أخلاقيات الصحافة الرقمية.. تحولات دائمة

أخلاقيات الصحافة الرقمية.. تحولات دائمة

 نشرت صحيفة "إلباييس" الإسبانية يوم 8 فبراير/شباط 2021، مقالا مطولا حول فاجعة إنسانية أليمة حصلت شمال المغرب، حين لقي 28 عاملا في ورشة للنسيج مصرعهم عندما دهمهم فيضان لمياه الأمطار، التي غمرت الورشة الواقعة في محل تحت الأرض. 

إلى جانب القرب الجغرافي لهذه المأساة بالنسبة لأوروبا؛ حيث إنها وقعت في مدينة طنجة شمال المغرب، كانت إسبانيا معنية بها لأن جلّ شركاتها الكبرى العاملة في قطاع النسيج، تعتمد على مصانع وورشات صغيرة بالمغرب، لإنتاج جزء من الألبسة التي تقوم بتسويقها عالميا. لكن قراء الصحيفة المتمتعة بانتشار وسمعة كبيرين، فوجئوا بحذف فقرة تضم أقل من 20 كلمة، دون سابق إشعار ولا تفسير.

يتعلّق الأمر بالفقرة التي تقول إن شركة إسبانية كبرى في مجال النسيج، وهي شركة "إنديتيكس" لصاحبها الملياردير الإسباني آمانسو أورتيغا، والمالكة لعدد من الماركات العالمية في مجال الألبسة، مثل "زارا" و"ستراديفاريس" و"بول & بير"... هي المستفيد الأكبر من معاناة آلاف العمال المغاربة في ورشات النسيج الشبيهة بتلك التي غمرتها مياه الأمطار.

أثارت خطوة الحذف هذه موجة من الانتقادات والجدل، ووضعت الصحيفة العريقة في قلب عاصفة من التشكيك في نزاهتها. وتوجّهت أصابع الاتهام فورا نحو العلاقة المحتملة بين الحذف الذي طال المقال، وبين نفود شركة الملياردير أورتيغا. وتم على الفور تسليط الأضواء على العلاقة الشخصية التي تربط بين الرئيس الشرفي لمجموعة "بريسا" المالكة لصحيفة "إلباييس"، ورئيس مجموعة "إنديتيكس" أمانسو أورتيغا، أقلها تمتعهما معا بعضوية المعهد الملكي الإسباني "إلكانو".

دافعت الصحيفة عن نفسها معتبرة أن الحذف كان لأسباب مهنية تتمثل في أن مجموعة "إنديتيكس" لا ترتبط بأية علاقة بالملابس التي كانت تنتجها الورشة المغربية المنكوبة. وأضافت "إلباييس" أسفل المقال ملاحظة تقول فيها: إن جزءا من المقال حذف لأنه يحتوي على معلومة خاطئة مفادها أن المغرب هو المصدر الأول لمنتوجات "إنديتيكس". لكن ما يهمّ "قبيلة" الصحافة في هذه الواقعة، هو ما تنطوي عليه من مثال بارز للخصوصية المميزة للأخلاقيات المهنية في المجال الرقمي.

فصحيفة "إلباييس" فعلت في مقالها هذا ما لم يكن بإمكانها فعله لو تعلّق الأمر بمقالة صادرة في النسخة الورقية، حيث تفرض القوانين والأخلاقيات اتباع قواعد صارمة في التصحيح والتصويب وتبرير أي تراجع عن محتوى سبق نشره. وبما أن الأمر يتعلّق هنا بمحتوى نشر بالطريقة الرقمية، فقد عمد ناشره إلى ممارسة "التصحيح".

 

للسلطة الخامسة أخلاق

لا يتعلّق الأمر إذن بمجرّد اختلاف في "الحامل" للمحتوى الصحفي، بل نحن أمام ثورة إعلامية حقيقية تغيّر وجه الممارسة الصحفية وأخلاقياتها، كما وضعها "الآباء المؤسسون" قبل قرون. فالقواعد والضوابط التي توارثتها المواثيق الأخلاقية عبر الأجيال الإعلامية، كانت ترمي إلى تقييد سلطة محددة -كانت وسائل الإعلام التقليدية تحوزها بغض النظر عن اختلاف السياقات السياسية والاقتصادية والقانونية- وهي "سلطة النشر".

لقد أصبحت ممارسة هذه السلطة متاحة بين أيدي أصغر مراهق في أقصى الأرض، وهو ما رأى فيه البعض تحريرا لسلطة النشر من قيودها الأخلاقية السابقة، أي أن ذلك يفرض قواعد أخلاقية جديدة لابد للصحافة المهنية من احترامها، ليس لأنها "تحتكر" سلطة النشر، بل كي تحمي سلطتها المعنوية كمصدر موثوق وذي مصداقية للخبر الصحيح، وما يلحقه من تعليق حرّ ومتوازن.

