الصِّحافة في فرنسا. الحريّةُ هي فقط أن تنتقدَ الإسلام  

الصِّحافة في فرنسا. الحريّةُ هي فقط أن تنتقدَ الإسلام  

أظهرت الأزمة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (تصريحاته حول الإسلام، ثم قانون الأمن الشامل) نفوذًا لـ "بلد الحرية" يبلغُ وسائلَ الإعلام خارج حدود فرنسا قادرًا على قمع أصواتٍ ناقدةٍ بمبررات مختلفة، دون أن يستطيع فِعْلَ الأمر نفسِه داخلَ بلاده. وقد اختلفت مستويات التدخل والقمع، من الوزراء والسفراء إلى أن وصل لتدخل الرئيس الفرنسي بنفسه، كما حدث مع الصحف الأمريكية.

لا يمكن القول: إن ماكرون أو أذْرُعَه طالبوا بحذف مقالات بعينها، فرُدُودُ الفعل اختلفت بين منابرَ أوروبيةٍ قررت حذْف المقالات المُنتقَدة فرنسيًّا، ومنابرَ أميركيةٍ لم تتراجع أمامَ الهجوم عليها، وإن أبدت بعض اللين في نهاية المطاف. هكذا، سحبت مواقع "فايننشال تايمز" و"بوليتيكو أوروبا"، وهو النسخة الأمريكية من موقع "بوليتيكو الأمريكي"، مقالا بعد انتقادات فرنسية، وهي سابقةٌ في التاريخ العريق لبوليتيكو.

 

تطويع الإعلام الأوروبي

المقال المحذوف من "بوليتيكو أوروبا" كان لفرهاد خسروخافار، عالم الاجتماع الفرنسي ذي الأصول الإيرانية، بعنوان "الدين العَلماني الخطير في فرنسا" (1) جاء فيه إن العلمانية المعتدلة أو الوسطية جيءَ مكانَها بعلمانية جديدة تُروّج لازدراء الأديان. وشبَّه الكاتب العلمانية في شكلها الجديد بـ "الدين المدني" الذي له كَهَنَتُه (متمثلين في وزراء الحكومة)، والبابا الخاصُّ به (متمثلًا في رئيس الجمهورية)، ومساعدو الكهنة (متمثلين في المفكرين)، وهَراطِقَتُه أيضًا (متمثلين في كلِّ مَن ينادي بموقف أقلَّ عدائيةً تجاه الإسلام، وهم الذين يتم رفضهم ونعتهم بأنهم "يساريون إسلاميون"). 

برّر ستيفن براون -رئيسُ التحرير- قرارَ الحذف بأن توقيت المقال عَقِبَ الهجوم على كنيسة نيس "لم يكن مناسبًا"، بل إنه حتّى لم يُبلِّغ الكاتبَ بالأمر. ولكن عندما تفاقمت المسألة، اضطُّرّ إلى تقديم اعتذار.

في تصريحات خاصة لـ "مجلة الصحافة"، اعترف براون بتأخرهم في التواصل مع الكاتب بشأن مقالته، وأنه اعتذر له عن ذلك، قائلًا: إن المقالة "لم تستوفِ معاييرَ المِنَصّة، ولم يكن ينبغي نشرُها بهذا الشكل". وأضاف في السياق نفسِه: "يجب علينا أن نكون مسؤولين عن المقالات المنشورة على موقعنا". أما خسروخافار فاعتبره معيارًا مزدوَجًا للحرية (2). 

بعد قرار الحذف بيومين، نشر الموقع رسالة إلى رئيس التحرير (3) من جبرائيل عتال، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، بعنوان: "علمانية فرنسا تعني الحرية والحماية للجميع" خصَّ فيها مقال خسروخافار بالنقد، واصفًا الأساليب "الانتهازية والدنيئة"، المتمثلة في البحث عن كبش فداء وإلقاء اللوم على الضحية لدوافع سياسية أو غيرها بالأمر "المخادع والخطير". واختتم: "إذا كان الترويج لحرية التعبير والحرية الدينية يبدو متطرِّفًا، فنحن مُذنبون. إن حرية التعبير في فرنسا هي أساس الحوار والفكر الحر والديمقراطية. هذه المبادئ ليست خَطِرة، وهي غير قابلة للتفاوض".

