البودكاست.. من التجريب إلى الاستثمارات الكبرى

منذ ظهوره، وعلى مدى الأعوام الخمسة عشر الأخيرة، ظل البودكاست تحت التشكيك والمراقبة والتجريب في أغلب دول العالم تقريبًا. لكن العام 2019 جاء ليدخل بهذا الوسيط الجديد مرحلة النضج والصفقات الكبرى والاستثمارات الضخمة، من قبل أشهر الشركات الرقمية والتقنية والمؤسسات الإعلامية. فهل نحن على عتبة مرحلة جديدة من مراحل البودكاست؟ ولماذا ينتشر في بعض الدول ويتأخر في جهات أخرى من العالم؟ ولماذا نحتاج إليه الآن، أكثر من أي وقت مضى؟ 

 

قوالب مختلفة

تعتبر القوالب التي يعتمدها البودكاست من أكثر القوالب ملاءمة لعصرنا الحالي، إذ يسهل إدماجه في نسق حياتنا السريع. فالوقت الذي يستغرقه البشر في الذهاب إلى عملهم يوميا في الولايات المتحدة مثلا، يصل إلى 26 دقيقة ذهابًا ومثلها إيابا. وبعملية سريعة نستنتج أن الناس يقضون سنويا قرابة 10 أيام كاملة في الطريق إلى العمل.

في مدن مزدحمة أكثر، وبشبكة مواصلات أكثر تعقيدًا مثل القاهرة، يقضي البشر أضعاف هذا الوقت، وهو ما يمكن استغلاله جيدًا لتعبئته بالبودكاست. وسواء تعلق الأمر برحلة قصيرة مدتها 15 دقيقة في سيارة الأجرة اًو ساعة كاملة في القطار، يوفر البودكاست دائما إمكانية تغطية هذه الرحلة بكل المواضيع التي تشد الناس وتشغل اهتمامهم. 

ويعتمد البودكاست أسلوب السرد القصصي، وهو واحد من أهم وأقوى العوامل التي ساعدت على انتشاره ونجاحه. 

فمنذ أربعينيات القرن الماضي ومع بداية ظهور الراديو، اكتشف صناعه أهمية استغلال السرد القصصي في البرامج الإذاعية لقدرتها على استثارة الخيال وشد الانتباه. وهكذا تمكن برنامج عن وصول كائنات فضائية غريبة إلى الأرض من إثارة الرعب وحبس الأنفاس في كامل تراب الولايات المتحدة. وبعد قرابة 80 عاما، يعود البودكاست ليعتمد نفس الأسلوب المشوق للاستحواذ على الاهتمام. 

لا يعد السرد القصصي أسلوبا للتسلية وشد الانتباه فقط، ولكنه بالدرجة الأولى الطريقة الأفضل من أجل إدراك العالم والتأثير والتغيير والإجابة على الأسئلة. 

قدرة البودكاست تتمثل في تمكنه من الاقتراب من الناس إلى أقصى حد، وملامسة حياتهم اليومية والدخول إلى أفكارهم. 

أظهرت دراسة لجامعة ستانفورد أن إدماج المعلومات والإحصاءات داخل السرد القصصي يمكن أن يزيد من معدلات الاحتفاظ بالمستمعين من 15 إلى 75%، وهي معدلات هائلة تم توظيفها بشكل جيد في ومضات الإشهار التجاري. 

ميزة السرد القصصي الأساسية أنه يساعد على تواصل البشر على مستوى عاطفي، أي أنه لا يخاطب عقولهم بقدر ما يخاطب عواطفهم، وهي أسهل طريقة لإحداث وقع لديهم، الأمر الذي يؤكد المقولة المعروفة التي كانت وراء ثورة التقديم الإذاعي بشكل عام: "سينسى الناس ما قلته، وسينسون ما فعلته، لكنهم لن ينسوا أبدا كيف جعلتهم يشعرون". 

