النموذج الاقتصادي للمنصات الرقمية.. طوق نجاة لقيم الصحافة

النموذج الاقتصادي للمنصات الرقمية.. طوق نجاة لقيم الصحافة

تكافح معظم وسائل الإعلام على مستوى العالم -والمنطقة العربية ليست استثناءً- وسط منافسة ضاغطة لجذب انتباه المتابعين، وتحقيق العوائد التي تكفل لها البقاء والاستمرار في تقديم خدماتها. وتبدو مساحة الصراع أوضح ما يكون في بيئة الإنترنت الرقمية، وهي المساحة التي تكفل الانتشار الواسع من ناحية، والحصول على الإيرادات من ناحية أخرى، حيث تتوجه معظم ميزانيات الإعلانات إلى الإنترنت، بالإضافة إلى الإيرادات القادمة من منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

ومما يزيد الضغوط أن المنافسة لم تعد مقتصرة على وسائل الإعلام، ولكن حلبة الصراع تضم الآن العديد من الأصوات الجديدة بداية من المبدعين ومنتجي المحتوى المستقلين، وصولا إلى الناشطين والسياسيين الذين يبحثون عن مكانهم الخاص في منافسة مباشرة مع محترفي الإعلام.

تاريخيا اعتمدت وسائل الإعلام في تحقيق الدخل على عنصرين أساسيين: بيع منتجاتها الإعلامية (الصحف والمجلات)، والإعلانات التقليدية (المطبوعة والتليفزيونية). ولكن الأعوام الأخيرة شهدت تراجعا هائلا في كلا المسارين مع انهيار توزيع النسخ المطبوعة في غالبية دول العالم، وهو الأمر الذي تفاقم بشدة مع ظهور فيروس كورونا وما تبعه من إجراءات احترازية صارمة، بينما تراجعت عوائد الإعلانات التقليدية مع تقليص ميزانيات الإعلان في الشركات وأيضا تفضيل الكثير منها الاتجاه إلى الإعلان الرقمي حيث يكون رصد تأثيره ودقة توجيهه للجمهور المستهدف أفضل بكثير.

 

 يمكن القول إن الاستقلال الكامل للقرار التحريري يرتبط ارتباطا مباشرا بالعائدات القادمة من المستخدم مباشرة.

 

يرصد أحدث التقارير حول الإعلام العالمي Digital News Report التي يصدرها سنويا "معهد رويترز" صورة أقل تفاؤلا من العام الأسبق؛ فعلى الرغم من أن مجموعة من كبار الناشرين الدوليين يسجلون أرقاما قياسية في الاشتراكات الرقمية وارتفاع الإيرادات العامة، إلا أنه في الوقت نفسه حدث انخفاض كبير في استهلاك الأخبار في العديد من دول العالم مع تراجع الثقة في الإعلام على الرغم من أن الأرقام ما تزال أعلى مما كانت عليه قبل أزمة فيروس كورونا. هناك أيضا إحساس عالمي بإرهاق الناس من استهلاك الأخبار، ليس فقط فيما يتعلق بالفيروس والأحوال الصحية، ولكن فيما يتعلق بالسياسة وباقي الموضوعات المتداولة أيضا.

يرصد التقرير أيضا أن استهلاك وسائل الإعلام التقليدية مثل التليفزيون والنسخ المطبوعة انخفض بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، مع عدم تعويض الفجوة من خلال الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، وبينما تظل غالبية المستهلكين في حالة تفاعل مع الأخبار إلا أن البعض يبتعد عن وسائل الإعلام وفي بعض الأحيان يقطع الاتصال بالأخبار تماما، كما انخفض الاهتمام بالأخبار بشكل حاد عبر الأسواق المختلفة، من 63% في عام 2017 إلى 51% في عام 2022.

 

هناك إحساس عالمي بإرهاق الناس من استهلاك الأخبار، ليس فقط فيما يتعلق بالفيروس والأحوال الصحية، ولكن فيما يتعلق بالسياسة وباقي الموضوعات المتداولة أيضا.

 

غرف الأخبار العربية

مع الأسف، لا يغطي تقرير "رويترز" الشامل الوضع في البلدان العربية، ولكنه يرصد أحوال الصناعة من العاملين بها؛ فيقول إنه رغم اختلاف الأرقام والنسب إلا أن الاتجاه نفسه يحدث بالفعل في الأسواق العربية مع عزوف أكبر عن شراء المنتجات الإعلامية المطبوعة، وتراجع عائدات الإعلانات بشكلها التقليدي مع عدم قدرة الإعلانات الرقمية على تغطية الفجوة المالية.

