طوفان الأقصى" الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة.

معلومات مضللة انتشرت كالنار في الهشيم، ووقعت في شراكها المؤسسات والوكالات الإعلامية، وتداولها الصحفيون والناشطون. مثلا، الرئيس الأميركي جو بايدن زعم أنه رأى صور الرضع مقطوعي الرأس بنفسه، بعد أن اتهم مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقاتلي حماس بقطع رؤوس 40 رضيعا إسرائيليا. لم يكن النفي الفلسطيني كافيا لدحض تلك المعلومة المضللة، ولم تنجح منصات تدقيق المعلومات في الحد من آثار انتشارها على الرأي العام الدولي، حتى وإن لم يقدم الاحتلال الإسرائيلي ما يدعم صحة مزاعمه، رغم تراجع البيت الأبيض عن التصريح ونفي رؤية أي صور.

نماذج كثيرة من الحرب على غزة، مصدرها الصحافة الإسرائيلية والأجنبية الموالية لها، وبدرجة أقل بكثير، حسابات داعمة لمظلومية الفلسطينيين في غزة. تؤطر الأولى لمصطلح درج الحديث عنه في الآونة الأخيرة، وهو "حرب التضليل"، وهي معركة تُخاض -جنبا إلى جنب- مع المعارك الميدانية، وتؤدي دورا رئيسا ومُهِمًّا في المعركة الكبرى، إلا أنها تستهدف -بشكل منظم ومتعمد- الوعي والسردية والرواية التي تحدد الضحية من المعتدي. ولعل من أدواتها نشر الروايات الكاذبة، وإزالة المحتوى من سياقه الأصلي، والتلاعب والتزييف، بينما تُحيل الثانية إلى الاستخدام المغلوط غير المقصود للمعلومات.

رصدت منصات التدقيق مئات الادعاءات المرتبطة بأحداث الحرب، بيد أن عددا منها لم ينتهج الأساليب والأدوات التقليدية كما هو معهود خلال الاعتداءات الإسرائيلية السابقة على القطاع، فدشنت حرب الإبادة الإسرائيلية مرحلة جديدة من التضليل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

في الصحافة، كان النقاش بشأن الذكاء الاصطناعي في سياق مستقبل المهنة، وما إذا كان سيحل محل الصحفيين، أو سيكون مساعدا لهم في تجويد الممارسة. في الواقع، تكتسب أدوات الذكاء الاصطناعي شعبية في غرف الأخبار يوما بعد يوم، بسبب اتساع إمكاناتها، بما في ذلك البحث عن البيانات واستخراجها والتحقق منها. لكن على الطرف الآخر، تتزايد تهديدات الذكاء الاصطناعي من خلال الاستخدام المناقض للدقة والموضوعية، التي هي أساس العمل الصحفي؛ إذ رُصد استخدام متنامٍ لتلك التقنيات في تزييف الواقع وبث المعلومات المضللة خلال أزمات سابقة شهدها العالم، وحتى في الأحوال الطبيعية.

هذا الواقع يضع العالم وجها لوجه مع أبرز مخاوف استخدام الذكاء الاصطناعي، وهي قدرته على التزييف، وإمكاناته الكبيرة في الإقناع والتأثير. لقد أصبح ذلك يؤرّق حتى العاملين في مجال تدقيق المعلومات ومحاربة الأخبار المضللة؛ إذ جعل العالم أكثر التباسا، ومع وجود مثل هذه التقنيات لم يعد بمقدرتنا أن نثق فيما يُقدَّم لنا من أخبار، خصوصا بعدما امتلأت وسائل الإعلام بتكهنات غير مؤكدة وأخبار زائفة ومختلقة. 

التضليل الذي عرفته الحرب على غزة يضع العالم وجها لوجه مع أبرز مخاوف استخدام الذكاء الاصطناعي، وهي قدرته على التزييف، وإمكاناته الكبيرة في الإقناع والتأثير.

