الإشاعة.. قراءة في التفاعلات الإعلامية والسياسية للأخبار الزائفة

الإشاعة.. قراءة في التفاعلات الإعلامية والسياسية للأخبار الزائفة

في عالمٍ أضحى فيه التسارع والتحول سمتين أساسيتين تبصمان على هوية الأفراد كما الجماعات، لم تكن المعلومات والأخبار بمعزل عن هذه التطورات التي باتت البشرية تعيش على إيقاعها.

ولطالما كانت الإشاعة أو الخبر الزائف متداوَلا بشكل عادي في عديد المجالات، لكنه تداولٌ لم يتجاوز حدودَ المعقول، وما يسمح به كل مجال من هامش نشر تلك الأخبار غير الصحيحة بما يخدم مصلحة طرف دون آخر. ويمكن في هذا الصدد التدليلُ على ذلك بالإشاعات في المجال العسكري خاصة خلال فترات الحروب، فيما يمثّل "حرباً نفسية" تدور رحاها في رحاب عالم المعلومات والمعطيات.

في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، أتاحت هذه الأخيرة فضاءً أرحبَ للتعبير عن القناعات وتبادل الآراء والأفكار، وليس فقط بغرض نشر الأخبار. لكن إشكال المصداقية ورهان الموثوقية بقيَ دوماً حاضراً بقوة في النقاش الأخلاقي-المهني، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأخبار أو حتى صور ذات طابع فضائحي تثير فضول الرأي العام تجاه شخصية سياسية معينة أو تنتمي إلى المجال العام عموماً.

شبكات التواصل الاجتماعي وتطوّرُها المتسارع خارج سيطرة الأفراد -أحيانا- سَمَح للأخبار الزائفة خصوصاً وللإشاعات عموماً، بانتشار أسرع وأكبر من الأخبار الحقيقية، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون. كما لم يعُد يخفى على أي متابع دور هذه الإشاعات في "تحريف" أو "تهجير" النقاش العمومي تجاه قضايا أقل أهمية ترقى أحيانا إلى وصف "التافهة".

في مثل هذه الحالات، لا يمكن الحديث فقط عن مفهوم "الإشاعة" أو "الأخبار الزائفة الكاذبة"، بل نحن إزاء مفهوم أكثر شمولا يحاول جمع شتات معاني ودلالات المفاهيم السابقة. ويتعلق الأمر هنا "بالتضليل الإعلامي" الذي ليس لا يعد ظاهرة جديدة على الحقل الإعلامي، بل الجديد هو توسيع مدى انتشار المعلومات المغلوطة والأخبار الزائفة وسرعته، بفضل وسائل الإعلام الرقمية. وأمام هذا الأمر الواقع، أصبح لِزاماً على الصحفيين والمؤسسات الإخبارية الموثوقة أن يُعيدوا النظر في طرائق عملهم، في محاولة منهم لدعم الجهود التي تقاوم هذه الظاهرة.

هذا المقال محاولة متواضعة للإحاطة بإشكالية الإشاعة، ومفاهيمها المختلفة، وخصائصها ومميّزاتها، وتجلياتها وآليات عملها، خاصة فيما يتعلق ببُعدها السياسي في السياق المغربي الذي عرف حضوراً وازناً ومتزايداً لهذا النوع من التضليل الإعلامي خلال العقد الأخير.

 

الإشاعة.. من الدلالة اللغوية إلى "الخبر الزائف"

قبل الخوض في تحديد خصائص الإشاعات ومميزاتها وأشكال تمَظهُرها في الساحة الإعلامية والسياسية على حد سواء، يجدُر بنا منهجياً النبش قليلا في إشكالية المصطلح وتطور المفهوم عبر الزمن.

بداية، يمكن القول إن مفهومَ "الإشاعة" أو "الشائعة" يثير العديد من علامات الاستفهام عن دواعي هذه التسمية وأبعادها التي تتداخل وتتقاطع -دون شك- مع مصطلحات ومفاهيم وألفاظ أخرى تنتمي إلى الحقل اللغوي الدلالي نفسه. من هنا، تبدو حاجة التمييز الأكاديمي العلمي مُلحَّة بشكل يجعل حدود الاتصال والانفصال واضحة بين مختلف المعاني التي تؤطر نظرياً هذا المفهوم.

لغوياً، تُشتق كلمة الإشاعة في اللغة العربية من فعل شاع يشيع [..] شيوعا ومَشاعا وشيَعانا، بمعنى ذاع وفشا. أما لفظة "إِشاعة" حين تَرِد اسمًا من مصدر "أشاعَ" فيقصد بها "خَبر مكذوب، غير موثوق فيه، وغير مُؤكَّد، ينتشر بين الناس".

