لماذا يحتاج الصحفيون التونسيون إلى "محكمة شرف"؟

يعيش الإعلام التونسي بعد الثورة مفارقات جمّة تتطلّب مراجعات عميقة ووقفة تأمل جديّة وموضوعية بعيدة عن أي استقطابات أو اصطفافات لا تُعلي من شأن المسألة المهنية بدرجة أولى. ولعلّ من بين أبرز هذه المفارقات، قضيّة تنظيم حرية الإعلام من منظور أخلاقيات المهنة، أو بمعنى آخر انطلاقا من المقاربة القائمة على التنظيم الذاتي، مع الحيلولة دون تدخل السلطة مجددا في الصحافة والصحفيين.

لقد أقرت الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام في تونس في تقريرها الختامي بخطورة آثار العدوان الذي أصاب الصحافة والمؤسسات الإعلامية التونسية في زمن حكم الرئيس زين العابدين بن علي، حيث قدّمت جملة من التوصيات من أجل محو مخلفات الدمار الذي لحق بالمهنة الصحفية ولاسيما بأخلاقياتها، والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإعلام التونسي.

كما نبهت إلى تفشي مظاهر "الانفلات الإعلامي" وما وصفته "بالجرعة الزائدة" من حرية التعبير بعد حلّ وزارة الإعلام ووكالة الاتصال الخارجي اللتين مثّلتا ذراع الدكتاتورية لتدجين حرية الصحافة وإفساد المشهد الإعلامي، معتبرة أنّ من علامات هذا الانفلات تحوّل الفضاءات التلفزيونية والإذاعية وصفحات الجرائد والمواقع الإخبارية إلى ساحات لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية، وإلقاء التهم دون إثباتات، وتشويه سمعة الآخرين، والترويج للإشاعات دون التثبت منها.

لكن على الرغم من جلّ المحاولات المبذولة منذ العام 2011 إلى اليوم من أجل تنظيم المشهد الإعلامي وتعديله ذاتيا وفق ميثاق الشرف ومدوّنة أخلاقيات المهنة الصحفية طبقا للمعايير الدولية، فإنّ التجاوزات والاختلالات أضحت بمثابة "الخبز اليومي"، وهو ما دفع الهياكل المهنية إلى الشروع في مسار تأسيسيّ لمجلس الصحافة الذي يُراد من خلاله بعث ما يشبه "محكمة الشرف" كآلية مركزية من آليات التعديل الذاتي.

2
جزء من دراسة أنجزتها مؤسسة "سيغما كونساي" حول ثقة المواطن التونسي بالمؤسسات السياسية والإدارية والإعلامية، أظهرت مؤشرات مقلقة جدا.

أزمة ثقة

مع دخول الثورة التونسية عامها العاشر، بدا واضحا وجود ما يشبه الإجماع حول النجاح الذي تحقّق في علاقة بكسب أشواط كبيرة في معركة حرية الصحافة بتونس، رغم كلّ المحاذير والمخاوف التي تبقى قائمة. كما أنّه لا بد من الإقرار بأهمية ضرورة تعزيز هذا المكسب مستقبلا، على اعتبار أنّ قضيّة حريّة الصحافة لم تعد رهينة لخطر تدخّل السلطة السياسية ومراكز النفوذ والتأثير التقليدية فقط، بل هي أيضا وليدة بيئة كاملة يتداخل فيها السياسي مع الاقتصادي والقانوني، فضلا عن الهيكلي المتعلق بوضع المؤسسات الإعلامية في حدّ ذاتها وتأثيرات عمليات قياس نسب المتابعة في تقسيم كعكة الإشهار التي هي بدورها محدودة، وهو ما يتطلّب إعادة التفكير في النماذج الاقتصادية والتجارية المعتمدة، خصوصا في وسائل الإعلام الخاصة التي يعاني العديد منها من صعوبات مالية جمّة أثّرت على جودة المضامين الصحفية وعلى المناخ الاجتماعي للصحفيين ولمختلف العاملين في القطاع.

غير أنّ الزاوية التي تهمنا في هذه الورقة هي قضيّة العلاقة الجدلية بين الإعلام والجمهور في تونس. تجلّت أزمة الثقة بشكل بارز خاصة خلال الفترة الانتخابية الماضية في خريف 2019، حيث كان التعاطي الإعلامي مع الشأن الانتخابي مثار جدل واسع وصراعات وصلت في بعض الحالات إلى حدّ شنّ حملات متشنجة تعري جوهر المشكل الذي لا يمكن القفز عليه أو التغاضي عنه.

وقد وجّهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (هايكا) تقريرا للهيئة المشرفة على الانتخابات يتعلّق بما وصفتها بالخروقات الجسيمة المسجلة في تغطية الحملة الانتخابية التشريعية، إذ تقرّ هذه الهيئة بوجود إشكال خطير يمثّل خرقا جسيما من شأنه التأثير على إرادة الناخبين، وبالتالي تغيير نتائج الانتخابات.

إنّ الاختلالات المهنية التي تمسّ من أخلاقيات العمل الصحفي في الإعلام التونسي تتجاوز الفترة الانتخابية، كما باتت تشكل أحد أهم أسباب أزمة الثقة مع الجمهور، أو لنقل قطاعات واسعة منه. وهي في حقيقة الأمر أزمة مركبة متعددة الجوانب نجد لها صدى في عمليات سبر الآراء ذات المصداقية. ومن بين المصادر العلمية التي يمكن الاستئناس بها في هذا المجال، نتائج الدراسة التي أصدرتها جمعية "برّ الأمان" التي تعمل على عديد الملفات، من بينها مسألة تقييم السياسات العمومية، وذلك في سبتمبر/أيلول 2018 بالشراكة مع مؤسسة فرنسية تعنى بمساندة وسائل الإعلام وتدعى "CFI"، وقد تكفّل بتنفيذها معهد "ميديا سكان" للدراسات.

