الصِّحافة في فرنسا. الحريّةُ هي فقط أن تنتقدَ الإسلام  

الصِّحافة في فرنسا. الحريّةُ هي فقط أن تنتقدَ الإسلام  

أظهرت الأزمة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (تصريحاته حول الإسلام، ثم قانون الأمن الشامل) نفوذًا لـ "بلد الحرية" يبلغُ وسائلَ الإعلام خارج حدود فرنسا قادرًا على قمع أصواتٍ ناقدةٍ بمبررات مختلفة، دون أن يستطيع فِعْلَ الأمر نفسِه داخلَ بلاده. وقد اختلفت مستويات التدخل والقمع، من الوزراء والسفراء إلى أن وصل لتدخل الرئيس الفرنسي بنفسه، كما حدث مع الصحف الأمريكية.

لا يمكن القول: إن ماكرون أو أذْرُعَه طالبوا بحذف مقالات بعينها، فرُدُودُ الفعل اختلفت بين منابرَ أوروبيةٍ قررت حذْف المقالات المُنتقَدة فرنسيًّا، ومنابرَ أميركيةٍ لم تتراجع أمامَ الهجوم عليها، وإن أبدت بعض اللين في نهاية المطاف. هكذا، سحبت مواقع "فايننشال تايمز" و"بوليتيكو أوروبا"، وهو النسخة الأمريكية من موقع "بوليتيكو الأمريكي"، مقالا بعد انتقادات فرنسية، وهي سابقةٌ في التاريخ العريق لبوليتيكو.

 

تطويع الإعلام الأوروبي

المقال المحذوف من "بوليتيكو أوروبا" كان لفرهاد خسروخافار، عالم الاجتماع الفرنسي ذي الأصول الإيرانية، بعنوان "الدين العَلماني الخطير في فرنسا" (1) جاء فيه إن العلمانية المعتدلة أو الوسطية جيءَ مكانَها بعلمانية جديدة تُروّج لازدراء الأديان. وشبَّه الكاتب العلمانية في شكلها الجديد بـ "الدين المدني" الذي له كَهَنَتُه (متمثلين في وزراء الحكومة)، والبابا الخاصُّ به (متمثلًا في رئيس الجمهورية)، ومساعدو الكهنة (متمثلين في المفكرين)، وهَراطِقَتُه أيضًا (متمثلين في كلِّ مَن ينادي بموقف أقلَّ عدائيةً تجاه الإسلام، وهم الذين يتم رفضهم ونعتهم بأنهم "يساريون إسلاميون"). 

برّر ستيفن براون -رئيسُ التحرير- قرارَ الحذف بأن توقيت المقال عَقِبَ الهجوم على كنيسة نيس "لم يكن مناسبًا"، بل إنه حتّى لم يُبلِّغ الكاتبَ بالأمر. ولكن عندما تفاقمت المسألة، اضطُّرّ إلى تقديم اعتذار.

في تصريحات خاصة لـ "مجلة الصحافة"، اعترف براون بتأخرهم في التواصل مع الكاتب بشأن مقالته، وأنه اعتذر له عن ذلك، قائلًا: إن المقالة "لم تستوفِ معاييرَ المِنَصّة، ولم يكن ينبغي نشرُها بهذا الشكل". وأضاف في السياق نفسِه: "يجب علينا أن نكون مسؤولين عن المقالات المنشورة على موقعنا". أما خسروخافار فاعتبره معيارًا مزدوَجًا للحرية (2). 

بعد قرار الحذف بيومين، نشر الموقع رسالة إلى رئيس التحرير (3) من جبرائيل عتال، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، بعنوان: "علمانية فرنسا تعني الحرية والحماية للجميع" خصَّ فيها مقال خسروخافار بالنقد، واصفًا الأساليب "الانتهازية والدنيئة"، المتمثلة في البحث عن كبش فداء وإلقاء اللوم على الضحية لدوافع سياسية أو غيرها بالأمر "المخادع والخطير". واختتم: "إذا كان الترويج لحرية التعبير والحرية الدينية يبدو متطرِّفًا، فنحن مُذنبون. إن حرية التعبير في فرنسا هي أساس الحوار والفكر الحر والديمقراطية. هذه المبادئ ليست خَطِرة، وهي غير قابلة للتفاوض".

