كم مرة خضعت مادتك الصحفية لـ "التشذيب" والـ "تنقيح" بحجة جعلها ملائمة للسياسة التحريرية للمؤسسة الصحفية التي تعمل بها؟ وكم من مرة تراود لأذهان الصحفيين حلم إنقاذ موادهم من مديّة رؤساء التحرير والدخول في حالة من "الأناركية" الصحفية؟
مواطنون أم زبائن؟
في بدايات القرن الماضي، بدأ الإعلام يتحول من أداة اجتماعية إلى صناعة. وترافق هذا التحول مع انخراط الصحافة كإحدى أدوات السوق الجديدة، وهو ما ارتبط به سؤال محوري حول الطريقة التي تنظر بها المؤسسات الإعلامية للجمهور: هل هم "مواطنون" أم "زبائن"؟
يمكن اعتبار هذا السؤال المحددَ الرئيسي لشكل العلاقة التي حُددت بين الإعلام وجمهور القراء، وعليه فإن العامل المؤثر الذي كان يحكم القرار التحريري هو كيفية نظرة المحرر للقارئ، فإن كانت نظرة تجارية تسويقية اتجهت القرارات التحريرية إلى خدمة هذا الغرض، والعكس غالبا كان صحيحا.
المنصات الإعلامية التي كانت تعتبر الجمهور "زبونا"، كان شغلها الشاغل هو تحقيق أكبر عدد من الوصول سواء بمبيعات النسخ في الصحف والمجلات، أو عدد المشاهدات في التلفزيون والمنصات الرقمية. ولخدمة ذلك كان لا بد من اللعب على وتر صحافة الفضائح والإثارة التي تحقق وصولا كبيرا، وهذا النوع من الصحافة عادة ما يروج لمحتوى صحفي غير موضوعي وغير متوازن، وفي أحيان كثيرة، زائف.
في الجهة المقابلة، يمكن القول إن الصحافة التي همّشت الجانب الربحي واتخذت من خدمة المواطنين ومساءلة الحكومات نهجا لها، حققت نجاحات صحفية كبيرة، إلا أنها في الوقت نفسه بدأت تعاني من انتكاسات مالية ضخمة.
يشير تقرير إلى أنه في الفترة بين عامي 2007 و2017، تراجعت مبيعات الصحف البريطانية بقرابة النصف، فبينما كانت مبيعات الصحف اليومية عام 2008 تصل إلى 11.5 مليون نسخة يوميا، تراجعت عام 2018 لتصبح 5.8 ملايين نسخة فقط، وكذلك الحال بالنسبة للصحف الأسبوعية.
ولتفادي تأثير هذه الخسائر على استمرارية الصحف، بدأت بعضها بوضع رسوم للوصول إلى المحتوى الرقمي كصحيفتي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، في حين سعت صحف مثل "الغارديان" مؤخرا للتحول إلى صحيفة ممولة من قبل القراء أو التمويل التشاركي(Crowdfunded Newspaper).
ما هو التمويل التشاركي في الإعلام؟
التمويل التشاركي (Crowdfunding) بشكل عام يستند إلى عملية جمع مبالغ معينة من العامة، سواء عبر اشتراكات دورية أو مساهمات متفرقة، بغرض تمويل مشروع معين يرى المساهمون أنه سيعود بخدمة كبيرة على المجتمع نفسه أو على مجتمع آخر، وليس بشكل مباشر على الأشخاص الذين ساهموا في التمويل، أي بالمفهوم التجاري للمنفعة.وأبرز ما يؤمّنه التمويل التشاركي في حالة الإعلام على وجه الخصوص؛ هو استقلال القرار التحريري للصحفي، لا سيما أنه يجعل الصحفي مسؤولا أمام القراء بالدرجة الأولى والأخيرة، لذلك فهو دائما يضع العامة كصانع قرار رئيسي (Main Stakeholder).
