الصِّحافة في فرنسا. الحريّةُ هي فقط أن تنتقدَ الإسلام  

الصِّحافة في فرنسا. الحريّةُ هي فقط أن تنتقدَ الإسلام  

أظهرت الأزمة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (تصريحاته حول الإسلام، ثم قانون الأمن الشامل) نفوذًا لـ "بلد الحرية" يبلغُ وسائلَ الإعلام خارج حدود فرنسا قادرًا على قمع أصواتٍ ناقدةٍ بمبررات مختلفة، دون أن يستطيع فِعْلَ الأمر نفسِه داخلَ بلاده. وقد اختلفت مستويات التدخل والقمع، من الوزراء والسفراء إلى أن وصل لتدخل الرئيس الفرنسي بنفسه، كما حدث مع الصحف الأمريكية.

لا يمكن القول: إن ماكرون أو أذْرُعَه طالبوا بحذف مقالات بعينها، فرُدُودُ الفعل اختلفت بين منابرَ أوروبيةٍ قررت حذْف المقالات المُنتقَدة فرنسيًّا، ومنابرَ أميركيةٍ لم تتراجع أمامَ الهجوم عليها، وإن أبدت بعض اللين في نهاية المطاف. هكذا، سحبت مواقع "فايننشال تايمز" و"بوليتيكو أوروبا"، وهو النسخة الأمريكية من موقع "بوليتيكو الأمريكي"، مقالا بعد انتقادات فرنسية، وهي سابقةٌ في التاريخ العريق لبوليتيكو.

 

تطويع الإعلام الأوروبي

المقال المحذوف من "بوليتيكو أوروبا" كان لفرهاد خسروخافار، عالم الاجتماع الفرنسي ذي الأصول الإيرانية، بعنوان "الدين العَلماني الخطير في فرنسا" (1) جاء فيه إن العلمانية المعتدلة أو الوسطية جيءَ مكانَها بعلمانية جديدة تُروّج لازدراء الأديان. وشبَّه الكاتب العلمانية في شكلها الجديد بـ "الدين المدني" الذي له كَهَنَتُه (متمثلين في وزراء الحكومة)، والبابا الخاصُّ به (متمثلًا في رئيس الجمهورية)، ومساعدو الكهنة (متمثلين في المفكرين)، وهَراطِقَتُه أيضًا (متمثلين في كلِّ مَن ينادي بموقف أقلَّ عدائيةً تجاه الإسلام، وهم الذين يتم رفضهم ونعتهم بأنهم "يساريون إسلاميون"). 

برّر ستيفن براون -رئيسُ التحرير- قرارَ الحذف بأن توقيت المقال عَقِبَ الهجوم على كنيسة نيس "لم يكن مناسبًا"، بل إنه حتّى لم يُبلِّغ الكاتبَ بالأمر. ولكن عندما تفاقمت المسألة، اضطُّرّ إلى تقديم اعتذار.

في تصريحات خاصة لـ "مجلة الصحافة"، اعترف براون بتأخرهم في التواصل مع الكاتب بشأن مقالته، وأنه اعتذر له عن ذلك، قائلًا: إن المقالة "لم تستوفِ معاييرَ المِنَصّة، ولم يكن ينبغي نشرُها بهذا الشكل". وأضاف في السياق نفسِه: "يجب علينا أن نكون مسؤولين عن المقالات المنشورة على موقعنا". أما خسروخافار فاعتبره معيارًا مزدوَجًا للحرية (2). 

بعد قرار الحذف بيومين، نشر الموقع رسالة إلى رئيس التحرير (3) من جبرائيل عتال، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، بعنوان: "علمانية فرنسا تعني الحرية والحماية للجميع" خصَّ فيها مقال خسروخافار بالنقد، واصفًا الأساليب "الانتهازية والدنيئة"، المتمثلة في البحث عن كبش فداء وإلقاء اللوم على الضحية لدوافع سياسية أو غيرها بالأمر "المخادع والخطير". واختتم: "إذا كان الترويج لحرية التعبير والحرية الدينية يبدو متطرِّفًا، فنحن مُذنبون. إن حرية التعبير في فرنسا هي أساس الحوار والفكر الحر والديمقراطية. هذه المبادئ ليست خَطِرة، وهي غير قابلة للتفاوض".