أما الواقعة الثانية، فكانت لجريدة "فاينانشال تايمز" البريطانية التي حذفت مقالًا بعنوان: "حرب ماكرون على "الانفصالية الإسلامية"، فقط، تُقسِّم فرنسا أكثر" لمراسلتها في بروكسل ذات الأصول الباكستانية، والمعنية بشؤون الاتحاد الأوروبي، مِهرين خان.

جاء الحذف بعد شكاوًى عِدّةٍ من القرّاء من "مغالطات في الوقائع"، كما ذكرت الجريدة، واتصال غاضب من مكتب الرئيس الفرنسي، كما ذكر بن سميث، رئيس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلًا عن ماكرون (4). ومنذ ذلك الحين لم تكتب خان في الأزمة مُجدّدًا. حاولْنا التواصلَ مع رولا خلف، رئيسة تحرير "فاينانشال تايمز"، وبعثنا لها بالأسئلة لكن دون ردّ.

سُرعانَ ما نشرت بعدها الجريدة البريطانية رسالة (5) من الرئيس الفرنسي انتقد فيها المقال المحذوف الذي قال: إنه أخطأ في نقل تصريحاته فاستخدم مصطلح "الانفصالية الإسلامية" بدلًا من "الانفصالية الإسلاموية". "أكره أن يوضع على لساني كلامٌ لم أقلْه" (6). هكذا عبَّر باستياء رافضًا الاتهامَ بمعارضة دينٍ بعينه. وبنبرة حادة قال: "لن أسمح لأي شخص بأن يزعم أن فرنسا أو حكومتها تشجع العنصرية ضد المسلمين"، مؤكِّدًا أن بلاده تعرف ما تدين به للحضارة الإسلامية في الرياضيات والعلوم والهندسة المعمارية التي ينقل منها الجميع، ولافتًا إلى إعلانه إنشاء معهد في باريس لعرض هذه "الثروة العظيمة". 

 

محاكمة العَلمانية

"يبدو الأمر كما لو كنا فوق دخانِ أنقاضِ بُرجَي التجارةِ العالمية، ويقولون لنا: إننا فعلنا ما نستحق به ذلك"، بهذه الكلمات عبرت باستياء آن صوفي براديل، مستشارة الاتصالات الدولية للرئيس ماكرون، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، في معرِض انتقادها للإعلام الأمريكي.

صحف "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" كانتا الأكثرَ عُرضةً للانتقاد في الأوساط الفرنسية المختلفة، وحتى من بعض الإعلام اليساري الفرنسي، باعتبارهما منبرَين لأصوات حادة هي الأعلى ضجيجًا ضد السياسة الفرنسية خاصة "من النساء السود والعرب المنتمين للفرانكفونية" (7)، كما ذكَر مقال في "واشنطن بوست".

وكلما تحدث هؤلاء -"الذين لا يرون العالمَ بالطريقة التي تريدها النُّخَب الفرنسية"، كما وصفهم رئيس تحرير "نيويورك تايمز"- عن العنصرية وعن تاريخ فرنسا المُلطَّخ به وموروثاتها الاستعلائية؛ كلما نَهَشَ فيهم وفيهن الإعلامُ الفرنسي.

"يبدو الأمر كما لو أن فرنسا، السيدة الاستعمارية العجوز، لا تستطيع أن تُصدِّق أن رعاياها السابقين من الأفارقة والمسلمين يردّون عليها"، هكذا كتبت كارين عطية، محررة الآراء الدولية في "واشنطن بوست"، وهي أمريكية من أصول أفريقية. لكن أبرز الأصوات الفرنسية الصاخبة في الجريدة كانت رقية ديالو، وهي صحفية فرنسية مسلمة من أصل أفريقي، تعد الأكثر جدلا في فرنسا بين من يكتبون بالخارج، تحديدًا في الإعلام الأمريكي. وصفها ضيف فرنسي في أحد البرامج بأنها "ناشطة هُويّة" (8) أي ناشطة في حقوق الإنسان على أساس الهوية، مُتعمِّدًا حذف مهنتها كصحفية. وتعرضت لإهانة شخصية من كاتب كان بصحبتها في الأستوديو؛ وصفَها على الهواء بأنها "امرأة مسلمة وسوداء" (9)، وكال لها اتهاماتٍ بدعم "الإرهاب". كتبت ديالو على تويتر؛ بأنها لم تتعرض لمثل هذا العنف على الهواء قبل ذلك.