مثلا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرسم صورة جميلة للطبيعة، فتُحدث تأثيرا مزيفا، والأمر نفسه بالنسبة لصوت مزيف أو صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي، خصوصا إذا ما نُشرت مرفقة بشعار وسيلة إعلام موثوقة. هذا ما نراه، اليوم، جليا في الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة موظفا التقنيات الذكية لخدمة ماكينته الدعائية بوصفها سلاحا جديدا فاعلا، فيما يمكن لنا أن نطلق عليه "الذكاء الاصطناعي المسلح".

في الحرب على غزة، كان تكاثر المعلومات المزيفة أمرا متوقعا، أما الجديد فهو الاستثمار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وقدراتها التضليلية في المعطى الإعلامي -ولا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي-، ومحاولة التأثير على الرأي العام؛ لضمان الشرعية لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.

والملحوظ أن استخدام الذكاء الاصطناعي في السياق الإعلامي، خلال الحرب، عكس توازنا هشًّا بين الفوائد والمخاطر؛ فمن جهة، يسمح بتصميم محتوى إعلامي قوي ومؤثر وإنتاجه، كما حدث مع صورة "كل العيون على رفح" التي جذبت انتباها عالميا كبيرا وأثّرت في تعزيز التضامن مع المدينة، فاستخدامه في توليد صور تعبيرية تجسّد الأحداث الإنسانية والمأساوية في غزة يسهم في رفع الوعي العالمي بالأزمات الإنسانية ويعزز الضغط الدولي لحماية المدنيين. ومن جهة أخرى، من الممكن استخدامه في خلق مشاهد مزيفة، ونشر معلومات مضللة وتشويه الحقائق، وهو ما يحدث من خلال استخدام الاحتلال الإسرائيلي لهذه التكنولوجيا المتقدمة لإنتاج محتوى يخدم أجندته السياسية والعسكرية في غزة.

1
صورة مولّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي للتضامن مع رفح قبل العملية البرية (فيسبوك)

وكما هو في التسمية المقترحة، كلمة "المسلح" مشتقة من الاستخدام الواسع والتأثير العظيم لسلاح الذكاء الاصطناعي خلال المعارك. إنه توظيف إعلامي لا يقل أهمية عن التوظيف الميداني العسكري؛ فالتكنولوجيا الفائقة -بحسب وصف جيش الاحتلال الإسرائيلي- أسهمت في مضاعفة قوة الجيش خلال القتال الذي استمر 11 يوما في مايو/ أيار 2021، المعروف فلسطينيا باسم "سيف القدس"؛ إذ وصفها الجيش -آنذاك- بأول "حرب ذكاء اصطناعي" في العالم، والأمر نفسه خلال حرب الإبادة على غزة التي بدأت نهاية 2023.

هذا السلاح الذي استُخدم في تتبع الأهداف على الأرض والاشتباك معها، استُخدم أيضا في الفضاء الإعلامي لاستهداف الجمهور وتوجيه الرأي العام، من خلال معارك التأثير والاستقطاب والتلاعب بالرأي العام، لندخل مرحلة تجاوزت الاستخدام التقليدي لتقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل الأفراد أو حتى المؤسسات الإعلامية، ليصبح الذكاء الاصطناعي سلاحا إعلاميا تُحسن توظيفه الدول والجيوش.

المؤسسات الإعلامية والرسمية الإسرائيلية طيلة الحرب على غزة وظفت جيشا من حسابات الداعمين والحسابات المزيفة، مستغلة إحدى أدوات عالم الذكاء الاصطناعي، وهي الحسابات الوهمية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، فيما يُعرف بالبوتات "bot"، بغرض كتابة تعليقات أو مقالات مؤيِّدة للاحتلال، ومعارِضة للفلسطينيين وحقوقهم، وذلك عبر منصات متعددة أبرزها فيسبوك وإكس وإنستغرام.

المؤسسات الإعلامية والرسمية الإسرائيلية طيلة الحرب على غزة وظفت جيشا من حسابات الداعمين والحسابات المزيفة، مستغلة إحدى أدوات عالم الذكاء الاصطناعي، وهي الحسابات الوهمية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، فيما يُعرف بالبوتات.