 

الانخراط والانتماء

بمجرد الاشتراك في بودكاست معين، تنضم تلقائيا إلى مجموعة تشبهك في كثير من جوانبها، أو بالأحرى في اهتمامها وميولها. ويمنح البودكاست هذه المجموعة صفة التميز عبر توفير محتوى يشغلها ويشد انتباهها ويحثها على الاستمرار في متابعته، فيما يشبه الالتفاف حول طاولة أو فكرة معينة. ويتعدى تفاعل هذه المجموعة مع بعضها البعض حدود الاستماع للبودكاست الذي تشترك فيه، إلى التواصل مع بعضها عبر المنتديات والنقاش على صفحات التواصل الاجتماعي، أو حتى في مكان العمل مع باقي الزملاء والموظفين. 

وُجدت التكنولوجيا لتقليل الاحتكاك بين البشر في عالم باتت الخصوصية فيه شغل الناس الشاغل. وبعد انهيار الثقة بين المستهلك والشركات التقنية والرقمية إثر انكشاف العديد من الصفقات المريبة لاختراق هذه الخصوصية، أصبحت التكنولوجيا تعطيها الحيز الأكبر من اهتمامها، وتجتهد لتبني لكل فرد عزلته بالطريقة التي تريحه.  

في ظل هذه الظروف، يصل البودكاست إلى أعلى مستويات نجاحه، متحديا الأهداف المزعومة للتكنولوجيا، بل ويقف معها على خط التضاد، رغم أنه مظهر من مظاهرها. وفي الوقت الذي تذهب فيه التكنولوجيا إلى مزيد من توفير عالم خال من الاحتكاك، يأتي البودكاست ليجعل الاحتكاك هدفه. والمقصود هنا هو القدرة على الانخراط والتفاعل والتواصل مع الآخرين. 

 

البودكاست استثمار ناجح

بعد نجاحه الواسع في بلدان مثل الولايات المتحدة وأستراليا، واستقطابه للملايين من المتابعين، يتسابق المستثمرون في مجال الإنترنت والتكنولوجيا إلى استغلال البودكاست من أجل زيادة مداخيلهم. آخر هذه الخطوات جاءت من "سبوتيفاي" (Spotify) التي اشترت "غومليت ميديا" (Gumlet Media)، الشركة المنتجة لعدد من البودكاستات الناجحة مثل "ريبلاي أول" (reply all) و"هوم كومينغ" (Homecoming). كما اشترت أيضا "أنكور" (Anchor)، وهي خدمة لصناعة وتوزيع وتسويق البودكاست. ودفعت "سبوتيفاي" مقابل هذه الصفقة 340 مليون دولار، مما يعني أن الشركة لم تعد تختص في الموسيقى فقط، بل في البودكاست أيضًا. 

في حديثه لوسائل الإعلام التي تابعت الصفقة، قال مدير الشركة إن "ما نفعله هنا وما يثير حماسنا حقا هو بناء السوق في هذه المنطقة.. البودكاست في مرحلة مهمة جدا من النضج، لذلك نحن نستثمر فيه، ونعتقد أنه يمكن أن يكون واحدًا من أهم الأعمدة في السوق".

شركة آبل تملك 500 ألف بودكاست على تطبيق "آي تيونز" من جملة 750 ألفا تم إنتاجها إلى حد الآن. ورغم أنه لا أحد يستطيع أن ينافسها في هذه الأرقام، فإن شركات الاستثمار الأخرى تحاول أن تجد منفذا إلى البودكاست لزيادة دخلها، ولقناعتها بأنه في طريقه نحو الاستحواذ على السوق.

يمكن القول إن البودكاست في السنتين الأخيرتين مرّ من مرحلة التجريب إلى مرحلة النضج والاستثمارات الكبرى. وأعلنت السنة 2000 عن نفسها من خلال الصفقات الكبرى التي أبرمت في منتصف 2019 ونهايتها، وأيضا من خلال التطبيقات الجديدة التي ظهرت لتساعد على استعمال وتحميل البودكاست، وأهمها تطبيقا "لوميناري" (Luminary) وبريو" (Brew) الشهيران اللذان يتم استخدامهما بكثرة في الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وبريطانيا، وهما في طريقهما نحو التوسع إلى باقي مناطق العالم. 

في السنوات الخمس الأخيرة، تضاعف عدد متابعي البودكاست الأسبوعي مرتين في بريطانيا، كما تضاعف العدد الشهري في الولايات المتحدة. 