لم يقتصر النقد على الأصوات الأفريقية بالجريدة، وكان أشبهَ بالخط العام لمِساحة الرأي، بل ومساحة التحليل الإخباري أيضًا، فبينما وصَف كاتب معايير ماكرون الليبرالية بـ"الازدواجية" (10)، وعنون آخر مقالَه "بدلًا من محاربة العنصرية المُمنهجة فرنسا تريد إصلاح الإسلام" (11)، جرى الحديث أيضًا عن التمييز العنصري الموثق الذي يطول العربَ والسود في فرنسا على يد قوات الشرطة التي تعد مؤسسةً من مؤسسات الدولة (12). 

التحليل والتغطية الإخبارية في "نيويورك تايمز" أيضًا لم تُعجب "بلد الحرية" بعد أن تمت المقارنة (13) بين رد الفعل "الأيديولوجي" للرئيس الفرنسي ورد الفعل "التصالحي" للمستشار النمساوي على "الهجمات الإرهابية" التي ضربت بلديهما. ولم ينس الفرنسيون التغطية الأولية للجريدة لحادث ذبح المدرّس الفرنسي وما تلاه، إذ كان عنوان الخبر: "الشرطة الفرنسية تقتل رجلًا بعد هجوم فتَّاك بالسكين في الشارع". ولم يشفع للجريدة تغيير العنوان بعد تصريحات للشرطة الفرنسية.

 

استجابة أمريكية

مثَّلت الجريدتان الأمريكيتان مَحْفَلَين للآراء المندِّدة بسياسة ماكرون، ولكن حتى حين. في "واشنطن بوست"، نشر السفير الفرنسي في الولايات المتحدة مقالًا بعنوان "فرنسا تقف في وجه التطرف دون المساس بقيمها" (14)؛ أعرب فيه عن استياء بلاده من ردود الفعل في الصحافة الأمريكية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفها بغير العادلة وفي بعض الأحيان مبنية على معلومات مغلوط فيها، قائلًا: "نحن نحارب التطرف في بلدنا لا دينًا أو مجتمعًا بعينه".

بعد المقال ببضعة أيام، نشرت الصحيفة مقالًا لبنيامين حداد، مدير مبادرة أوروبا المستقبل في المجلس الأطلسي -وهو مركز أبحاث أمريكي-، بعنوان "على منتقدي ماكرون أن يفهموا ما تحاربُه فرنسا" (15)، هو الوحيد في الجريدة حتى اليوم المدافِع عن السياسة الماكرونية بخلاف صوت السفير الفرنسي. والمعروف أن حدَّاد له جذور لبنانية وعلاقات بإسرائيل، وقد كتب عدةَ مقالات دفاعية عن السياسة الفرنسية في الأزمة الحالية في عدة صحف أمريكية وفرنسية.

أما في حالة "نيويورك تايمز"، فتلقّى بن سميث -رئيس التحرير- اتصالًا هاتفيًّا مباشرًا من قصر الإليزيه اتهم فيه الرئيسُ الفرنسي الإعلامَ الأمريكي بإضفاء الشرعية على العنف، وهو ما اعتبره سميث اتهامًا خطيرًا. شكا ماكرون "انحياز" إعلام "بلد هو وريث التنوير والثورة الفرنسية"، وهوسَه بالعنصرية، وآراءَه حول الإرهاب، وتردُّدَه، في التضامن مع جمهوريته المحاصرة ، مُلقيًا باللوم على فرنسا بدلًا من القتلة، كما كتب سميث في مقاله بعنوان "الرئيس في مواجهة الإعلام الأمريكي" (16). 