في 29 مايو/ أيار الماضي، كشفت شركة ميتا أنها أزالت شبكة من مئات الحسابات المزيفة، المرتبطة بشركة إسرائيلية تدعى STOIC، ومقرها في تل أبيب. هذه الشركة أنشأت شبكة من الحسابات تعمل بالذكاء الاصطناعي للترويج للدعاية الإسرائيلية وبث مزاعم مضللة؛ ولا سيما بين الجمهور العربي. وفي 30 مايو/ أيار ذاته، أعلنت شركة OpenAI المالكة لتطبيق الذكاء الاصطناعي ChatGPT أنها حظرت أيضا مجموعة حسابات تعود للشركة نفسها، تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي؛ لتبدو وكأن من يديرها طلاب يهود ومواطنون أمريكيون من أصل أفريقي. 

إلى جانب الحسابات الوهمية، كانت الصورة والمقاطع المصورة أبرز أدوات سلاح التضليل الذكي؛ فالصورة تستمدُّ أهميتها من الدور الذي تؤديه، فهي قناة تواصل تملك قدرة على منافسة الكلمة، فتخلق حالة من الاستيلاء على عقل المتلقي. ذلك أن الخطاب البصري أبلغ تأثيرا من الخطابات الأخرى، كذلك فإن القفزة الكبيرة في مجال إنتاج الصور والمقاطع المصورة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، دعّمت جودتها وصعّبت مهمة كشفها. لقد أضحت هذه المواد الخيار الأفضل لمروجي الأخبار المختلقة والادعاءات المضللة، ومصدر قلق لعالم تدقيق المعلومات؛ فالتطور الكبير في إنتاجها يقابله افتقار إلى الأدوات والبرامج التي يمكن من خلالها التمييز بين الصور الحقيقية والمتلاعب بها.

استفاد الاحتلال من مئات الصور والمقاطع المصورة التي ضجّت بها منصات التواصل الاجتماعي، إلا أنّ هذا لم يكفِ لاستدرار تعاطف العالم وتصدير "المظلومية الإسرائيلية" و"الوحشية الفلسطينية"، خصوصا بعد أن انتشرت صور ومقاطع مصورة توثق جرائم جيشه، فوظف سلاحا جديدا منذ اللحظات الأولى، مستهدفا الرأي العام العالمي بالتوجيه، وجبهته الداخلية بالتقوية، والجبهة الداخلية الفلسطينية بالتلاعب والإضعاف.

كشفت شركة ميتا أنها أزالت شبكة من مئات الحسابات المزيفة، المرتبطة بشركة إسرائيلية تدعى STOIC، ومقرها في تل أبيب، حيث أنشأت شبكة من الحسابات تعمل بالذكاء الاصطناعي للترويج للدعاية الإسرائيلية وبث مزاعم مضللة؛ ولا سيما بين الجمهور العربي.

هذه الأهداف الثلاثة اجتمعت في صورة بثتها حسابات إسرائيلية وأخرى داعمة على موقع فيسبوك، في بدايات الحرب على غزة أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي، تُصور جنديا إسرائيليا يحمل بين يديه طفلين رضيعين بزعم إنقاذهما من قبضة مقاتلي حماس في غزة، ورغم الانتشار واسع النطاق للصورة، تبين أنها مولدة بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، فالمؤشرات الفنية بالملاحظة العادية تُظهر التلاعب؛ إذ يظهر الجندي بثلاث أيادٍ!

وكثيرة هي الرسائل التي ضُخّت عبر الفضاء الرقمي في سياق الحرب الإعلامية، لكن الرسائل الموجهة للجبهة الداخلية كانت الأبرز خلال الأسابيع الأولى للحرب على غزة؛ فقد كان تدارك الهزة التي سببها هجوم حماس من أولى أولويات آلة الدعاية الإسرائيلية. 