لقد أصبح الصحفي المحترف يجاور -في الفضاء الرقمي- كلًّا من المغرّد والمدوّن والصحفي المواطن والمستعمل العادي للشبكات الاجتماعية. وضعٌ لا يمكن اعتباره مطية للذوبان وسط الجموع، كما عرّفها غوستاف لوبون في كتابه الشهير حول "سيكولوجيا الحشود". بل جعل كل من يدّعي الاحترافية في بلاط صاحبة الجلالة، على محكّ حقيقي لإثبات علوّ كعبه واستحقاق وضعه الاعتباري السابق، وهو ما لا يتحقّق إلا بإلباس المحتوى الإعلامي، قواعد أخلاقية جديدة.

قد يبدو مثل هذا الخطاب أشبه بالمقامات الطوباوية المنمقة، حين نستحضر التحديات الاقتصادية الكبرى التي حملها العصر الرقمي إلى قاعات التحرير التقليدية، وحين نستحضر هذا التهديد المتصاعد الذي يزحف يوميا على النماذج الاقتصادية للصحافة التقليدية، منهيا حياة بعضها، ومؤثرا على بعضها الآخر من حيث العائدات ومصادر تمويل النفقات الثابتة، وفي مقدمتها رواتب الصحفيين المحترفين.

 

اهتمام متأخر

 كشفت دراسة تحليلية أنجزت عام 2015 وشملت 99 ميثاقا لأخلاقيات الصحافة، أن 9 مواثيق فقط كانت تتضمن بنودا خاصة بالأخلاقيات الرقمية، وهو ما يشير إلى الاهتمام القليل والمتأخر بهذا الجيل الجديد من الأخلاقيات المهنية (1).

هذا التأخر في الاهتمام يبرّره البعض بأسباب أخلاقية، على اعتبار أن الصحافة هي الصحافة، وبالتالي فالأخلاقيات هي ذاتها، وأية محاولة لتخصيص المحتوى الرقمي بمعايير أخلاقية خاصة، هو إضعاف للمنظومة الأخلاقية العامة التي تؤطر العمل الصحفي. إن الصحافة -وبصرف النظر عن طبيعة الحامل الذي يوصلها إلى المتلقي- هي مجرد وسيلة لتمكين المواطن من المعلومات والآراء التي تسمح بجعله حرا ومقررا لمصيره (2).

إنه تبرير لا يصمد في الحقيقة كثيرا أمام التهديدات الأخلاقية الجديدة التي تطرحها الأجيال الرقمية من الإعلام، وبالتالي بات من اللازم خروج الإطارات الأخلاقية للصحافة من طوباويتها وجمودها السابقين، بمعنى أن المشاكل الجديدة تستوجب حلولا جديدة.

وإلى جانب الحلول التي يمكن أن تحملها القوانين التي تسعى بدورها إلى ملاحقة التطورات التقنية، تظل الصحافة في حاجة إلى تطوير قواعدها الذاتية، المتمثلة في الضوابط المهنية الأخلاقية، حماية للمتلقي وللمهنة من جهة، وسدا لباب جديد من أبواب الذرائع التي يمكن أن تستغلها السلطات لتقييد حرية الصحافة من جهة أخرى.

 

أخلاقيات الحاسوب

 

تنقسم قواعد أخلاقيات الصحافة عموما إلى صنفين: الأول مرتبط بارتكاب أفعال معينة، أي القيام بفعل خاطئ، والثاني يهم إغفال القيام بأفعال معينة (3). أي أن الحديث عن أخلاقيات ممارسة مهنية معينة يعني تحديد قائمة بما يتحتّم فعله كي يطابق المنتوج الصحفي المعايير المهنية، وقائمة أخرى بما ينبغي الامتناع عنه لتجنب السقوط في المحظور.

يعتبر "جيمس مور" الأب الروحي لفكرة الأخلاقيات الرقمية؛ وذلك من خلال مقالته المرجعية الشهيرة التي نشرها عام 1985، إبان ما عرف بثورة الحواسيب، وحملت عنوان "ما هي أخلاقيات الحاسوب؟" وقد عرفها بأنها وسيلة لتحليل طبيعة تكنولوجيا الحاسوب وآثارها الاجتماعية، وما يترتب عن ذلك التحليل من صياغة لسياسات الاستخدام الأخلاقي لهذه التكنولوجيا (4).

ثم -مع مطلع الألفية الثالثة- برز مفهوم "أخلاقيات الوسائط الرقمية"، وذلك موازاة مع الحضور المهيمن الذي باتت تتمتع به هذه الوسائط في المجتمعات الإنسانية، بالنظر إلى العدد الهائل من الحواسيب والكاميرات والهواتف الذكية وأنظمة تحديد الموقع وإنترنت الأشياء. وجاء هذا المفهوم ليشمل سلوك وطريقة استخدام الوسائط الرقمية بصفة عامة، وليس لدى الصحفيين فقط.