وتمكن البودكاست إلى حد الآن من تحقيق عائدات جيدة من خلال الدعاية والإشهار، إلا أنها تظل عائدات قليلة نسبيا رغم أنها تشهد ارتفاعا كل عام. وما تزال الطريقة الأفضل لتحقيق عائدات من البودكاستينغ تتمثل في الاشتراك به، وكلما زاد عدد المشتركين ليبلغ مئات الآلاف أو الملايين زادت عائدات البودكاست. 

ومع ظهور البث الحي للبودكاست، تم الانتقال إلى مرحلة أخرى من تحقيق الإيرادات، تشبه -إلى حد ما- ما يقوم به الموسيقيون عندما يقدمون عروضًا حية تعتبر المصدر الأول لمداخيلهم. بعض البودكاستات دخلت بحذر تجربة البث الحي في 2019 لمحاولة معرفة حجم التفاعل والمتابعة، وهو ما يعتمد كمؤشر أساسي بالنسبة لشركات الدعاية. لكن الحظ الأكبر والأهم بالنسبة لأي بودكاست ناجح، يبقى في تحوله إلى برنامج تلفزيوني كما حصل مع عدد من التجارب الناجحة. 

 

التحديات وحلولها المستقبلية

أكبر تحدٍّ واجهه البودكاست إلى الآن هو الوصول إلى مستمعيه، وتحديدا جعلهم يكتشفونه. وبغض النظر عن الشركات التقنية الكبرى التي تستضيف أكبر عدد من البودكاستات المتوفرة حاليا مثل: ستيتشر، وكاستبوكسس، وآي تيونز، وغوغل بودكاست، يبقى البحث عن البودكاست مهمة معقدة بالأخص للذين لا يعرفون أنهم يبحثون عنه، أو بالأحرى لا يعرفون ما الذي يبحثون عنه حتى يجدوه.

والطريقة الوحيدة للإعلان عن البودكاست إلى الآن هي في إعلان بودكاست آخر عنه، أًو أن تسمع من صديق أو زميل في العمل بوجوده، أو أن تلعب الصدفة دورا في العثور على بودكاست لم تكن تعتقد أنك تبحث عنه. 

لكن مع بلوغ عائدات الإشهار من خلال هذا الوسيط مبلغ 600 مليون دولار في العام 2018 داخل الولايات المتحدة وحدها، بدأت الشركات الكبرى الحاضنة له بالتركيز على جانبي التسويق وطرق البحث عنه. 

عندما أطلقت غوغل خدمة البودكاست عام 2018، أعلنت أنها لن تتنافس مع شركات البودكاست على مستمعيها، وأن غايتها تتمثل بالدرجة الأولى في بلوغ 58%؜ من الأميركيين الذين لم يسبق لهم الاستماع إلى بودكاست في حياتهم.

طبعا تعتبر هذه النسبة ضعيفة مقارنة بدول مثل الهند أو مصر أو البرازيل. لكن الطريقة التي توختها شركة غوغل للتسويق وتوزيع البودكاست منذ ذلك العام إلى الآن، تعتبر لافتة وفريدة، إذ من بين التسهيلات التي قدمتها لمستخدميها، أنك إذا كنت من مستخدمي أندرويد فأنت لست بحاجة إلى تحميل البودكاست. كما أن محرك البحث لديها يوفر خدمة اكتشاف بودكاست عن طريق البحث في المحتوى! وكما يمكنك البحث في المعلومات أو الفيديو أو الصور، سيكون بالإمكان أيضا البحث في البودكاست. 

وتطمح غوغل إلى أن تكون أول محرك بحث يمكن أن تبحث فيه عن البودكاست من خلال المحتوى، أي أن تملأ كلمة أو جملة معينة فيعطيك البودكاست الذي استعملت في محتواه العبارة أو الجملة المذكورة، الأمر الذي سيجعل البحث عن البودكاست واكتشافه في المستقبل أمرًا في غاية السهولة. 