أما الواقعة الثانية، فكانت لجريدة "فاينانشال تايمز" البريطانية التي حذفت مقالًا بعنوان: "حرب ماكرون على "الانفصالية الإسلامية"، فقط، تُقسِّم فرنسا أكثر" لمراسلتها في بروكسل ذات الأصول الباكستانية، والمعنية بشؤون الاتحاد الأوروبي، مِهرين خان.

جاء الحذف بعد شكاوًى عِدّةٍ من القرّاء من "مغالطات في الوقائع"، كما ذكرت الجريدة، واتصال غاضب من مكتب الرئيس الفرنسي، كما ذكر بن سميث، رئيس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلًا عن ماكرون (4). ومنذ ذلك الحين لم تكتب خان في الأزمة مُجدّدًا. حاولْنا التواصلَ مع رولا خلف، رئيسة تحرير "فاينانشال تايمز"، وبعثنا لها بالأسئلة لكن دون ردّ.

سُرعانَ ما نشرت بعدها الجريدة البريطانية رسالة (5) من الرئيس الفرنسي انتقد فيها المقال المحذوف الذي قال: إنه أخطأ في نقل تصريحاته فاستخدم مصطلح "الانفصالية الإسلامية" بدلًا من "الانفصالية الإسلاموية". "أكره أن يوضع على لساني كلامٌ لم أقلْه" (6). هكذا عبَّر باستياء رافضًا الاتهامَ بمعارضة دينٍ بعينه. وبنبرة حادة قال: "لن أسمح لأي شخص بأن يزعم أن فرنسا أو حكومتها تشجع العنصرية ضد المسلمين"، مؤكِّدًا أن بلاده تعرف ما تدين به للحضارة الإسلامية في الرياضيات والعلوم والهندسة المعمارية التي ينقل منها الجميع، ولافتًا إلى إعلانه إنشاء معهد في باريس لعرض هذه "الثروة العظيمة". 

 

محاكمة العَلمانية

"يبدو الأمر كما لو كنا فوق دخانِ أنقاضِ بُرجَي التجارةِ العالمية، ويقولون لنا: إننا فعلنا ما نستحق به ذلك"، بهذه الكلمات عبرت باستياء آن صوفي براديل، مستشارة الاتصالات الدولية للرئيس ماكرون، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، في معرِض انتقادها للإعلام الأمريكي.

صحف "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" كانتا الأكثرَ عُرضةً للانتقاد في الأوساط الفرنسية المختلفة، وحتى من بعض الإعلام اليساري الفرنسي، باعتبارهما منبرَين لأصوات حادة هي الأعلى ضجيجًا ضد السياسة الفرنسية خاصة "من النساء السود والعرب المنتمين للفرانكفونية" (7)، كما ذكَر مقال في "واشنطن بوست".

وكلما تحدث هؤلاء -"الذين لا يرون العالمَ بالطريقة التي تريدها النُّخَب الفرنسية"، كما وصفهم رئيس تحرير "نيويورك تايمز"- عن العنصرية وعن تاريخ فرنسا المُلطَّخ به وموروثاتها الاستعلائية؛ كلما نَهَشَ فيهم وفيهن الإعلامُ الفرنسي.