وتتسم هذه الاخلاقيات في العصر الرقمي، بأنها لم تتجاوز أو تلغ المنظومة الأخلاقية السابقة، بمصادرها الدينية والفلسفية والقيمية المتنوعة، بل أقرتها؛ لكنها أضافت إليها حزمة جديدة من القواعد الأخلاقية، ترتبط أساسا بحقول مثل الخصوصية والحقوق الفكرية وضبط الإباحية (5).

واصل حقل الأخلاقيات تطوره بظهور ما يعرف بـ "أخلاقيات الآلات"، أو "أخلاقيات الـ "روبوت"، وهو المفهوم الذي يتعلّق بمحاولة المفكّرين والمنظرين، ملاحقة التطور السريع لحضور وتأثير الآلات في الحياة الاجتماعية اليومية للإنسان.

 

لا بديل عن الصحافة

 في المجال الصحفي، كانت المرجعية البريطانية -الرائدة عالميا في مجال أخلاقيات الصحافة- سباقة في هذا المجال، وبادرت إلى وضع قواعد تنص على عدم جواز نشر محتويات تم الحصول عليها باستعمال كاميرا خفية أو أجهزة تنصت سرية أو عبر اعتراض الاتصالات والرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني، وما أشبه ذلك.

لكن أولى محاولات التأطير الأخلاقي للإعلام الرقمي، تعود إلى أواخر التسعينيات؛ إذ بادرت هيئات تمثل ناشري الصحف الأمريكية -بالتعاون مع مؤسسات بحثية مختصة- إلى وضع أسس الأخلاقيات الرقمية منذ العام 1998، محاولة تجنّب الانعكاسات السلبية المحتملة للنشر الإلكتروني على دقة الأخبار، وتجنب مخاطر استغلال قواعد البيانات، وتحقيق التوازن بين النزاهة المهنية والضغوط التجارية (6).

وتفرض الأشكال الجديدة من الصحافة -بمختلف تسمياتها- وضع قواعد قانونية وأخلاقية عامة، تحمي المجتمعات من المخاطر التي يمكن أن تنجم عن الاستعمال المعيب للمنصات الرقمية؛ لكن الصحافة المحترفة والمهنية في حاجة إلى أكثر من ذلك. فهي -كما أثبتت التجارب الحديثة؛ كانتخابات رئاسية استثنائية في أمريكا نهاية 2020، وجائحة صحية عالمية بسبب فيروس كوفيد 19- مازالت صاحبة الكلمة الفصل.

والدول والمجتمعات -باختلاف أوضاعها السياسية والاقتصادية والثقافية- مازالت تؤكد حاجتها إلى مؤسسات إعلامية تقليدية، حماية منها لـ "السيادة الإعلامية" والمصلحة العليا للأوطان. وبالتالي لا يمكن أن تكون الإكراهات والضغوط التي تمثلها الثورة التقنية الجديدة مبررا للتجرد من المهنية والانجراف وراء تيار الاستسهال والتسرع وهضم الحقوق؛ بل يعتبر التحدي الأكبر للصحافة التقليدية هو ملاءمة مواثيقها الأخلاقية مع هذه التحديات، حتى تستصدر شهادة المصداقية والموثوقية من قلب العاصفة الهوجاء.

ويمكن تلخيص التحدي الواقع على كاهل الصحافة اليوم، بأننا أًصبحنا مرغمين على التغطية الآنية والتفاعل الفوري مع الأحداث في وقت صار فيه كل إنسان ناشرا للمحتوى الإعلامي، مع ضرورة احترام قواعد الدقة والموضوعية والحياد المفترضة في المحتوى الإعلامي المهني.

وينتج عن هذا الوضع مستويين من "توتّر أخلاقي" في الممارسة الصحفية. الأول يمسّ العلاقة بين الصحافة التقليدية والصحافة الرقمية، حيث تقف الصحافة التقليدية حاملة عدّة ثقيلة من قيم الدقة والموضوعية والتحري المسبق والحياد ومراجعة المحتوى قبل النشر، في مواجهة إعلام جديد يرفع شعار الفورية والشفافية والانحياز المعلن والتصحيح بعد النشر؛ أما المستوى الثاني من التوتر فيهم العلاقة بين معنيين للصحافة، واحد ضيّق وآخر واسع، ما يحتّم تكييف المرجعيات الأخلاقية والمواثيق الخاصة بالعمل الصحفي (7).

