الاحتلال الذي يريد قتل الصحافة في الضفة الغربية

الاحتلال الذي يريد قتل الصحافة في الضفة الغربية

في عام 2002، كان محمَّد الأطرش طفلا في مدينته الخليل، وسط فلسطين، لمّا أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون الضوء الأخضر لبدء عملية "السور الواقي" في الضفة الغربية. كان بيته من ضمن البيوت التي حوصرت في المدينة لشهرين، واقتحمته قوات الاحتلال عدة مرات، وتعرض الأطرش للضرب والاعتداء من قبل الجنود.

اليوم، يتنقل محمد الأطرش، مراسل قناة الجزيرة، بين بلدات شمال الضفة الغربية، موثقا مجريات عملية "مخيمات صيفية" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي هناك، مسجلا شهادات الناس في المخيمات المحاصرة، ومستحضرا ذاك الطفل في الخليل قبل 22 سنة سابقة، "أعرف بالضبط ماذا يعني أن تكون داخل منطقة عكسرية محاصرة، وهذا ما يعظِّم داخلي مسؤولية نقل الحدث"، يقول الأطرش.

بدأت العملية العسكرية التي وصفها الاحتلال الإسرائيلي بأنها الأوسع منذ عملية "السور الواقي" فجر يوم الأربعاء 28 آب/ أغسطس 2024، شملت هجوما على مدن جنين وطولكرم وطوباس وبلدات شمالي الضفة الغربية المحتلة؛ بحجة أن الأوضاع هناك باتت "مصدر قلق جدي" للاحتلال، ما زاد من تحديات الصحفيين في تغطية الأحداث وممارسة المهنة.

يتنقل محمد الأطرش، مراسل قناة الجزيرة، بين بلدات شمال الضفة الغربية، موثقا مجريات عملية "مخيمات صيفية" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، مسجلا شهادات الناس في المخيمات المحاصرة، ومستحضرا ذاك الطفل في الخليل قبل 22 سنة سابقة، "أعرف بالضبط ماذا يعني أن تكون داخل منطقة عكسرية محاصرة، وهذا ما يعظِّم داخلي مسؤولية نقل الحدث".

الطريق إلى الشمال
قبل بدء العملية العسكرية بيوم واحد، قرر الأطرش (33 عاما) أخذ إجازة من العمل والعودة من نابلس إلى الخليل؛ لرؤية زوجته وحضور ذكرى ميلاد ابنته سلمى، ومشاركتها وأخواتها تحضيرات العودة للمدارس، وبعد نصف ساعة فقط، تلقى رسالة تأمره بالتوجه فورا إلى الشمال بعد أن تسللت قوات الاحتلال إلى جنين وطولكرم وطوباس على نحو متزامن معلنة بدء عملية عسكرية فيها: "كنتُ معنيّا بالبقاء مع أولادي، ولكنها رغبة هامشية لأن البلاد كلها تتعرض لحرب، وهناك أناس يدفعون أثمانا باهظة فيها".

تَوجّه الأطرش من الخليل جنوبا إلى محيط جنين شمالا، وحاول دخولها من المدخل الجنوبي إلا أن قوات الاحتلال كانت متمركزة هناك، فتوجه إلى المنطقة الغربية وكان في انتظاره تمركز آخر. وبعد ساعة ونصف من المحاولات تمكن الأطرش أخيرا من دخول جنين عبر طرق التفافية موصلة للمدينة.

يواجه الصحفيون الفلسطينيون في الضفة الغربية تحديا كبيرا متمثلا في الوصول إلى المعلومة والمصادر وأماكن الحدث؛ إذ إن تعرُّض منطقة لعملية عسكرية يعني إغلاق قوات الاحتلال مداخلها وحِصار أهلها وضرب شبكة الاتصال والإنترنت فيها، ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ارتفع عدد الحواجز الإسرائيلية بين المدن والقرى الفلسطينية في الضفة من نحو 500 حاجز  إلى 710 على الأقل، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد قد يتجاوز 840 حاجزا بما في ذلك البوابات والعوائق الأخرى كالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية.