تفيد هذه الدراسة المنجزة في الفترة من 23 إلى 31 أغسطس/آب 2018 مع فئات اجتماعية مختلفة على مستوى العمر (من 18 سنة إلى ما فوق)، وأيضا على مستوى الجنس والفئة المهنية والانتماء الجغرافي، بأنّ 65% من العينة المستجوبة (1841 شخصا) ثقتهم في وسائل الإعلام تتراوح بين القليلة (34%) والمنعدمة تماما (31%)، في مقابل 19% بدت ثقتهم متوسطة. كما تمّ تسجيل نسبة 6% فقط من المستجوبين لديهم ثقة كبيرة في الصحافة الوطنية.

وكشفت هذه الدراسة أيضا أنّ 45% من المستجوبين لا ينتظرون أي شيء من وسائل الإعلام التونسية، في حين ينتظر 35% منها تقديم أخبار موثوقة. واكتفى 12% فقط بطلب التعبير أكثر عن مواقف وأفكار وآراء متعددة.

إنّ هذه النتائج التي تبدو صادمة للبعض، لا تختلف كثيرا عمّا قدمته مؤسسة "سيغما كونساي" في علاقة بنسبة ثقة التونسيين في المؤسسات والهياكل في آخر استطلاع رأي صدر في أبريل/نيسان 2020، حيث حلّ الإعلام في المرتبة 12، وقد سبقه في الترتيب الجيش وقوات الأمن وحتى الأئمة وعلماء الدين.

Image removed.

مجلس الصحافة 

تعود لبنات النقاشات الأولية التي برزت في قطاع الإعلام بتونس حول إحداث مجلس الصحافة إلى العام 2011، وقد كانت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أحد الأطراف التي دعت إلى ذلك. غير أنّ النقاش المحتدم والتجاذبات السياسية التي اتسم بها مسار تأسيس الهيئة الوطنية المستقلة للاتصال السمعي البصري، غيّب هذا الملف فظلّ يراوح مكانه لسنوات عديدة إلى يوم 20 أبريل/نيسان 2017، تاريخ الإعلان عن إطلاق الهيئة التأسيسية لمجلس الصحافة في تونس بمبادرة من قبل هياكل المهنة، بالشراكة مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كممثل للجمهور.

لقد جاءت هذه المبادرة بعدما ارتأى المجلس الوطني التأسيسي الذي سنّ دستور الجمهورية الثانية في يناير/كانون 2014 عدم التنصيص على مجلس الصحافة في صيغة هيئة عمومية دستورية ومستقلة على شاكلة الهيئة التي تعنى بتنظيم المشهد الاتصالي السمعي البصري. 

وعلى هذا الأساس، أطلقت هياكل المهنة الصحفية ممثلة في نقابات الصحفيين وأصحاب المؤسسات الإعلامية، مبادرة إنشاء مجلس الصحافة من أجل تنظيم حرية الإعلام لكي لا تتحوّل إلى وبال على الانتقال الديمقراطي، لاسيما في ظلّ سطوة اللوبيات السياسية والاقتصادية على القطاع والسلوك المهني السيئ لبعض وسائل الإعلام ولفيف من الصحفيين الذين ضربوا بأخلاقيات المهنة عرض الحائط، لدرجة أنّ بعض الفاعلين المهنيين باتوا يحذرون من مغبة تنامي ما يعرف "بإعلام المجاري" أو "الصحافة الصفراء" التي تتدثر بعباءة حرية التعبير من أجل تبرير انتهاك كل المبادئ والقيم الصحفية، وبالتالي الإساءة للمؤسسات الإعلامية وللإعلاميين الذين يتمسكون بناصية ميثاق الشرف المهني ضمن علاقة شفافة مسؤولة أمام الجمهور.

في ظلّ غياب إطار تشريعي دستوري، انطلقت هذه المبادرة من خلال إحداث جمعية لدعم مجلس الصحافة قامت بدورها بمشاورات صلب قطاع الإعلام في تونس قبل الإعلان عن تركيبة الهيئة التأسيسية الوقتية. بيد أنّ هذا المسار المتعلق بإحداث مجلس الصحافة التونسي شابهُ الكثير من التعثر منذ العام 2017 إلى اليوم، خاصة فيما يتعلق بالحسم في التركيبة النهائية الرسمية التي ستناط بها مهمة القيام بالأدوار المتفق عليها لهذه المؤسسة التي ستكون بمثابة "محكمة شرف" بناء على مدونة أخلاقيات مهنية تُعدّ لهذا الغرض. لكن قبل الشروع في تعداد التحديات والمحاذير التي وجب التطرق إليها في علاقة بمستقبل هذا المجلس المرتقب في التجربة الإعلامية التونسية، من المهم التعريف بتاريخه في التجارب المقارنة ولاسيما فيما يتعلق بأدواره ووظائفه.

إنّ مفهوم التعديل الذاتي في المجتمعات الديمقراطية حيث تُمثل حرية التعبير وحق العموم في الوصول إلى المعلومة دعائم أساسية، يرتكز غالبا على المساءلة في علاقة بوسائل الإعلام. والمقصود بهذا المصطلح، القدرة على المطالبة بتفسير الأداء الإعلامي، أي تحمّل المسؤولية، ومن ثمّ إمكانية البرهنة على تحمّل الواجبات تجاه المجتمع والأفراد.