بعد نحو أسبوعين من اتصال ماكرون، ردت الجريدة الأمريكية بافتتاحية (17) أنهت بها الموضوعَ برمته. دافعت عن دور الإعلام عمومًا ووظيفته وواجبه في طرح الأسئلة حول جذور العنصرية، والغضب العرقي وانتشار فكر الإسلام السياسي بين المسلمين الغربيين إلى جانب نقد فاعلية السياسات الحكومية وأثرها، لكنها أيضًا اختتمت بالقول: "حين يضرب الإرهابيون، هناك رد واحد فقط. وفي هذا الجانب، يا سيد ماكرون، فرنسا لا تقف وحدها"، فيما بدا أنه يشكل استجابةً للضغوط الفرنسية. وكان هذا آخرَ ما كُتب في الموضوع.

 

إعلام الإثارة

لمّا كانت الأخبار المغلوطة في وقت الأزمات عملًا غير مسؤول، وباعثة على الكراهية والانقسام، ومهددًة للسلم العام، ومُثيرًة للشغب، وقد تُتَّخَذ مبرِّرًا لأعمال عنف، كان مفهومًا ومُبرَّرًا أن تنال محررةُ الآراء الدولية في "واشنطن بوست" هجومًا لاذعًا من الفرنسيين. لقد نشرت المحررة على تويتر معلومة خاطئة حول اعتزام الحكومة الفرنسية منْحَ أرقام وطنيّة خاصّة للأطفال المسلمين لتمييزهم عن غيرهم، والتي نقلتها عن مصدر لم يدقق المعلومة. حينها انفتحت جبهة حرب إلكترونية على كارين عطية شارك فيها صحفيون وشخصيات بارزة ووزراء حكومة مثل سيدريك أُو، سكرتير الدولة الفرنسي للقطاع الرقمي، الذي لم يفته التهكمُ من الادعاء فغرَّد مُعلقًا "هذا صحيح. ونشرب دماء الأطفال على الإفطار كذلك. لا يمكن للديمقراطيات أن تكافح الأخبار المغلوطة والتضليل إذا لم يقم الصحفيون الجادون بالتحقق الأساسي من الأخبار". حذفت عطية التغريدة التي تضمنت المعلومة المغلوطة، واعتذرت "بشكل لا لَبْسَ فيه" وذلك حتى "لا تجعل الأمر أصعب على زملائها في تناول قصة صعبة".

لكن التضليل الإعلامي الذي مارسته وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب) والذي من شأنه إذكاء الأزمة لم ينل حظه في الإعلام ومرَّ مرورَ الكرام. أما من تصدى له فكان مسؤولًا قضائيًّا فرنسيًّا أصدر بيانًا خصَّ فيه الوكالةَ بالنقد لنشرها خبرًا مفادُه أن شابًّا مسلمًا في العشرين من العمر تعرض لاعتداء من أقرانه المسلمين لاحتفاله بعيد الميلاد، ولأنه ابن لزوجين شرطيين، أم عربية وأب فرنسي.

استغل وزير الداخلية الفرنسي بالطبع ما أسماه "الهجوم العنصري" قائلًا: إنه خير مثال للانفصالية الأصولية التي تسعى لتقويض القيم الفرنسية، لكنّ بيانًا للمدعي العام في مدينة بلفور -حيث وقع الحادث الذي حمل "نزعات استعلائية لا دينية"- وجَّهَ اتهاماتٍ للوكالة بالتسرع وعدم التحقق (18) مؤكِّدا أن نشر معلومات مُجْتَزأة أو غير دقيقة قد يسبب اضطرابًا في النظام العام من التغطية الإعلامية وحتى ردود الفعل المتفاقمة المترتبة عليها. كلا الخبرين من شأنه شحن الحشود بمشاعر سلبية، لكنها المعايير المزدوجة في التعامل مجددًا.