وفي الغالب تتكفل هذه المبالغ التي تجمع عبر التمويل التشاركي، بأجور الصحفيين وكلفة تنقلهم أثناء عملهم على إنتاج القصص. ولا يمكن اعتبار التمويل التشاركي تبرعا خيريا، لأنه غير معني بالتعامل المادي المباشر مع الأزمات بقدر ما هو معني بتمكين الصحفي من إنجاز مواده دون تدخل فجّ من رأس المال الممول.
غير أن مشاريع التمويل التشاركي أو الصحافة المستقلة لم تكتفِ فقط بالتحرر من عقد الممول، وإنما بدأت أيضا إعادة طرح أسئلة جوهرية في شكل الصحافة السائد، وكيفية تقديم نوع جديد من الصحافة المعمّقة يستطيع طرح مقاربات جديدة حول الأحداث.
قاع المدينة
الصحفية الأردنية، لينا شنك، حاولت أخذ هذه المقاربة الجديدة [التمويل التشاركي] عندما أطلقت مشروعا صحفيا خاصا بها، استلهمته من تقرير أنجزته في منطقة جبل الجوفة بالعاصمة الأردنية، عمّان، كانت تعمل عليه لصالح موقع محلي، لتبدأ مشروعا من نوع آخر، وجديد نسبيا على الوسط الصحفي في الأردن.
ولينا شنك صحفية مستقلة، مهتمة بسرد القصص الصحفية المعمّقة، وتعتمد أسلوب التأني في نقل المعلومة، إذ إنها لا تركز على مواكبة الأخبار الآنيّة السياسية، بل تركز بشكل رئيسي على تغطية آثار السياسات العامة على حياة العامة، على حد تعبيرها.
مجلة الصحافة قابلت لينا للحديث أكثر عن تجربتها، حيث قالت إنها سعت من خلال هذا المشروع إلى توثيق إثنوغرافي للحياة في منطقة جبل الجوفة بعمان، بعد أن شدتها سيدة قابلتها أثناء إعداد تلك المادة الصحفية، وشدها أسلوبها في سرد قصتها، لتقرر لينا الذهاب أبعد من مجرد إنتاج مادة صحفية تصوّر جزءا من الشكل الذي تبدو الحياة فيه هناك، وأنها استندت في هذا المشروع على التمويل التشاركي دون الحاجة للجوء لأي مؤسسة أو كيان ليقدم لها الدعم، والذي غالبا ما يكون مشروطا.
وفي منتصف العام 2017، بدأت الصحفية الأردنية لينا شنك بالتردد على منطقة جبل الجوفة ومعايشة عدد من الأسر هناك والسماع لهم مليًّا، بعد أن قررت أن تبدأ مشروعها الخاص لتوثيق قصص أهل المنطقة هناك. وقبل البدء بالكتابة التي انتهت -بعد شهور- بكم كبير من دفاتر الملاحظات المتخمة التي تتضمن كل المقابلات التي أجرتها وما تحتاجه تلك النصوص من تحرير ونسخ وتدقيق. كانت لينا تسعى إلى وضع مقاربة تتمكن من خلالها نقل قصص الناس إلى سردية معينة تجعل صوت أهل الجوفة هو الأعلى، في محاولة لتسليط الضوء على الفضاء المجتمعي لهويّة عمّان وسكّانها في الوقت الراهن؛ من خلال معايشة السكان في إحدى أجزاء المدينة، بعيدا عن الأسلوب الصحفي "الكليشيهي" في تناول هكذا قصص.
لكن قبل الخوض أكثر في تجربة لينا نوضح تاليا أهم معالم حركة التمويل التشاركي في الإعلام أو ما يسمى بالمحتوى المدعوم من القراء (Readers-Supported)
مقاربات جديدة
إن التجربة التي مرت بها شنك ودفعتها لأخذ هذا المسار الجديد، هو ذاته ما دفع موقع "دي كوريسبوندنت" (De Correspondent) الهولندي الذي انطلق عام 2013 بالبدء بالدعوة للحصول على تمويل تشاركي بلغ مليون دولار تم جمعه خلال ثمانية أيام فقط. نظرا لأنه استند على فلسفة صحفية تقول إنها تقاطع عجلة الأخبار اليومية، وتستبدلها بتغطية متعمقة تعالج الأفكار أكثر من الأحداث. ويعمل على إنتاج هذه المواد صحفيون مستقلون متخصصون في مواضيع محددة. ويستعد الموقع لإطلاق منصته الإنجليزية يوم 30 سبتمبر/أيلول القادم، بعد أن تمكن من جمع تمويل من القراء قدره 2.5 مليون دولار. ويضع الموقع الإنجليزي نصا في واجهته يقول الآتي:
"الأخبار كما نعرفها تجعلنا متشائمين ومنقسمين وأقل معرفة..