يرى الخبراء أن صناعة الإعلام أطلقت على نفسها رصاصة قاتلة مع بداية ظهور شبكة الإنترنت عندما وفرت محتواها الإعلامي مجانا؛ الأمر الذي حرمها من عوائد الاشتراكات، وأدى إلى خروج العديد من المؤسسات الإعلامية من السوق تماما في السنوات اللاحقة، وبينما عدلت الكثير من المؤسسات هذا الأمر مؤخرا، وأتاحت المحتوى مقابل اشتراكات مالية، ظلت الغالبية الساحقة من المؤسسات الإعلامية العربية "متشبثة" بمجانية المحتوى، وظلت فكرة الاشتراك من الأفكار التي لم تتحول لواقع إلا من خلال تجارب محدودة للغاية ربما يكون من أبرزها مجموعة "مجرة" بالإمارات التي تقدم محتوى متخصصا في الاقتصاد وعلوم الإدارة والعلوم العامة مقابل اشتراك مالي.

الحل الأسهل الذي اتجه إليه الإعلام العربي في البداية جاء من خلال الإعلانات الرقمية المبرمجة Programmatic advertising وهي وسيلة سهلة لتحقيق الدخل من خلال توفير المساحات الإعلانية على المواقع الإلكترونية والتعاقد مع إحدى شركات تزويد الإعلانات والتي كانت "غوغل" هي المهيمنة عليها بشكل كبير، لتمنح لها الإعلانات تبعا للمنطقة الجغرافية وطلبات المعلن.

هذا النموذج الذي كان الأصل بالنسبة لوسائل الإعلام تعرض لضربة عنيفة للغاية في السنوات القليلة الماضية مع إصدار الاتحاد الأوروبي اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR التي تشدد عملية تتبع سلوك المستخدم حفاظا على خصوصيته، وهي الوسيلة الأساسية التي كانت تمكّن المواقع من استهداف المستخدم بالإعلانات المختلفة. كما قامت شركة "أبل" بمنع تتبع المستهلكين عبر التطبيقات التي توفرها على متجرها الإلكتروني؛ الأمر الذي أثر كذلك على عوائد الإعلانات الرقمية.

 

الأخلاقيات المهنية

في إطار البحث عن وسائل رقمية لتحقيق الدخل للمؤسسات الإعلامية اتجهت بعض المؤسسات لما يسمى بالإعلانات الطبيعية Native Ads وهي مواد إعلانية تظهر على المواقع كجزء من محتواها التحريري وبنفس الشكل البصري؛ وبالتالي تحظى بنسبة أكبر من المشاهدة والوصول للقارئ. وعلى الرغم من إمكانية تحقيق المزيد من العوائد عبر هذه الطريقة، إلا أنها تحتاج إلى المعالجة بعناية شديدة من ناحية الأخلاقيات المهنية؛ أولا بعدم الإعلان عن أي منتجات أو خدمات غير موثوقة، وثانيا بضرورة الإشارة إلى أن المحتوى إعلاني وليس تحريريا. وبينما تشترط بعض الدول هذا الإجراء بحكم القانون فإن البعض الآخر يجب عليه أن يخضع هذه العملية لميثاق الشرف المهني.

تأثيرات مثل هذه النماذج يعبر عنه بوضوح التغير الذي تشهده غرف الأخبار، وتنوع المحتوى الرقمي، واختلاف البنية الهرمية التقليدية في تسلسل عمليات النشر، ألقى بالمزيد من الأعباء على مسؤولي التحرير في الحفاظ على القيم الصحفية الأصلية بالإضافة للتعامل مع التحديات الجديدة التي ظهرت مع الإعلام الرقمي؛ مثل التأكيد على التحقق من المعلومات من مصادرها الأصلية، والموضوعية في تناول جميع القضايا، وعدم الاقتباس دون مصدر، وعدم انتحال الأفكار، وبكل تأكيد نزاهة العمل الصحفي.

 

 

يرى الخبراء أن صناعة الإعلام أطلقت على نفسها رصاصة قاتلة مع بداية ظهور شبكة الإنترنت عندما وفرت محتواها الإعلامي مجانا.

 

 

حلول بديلة للإيرادات

بينما يظل تقديم المحتوى مقابل اشتراك مالي هو الحل الأمثل لأي وسيلة إعلامية كمصدر أساسي مستدام للدخل، إلا أن غياب هذا الحل يستلزم البحث عن البدائل لتحقيق الإيرادات والاستمرار في تقديم الخدمات الإعلامية للمؤسسة، وضمان الاستقلالية التحريرية والتحرر من الإعلانات ومن باقي الضغوط.