يحتاج التنقُّل بين جنين وطولكرم -على سبيل المثال- نصف ساعة في السيارة، ولكن مع الحواجز العسكرية قد يستغرق ساعتين أو ثلاثًا، بحسب الصحفي خالد بدير، مراسل قناة الغد، وتكون عملية التنقل بحد ذاتها "مغامرة ومخاطرة"، لتعمُّد الاحتلال توقيف السيارات الصحفية التي تمرُّ بحواجزه، وتفتيشها بدقة، ثم طرح مجموعة من الأسئلة على الصحفي "من أين أنت؟ أين ستتوجه؟ ماذا تعمل؟ لصالح من؟ ماذا تصوِّر؟
يعيش بدير (35 عاما) في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، ويتنقل بشكلٍ مستمر بين المناطق التي أعلنها الاحتلال ضمن العملية العسكرية، ويكون ملزما مع كل صباح بمتابعة التطورات كافة في البلدات والقرى والمخيمات وتحركات الآليات العسكرية، وهو ما يُسبب إرهاقا نفسيا على المدى البعيد. "أحيانا أسأل نفسي كيف يبدأ الصحفي خارج فلسطين يومه؟ هل يستيقظ مثلنا في الخامسة صباحا؟ وما جدوله اليومي إن كانت بلاده خالية من الاقتحامات؟".

كان من ضمن التعقيدات الميدانية التي استحدثها الاحتلال بعد 7 أكتوبر، تفتيش الهواتف على الحواجز العسكرية، ما كان يضطر الأطرش إلى حذف تطبيق التليغرام عند كل حاجز عسكري تجنبا للاعتقال أو الضرب، كما جرى مع عدة مواطنين بسبب اشتراكهم بالقنوات الرسمية للمقاومة الفلسطينية. ويتعرض الصحفيون إلى التأخير والتعطيل في أثناء عبورهم بالحواجز العكسرية، إضافة إلى التدقيق في الهويات وأحيانًا حجزها، ويلتزمون -كالجميع- الهدوء تجنبا لردة فعل إسرائيلية غير متوقعة، "نخاف أن ننظر إليهم أو أن نحرِّك أيدينا فيتوهموا أننا بصدد تنفيذ عملية فدائية فيشرعوا بإطلاق النار" كما يقول الأطرش.

 من ضمن التعقيدات الميدانية التي استحدثها الاحتلال بعد 7 أكتوبر، تفتيش الهواتف على الحواجز العسكرية، ما كان يضطر الأطرش إلى حذف تطبيق التليغرام عند كل حاجز عسكري تجنبا للاعتقال أو الضرب، كما جرى مع عدة مواطنين بسبب اشتراكهم بالقنوات الرسمية للمقاومة الفلسطينية.

 

1
الصحفي محمد الأطرش مراسل الجزيرة قناة الجزيرة أثناء تأدية عمله في الضفة الغربية

صحافة مستهدفة
واحدة من التطورات الخطيرة التي شعر بها الصحفي الفلسطيني بعد عملية السابع من أكتوبر تغيُّر قواعد إطلاق النَّار؛ إذ أدانت مقررتان أمميتان في مجال حقوق الإنسان، في بيانِ مشترك بتاريخ 12 أيلول/ سبتمبر، حوادث العنف والمضايقات والترهيب والعرقلة بحق الصحفيين العاملين في الضفة الغربية المحتلة، و"من المزعج جدا أن نرى جنودا إسرائيليين في الضفة الغربية يكررون الازدراء نفسه لسلامة الصحفيين كما هو الحال في غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي".

ويذكر البيان أن هناك 3 حوادث على الأقل وقعت في أيلول/ سبتمبر، في جنين وطولكرم، أطلقت خلالها قوات الأمن الإسرائيلية الذخيرة الحية على الصحفيين أو مركباتهم، في أثناء تغطيتهم العمليات العسكرية، ومُنعوا منذ 27 آب/ أغسطس من تأدية عملهم وأُجبروا على المغادرة تحت تهديد من الجيش الإسرائيلي، في حين أفاد كثيرون آخرون بملاحقتهم بواسطة جرافات تديرها قوات الأمن الإسرائيلية.