 

الخطايا الإلكترونية العشر

تعرّف الأخلاقيات -نظريا- بأنها مجموعة من مبادئ السلوك السوي أو الأخلاقي. وهي -في المجال الصحفي- تتمثل في القواعد التي يتفق عليها الصحفيون لجعل ممارستهم لمهنتهم تتم بطريقة مسؤولة. وتتلخّص هذه القواعد بصفة عامة في أربعة مبادئ كبرى؛ هي: السعي إلى الحقيقة، والتصرف باستقلالية بعيدا عن تضارب المصالح، والخضوع للمساءلة، ثم الخضوع للمساءلة من خلال تخفيف الضرر الناجم عن ممارسة المهنة (8).

ويمكن تجسيد هذه المبادئ العامة في ارتباط الإشكالات الأخلاقية التي تطرح على الصحافة في العالم الرقمي، في قائمة طويلة من العناوين، هذه عشرة منها:

  1. انتهاك الخصوصية: أكثر المواضيع تعقيدا وإثارة للإشكاليات في مجال أخلاقيات الصحافة الرقمية، هو موضوع الخصوصية. في ظل الترسانة الضخمة من المعدات والبرمجيات التي باتت تحاصر الإنسان في أكثر تفاصيل حياته اليومية دقة، وفي ظل تنامي مخاطر التجسس والاختراق، والإمكانات التي تتيحها الشبكات الاجتماعية لنشر وتداول خصوصيات الأفراد. وقبل مرحلة الأخلاقيات، يثير هذا الموضوع انقسامات في المرجعيات القانونية أنفسها، خاصة بين الكتلتين الغربيتين الكبيرتين، أي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حيث تنحو الأولى نحو إباحة أكبر قدر من الاستغلال الممكن للمعطيات المرتبطة بخصوصيات الأفراد، فيما تنحو الدول الأوربية نحو وضع بعض القيود على ذلك (9).

  2. سرقة الملكية الفكرية: تعرّضت المنظومة المرجعية في مجال أخلاقيات المهنة -بشكل تدريجي- لتغيير تسلل -بطريقة لا شعورية- إلى السلوك المهني؛ حيث أصبحت السرقات الأدبية من المصادر الإلكترونية ممارسة شائعة، ونشر الصور والأشرطة المعدلة بواسطة برمجيات إلكترونية أمرا معتادا لا يستدعي أي استئذان أو إخبار للقارئ. كما باتت غرف التحرير أكثر تساهلا مع استخدام المصادر المجهولة، ولم نعد نجد أي حرج في التسابق نحو استثمار التسريبات الإلكترونية، ونتغذى بنهم على ما تقوم بتعريته من إيميلات شخصية وخصوصيات، فيما أصبحت الكاميرا الخفية وتقنيات التلصص أداة عادية من أدوات العمل في بعض المؤسسات الإعلامية.

  3. واقع غير حقيقي: تطرح التكنولوجيا تحديات متنوعة على الممارسة الصحفية في المجال المرتبط بدقة المعلومات وقربها من مطابقة الواقع؛ منها مثلا تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي يدور نقاش متزايد حول إمكانية استغلالها في إنتاج تقارير في المجالين العلمي والطبي، وهو ما يطرح عدة أسئلة حول مدى مطابقة الكائن أو العضو ثلاثي الأبعاد مع الحقيقة، وبالتالي ما مدى دقتها علميا؟ التساؤل نفسه يطرح بشأن تقنية الواقع المعزز، والتي شرعت بعض المنصات الإعلامية في استعمالها(10).

  4. الروبوت رئيسا للتحرير: يتلقى الصحفيون -في جلّ المعاهد والجامعات والدورات التدريبية المتعلقة بالصحافة الإلكترونية- توجيهات تحفّزهم على الوعي بطريقة عمل محركات البحث والخوارزميات والبرمجيات الإلكترونية، والحرص على استعمال الكلمات الرائجة على نطاق واسع ضمن كل فقرة من المقال لجعل محرك البحث يتعرّف على المحتوى ويرفعه إلى صدارة "الترند". ويقدّم لهم ذلك باعتباره سبيلا حتميا للحصول على فرصة عمل في هيئة تحرير. هنا تطرح إشكالية تحوّل التقنية إلى رئيس تحرير فعليا؛ بحيث أصبح بالإمكان التعرف مسبقا على المحتويات التي ستنتجها المؤسسات الإعلامية، من خلال معرفة رغبات الخوارزميات.

  5. إخفاء الهوية: ظلّت المواثيق التقليدية للأخلاقيات الصحفية لعقود طويلة، تذم المحتويات الإعلامية التي تحيل إلى مصادر مجهولة الهوية. وتنص أكثر هذه المواثيق مصداقية على جعل نشر مثل هذه المحتويات استثناء وليس قاعدة، وذلك عندما يكون إخفاء هوية المصدر ضروريا للحصول على الخبر، أو حيويا لحماية المصدر أو ضحية محتملة لخطر مؤكد. قاعدة انقلبت راسا على عقب في العالم الرقمي، حيث بات إخفاء الهوية -واستعمال أسماء غير حقيقية لدخول المنتديات ونشر التعليقات والتغريدات- حقا شبه مقدّس، وهو ما يجعل الممارسة الصحفية على محكّ المواكبة الدائمة لتدفّق الأخبار والمعطيات، دون الإخلال بضوابطها المهنية.