إننا نبني حركة لأخبار مختلفة جذريًا..
ولا يمكننا القيام بذلك بدونك".
هذا النوع من المشاريع الإعلامية يطلق عليه اسم "مشاريع مدعومة من قبل القراء" (Reader-Supported)، وقد استطاعت أن تتجه بشكل مريح إلى ممارسة صحافة العمق بشكل أكبر، دون القلق من عوائد المبيعات أو الإعلانات التجارية المدفوعة. ولعل مجلة "ديلايد غراتيفيكايشن" (Delayed Gratification) الأشهر في حركة الصحافة المتأنية، خير مثال على المساحة التي تمنحها هذه المشاريع للصحفيين ليتمكنوا من إنجاز موادهم برويّة وتأنٍ.
وكذلك موقع "ماذر جونز" (Mother Jones) الأميركي المتخصص في الصحافة الاستقصائية المعمقة، الذي يعتمد أيضا على تمويل القراء، حيث ينشئ -دوريا- حملات جمع تمويل لمختلف مشاريعه، ويستخدم تقنية فيسبوك لجمع التبرعات (Facebook Fundraising) المتوافرة في بعض دول العالم، لجمع هذا التمويل من القراء.
وحاليا يجمع الموقع تمويلا لمشروعه الجديد الذي سيعمل فيه على تسليط الضوء على قضايا الفساد المرتبطة بتحقيقات روبرت مولر. وتمكن الموقع من جمع أكثر من 36 ألف دولار من أصل 50 ألفا، خلال 27 يوما.
وهناك تجارب أوروبية عديدة فيما يتعلق بالمنصات والمشاريع الصحفية التي تعتمد على التمويل التشاركي مثل منصة "ميرسي هيو" (Merce.hu) المجرية، ومجلة "ريبوبليك" (Republik) السويسرية، ومشروع "أوكو برس" (Oko.press) البولندي الاستقصائي، وجريدة "تاز" الألمانية، وغيرها من المنصات.
لماذا التمويل التشاركي؟
عندما لاقى كتاب الصحفية لينا شنك اهتمام إحدى دور النشر وتمت الموافقة على طباعته، رأت أن إنتاج هذا الكتاب سيستلزم منها تفرغا تامًا لمدة ثلاثة أشهر متواصلة لتتمكن من إنجاز الكتاب ما بين تحرير المقابلات، والعودة إلى التحقق من الأشخاص الذين قابلتهم، ومن ثم موافقتهم على النصوص النهائية.
ولينا التي تعمل كصحفية مستقلة مثل كثير من الصحفيين في الأردن، لا تملك دخلا ثابتا ويستند دخلها الشهري إلى عدد المواد الصحفية أو الترجمات التي تنتجها لعدد من المؤسسات الإعلامية. ولتتمكن من إنجاز الكتاب كان من الضروري أن تمضي فترة الأشهر الثلاثة دون أي دخل شهري لأنها لن تتفرغ لإنتاج المواد الصحفية والترجمات المعتادة، وهو ما دفعها للقيام بأول عملية تمويل تشاركي عبر الإنترنت، حيث حاولت جمع مبلغ 3500 دولار لتغطية تكاليف تفرغها طيلة هذه الفترة.