يوم 2 أيلول/ سبتمبر الماضي، توَّجه بدير مع مجموعة من الطواقم الصحفية نحو "دوار السينما" في مخيم جنين لتغطية تحركات الجرافات العسكرية؛ إذ أطلق الاحتلال النار من نوافذ الجرافات فوق رؤوس الصحفيين، ما أدى إلى إصابة مدير التصوير في الوكالة الفرنسية الصحفي رونالدو بشظية في اليد اليمنى، وأصيبت مراسلة الجزيرة مباشر شذا حنايشة بشظية رصاصة في الرأس.

توجّه بدير مع مجموعة من الطواقم الصحفية نحو "دوار السينما" في مخيم جنين لتغطية تحركات الجرافات العسكرية؛ إذ أطلق الاحتلال النار من نوافذ الجرافات فوق رؤوس الصحفيين، ما أدى إلى إصابة مدير التصوير في الوكالة الفرنسية الصحفي رونالدو بشظية في اليد اليمنى، وأصيبت مراسلة الجزيرة مباشر شذا حنايشة بشظية رصاصة في الرأس.

توزع الصحفيون حينئذ إلى عدة مناطق، فتوجه بدير وفريقه إلى شارع "أبو بكر". واصل الاحتلال استهدافهم بالرصاص الحي حتى باتوا خارج مرمى النيران. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، حاولت الجرافات المدرعة دهسهم عدة مرات في أثناء رجوعها باتجاههم، ما دفعهم إلى الاحتماء بمدخل مبنى تجاري. اصطدمت الجرافة بأحد أعمدة المبنى، وفي تلك اللحظة فكرت: "إما أن تهدم الجرافة المبنى فوق رؤوسنا، وندفن هنا أحياء، وإما أن يستهدفنا الجندي بالرصاص، وفي كلتا الحالتين ستكون النتيجة الموت".

يرى بدير أن السترات الصحفية التي من المفترض أن تحمي الصحفي وتعرِّف به بوصفه يتبع جهة محايدة، صارت هدفا للاحتلال في ميدان الضفة الغربية، ولا سيما مع عدم وجود ضوابط تحكم الجندي الإسرائيلي أو تعرضه للمساءلة القضائية، وبالنسبة لبدير فإن "كل يوم يعيش الصحفي هنا محطة مفصلية، كل يوم كل ثانية، كل خروج من المنزل محطة مفصلية، لأنه قد يعود وقد لا يعود، قد يصاب وقد يعتقل".
لم تكن النيران بعيدة عن الأطرش؛ إذ أطلق جنود الاحتلال النار عليه وعلى بقية فريق الجزيرة في أثناء وجودهم بالقرب من مستشفى الأمل في جنين، حيث كانوا يغطون الأحداث الجارية في محيطه، غير قادرين على توثيق إطلاق النار أو رصده. يقول الأطرش: "عندما ينزعج جيش الاحتلال من الصحفيين، يطلق النار عليهم أحيانا مباشرة أو تحذيريا"، وقد كان شاهدا في جنين على إطلاق النار على سيارتين تابعتين للصحافة بينما كانتا في طريقهما لتغطية مستجدات بيت محاصر في المدينة، ما أدى إلى إصابة زميله الصحفي محمد منصور برصاصة في يده، إلى جانب إصابة ثلاثة صحفيين آخرين.

شجعت حكومات الاحتلال المتعاقبة قمع الصحافة والصحفيين في الأراضي الفلسطينية وفق ما يرى المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، من خلال غياب آليات لملاحقة جنود الاحتلال على أفعالهم، وإفلاتهم من العقاب طوال السنوات الماضية، ما أدى إلى إطلاق أيديهم لقمع الصحفيين والحريات الإعلامية وتغييب الصورة.
يوثِّق المركز في تقاريره الشهرية الانتهاكات الإسرائيلية بحق الحريات الإعلامية في فلسطين التي شهدت ارتفاعًا خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي متجاوزة 140 اعتداء مقارنة بما مجموعه 104 انتهاكات وُثِّقت خلال شهر آب/ أغسطس السابق، وتوزعت على 132 انتهاكا في الضفة الغربية و8 اعتداءات في قطاع غزة، منها ثلاث جرائم قتل لصحفيين/ات.