في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول 2023، تداولت حسابات إسرائيلية على موقع إكس، صورة تُظهر جنودا من جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة يحتفلون ويقفون أمام مبنى مدمر وركام يُشكلان شمعدان "حانوكا"، ويظهر في الصورة رسم لنجمة داود السداسية على أحد الأحجار المكدسة أمام المبنى، لكن المؤشرات الفنية دلت على أن الصورة مخلَّقة عبر برمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ إذ تظهر تشوهات وتناقضات وأخطاء في بنية الصورة.

المرصد الفلسطيني لتدقيق المعلومات والتربية الإعلامية "تحقق"، إحدى المنصات الفلسطينية المتخصصة المهتمة بالتضليل الإعلامي المنتشر في الفضاء الرقمي الفلسطيني، خلال الحرب على غزة، رصد عددا من الادعاءات المستندة إلى مواد مولدة بالذكاء الاصطناعي. وقد استطاع معالجة عدد منها، بينما وقف عاجزًا أمام البقية؛ نظرا للافتقار إلى التقنية المناسبة. وأبرز ما عالجه المركز مقطع فيديو يُظهر عارضة الأزياء الأمريكية من أصل فلسطيني "بيلا حديد" تُدين هجوم السابع من أكتوبر وتُعلن وقوفها إلى جانب الاحتلال، وقد جرى تداوله إسرائيليا وعالميا في سياق حملة التضليل الإسرائيلية الممنهجة لكسب التعاطف والتأييد، إلا أن نتائج التحرّي كشفت أن المقطع مجتزأ من تسجيل لحفل توعوي نشرته مؤسسة Global Lyme Alliance على قناتها على يوتيوب عام 2016، وقد خضع المقطع للتزييف العميق بدمج صوت مستنسخ بالذكاء الاصطناعي.

1
حسابات إسرائيلية ترّوج مقطع فيديو مزيف "بيلا حديد تقف مع إسرائيل" (إكس x)

ثمة نوع آخر من المعلومات المضللة تعامل معه فريق المرصد، وهو ما يمكن أن نطلق عليه "التعاطف الزائف"، كان مصدره حسابات فلسطينية أو داعمة للفلسطينيين، يلجأ خلاله المستخدمون إلى إبراز الرواية الفلسطينية من خلال صور أو مقاطع مصورة منتشرة عبر الفضاء الرقمي، من دون معرفتهم بخضوعها للتزييف باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. إن اكتشاف التلاعب أمر يشق على مدققي المعلومات المختصين، فلا مناص من أن يقع في شراكه المستخدمون العاديون المتحفزون لما من شأنه أن يدعم قناعاتهم ورواياتهم.

تدوولت صورة على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أواخر أكتوبر 2023، تُظهر مخيمًا تحمل خيامه أعلام دولة الاحتلال، في إشارة إلى تهجير المستوطنين من الشمال والجنوب بفعل ضربات المقاومة، وبتحليل الصورة تقنيا تبيَّنَ وجود تشوهات عديدة، ما يثبت توليدها باستخدام الذكاء الاصطناعي.

1
إثبات التلاعب بصورة المخيم الإسرائيلي (المرصد الفلسطيني "تحقق")

هناك أيضا مقطع مصور يُوثق تصريحات لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، يُقر خلالها أن الهجوم الإيراني على إسرائيل تسبب في تدمير قاعدتين جويتين وقَتْل عدد من الجنود الإسرائيليين، ليتبيّن بالتدقيق أن المقطع خضع للتزييف والتلاعب، بإضافة صوت مستنسخ بالذكاء الاصطناعي وترجمة مطابقة للصوت المزيف.