والإشاعة في نظر علماء اللغة هي "ضجيج مبهم الأصوات، تشترك في تكوينه كثير من المصادر، الشيء الذي يجعلها قضية لغوية افتراضية من حيث معيار الصدق أو الكذب".

من منظور تاريخي، تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الإشاعة قد تطوّر بتطور الفكر البشري عبر حِقب زمنية مختلفة، لكن بمُسمَّيات مختلفة. إذ لا يختلف اثنان على أنها ليست وليدة اليوم أو التاريخ المعاصر، بل وُجدت في عهد الرومان والتتار، بل وحتى في التاريخ الإسلامي يمكن العثور على آثارها في ثنايا قصص الحروب والثورات، مروراً بفترات الحربيْن العالميتين والتاريخ المعاصر.

مفهوم الإشاعة سيتقاطع بقوة -لاحقاً- مع بروز لفظٍ حديث الاستعمال في معجم التداول السياسي الإعلامي على المستوى العالمي، وهو لفظ "Fake news" الذي يُحيل على الأخبار الزائفة أو الكاذبة كما يحلو للبعض تسميَتُها، وسيجد تربة خصبة للنموّ والتكاثر أثناء وبعد الحملة الانتخابية الأميركية عام 2016 التي أفرزت صعود المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى سدة حكم الولايات المتحدة. ترامب نفسُه كان من أوائل الذين لجؤوا إلى استخدام مكثّف لهذا المصطلح، إما في سياق اتهام معارضيه بفبركة تلك الأخبار الكاذبة، أو لتوظيف الإشاعات لصالح حملته الانتخابية قصد التأثير في ناخبيه.

ولعل أولى الدراسات المنهجية التي تمحورت حول الشائعات كانت أميركية، إذ "تكاثَر عددها خلال وبعد الحرب العالمية الثانية مما دفعَ بباحثين كثر إلى الاهتمام بهذا الموضوع لتفسير تأثيراتها السلبية على معنويات الجنود، كما عامّة الشعب".

مِن بين هؤلاء الباحثين الذين حاولوا إيجاد تعريف مناسبٍ لمفهوم الإشاعة، نجد اسمين مؤسِّسين في هذا الباب هُما ألبورت ((Allport وبوستمان (Postaman) اللذان يؤكدان أن الإشاعة ليست سوى "افتراض يرتبط بالأحداث القائمة يراد أن يصبح موضِع تصديق العامّة بحيث يتم ترويجه من شخص إلى آخر مشافَهةً في العادة، ومن دون أن تتوافر أي حُجة ملموسة تسمح بإثبات صحته". أما كناب (Knapp) فيرى فيها "تصريحاً يُطلَق لتصدّقه العامّة، ويرتبط بأحداث الساعة، وينتشر من دون التحقّق رسمياً من صحته"، في حين يُبيّن بيترسون (Peterson) وجيست (Gist) أن الإشاعة "قصة أو شرْحٌ غير مثبَت من شخص إلى آخر، ويتعلق بموضوع أو حدث أو سؤال يثير اهتمام العامة".

ويقرّ جان نويل كابفيرير في كتابه "الشائعات.. الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم" أن "هذه التعريفات الثلاثة متقاربة جدّاً، وتشير كلها إلى أن الإشاعة هي في المقام الأول معلومة تضيف عناصرَ جديدة إلى شخص ما أو حدثٍ ما مرتبط بواقع الحال. وتتميّز بذلك عن الأسطورة التي تتطرق إلى حدثٍ من الماضي".

 

الإشاعة وشرط التحقق من الخبر

دائماً حسب كابفيرير، فإن "الغرض من الشائعة هو أن يتم تصديقُها، ففي العادة لا تُسرد الشائعة بغرض التسلية أو إطلاق العنان للخيال"، وهذا ما يجعلها -يضيف المؤلف نفسه- "تتميّز عن القصص الطريفة والمغامرات الخيالية"، مؤكداً أن الهدف منها هو الإقناع. 

على صعيد آخر، يشير المصدر ذاته إلى أن "الشائعات تسبق -غالباً- أيّ سقوطٍ أو انهيار"، وهنا يقدّم كابفيرير أمثلة من قبيل الشائعة التي تنتشر في أوساط الشركة معلِنةً تسريحَ بعض الموظفين أو إجراء تغييرات جذرية، بينما في السياسة، تسبق -عادة- خروج الوزراء من الحكومة أو تمرير قوانين مهمة.

لقد أراد ألبورت وبوستمان أن يُثبتا في تجاربهما أن الإشاعة لا تؤدّي إلا إلى الخطأ، فهي حين انتقالها من شخص إلى آخر، تبتعد عن الحقيقة، بالمعنَيَيْن الحقيقي والمجازي على السواء، وتصبح من ثمّ صورة مشوَّهة عن الحقيقة (ما كان ينبغي إثباته).