مجمل المخاطر والتحديات التي واجهها الأطرش دفعته إلى توخي مزيد من الحذر في طمأنة عائلته وتخفيف مشاعر الخوف والقلق عنهم، وفي مرات يسأل نفسه: هل من الأفضل أن يصرح على الهواء مباشرة بتعرضه لإطلاق النار، أم يحتفظ بذلك لنفسه لتجنب إثارة قلق عائلته؟ يقول: "الظروف التي يمر بها الصحفي خطِرة؛ لذلك يحاول قدر الإمكان تجنب نقل مشاعر الخوف إلى عائلته". لا يفضل الأطرش مراسلة أسرته أو التحدث معهم في أثناء وجوده في مناطق خطرة، ويحرص على إخبارهم دائما بأنه في منطقة آمنة نسبيا، كذلك يتجنب إرسال مقاطع فيديو يتخللها صوت إطلاق النار، ويخلع خوذة الصحافة عند الاتصال بأطفاله ليطمئنهم.

من جهتها، لا تتوقف زوجة بدير عن توصيته بالحذر والبقاء في مناطق آمنة، وتقول له دائما: "ابنك جهاد ينتظرك لتعود". ورغم حرصه على اتباع كل إجراءات السلامة، مثل ارتداء الخوذة والسترة والبقاء في المناطق الآمنة نسبيا، فإنه يعجز عن التعهد بالعودة سالما، قائلا: "كل تلك الإجراءات لا تعني شيئا أمام جندي إسرائيلي خارج أي رقابة، قادر برصاصة واحدة على إنهاء المشهد".

يواجه الصحفي الفلسطيني تحديا آخر يتمثل في الوصول إلى المعلومات وسماع قصص الأشخاص الذين يتعرضون للاعتداء. يجد الصحفي نفسه في مفاضلة بين المخاطرة بالدخول إلى المخيم أو البقاء في مكان آمن لضمان استمرارية التغطية. يقول الأطرش: "من الأفضل أن يبقى الصحفي في منطقة آمنة لضمان استمرارية التغطية". ومع ذلك، رغم المخاطر المتوقعة، يسعى الصحفي إلى الحضور في موقع الحدث، مدركا أن وجود الصحافة قد يحمي المدنيين ويحد من جرائم الاحتلال، ويوضح أن "الجندي الإسرائيلي يفكر مرتين عندما تكون الكاميرات موجودة؛ فالمنطقة الفارغة تختلف عن تلك التي توثقها العدسات"، وهذا ما يشكل دافعا إنسانيا للصحفيين للتغطية.

يستذكر الأطرش حصار الحي الشرقي في جنين الذي استمر ثلاثة أيام، حيث مُنع الصحفيون من الدخول، حتى ظهر مقطع فيديو يوثق مقتل رجل مسن أصم على يد قوات الاحتلال، وتركه ينزف حتى الموت قبل أن تمر آلية عسكرية فوق جسده. يقول الأطرش: "إيماني بضرورة سرد هذه القصص دفعني إلى التواصل مع أي صوت داخل الحي؛ لأن تلك القصص ستختفي إن لم تُرو.

وفي حالات الحصار، يضطر الصحفيون إلى التواصل مع أهالي المخيم للحصول على المعلومات. يقول الأطرش: "كنت أتواصل مع مواطن في حي الدمج بجنين يطلعني على تحركات الجيش"، ولكن ضعف شبكة الاتصال وانقطاع الكهرباء كانا يعوقان التواصل على نحو متكرر، مضيفا: "كان يتحدث معي لدقيقتين، ثم ينقطع الاتصال أو ينفد شحن هاتفه".