  6. الإنكار بدل التصحيح: على غرار واقعة صحيفة "إلباييس" المشار إليها سابقا، أصبح حذف المحتوى من المنصات الرقمية من بين أكبر التحديات الأخلاقية التي تواجهها الصحافة. ففي السابق، كان المحتوى الإعلامي يخضع لقاعدة الـ"لا رجعة" (irreversibility) التي تعتبر من مميزات العملية التواصلية، أي أن الرسالة حين تبعث لا يمكن استرجاعها والتصرف كما لو لم توجد من الأصل. كان التصويب والتراجع عن الأخبار غير الصحيحة أو السب أو القذف، يخضع لضوابط يحددها القانون أحيانا، ومواثيق الأخلاقيات أحيانا أخرى، لعدم إمكانية "إنكار" المحتوى الخاطئ. أما اليوم -وفي العصر الرقمي- فإن مؤاخذة مؤسسة إعلامية لنشرها محتوى غير أخلاقي، تتطلّب أولا الاستعانة بمحضر معاينة ينجزه شخص له حجيّة قانونية، قبل إرسال التصويب أو بين الحقيقة؛ لأن المؤسسة الإعلامية قد تقدم على حذف المحتوى وإنكار نشره، بعدما سبّب ضررا أو عرّض شخصا للخطر.

  7. الانحياز بدل الحياد: من أهم الإشكالات الأخلاقية التي تطرح على الصحافة الرقمية، هذا "الانقلاب القيمي" الذي يحصل عند الانتقال من المجال التقليدي للنشر -سواء منه البث التلفزي أو الإذاعي أو الصحافة المطبوعة- إلى المجال الرقمي. ففي السابق كان الحياد من أهم القيم التي تعلي مواثيق الشرف من شأنها، وتنافست المؤسسات الإعلامية -الخاصة وتلك التابعة للدول الديمقراطية- في الرفع من منسوب الحياد في المحتوى الصحفي الذي تقدمه. بينما في المجال الرقمي يعتبر الانحياز من القيم البديهية؛ ذلك أن المحتوى المحايد وغير المنتصر لهذا الموقف أو ذاك، يعتبر مملا ولا "حياة رقمية" له.

  8. غلبة الرأي على الخبر: بعد التحوّل الذي طرأ على الممارسة الصحفية بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين، وتغليب كفة الإخبار على "صحافة الرأي"، لأن توفير المعلومة الدقيقة والمتوازنة والروايات المتناقضة للخبر الواحد هي ما يشكل القناعة السليمة للمواطن بدل قصفه بالآراء والمحتويات الدعائية التي ترمي إلى توجيهه؛ عادت البوصلة الرقمية لتوجّه العمل الصحفي نحو قبلة الرأي. هذا التحوّل جعل البيئة الإعلامية الرقمية تقع تحت ضباب كثيف من السجالات والآراء المتناقضة، واستعمال ما تتيحه التكنولوجيا من تقنيات لإغراق للقارئ في الدعاية الموجّهة والتنميط وفرض الرأي الواحد وتبرير السلطوية والاستبداد، خاصة في الدول غير الديمقراطية، بينما تضاءل حضور الخبر والمعلومة الصحيحة والدقيقة.

  9. صحفي غير حرّ: بدل التحرر الشامل الذي ظنه البعض في بدايات الثورة الرقمية الحالية، أصبح الصحفي المهني واقعا تحت قيود جديدة جعلت حريّته تبدو قد تقلّصت مقارنة بالعهود السابقة. ففي الوقت الذي كانت فيه الصحافة التقليدية تسمح لمحترفيها بالتمييز بين دائرتي ممارستهم المهنة وما يقومون به من أنشطة شخصية موازية، لم يعد بالإمكان الفصل بين ما يعبّر عنه الصحفي من مواقف وآراء عبر حساباته الشخصية في الشبكات الاجتماعية، وبين المحتوى الإعلامي الذي تنشره مؤسسته الإعلامية. هكذا لجأت بعض المؤسسات العريقة إلى فرض قيود جديدة تحت مسمى "سياسة الشبكات الاجتماعية" على صحفييها، بشكل جعلهم أقل قدرة على التفاعل وتدوين والتعليق، من المواطن العادي. كما فرضت "قوانين" العالم الرقمي على الصحفي المهني التخلي عن جزء من حياده، حين بات الولوج إلى مصادر الأخبار يمرّ حتما عبر "الانضمام" إلى بعض المجموعات والصفحات، وتسجيل "الإعجاب" ببعض الحسابات الخاصة بشخصيات وهيئات سياسية واقتصادية.