في السنوات الأخيرة استخدمت بعض غرف الأخبار العديد من الوسائل التي اعتمدت في غالبيتها على منصات شبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى تقديم خدمات تتجاوز العمل الإعلامي التقليدي، ومن أبرز هذه الأفكار:

·      التوسع في محتوى الفيديو: يعتبر محتوى الفيديو من أكثر أشكال المحتوى استهلاكا عبر الإنترنت خاصة بين أجيال الشباب، ومع وجود إمكانية إنتاجه عبر الإنترنت حتى في غرف الأخبار التقليدية، بدأت المؤسسات بالتوسع في إنتاج أنواع مختلفة من الفيديو، والنموذج الأكثر انتشارا هو إنشاء قناة على منصة "يوتيوب" لجمع محتوى الوسيلة الإعلامية، ومن خلال القدرة على الانتشار الواسع وجذب الجمهور المنتمي للعلامة التجارية فإن الإعلانات تبدأ في الظهور مع الفيديوهات حيث يتم اقتسام العوائد بين منصة النشر والوسيلة الإعلامية.

·      النشرة الإخبارية Newsletters: تعدّ النشرات الإخبارية التي يتلقاها المستخدم عبر بريده الإلكتروني من أهم عناصر التواصل مع الجمهور حاليا، ومن خلال تقديم خدمات متخصصة تستهدف قطاعات معينة يمكن أن تصبح هذه الوسيلة من أكثر الوسائل فعالية في تحقيق الإيرادات التي تأتي غالبا من التعاقد مع رعاة للنشرة حسب نوعية المحتوى المقدم، ويمكن الإشارة هنا إلى نشرة "إنتربرايز" المصرية المتخصصة في الاقتصاد والتي تعدّ حاليا من أشهر مقدمي المحتوى الاقتصادي معتمدة بالأساس على نشرة تصل للمشتركين عبر بريدهم الإلكتروني.

·      البث المباشر: ربما تكون أحدث وسيلة لتقديم الخدمات الإعلامية في العصر الرقمي وتحقيق الإيرادات حاليا؛ فمع سهولة عرض الأحداث مباشرة من خلال أدوات منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك، واقتسام عوائد الإعلانات مع المنصة، اتجهت العديد من وسائل الإعلام لتقديم خدمات البث المباشر المتنوعة التي تغطي قطاعا واسعا من الموضوعات والمناطق الجغرافية؛ ولذا فهي تحظى بمعدلات مشاهدة واسعة وبالتالي؛ قدرة على توفير إيرادات جيدة لوسائل الإعلام، ولكن مرة أخرى، فإن هذه الأداة تحتاج إلى الكثير من الحرص في الاستخدام، حيث إنها تُستَخدم في كثير من الأحيان بما يتجاوز الخطوط التحريرية التقليدية والمعايير الأخلاقية بحثا عن المزيد من إثارة اهتمام الجمهور، وهو الأمر الذي يؤثر على المدى البعيد في سمعة المؤسسة الإعلامية واسمها حتى لو حققت لها دخلا سريعا.

بطبيعة الحال هناك الكثير من الأفكار الأخرى التي يمكن أن تساهم جميعها في تقديم مصدر دخل ثابت للمؤسسات الإعلامية خاصة الرقمية الناشئة لمساعدتها على الاستمرار في أداء رسالتها في عالم تتغير فيه اهتمامات الجمهور بشكل سريع، كما تتغير خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي بشكل أسرع.

وفي النهاية، يمكن القول إن الاستقلال الكامل للقرار التحريري يرتبط ارتباطا مباشرا بالعائدات القادمة من المستخدم مباشرة، حيث يتخلص وقتها فريق التحرير من أي ضغوط خارجية ترتبط بالإعلان أو غيره من موارد الإيرادات، وربما يمكن القول، أيضا، إن النموذج الأبرز عالميا في هذا الإطار هو صحيفة "نيويورك تايمز" التي بدأت منذ 2010 مشروعا للتطوير الرقمي اعتمد على فكرة الدفع مقابل المحتوى، وبعد عشر سنوات أعلنت أن الاشتراكات الرقمية تجاوزت مصادر الدخل الأخرى، ووصلت إلى نحو 70% من إجمالي دخل المؤسسة، وبعبارة أخرى أصبح القارئ هو الممول الأول للمؤسسة؛ ما يعني استقلالاً غير مسبوق للقرار التحريري.

 

 

 

 

 

 

 

More Articles

What happened when I asked ChatGPT to write my article

It got quite a lot right, and quite a lot very, very wrong

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 22 May, 2023
Shireen Abu Akleh’s forgotten murder

Over the past year, many in the media profession in the US have deliberately chosen to forget the assassination of their colleague

Mitrovica
Andrew Mitrovica Published on: 11 May, 2023
The correspondent's job: Ask people, don't tell them

Should foreign correspondents and their media organisations ever take a stand on another country’s political divisions?

Ilya
Ilya U Topper Published on: 8 May, 2023
Why won’t Zimbabwe’s media report truthfully on the Gold Mafia?