يحاول بدير في لحظات الاقتحام نقل القصص الإنسانية للعائلات المحاصرة من عدم توفُّر الماء والغذاء، وظروف الأطفال وكِبار السن والنساء، ثمَّ إطلاق مناشدات من خلال التواصل مع منظمة الصليب الأحمر أو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أو حتى المؤسسات والحملات الشبابية بغية كسر الحِصار وإدخال كميات من الخبز والمياه وحليب الأطفال.

 

صحة نفسية مغيّبة
يتعرض الصحفي في فلسطين إلى ضغوط نفسية كبيرة، بحسب بدير، فهو الشاهد على وداع الأمهات لأولادهن، والشاهد على فقد الأطفال لأعينهم أو أطرافهم، والشاهد كذلك على بلاد "يأكلها" التوغل الإسرائيلي كل يوم و"مهما حاول الصحفي أن يكون حياديا سيظل ابن بلده وكل ما يحدث فيها ينعكس نفسيا عليه"، وإن كانت فرص التفريغ النفسي محدودة، إلا أنها -برأيه- ضرورية لضمان الاستمرارية.

  يهرب بدير من الضغوط التي تنتج عن العمل الميداني في شمال الضفة من خلال خلق مساحة للترويح مع بقية زملائه في الميدان: "أحيانا نجتمع بعد تقديم نشرتنا الإخبارية، أذكرهم بموقف مضحك أو أُلقي أمامهم طرفة معينة، المهم أُوجِد متسعا للترويح"، ذلك أن ضغط الأخبار في شمال الضفة كبير، ولا تكاد تخلو ليلة من اقتحام، وعليه فإن لم يستطع الصحفي أن يرفِّه عن نفسه أو يعزلها عن الضغوط "سيقتلونه نفسيا قبل أن يقتلوه جسديا، وهذا أخطر شيء". حتى فكرة التنقل عبر مسافات بعيدة جغرافيا (الطرق الالتفافية) لتجنب الحواجز العسكرية، ينظر إليها بدير على أنها فرصة للترويح عن النفس، والتعرف إلى أناس جدد ومنطقة جديدة في البلاد "المهم لا أجعل الاحتلال يصل إلى هدفه بأن يجعلني أضجر بوصفي فلسطينيا أولا ثم صحفيا".

يعود بدير يوميا إلى منزله في طولكرم، يمنِّي نفسه بمجالسة ابنه ومتابعته في دراسته، أو الجلوس مع والدته أو الخروج مع أصدقائه، ولكن الوقت دائما مرهون بالهاتف ومتابعة الأحداث في الشمال، ولا سيما أن اقتحامات قوات الاحتلال للبلدات والمخيمات تحدث في الأوقات المسائية وقد يُدعى لتغطيتها في أي وقت "وهذه الاحتمالات والأحداث الطارئة تحرمك من كثير من الاستقرار".

يتعرض الصحفي في فلسطين إلى ضغوط نفسية كبيرة فهو الشاهد على وداع الأمهات لأولادهن، والشاهد على فقد الأطفال لأعينهم أو أطرافهم، والشاهد كذلك على بلاد "يأكلها" التوغل الإسرائيلي كل يوم و"مهما حاول الصحفي أن يكون حياديا سيظل ابن بلده وكل ما يحدث فيها ينعكس نفسيا عليه"

 

صحافة خلف القضبان
تعرض الأطرش في بداية الحرب على غزة كغيره من صحفيي الضفة وناشطيها للاعتقال بحجة التحريض وإنتاج مواد إعلامية عن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية: "قال لي المحقق حرفيا: انتظرنا يصير 7 أكتوبر عشان تصير إسرائيل بلا قانون، ونجيبك هون وندعس على راسك". أُفرج عنه بعد سبعة أشهر، أدرك فيها الأطرش مدى الرقابة التي يفرضها الاحتلال على الصحافة من خلال مراقبة أعمالهم وتوثيقها، "صرتُ أكثر حذرا، حتى وأنا على الهواء مباشرة أنتقي كلماتي حتى لا أعود إلى المعتقل مرة أخرى".