  10. الصحفي المهندس: كان احتراف مهنة الصحافة في السابق يفترض التمتع بمهارات لغوية وأدبية وثقافية، بعيدا عن التقنية وتعقيداتها. أما اليوم فلم يعد بإمكان الصحفي الاقتصار على شهادته في الآداب أو القانون أو الاقتصاد، مع امتلاكه ناصية اللغة والتمييز بين ما يجوز وما لا يجوز؛ من حيث ضوابط القانون والمصلحة العامة وحقوق الأشخاص، حتى يكون منضبطا للقواعد الأخلاقية ومتأكدا من حماية المصادر والفئات الهشة. لقد فرض العصر الرقمي على الصحفي إتقان مهارات فنية تسمح له بتمييز الأخبار الزائفة والحسابات المفبركة والصور والفيديوهات المعدّلة والإيميلات المقرصنة. وكلها مهارات تفرض على الصحفي التحوّل إلى مهندس معلوماتي؛ لتجنب الوقوع في محظورات أخلاقية، في ظل عجز المؤسسات الإعلامية -أو عدم وعيها- عن إحداث وظائف جديدة لتحصين المحتوى من المخاطر الجديدة.

 

ما الحل؟

لقد جعل العصر الرقمي الصحافة بين أكثر من مطرقة وسندان. فالصحفي المهني -بين ضربة اقتصادية قاصمة للنموذج الاقتصادي، وأخرى لتمييع مجال النشر وإنتاج المحتوى الإعلامي، وثالثة لتحالف رأس المال الجشع مع مراكز القوى السياسية الراغبة في السيطرة- يجد نفسه خارج "منطقة الراحة" التي كانت تسمح له في السابق بالتزام القواعد الأخلاقية للمهنة. وإلى جانب التأهيل الذاتي والمواكبة الشخصية التي بات الصحفي المحترف مطالبا بهما، يتطلب الأمر مراجعات قانونية ومؤسساتية شاملة، من جانب الدول والبرلمانات والهيئات المهنية المكلفة بالتقنين والتنظيم؛ ضمانا لاستمرار أداء الصحافة لوظائفها الكامنة في الإخبار والتنوير.

ومن بين الحلول المرحلية التي تقدَّم لتجاوز العلاقة المتوترة للصحافة مع أخلاقياتها التقليدية، هو اعتماد نظام متعدد الطبقات لغرف التحرير، وذلك في المنحيين العمودي والأفقي. فمن جهة ينبغي للمؤسسات الإعلامية الجمع بين نمطين مختلفين في انتاج المحتوى الإعلامي، أحدهما "تقليدي" تؤطره وظائف تقليدية داخل غرفة التحرير، وآخر ينتج محتوى يتناسب مع أنماط النشر والتفاعل الجديدة في المجال الرقمي. وبالتالي نصبح أمام نوعين من المحررين، لكل واحد مجاله وأسلوب عمله. أما أفقيا، فينبغي تقسيم غرفة التحرير حسب طريقة النشر أو البث، من الطبع والبث التناظري إلى النشر الإلكتروني (11).

 

مصادر: 


[1] https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-01329982/document

[2] https://www.mediaethicsbook.com/wp-content/uploads/2016/09/Singer-JMC_3180_0001019_168_001.pdf

[3] https://www.mediaethicsmagazine.com/index.php/browse-back-issues/144-fall-2012/3998645-concept-media-ethics-in-the-digital-age

[4] Moor: What is Computer Ethics (ucdavis.edu)

[5] https://oxfordre.com/communication/view/10.1093/acrefore/978019022

[6] https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-01329982/document

[7] https://ethics.journalism.wisc.edu/resources/digital-media-ethics/

[8] http://www.spj.org/ethicscode.asp

[9] https://oxfordre.com/communication/view/10.1093/acrefore/9780190228613.001.0001/acrefore-9780190228613-e-508

[10] https://www.mediaethicsmagazine.com/index.php/browse-back-issues/144-fa…

[11] https://ethics.journalism.wisc.edu/resources/digital-media-ethics/

 

More Articles

How Much AI is Too Much AI for Ethical Journalism

As artificial intelligence transforms newsrooms across South Asia, journalists grapple with the fine line between enhancement and dependency

Saurabh Sharma
Saurabh Sharma Published on: 1 Jul, 2025
How to Tell the Stories of Gaza’s Children

Where does compassion end and journalism begin? How can one engage with children ethically, and is it even morally acceptable to conduct interviews with them? Palestinian journalist Reem Al-Qatawy offers a profoundly different approach to human-interest reporting. At the Hope Institute in Gaza, she met children enduring the harrowing aftermath of losing their families. Her experience was marked by intense professional and ethical challenges.