"يبدو الأمر كما لو أن فرنسا، السيدة الاستعمارية العجوز، لا تستطيع أن تُصدِّق أن رعاياها السابقين من الأفارقة والمسلمين يردّون عليها"، هكذا كتبت كارين عطية، محررة الآراء الدولية في "واشنطن بوست"، وهي أمريكية من أصول أفريقية. لكن أبرز الأصوات الفرنسية الصاخبة في الجريدة كانت رقية ديالو، وهي صحفية فرنسية مسلمة من أصل أفريقي، تعد الأكثر جدلا في فرنسا بين من يكتبون بالخارج، تحديدًا في الإعلام الأمريكي. وصفها ضيف فرنسي في أحد البرامج بأنها "ناشطة هُويّة" (8) أي ناشطة في حقوق الإنسان على أساس الهوية، مُتعمِّدًا حذف مهنتها كصحفية. وتعرضت لإهانة شخصية من كاتب كان بصحبتها في الأستوديو؛ وصفَها على الهواء بأنها "امرأة مسلمة وسوداء" (9)، وكال لها اتهاماتٍ بدعم "الإرهاب". كتبت ديالو على تويتر؛ بأنها لم تتعرض لمثل هذا العنف على الهواء قبل ذلك.

لم يقتصر النقد على الأصوات الأفريقية بالجريدة، وكان أشبهَ بالخط العام لمِساحة الرأي، بل ومساحة التحليل الإخباري أيضًا، فبينما وصَف كاتب معايير ماكرون الليبرالية بـ"الازدواجية" (10)، وعنون آخر مقالَه "بدلًا من محاربة العنصرية المُمنهجة فرنسا تريد إصلاح الإسلام" (11)، جرى الحديث أيضًا عن التمييز العنصري الموثق الذي يطول العربَ والسود في فرنسا على يد قوات الشرطة التي تعد مؤسسةً من مؤسسات الدولة (12). 

التحليل والتغطية الإخبارية في "نيويورك تايمز" أيضًا لم تُعجب "بلد الحرية" بعد أن تمت المقارنة (13) بين رد الفعل "الأيديولوجي" للرئيس الفرنسي ورد الفعل "التصالحي" للمستشار النمساوي على "الهجمات الإرهابية" التي ضربت بلديهما. ولم ينس الفرنسيون التغطية الأولية للجريدة لحادث ذبح المدرّس الفرنسي وما تلاه، إذ كان عنوان الخبر: "الشرطة الفرنسية تقتل رجلًا بعد هجوم فتَّاك بالسكين في الشارع". ولم يشفع للجريدة تغيير العنوان بعد تصريحات للشرطة الفرنسية.

 

استجابة أمريكية

مثَّلت الجريدتان الأمريكيتان مَحْفَلَين للآراء المندِّدة بسياسة ماكرون، ولكن حتى حين. في "واشنطن بوست"، نشر السفير الفرنسي في الولايات المتحدة مقالًا بعنوان "فرنسا تقف في وجه التطرف دون المساس بقيمها" (14)؛ أعرب فيه عن استياء بلاده من ردود الفعل في الصحافة الأمريكية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفها بغير العادلة وفي بعض الأحيان مبنية على معلومات مغلوط فيها، قائلًا: "نحن نحارب التطرف في بلدنا لا دينًا أو مجتمعًا بعينه".

بعد المقال ببضعة أيام، نشرت الصحيفة مقالًا لبنيامين حداد، مدير مبادرة أوروبا المستقبل في المجلس الأطلسي -وهو مركز أبحاث أمريكي-، بعنوان "على منتقدي ماكرون أن يفهموا ما تحاربُه فرنسا" (15)، هو الوحيد في الجريدة حتى اليوم المدافِع عن السياسة الماكرونية بخلاف صوت السفير الفرنسي. والمعروف أن حدَّاد له جذور لبنانية وعلاقات بإسرائيل، وقد كتب عدةَ مقالات دفاعية عن السياسة الفرنسية في الأزمة الحالية في عدة صحف أمريكية وفرنسية.