When it comes to government corruption, mainstream media only reports what the government tells it to - as can be seen by their response to a damning Al Jazeera documentary

Derick M
Derick Matsengarwodzi Published on: 16 Apr, 2023
A ‘culture of fear’ - the scourge of racism in UK newsrooms

Always ready to expose prejudice and hypocrisy within political and social elites, the bosses of Britain’s newsrooms have completely failed to address their own

Aidan
Aidan White Published on: 9 Apr, 2023
Is the media responsible for the Auckland violence?

The media is failing to adhere to well-founded principles of journalism in its coverage of transgender issues. Violence is the result

Nina Montagu-Smith
Nina Montagu-Smith Published on: 27 Mar, 2023
How do we decolonise journalism?

It is our place as journalists to lead the way in challenging oppressive social and political structures - here’s how to do it

Haroon Khalid
Haroon Khalid Published on: 14 Mar, 2023
Turkish media is trapped under the rubble

Turkey has suffered one of the gravest humanitarian disasters in its history, but still the media cannot seem to disengage from political polarisation

Yusuf Göktaş Published on: 2 Mar, 2023
Climate journalism is growing up

Environmental coverage is moving on from panic-inducing warnings about global warming to the more constructive, solutions-based approach of climate journalism

Abeer Khan Published on: 27 Feb, 2023
Why are British police arresting journalists?

UK police forces increasingly regard criticism from the media as a ‘war on policing’. Journalists are being harassed, accused of crimes and arrested as a result

Rebecca
Rebecca Tidy Published on: 23 Feb, 2023
Covering a natural disaster - a time for credible and useful journalism

How should journalists set about covering the earthquakes in Turkey and Syria without adding to the trauma of victims? 

Aidan
Aidan White Published on: 7 Feb, 2023
When will this epidemic of dead and dying journalists come to an end?

Journalists are being targeted and killed in greater numbers than ever before. What will it take to get our leaders to act?

Nina Montagu-Smith
Nina Montagu-Smith Published on: 25 Jan, 2023
Has the media enabled a new age of scientific misinformation?

Social media and complex AI newsroom tools have produced a toxic environment in which dangerous misinformation is flourishing

Safina
Safina Nabi Published on: 23 Jan, 2023
‘Border jumpers’ and ‘spreaders of disease’ - how South African media incites racial hatred

The evidence that mass violence and vigilante killings have been sparked by the media in South Africa is undeniable

Danmore
Danmore Chuma Published on: 16 Jan, 2023
Julian Assange is no hero among journalists

A record number of journalists are languishing in prisons around the world, yet Assange is constantly held up as a poster boy for this type of injustice. There are far more deserving candidates

Nina Montagu-Smith
Nina Montagu-Smith Published on: 10 Jan, 2023
Is it time to ditch the word ‘fixer’?

A large part of the work associated with foreign correspondents is actually carried out by local journalists who are rarely credited - they work in the shadows

Ana
Ana P Santos Published on: 22 Dec, 2022
Morocco was the World Cup feel-good story we needed

Scenes of players frolicking on the pitch with their mothers were more than enough for me

Soraya Salam
Soraya Salam Published on: 19 Dec, 2022
In appreciation of sports journalists

The common perception of sports journalists as mere entertainment reporters is far from the full story

Nina Montagu-Smith
Nina Montagu-Smith Published on: 15 Dec, 2022
Sexual harassment in African newsrooms is a scourge on journalism

Well over half of women journalists in Africa have been subjected to sexual harassment, abuse or victimisation in news rooms. It’s time to crack down

Philip Obaji Jr
Philip Obaji Jr Published on: 12 Dec, 2022
Drone wars have removed our ability to report the horrors of conflict

What is the future for journalism in the ‘third drone age’? Full of manipulated news, most likely

Pauline Canham
Pauline Canham Published on: 8 Dec, 2022
America and Israel are partners in denial of justice for journalists 

Both countries have a disgraceful history of disregard for the rights of media staff who are the victims of violence, particularly in conflict zones

Aidan
Aidan White Published on: 27 Nov, 2022
On Zimbabwean journalists and American democracy

A Zimbabwean journalist invited by the US embassy in Harare to ‘monitor’ the US Midterms has been labelled a ‘Western spy’ by some people at home

Derick M
Derick Matsengarwodzi Published on: 14 Nov, 2022
Why Western media makes this football fan so uneasy

Criticism of Qatar in the lead up to the World Cup was always a given. But some of the hypocrisy on display is something else

Nina Montagu-Smith
Nina Montagu-Smith Published on: 27 Oct, 2022
The problem with foreign correspondents - wherever they may hail from

It’s good that the BBC recognises the value of not just sending white, British journalists to cover the internal affairs of other countries. But why send an Africa reporter to cover Pakistan?

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 25 Oct, 2022