أما الواقعة الثانية، فكانت لجريدة "فاينانشال تايمز" البريطانية التي حذفت مقالًا بعنوان: "حرب ماكرون على "الانفصالية الإسلامية"، فقط، تُقسِّم فرنسا أكثر" لمراسلتها في بروكسل ذات الأصول الباكستانية، والمعنية بشؤون الاتحاد الأوروبي، مِهرين خان.

جاء الحذف بعد شكاوًى عِدّةٍ من القرّاء من "مغالطات في الوقائع"، كما ذكرت الجريدة، واتصال غاضب من مكتب الرئيس الفرنسي، كما ذكر بن سميث، رئيس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلًا عن ماكرون (4). ومنذ ذلك الحين لم تكتب خان في الأزمة مُجدّدًا. حاولْنا التواصلَ مع رولا خلف، رئيسة تحرير "فاينانشال تايمز"، وبعثنا لها بالأسئلة لكن دون ردّ.

سُرعانَ ما نشرت بعدها الجريدة البريطانية رسالة (5) من الرئيس الفرنسي انتقد فيها المقال المحذوف الذي قال: إنه أخطأ في نقل تصريحاته فاستخدم مصطلح "الانفصالية الإسلامية" بدلًا من "الانفصالية الإسلاموية". "أكره أن يوضع على لساني كلامٌ لم أقلْه" (6). هكذا عبَّر باستياء رافضًا الاتهامَ بمعارضة دينٍ بعينه. وبنبرة حادة قال: "لن أسمح لأي شخص بأن يزعم أن فرنسا أو حكومتها تشجع العنصرية ضد المسلمين"، مؤكِّدًا أن بلاده تعرف ما تدين به للحضارة الإسلامية في الرياضيات والعلوم والهندسة المعمارية التي ينقل منها الجميع، ولافتًا إلى إعلانه إنشاء معهد في باريس لعرض هذه "الثروة العظيمة". 

 

محاكمة العَلمانية

"يبدو الأمر كما لو كنا فوق دخانِ أنقاضِ بُرجَي التجارةِ العالمية، ويقولون لنا: إننا فعلنا ما نستحق به ذلك"، بهذه الكلمات عبرت باستياء آن صوفي براديل، مستشارة الاتصالات الدولية للرئيس ماكرون، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، في معرِض انتقادها للإعلام الأمريكي.

صحف "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" كانتا الأكثرَ عُرضةً للانتقاد في الأوساط الفرنسية المختلفة، وحتى من بعض الإعلام اليساري الفرنسي، باعتبارهما منبرَين لأصوات حادة هي الأعلى ضجيجًا ضد السياسة الفرنسية خاصة "من النساء السود والعرب المنتمين للفرانكفونية" (7)، كما ذكَر مقال في "واشنطن بوست".

وكلما تحدث هؤلاء -"الذين لا يرون العالمَ بالطريقة التي تريدها النُّخَب الفرنسية"، كما وصفهم رئيس تحرير "نيويورك تايمز"- عن العنصرية وعن تاريخ فرنسا المُلطَّخ به وموروثاتها الاستعلائية؛ كلما نَهَشَ فيهم وفيهن الإعلامُ الفرنسي.

"يبدو الأمر كما لو أن فرنسا، السيدة الاستعمارية العجوز، لا تستطيع أن تُصدِّق أن رعاياها السابقين من الأفارقة والمسلمين يردّون عليها"، هكذا كتبت كارين عطية، محررة الآراء الدولية في "واشنطن بوست"، وهي أمريكية من أصول أفريقية. لكن أبرز الأصوات الفرنسية الصاخبة في الجريدة كانت رقية ديالو، وهي صحفية فرنسية مسلمة من أصل أفريقي، تعد الأكثر جدلا في فرنسا بين من يكتبون بالخارج، تحديدًا في الإعلام الأمريكي. وصفها ضيف فرنسي في أحد البرامج بأنها "ناشطة هُويّة" (8) أي ناشطة في حقوق الإنسان على أساس الهوية، مُتعمِّدًا حذف مهنتها كصحفية. وتعرضت لإهانة شخصية من كاتب كان بصحبتها في الأستوديو؛ وصفَها على الهواء بأنها "امرأة مسلمة وسوداء" (9)، وكال لها اتهاماتٍ بدعم "الإرهاب". كتبت ديالو على تويتر؛ بأنها لم تتعرض لمثل هذا العنف على الهواء قبل ذلك.