التعديل الذاتي المنشود من خلال هذه المقاربة هو الذي يقرره الفاعلون في مجال ما -مثل الحقل الإعلامي- بصفة حرّة واختيارية، أي أن يضعوا لأنفسهم مجموعة من قواعد السلوك في شكل ميثاق أخلاقي وأنظمة مثل مجلس الصحافة، للعمل على ضمان احترام الأخلاقيات. وتهدف مثل هذه الهياكل التطوعية أساسا إلى الحدّ من تدخل الدولة، كي تتحمّل وسائل الإعلام رفقة الصحفيين العاملين فيها مسؤولياتهم الاجتماعية المتعلقة بالحقوق وبحريّة الصحافة. وهكذا فإنّ آلية التعديل الذاتي تمثل وسيلة للحدّ من الانحرافات والانزلاقات التي يمكن أن تنجرّ عن مجموعة من العوامل والأسباب التي قد تتسبب في أخطاء مهنية جسيمة.

 وينص الإعلام العالمي لأخلاقيات المهنة للصحفيين على أنّ من يمتهن الصحافة بشكل محترف مطالب في إطار شرف المهنة وضمن السياق العام للقانون الوطني في بلده، بالاعتراف باختصاص هيئات التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، والتي تكون مفتوحة أمام شكاوى الجمهور ومحمية من أي شكل من أشكال التدخل، سواء من قبل الحكومات أو أي جهة أخرى.

وإذا ما ألقينا نظرة فاحصة على التجارب المقارنة، فإنّ تاريخ بعث أوّل مجلس للصحافة يعود إلى العام 1916 في السويد، لكنّ مجلس الصحافة البريطاني الذي تأسس عام 1953 يُعدّ من بين أبرز النماذج المتّبعة من طرف عديد المجتمعات الديمقراطية مثل الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا والنمسا وبلجيكا وسويسرا وكندا ومقاطعة كيبيك وغيرها. كما أنّ بعض البلدان الأفريقية مثل جمهورية بينين كانت سباقة في هذه القارة السمراء، حيث تأسس مرصد أخلاقيات المهنة الصحفية فيها يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1998. وعربيا كانت تونس والمغرب من الدول التي شهدت تجارب من هذا القبيل.

إنّ أدوار مجلس الصحافة وفق التجارب المقارنة في المجتمعات الديمقراطية يمكن تلخيصها في دور الوساطة ومحكمة الشرف، أي ضمان احترام الميثاق الأخلاقي المصادق عليه انطلاقا من جملة من المواصفات المعيارية بناء على قواعد واضحة ومعللة بشروط. في هذا المضمار يضطلع مجلس الصحافة بوظيفة أساسية هي تمكين المواطنين من تقديم شكاواهم دون اللجوء إلى المسار القضائي الذي يكون عادة طويلا ومكلفا. كما يعمل أيضا على فضّ النزاع بالحسنى بين المشتكي والوسيلة الإعلامية أو الصحفي موضوع الشكوى. 

من هذا المنطلق، تمثّل هذه المرحلة مرحلة الوساطة، وعند فشل هذه المرحلة في الوساطة الأولية يتمّ توجيه الشكوى إلى لجنة الأخلاقيات. ومن المؤكد أنّ مبدأ الشفافية يكتسي أهمية قصوى لإضفاء المصداقية والمشروعية على المجلس في هذا الجانب. وعادة لا تكون لمجلس الصحافة سلطة عقابية عدا العقاب المعنوي من قبيل التوبيخ أو اللوم أو التأنيب... إلخ.

علاوة على ذلك، يلعب مجلس الصحافة دورا هاما في المساهمة في الدفاع عن حرية الصحافة وحق الجمهور في المعلومة، بالإضافة إلى الدور التوجيهي والبيداغوجي، وهو لا يقلّ أهمية عن بقيّة الأدوار والوظائف. إنّ من أدوار مجلس الصحافة التعريف بحقوق وسائل الإعلام والصحفيين العاملين بها وواجباتهم، وكذلك التعريف بحرياتهم ومسؤولياتهم، حيث يمكنه المبادرة بإقامة حوار عام وبناء حول وسائل الإعلام والصحافة والإعلام والديمقراطية من أجل تأمين حق المواطنين في الإعلام وتوعيتهم بخصوص هذه المسائل. كما يمكنه المشاركة في النقاش العام وتنظيم ندوات وملتقيات، والقيام بمبادرات بحثية والاستجابة إلى مطالب اللقاء مع وسائل الإعلام.

كما يمكن لمجلس الصحافة تشجيع وسائل الإعلام والصحفيين على اعتماد أفضل الممارسات في بعض المواضيع التي تطرح تحديات، مثل معالجة ظواهر من قبيل الانتحار والإرهاب وخطاب الكراهية والحريات الفردية وغيرها. فبقدر ما تهتم "محكمة الشرف" بقضايا خصوصية لاتخاذ القرارات بشأنها، يمكن لمجلس الصحافة معالجة مشاكل هيكلية تؤثر على عمل الصحفيين، مثل ملكية وسائل الإعلام ومصادر تمويلها وغياب التنوّع وتأثير المنافسة الشديدة وإستراتيجية احتكار المعلومة من طرف سلطة عمومية بعينها، وغيرها من الإشكاليات. فما الذي يجب أن يتوفر في التجربة التونسية كي لا يولد مجلس الصحافة ميتا، وكي يحقّق المسؤوليات المناطة به؟

1
 لم تفض التجربة، رغم مساحة الحرية التي حررتها الثورة التونسية، إلى انبثاق مشهد إعلامي سليم (تصوير: كرستوفر فورلونغ - غيتي). 