 

ملخص ما يحدث في عالم البودكاستينغ؟ 

شركة آبل لديها 52%؜ من حصص البودكاست، لكنها تشعر بالضغط. سبوتيفاي تشتري غوملت، وغوغل تملك شبكة خاصة بها لبث البودكاست، و"نيويورك تايمز" تطلق بودكاستات جديدة على "أمازون أليكسا". كما وفرت أمازون قوالب جاهزة لصنع بودكاست من محتوى صغير وتوزيعه في دقائق على "أليكسا". 

يتدفق رأس المال الاستثماري أيضا على منصات تجميع المحتوى، فمع وجود فرق قليل بين منصات التجميع والتوزيع، يعد إيجاد محتوى خاص ومتميز الوسيلة الأفضل نحو ربح المزيد من المتابعين. 

ويخشى مقدمو المحتوى أن تقوم الشركات التقنية المساعدة بتحميل وتوزيع محتواهم عبر استغلال البيانات الخاصة بالمستخدم. ومؤخرا سحبت هيئة "بي.بي.سي" برامجها من تطبيق "غوغل بودكاست" بعدما اكتشفت أن مجموعة البحث كانت توجه مستخدمي محرك غوغل في البحث عن ملفات البي.بي.سي الصوتية إلى خدمة غوغل الخاصة، بدلا من توجيههم إلى "بي.بي.سي ساوند" (BBC sounds). 

لكن المؤكد أن آبل وغوغل تنمّيان جمهورا واسعا للبودكاست عبر منحه مكانة متساوية في نتائج البحث إلى جانب النص والفيديو، وستكون هذه فرصة رائعة للبودكاست من أجل الانطلاق إلى أعلى. 

ونظرًا لسهولة العثور على البودكاست في المستقبل، فإن جماهير الكلمة المنطوقة الرقمية قد يتفوقون على جماهير الكلمة المكتوبة، بالأخص لأن البودكاست يستعمل لأغراض تتجاوز مجرد الترفيه. ففي الصين مثلا، بلغت عائدات البودكاست التعليمي وتنمية القدرات أكثر من 7 مليارات دولار في العام 2018. 

 

لماذا تأخر البودكاست عن الصحافة العربية

أطلقت شبكة الجزيرة خدمة للبودكاست تقدم من خلالها برنامجين ثقافيين، وأعلنت عن خطتها لإنتاج برامج صوتية جديدة. وقبلها بدأت البي.بي.سي استخدام البودكاست في برامجها. وتعتبر هذه خطوة فارقة فيما يتعلق بصناعة البودكاست الموجه للجمهور العربي، فرغم الانتشار الواسع لهذا الوسيط في الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وبريطانيا، ومؤخرًا في الهند والصين، فإنه لا يزال يبحث عن طريقه إلى أوروبا ويتعثر في العالم العربي. 

ويوجد بالسعودية أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وقد بدأت إنتاج وتوزيع البودكاست بعد سنوات قليلة من ظهوره عام 2004، إلا أنه لم يستطع أن يحقق نجاحًا على غرار الفيديو واليوتيوب مثلا في هذه المنطقة. لكن في السنتين الأخيرتين، ظهرت شركات لإنتاج وتوزيع البودكاست في السعودية والأردن وبعض الدول العربية الأخرى. ويعتبر البودكاست السعودي "فنجان" أول تجربة محتوى صوتي عربية ناجحة، إذ تحظى بمتابعة أكثر من 10 ملايين مستمع. 

تعود أسباب تأخر البودكاست في العالم العربي إلى عوامل مختلفة، لعل أولها الضغوط السياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة. فإذا عرفنا أن البودكاست يعتمد بالدرجة الأولى على محتوى يمكن وصفه بأنه ينتمي إلى صحافة العمق، فإن مساحة من الحرية يجب أن تتوفر له من أجل مناقشة القضايا التي تهم الناس وتمس حياتهم اليومية.

سبب ثان لتأخر البودكاست عربيًّا، يتمثل في انعكاس أزمة الإنتاج السمعي عليه بشكل عام، ففي السنوات الأربعين الأخيرة شهد الراديو أزمات متكررة متصلة بارتفاع تكلفة البث وتراجع العائدات وتوقف صناعة المحتوى الصوتي عند نقطة معينة لا تتوسع رغم كل الثورة التقنية والرقمية الحديثة، فضلا عن إشكالية اللغة المستخدمة في البرامج الإذاعية. 