1
حسابات فلسطينية وعربية تروّج تصريحات مزيفة لبن غفير بشأن الهجوم الإيراني (إكس x)

الترويج لمثل هذه الادعاءات من الحسابات الفلسطينية استغله الإعلام الإسرائيلي والداعم لها بشكل معاكس، بزعم تزييف الفلسطينيين لمعاناتهم، ومن ثم التشكيك في الرواية الفلسطينية بشأن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وهو ما ظهر جليًّا من خلال حملات إعلامية ممنهجة تحت اسم "باليوود Pallywood" و"جازاوود Gazawood". إلا أن النشر الفلسطيني غير المنظم لا يمكن تصنيفه تحت بند استخدام الذكاء الاصطناعي سلاحا، كما هو حال الضخ المتواصل والمنسَّق للادعاءات، الذي تقف خلفه مؤسسات رسمية إسرائيلية إعلامية منظمة.

الحرب على غزة ضاعفت المخاوف من مخاطر الذكاء الاصطناعي، وأكدت الاحتياج الملح إلى التعامل الجاد معها؛ إذ إن الوجه المظلم لهذه التقنية الفائقة يُحيلها إلى أداة للقتل علاوةً على استخدام إمكاناتها للتلاعب بالعقول وتوجيه الرأي العام. ورغم أنها تُسخَّر سلاحا في إطار حروب التضليل الحديثة، ففي الوقت ذاته ندرك بوضوح أنها سلاح ذو حدّين؛ إذ إن لها قوة هائلة في توثيق الأحداث ونشر الوعي العالمي وجذب الانتباه ودفع الحركات التضامنية، ما يسلط الضوء على التحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بتلك التكنولوجيا. لذلك، فإن الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي في الإعلام خطوة أساس نحو تعزيز الشفافية وحماية القيم الإنسانية وتقليص مساحة التضليل الإعلامي الذي يزيد من تعقيد الصراعات.

ولما كان الاستغلال المضلل لتلك التقنيات الفائقة هو السائد خلال الحرب على غزة، فإن تبعات ونتائج الحرب المعلوماتية، التي كان بطلها الاحتلال الإسرائيلي الأكثر تفوقا في المجال التقني تظل غير معلومة؛ إذ لا تزال جارية إلى الآن. لكن المؤكد أن استطالة حرب الإبادة لم تكن إلا بشرعية زائفة ظفر بها الاحتلال بسلاح إعلامي جديد؛ هو الذكاء الاصطناعي "المسلح".

مقالات ذات صلة

الصحافة والذكاء الاصطناعي وجهاً لوجه

تبنت الكثير من المنصات والمنظمات نقاش تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحافة دون أن تكون ثمة رؤية علمية ودقيقة عن حدود هذا التأثير وإمكانيات توظيفه. جوهر مهنة الصحافة لا يمكن أن يتغير، لكن يمكن أن يشكل  الذكاء الاصطناعي آلية تقنية لمحاربة الأخبار الكاذبة ومساعدة الصحفيين على إنجاز مهامهم.

أميرة زهرة إيمولودان نشرت في: 6 يونيو, 2023
الجانب الإنساني الذي لا يفنى في الصحافة في عصر ثورة الذكاء الاصطناعي

توجد الصحافة، اليوم، في قلب نقاش كبير حول التأثيرات المفترضة للذكاء الاصطناعي على شكلها ودورها. مهما كانت التحولات، فإن الجانب الإنساني لا يمكن تعويضه، لاسيما فهم السياق وإعمال الحس النقدي وقوة التعاطف.

Mei Shigenobu مي شيغينوبو
مي شيغينوبو نشرت في: 8 أكتوبر, 2023

المزيد من المقالات

شبكة MSNBC تحذف مقابلة مع صحفي انتقد تحيّز الإعلام الغربي للرواية الإسرائيلية

الأمر ليس متعلقا بالموضوعية هنا. كيف يمكن لأي منا أن يشاهد هذه الإبادة الجماعية تحدث في بث مباشر، ثم نصمت على مناورات السياسيين الذين يترشحون للرئاسة حيال ذلك من دون أن نصرخ ونقول إن هذا كلّه يجب أن يتوقف؟ نحن نشاهد إبادة جماعية أمام الشاشات، ويؤسفني أن أقول إنه على هذه الشبكة أتيحت الفرصة لأشخاص روجوا للدعاية الإسرائيلية ودافعوا عنها".