ومنذ السابع من أكتوبر، بلغ عدد حالات اعتقال الصحفيين التي وثَّقها نادي الأسير الفلسطيني ما مجموعه 112، تبقى منهم رهن الاعتقال 59، في الأراضي الفلسطينية بالضفة وغزة والقدس، منهم 6 صحفيات، و22 صحفيا من غزة، وما لا يقل عن 16 من الصحفيين الذين اعتقلهم الاحتلال محتجزون رهن الاعتقال الإداري.

وفي تعداد السجون لعام 2023، وثقت لجنة حماية الصحفيين سَجن السلطات الإسرائيلية 17 صحفيا فلسطينيا، وهو أعلى عدد من الاعتقالات في الأراضي الفلسطينية منذ أن بدأت اللجنة تعقب الصحفيين المسجونين عام 1992. وفي عام 2024، تجاوزت هذه الأرقام، لتصبح حملة القمع والاعتقالات بحق الصحفيين في ذلك العام الأولى من نوعها في الأراضي الفلسطينية، ما يشير إلى تصعيد غير مسبوق في استهداف الصحافة. 

يُرجِع مركز مدى سبب ارتفاع عدد الاعتقال والاحتجاز في أوساط الصحفيين إلى الحرب التي لا تزال متواصلة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2023، والتي أدت في واحدة من تداعياتها إلى زيادة حدة قمع الحريات سواء في غزة أو الضفة رغم التباين والاختلاف النسبي في ذلك؛ ففي حين ازدادت على نحو غير مسبوق عمليات قتل الصحفيين في قطاع غزة، ارتفعت في المقابل عمليات الاعتقال للصحفيين في الضفة الغربية بهدف تكميم أفواههم ومنعهم من تأدية واجبهم المهني والإعلامي.
وتفرض السلطات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر إجراءات عقابية داخل سجونها بحق الأسرى الفلسطينيين وثَّقتها المنظمة الحقوقية الإسرائيلية (بتسليم) تحت عنوان "أهلا بكم في الجحيم"؛ إذ رصدت المنظمة ارتكاب جنود الاحتلال جريمة التعذيب على نحو ممنهج ومتواصل وعلى نطاق واسع، وهو ما يؤكده الأطرش بتعرضه لأشكال عديدة من الإهانة والتنكيل والضرب وخلع الكتف.

1
ارتفع عدد الحواجز الإسرائيلية بين المدن والقرى الفلسطينية في الضفة من نحو 500 حاجز  إلى 710 على الأقل، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد قد يتجاوز 840 حاجزا بما في ذلك البوابات والعوائق الأخرى.

 

مضايقات بكل الأشكال

سلطة الاحتلال ليست العائق الوحيد أمام صحفيي الضفة الغربية؛ إذ يشارك المستوطنون في الاعتداءات والتضييق على عمل الصحفيين. وعلى الرغم من أن الصحفي الفلسطيني يحذَر من الجندي الإسرائيلي، فإن حذره من المستوطنين يكون أكبر وأشد؛ نظرا لحيازتهم الأسلحة وعدم انضباطهم أو التزامهم بقواعد إطلاق النار، علاوة على إفلاتهم التام من العقاب. يقول أحد الصحفيين: "من الممكن أن أتحرك بسيارتي نحو منطقة يوجد فيها الجيش، وقد أتعرض للتنكيل من الجنود إلى حد معين، ولكن من المستحيل أن أتحرك نحو منطقة يوجد فيها مستوطنون". ويتعمد المستوطنون التقاط الصور للصحفي ونشرها على مجموعاتهم الخاصة مع إضافة ملصق سلاح القناص، في تحريض مباشر على استهدافهم، ونتيجة لذلك جرى اعتقال عدد لا بأس به من الصحفيين منذ السابع من أكتوبر تلبية لرغبات المستوطنين، وفق الأطرش. في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي تعرَّض بدير والمصوِّر المرافق له لهجوم من مستوطن في أثناء تغطيتهما فعاليات قطف الزيتون في قرية "رامين" بطولكرم، وحاول المستوطن كسر الكاميرا ومصادرتها عندما وثّقت اعتداءه على مزارع وطرده من أرضه، ليتدخل لاحقا أهالي القرية لحماية بدير ورفيقه ومساعدتهما على الانسحاب.