بعد ذلك، ينتقل كابفيرير إلى الحديث عن مفهوم التحقق من صحة الخبر، مشدداً في هذا الصدد على أن ذلك "لا ينفصل عن هويّة الشخص المُفترَض أنه تولّى مهمة التحقق من صحة المعلومة، فإنْ لم نكن نثق بهذا الشخص، نرتاب في كون المعلومة مُثبَتة".

يخلُص الكاتب ذاته إلى أن الإشاعة "معلومة متداولة وغير مثبَتة للعامّة أن يتعرّفوا عليها بدرجة أقل مما لو كانت عموماً مصحوبة بخاصية الطريقة المثلى للتحقق من صحتها، أيْ الشّاهد المباشر".

 

الخصائص السبع للإشاعة

بعد تعريفه للإشاعة مورداً أمثلة متنوعة منها بصمَت بقوة التاريخ المعاصر في مختلف مجالات النشاط الإنساني، يحدّد الكاتب كابفيرير أبرز ما يميّز الإشاعة باعتبارها "تولَد انطلاقاً من معلومات غير مُتحقَّقٍ من مصداقيتها لدى المرسِل".

وفي هذا الصدد، ينتقد الكاتب عدَمَ الدّقة التي يعبّر عنها المثل الشهير القائل "لا دخان من غير نار"، مبرزاً أن هناك الكثير من الأدخنة التي يمكن أنْ تنتشِر دون نار، في إشارةٍ إلى سرعة انتشار بعض الإشاعات التي تنشأ من العدم، خاصة في الأوساط الإعلامية، في زمن شبكات التواصل الاجتماعي.

ويرى كابفيرير -وهو عالم اجتماع فرنسي اشتُهر بأعماله عن التركيبة البسيكوسوسيولوجية للإشاعة- أن هذه الأخيرة "تعبّر عن ظاهرة محدَّدَة انطلاقاً من مصدرها (غير رسمي)، وسيرورتها (وسيلة الانتشار) وكذلك عبر مضمونها (تكون الإشاعة غالباً عبارة عن خبر يتعلّق بحدثٍ راهني)"، قبل أن يخلُص إلى تحديد مفصَّل للمميزات والخصائص السبع للإشاعة، التي يمكن إجمالها فيما يلي:

"ميكانيك الإشاعة"

بالانتقال إلى آليات عمل الإشاعات، يتحدث المؤلفان كريستين مارسان وفابريس دافيريو في كتابهما عمَّا أسمياه "ميكانيك الإشاعة"، مُورِدَيْن نموذجاً لدراسة العالِم إدغار موران، التي سلطت الضوء على "إشاعة أورْلِيان".

هذا النموذج الذي توصَّـل من خلاله الباحث الفرنسي موران إلى أن "الإشاعة تستند إلى الأوهام اللاواعية والمخاوف الجماعية التي تشكّل الموضوع الذي يتبلوَرُ حوله القلق والخيال. وغالباً ما يكون هذا الموضوع شخصاً يتم اعتباره على المدى الطويل كبشَ فداء للمجموعة، مما يُسهّل التقليل من القلق الاجتماعي السائد في بعض الأحيان".

بناءً على ما سبق، يمكن القول إنّ "توظيف الإشاعات كوسيلة أو أداةٍ للتلاعب بالرأي العام (المتلقي) يبدو -إذاً- سهلا وممكنا"، بالنظر إلى أنها تنطوي على استغلال ردود أفعالنا القديمة والمتكرّرة عن عمد. ولعل هذا ما تأكّدَ واقعياً من خلال عديد الأمثلة التي شهدها الخطابان الإعلامي والسياسي المغربي خلال العقد الأخير.

 

توظيفات الإشاعة السياسية

برزت الإشاعة في الحقل السياسي المغربي من خلال أشكال متعددة، ولطالما أخذت تعبيرات وأبعادا مختلفة على مستوى الخطاب السياسي غالباً، كما على صعيد الفعل والممارسة والتداول الإعلامي أحياناً.

خلال العام 2018، عاش المغرب على إيقاعٍ اجتماعي سياسي ساخن بعد انتشار وذيُوع إعلان "مجهول المصدر" منذ شهر أبريل/نيسان على شبكات التواصل الاجتماعي، داعياً إلى مقاطعة عددٍ من المنتجات الاستهلاكية الأساسية المغربية لدوافع وأسباب متعددة. وقد أثَّر ذلك سلبًا على المؤشرات الاقتصادية لمبيعات المنتجات، مما جعل عائداتها تتراجع بشكل غير مسبوق خلال فترة المقاطعة. جديرٌ بالذكر أن مِلكية بعض هذه المنتجات تعود إما إلى شركات أجنبية -فرنسية على وجه الخصوص- أو إلى أشخاص نافذين وقريبين من دوائر السلطة.