 

الهوية والمنصة عاملًا

السمة المشتركة بين الأصوات التي طالتها الأذرع الماكرونية سواء بالقمع أو بالتنديد هي أنها في الغالب أصوات مهاجرين بعضهم استوطن فرنسا وهم من أصول إيرانية وأفريقية، والآخرون استوطنوا دولًا غيرها وهم من أصول باكستانية وأفريقية، وأن المنابر الإعلامية الموضوعة تحت المراقبة الدقيقة هي منابر أجنبية خارج فرنسا، وإلا ماذا فعلت الأذرع الماكرونية مع الموقعين الفرنسيين "ميديا بارت" و"مجلة أوريان21" Orient XXI اليسارية المعنية بشؤون العالم العربي والإسلامي، اللذين أعادا نشر مقال خسروخافار المغضوب عليه بعد حذفه؟

لا شيء!

هل كان سيختلف رد الفعل الفرنسي الحاد لو جاء هذا النقد والهجوم من فرنسيين ليسوا من أصول مهاجِرة، وربما ليسوا مسلمين؟ ليس بالضرورة، فالأمر يتوقف على المنبر الدولي أو الناشر الذي أعطى المِساحة، فهناك من اعتبر صراحةً أن بلاده تُحرِّف العَلمانية لاستهداف الإسلام (19) مثل آلان جريش، رئيس التحرير السابق لمجلة "لوموند دبلوماتيك" ورئيس تحرير مجلة "أوريان 21" وكاتب آخر في المجلة نفسها انتقد حكومته قائلًا إن الانفصالية هي إخضاع للإسلام ولمسلمي فرنسا (20)، لكن مثل هذين الصوتين، وهما من أصوات الفرنسيين الأصليين، من غير المسلمين، في الداخل الفرنسي، لديهم المساحة الكافية لمواصلة حديثهم الناقد دون سعي حكومتهم لتكميم أفواههم كما فعلت مع الإعلام الأجنبي خارج حدود البلاد. هذه المساعي التي جاءت في صورة اتصالات هاتفية أو رسائل ومقالات لرموز الدولة تحمل وجهة نظر الحكومة في الأزمة وتُنحّي الأصوات المخالفة جانبًا إما تطوعًا من إدارة الجريدة أو المنصة وقيادتها التحريرية، وإما بممارسة الإرهاب الفكري من قِبَل حكومة ماكرون.

لكن الهجوم الذي طال فانسن جيسير -العالم السياسي الفرنسي- بسبب مقاله "هل تشعل فرنسا الإرهاب المسلم عن طريق محاولتها منعه؟" (21) في جريدة "نيويورك تايمز" لم يكن بالهيّن. قال جيسير: إن رفض المسلمين للعلمانية اليوم هو رفض للتفسير الأحْدَثِ والأكثرِ أيديولوجية له بعد أن صار غطاءً للعنصرية ضد المسلمين. وعلى الرغم من أن كلا المقالين لجريش وجيسير من نوعية الخطاب الذي ينتقده النظام الفرنسي، إلا أن المنبر الدولي الواسع في حالة جيسير أذكى العداوة، تمامًا كما في حالة ديالو التي تكتب في الجريدة الأمريكية نفسِها وتحظى بمتابعة أكثر من 150 ألف شخص لحسابها الشخصي على تويتر.

الجديرُ بالذكر أن وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية نشرت تغريدة على تويتر حملت نفس معنى مقال جيسير تساءلت فيها: "لماذا تُحرِّض فرنسا على الغضب في العالم الإسلامي؟"، قبل أن تحذفها سريعًا بدعوى استخدامها لمفردات ضعيفة للإعلان عن مقالة (22) تشرح الغضب الموجه لفرنسا في العالم الإسلامي. ومن غير المؤكد وجود ضغوط وراء قرار الحذف.

وحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" (23) -فرنسية النشأة- فإن الاستقلالية التحريرية للصحافة الفرنسية "غير محمية بشكل كاف ضد تضارب المصالح" في ظل ميل رجال الأعمال إلى الاستحواذ على الإعلام والتأثير في الرأي العام بما يخدم مصالحهم. يتعرض الصحفيون أيضًا لمُناخ العَداء الذي يغذّيه السياسيون الذين يستخدمون لغة عدوانية، وللمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكونون أهدافًا مفضَّلة للمتصيدين من جميع الأنواع الذين يختبئون وراء شاشاتهم وأسماء مستعارة.

واتخذت أشكال التضييق على الصحافة في فرنسا صورًا عدة؛ بدءًا من وسائل التواصل الاجتماعي ومناخ عدائي يُغذيه السياسيّون بحملاتهم العدوانية، إلى المنع من التصوير أو مصادرة أجهزة، وفي بعض الأحيان وصلت إلى استدعاء صحفيين استقصائيين من قِبَل أجهزة المخابرات لاستجوابهم في مواضيع حساسة بشأن تحقيقاتهم الصحفية كما حدث مع الموقع الاستقصائي "ميديا بارت". ومع قانون "الأمن العام" المقترح، (الذي تراجعت الحكومة عن بعض بنوده أمام حدة الاحتجاجات) فمن المتوقع أن تتراجع حرية الصحافة في فرنسا.

 

 


[1] https://pressnewsagency.org/frances-dangerous-religion-of-secularism/

[2] https://orientxxi.info/magazine/a-censured-debate,4282

[3] https://www.politico.eu/article/frances-secularism-means-freedom-and-pr…

[4] https://www.nytimes.com/2020/11/15/business/media/macron-france-terrori…

[5] https://www.ft.com/content/8e459097-4b9a-4e04-a344-4262488e7754

[6] راجع المصدر الرابع 

[7] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/12/03/macrons-centrist-tol…

[8] https://twitter.com/RokhayaDiallo/status/1330964218384879616

[9] https://www.nouvelobs.com/teleobs/20201022.OBS35075/charlie-hebdo-pasca…

[10] https://www.washingtonpost.com/world/2020/12/02/macron-france-race-pres…

[11]https://www.washingtonpost.com/outlook/macron-france-reform-islam-paty/…

[12] https://www.washingtonpost.com/world/europe/france-police-michel-zecler…

[13] https://www.nytimes.com/2020/11/09/world/europe/france-austria-terroris…

[14] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/11/28/france-ambassador-ph…

[15] https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/12/16/macrons-critics-need…

[16] راجع المصدر الرابع

[17] https://www.nytimes.com/2020/12/04/opinion/macron-terrorism-france.html

[18] https://breaknews.fr/fake-news-non-un-musulman-na-pas-ete-agresse-pour-…

[19] https://orientxxi.info/magazine/article4354

[20] https://orientxxi.info/magazine/article4279

[21] https://www.nytimes.com/2020/10/31/opinion/france-terrorism-muslims.html

[22] https://apnews.com/article/boycotts-paris-middle-east-western-europe-fr…

[23] https://rsf.org/en/france

 


 

More Articles

How Media Drives Collective Adaptation During Natural Disasters in Oman

This paper highlights how Omani media, during times of natural disasters, focused on praising government efforts to improve its image, while neglecting the voices of victims and those affected by the cyclones. It also examines the media’s role in warning against and preventing future disasters.

Shaimaa Al-Eisai
Shaimaa Al-Eisai Published on: 31 Mar, 2025
Is India Targeting Independent Media Through Tax Status Revocation?

In a move that’s sent shockwaves through India’s independent media landscape, tax authorities have revoked The Reporters’ Collective's non—profit status, claiming journalism doesn’t serve a “public purpose.” Critics warn this unprecedented action, echoed in similar crackdowns on other outlets, is part of a broader campaign to throttle investigative journalism and stifle dissent financially.

Bilal Kuchay
Bilal Kuchay Published on: 27 Mar, 2025
Western Media Bias and Complicity with Israel is Beyond Borders

Once again, Western media framed civilians within the context of "collateral damage" while covering Israeli attacks on Syria. The language of international law was absent, and the tragedy of civilians affected by military strikes was completely obscured, while justifications and cover for the occupation prevailed under the banner of "maintaining national security."