أما في حالة "نيويورك تايمز"، فتلقّى بن سميث -رئيس التحرير- اتصالًا هاتفيًّا مباشرًا من قصر الإليزيه اتهم فيه الرئيسُ الفرنسي الإعلامَ الأمريكي بإضفاء الشرعية على العنف، وهو ما اعتبره سميث اتهامًا خطيرًا. شكا ماكرون "انحياز" إعلام "بلد هو وريث التنوير والثورة الفرنسية"، وهوسَه بالعنصرية، وآراءَه حول الإرهاب، وتردُّدَه، في التضامن مع جمهوريته المحاصرة ، مُلقيًا باللوم على فرنسا بدلًا من القتلة، كما كتب سميث في مقاله بعنوان "الرئيس في مواجهة الإعلام الأمريكي" (16). 

بعد نحو أسبوعين من اتصال ماكرون، ردت الجريدة الأمريكية بافتتاحية (17) أنهت بها الموضوعَ برمته. دافعت عن دور الإعلام عمومًا ووظيفته وواجبه في طرح الأسئلة حول جذور العنصرية، والغضب العرقي وانتشار فكر الإسلام السياسي بين المسلمين الغربيين إلى جانب نقد فاعلية السياسات الحكومية وأثرها، لكنها أيضًا اختتمت بالقول: "حين يضرب الإرهابيون، هناك رد واحد فقط. وفي هذا الجانب، يا سيد ماكرون، فرنسا لا تقف وحدها"، فيما بدا أنه يشكل استجابةً للضغوط الفرنسية. وكان هذا آخرَ ما كُتب في الموضوع.

 

إعلام الإثارة

لمّا كانت الأخبار المغلوطة في وقت الأزمات عملًا غير مسؤول، وباعثة على الكراهية والانقسام، ومهددًة للسلم العام، ومُثيرًة للشغب، وقد تُتَّخَذ مبرِّرًا لأعمال عنف، كان مفهومًا ومُبرَّرًا أن تنال محررةُ الآراء الدولية في "واشنطن بوست" هجومًا لاذعًا من الفرنسيين. لقد نشرت المحررة على تويتر معلومة خاطئة حول اعتزام الحكومة الفرنسية منْحَ أرقام وطنيّة خاصّة للأطفال المسلمين لتمييزهم عن غيرهم، والتي نقلتها عن مصدر لم يدقق المعلومة. حينها انفتحت جبهة حرب إلكترونية على كارين عطية شارك فيها صحفيون وشخصيات بارزة ووزراء حكومة مثل سيدريك أُو، سكرتير الدولة الفرنسي للقطاع الرقمي، الذي لم يفته التهكمُ من الادعاء فغرَّد مُعلقًا "هذا صحيح. ونشرب دماء الأطفال على الإفطار كذلك. لا يمكن للديمقراطيات أن تكافح الأخبار المغلوطة والتضليل إذا لم يقم الصحفيون الجادون بالتحقق الأساسي من الأخبار". حذفت عطية التغريدة التي تضمنت المعلومة المغلوطة، واعتذرت "بشكل لا لَبْسَ فيه" وذلك حتى "لا تجعل الأمر أصعب على زملائها في تناول قصة صعبة".

لكن التضليل الإعلامي الذي مارسته وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب) والذي من شأنه إذكاء الأزمة لم ينل حظه في الإعلام ومرَّ مرورَ الكرام. أما من تصدى له فكان مسؤولًا قضائيًّا فرنسيًّا أصدر بيانًا خصَّ فيه الوكالةَ بالنقد لنشرها خبرًا مفادُه أن شابًّا مسلمًا في العشرين من العمر تعرض لاعتداء من أقرانه المسلمين لاحتفاله بعيد الميلاد، ولأنه ابن لزوجين شرطيين، أم عربية وأب فرنسي.

استغل وزير الداخلية الفرنسي بالطبع ما أسماه "الهجوم العنصري" قائلًا: إنه خير مثال للانفصالية الأصولية التي تسعى لتقويض القيم الفرنسية، لكنّ بيانًا للمدعي العام في مدينة بلفور -حيث وقع الحادث الذي حمل "نزعات استعلائية لا دينية"- وجَّهَ اتهاماتٍ للوكالة بالتسرع وعدم التحقق (18) مؤكِّدا أن نشر معلومات مُجْتَزأة أو غير دقيقة قد يسبب اضطرابًا في النظام العام من التغطية الإعلامية وحتى ردود الفعل المتفاقمة المترتبة عليها. كلا الخبرين من شأنه شحن الحشود بمشاعر سلبية، لكنها المعايير المزدوجة في التعامل مجددًا.