وتفاعُلا مع ما اعتبره مسؤولون حكوميون مجرد "إشاعات ونداءات مجهولة لمقاطعة تضرّ بالاقتصاد الوطني" تناقَلَها روّاد الفضاء الرقمي في المغرب وخارجه، سارعت الحكومة إلى ممارسة صلاحياتها التنفيذية السّاعية إلى "تجريم الإشاعة ونشرها". لذلك لم يتأخر الرد على حملة المقاطعة الشعبية، إذ بحلول الفاتح من سبتمبر/أيلول 2018، دَخل قانون محاربة الإشاعة ونشر الأخبار الزائفة حيّز التنفيذ، لتُصبح "الأخبار الكاذبة والإشاعات تُعرّض صاحبها للمساءلة القانونية والمتابعة القضائية حسب النص التفصيلي للقانون الذي صادقت عليه الحكومة من قبل". هذه الأخيرة اعتبرت أن القانون المذكور "يأتي في إطار المحافظة على حقوق الآخر، ودعمًا للوعي الجماعي وسلوك المواطنة".

وينصّ هذا القانون على أن "كلّ من قام عمدًا وبكل وسيلة -بما فيها الأنظمة المعلوماتية- بنشر إشاعة أو أخبار مغلوطة دون وسائل إثبات صحتها، أو التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها، سيعاقب بالسَّجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وغرامة مالية من 2000 إلى 20 ألف درهم"، فضلا عن عقوبات إضافية تخص مقتضيات أخرى متعلقة بنص القانون.

والواقع أن المقاطعة ليست الحالة الوحيدة التي تمظهَرَ فيها استخدامُ "حُجة الإشاعات" بشكل جليّ، لكن توظيفَها في هذا الصدد لم يكن إلا في سياق "التنقيص" من قيمة المقاطعة و"احتقار" حجمها الحقيقي، رغم أنها حركة احتجاجية انطلقت من الفضاء الافتراضي فقط، لكن بأثر واقعي دفعَ صناع القرار إلى "التشكيك" في مصداقية آثارها والدّاعين إليها.

حالاتٌ مماثِلة وأخرى مغايرة شهدَها حقل التداول السياسي، رصَدَها مجهر المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي والإعلامي المغربي، خاصة في الفترات التي كانت تسبق الاستحقاقات الانتخابية، أو تلك التي تزامنتْ مع قرب تعديل حكومي معيّن، أو خلال لحظات اجتماعية يلعب فيها الإعلام -بكل وسائله- دوراً حاسمًا.

 

الإعلام مرتع خصب للإشاعة السياسية

في هذا السياق، يبدو من المفيد الإشارة إلى أن الإشاعة في بُعدها السياسي، تجد لنفسِها مرتعاً خصباً في مجال التداول الإعلامي للمعلومة، لا سيَما فيما يتعلق بنقاط التَّمَاس مع مجال التداول السياسي. إذ من البديهي أنه لا يمكن الحديث عن تواصل سياسي بأبعاده الخطابية التأثيرية دون اللجوء إلى دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام وتوجيهه.

بالعودة إلى العام 2011 الذي شهِدَ ميلاد دستور جديد للمملكة المغربية أفرزهُ حراك اجتماعي شبابي وأعقبَته انتخابات سابقة لأوانها، راج ذات أيام من شهر فبراير/شباط إشاعاتٌ عن إقالة الوزير الأول -آنذاك- عباس الفاسي وتعيين مصطفى التراب مكانه.. وكتب عضو حزب الاستقلال عادل بن حمزة حينها مقالا تحت عنوان "الإشاعة السياسية" نُشِر في جريدة "العَلم"، اعتبر فيه أن "اللجوء إلى الإشاعة في بلد كالمغرب سلوك غير ديمقراطي، وهو بمثابة حرب نفسية تستهدف تحقيق مكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها بالوسائل الديمقراطية".

بعدها، توالت الإشاعات التي استعمِلت في سياقات سياسية متعددة حسب الجهة التي تقف وراءها (مصدر الإشاعة)، وأيضا الغايات التي حرّكتْها، لكن المُلاحَظ أن الفاعل السياسي -سواء كان رسمياً أو غير رسمي- دائماً ما كان في صلب عملية التضليل عبر الإشاعة، إنْ مِن موقع المستفيد من الإشاعة/ الخبر الزائف أو من المستهدَفِ منها.