محاذير لا بدّ منها

يمكن حصر شروط فاعلية مجلس الصحافة التونسي في مجموعة من النقاط على درجة عالية من الأهمية، وتتمثّل أساسا في قضيّة المشروعية حيث يستحسن أن تعترف بالمجلس الأغلبية القصوى لأبرز وسائل الإعلام العمومية والخاصة، وكذلك مسألة الإجراءات إذ يتعيّن وجود إجراءات واضحة ومرنة تحمي من منزلق اتخاذ قرارات اعتباطية. ومن المهم أيضا وضع لجنة مختصّة في الشكاوى يفضل أن تشمل -مناصفةً- ممثلين عن وسائل الإعلام والصحفيين وممثلين عن الجمهور، حيث تتجاوز في بعض التجارب تمثيلية الجمهور تمثيلية الإعلام نفسه.

إنّ مجلس الصحافة يجب أن يكون قادرا على المبادرة، أي أن يخوض بنفسه في بعض المسائل لدراسة ظواهر هيكلية بنيوية في قطاع الإعلام، عوضا عن الاكتفاء فقط بالإجابة على الشكاوى وعلى مطالب يتلقاها من خارجه. كما يجب أن يعتمد على تمويل مناسب من أجل القيام بأدواره المختلفة في إطار الاستقلالية والشفافية والوضوح، وحماية أعضائه من أي تهديدات أو اعتداءات ممكنة جرّاء قرارات يتم اتخاذها.

في الحالة التونسية من الواضح أنّ من أكثر النقاط التي أثارت جدلا واسعا هي قضيّة تركيبة مجلس الصحافة. هذا المؤشر يمكن أن نستشفه من خلال عملية سبر للآراء أجراها الباحث الأكاديمي والأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار في منوبة الدكتور الصادق الحمامي، وقد شملت على مدى أربعة أيام (25 – 28 مايو/أيار 2020) 136 صحفيا تونسيا يعتبر 122 منهم أنّ الصحفيين التونسيين سيقبلون بمجلس الصحافة كمحكمة شرف يتجه إليها المواطنون لكي تصدر قرارات متصلة بالأخلاقيات الصحفية. لكن من الملاحظ أنّ السواد الأعظم لهؤلاء المستجوبين يرون أنّ مسألة تركيبة المجلس قد تكون محددة في علاقة بعملية التزام الصحفيين بقراراته والاعتراف به.

إنّ تركيبة مجلس الصحافة المرتقب في تونس ستضم ممثليْن عن الصحفيين وممثليْن عن الجمهور أحدهما من ذوي الاختصاص القانوني، و3 ممثلين للناشرين وأصحاب المؤسسات السمعية البصرية. لكن على الرغم من أهمية هذا المكسب مبدئيا فإنّ هذه الهيئة الجديدة التي سيتم التوافق حول تركيبتها بين الهياكل المهنية الصحفية دون الالتجاء إلى آلية الانتخاب، ستعمل في حقل من الألغام وهو ما يهدّد مستقبلها.

ويمكن فهم وتفسير هذه المطبات انطلاقا من خصوصية المنظومة الإعلامية في تونس التي هي في حدّ ذاتها غير متشبعة بثقافة التعديل الذاتي، سواء بالنسبة للصحفيين أو حتى أصحاب المؤسسات الذين لهم ماض في دعم الاستبداد السياسي زمن الرئيس بن علي بناء على مصالح براغماتية مالية. فجلّ المشهد الإعلامي الحالي في البلاد موروث عن حقبة الدكتاتورية. وعلى الرغم من محاولات الإصلاح فإنّ الصحافة التونسية ما زالت ترزح تحت وطأة لوبيات المال السياسي التي تحاول التأثير في المسار الديمقراطي بعديد الأشكال التي أفسدت طرق إدارة الشأن العام.

لا نبالغ في القول بأنّ مهمّة مجلس الصحافة ستكون عسيرة حيث يُخشى أن يولد ميتا بناء على محاصصات لا تقوم على جوهر دوره ووظيفته المتمثلة في التعديل الذاتي على شاكلة محكمة شرف. كما أنّه بات من الواضح أنّ الدور التوجيهي والبيداغوجي لمجلس الصحافة تمّ تهميشه خلال هذا المسار رغم أهميته. فالقطاع الصحفي في تونس اليوم يعاني من مشاكل بنيوية تتطلب بداية توحيد الجسم الصحفي وفتح حوار داخله إزاء الفقر القائم في العلاقات البينية، وذلك بناء على مقترحات استشرافية تهدف إلى إصلاح القطاع والنأي به عن التوظيف السياسي والاصطفافات الأيدولوجية التي لا تراعي أخلاقيات المهنة، فضلا عن تحسين جودة المضامين لاسيما في ظلّ المنافسة غير الشريفة. إذ من المهم الإشارة إلى أنّ الإعلام في تونس -رغم تعدديته الظاهرية- يتجه نحو ضرب من ضروب التنوع الشكلي، حيث يتسم بالاحتكار من قبل قلة قليلة من المؤسسات الصحفية سواء المكتوبة أو الإذاعية أو التلفزيونية.

