من كتاب: صحفيون خلف أسماء مستعارة.
"أخشى ثلاث جرائد أكثر من خشيتي لمائة ألف حربة"
نابليون بونابرت
هنا في هذا القطر الذي تحولت فيه "الثورة" إلى عجل مقدس تجب عبادته، يشتغل الصحافيون في بيئة صعبة، تطوقها الأجهزة من كل حدب، الجيش الذي يتدخل في الحياة السياسية، والمخابرات التي تمسك تلابيب الاقتصاد، تُوسع مع توالي الأيام من دائرة الخطوط الحمراء تجاه الصحافيين.
منذ اختراع الطباعة إلى الراديو فالتلفزيون ثم الإنترنت، قطعت وسائل الإعلام أشواطًا طويلة لتصل إلى إحداث تأثير كبير في الدول الديمقراطية إلى حد أن تفرض نفسها كقوة وسلطة رابعة إلى جانب السلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية، طبعًا عمل الصحافة في الدول الغربية لم يكن دائما بهذه الحرية، فقد شهد الإعلام عندهم أيضًا سنوات المنع والقمع والتضييق.
"لو أرخيت اللجام للصحافة، لن أستمر في الحكم ثلاثة أشهر"، عبارة قالها نابليون بونابرت بعد انقلابه الشهير الذي سطا فيه عام 1799 على الثورة الفرنسية، ونصب نفسه قنصلًا أولا، نابليون كان أول من استخدم الصحافة واستحدث البيانات العسكرية، القائد الإنجليزي كرامويل هو الآخر كان يكره الصحافة والصحافيين، وحتى في زمن غير بعيد وظف الجنرال ديغول الإذاعة لتحرير بلاده، وبعدها أعطى الأوامر للمراقبة والحد من حرية الصحافة حينما تثبَّت من أنها سلطة مضادة.
ما هو حال دولنا العربية من هذه العلاقة بين الصحافة والمؤسسات العسكرية والأجهزة الأمنية؟ هل صحيح أن الاستخبارات هي التي تتحكم في كل شيء، وهي التي تحدد مجالات ممارسة المهنة؟ أم أن الأمر ينطوي على نوع من التضخيم، وأن تطور وسائل نقل الأخبار جعلها تُفلت من أعين المخبرين؟
أسئلة عديدة قد تطرح نفسها انطلاقًا من الماضي القريب، وصور التلفزيونات التي بثت البيانات العسكرية إبان ثورات "الربيع العربي"، في مقابل بيانات وفيديوهات الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي، وتطرح نفسها أيضًا عندما يشتري المواطن جريدته ويجد الصفحة الأولى مهتمة بمباراة كرة القدم، وتهمل نقل خبر المظاهرات والاحتجاجات التي خرجت ضد الحكومة أو ضد النظام.
كيف تعمل مؤسسات الإعلام تحت ظل الأنظمة الشمولية العسكرية ومختلف الأجهزة الاستخباراتية؟ لماذا يستطيع بعض الصحافيين العمل في ظل الرقابة، في حين يُمنع ويُسجن آخرون؟ وهل هناك مواضيع محرم على الصحافيين الاقتراب منها، وقوانين خفية مسلطة على رقابهم اسمها "الخطوط الحمراء"؟ وهل تتقاطع دائما مصالح الجيش مع مصالح الاستخبارات، وكيف يعمل الصحافيون إذا كان هناك تعارض أو صراع للمصالح بين الجهازين؟
"الفزاعة"
بعض الدول العربية ورثت عن العهد الاستعماري تركة ثقيلة على المستوى السياسي، حيث شهدت فترة الاستقلال احتدام الصراع على السلطة بين مختلف تيارات الحزب الواحد، وكان الخلاف واضحا حول طبيعة النظام السياسي الذي ستسير به البلاد.
تحت مسمى الشرعية التاريخية ومواجهة الاستعمار، قامت بعض القيادات العسكرية باستغلال النضالات الثورية وانتقاء الصفحات البطولية، والدعاية لهذه الإنجازات عبر مؤسسات صحافية، خلقها إعلاميون ذوو تكوين عسكري عملوا في الصحافة لضرورات الثورة.