تأخر استخدام الإنترنت في بعض الدول العربية يعد واحدا من الأسباب الرئيسيّة الأخرى، ففي مصر مثلا لا يزال معدل استخدام الإنترنت تحت نسبة 50%، بينما تصل هذه النسبة في الإمارات العربية المتحدة إلى 90%؜. 

ينتج العالم العربي أقل من 400 بودكاست، منها 360 متوفرة على منصة "أر-بودكاست.كوم" (ar-podcast.com)، وهو عدد قليل جدا مقارنة بـ5000 بودكاست على "آي تيونز" وحدها. بعض التجارب الجديدة مثل "صوت" (Sowt) الأردني، توفر ثمانية بودكاستات في السنة، تتوزع بين الإخبارية والتعليمية والتثقيفية. 

يحتاج البودكاست في العالم العربي إلى شركات إنتاج تتحمس له، وإلى التوعية بأهميته بالنسبة للفئات الشابة التي يمكنها أن تصنع برنامج بودكاست من داخل غرف نومها بإمكانات ومعدات بسيطة جدا. 

ويتوفر على الإنترنت الكثير من المواقع والتطبيقات والفيديوهات التي تشرح كيفية صناعة بودكاست بأبسط الوسائل.

نحتاج إلى البودكاست لأنه مساحة حرة وعميقة، ووسيط سهل يمكن من خلاله أن نعبر عن أفكارنا، ونناقش القضايا التي تهمنا وتهم جيلنا. ولأنه سهل التداول خاصة أمام تطور شبكة الاتصالات وشبكة الواي فاي، بات من السهل تنزيله وتحميله في أي مكان. كما أن اهتمام الشركات التقنية الموجهة للشباب به، مؤشر على أنه سيكون الوسيط الأكثر تداولا واستخدامًا في المستقبل. 

الإضافة الأبرز التي يحققها البودكاست تتمثل في قدرته على إحداث "وقع عاطفي" في المتلقي أكثر من أي وسيط آخر، بسبب حميمية الصوت وقدرته على إيصال الشحنة العاطفية التي تقف خلفه. 

البودكاست من جهة أخرى، يخاطب فئة معنية ومنخرطة، أي أنه لا يعاني مما تعانيه الوسائط الأخرى من حيث البحث عن الفئة المستهدفة (Target group) الخاصة بها، وتكلفته قليلة مقارنة بباقي الوسائط الأخرى. 

أمر آخر مهم في البودكاست يتمثل في عدم اعتماده على الصورة التي تصدرت المشهد الإعلامي على مدى العقود الأربعة الأخيرة، وأخذت المساحة الأكبر من الاهتمام، وساهمت في تراجع الراديو والصحافة المكتوبة. 

البودكاست كما يبدو الآن، جاء ليعيد الاعتبار إلى الصوت بوصفه وسيطا مهمًّا وأداة تأثير أساسية، وليمنح "المظلومين" من قبل صنّاع الصورة والشكل، وهؤلاء الذين لم تتح لهم فرصة دخول أستوديو تسجيل؛ إمكانية أن يأخذوا حقهم في الإعلام دون أي اعتبارات وشروط شكلية أو ما شابه. 

 

المزيد من المقالات

هل ستصبح "ميتا" منصة للتضليل ونظريات المؤامرة؟

أعلن مارك زوكربيرغ، أن شركة "ميتا" ستتخلى عن برنامج تدقيق المعلومات على المنصات التابعة للشركة متأثرا بتهديدات "عنيفة" وجهها له الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. هل ستساهم هذه الخطوة في انتعاش نظريات المؤامرة وحملات التضليل والأخبار الزائفة أم أنها ستضمن مزيدا من حرية التعبير؟

أروى الكعلي نشرت في: 14 يناير, 2025
التعليق الوصفي السمعي للمكفوفين.. "لا تهمنا معارفك"!