في هذا الإطار، وجبت الإشارة إلى أنّ عدد الصحف الورقية قد تراجع من 298 دورية عام 2011 إلى 38 مطلع العام 2020. كما أن صحيفة "الشروق" اليومية تحتكر قرابة 45% من نسبة السحب التي تقدّر في السوق التونسية بنحو 90 ألف نسخة في اليوم. فضلا عن أنّ قطاع الصحافة الرقمية يشهد منذ الثورة فوضى سببها غياب التشريعات الضرورية لتنظيم هذا الصنف من الإعلام، بالإضافة إلى وجود عديد المواقع التي يقف وراءها رجال أعمال وأحزاب سياسية اتخذت منها منصة لتصفية الحسابات ولتشويه الخصوم.

إنّ المنظومة الإعلامية الحالية لا تشجع على التميّز وصحافة الجودة والعمق والابتكار صلب المؤسسات الصحفية، وقد طغى عليها في كثير من الحالات "الإشهار المقنّع" و"صحافة العلاقات العامة" التي يستفيد منها لفيف من "نجوم" الإعلام بناء على مصالح نفعية تتعارض مع أخلاقيات المهنة. هذه المنظومة المختلة بطبعها، باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى بالاحتكار وضرب التعددية الصحفية في المقاربات التحريرية تماشيا مع تنوّع المجتمع التونسي بمختلف مشاربه الفكرية والسياسية والاجتماعية.

وفي هذا السياق يشير تقرير حول رصد الاتصال التجاري في القنوات التلفزيونية والإذاعية الذي أعدته الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري في تونس خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان من 24 إلى 30 أبريل/نيسان 2020، إلى أنّ قناتيْ "التاسعة" و"الحوار التونسي" استأثرتا بنسبة 80.7% من مجموع الومضات الإشهارية المرصودة. وقد لوحظ أنّ القناة الوطنية الأولى تأتي في المرتبة الثالثة بنسبة 16.2% من مجموع الحجم الزمني المخصص للومضات الإشهارية، علاوة على ضعف ملحوظ في الحجم الزمني الإجمالي المخصّص للومضات التي وقع بثها على قناة "حنبعل" بنسبة 3.1% وقناة "قرطاج+" التي لم تتجاوز النسبة فيها 1%.

 كما أنّ إذاعتيْ "موزاييك إف.إم" و"ابتسامة إف.إم" تستأثران بنسبة 83% من مجموع الومضات الإشهارية المرصودة، في ظلّ غياب شبه كلّي للومضات في إذاعة "شمس إف إم" وغياب كلّي للومضات بالنسبة للإذاعة الوطنية طيلة كامل فترة الرصد، وفق التقرير نفسه.

إنّ مجلس الصحافة المنتظر في تونس سيشكلّ أهم مؤسسة تُعنى بالتعديل الذاتي في المشهد الإعلامي لما بعد الثورة، بالإضافة إلى هيئة الاتصال السمعي البصري. لهذا من المهم خلق إطار تنسيقي بينهما كي لا يكون هناك تنازع في الصلاحيات وتداخل في المهام. ومن الضروري أن يعمل المجلس على خلق مشروعية له داخل الجسم الصحفي حتى يحظى بالدعم والإسناد في قراراته. كما أنّه مطالب بالعمل على المساهمة في نشر ثقافة حريّة الصحافة والتربية على وسائل الإعلام لدى الجمهور، كي يكون ذلك رافدا في بناء مجتمع المواطنة الراشدة، وتحفيز السلطات الرسمية على وضع سياسات عمومية تدفع نحو إصلاح القطاع ومواكبة التحولات والتحديات التي يواجهها، لا سيما بعد أزمة كورونا التي تسبّبت في تعميق المشاكل الهيكلية -وتحديدا الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية- التي تؤثر أيما تأثير على أخلاقيات المهنة وجودة المضامين الصحفية.

وعلى الجمهور أن يكون فاعلا في هذا المسار، فهو الطرف الرئيسي في هذه المعادلة. صحيح أنّ الصحافة التونسية هي اليوم في أمسّ الحاجة إلى "محكمة شرف" من قبيل مجلس الصحافة، لكن من المهمّ أن يسعى الجمهور هو الآخر إلى الانتظام في شكل جمعية أو شيء من هذا القبيل من أجل فتح حوار بين الطرفين. فالإعلام ليس وحده من ساهم في صناعة نماذج من الرداءة والابتذال الصحفي الذي يتعارض مع أخلاقيات المهنة والمسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، بل إنّ المتلقي أيضا له دور في ذلك، وهو الأمر الذي يقتضي من مجلس الصحافة شرح وتبسيط مفاهيم من قبيل الخط التحريري وحقّ الرد وحق التظلّم ودور "المعلّق في البرامج الحوارية" وقضيّة "الحياد الصحفي" الذي يظلّ مسألة تخضع للنسبية كي لا يتحوّل إلى "سيف ديموقليس" المسلّط على رقاب الصحفيين، في ظلّ بروز مفاهيم أكثر مشروعية من قبيل الإنصاف والموضوعية. فالصحفي لا يمكن أن يلعب دور "الصليب الأحمر" في زمن الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والتعددية الفكريّة والسياسيّة. بيد أنّ حريّة الصحافة يجب أن تقوم على ضوابط أخلاقية مهنية لا محيد عنها، تنسحب على الجميع دون استثناء أو تمييز.