الهدف من توظيف الماضي كان واضحا، باستغلال ديناميكية الثورة وشحذ همم المواطنين حتى يواصلوا التخلص من الإرث الاستعماري والمساهمة في مرحلة بناء الدولة، وهذا لا يمكن أن يتحقق بحسب العسكريين إلا من خلال قطع الطريق على الاختلافات وإقصاء المشككين وعزل من يمتهن السياسة ويروج لأفكار تذهب عكس مصالح الحزب.
الأقلية داخل الحزب الثوري التي استولت على سلطة القرار بقوة السلاح، انتبهت إلى قوة الإعلام وضرورة استخدامه كركن من أركان الدولة الجديدة، واستعماله كمنظومة دعاية لتوجيه واستقطاب الجماهير، الشعار الرسمي لهذه الأقلية العسكرية الحاكمة كان يركز على استمرارية الثورة والاستجابة لمطالب الشعب، والشعار الضمني هو الالتزام بالوعود المقطوعة مع الدول التي دعمت النضال ضد المستعمر، حتى يتم تبني واتباع نهجها السياسي، باختصار؛ من ناضل بالأمس ضد المُستعمر كان يملك مشروعية الثورة والتحرير، وهو الآن بعد الاستقلال يملك مشروعية التقرير والتسيير.
وجد النظام السياسي نفسه في ورطة حقيقية، فقد صار له منافس جديد يهدد عرشه في امتلاك المعلومة والتحكم فيها والتكتم على مصدرها، وهذا ما كان يخيفه بالتحديد.
إلى جانب هذه المساحات المشتركة، كان من الضروري أيضًا إعادة خلط الأوراق حتى يحدث تداخل مقصود بين: الحزب والسلطة والنظام والدولة، حتى يبدو للعامة وكأنها جسم واحد.
كل هذا التداخل والتشابك في المصالح حتم على دوائر الأمن والسلطة ألا تُبقي المؤسسات الإعلامية بعيدة عن دائرة القرابة والرقابة، إما بإغراء الصحافيين وإغداق العطايا عليهم، وتوفير المادة الإخبارية لهم، حيث توظف الأقلام للترويج لسياسة الحاكم وتصفية خصومه، وإما بتفادي بقاء هذه المؤسسات الإعلامية خارج الرقابة وخنقها ومطاردة موظفيها، خشية من أن يتحولوا إلى صحافيين يتحلون بالموضوعية والنزاهة، وهي أمور "غريبة" جدا في هذا البلد، ترى فيها السلطة خطرا داهما يجب قتله في المهد.
بين الجيش والمخابرات
بعد الاستقلال عن المستعمر، كانت معظم الأجهزة الاستخباراتية للدول المتحررة قد استلهمت تنظيمها من جيش المستعمر واستخباراته، واستمدت خبرتها وتكوينها من لجنة أمن الدول الاشتراكية، بالأخص الجهاز السوفييتي القوي KGB.
هذا الجهاز استطاع استقطاب كوادر الدول المستقلة، وتدريبها على طريقة السيطرة على المجتمع وكيفية التحكم بالإعلام، وجعله تابعًا كليًا للحزب الواحد حيث يسوق لإنجازات الدولة وإنجازات الرئيس الوهمية، ونشر بروباغندا الهوية والدين في مواجهة الإمبريالية والانتصار للمظلومين والقضايا العادلة.
من هنا كانت الأولوية لاستحداث وزارة الإعلام، التي كانت مهمتها صياغة ما يشبه "الخط التحريري" انطلاقًا من المرجعية والتوجهات العامة، وكان بداخل كل مؤسسة مكتب إعلامي، تمر عبره الأنباء ويقوم بمراقبة جميع المناشير، ويحرص على أن تكون جميع الأخبار المحلية والدولية مطابقة لسياسة الحزب.