لم يقتصر النقد على الأصوات الأفريقية بالجريدة، وكان أشبهَ بالخط العام لمِساحة الرأي، بل ومساحة التحليل الإخباري أيضًا، فبينما وصَف كاتب معايير ماكرون الليبرالية بـ"الازدواجية" (10)، وعنون آخر مقالَه "بدلًا من محاربة العنصرية المُمنهجة فرنسا تريد إصلاح الإسلام" (11)، جرى الحديث أيضًا عن التمييز العنصري الموثق الذي يطول العربَ والسود في فرنسا على يد قوات الشرطة التي تعد مؤسسةً من مؤسسات الدولة (12). 

التحليل والتغطية الإخبارية في "نيويورك تايمز" أيضًا لم تُعجب "بلد الحرية" بعد أن تمت المقارنة (13) بين رد الفعل "الأيديولوجي" للرئيس الفرنسي ورد الفعل "التصالحي" للمستشار النمساوي على "الهجمات الإرهابية" التي ضربت بلديهما. ولم ينس الفرنسيون التغطية الأولية للجريدة لحادث ذبح المدرّس الفرنسي وما تلاه، إذ كان عنوان الخبر: "الشرطة الفرنسية تقتل رجلًا بعد هجوم فتَّاك بالسكين في الشارع". ولم يشفع للجريدة تغيير العنوان بعد تصريحات للشرطة الفرنسية.

 

استجابة أمريكية

مثَّلت الجريدتان الأمريكيتان مَحْفَلَين للآراء المندِّدة بسياسة ماكرون، ولكن حتى حين. في "واشنطن بوست"، نشر السفير الفرنسي في الولايات المتحدة مقالًا بعنوان "فرنسا تقف في وجه التطرف دون المساس بقيمها" (14)؛ أعرب فيه عن استياء بلاده من ردود الفعل في الصحافة الأمريكية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفها بغير العادلة وفي بعض الأحيان مبنية على معلومات مغلوط فيها، قائلًا: "نحن نحارب التطرف في بلدنا لا دينًا أو مجتمعًا بعينه".

بعد المقال ببضعة أيام، نشرت الصحيفة مقالًا لبنيامين حداد، مدير مبادرة أوروبا المستقبل في المجلس الأطلسي -وهو مركز أبحاث أمريكي-، بعنوان "على منتقدي ماكرون أن يفهموا ما تحاربُه فرنسا" (15)، هو الوحيد في الجريدة حتى اليوم المدافِع عن السياسة الماكرونية بخلاف صوت السفير الفرنسي. والمعروف أن حدَّاد له جذور لبنانية وعلاقات بإسرائيل، وقد كتب عدةَ مقالات دفاعية عن السياسة الفرنسية في الأزمة الحالية في عدة صحف أمريكية وفرنسية.

أما في حالة "نيويورك تايمز"، فتلقّى بن سميث -رئيس التحرير- اتصالًا هاتفيًّا مباشرًا من قصر الإليزيه اتهم فيه الرئيسُ الفرنسي الإعلامَ الأمريكي بإضفاء الشرعية على العنف، وهو ما اعتبره سميث اتهامًا خطيرًا. شكا ماكرون "انحياز" إعلام "بلد هو وريث التنوير والثورة الفرنسية"، وهوسَه بالعنصرية، وآراءَه حول الإرهاب، وتردُّدَه، في التضامن مع جمهوريته المحاصرة ، مُلقيًا باللوم على فرنسا بدلًا من القتلة، كما كتب سميث في مقاله بعنوان "الرئيس في مواجهة الإعلام الأمريكي" (16). 