Rima Al-Qatawi
Rima Al-Qatawi Published on: 26 Jun, 2025
Do Foreign Journalists Matter in Covering Genocide? A Look into Bosnia, Rwanda, and Gaza

How did foreign journalists cover the killings in both Bosnia-Herzegovina and Rwanda? Did they contribute to conveying the truth and making an impact? Would the entry of foreign journalists into the Gaza Strip change the reality of the ongoing genocide? And would their coverage of the famine and massacres add to the daily coverage of local journalists? Why is the local press's coverage of wars seen as deficient compared to Western journalism, even though they incur greater losses and casualties?

Saber Halima
Saber Halima Published on: 20 Jun, 2025
How Palestine Is Forcing Journalists to Reexamine Objectivity and Decolonize

This article argues that the Palestinian context exposes the colonial roots of traditional journalism and calls for a decolonial approach that centers marginalized voices, promotes collaborative reporting, and demands structural change within newsrooms to uphold journalistic integrity.

Sanne Breimer
Sanne Breimer Published on: 12 Jun, 2025
The Role of Social Science Tools in Enhancing Journalism

When French sociologist Pierre Bourdieu was asked about the contribution of the suburbs to elections, he replied that decades of colonialism and complex problems cannot be summarised in 10 minutes. The value of social sciences in supporting journalism is demonstrated when they address issues of society, power, and identity for the sake of better journalism.

Rehab Zaheri
Rehab Zaheri Published on: 6 Jun, 2025
Digital Dependency: Unpacking Tech Philanthropy’s Grip on Local News in the MENA

AI-driven journalism initiatives in the Middle East, often backed by philanthropic media development projects, are reshaping local newsrooms under the influence of global tech giants. These efforts, while marketed as support, risk deepening power asymmetries, fostering digital dependency, and reactivating colonial patterns of control through algorithmic systems and donor-driven agendas.

Sara Ait Khorsa
Sara Ait Khorsa Published on: 3 Jun, 2025
Journalism Colleges in Somalia: A Battle for Survival

Journalism colleges in Somalia are struggling to survive due to outdated curricula, lack of practical training, insufficient funding, and a shortage of qualified educators, leading to declining student enrollment and interest. Despite efforts by institutions like Mogadishu University and Hormuud University to revive journalism education, these challenges persist, threatening the future of journalism in the country.

Al-Shafi Abtidon
Al-Shafi Abtidon Published on: 30 May, 2025
Philippine Activists Fight Archive Erasure and Revive Dictatorship-Era Memories

In the Philippines, archivists fight to preserve evidence of the country’s bloodied past, in hope that it will provide lessons for the future.

Tristan James Biglete
Tristan James Biglete Published on: 27 May, 2025
News Fatigue and Avoidance: How Media Overload is Reshaping Audience Engagement

A study conducted on 12,000 American adults revealed that two-thirds feel “exhausted” by the overwhelming volume of news they receive. Why is the public feeling drained by the news? Are audiences actively avoiding it, and at what psychological cost? Most importantly, how can the media rebuild trust and reconnect with its audience?

Othman Kabashi
Othman Kabashi Published on: 25 May, 2025
Weaponized Artificial Intelligence: The Unseen Threat to Fact-Checking

How has artificial intelligence emerged as a powerful tool during wartime, and what strategies are fact-checkers adopting to confront this disruptive force in newsrooms? The work of fact-checkers has grown significantly more challenging during the genocide in Palestine, as the Israeli occupation has relied heavily on artificial intelligence to disseminate misinformation.

Ahmad Al-Arja
Ahmad Al-Arja Published on: 18 May, 2025
Reporting from the Ruins; Why We Must Keep Myanmar’s Journalists Alive and Online

In Myanmar, journalism has become a courageous act of resistance. As the military junta tightens its grip on information, journalists face growing technological, political, and security barriers. This article explores the urgent need to support Myanmar’s embattled media workers before the country slides into a full information blackout.

Annie Zaman
Annie Zaman Published on: 13 May, 2025
Palestinian Journalist Lama Ghosheh Refuses to Be Silenced Under Occupation

Despite ongoing repression under Israeli occupation, Palestinian journalist Lama Ghosheh continues her work with unwavering resolve, documenting the lived realities of her people. Her story is one of resistance, family, and the high cost of speaking truth in the face of systemic silencing.

Synne Furnes Bjerkestrand
Synne Bjerkestrand Published on: 9 May, 2025
The Media Landscape in Sudan During the War

The ongoing war in Sudan has dismantled many media institutions, creating a vacuum filled by a vast stream of rumors and false information that has fueled internal conflict. A large segment of the public has turned to social media platforms in search of the truth, while some traditional media outlets continue to operate despite the targeting of their offices and journalists.