تقول لينا إنها لجأت إلى طلب التمويل من العامة بعد عدم تمكنها من العثور على جهة ممولة لهذا التفرغ، إما بسبب عدم اهتمام الممولين بالمشروع الذي تعمل عليه، أو لأنه لم يكن ضمن "ترند التمويل" إن صح التعبير، أو بسبب رغبة ممولين في التدخل بشكل مباشر وغير مباشر في العمل، لذا لجأت لينا إلى أخذ تمويلها من قراءها بعد أن وضعت طلباً على أحد مواقع جمع التمويل، ثم أغلقت باب التبرعات على الموقع بعد أربعة أيام -على غير عادة تلك المواقع- بعد أن تجاوزت قيمة التبرعات قيمة المبلغ المطلوب بقليل، لرفضها -على حد تعبيرها- تلقي أي مبالغ إضافية فوق الحد الذي وضعته لتمويل تفرغها.
نجحت لينا في إنجاز الكتاب في الأشهر الثلاثة التي تفرغت فيها، وبعد عمل دام أكثر من سنة، تقول إن نسبة كبيرة منه تمت تغطية نفقاته بشكل شخصي. ثم أقامت حفل توقيع للكتاب الذي أطلقت عليه اسم "قاع المدينة".
ويمكن القول إن حفل التوقيع كان ذا طابع شعبي جدا وفق ما يصفه عدد من الحضور، بعد أن تقدّم مخبز محلي لرعاية حفل التوقيع والتبرع بعدد من منتوجات المخبز ليتم تقديمها لضيوف الحفل، واستخدام عبارة "بدعم من الشعب الأردني" في دعوات حفل الإطلاق، لتبيان الجهة الداعمة والممولة للكتاب.
الصحفية الأردنية رغدة خليل رأت أن المشروع (الكتاب) عمل على سرد عدد من الوقائع التي تصف حال عدد من سكان تلك المنطقة، وحجم التهميش الواقع عليهم. وتضيف "ممتنة للكاتبة لأنني أظن أنها نجحت في إيصال صوت الطبقات الاجتماعية المهمشة بطريقة جديدة تجعلنا نسمع صوتهم كما هو بوضوح".
من جهتها قالت الكاتبة الأردنية علا عليوات لمجلة الصحافة، إنه يُحسب للينا أنها لم تلجأ إلى المبالغات الفنية والدرامية، أو الإغراق في التفاصيل لتشد القارئ أو تستدرّ عطفه، معتبرة أن الحضور الكثيف لحفل التوقيع كان مؤشراً على إيمان عدد كبير من الناس برسالة الكتاب، خاصة أن مرحلة الكتابة تمت بدعم من الناس أنفسهم عبر حملة التمويل التشاركي، وهو شيء غير مألوف بعد في مجتمعنا، لكنه يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتشجيع العمل الصحفي، خاصة في غياب الدعم الحكومي، وللحفاظ على استقلالية العمل ومصداقيته بالابتعاد عن التمويل من جهات معينة.
وبعد أن لاقى الكتاب صدى إيجابيا، تقول لينا إنها بدأت بالتفكير في توسيع هذا المشروع ليشمل عددا من القضايا المحورية في المجتمع المحلي الأردني، مثل قضية إعادة إدماج السجناء في المجتمع بعد خروجهم من السجن وانقضاء فترة عقوبتهم، وهو ما رأت لينا أنه موضوع يمكن معالجته في قوالب صحفية عدة، والبودكاست أحدها.
وضعت لينا ميزانية أولية تقدّر بنحو 13 ألف دولار لإنجاز هذا المشروع الذي قالت إنه يفوق الأول من ناحية تكلفة البحث والتفرغ الذي يزيد عن سبعة شهور بما في ذلك مرحلة الإنتاج ، وكذلك دفع أجر أحد سكان المنطقة الذي سيعمل معها كمساعد باحث. وتقول إنها أيضا عادت وتواصلت مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، إلا أنها لم تلقَ من يهتم بدعم هذا المشروع لأسباب متباينة، مما دفعها للجوء مرة أخرى إلى القراء لتمويل المشروع، وتمكنت من تمويل 20% من ميزانية المشروع عبر مساهمة 38 قارئا خلال الفترة بين 30 أبريل/نيسان إلى 9 مايو/أيار، تاريخ إجراء المقابلة معها.