لتعضيد كلامنا، يوضّح الباحث محمد أديب السلاوي في مقاله المعنون "الإشاعة كإستراتيجية للحروب السياسية" أنه إذا كانت الأجهزة والمصالح المختصة في الدول تعمل وفق سياسة خاصة، فإن "الإشاعة تصبح ضمن ما يمكن أن نسميه منطق الدولة، كما أن الإشاعة يمكن أن تُستغل أيضا من أجل تحطيم الخصم السياسي أو المنافس الاقتصادي، كما تستعمِلها الهيئات السياسية والنقابية ضد بعضها البعض". بل الأدهى من ذلك، فإن الإشاعة تستخدم أحيانا لتصفية الحسابات داخل الإطار الحزبي أو النقابي أو الحكومي الواحد.

 

السياسة بين الإشاعة والخبر 

وللتمييز بين الإشاعة والخبر في سياق التوظيف السياسي لكلّ منهما، يورِدُ نور الدين الزاهي أن الإشاعة تتميز "بفعالية رمزية كبرى، يمكن قياس مداها بمدى ودرجات تأثيرها على الفرد والجماعة، وكذا على الآراء والمواقف والأحداث." ولهذا "فالحمولة الدلالية والوظيفية للإشاعة أقوى من الخبر الذي قد يكون أحاديا ولا يتعدى مجرد كونه إخبارا بحدث أو غرض ما. لذلك، فمجال الخبر التداولي محدود، بخلاف الإشاعة فهي إخبار يُغطّي ويستهدف فضاءً مكانيا ومجالا تداوليا على أوسع نطاق، لسبب أساسي وهو أنه يدخل في إستراتيجية التحريض والتعبئة وحشد التأييد، وكذا الإقناع من أجل رهانات محددة".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإشاعة بدأت تأخذ خلال السنوات الأخيرة في المغرب، طابعَ الخبر الزائف الذي يروم التضليل الإعلامي أو "تحريف" النقاش نحو قضية هامشية لا تعني الرأي العام. ولعلّ أبرز مثال على ذلك يظل قصة "الخبر" الذي تم نشره إعلامياً على أنه "إصابة 15 طفلا في نواحي سيدي قاسم بسُعار بعد عملية ممارسة جنسية مع أتان (أنثى حمار)"، ليتضح بعد عملية تحري وتدقيق الحقائق من طرف بعض الصحفيين أن الأمر لم يَعْدُ أن يكون خبرا زائفاً لا أساس له من الصحة!

وقد تزامن نشر هذه القصة وتداولها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، بل أيضا من طرف بعض المنابر الإعلامية المغربية، مع موجة احتجاجات منطقة الريف التي شهدها المغرب عام 2017 وما تلاها من اعتقالات طالت نشطاء الحَراك.

كما أن إشاعات عديدة تنطلق دوماً قبل المصادقة النهائية على الميزانية السنوية، مِن بعض المنابر الإعلامية "المغمورة"، ويتم مشاركتها بشكل واسع على شبكات التواصل، مفادها أن الحكومة بصدد الزيادة في ثمن منتوج استهلاكي معيّن (قنينة غاز الطبخ أو الدقيق..)، وهو مثلما جرى خلال الأشهر الأخيرة في المغرب من ذيوع "أخبار غير موثوقة ومجهولة المصدر" تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، تحدثت عن "زيادات متوقعة في فواتير الكهرباء تتضمّن رسوماً بقيمة 55 درهما موجَّهة إلى دعم القنوات العمومية، خاصة القناة الثانية المغربية"، قبل أن يضطر رئيس الحكومة إلى الخروج في تصريحات إعلامية لنفي تلك الأخبار، مع إصدار رئاسة الحكومة بيانا تدحَض فيه هذه الإشاعة.

من هنا، يبدو جليّاً التأثير الذي تحدثه الإشاعات ذات البعد السياسي على الحياة اليومية للمواطنين وتصوراتهم ومن ثمّة سلوكياتهم، وهو تأثيرٌ يختلف كثيراً عن تأثير الخبر الصحفي الذي يخضع لمعايير مِهنية دقيقة، تعتبر مصداقية المصادر وموثوقيتها من أبرزها.

اختلاف التأثير بين الإشاعة والخبر الموثوق في المتلقّين أو الرأي العام تظهر انعكاساته جَليّة -مثلًا- في كمية ونوعية الأخبار المتداولة إعلامياً وعلى منصات التواصل الاجتماعي خلال الأربعة أشهر الأولى من العام 2020، فيما يخص تفشي عدوى جائحة "كوفيد-19" في أقطار العالم، وكذا مستجدات الحالة الوبائية لكل بلد.

الإشاعة أسرع وأفتك من "كورونا"!