بعد نحو أسبوعين من اتصال ماكرون، ردت الجريدة الأمريكية بافتتاحية (17) أنهت بها الموضوعَ برمته. دافعت عن دور الإعلام عمومًا ووظيفته وواجبه في طرح الأسئلة حول جذور العنصرية، والغضب العرقي وانتشار فكر الإسلام السياسي بين المسلمين الغربيين إلى جانب نقد فاعلية السياسات الحكومية وأثرها، لكنها أيضًا اختتمت بالقول: "حين يضرب الإرهابيون، هناك رد واحد فقط. وفي هذا الجانب، يا سيد ماكرون، فرنسا لا تقف وحدها"، فيما بدا أنه يشكل استجابةً للضغوط الفرنسية. وكان هذا آخرَ ما كُتب في الموضوع.

 

إعلام الإثارة

لمّا كانت الأخبار المغلوطة في وقت الأزمات عملًا غير مسؤول، وباعثة على الكراهية والانقسام، ومهددًة للسلم العام، ومُثيرًة للشغب، وقد تُتَّخَذ مبرِّرًا لأعمال عنف، كان مفهومًا ومُبرَّرًا أن تنال محررةُ الآراء الدولية في "واشنطن بوست" هجومًا لاذعًا من الفرنسيين. لقد نشرت المحررة على تويتر معلومة خاطئة حول اعتزام الحكومة الفرنسية منْحَ أرقام وطنيّة خاصّة للأطفال المسلمين لتمييزهم عن غيرهم، والتي نقلتها عن مصدر لم يدقق المعلومة. حينها انفتحت جبهة حرب إلكترونية على كارين عطية شارك فيها صحفيون وشخصيات بارزة ووزراء حكومة مثل سيدريك أُو، سكرتير الدولة الفرنسي للقطاع الرقمي، الذي لم يفته التهكمُ من الادعاء فغرَّد مُعلقًا "هذا صحيح. ونشرب دماء الأطفال على الإفطار كذلك. لا يمكن للديمقراطيات أن تكافح الأخبار المغلوطة والتضليل إذا لم يقم الصحفيون الجادون بالتحقق الأساسي من الأخبار". حذفت عطية التغريدة التي تضمنت المعلومة المغلوطة، واعتذرت "بشكل لا لَبْسَ فيه" وذلك حتى "لا تجعل الأمر أصعب على زملائها في تناول قصة صعبة".

لكن التضليل الإعلامي الذي مارسته وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب) والذي من شأنه إذكاء الأزمة لم ينل حظه في الإعلام ومرَّ مرورَ الكرام. أما من تصدى له فكان مسؤولًا قضائيًّا فرنسيًّا أصدر بيانًا خصَّ فيه الوكالةَ بالنقد لنشرها خبرًا مفادُه أن شابًّا مسلمًا في العشرين من العمر تعرض لاعتداء من أقرانه المسلمين لاحتفاله بعيد الميلاد، ولأنه ابن لزوجين شرطيين، أم عربية وأب فرنسي.

استغل وزير الداخلية الفرنسي بالطبع ما أسماه "الهجوم العنصري" قائلًا: إنه خير مثال للانفصالية الأصولية التي تسعى لتقويض القيم الفرنسية، لكنّ بيانًا للمدعي العام في مدينة بلفور -حيث وقع الحادث الذي حمل "نزعات استعلائية لا دينية"- وجَّهَ اتهاماتٍ للوكالة بالتسرع وعدم التحقق (18) مؤكِّدا أن نشر معلومات مُجْتَزأة أو غير دقيقة قد يسبب اضطرابًا في النظام العام من التغطية الإعلامية وحتى ردود الفعل المتفاقمة المترتبة عليها. كلا الخبرين من شأنه شحن الحشود بمشاعر سلبية، لكنها المعايير المزدوجة في التعامل مجددًا.