 

الهوية والمنصة عاملًا

السمة المشتركة بين الأصوات التي طالتها الأذرع الماكرونية سواء بالقمع أو بالتنديد هي أنها في الغالب أصوات مهاجرين بعضهم استوطن فرنسا وهم من أصول إيرانية وأفريقية، والآخرون استوطنوا دولًا غيرها وهم من أصول باكستانية وأفريقية، وأن المنابر الإعلامية الموضوعة تحت المراقبة الدقيقة هي منابر أجنبية خارج فرنسا، وإلا ماذا فعلت الأذرع الماكرونية مع الموقعين الفرنسيين "ميديا بارت" و"مجلة أوريان21" Orient XXI اليسارية المعنية بشؤون العالم العربي والإسلامي، اللذين أعادا نشر مقال خسروخافار المغضوب عليه بعد حذفه؟

لا شيء!

هل كان سيختلف رد الفعل الفرنسي الحاد لو جاء هذا النقد والهجوم من فرنسيين ليسوا من أصول مهاجِرة، وربما ليسوا مسلمين؟ ليس بالضرورة، فالأمر يتوقف على المنبر الدولي أو الناشر الذي أعطى المِساحة، فهناك من اعتبر صراحةً أن بلاده تُحرِّف العَلمانية لاستهداف الإسلام (19) مثل آلان جريش، رئيس التحرير السابق لمجلة "لوموند دبلوماتيك" ورئيس تحرير مجلة "أوريان 21" وكاتب آخر في المجلة نفسها انتقد حكومته قائلًا إن الانفصالية هي إخضاع للإسلام ولمسلمي فرنسا (20)، لكن مثل هذين الصوتين، وهما من أصوات الفرنسيين الأصليين، من غير المسلمين، في الداخل الفرنسي، لديهم المساحة الكافية لمواصلة حديثهم الناقد دون سعي حكومتهم لتكميم أفواههم كما فعلت مع الإعلام الأجنبي خارج حدود البلاد. هذه المساعي التي جاءت في صورة اتصالات هاتفية أو رسائل ومقالات لرموز الدولة تحمل وجهة نظر الحكومة في الأزمة وتُنحّي الأصوات المخالفة جانبًا إما تطوعًا من إدارة الجريدة أو المنصة وقيادتها التحريرية، وإما بممارسة الإرهاب الفكري من قِبَل حكومة ماكرون.

لكن الهجوم الذي طال فانسن جيسير -العالم السياسي الفرنسي- بسبب مقاله "هل تشعل فرنسا الإرهاب المسلم عن طريق محاولتها منعه؟" (21) في جريدة "نيويورك تايمز" لم يكن بالهيّن. قال جيسير: إن رفض المسلمين للعلمانية اليوم هو رفض للتفسير الأحْدَثِ والأكثرِ أيديولوجية له بعد أن صار غطاءً للعنصرية ضد المسلمين. وعلى الرغم من أن كلا المقالين لجريش وجيسير من نوعية الخطاب الذي ينتقده النظام الفرنسي، إلا أن المنبر الدولي الواسع في حالة جيسير أذكى العداوة، تمامًا كما في حالة ديالو التي تكتب في الجريدة الأمريكية نفسِها وتحظى بمتابعة أكثر من 150 ألف شخص لحسابها الشخصي على تويتر.

الجديرُ بالذكر أن وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية نشرت تغريدة على تويتر حملت نفس معنى مقال جيسير تساءلت فيها: "لماذا تُحرِّض فرنسا على الغضب في العالم الإسلامي؟"، قبل أن تحذفها سريعًا بدعوى استخدامها لمفردات ضعيفة للإعلان عن مقالة (22) تشرح الغضب الموجه لفرنسا في العالم الإسلامي. ومن غير المؤكد وجود ضغوط وراء قرار الحذف.

وحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" (23) -فرنسية النشأة- فإن الاستقلالية التحريرية للصحافة الفرنسية "غير محمية بشكل كاف ضد تضارب المصالح" في ظل ميل رجال الأعمال إلى الاستحواذ على الإعلام والتأثير في الرأي العام بما يخدم مصالحهم. يتعرض الصحفيون أيضًا لمُناخ العَداء الذي يغذّيه السياسيون الذين يستخدمون لغة عدوانية، وللمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكونون أهدافًا مفضَّلة للمتصيدين من جميع الأنواع الذين يختبئون وراء شاشاتهم وأسماء مستعارة.

واتخذت أشكال التضييق على الصحافة في فرنسا صورًا عدة؛ بدءًا من وسائل التواصل الاجتماعي ومناخ عدائي يُغذيه السياسيّون بحملاتهم العدوانية، إلى المنع من التصوير أو مصادرة أجهزة، وفي بعض الأحيان وصلت إلى استدعاء صحفيين استقصائيين من قِبَل أجهزة المخابرات لاستجوابهم في مواضيع حساسة بشأن تحقيقاتهم الصحفية كما حدث مع الموقع الاستقصائي "ميديا بارت". ومع قانون "الأمن العام" المقترح، (الذي تراجعت الحكومة عن بعض بنوده أمام حدة الاحتجاجات) فمن المتوقع أن تتراجع حرية الصحافة في فرنسا.

 

 


[1] https://pressnewsagency.org/frances-dangerous-religion-of-secularism/

[2] https://orientxxi.info/magazine/a-censured-debate,4282

[3] https://www.politico.eu/article/frances-secularism-means-freedom-and-pr…

[4] https://www.nytimes.com/2020/11/15/business/media/macron-france-terrori…

[5] https://www.ft.com/content/8e459097-4b9a-4e04-a344-4262488e7754

[6] راجع المصدر الرابع 

[7] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/12/03/macrons-centrist-tol…

[8] https://twitter.com/RokhayaDiallo/status/1330964218384879616

[9] https://www.nouvelobs.com/teleobs/20201022.OBS35075/charlie-hebdo-pasca…

[10] https://www.washingtonpost.com/world/2020/12/02/macron-france-race-pres…

[11]https://www.washingtonpost.com/outlook/macron-france-reform-islam-paty/…

[12] https://www.washingtonpost.com/world/europe/france-police-michel-zecler…

[13] https://www.nytimes.com/2020/11/09/world/europe/france-austria-terroris…

[14] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/11/28/france-ambassador-ph…

[15] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/12/16/macrons-critics-need…

[16] راجع المصدر الرابع

[17] https://www.nytimes.com/2020/12/04/opinion/macron-terrorism-france.html

[18] https://breaknews.fr/fake-news-non-un-musulman-na-pas-ete-agresse-pour-…

[19] https://orientxxi.info/magazine/article4354

[20] https://orientxxi.info/magazine/article4279

[21] https://www.nytimes.com/2020/10/31/opinion/france-terrorism-muslims.html

[22] https://apnews.com/article/boycotts-paris-middle-east-western-europe-fr…

[23] https://rsf.org/en/france

 


 

More Articles

Gender Inequity in Sports Reporting: Female Journalists Demand Equality

Gender inequality persists in sports journalism, with female reporters significantly under-represented, as shown by studies revealing that only 5.1% of sports articles are written by women. Advocates call for equal representation, more inclusive hiring practices, and a broader focus on women's sports to challenge stereotypes, improve coverage, and give women a stronger voice in shaping sports narratives.

Akem
Akem Nkwain Published on: 18 Nov, 2024
How Does Misinformation Undermine Public Trust in Journalism?

Reports reveal a growing loss of trust in the media, driven by the extent of misinformation that undermines professional journalism's ability to influence public discourse. The platforms of misinformation, now supported by states and private entities during conflicts and wars, threaten to strip the profession of its core roles of accountability and oversight.