Zainab Afifa
Zainab Afifa Published on: 23 Mar, 2025
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 22 Mar, 2025
Rise and Fall of Kashmir’s First Independent Magazine, Kashmir Walla

Jailed, silenced, and erased—how a fearless journalist built Kashmir’s most vital independent news platform, only to see it brutally shut down by the state. The Kashmir Walla, known for its bold coverage of politics, conflict, and human rights, became too powerful to ignore—so they ensured it disappeared.

Safina
Safina Nabi Published on: 15 Mar, 2025
Misinformation in Syria: Natural Chaos or Organised Campaign?

Old videos inciting “sectarian strife,” statements taken out of context attacking Christians, scenes of heavy weaponry clashes in other countries, fabricated stories of fictitious detainees, and a huge amount of fake news that accompanied the fall of Bashar al-Assad’s regime: Is it the natural chaos of transition or a systematic campaign?

Farhat Khedr
Farhat Khedr Published on: 11 Mar, 2025
The Sharp Contrast: How Israeli and Western Media Cover the War on Gaza

Despite being directly governed by Israeli policies, some Israeli media outlets critically report on their government’s actions and use accurate terminology, whereas Western media has shown complete bias, failing to be impartial in its coverage of Israel’s aggression in Gaza.

Faras Ghani Published on: 5 Mar, 2025
Journalists in DR Congo Face New Threats, Censorship in a Decades-long Conflict

Countless journalists have been arbitrarily arrested, kidnapped or have disappeared in the fog of the protracted war tearing the eastern Democratic Republic of Congo apart. The renewed M23 offensive augurs a more uncertain future for these ‘soldiers of the pen’.

Nalova Akua
Nalova Akua Published on: 3 Mar, 2025
International Media Seek Gaza Access; What Do Palestinian Journalists Say?

As international media push for access to Gaza, Palestinian journalists—who have been the primary voices on the ground—criticize their Western counterparts for failing to acknowledge their contributions, amplify their reports, or support them as they risk their lives to document the war. They face systemic bias and exploitation, and continue to work under extreme conditions without proper recognition or support.

NILOFAR ABSAR
Nilofar Absar Published on: 26 Feb, 2025
Journalism and Artificial Intelligence: Who Controls the Narrative?

How did the conversation about using artificial intelligence in journalism become merely a "trend"? And can we say that much of the media discourse on AI’s potential remains broad and speculative rather than a tangible reality in newsrooms?

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 23 Feb, 2025
The Whispers of Resistance in Assad’s Reign

For more than a decade of the Syrian revolution, the former regime has employed various forms of intimidation against journalists—killing, interrogations, and forced displacement—all for a single purpose: silencing their voices. Mawadda Bahah hid behind pseudonyms and shifted her focus to environmental issues after a "brief session" at the Kafar Soussa branch of Syria’s intelligence agency.

Mawadah Bahah
Mawadah Bahah Published on: 18 Feb, 2025
Culture of silence: Journalism and mental health problems in Africa

The revealing yet underreported impact of mental health on African journalists is far-reaching. Many of them lack medical insurance, support, and counselling while covering sensitive topics or residing in conflicting, violent war zones, with some even considering suicide.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 13 Feb, 2025
Will Meta Become a Platform for Disinformation and Conspiracy Theories?

Meta’s decision to abandon third-party fact-checking in favor of Community Notes aligns with Donald Trump’s long-standing criticisms of media scrutiny, raising concerns that the platform will fuel disinformation, conspiracy theories, and political polarization. With support from Elon Musk’s X, major social media platforms now lean toward a "Trumpian" stance, potentially weakening global fact-checking efforts and reshaping the online information landscape.

Arwa Kooli
Arwa Kooli Published on: 5 Feb, 2025
Charged with Being a Journalist in Sudan

Between the barricades of the conflicting parties, sometimes displaced, and sometimes hiding from bullets, journalist Iman Kamal El-Din lived the experience of armed conflict in Sudan and conveyed to Al-Sahafa magazine the concerns and challenges of field coverage in a time of deception and targeting of journalists.