مجلة الصحافة نشرت في: 24 أكتوبر, 2024
نصف الحقيقة كذبة كاملة

في صحافة الوكالة الموسومة بالسرعة والضغط الإخباري، غالبا ما يطلب من الصحفيين "قصاصات" قصيرة لا تستحضر السياقات التاريخية للصراعات والحروب، وحالة فلسطين تعبير صارخ عن ذلك، والنتيجة: نصف الحقيقة قد يكون كذبة كاملة.

Ilya U. Topper
إيليا توبر Ilya U. Topper نشرت في: 14 أكتوبر, 2024
رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة على جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للمعايير التحريرية ومواثيق الشرف المهنية.

مجلة الصحافة نشرت في: 23 سبتمبر, 2024
المصادر المجهّلة في نيويورك تايمز.. تغطية الحرب بعين واحدة

ينظر إلى توظيف المصادر المجهلة ضمن المعايير المهنية والأخلاقية بأنها "الخيار الأخير" للصحفيين، لكن تحليل بيانات لصحيفة نيويورك تايمز يظهر نمطا ثابتا يوظف "التجهيل" لخدمة سرديات معينة خاصة الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 5 سبتمبر, 2024
كيف تغطي الألعاب الأولمبية؟

تمنح تغطية الألعاب الأولمبية للإعلامي الشغوف فرصة لا تُضاهى كي يستعمل كل الأجناس/ الأنماط الصحفية التي درسها، ولا سيما الأجناس الكبرى منها، من ربورتاج، وحوار، و

يونس الخراشي نشرت في: 26 يوليو, 2024
حرية الصحافة في مواجهة مع الذكاء الاصطناعي

بعيدا عن المبالغات التي ترافق موضوع استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، فإن سرعة تطوره تطرح مخاوف تتعلق بمدى تأثيره على حرية التعبير. تنبع هذه الهواجس من أن الذكاء الاصطناعي يطور في القطاع الخاص المحكوم بأهداف اقتصادية رأسمالية بالدرجة الأولى.

عبد اللطيف حاج محمد نشرت في: 7 يوليو, 2024
"الحرب الهجينة".. المعلومات سلاحا في يد الاحتلال

شكلت عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة مسرحا لإستراتيجيات متقدمة من التلاعب الجماعي بالمعلومات، وقدمت أمثلة وشواهد حية وافرة على حرب المعلومات التي باتت لازمة للحروب والصراعات والنزاعات في العصر الرقمي للاتصال، ضمن ما بات يعرف في أوساط الباحثين بـ "الحروب الهجينة".

بكر عبد الحق نشرت في: 3 يوليو, 2024
دعم الحقيقة أو محاباة الإدارة.. الصحفيون العرب في الغرب والحرب على غزة

يعيش الصحفيون العرب الذين يعملون في غرف الأخبار الغربية "تناقضات" فرضتها حرب الاحتلال على غزة. اختار جزء منهم الانحياز إلى الحقيقة مهما كانت الضريبة ولو وصلت إلى الطرد، بينما اختار آخرون الانصهار مع "السردية الإسرائيلية" خوفا من الإدارة.

مجلة الصحافة نشرت في: 29 فبراير, 2024
تقرير معهد رويترز: فرص وتحديات المشهد الإعلامي لعام 2024

يستعرض تقرير روتيترز 2024 نتائجاً لمسح ركز بشكل أساسي على التحديات والفرص لوسائل الإعلام في عام 2024. وقد شارك فيه 314 من قيادات وسائل الإعلام في 56 دولة وإقليما، منهم 76 يشغلون منصب رئيس تحرير، و65 رئيسا تنفيذيا أو مديرا إداريا، و53 من رؤساء الأقسام الرقمية، وبعض هؤلاء من المؤسسات الإعلامية الرائدة في العالم.