Muhammad Khamaiseh 1
Muhammad Khamaiseh Published on: 13 Nov, 2024
What Explains the Indian Media’s Silence on Muslim Lynchings?

A review of why the Indian media is biased in its coverage of cow vigilantes' lynchings, highlighting how the killing of a Hindu boy by such vigilantes sparked widespread outrage, while the lynching of a Muslim man over similar allegations was largely ignored, reflecting deeper anti-Muslim bias under the ruling BJP government.

Saif Khaled
Saif Khalid Published on: 11 Nov, 2024
Freedom of the Press in Jordan and Unconstitutional Interpretations

Since the approval of the Cybercrime Law in Jordan, freedom of opinion and expression has entered a troubling phase marked by the arrest of journalists and restrictions on media. Musab Shawabkeh offers a constitutional reading based on interpretations and rulings that uphold freedom of expression in a context where the country needs diverse opinions in the face of the Israeli ultra right wing politics.

Musab Shawabkeh
Musab Al Shawabkeh Published on: 8 Nov, 2024
Corporate Dominance and the Erosion of Editorial Independence in Indian Media

Corporate influence in Indian media has led to widespread editorial suppression, with media owners prioritising political appeasement over journalistic integrity, resulting in a significant erosion of press freedom and diversity in news reporting.

headshot
AJR Correspondent Published on: 3 Nov, 2024
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 23 Oct, 2024
Atrocity Inc.: What Max Blumenthal's New Documentary Reveals About Western Media's Complicity in Israeli Propaganda

A digest of Max Blumenthal's new documentary, Atrocity Inc., in which he uncovers how the Israeli PR machinery and propaganda efforts were carefully and intentionally designed to manufacture consent for a campaign of mass death against Palestinians. It reveals how the Western media, especially in the United States, supported Israel's misinformation war.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 13 Oct, 2024
A Year of Genocide and Bias: Western Media's Whitewashing of Israel's Ongoing War on Gaza

Major Western media outlets continue to prove that they are a party in the war of narratives, siding with the Israeli occupation. The article explains how these major Western media outlets are still refining their techniques of bias in favor of the occupation, even a year after the genocide in Palestine.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 9 Oct, 2024
Failing Gaza: Pro-Israel Bias Uncovered Behind the Lens of Western Media

Journalists at CNN and the BBC expose the inner workings of their newsrooms, a year into Israel’s war on Gaza.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 8 Oct, 2024
Guns, Threats, and Poverty: The Daily Struggles of an African Journalist

The welfare of African journalists continues to deteriorate, from poor wages to security risks, arrests, detention, and even death. This common, ongoing trend generally affects the wellbeing of journalists during their discharge of duties, and these overlooked difficulties tend to affect the quality and output of their work.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 26 Sep, 2024
Testimonies of the First Witness of the Sabra & Shatila Massacre

The Sabra and Shatila massacre in 1982 saw over 3,000 unarmed Palestinian refugees brutally killed by Phalangist militias under the facilitation of Israeli forces. As the first journalist to enter the camps, Japanese journalist Ryuichi Hirokawa provides a harrowing first-hand account of the atrocity amid a media blackout. His testimony highlights the power of bearing witness to a war crime and contrasts the past Israeli public outcry with today’s silence over the ongoing genocide in Gaza.

Mei Shigenobu مي شيغينوبو
Mei Shigenobu Published on: 18 Sep, 2024
How to Bring more Balance to Western Media Coverage of Israel and Palestine

How can journalists accurately cover Palestine without becoming unbalanced or biased? Here are some concrete tools and techniques for reporters to keep in mind.

A picture of the author, Megan O'Toole
Megan O'Toole Published on: 16 Sep, 2024
Journalist Mothers in Gaza: Living the Ordeal Twice

Being a journalist, particularly a female journalist covering the genocide in Palestine without any form of protection, makes practicing journalism nearly impossible. When the journalist is also a mother haunted by the fear of losing her children, working in the field becomes an immense sacrifice.