Iman Kamal El-Din is a Sudanese journalist and writer
Eman Kamal El-Din Published on: 2 Feb, 2025
Sports Photojournalism in Cameroon: A Craft at Risk in the Digital Age

Sports photojournalists in Cameroon face growing challenges, from the rise of mobile photography and content creators to financial struggles, piracy, and a widespread expectation for free images. Despite these obstacles, professionals emphasise the need for innovation, investment in training, and greater respect for their craft to ensure the survival of photojournalism in a rapidly evolving digital landscape.

Akem
Akem Nkwain Published on: 30 Jan, 2025
The Occupation’s War on Journalism in the West Bank

Every day here is a turning point; every moment, every step outside the house could mean returning safely—or not. A journalist may be injured or arrested at any time.” This statement by journalist Khaled Bdeir succinctly captures the harsh reality of practicing journalism in the West Bank, particularly after October 7.

Hoda Abu Hashem
Hoda Abu Hashem Published on: 26 Jan, 2025
From Journalism to Agriculture or “Forced Unemployment” for Sudanese Journalists

How did the war in Sudan push dozens of journalists to change their professions in search of a decent life? In this article, colleague Muhammad Shaarawi recounts the journey of journalists who were forced by war conditions to work in agriculture, selling vegetables, and other professions.

Shaarawy Mohammed
Shaarawy Mohammed Published on: 23 Jan, 2025
October 7: The Battle for Narratives and the Forgotten Roots of Palestine

What is the difference between October 6th and October 7th? How did the media distort the historical context and mislead the public? Why did some Arab media strip the genocidal war from its roots? Is there an agenda behind highlighting the Israel-Hamas duality in news coverage?

Said El Hajji
Said El Hajji Published on: 21 Jan, 2025
Challenges of Unequal Data Flow on Southern Narratives

The digital revolution has widened the gap between the Global South and the North. Beyond theories that attribute this disparity to the North's technological dominance, the article explores how national and local policies in the South shape and influence its narratives.

Hassan Obeid
Hassan Obeid Published on: 14 Jan, 2025
Sound of Change: How Podcasting is Changing Journalism in India

India’s podcasting scene is on the rise, driven by affordable internet and changing content habits, yet still faces challenges like limited monetisation and urban-focused reach. Despite these hurdles, independent creators are using the medium to amplify grassroots narratives, shaping a more inclusive media landscape.

Hanan Zaffa
Hanan Zaffar, Jyoti Thakur Published on: 9 Jan, 2025
I Resigned from CNN Over its Pro-Israel Bias

  Developing as a young journalist without jeopardizing your morals has become incredibly difficult.

Ana Maria Monjardino
Ana Maria Monjardino Published on: 2 Jan, 2025
Digital Colonialism: The Global South Facing Closed Screens

After the independence of the Maghreb countries, the old resistance fighters used to say that "colonialism left through the door only to return through the window," and now it is returning in new forms of dominance through the window of digital colonialism. This control is evident in the acquisition of major technological and media companies, while the South is still looking for an alternative.

Ahmad Radwan
Ahmad Radwan Published on: 31 Dec, 2024
Fake Accounts with Arab Faces: "A Well-Organized Cyber Army"

Israel has launched a digital war against Palestinians by flooding social media with fake accounts designed to spread disinformation, distort narratives, and demonize Palestinian resistance. These accounts, often impersonating Arabs and mimicking regional dialects, aim to create fake public opinion, promote division among Arab nations, and advance the Israeli agenda in the digital space.

Linda Shalash
Linda Shalash Published on: 29 Dec, 2024
Citizen Journalism in Gaza: "The Last Witness"

With a phone camera, Abboud Battah appears every day from northern Gaza, documenting the crimes of the occupation in a language that is not devoid of spontaneity that led to his being arrested. When the Israeli occupation closed Gaza to the international press, killed journalists, and targeted their headquarters, the voice of the citizen journalist remained a witness to the killing and genocidal war.

Razan Al-Hajj
Razan Al-Hajj Published on: 25 Dec, 2024