خلاصة القول.. لا يمكن أن ينجح مجلس الصحافة في مهامه دون تحقيق شروط الفاعلية والنجاعة والمصداقية والاستقلالية بالنسبة لأدائه. لكن هذا لا يكفي، فالتعديل الذاتي منظومة كاملة تنطلق من الصحفي نفسه ومن غرف الأخبار في أقسام التحرير، مرورا بأصحاب المؤسسات ومدى إيمانهم وسعيهم لصحافة الجودة التي لا تخضع لإكراهات السوق ومقولة "الجمهور يريد هكذا". فالإعلام يجب أن يكون في مقدمة المؤسسات المدافعة عن صحافة جيّدة ترتكز على أخلاقيات المهنة قبل كلّ شيء.

ولا شك أنّ مجلس الصحافة يمكن أن يساعد على فرز الغثّ من السمين وإبراز التجارب الإعلامية التي تستحق التثمين والإشادة، فضلا عن تنمية الوعي المواطني في هذا المجال حتى يكون المتلقي فاعلا لا مفعولا به. ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى أنّ مثل هذه النقاشات ينبغي ألا تبقى حكرا على المجلس نفسه، بل يجب أن تساهم وسائل الإعلام في هذا المجهود، خاصة من خلال إحداث برامج إخبارية تثقيفية تعنى بنقد الإعلام وتثقيف الجمهور فيما يتعلق بالمسألة الصحفية ودورها في المجتمعات الديمقراطية.

 

مراجع: 

1-التقرير العام للهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، أبريل/نيسان 2012

http://www.inric.tn/index.php?option=com_content&view=article&id=159&Itemid=162&lang=ar 

 

2-https://haica.tn/2020/04/%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%8a%d8%a6%d8%a9-%d8%aa%d8%b5%d8%af%d8%b1-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b1%d8%a7-%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85-%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%b3-%d9%86%d8%b3%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3/ 

3- https://haica.tn/2019/10/14722/

4- https://news.barralaman.tn/%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%8A-%D9%85%D8%AF%D9%89-%D9%8A%D8%AB%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84/ 

5-  - http://www.conseilnationaldepresse.ma/ 

6-  "التعديل والتعديل الذاتي للإعلام.. نحو تعزيز الديمقراطية في تونس"، كتيب صادر عن منظمة "المادة 19"، فبراير 2016. 

7- يتمتع مجلس الصحافة التونسي حاليا في طوره التأسيسي بدعم من قبل منظمات دولية تعنى بحرية الصحافة، مثل منظمة "المادة 19". وقد جابه في البداية مشاكل جمة على المستوى المالي بلغت درجة عجز الجهات المبادرة عن توفير مقر للمجلس في تونس العاصمة. هذا الإشكال يطرح مسألة ضرورة تعاون الدولة عبر إيجاد آلية قانونية يتمتع من خلالها مجلس الصحافة كهيئة مدنية مستقلة بشكل دائم بالدعم المالي العمومي، على غرار العديد من الجمعيات والمنظمات الوطنية، كي لا يبقى رهين الدعم الأجنبي، وذلك دون التدخل في عمله. ويمكن أن تكون هذه الآلية عبر التنصيص عليها في القانون الأساسي المرتقب لتنظيم حرية التعبير والصحافة والطباعة والنشر الذي سيعوض المرسوم 115 المؤقت الذي صدر عام 2011 في سياق ظرفية الثورة.

8- دراسة مسحيّة قيد الطبع أنجزها صاحب المقال الباحث محمد اليوسفي، وهي تحمل عنوان "أزمة الصحافة الورقية في تونس"، وذلك بالتعاون مع جمعية "يقظة" من أجل الديمقراطية والدولة المدنية. 

 

المزيد من المقالات

كيف تغطي الألعاب الأولمبية؟

تمنح تغطية الألعاب الأولمبية للإعلامي الشغوف فرصة لا تُضاهى كي يستعمل كل الأجناس/ الأنماط الصحفية التي درسها، ولا سيما الأجناس الكبرى منها، من ربورتاج، وحوار، و

يونس الخراشي نشرت في: 26 يوليو, 2024
نظرة على تقرير رويترز للأخبار الرقمية 2024

يتحدث التقرير عن استمرار الأزمة التي تعانيها الصحافة الرقمية عالميا، وهي تحاول التكيّف مع التغييرات المتواصلة التي تفرضها المنصات، وهي تغييرات تتقصد عموما تهميش الأخبار والمحتوى السياسي لصالح المحتوى الترفيهي، ومنح الأولوية في بنيتها الخوارزمية للمحتوى المرئي (الفيديو تحديدا) على حساب المحتوى المكتوب.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 21 يوليو, 2024
الأمهات الصحفيات في غزة.. أن تعيش المحنة مرتين

أن تكون صحفيا، وصحفية على وجه التحديد تغطي حرب الإبادة الجماعية في فلسطين ومجردة من كل أشكال الحماية، يجعل ممارسة الصحافة أقرب إلى الاستحالة، وحين تكون الصحفية أُمًّا مسكونة بالخوف من فقدان الأبناء، يصير العمل من الميدان تضحية كبرى.

أماني شنينو نشرت في: 14 يوليو, 2024
حرية الصحافة في مواجهة مع الذكاء الاصطناعي

بعيدا عن المبالغات التي ترافق موضوع استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، فإن سرعة تطوره تطرح مخاوف تتعلق بمدى تأثيره على حرية التعبير. تنبع هذه الهواجس من أن الذكاء الاصطناعي يطور في القطاع الخاص المحكوم بأهداف اقتصادية رأسمالية بالدرجة الأولى.