Amani Shninu
Amani Shninu Published on: 15 Sep, 2024
Anonymous Sources in the New York Times... Covering the War with One Eye

The use of anonymous sources in journalism is considered, within professional and ethical standards, a “last option” for journalists. However, analysis of New York Times data reveals a persistent pattern in the use of “anonymity” to support specific narratives, especially Israeli narratives.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 8 Sep, 2024
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 5 Sep, 2024
India’s Social Media Crackdown; Broader Implications for Journalism

India’s crackdown on X-Twitter accounts documenting hate crimes highlights the increased risks faced by journalists who report on these issues. The suppression of such accounts significantly hampers the ability of journalists to access and report critical information on hate crimes.

Rushda Fathima Khan
Rushda Fathima Khan Published on: 3 Sep, 2024
Cameroonian Journalists at the Center of Fighting Illegal Fishing

While the EU’s red card to Cameroon has undeniably tarnished its image, it has paradoxically unlocked the potential of Cameroonian journalists and ignited a movement poised to reshape the future. Through this shared struggle, journalists, scientists, conservationists, storytellers, and government officials have united, paving the way for a new era of ocean advocacy.

Shuimo Trust Dohyee
Shuimo Trust Dohyee Published on: 21 Aug, 2024
The Gaza Journalist and the "Heart and Mind" Struggle

Inside the heart of a Palestinian journalist living in Gaza, there are two personas: one is a human who wants to protect his own life and that of his family, and the other is a journalist committed to safeguarding the lives of the people by holding on to the truth and staying in the field. Between these two extremes, or what journalist Maram Hamid describes as the struggle between the heart and the mind, the Palestinian journalist continues to share a narrative that the occupation intended to keep "away from the camera."

Maram
Maram Humaid Published on: 18 Aug, 2024
India and Pakistan; Journalists building Bridges for Understanding

Amid decades of tension, journalists from India and Pakistan are uniting to combat hostile narratives and highlight shared challenges. Through collaboration, they’re fostering understanding on pressing issues like climate change and healthcare, proving that empathy can transcend borders. Discover how initiatives like the Journalists' Exchange Programme are paving the way for peace journalism and a more nuanced narrative.

Safina
Safina Nabi Published on: 12 Aug, 2024
Journalists Recount the Final Moments of Ismail Al-Ghoul

Journalists remembering the slain reporter of Al Jazeera in Northern Gaza, Ismail Al Ghoul. "He insisted on continuing his coverage from the northern part of the Gaza Strip, despite the challenges and obstacles he faced. He was arrested and interrogated by the Israeli army, his brother was killed in an Israeli airstrike, and his father passed away during treatment abroad."

Mohammad Abu Don
Mohammad Abu Don Published on: 11 Aug, 2024
Analysis: Media Disinformation and UK Far-Right Riots

Analysis on the impact of media disinformation on public opinion, particularly during UK riots incited by far-right groups. A look at how sensationalist media can directly influence audience behavior, as per the Hypodermic Needle Theory, leading to normalized discrimination and violence. The need for responsible journalism is emphasized to prevent such harmful effects.

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 8 Aug, 2024
Challenges for Female Journalists in Crisis Zones of Cameroon

Testimonies of what female journalists in Cameroon are facing and how they are challenging these difficulties.

Akem
Akem Nkwain Published on: 30 Jul, 2024
Daughters of Data: African Female Journalists Using Data to Reveal Hidden Truths

A growing network of African women journalists, data scientists, and tech experts is amplifying female voices and highlighting underreported stories across the continent by producing data-driven projects and leveraging digital technologies in storytelling.

Nalova Akua
Nalova Akua Published on: 23 Jul, 2024
Are Podcasts the Future of African Broadcasting?

The surge of podcasts across Africa is a burgeoning trend, encompassing a wide array of themes and subjects, and swiftly expanding across various nations.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 11 Jul, 2024