 

الهوية والمنصة عاملًا

السمة المشتركة بين الأصوات التي طالتها الأذرع الماكرونية سواء بالقمع أو بالتنديد هي أنها في الغالب أصوات مهاجرين بعضهم استوطن فرنسا وهم من أصول إيرانية وأفريقية، والآخرون استوطنوا دولًا غيرها وهم من أصول باكستانية وأفريقية، وأن المنابر الإعلامية الموضوعة تحت المراقبة الدقيقة هي منابر أجنبية خارج فرنسا، وإلا ماذا فعلت الأذرع الماكرونية مع الموقعين الفرنسيين "ميديا بارت" و"مجلة أوريان21" Orient XXI اليسارية المعنية بشؤون العالم العربي والإسلامي، اللذين أعادا نشر مقال خسروخافار المغضوب عليه بعد حذفه؟

لا شيء!

هل كان سيختلف رد الفعل الفرنسي الحاد لو جاء هذا النقد والهجوم من فرنسيين ليسوا من أصول مهاجِرة، وربما ليسوا مسلمين؟ ليس بالضرورة، فالأمر يتوقف على المنبر الدولي أو الناشر الذي أعطى المِساحة، فهناك من اعتبر صراحةً أن بلاده تُحرِّف العَلمانية لاستهداف الإسلام (19) مثل آلان جريش، رئيس التحرير السابق لمجلة "لوموند دبلوماتيك" ورئيس تحرير مجلة "أوريان 21" وكاتب آخر في المجلة نفسها انتقد حكومته قائلًا إن الانفصالية هي إخضاع للإسلام ولمسلمي فرنسا (20)، لكن مثل هذين الصوتين، وهما من أصوات الفرنسيين الأصليين، من غير المسلمين، في الداخل الفرنسي، لديهم المساحة الكافية لمواصلة حديثهم الناقد دون سعي حكومتهم لتكميم أفواههم كما فعلت مع الإعلام الأجنبي خارج حدود البلاد. هذه المساعي التي جاءت في صورة اتصالات هاتفية أو رسائل ومقالات لرموز الدولة تحمل وجهة نظر الحكومة في الأزمة وتُنحّي الأصوات المخالفة جانبًا إما تطوعًا من إدارة الجريدة أو المنصة وقيادتها التحريرية، وإما بممارسة الإرهاب الفكري من قِبَل حكومة ماكرون.

لكن الهجوم الذي طال فانسن جيسير -العالم السياسي الفرنسي- بسبب مقاله "هل تشعل فرنسا الإرهاب المسلم عن طريق محاولتها منعه؟" (21) في جريدة "نيويورك تايمز" لم يكن بالهيّن. قال جيسير: إن رفض المسلمين للعلمانية اليوم هو رفض للتفسير الأحْدَثِ والأكثرِ أيديولوجية له بعد أن صار غطاءً للعنصرية ضد المسلمين. وعلى الرغم من أن كلا المقالين لجريش وجيسير من نوعية الخطاب الذي ينتقده النظام الفرنسي، إلا أن المنبر الدولي الواسع في حالة جيسير أذكى العداوة، تمامًا كما في حالة ديالو التي تكتب في الجريدة الأمريكية نفسِها وتحظى بمتابعة أكثر من 150 ألف شخص لحسابها الشخصي على تويتر.

الجديرُ بالذكر أن وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية نشرت تغريدة على تويتر حملت نفس معنى مقال جيسير تساءلت فيها: "لماذا تُحرِّض فرنسا على الغضب في العالم الإسلامي؟"، قبل أن تحذفها سريعًا بدعوى استخدامها لمفردات ضعيفة للإعلان عن مقالة (22) تشرح الغضب الموجه لفرنسا في العالم الإسلامي. ومن غير المؤكد وجود ضغوط وراء قرار الحذف.

وحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" (23) -فرنسية النشأة- فإن الاستقلالية التحريرية للصحافة الفرنسية "غير محمية بشكل كاف ضد تضارب المصالح" في ظل ميل رجال الأعمال إلى الاستحواذ على الإعلام والتأثير في الرأي العام بما يخدم مصالحهم. يتعرض الصحفيون أيضًا لمُناخ العَداء الذي يغذّيه السياسيون الذين يستخدمون لغة عدوانية، وللمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكونون أهدافًا مفضَّلة للمتصيدين من جميع الأنواع الذين يختبئون وراء شاشاتهم وأسماء مستعارة.