عبد اللطيف حاج محمد نشرت في: 7 يوليو, 2024
"الحرب الهجينة".. المعلومات سلاحا في يد الاحتلال

شكلت عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة مسرحا لإستراتيجيات متقدمة من التلاعب الجماعي بالمعلومات، وقدمت أمثلة وشواهد حية وافرة على حرب المعلومات التي باتت لازمة للحروب والصراعات والنزاعات في العصر الرقمي للاتصال، ضمن ما بات يعرف في أوساط الباحثين بـ "الحروب الهجينة".

بكر عبد الحق نشرت في: 3 يوليو, 2024
عندما نَحَرت إسرائيل حرية الصحافة على أعتاب غزة

بينما كانت تحتفل الأمم المتحدة يوم 3 مايو من كل سنة باليوم العالمي لحرية الصحافة، كان الاحتلال الإسرائيلي يقتل الصحفيين في فلسطين دون وجود آلية للمحاسبة ومنع الإفلات من العقاب. وأمام صمت الكثير من المنظمات الدولية وتعاملها بازدواجية معايير، انهارت قيمة حرية الصحافة في تغطية حرب الإبادة الجماعية.

وفاء أبو شقرا نشرت في: 30 يونيو, 2024
قصص صحفيين فلسطينيين من جحيم غزة

خائفون على مصير عائلاتهم، يواجهون خطر الاغتيال، ينامون بالخيام، يتنقلون على ظهور الدواب، يواجهون أسوأ بيئة لممارسة الصحافة في العالم.. إنها قصص صحفيين فلسطينيين في صراع مستمر بين الحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم والحفاظ على قيمة الحقيقة في زمن الإبادة.

محمد أبو قمر  نشرت في: 23 يونيو, 2024
حارس البوابة الجديد.. كيف قيدت الخوارزميات نشر أخبار الحرب على غزة؟

ازدادت وتيرة القيود التي تضعها وسائل التواصل الاجتماعي على المحتوى الفلسطيني منذ هجوم السابع من أكتوبر. الكثير من وسائل الإعلام باتت تشتكي من حذف محتواها أو تقييد الوصول إليه مما يؤثر بشكل مباشر على طبيعة التغطية.

عماد المدولي نشرت في: 18 يونيو, 2024
هروب الصحفيين من اليمن.. "الهجرة" كحل أخير

فروا من جحيم الحرب في اليمن بحثا عن موطن آمن للعيش، سلكوا طريقا مليئا بالمخاطر هروبا من القبضة الأمنية التي لم تترك للصحفيين فرصة لممارسة عملهم. وعلى مدار سنوات تعرضوا للقتل والخطف والتهديد، ما جعل بعضهم مضطرا إلى مغادرة الوطن، في هذا التقرير نرصد عددا من تجارب الصحفيين اليمنيين.

منار البحيري نشرت في: 14 يونيو, 2024
الاستشراق والإمبريالية وجذور التحيّز في التغطية الغربية لفلسطين

تقترن تحيزات وسائل الإعلام الغربية الكبرى ودفاعها عن السردية الإسرائيلية بالاستشراق والعنصرية والإمبريالية، بما يضمن مصالح النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في الغرب، بيد أنّها تواجه تحديًا من الحركات العالمية الساعية لإبراز حقائق الصراع، والإعراب عن التضامن مع الفلسطينيين.

جوزيف ضاهر نشرت في: 9 يونيو, 2024
بعد عام من الحرب.. عن محنة الصحفيات السودانيات

دخلت الحرب الداخلية في السودان عامها الثاني، بينما يواجه الصحفيون، والصحفيات خاصّةً، تحديات غير مسبوقة، تتمثل في التضييق والتهديد المستمر، وفرض طوق على تغطية الانتهاكات ضد النساء.

أميرة صالح نشرت في: 6 يونيو, 2024
"صحافة الهجرة" في فرنسا: المهاجر بوصفه "مُشكِلًا"

كشفت المناقشات بشأن مشروع قانون الهجرة الجديد في فرنسا، عن الاستقطاب القوي حول قضايا الهجرة في البلاد، وهو جدل يمتد إلى بلدان أوروبية أخرى، ولا سيما أن القارة على أبواب الحملة الانتخابية الأوروبية بعد إقرار ميثاق الهجرة. يأتي ذلك في سياق تهيمن عليه الخطابات والمواقف المعادية للهجرة، في ظل صعود سياسي وشعبي أيديولوجي لليمين المتشدد في كل مكان تقريبا.

أحمد نظيف نشرت في: 5 يونيو, 2024
الصحفي الغزي وصراع "القلب والعقل"

يعيش في جوف الصحفي الفلسطيني الذي يعيش في غزة شخصان: الأول إنسان يريد أن يحافظ على حياته وحياة أسرته، والثاني صحفي يريد أن يحافظ على حياة السكان متمسكا بالحقيقة والميدان. بين هذين الحدين، أو ما تصفه الصحفية مرام حميد، بصراع القلب والعقل، يواصل الصحفي الفلسطيني تصدير رواية أراد لها الاحتلال أن تبقى بعيدة "عن الكاميرا".

Maram
مرام حميد نشرت في: 2 يونيو, 2024
فلسطين وأثر الجزيرة

قرر الاحتلال الإسرائيلي إغلاق مكتب الجزيرة في القدس لإسكات "الرواية الأخرى"، لكن اسم القناة أصبح مرادفا للبحث عن الحقيقة في زمن الانحياز الكامل لإسرائيل. تشرح الباحثة حياة الحريري في هذا المقال، "أثر" الجزيرة والتوازن الذي أحدثته أثناء الحرب المستمرة على فلسطين.