كيف تجعل المكفوفين يعيشون التجربة الحية لمباريات كأس العالم؟ وهل من الكافي أن يكون المعلق الوصفي للمكفوفين يمتلك معارف كثيرة؟ الزميل همام كدر، الإعلامي بقنوات بي إن سبورتس، الذي عاش هذه التجربة في كأسي العرب والعالم بعد دورات مكثفة، يروي قصة فريدة بدأت بشغف شخصي وانتهت بتحد مهني.

همام كدر نشرت في: 12 يناير, 2025
لماذا عدت إلى السودان؟

قبل أكثر من سنة من الآن كان محمد ميرغني يروي لمجلة الصحافة كيف قادته مغامرة خطرة للخروج من السودان هربا من الحرب، بينما يروي اليوم رحلة العودة لتغطية قصص المدنيين الذين مزقتهم الحرب. لم تكن الرحلة سهلة، ولا الوعود التي قدمت له بضمان تغطية مهنية "صحيحة"، لأن صوت البندقية هناك أقوى من صوت الصحفي.

محمد ميرغني نشرت في: 8 يناير, 2025
الصحافة العربية تسأل: ماذا نفعل بكل هذا الحديث عن الذكاء الاصطناعي؟

كيف أصبح الحديث عن استعمال الذكاء الاصطناعي في الصحافة مجرد "موضة"؟ وهل يمكن القول إن الكلام الكثير الذي يثار اليوم في وسائل الإعلام عن إمكانات الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي ما يزال عموميّا ومتخيّلا أكثر منه وقائع ملموسة يعيشها الصحفيون في غرف الأخبار؟

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 2 يناير, 2025
ما ملامح المشهد الإعلامي سنة 2025؟

توهج صحافة المواطن، إعادة الاعتبار لنموذج المحتوى الطويل، تطور الفيديو، استكشاف فرص الذكاء الاصطناعي هي العناصر الأساسية لتوقعات المشهد الإعلامي لسنة 2025 حسب تقرير جديد لنيمان لاب التابع لجامعة هارفارد.

عثمان كباشي نشرت في: 31 ديسمبر, 2024
التضليل في سوريا.. فوضى طبيعية أم حملة منظمة؟

فيديوهات قديمة تحرض على "الفتنة الطائفية"، تصريحات مجتزأة من سياقها تهاجم المسيحيين، مشاهد لمواجهات بأسلحة ثقيلة في بلدان أخرى، فبركة قصص لمعتقلين وهميين، وكم هائل من الأخبار الكاذبة التي رافقت سقوط نظام بشار الأسد: هل هي فوضى طبيعية في مراحل الانتقال أم حملة ممنهجة؟

فرحات خضر نشرت في: 29 ديسمبر, 2024
طلبة الصحافة في غزة.. ساحات الحرب كميدان للاختبار

مثل جميع طلاب غزة، وجد طلاب الإعلام أنفسهم يخوضون اختبارا لمعارفهم في ميادين الحرب بدلا من قاعات الدراسة. ورغم الجهود التي يبذلها الكادر التعليمي ونقابة الصحفيين لاستكمال الفصول الدراسية عن بعد، يواجه الطلاب خطر "الفراغ التعليمي" نتيجة تدمير الاحتلال للبنية التحتية.

أحمد الأغا نشرت في: 26 ديسمبر, 2024
الضربات الإسرائيلية على سوريا.. الإعلام الغربي بين التحيز والتجاهل

مرة أخرى أطر الإعلام الغربي المدنيين ضمن "الأضرار الجانبية" في سياق تغطية الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا. غابت لغة القانون الدولي وحُجبت بالكامل مأساة المدنيين المتضررين من الضربات العسكرية، بينما طغت لغة التبرير وتوفير غطاء للاحتلال تحت يافطة "الحفاظ على الأمن القومي".

زينب عفيفة نشرت في: 25 ديسمبر, 2024
صحافة المواطن في غزة.. "الشاهد الأخير"

بكاميرا هاتف، يطل عبود بطاح كل يوم من شمال غزة موثقا جرائم الاحتلال بلغة لا تخلو من عفوية عرضته للاعتقال. حينما أغلق الاحتلال الإسرائيلي غزة على الصحافة الدولية وقتل الصحفيين واستهدف مقراتهم ظل صوت المواطن الصحفي شاهدا على القتل وحرب الإبادة الجماعية.