رغم العقبات المتعددة التي يواجهها الصحفي الفلسطيني من جهات مختلفة، تتضاءل الجهات المدافعة عنه سواء على الصعيد الفلسطيني أو العالمي. ويشير الأطرش إلى أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين تكتفي بتوثيق الانتهاكات وأرشفتها من دون تأدية دور فعّال على الأرض، قائلا: "أنا بصفتي صحفيا فلسطينيا لم أشعر بوجود النقابة قبل 7 أكتوبر ولا بعده، ولا حتى خلال العملية العسكرية." ويرى الأطرش أن الحرب أظهرت "عجز" المنظمات الدولية والحقوقية المدافعة عن الصحافة، واصفا إياها بأنها مجرد "بالونات منفوخة مليئة بالشعارات"، بينما يؤكد الصحفي بدير أن الحرب "اجتاحت" كل القيم التي تعلموها عن الصحافة الدولية، مشيرا إلى أن "كل ما درسناه كان مجرد حبر على ورق، لأنه لم يمنع قتل الصحفيين أو يوفر لهم الحماية."

مؤسسات في مرمى النيران

لم يكن الصحفيون وحدهم في دائرة الاستهداف والتضييق، بل شمل ذلك مؤسسات صحفية عديدة، عربية وفلسطينية، كان آخرها إغلاق مكتب قناة الجزيرة في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة يوم 22 أيلول/ سبتمبر، ولمدة 45 يوما؛ إذ حطَّم الاحتلال الباب الخارجي للقناة وسلَّم العاملين أمر الإغلاق.
وكان مكتب القناة في القدس قد أُغلق كذلك بتاريخ 5 أيار/ مايو، ووقّع وزير الاتصالات الإسرائيلي قرارا بمصادرة المعدات الخاصة بالقناة جميعها. وفي 11 أغسطس/ آب قررت حكومة الاحتلال إغلاق قناة "الميادين" اللبنانية وحظرها ومنع طواقمها من العمل.

جاءت هذه الإغلاقات تباعا بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) على ما سمي قانون "منع مساس جهات أجنبية بأمن الدولة"، الذي يسمح بإغلاق وسائل إعلام بذريعة الإضرار بأمن الدولة. كذلك اضطرت شركة "جي ميديا" الإعلامية الفلسطينية إلى إعلان توقّفها عن العمل في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد أن وصفها الاحتلال بأنها "منظمة غير مشروعة" وسلَّمها قرارا بالإغلاق، علما أن طواقمها تعمل في الميدان بالضفة الغربية بلا مقر، بسبب إغلاق السلطة الفلسطينية مكتبها في رام الله قبل نحو عامين. وقبل ذلك، أغلقت إسرائيل قنوات تلفزيونية فلسطينية وعربية غير حكومية، منها قناة "الأقصى" عام 2015، وقناة "فلسطين اليوم" عام 2016، وقناة "القدس" عام 2018، ودوهمت مكاتبها في الضفة ومكاتب الشركات التي تقدِّم خدمات لها.
 
يستمر محمَّد الأطرش، مراسل قناة الجزيرة، في التنقل بين البلدات والقرى بشمال الضفة الغربية، مؤمنا بأهمية رواية القصص عن أهلها، وأنسنة قضاياهم، ويرى في ذلك إحياءً للقضية وسببا لتفاعل الناس وتعاطفهم الصادق، على نقيض الاكتفاء بالأخبار المجردة من سياقاتها الإنسانية، التي جعلت كثيرا من الناس يعتادون الأرقام والأحداث رغم فداحتها، قائلا: "لا أحب أن أكون رقما، وما ينطبق علي ينطبق على غيري، إن استشهدت فأنا أحب أن يعرف الناس أني توجهت إلى هذا المكان من منطلق مسؤوليتي المهنية، ولدي أهل وأطفال أحبهم".