Mohammed Babiker Al-Awad
Mohammed Babiker Al-Awad Published on: 2 May, 2025
Western Media’s Double Standards on Muslim Women’s Suffering

When an Iranian student publicly protested against security forces by undressing, the moment garnered widespread attention in Western media. Meanwhile, even as 70 percent of those killed in Palestine are women and children, this ongoing violence—including the systematic killing, torture, and detention of Palestinian women—receives minimal coverage. This disparity raises urgent questions: How do Western media represent women’s issues in the Islamic world, and to what extent are such portrayals shaped by double standards?

Shaimaa Al-Eisai
Shaimaa Al-Eisai Published on: 24 Apr, 2025
Western Media Has Failed Their Palestinian Colleagues

A 2024 CPJ report revealed that nearly 70% of journalists killed that year were targeted by Israel, yet major Western media outlets largely ignored or downplayed the findings. The muted response to these targeted attacks and escalating press restrictions highlights a troubling double standard in the West’s commitment to press freedom.

Assal Rad
Assal Rad Published on: 21 Apr, 2025
Weaponizing the Law: SLAPPs Against Journalists and Press Freedom

SLAPPs—abusive lawsuits designed to silence journalists and activists—are surging across Southeast Asia, exploiting vague laws and weak protections to punish those who speak truth to power. As legal harassment intensifies, journalists face not only imprisonment and censorship but also emotional trauma, exile, and long-term damage to their careers.

AJR Contributor Published on: 17 Apr, 2025
Predicting the Future of Media in 2025

The rise of citizen journalism, the rethinking of long-form content, the evolution of video, and the exploration of AI opportunities are key elements of the media landscape forecast for 2025, according to a report from Harvard University's Nieman Lab.

Othman Kabashi
Othman Kabashi Published on: 15 Apr, 2025
Revisioning Journalism During a Genocide

Western media’s coverage of the Gaza genocide has revealed fundamental cracks in the notion of journalistic objectivity. Mainstream outlets have frequently marginalized or discredited Palestinian perspectives, often echoing narratives that align with Israeli state interests. In stark contrast, Palestinian journalists—reporting from within a besieged landscape—have become frontline truth-tellers. Through raw, emotional storytelling, they are not only documenting atrocities but also redefining journalism as a form of resistance and a reclaiming of ethical purpose.

Ana Maria Monjardino
Ana Maria Monjardino Published on: 4 Apr, 2025
How Media Drives Collective Adaptation During Natural Disasters in Oman

This paper highlights how Omani media, during times of natural disasters, focused on praising government efforts to improve its image, while neglecting the voices of victims and those affected by the cyclones. It also examines the media’s role in warning against and preventing future disasters.

Shaimaa Al-Eisai
Shaimaa Al-Eisai Published on: 31 Mar, 2025
Systematic Bias: How Western Media Framed the March 18 Massacre of Palestinians

On March 18, Israel launched a large-scale assault on Gaza, killing over 412 Palestinians and injuring more than 500, while Western media uncritically echoed Israel’s claim of “targeting Hamas.” Rather than exposing the massacre, coverage downplayed the death toll, delayed key facts, and framed the attacks as justified pressure on Hamas—further highlighting the double standard in valuing Palestinian lives.

Mei Shigenobu مي شيغينوبو
Mei Shigenobu Published on: 18 Mar, 2025
Misinformation in Syria: Natural Chaos or Organised Campaign?

Old videos inciting “sectarian strife,” statements taken out of context attacking Christians, scenes of heavy weaponry clashes in other countries, fabricated stories of fictitious detainees, and a huge amount of fake news that accompanied the fall of Bashar al-Assad’s regime: Is it the natural chaos of transition or a systematic campaign?

Farhat Khedr
Farhat Khedr Published on: 11 Mar, 2025
Trump and the Closure of USAID: A Candid Conversation on "Independent Media"

The impact of U.S. President Donald Trump's decision to halt foreign funding through the U.S. Agency for International Development (USAID) on Arab media platforms has largely gone undiscussed. Some of these platforms have consistently labelled themselves as "independent" despite being Western-funded. This article examines the reasons behind the failure of economic models for Western-funded institutions in the Arab world and explores the extent of their editorial independence.

Ahmad Abuhamad Published on: 9 Mar, 2025
The Sharp Contrast: How Israeli and Western Media Cover the War on Gaza

Despite being directly governed by Israeli policies, some Israeli media outlets critically report on their government’s actions and use accurate terminology, whereas Western media has shown complete bias, failing to be impartial in its coverage of Israel’s aggression in Gaza.

Faras Ghani Published on: 5 Mar, 2025
International Media Seek Gaza Access; What Do Palestinian Journalists Say?

As international media push for access to Gaza, Palestinian journalists—who have been the primary voices on the ground—criticize their Western counterparts for failing to acknowledge their contributions, amplify their reports, or support them as they risk their lives to document the war. They face systemic bias and exploitation, and continue to work under extreme conditions without proper recognition or support.

NILOFAR ABSAR
Nilofar Absar Published on: 26 Feb, 2025