غالباً ما ضاعت "حقيقة" الأرقام الرسمية عن عدد الحالات المصابة والوفيات في غمرة وضجيج عديد الإشاعات والأخبار الكاذبة المنتشرة في الفضاءات الإلكترونية. تزايدُ حجم وتأثير الأخيرة اضطَرّ جهاتٍ رسمية للخروج علناً ببيانات تكذّب زيْفَ المعلومات المتداولة دون مصدر موثوق أو بغرض بث الهلع والذعر، متوعّدين أصحابها وناشريها بأقسى العقوبات. كما لجأت بعض المؤسسات الرسمية مثل وزارة الصحة المغربية إلى إطلاق بوابة رسمية خاصة بمستجدات وباء كورونا يتمّ تحديث معطياتها مرتين في اليوم.

وكانت الحالة المغربية فريدة من نوعها في مواجهة ناشِري هذا النوع من الأخبار المضللة المتصلة بجائحة كورونا، وهو ما شكّل منعطفاً حاسماً في التصدي للأخبار الزائفة والتعامل مع الإشاعات، من خلال توقيف ومتابعة قرابة 100 أشخاص، حسب أرقام رسمية.

ختاماً، يمكن القول إنه من خلال مقاربة إشكالية الإشاعة السياسية في سياق مغربي يتّسِم بتعدّد الفاعلين -إعلاميينَ وسياسيين- وتداخُل أدوارهم، كما يتميز بتعقيد بالغ على صعيد إنتاج الأشكال والمضامين، نكاد نجزم بأنّ الإشاعة تحضُر بشكل متزايدٍ ومُطّرد في الخطابات الإعلامية بالمغرب، لاسيما ذات الحمولة السياسية.

كما يمكِن الخُلوص إلى أن وجود تداخل وتكامُل على مستوى المفاهيم التي قد تحيل على المعنى ذاته والمقصود نفسِه، فكما تبيَّن أن الإشاعة أو الشائعة قد تأتي بصيغة ألفاظ مجاوِرةٍ لها في الحقل الدّلالي اللغوي من قبيل "الخبر الزائف، الكاذب أو المضلِّل"، رغم أن أصل اللفظة الأخيرة مجرّدُ ترجمةٍ لعبارة " fake-news" الإنجليزية.

يتبيّن إذن، أن الإشاعة غالباً ما يتم ذكرُها ورَبطُها في سياق الحديث عن ظواهر أكبر تخترق المشهد/الخطاب الإعلامي، مثل التضليل والتلاعب بالرأي العام، وصناعة تمثُّلات وسلوكات هذا الأخير لغايات وأهداف تخدُم مصالح "الجهة" التي أطلقت الإشاعة. كما يمكن الجزم بأن حقل السياسة في المغرب يعدّ مجالا خصباً لصناعة ونموّ وتكاثر الإشاعات التي تجد سرعة انتشار أكبر مقارنةً بالأخبار التي تكتسي مصداقية وموضوعيةً أكثر.

 

مصادر: 

 

 تعريف ومعنى "شاع" في معجم المعاني الجامع، معجم عربي-عربي. متوفر على الرابط https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/شاع/  

 مقال للأديب والناقد محمد أديب السلاوي بعنوان "ويسألونك عن الإشاعة.."، منشور على موقع جريدة "العَلم" المغربية    http://alalam.ma/ويسألونك-عن-الإشـــاعة/  

د. عسلون بنعيسى، "الشائعة بين الغموض المعرفي والوظيفة الإعلامية"، بحث تخرج لنيل دبلوم المعهد العالي للإعلام والاتصال، الرباط، 1987. ص.15 

 

جان نويل كابفيرير، الشائعات.. الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم، ترجمة تانيا ناجيَا، منشورات دار الساقي، بيروت 2007، ط1. ص. 14

 

 كابفيرير، المرجع السابق. ص 15

المرجع نفسه، ص 17 

 

  Christine MARSAN et Fabrice DAVERIO, La Communication d’influence : décoder les manipulations et délivrer un message éthique dans une société en mutation, CFPJ éditions, Paris, 2009. p. 45

 

 

  Christine MARSAN et Fabrice DAVERIO, La Communication d’influence, pp. 43-44.