والحقيقة أن الصحافيين والعاملين في المؤسسة كانوا يخشون هذا المكتب، وكانوا متيقنين أنه يضم عناصر من الشرطة العسكرية بزي مدني.
كان هذا الجهاز العسكري لفترة طويلة بمثابة بوليس سياسي للدولة تتوفر لديه صلاحيات مطلقة وقد سيطر على كامل المجتمع؛ الوزارات والبلديات والجامعات ووسائل الإعلام والجمعيات الثقافية والرياضية وغيرها، واستطاع رسم الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها، والقضاء على أي صوت يغرد خارج السرب، أو يحاول خلق نوع من الوعي لدى الأفراد، أو يروج لأفكار غير أفكار الحزب.
الجميع داخل المجتمع كان يعرف أن الحزب ليس سوى واجهة سياسية للجيش، وأن قيادات الحزب التي كانت ملتئمة في مجلس قيادة الثورة كان معظمها من العسكريين، وهم من كانوا يسيرون البلاد ويحددون السياسات.
في تلك الفترة بالذات، كان مجرد نشر أو نقل خبر لم تنشره الوكالة الرسمية، ودون الرجوع لمكتب الاستعلام، يعد بمثابة جريمة، أما إذا أشار الصحافي إلى خطأ ارتكبه مسؤول حكومي أو وجّه نقدا لعضو في اللجنة المركزية للحزب أو مسؤول في الدولة، فسيعتبر من بين "أعداء الأمة" الذين يستحقون التأديب.
هذا الترهيب والتخويف شكل أهم سلاح استخدم ضد الصحافيين الذين أدركوا أن بعض المواضيع تنتمي إلى خانة التابوهات المحرمة التي لا ينبغي الاقتراب منها بتاتا.
نسبة الأمية الكبيرة داخل المجتمع بعد خروج الاستعمار جعلت من الصحافة المكتوبة حكرًا على نخبة صغيرة جدا، ولذلك انصب الاهتمام من طرف المؤسسات الأمنية على هيئتي الإذاعة والتلفزيون لبث الدعاية كيفما اتفق.
الرقابة على الإعلام كانت تتخذ شكلا مركبًا، فبالإضافة إلى الوظيفة التقليدية، وهي منع بث ونشر أخبار ومقالات معينة، كانت الرقابة تُلزم بنشر ما يريده الحزب والعسكر، الجيش "لم يكن يتحدث والإعلام كله إلى جانبه" بل " كان الإعلام كله في يده".
إلى جانب وزارة الإعلام، تم خلق الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، والتي منحت صلاحية احتكار توزيع وبيع الصحف وتمويلها أيضا عبر الإعلانات.
هكذا بسطت السلطة سيطرتها على توزيع الصحف، بمعنى أن التوزيع وفق الخطة الجديدة ممنوع إذا لم يمر على يد "شركة الدولة"، التي لا توزع إلا الصحف التي حصلت على تأشيرة أو رخصة من الحكومة، وهذا كان سلاحا مسلطا على رقاب المؤسسات الإعلامية التي لم تكن لتعيش يومًا واحدًا من دون الحكومة.
وإذا أردنا الاختصار، فإما أن تصبح الصحيفة واجهة دعائية للنظام وأن يكون الصحافي "ثوريا" في خدمة أهداف الثورة المفترى عليها، أو أن يكون من أعداء الثورة ويتحمل تبعات كتاباته.
عقيد مكلف بالإعلام
بعد إتمام عملية تعقيم الحياة السياسية من طرف العسكريين ورجالات السياسة في الحزب، ومع تغير المجتمع وظهور جيل جديد على اطلاع بالتجارب الإعلامية الإقليمية والدولية، وتقلص مجال القطاع العام وازدهار القطاع الخاص وبداية الانفتاح السياسي، كان لزامًا على النظام والسلطة أن يتأقلما مع هذه المتغيرات.
حدث تحول كبير في أدوار الجيش، فمن دوره في حرب الاستقلال والدفاع عن مكتسبات الثورة إلى دور المدافع عن النظام السياسي، إلى فرض سيطرة الحزب الواحد، لقد اكتسب خبرة وممارسة وتمكن من تشكيل علاقة متشابكة بين ما هو عسكري ومدني.