واتخذت أشكال التضييق على الصحافة في فرنسا صورًا عدة؛ بدءًا من وسائل التواصل الاجتماعي ومناخ عدائي يُغذيه السياسيّون بحملاتهم العدوانية، إلى المنع من التصوير أو مصادرة أجهزة، وفي بعض الأحيان وصلت إلى استدعاء صحفيين استقصائيين من قِبَل أجهزة المخابرات لاستجوابهم في مواضيع حساسة بشأن تحقيقاتهم الصحفية كما حدث مع الموقع الاستقصائي "ميديا بارت". ومع قانون "الأمن العام" المقترح، (الذي تراجعت الحكومة عن بعض بنوده أمام حدة الاحتجاجات) فمن المتوقع أن تتراجع حرية الصحافة في فرنسا.

 

 


[1] https://pressnewsagency.org/frances-dangerous-religion-of-secularism/

[2] https://orientxxi.info/magazine/a-censured-debate,4282

[3] https://www.politico.eu/article/frances-secularism-means-freedom-and-pr…

[4] https://www.nytimes.com/2020/11/15/business/media/macron-france-terrori…

[5] https://www.ft.com/content/8e459097-4b9a-4e04-a344-4262488e7754

[6] راجع المصدر الرابع 

[7] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/12/03/macrons-centrist-tol…

[8] https://twitter.com/RokhayaDiallo/status/1330964218384879616

[9] https://www.nouvelobs.com/teleobs/20201022.OBS35075/charlie-hebdo-pasca…

[10] https://www.washingtonpost.com/world/2020/12/02/macron-france-race-pres…

[11]https://www.washingtonpost.com/outlook/macron-france-reform-islam-paty/…

[12] https://www.washingtonpost.com/world/europe/france-police-michel-zecler…

[13] https://www.nytimes.com/2020/11/09/world/europe/france-austria-terroris…

[14] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/11/28/france-ambassador-ph…

[15] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/12/16/macrons-critics-need…

[16] راجع المصدر الرابع

[17] https://www.nytimes.com/2020/12/04/opinion/macron-terrorism-france.html

[18] https://breaknews.fr/fake-news-non-un-musulman-na-pas-ete-agresse-pour-…

[19] https://orientxxi.info/magazine/article4354

[20] https://orientxxi.info/magazine/article4279

[21] https://www.nytimes.com/2020/10/31/opinion/france-terrorism-muslims.html

[22] https://apnews.com/article/boycotts-paris-middle-east-western-europe-fr…

[23] https://rsf.org/en/france

 


 

More Articles

Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 11 Aug, 2025
The Washington Post: When Language Becomes a Veil for Pro-Israel Bias

How did The Washington Post's coverage differ between Israel’s bombing of Gaza hospitals and Iran’s strike on an Israeli hospital? Why does the paper attempt to frame Palestinian victims within a “complex operational context”? And when does language become a tool of bias toward the Israeli narrative?

Said Al-Azri
Said Al-Azri Published on: 6 Aug, 2025
The Human Story in Gaza: The Deadly Dilemma of “Who Do We Tell About?”

In the accelerating context of genocide, is the “pace” of death in Gaza outstripping journalists’ ability to capture human stories? How can they be expected to take their time crafting narratives amid hunger, displacement, and death? And to what extent can postwar documentation hold journalistic value in preserving collective memory and pursuing accountability for the perpetrators?

Mirvat Ouf
Mirvat Ouf Published on: 3 Aug, 2025
The Battle to Keep Journalists Alive in Gaza

Hungry journalists covering the story of starvation in Gaza, surviving on salt to stay alive, selling their work equipment to secure a “sack of flour” for their children, shedding the “shame” of publicly asking for food, and enduring the harshest media environment just to maintain “continuous coverage”.

Mona Khodor
Mona Khodor Published on: 26 Jul, 2025
Balancing Productivity and Privacy: How Female Journalists Use AI Chatbots

Female journalists in Jordan are harnessing AI chatbots to boost productivity, enhance digital safety, and find emotional support, but their growing reliance also raises critical concerns about privacy, ethics, and the responsible use of emerging technologies in journalism. This article explores how these tools are reshaping their workflows while navigating the challenges of trust and accountability.