 

 

 الفويرس محمد، "الإعلام في المغرب.. إصلاح ناقص"، تقرير منشور على موقع "معهد الجزيرة للإعلام"، 18  فبراير 2019  https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/645  

 

 https://www.alyaoum24.com/1138141.html  

 

 يمكن الاطلاع على المقال الكامل للأستاذ عادل بن حمزة عبر الرابط https://www.maghress.com/alalam/38426 

 

 المختار أعويدي، مقال بعنوان " لإشاعة.. أكثر أسلحة الحرب النفسية فتكاً وبشاعة" منشور بتاريخ 19 مارس 2018

  https://www.hespress.com/opinions/385053.html

 

More Articles

In The Cross Fire: The Perils of Rural Journalism in India's Conflict Zones

In India’s conflict-ridden regions like Bastar and Manipur, local journalists—especially freelancers and women—risk their lives daily to report on corruption, displacement, and state violence, often without institutional support or protection. Their work, largely invisible to national media, exposes a stark reality where telling the truth can cost them everything, even their lives.

Quratulain Rehbar
Quratulain Rehbar Published on: 8 Apr, 2025
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 3 Apr, 2025
How Media Drives Collective Adaptation During Natural Disasters in Oman

This paper highlights how Omani media, during times of natural disasters, focused on praising government efforts to improve its image, while neglecting the voices of victims and those affected by the cyclones. It also examines the media’s role in warning against and preventing future disasters.

Shaimaa Al-Eisai
Shaimaa Al-Eisai Published on: 31 Mar, 2025
Is India Targeting Independent Media Through Tax Status Revocation?

In a move that’s sent shockwaves through India’s independent media landscape, tax authorities have revoked The Reporters’ Collective's non—profit status, claiming journalism doesn’t serve a “public purpose.” Critics warn this unprecedented action, echoed in similar crackdowns on other outlets, is part of a broader campaign to throttle investigative journalism and stifle dissent financially.

Bilal Kuchay
Bilal Kuchay Published on: 27 Mar, 2025
Western Media Bias and Complicity with Israel is Beyond Borders

Once again, Western media framed civilians within the context of "collateral damage" while covering Israeli attacks on Syria. The language of international law was absent, and the tragedy of civilians affected by military strikes was completely obscured, while justifications and cover for the occupation prevailed under the banner of "maintaining national security."

Zainab Afifa
Zainab Afifa Published on: 23 Mar, 2025
Rise and Fall of Kashmir’s First Independent Magazine, Kashmir Walla

Jailed, silenced, and erased—how a fearless journalist built Kashmir’s most vital independent news platform, only to see it brutally shut down by the state. The Kashmir Walla, known for its bold coverage of politics, conflict, and human rights, became too powerful to ignore—so they ensured it disappeared.

Safina
Safina Nabi Published on: 15 Mar, 2025
Misinformation in Syria: Natural Chaos or Organised Campaign?

Old videos inciting “sectarian strife,” statements taken out of context attacking Christians, scenes of heavy weaponry clashes in other countries, fabricated stories of fictitious detainees, and a huge amount of fake news that accompanied the fall of Bashar al-Assad’s regime: Is it the natural chaos of transition or a systematic campaign?

Farhat Khedr
Farhat Khedr Published on: 11 Mar, 2025
The Sharp Contrast: How Israeli and Western Media Cover the War on Gaza

Despite being directly governed by Israeli policies, some Israeli media outlets critically report on their government’s actions and use accurate terminology, whereas Western media has shown complete bias, failing to be impartial in its coverage of Israel’s aggression in Gaza.

Faras Ghani Published on: 5 Mar, 2025
Journalists in DR Congo Face New Threats, Censorship in a Decades-long Conflict

Countless journalists have been arbitrarily arrested, kidnapped or have disappeared in the fog of the protracted war tearing the eastern Democratic Republic of Congo apart. The renewed M23 offensive augurs a more uncertain future for these ‘soldiers of the pen’.

Nalova Akua
Nalova Akua Published on: 3 Mar, 2025
International Media Seek Gaza Access; What Do Palestinian Journalists Say?

As international media push for access to Gaza, Palestinian journalists—who have been the primary voices on the ground—criticize their Western counterparts for failing to acknowledge their contributions, amplify their reports, or support them as they risk their lives to document the war. They face systemic bias and exploitation, and continue to work under extreme conditions without proper recognition or support.

NILOFAR ABSAR
Nilofar Absar Published on: 26 Feb, 2025
Journalism and Artificial Intelligence: Who Controls the Narrative?

How did the conversation about using artificial intelligence in journalism become merely a "trend"? And can we say that much of the media discourse on AI’s potential remains broad and speculative rather than a tangible reality in newsrooms?

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 23 Feb, 2025
The Whispers of Resistance in Assad’s Reign

For more than a decade of the Syrian revolution, the former regime has employed various forms of intimidation against journalists—killing, interrogations, and forced displacement—all for a single purpose: silencing their voices. Mawadda Bahah hid behind pseudonyms and shifted her focus to environmental issues after a "brief session" at the Kafar Soussa branch of Syria’s intelligence agency.