لماذا ندفع للصحفيين لينجزوا عملهم؟
هذه التجربة لم تخلُ من انتقادات البعض الذين رأوا عدم جدوى هذه المشاريع على حياة العامة، وأنه كان من باب أولى لو حوّلت تلك المبالغ إلى تبرعات نقدية أو عينية للمحتاجين بدلاً من نقل قصصهم في كتاب أو عبر عمل صحفي. وهي انتقادات تردها لينا إلى عدم اقتناع شريحة من المجتمع بدور الصحافة وأهميتها في تغيير السياسات على الأمد الطويل، ونزعة البعض إلى التغيير السريع المادي الملموس المحدود، بما يجعلهم لا يؤمنون بمشاريع كهذه تساهم في إبراز قصص العامة، مؤكدة أن هناك فرقا كبيرا بين التبرع الذي يعد عملا خيريًّا يُعنى بتقديم المساعدات المادية والعينية للمجتمعات المحتاجة، وبين تقديم تمويل لمشروع ينقل قصص الناس ويبرزها بشكل أكبر ويساهم في معالجتها على المدى الطويل، وفق تعبيرها.
تجربة لينا تفتح الباب أمام عديد من التساؤلات، لعل أبرزها هي النظرة العامة للصحافة في المجتمعات العربية، التي عادة ما يجب أن تكون مجانية وفق الاعتقاد العام، رغم أن فكرة مجانية الصحافة هي التي يجب أن تثير تساؤلات عدة حول الاستقلالية، إذ إن هذه المجانية ترتبط بتمويل مقدم للمؤسسة الإعلامية من إحدى الجهات الرسمية والخاصة، جهات تسعى أغلبها للتأثير على القرار التحريري لتلك المؤسسات، بينما حينما يكون التمويل كاملا من القراء، كما هو الحال في التجارب التي استعرضناها في بداية التقرير، فإن تلك المنصات ملزمة بتقديم صحافة عميقة وموضوعية تضع اهتمامات العامة كضابط لها باعتبار العامة رئيس التحرير الأول.
الشريك المؤسس لمجلة Delayed Gratification روب أوركارد، قال لـ "مجلة الصحافة" إن "المشتركين في المجلة هم ترياق الحياة لها. وبما أننا لا ننشر أي إعلانات، فالمال الوحيد نحصل عليه من خلال عائدات بيع نسخ المجلة والفعاليات التي نقيمها. وعلى هذا نحن ملتزمون بتقديم تعويضات مالية مناسبة للصحفيين العاملين لدينا، بما في ذلك تمويل سفرهم ومهماتهم البحثية وكذلك رفع نسبة التعويضات كلما ارتفعت مواردنا، وبذلك نحافظ على جودة المحتوى المنشور. نحن سعيدون بأنه لا يوجد أي تدخل في سياستنا التحريرية نظرا لأن رئيسنا الأول الوحيد هم جمهورنا الذي يمولنا بالاشتراكات، وعلى ذلك نحن ملزمون بالاستماع إليهم، وعدا ذلك فإنه لا أحد آخر لديه سلطة على سياستنا التحريرية.. هذا الأمر مكّن المجلة من السعي جاهدة كي لا تكون منحازة إلى طيف سياسي ما، واتخاذ سياسة العقلية المنفتحة تجاه كافة الاتجاهات السياسية". ونصح أوركارد المشاريع الإعلامية التي ترغب في الحصول على تمويل تشاركي من العامة؛ بضرورة وضع مبدأ الاستقلالية كأساس جوهري لعملهم، مما سيخلق لهم علامة تجارية مميزة، ومن ثم السعي وراء اختيار الممولين بشكل حكيم، سواء من خلال التمويل بالاشتراكات -كما تفعل المجلة- أو التعامل مع مجموعات صغيرة من الممولين الذين لا يسعون لفرض آرائهم على السياسة التحريرية.