Razan Al-Hajj
رزان الحاج نشرت في: 22 ديسمبر, 2024
مقابلة الناجين ليست سبقا صحفيا

هل تجيز المواثيق الأخلاقية والمهنية استجواب ناجين يعيشون حالة صدمة؟ كيف ينبغي أن يتعامل الصحفي مع الضحايا بعيدا عن الإثارة والسعي إلى السبق على حساب كرامتهم وحقهم في الصمت؟

Lama Rajeh
لمى راجح نشرت في: 19 ديسمبر, 2024
جلسة خاطفة في "فرع" كفرسوسة

طيلة أكثر من عقد من الثورة السورية، جرب النظام السابق مختلف أنواع الترهيب ضد الصحفيين. قتل وتحقيق وتهجير، من أجل هدف واحد: إسكات صوت الصحفيين. مودة بحاح، تخفت وراء أسماء مستعارة، واتجهت إلى المواضيع البيئية بعد "جلسة خاطفة" في فرع كفرسوسة.

مودة بحاح نشرت في: 17 ديسمبر, 2024
الاستعمار الرقمي.. الجنوب العالمي أمام شاشات مغلقة

بعد استقلال الدول المغاربية، كان المقاومون القدامى يرددون أن "الاستعمار خرج من الباب ليعود من النافذة"، وها هو يعود بأشكال جديدة للهيمنة عبر نافذة الاستعمار الرقمي. تبرز هذه السيطرة في الاستحواذ على الشركات التكنولوجية والإعلامية الكبرى، بينما ما يزال الجنوب يبحث عن بديل.

Ahmad Radwan
أحمد رضوان نشرت في: 9 ديسمبر, 2024
الجنوب العالمي.. مناجم بوليفيا والإعلام البديل

هل أسست إذاعات المناجم في بوليفيا لتوجه جديد في دراسات الاتصال الواعية بتحديات الجنوب العالمي أم كانت مجرد حركة اجتماعية قاومت الاستبداد والحكم العسكري؟ وكيف يمكن قراءة تطور إذاعات المناجم على ضوء جدلية الشمال والجنوب؟

Khaldoun Shami PhD
خلدون شامي نشرت في: 4 ديسمبر, 2024
تحديات تدفق البيانات غير المتكافئ على سرديات الجنوب

ساهمت الثورة الرقمية في تعميق الفجوة بين دول الجنوب والشمال، وبعيدا عن النظريات التي تفسر هذا التدفق غير المتكافئ بتطور الشمال واحتكاره للتكنولوجيا، يناقش المقال دور وسياسات الحدود الوطنية والمحلية لدول الجنوب في في التأثير على سرديات الجنوب.

Hassan Obeid
حسن عبيد نشرت في: 1 ديسمبر, 2024
عمر الحاج.. مذكرات مراسل الجزيرة في سجون "داعش"

بين زمن الاعتقال وزمن الكتابة ست سنوات تقريبا، لكن عمر الحاج يحتفظ بذاكرة حية غنية بالتفاصيل عن تجربة الاعتقال في سجون تنظيم الدولة الإسلامية (المعروفة بداعش). "أسير الوالي.. مذكرات مراسل الجزيرة في سجون تنظيم الدولة الإسلامية"، ليس سيرة ذاتية بالمعنى التقليدي، بل كتاب يجمع بين السيرة الغيرية والأفق المعرفي والسرد القصصي.

محمد أحداد نشرت في: 27 نوفمبر, 2024
عن الصحافة الليبرالية الغربية وصعود الشعبويّة المعادية للإعلام

بنى إيلون ماسك، مالك منصة إكس، حملته الانتخابية المساندة لدونالد ترامب على معاداة الإعلام الليبرالي التقليدي. رجل الأعمال، الذي يوصف بأنه أقوى رجل غير منتخب في الولايات المتحدة الأمريكية، يمثل حالة دالة على صعود الشعبوية المشككة في وسائل الإعلام واعتبارها أدوات "الدولة العميقة التي تعمل ضد "الشعب".