عثمان كباشي نشرت في: 30 يناير, 2024
ما يلزم الصحفي معرفته عن مفهوم "المجاعة"

أثناء حرب الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، وظف مصطلح "المجاعة" بشكل كبير إلى درجة أنه كان من بين الأدلة الأساسية التي استندت إليها جنوب أفريقيا في دعواها بمحكمة العدل الدولية. كيف يمكن للصحفي أن يفهم "المجاعة" وتعريفاتها المعتمدة وحدودها؟ وما هي المعايير المهنية التي تحكم توظيف هذا المصطلح؟

مجلة الصحافة نشرت في: 25 يناير, 2024
"لوس أنجلوس تايمز" والحرب على غزة.. صراع المحرّر والمالك؟

يرى مراقبون أن الرهان على إستراتيجيات التقليل من قيمة حياة الفلسطينيين في وسائل إعلام غربية قد بدأ يفرز تغيّرات داخل إدارات غرف الأخبار فيها مع تزايد الضغط من قبل العاملين فيها لرفض الانحياز التامّ لإسرائيل

مجلة الصحافة نشرت في: 23 يناير, 2024
كيف يكشف تحليل كمي عن مدى التحيز في تغطية الإعلام الأمريكي للحرب على غزة؟

يتطلب تحليل التغطية الإعلامية لقضية ما الاعتماد على لغة البيانات؛ وذلك للمساعدة في البرهنة على أنماط المخالفات المهنية لدى وسائل إعلام معينة. وهذا ما اضطلع به تحقيق صدر مؤخرا عن موقع ذا إنترسيبت بتحليله 1100 مقال من ثلاث صحف أمريكية، يعرض هذا التقرير أهم النتائج التي توصل إليها.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 12 يناير, 2024
كيف يغطي الصحفيون قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟

ماهي القضايا التي ينبغي على الصحفي التركيز عليها وهو يغطي دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية؟ وكيف يمكن للصحفي أن يصبح رقيبا على إجراءات المحكمة ومسائلا لنزاهتها وحياديتها؟

هالة عاهد نشرت في: 10 يناير, 2024
تدقيق المعلومات.. خط الدفاع الأخير لكشف دعاية الاحتلال في فلسطين

تلاعب بالمعلومات، حملات دعائية مكثفة، تضليل على نطاق واسع، كانت أبرز ملامح معركة "السرديات" التي رافقت الحرب على غزة. حاول الاحتلال منذ اللحظة الأولى توفير غطاء إعلامي لجرائم الحرب المحتملة، لكن عمل مدققي المعلومات كشف أسس دعايته.

خالد عطية نشرت في: 10 ديسمبر, 2023
السياق الأوسع للغة اللاإنسانية في وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي في حرب غزة

من قاموس الاستعمار تنهل غالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية خطابها الساعي إلى تجريد الفلسطينيين من صفاتهم الإنسانية ليشكل غطاء لجيش الاحتلال لتبرير جرائم الحرب. من هنا تأتي أهمية مساءلة الصحافة لهذا الخطاب ومواجهته.

شيماء العيسائي نشرت في: 26 نوفمبر, 2023
كيف يمكن لتدقيق المعلومات أن يكون سلاحًا ضد الرواية الإسرائيلية؟

في السابق كان من السهل على الاحتلال الإسرائيلي "اختطاف الرواية الأولى" وتصديرها إلى وسائل الإعلام العالمية المنحازة، لكن حرب غزة بينت أهمية عمل مدققي المعلومات الذين كشفوا زيف سردية قتل الأطفال وذبح المدنيين. في عصر مدققي المعلومات، هل انتهت صلاحية "الأكاذيب السياسية الكبرى"؟

حسام الوكيل نشرت في: 17 نوفمبر, 2023
منصات التواصل الاجتماعي.. مساحة فلسطين المصادرة

لم تكتف منصات التواصل الاجتماعي بمحاصرة المحتوى الفلسطيني بل إنها طورت برمجيات ترسخ الانحياز للرواية الإسرائيلية. منذ بداية الحرب على غزة، حجبت صفحات وحسابات، وتعاملت بازدواجية معايير مع خطابات الكراهية الصادرة عن الاحتلال.