ومثلما تمت السيطرة على وسائل الإعلام المملوكة للدولة، وتسخيرها لخدمة مصالح النظام، كانت أولويات جهاز المخابرات تحقيق ذلك بقوة في القطاع الخاص، ولكن بطريقة ذكية تجعل قوى الأمن في الواجهة الخلفية، بينما يتم تقديم واجهة مدنية لتسيير الشؤون العامة للبلاد، مع الحرص على أن تبقى هذه الواجهة المدنية في يد النظام والسلطة ذاتهما، وأن تفرمل أي تغيير حقيقي يؤسس لديمقراطية حقيقية أو يخلق إعلاما حرًا ومستقلًا.
بالأمس كانت مؤسسات الإعلام الحكومية هي الوحيدة التي تملك ترخيص العمل وتلتزم بخدمة السلطة، واليوم هناك مؤسسات إعلامية متعددة تعبر عن تيارات فكرية مختلفة، تتمتع بحرية العمل شريطة أن تلتزم بالهدف نفسه؛ خدمة السلطة.
في إحدى البلدان العربية يسيطر على أجهزة الاستخبارات جنرالات العسكر ممن شاركوا في الثورة، وللوقوف عند قوة هذا الجهاز وقدرته على إخفاء الحقيقة يكفي أن نذكر أن اسم وصورة المكلف بجهاز الاستخبارات والأمن بقيت نكرة لعامة الناس وحتى للعسكريين لمدة عقدين كاملين، ولم يثر اسم المسؤول إلا بعد ظهور الإنترنت وظهور صورته في فضائيات غربية، وبالرغم من هذا، بقيت الصحف المحلية تتحاشى ذكر اسمه والإشارة إليه حتى تمت الإطاحة به وأحيل على التقاعد!
بهذا المنطق المرعب كانت دائرة الإعلام والتوزيع داخل جهاز الاستخبارات تحت مسؤولية عقيد، وهو من أكثر الأشخاص قربا وولاء لمسؤول المخابرات، وكان مكتبه في إحدى الثكنات مزارا ضروريا لأي صحافي أو مستثمر يرغب أن يدخل مجال الصحافة.
تنص القوانين المكتوبة في الدستور على أن الصحافة حرة، وقانون الصحافة يضمن الحرية في الكتابة والتعبير، غير أن هذه الحرية المزعومة لم يكن لها إلا رئيس تحرير وحيد، هو المخابرات.
معظم الصحافيين كانوا يعرفون اسم العقيد؛ لا سيما مديرو الأخبار وملاك وسائل الإعلام، التوجيهات كانت تأتي مباشرة من المركز الإعلامي في الثكنة، ومن دون أن يكون هناك تهديد أو وضع الزناد على الرؤوس، كان الكثير من الصحافيين يقومون بمهمة خدمة مصالح السلطة، حيث يتم تجنب الخوض في المواضيع التي تزعج المسؤولين، وفي المقابل الدعاية لإنجازات الرئيس والحكومة، بل كان هناك من الصحافيين، وهذه هي الحقيقة للأسف، من يتفنن في تقديم الخدمات ولفت انتباه رجال الأمن إلى بعض أقلام الزملاء المشبوهة ممن يغردون خارج السرب، وربما تقديم النصائح وأنجع الطرق التي يمكن من خلالها إسكات هذه الأصوات وتجنيد خدماتها.
طلب الاعتماد للعمل كمراسل لقنوات دولية كان يتطلب رخصة من وزارة الخارجية التي وبعد استيفاء جميع الوثائق كانت تطلب في النهاية لقاءً "وشرب قهوة" مع العقيد كي تسرع إجراءات الحصول على الاعتماد، وكذلك الحال بالنسبة لترخيص إنشاء جريدة، يغرق الباحث عن الاعتماد في المساطر الإدارية، ولا يكف عن الركض بين وزارت الإعلام والداخلية والقضاء، وبعد أشهر من الانتظار ينصح مسؤول الجريدة بالاتصال بالعقيد/ رئيس التحرير لأنه هو الوحيد المخول بإعطاء الضوء الأخضر للحصول على رخصة مزاولة الصحافة، التي يفترض أن تكون جزءا من حرية التعبير المفترى عليها في الدستور.