Afnan Abu Yahia
Afnan Abu Yahia Published on: 20 Jul, 2025
From "Death Announcement" to "Eulogy": The Obituary as a Journalistic Genre

Obituaries for influential public figures have become a recognised journalistic genre, handled by seasoned reporters in major media outlets. How did this practice evolve, what defines it professionally, and how ethically acceptable is writing obituaries in advance?

Mahfoud G. Fadili
Mahfoud G. Fadili Published on: 17 Jul, 2025
Canadian Mainstream Media’s Orientalist Stance Towards Palestinians

Canadian mainstream media manufactures consent to support Israel through biased language, withholding historical context, and conflating any criticism of the Israeli state with antisemitism. When the Canadian mainstream media covers the question of Palestine, they usually frame it as a religious issue and withhold the historical and socio-political context.

Sarah Samuel
Sarah Samuel Published on: 14 Jul, 2025
Bias by Omission: How Israeli Occupation Crimes Are Filtered in Western Media

Western media coverage of the war on Gaza does not stop at bias in what it chooses to publish; it practices a deeper form of bias: bias by omission. Testimonies are excluded, massacres are marginalized, and the narrative is reshaped to serve a single version of events. This analysis explores how “gatekeepers” in Western newsrooms play a direct role in silencing the Palestinian voice and entrenching the Israeli narrative.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 11 Jul, 2025
From Rwanda to Palestine: How Media Becomes a Partner in Genocide

July 4 each year coincides with Liberation Day in Rwanda, which marks the end of the genocidal war against the Tutsi. This article explains the reasons behind the media’s neglect of the genocide and how the press failed to help prevent it. It also offers a critical perspective on how the same practices are being reproduced in coverage of the genocidal war on Palestine.

Mohammed Ahddad
Ahdad Mohamed Published on: 5 Jul, 2025
How Much AI is Too Much AI for Ethical Journalism

As artificial intelligence transforms newsrooms across South Asia, journalists grapple with the fine line between enhancement and dependency

Saurabh Sharma
Saurabh Sharma Published on: 1 Jul, 2025
How to Tell the Stories of Gaza’s Children

Where does compassion end and journalism begin? How can one engage with children ethically, and is it even morally acceptable to conduct interviews with them? Palestinian journalist Reem Al-Qatawy offers a profoundly different approach to human-interest reporting. At the Hope Institute in Gaza, she met children enduring the harrowing aftermath of losing their families. Her experience was marked by intense professional and ethical challenges.

Rima Al-Qatawi
Rima Al-Qatawi Published on: 26 Jun, 2025
How Is Western Media Framing the Famine Catastrophe in the Gaza Strip?

Can the media subject the issue of famine in Palestine to so-called professional balance even after UN agencies and the International Court of Justice have acknowledged it? Why have many Western media outlets avoided precise legal and ethical terms such as “famine” or “starvation,” opting instead for vague expressions like “food shortage” or “nutrition crisis”? Doesn’t this practice reflect a clear bias in favor of the Israeli narrative and serve to justify the policy of “systematic starvation”?

Fidaa Al-Qudra
Fidaa Al-Qudra Published on: 23 Jun, 2025
Do Foreign Journalists Matter in Covering Genocide? A Look into Bosnia, Rwanda, and Gaza

How did foreign journalists cover the killings in both Bosnia-Herzegovina and Rwanda? Did they contribute to conveying the truth and making an impact? Would the entry of foreign journalists into the Gaza Strip change the reality of the ongoing genocide? And would their coverage of the famine and massacres add to the daily coverage of local journalists? Why is the local press's coverage of wars seen as deficient compared to Western journalism, even though they incur greater losses and casualties?

Saber Halima
Saber Halima Published on: 20 Jun, 2025
Newspapers: An Industry Adapting to Survive Through Digital Transformation

As digital transformation reshapes the media landscape, newspapers in Cameroon are navigating unprecedented challenges and opportunities. This evolution compels them to adapt their strategies to engage a new generation of readers amidst fierce online competition, decreasing government subsidies, and a decline in print sales.