حياة الحريري نشرت في: 29 مايو, 2024
في تغطية الحرب على غزة.. صحفية وأُمًّا ونازحة

كيف يمكن أن تكوني أما وصحفية ونازحة وزوجة لصحفي في نفس الوقت؟ ما الذي يهم أكثر: توفير الغذاء للولد الجائع أم توفير تغطية مهنية عن حرب الإبادة الجماعية؟ الصحفية مرح الوادية تروي قصتها مع الطفل، النزوح، الهواجس النفسية، والصراع المستمر لإيجاد مكان آمن في قطاع غير آمن.

مرح الوادية نشرت في: 20 مايو, 2024
كيف أصبحت "خبرا" في سجون الاحتلال؟

عادة ما يحذر الصحفيون الذين يغطون الحروب والصراعات من أن يصبحوا هم "الخبر"، لكن في فلسطين انهارت كل إجراءات السلامة، ليجد الصحفي ضياء كحلوت نفسه معتقلا في سجون الاحتلال يواجه التعذيب بتهمة واضحة: ممارسة الصحافة.

ضياء الكحلوت نشرت في: 15 مايو, 2024
"ما زلنا على قيد التغطية"

أصبحت فكرة استهداف الصحفيين من طرف الاحتلال متجاوزة، لينتقل إلى مرحلة قتل عائلاتهم وتخويفها. هشام زقوت، مراسل الجزيرة بغزة، يحكي عن تجربته في تغطية حرب الإبادة الجماعية والبحث عن التوازن الصعب بين حق العائلة وواجب المهنة.

هشام زقوت نشرت في: 12 مايو, 2024
كيف نفهم تصدّر موريتانيا ترتيب حريّات الصحافة عربياً وأفريقياً؟

تأرجحت موريتانيا على هذا المؤشر كثيرا، وخصوصا خلال العقدين الأخيرين، من التقدم للاقتراب من منافسة الدول ذات التصنيف الجيد، إلى ارتكاس إلى درك الدول الأدنى تصنيفاً على مؤشر الحريات، فكيف نفهم هذا الصعود اليوم؟

 أحمد محمد المصطفى ولد الندى
أحمد محمد المصطفى نشرت في: 8 مايو, 2024
"انتحال صفة صحفي".. فصل جديد من التضييق على الصحفيين بالأردن

المئات من الصحفيين المستقلين بالأردن على "أبواب السجن" بعد توصية صادرة عن نقابة الصحفيين بإحالة غير المنتسبين إليها للمدعي العام. ورغم تطمينات النقابة، فإن الصحفيين يرون في الإجراء فصلا جديدا من التضييق على حرية الصحافة وخرق الدستور وإسكاتا للأصوات المستقلة العاملة من خارج النقابة.

بديعة الصوان نشرت في: 28 أبريل, 2024
إسرائيل و"قانون الجزيرة".. "لا لكاتم الصوت"

قتلوا صحفييها وعائلاتهم، دمروا المقرات، خاضوا حملة منظمة لتشويه سمعة طاقمها.. قناة الجزيرة، التي ظلت تغطي حرب الإبادة الجماعية في زمن انحياز الإعلام الغربي، تواجه تشريعا جديدا للاحتلال الإسرائيلي يوصف بـ "قانون الجزيرة". ما دلالات هذا القانون؟ ولماذا تحاول "أكبر ديمقراطية بالشرق الأوسط" إسكات صوت الجزيرة؟

عمرو حبيب نشرت في: 22 أبريل, 2024
هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل المعلق الصوتي في الإعلام؟

يضفي التعليق الصوتي مسحة خاصة على إنتاجات وسائل الإعلام، لكن تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي يطرح أسئلة كبرى من قبيل: هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل المعلقين الصوتيين؟ وما واقع استخدامنا لهذه التطبيقات في العالم العربي؟

فاطمة جوني نشرت في: 18 أبريل, 2024
تعذيب الصحفيين في اليمن.. "ولكن السجن أصبح بداخلي"

تعاني اليمن على مدى عشر سنوات واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إن لم تكن الأسوأ على الإطلاق. يعمل فيها الصحفي اليمني في بيئة معادية لمهنته، ليجد نفسه عُرضة لصنوف من المخاطر الجسيمة التي تتضمن القتل والخطف والاعتقال والتهديد وتقييد حرية النشر والحرمان من حق الوصول إلى المعلومات.

سارة الخباط نشرت في: 5 أبريل, 2024
صدى الأصوات في زمن الأزمات: قوة التدوين الصوتي في توثيق الحروب والنزاعات

في عالم تنتشر فيه المعلومات المضلِّلة والأخبار الزائفة والانحيازات السياسية، يصبح التدوين الصوتي سلاحا قويا في معركة الحقيقة، ما يعزز من قدرة المجتمعات على فهم الواقع من منظور شخصي ومباشر. إنه ليس مجرد وسيلة للتوثيق، بل هو أيضا طريقة لإعادة صياغة السرديات وتمكين الأفراد من إيصال أصواتهم، في أوقات يكون فيها الصمت أو التجاهل مؤلما بشكل خاص.

عبيدة فرج الله نشرت في: 31 مارس, 2024
عن دور المنصات الموجهة للاجئي المخيمات بلبنان في الدفاع عن السردية الفلسطينية

كيف تجاوزت منصات موجهة لمخيمات اللجوء الفلسطينية حالة الانقسام أو التجاهل في الإعلام اللبناني حول الحرب على غزة؟ وهل تشكل هذه المنصات بديلا للإعلام التقليدي في إبقاء القضية الفلسطينية حية لدى اللاجئين؟

أحمد الصباهي نشرت في: 26 مارس, 2024