Mawadah Bahah
Mawadah Bahah Published on: 18 Feb, 2025
Culture of silence: Journalism and mental health problems in Africa

The revealing yet underreported impact of mental health on African journalists is far-reaching. Many of them lack medical insurance, support, and counselling while covering sensitive topics or residing in conflicting, violent war zones, with some even considering suicide.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 13 Feb, 2025
Will Meta Become a Platform for Disinformation and Conspiracy Theories?

Meta’s decision to abandon third-party fact-checking in favor of Community Notes aligns with Donald Trump’s long-standing criticisms of media scrutiny, raising concerns that the platform will fuel disinformation, conspiracy theories, and political polarization. With support from Elon Musk’s X, major social media platforms now lean toward a "Trumpian" stance, potentially weakening global fact-checking efforts and reshaping the online information landscape.

Arwa Kooli
Arwa Kooli Published on: 5 Feb, 2025
Charged with Being a Journalist in Sudan

Between the barricades of the conflicting parties, sometimes displaced, and sometimes hiding from bullets, journalist Iman Kamal El-Din lived the experience of armed conflict in Sudan and conveyed to Al-Sahafa magazine the concerns and challenges of field coverage in a time of deception and targeting of journalists.

Iman Kamal El-Din is a Sudanese journalist and writer
Eman Kamal El-Din Published on: 2 Feb, 2025
Sports Photojournalism in Cameroon: A Craft at Risk in the Digital Age

Sports photojournalists in Cameroon face growing challenges, from the rise of mobile photography and content creators to financial struggles, piracy, and a widespread expectation for free images. Despite these obstacles, professionals emphasise the need for innovation, investment in training, and greater respect for their craft to ensure the survival of photojournalism in a rapidly evolving digital landscape.

Akem
Akem Nkwain Published on: 30 Jan, 2025
The Occupation’s War on Journalism in the West Bank

Every day here is a turning point; every moment, every step outside the house could mean returning safely—or not. A journalist may be injured or arrested at any time.” This statement by journalist Khaled Bdeir succinctly captures the harsh reality of practicing journalism in the West Bank, particularly after October 7.

Hoda Abu Hashem
Hoda Abu Hashem Published on: 26 Jan, 2025
From Journalism to Agriculture or “Forced Unemployment” for Sudanese Journalists

How did the war in Sudan push dozens of journalists to change their professions in search of a decent life? In this article, colleague Muhammad Shaarawi recounts the journey of journalists who were forced by war conditions to work in agriculture, selling vegetables, and other professions.

Shaarawy Mohammed
Shaarawy Mohammed Published on: 23 Jan, 2025
October 7: The Battle for Narratives and the Forgotten Roots of Palestine

What is the difference between October 6th and October 7th? How did the media distort the historical context and mislead the public? Why did some Arab media strip the genocidal war from its roots? Is there an agenda behind highlighting the Israel-Hamas duality in news coverage?

Said El Hajji
Said El Hajji Published on: 21 Jan, 2025
Challenges of Unequal Data Flow on Southern Narratives

The digital revolution has widened the gap between the Global South and the North. Beyond theories that attribute this disparity to the North's technological dominance, the article explores how national and local policies in the South shape and influence its narratives.

Hassan Obeid
Hassan Obeid Published on: 14 Jan, 2025
Sound of Change: How Podcasting is Changing Journalism in India

India’s podcasting scene is on the rise, driven by affordable internet and changing content habits, yet still faces challenges like limited monetisation and urban-focused reach. Despite these hurdles, independent creators are using the medium to amplify grassroots narratives, shaping a more inclusive media landscape.

Hanan Zaffa
Hanan Zaffar, Jyoti Thakur Published on: 9 Jan, 2025
I Resigned from CNN Over its Pro-Israel Bias

  Developing as a young journalist without jeopardizing your morals has become incredibly difficult.

Ana Maria Monjardino
Ana Maria Monjardino Published on: 2 Jan, 2025
Digital Colonialism: The Global South Facing Closed Screens

After the independence of the Maghreb countries, the old resistance fighters used to say that "colonialism left through the door only to return through the window," and now it is returning in new forms of dominance through the window of digital colonialism. This control is evident in the acquisition of major technological and media companies, while the South is still looking for an alternative.

Ahmad Radwan
Ahmad Radwan Published on: 31 Dec, 2024
Fake Accounts with Arab Faces: "A Well-Organized Cyber Army"

Israel has launched a digital war against Palestinians by flooding social media with fake accounts designed to spread disinformation, distort narratives, and demonize Palestinian resistance. These accounts, often impersonating Arabs and mimicking regional dialects, aim to create fake public opinion, promote division among Arab nations, and advance the Israeli agenda in the digital space.

Linda Shalash
Linda Shalash Published on: 29 Dec, 2024