إياد الرفاعي نشرت في: 21 أكتوبر, 2023
كيف يساعد التحقق من الأخبار في نسف رواية "الاحتلال" الإسرائيلي؟

كشفت عملية التحقق من الصور والفيديوهات زيف رواية الاحتلال الإسرائيلي الذي حاول أن يسوق للعالم أن حركة حماس أعدمت وذبحت أطفالا وأسرى. في هذا المقال تبرز شيماء العيسائي أهمية التحقق من الأخبار لوسائل الإعلام وللمواطنين الصحفيين وأثرها في الحفاظ على قيمة الحقيقة.

شيماء العيسائي نشرت في: 18 أكتوبر, 2023
توظيف البيانات في قصص الزلازل.. ابحث عن الإنسان

ماهي أبرز استخدامات البيانات في قصص الزلازل؟ وكيف يمكن أن تبرِز القصص الإنسانية بعيدا عن الأرقام الجافة؟ ومتى تصبح حيوية لغرف الأخبار لفهم تأثيرات الزلازل على الطبيعة والإنسان؟  الزميلة أروى الكعلي تشرح كيف يمكن توظيف البيانات لفهم أعمق للزلازل.

أروى الكعلي نشرت في: 17 سبتمبر, 2023
إعلام المناخ وإعادة التفكير في الممارسات التحريرية

بعد إعصار ليبيا الذي خلف آلاف الضحايا، توجد وسائل الإعلام موضع مساءلة حقيقية بسبب عدم قدرتها على التوعية بالتغيرات المناخية وأثرها على الإنسان والطبيعة. تبرز شادن دياب في هذا المقال أهم الممارسات التحريرية التي يمكن أن تساهم في بناء قصص صحفية موجهة لجمهور منقسم ومتشكك، لحماية أرواح الناس.

شادن دياب نشرت في: 14 سبتمبر, 2023
التنوع في غرف الأخبار.. الجزيرة بلس نموذجاً

تشكل شبكة الجزيرة الإعلامية نموذجا للتنوع في غرف الأخبار. يساعد التنوع على  فهم القضايا المحلية المعقدة ووضعها في سياقاتها الثقافية والاجتماعية، كما يبرز وجهات النظر المختلفة أثناء اتخاذ القرار التحريري. يتحدث الزميل محمد ولد إمام في هذا المقال عن مزايا التنوع في منصة AJ+.

محمد ولد إمام نشرت في: 3 سبتمبر, 2023
متدربون صحفيون "مع وقف التنفيذ"

يعاني طلبة الصحافة المتدربون في المؤسسات الإعلامية من صعوبات كثيرة للاندماج في غرف الأخبار. الصحفية المتدربة هلا قراقيش تسرد قصص لمتدربين من الأردن واجهوا الفرق الشاسع بين الواقع والتنظير.

هالة قراقيش نشرت في: 31 أغسطس, 2023
الأفلام الوثائقية ومكافحة الأخبار الكاذبة.. "للقصة بقية" نموذجا

بات نشر الأخبار الكاذبة عملية منظمة أكثر من أي وقت مضى، ولم يعد التحقق التقني كافيا لمواجهة حملات تضليلية تقودها جماعات وكيانات. يبرز الفيلم الوثائقي كآلية تسمح بمحاربة الأخبار الكاذبة. يدرس المقال نموذج برنامج "للقصة بقية" الذي تنتجه قناة الجزيرة.

بشار حمدان نشرت في: 22 أغسطس, 2023
الصحافة والذكاء الاصطناعي.. خسارة الوظائف ليست الخطر الأكبر

القلق الذي عبر عنه الصحفيون من فقدان وظائفهم ليس الخطر الأكبر، بل قدرة الذكاء الاصطناعي على فرض انحيازاته على مستوى السرديات واللغة بمساعدة من الصحافة، هو التحدي الأكبر الذي يواجههم.

محمد الشاذلي نشرت في: 13 أغسطس, 2023