الوضع الكاريكاتوري تختصره الصورة التالية: وزير الإعلام كان دوره صوريا، فهو لا يملك حق تعيين مدير عام وكالة النشر والإشهار، ولا يستطيع تعيين أو استبعاد مسؤول في التلفزيون العمومي، وكان يعلم يوم تعيينه أن هذه الصلاحية ليست أبدا من ضمن سلطاته، بل يحوزها رئيس التحرير إياه.. العقيد المعروف.
وكالة النشر والإشهار الوحيدة المملوكة للدولة كانت في يد المخابرات، وقد استخدمت كسيف على رقاب معظم وسائل الإعلام لتوجيه مهمتها وإغراقها بالديون ومن ثم إغلاقها بشكل كامل كنوع من "الإعدام الناعم".
في المقابل يتم الإيعاز لخلق بعض اليوميات والأسبوعيات، وظيفتها جمع ريع الإعلانات، فعلى سبيل المثال يرشح اسم صحافي مقرب من دوائر الأمن ليستفيد من مبلغ شهري محترم للبحث عن مجموعة من الصحافيين المبتدئين وإنشاء صحيفة أو قناة تلفزيونية، والتي تستخدم إمكانيات الدولة للطباعة والتوزيع مجانًا حيث تتلقى أموالًا ضخمة من الإعلانات الحكومية والخاصة، فيقوم مدير الصحيفة بالاحتفاظ بجزء من المداخيل ويعطي الباقي للمسؤول الأمني في وكالة النشر، وبعد سنة أو سنتين يختفي هذا العنوان الإعلامي وتقبر ديونه.
تمر أمام عيني تجارب كثيرة، كتمت أنفس الصحافيين ودفعت مؤسسات صحافية محترمة للاندثار بشكل كامل، لأن صنبور الإشهار يمسكه العقيد في المخابرات الذي يحوز على حصته من الكعكة، وهكذا تتكرر العملية عدة مرات في السنة ولنا أن نتصور على مدى عقود كيف استخدمت هذه الطريقة من طرف أجهزة الاستخبارات لشراء الذمم وتكميم الأفواه وتعويم السوق بعشرات الصحف الفارغة، التي تعج صفحاتها بالإعلانات وتنشر الأخبار نفسها من تمجيد للحاكم وتطبيل للسلطة.
الثراء الفاحش لبعض ملاك الصحف والقنوات التلفزيونية أفضى إلى الإجهاز على قيم المهنية والموضوعية، لكن الأخطر في كل هذه العملية أنها ميعت المهنة وصار الصحافيون كل الصحافيين في موضع اتهام، وهذه عملية مقصودة تريد أن تصور وسائل الإعلام كامتداد طبيعي وآلي للمؤسسات الأمنية التي تسعى بشكل دائب إلى تخدير المجتمع.
الخطوط الحمراء للصحافة تصنعها المخابرات وقيادات الجيش التي تعطي تعليمات واضحة بتجنب الحديث عن مواضيع معينة، والترويج لسياسة الحاكم، وهناك خطوط يصنعها الصحافيون أنفسهم وملاك وسائل الإعلام، ممن يعرفون دوائر الأمن وملفاتها، فيتجنبون الخوض فيها خشية إزعاج اركان النظام وسد مصدر عيشهم، وطمعا في إرضاء المسؤولين، وفي غالب الأحيان عندما تكون هناك صراعات داخل أجهزة النظام، توظف وسائل الإعلام وتسرب المعلومات لضرب هذه المؤسسة بتلك أو من أجل خلط الأوراق وإضعاف الطرف الآخر، وكل ذلك بتخطيط رئيس التحرير نفسه القابع في مبنى المخابرات.