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 24 نوفمبر, 2024
ازدواجية التغطية الإعلامية الغربية لمعاناة النساء في العالم الإسلامي

تَعري طالبة إيرانية احتجاجا على الأمن، و70 في المئة من الشهداء في فلسطين نساء وأطفال. بين الخبرين مسافة زمنية قصيرة، لكن الخبر الأول حظي بتغطية إعلامية غربية واسعة مقابل إغفال القتل الممنهج والتعذيب والاعتقال ضد النساء الفلسطينيات. كيف تؤطر وسائل الإعلام الغربية قضايا النساء في العالم الإسلامي، وهل هي محكومة بازدواجية معايير؟

شيماء العيسائي نشرت في: 19 نوفمبر, 2024
صحفيو شمال غزة يكسرون عاما من العزلة

رغم الحصار والقتل والاستهداف المباشر للصحفيين الفلسطينيين في شمال غزة، يواصل "الشهود" توثيق جرائم الاحتلال في بيئة تكاد فيها ممارسة الصحافة مستحيلة.

محمد أبو قمر  نشرت في: 17 نوفمبر, 2024
كيف يقوض التضليل ثقة الجمهور في الصحافة؟

تكشف التقارير عن مزيد من فقدان الثقة في وسائل الإعلام متأثرة بحجم التضليل الذي يقوض قدرة الصحافة المهنية على التأثير في النقاشات العامة. حواضن التضليل التي أصبحت ترعاها دول وكيانات خاصة أثناء النزاعات والحروب، تهدد بتجريد المهنة من وظائفها في المساءلة والمراقبة.

Muhammad Khamaiseh 1
محمد خمايسة نشرت في: 11 نوفمبر, 2024
في السنغال.. "صحافة بلا صحافة"

شاشات سوداء، وإذاعات تكتم صوتها وصحف تحتجب عن الصدور في السنغال احتجاجا على إجراءات ضريبية أقرتها الحكومة. في البلد الذي يوصف بـ "واحة" الديمقراطية في غرب أفريقيا تواجه المؤسسات الإعلامية - خاصة الصغيرة - ضغوطا مالية متزايدة في مقابل تغول الرأسمال المتحكم في الأجندة التحريرية.

عبد الأحد الرشيد نشرت في: 5 نوفمبر, 2024
التضليل والسياق التاريخي.. "صراع الذاكرة ضد النسيان"

ما الفرق بين السادس والسابع من أكتوبر؟ كيف مارست وسائل الإعلام التضليل ببتر السياق التاريخي؟ لماذا عمدت بعض وسائل الإعلام العربية إلى تجريد حرب الإبادة من جذورها؟ وهل ثمة تقصد في إبراز ثنائية إسرائيل - حماس في التغطيات الإخبارية؟

Saeed Al-Hajji
سعيد الحاجي نشرت في: 30 أكتوبر, 2024
تهمة أن تكون صحفيا في السودان

بين متاريس الأطراف المتصارعة، نازحة تارة، ومتخفية من الرصاص تارة أخرى، عاشت الصحفية إيمان كمال الدين تجربة الصراع المسلح في السودان ونقلت لمجلة الصحافة هواجس وتحديات التغطية الميدانية في زمن التضليل واستهداف الصحفيين.

إيمان كمال الدين نشرت في: 28 أكتوبر, 2024
أدوار الإعلام العماني في زمن التغيرات المناخية

تبرز هذه الورقة كيف ركز الإعلام العماني في زمن الكوارث الطبيعية على "الإشادة" بجهود الحكومة لتحسين سمعتها في مقابل إغفال صوت الضحايا والمتأثرين بالأعاصير وتمثل دوره في التحذير والوقاية من الكوارث في المستقبل.

شيماء العيسائي نشرت في: 21 أكتوبر, 2024
الأثر النفسي لحرب الإبادة على الصحفيين

ما هي الآثار النفسية لتغطية حرب الإبادة على الصحفيين؟ وهل يؤثر انغماسهم في القضية على توازنهم ومهنيتهم؟ وماذا يقول الطب النفسي؟

أحمد الصباهي نشرت في: 18 أكتوبر, 2024