Akem
Akem Nkwain Published on: 16 Jun, 2025
The Mental Toll on India’s Minority-Focused Freelance Journalists

Freelance journalists in India, particularly those reporting on marginalised communities and conflict zones like Kashmir, endure immense emotional and psychological strain, often without any institutional support. What are the hidden costs of reporting on violence, where telling the truth can come at a steep personal price?

Hanan Zaffa
Hanan Zaffar Published on: 10 Jun, 2025
The Role of Social Science Tools in Enhancing Journalism

When French sociologist Pierre Bourdieu was asked about the contribution of the suburbs to elections, he replied that decades of colonialism and complex problems cannot be summarised in 10 minutes. The value of social sciences in supporting journalism is demonstrated when they address issues of society, power, and identity for the sake of better journalism.

Rehab Zaheri
Rehab Zaheri Published on: 6 Jun, 2025
Journalism Colleges in Somalia: A Battle for Survival

Journalism colleges in Somalia are struggling to survive due to outdated curricula, lack of practical training, insufficient funding, and a shortage of qualified educators, leading to declining student enrollment and interest. Despite efforts by institutions like Mogadishu University and Hormuud University to revive journalism education, these challenges persist, threatening the future of journalism in the country.

Al-Shafi Abtidon
Al-Shafi Abtidon Published on: 30 May, 2025
Philippine Activists Fight Archive Erasure and Revive Dictatorship-Era Memories

In the Philippines, archivists fight to preserve evidence of the country’s bloodied past, in hope that it will provide lessons for the future.

Tristan James Biglete
Tristan James Biglete Published on: 27 May, 2025
News Fatigue and Avoidance: How Media Overload is Reshaping Audience Engagement

A study conducted on 12,000 American adults revealed that two-thirds feel “exhausted” by the overwhelming volume of news they receive. Why is the public feeling drained by the news? Are audiences actively avoiding it, and at what psychological cost? Most importantly, how can the media rebuild trust and reconnect with its audience?

Othman Kabashi
Othman Kabashi Published on: 25 May, 2025
Journalism Associations' Fragmentation Weakening Press Freedom in Cameroon

Cameroon's fragmented media landscape has weakened collective advocacy, allowing government repression of journalists to go largely unchallenged. As press freedom declines, voices like Samuel Wazizi's are silenced, while disunity among journalists enables impunity to thrive.

Njodzeka Danhatu
Njodzeka Danhatu Published on: 20 May, 2025
Weaponized Artificial Intelligence: The Unseen Threat to Fact-Checking

How has artificial intelligence emerged as a powerful tool during wartime, and what strategies are fact-checkers adopting to confront this disruptive force in newsrooms? The work of fact-checkers has grown significantly more challenging during the genocide in Palestine, as the Israeli occupation has relied heavily on artificial intelligence to disseminate misinformation.

Ahmad Al-Arja
Ahmad Al-Arja Published on: 18 May, 2025
Indian Media Fuels Panic with Disinformation

Amid heightened India-Pakistan tensions in early May, Indian mainstream media flooded the public with fake news, doctored visuals, and sensationalist coverage, fueling mass anxiety and misinformation. Fact-checkers and experts condemned the media’s role, calling it a national embarrassment that undermined journalistic integrity and misled citizens during a critical geopolitical moment.

Junaid Kathju
Junaid Kathju Published on: 15 May, 2025
Reporting from the Ruins; Why We Must Keep Myanmar’s Journalists Alive and Online

In Myanmar, journalism has become a courageous act of resistance. As the military junta tightens its grip on information, journalists face growing technological, political, and security barriers. This article explores the urgent need to support Myanmar’s embattled media workers before the country slides into a full information blackout.

Annie Zaman
Annie Zaman Published on: 13 May, 2025
Palestinian Journalist Lama Ghosheh Refuses to Be Silenced Under Occupation

Despite ongoing repression under Israeli occupation, Palestinian journalist Lama Ghosheh continues her work with unwavering resolve, documenting the lived realities of her people. Her story is one of resistance, family, and the high cost of speaking truth in the face of systemic silencing.

Synne Furnes Bjerkestrand
Synne Bjerkestrand Published on: 9 May, 2025