وإلى طولكرم يرجع خالد بدير، مراسل قناة الغد، كل مساء إلى بيته، يعلم أنه بقي سالما ليوم إضافي ليس بانتهاء التغطية أو انتهاء الاقتحام وانسحاب جيش الاحتلال، إنما برؤية ابنه ينزل الدرج مسرعا في استقباله؛ "أعلم حينئذ أني نجوت من الموت".

More Articles

Fake Accounts with Arab Faces: "A Well-Organized Cyber Army"

Israel has launched a digital war against Palestinians by flooding social media with fake accounts designed to spread disinformation, distort narratives, and demonize Palestinian resistance. These accounts, often impersonating Arabs and mimicking regional dialects, aim to create fake public opinion, promote division among Arab nations, and advance the Israeli agenda in the digital space.

Linda Shalash
Linda Shalash Published on: 29 Dec, 2024
Citizen Journalism in Gaza: "The Last Witness"

With a phone camera, Abboud Battah appears every day from northern Gaza, documenting the crimes of the occupation in a language that is not devoid of spontaneity that led to his being arrested. When the Israeli occupation closed Gaza to the international press, killed journalists, and targeted their headquarters, the voice of the citizen journalist remained a witness to the killing and genocidal war.

Razan Al-Hajj
Razan Al-Hajj Published on: 25 Dec, 2024
A Survivor Interview should not be Considered a Scoop

Do ethical and professional standards allow for interviewing survivors while they are in a state of trauma? How should a journalist approach victims, away from sensationalism and the pursuit of exclusivity at the expense of their dignity and right to remain silent?

Lama Rajeh
Lama Rajeh Published on: 23 Dec, 2024
Censorship, Militarisation, and Dismantlement: How Public Media Became a Political Battlefield in Latin America

Public media in Latin America, such as Brazil's EBC and Argentina's Télam, are being undermined through militarisation and dismantlement, threatening their role as public institutions. These actions jeopardise media independence and weaken their ability to serve the public interest, posing a serious risk to democracy.

Rita Freire Published on: 19 Dec, 2024
Independent Syrian Journalism: From Revolution to Assad's Fall

Independent Syrian journalism played a pivotal role in exposing regime corruption and documenting war crimes during the 13-year revolution, despite immense risks to journalists, including imprisonment, assassination, and exile. Operating from abroad, these journalists pioneered investigative and open-source reporting, preserving evidence, and shaping narratives that challenged the Assad regime's propaganda.

Ahmad Haj Hamdo
Ahmad Haj Hamdo Published on: 17 Dec, 2024
Journalists and the Gen–Z protest in Kenya

Caught between enraged protesters and aggressive police officers, journalists risked their lives to keep the world informed about the Gen–Z protests in Kenya. However, these demonstrations also exposed deeper issues regarding press freedom, highlighting a troubling aspect of Ruto’s government.

Shuimo Trust Dohyee
Shuimo Trust Dohyee Published on: 12 Dec, 2024
Behind the Burka: Journalism and Survival Under Taliban Rule

An account of a female Afghan journalist who persisted in her work in spite of the Taliban's comeback, using her writing to expose the harsh realities of oppression and promote women's rights. In defiance of the Taliban government's prohibitions on female education, she oversaw underground schools for girls and reported under a pseudonym while constantly fearing for her safety.

Khadija Haidary
Khadija Haidary Published on: 8 Dec, 2024
Fact or Fiction? Quantifying the 'Truth' in True-Crime Podcasts

Over the centuries, true crime narratives have migrated across mediums—from tabloids and books to documentaries, films, and, most recently, podcasts. Despite these evolutions, one constant endures: the storytellers’ drive to detail the darkest corners of human behaviour and the insatiable curiosity of their audiences.

Suvrat Arora
Suvrat Arora Published on: 28 Nov, 2024
Why Are Journalists Being Silenced in Kashmir?

Since the revocation of Article 370 in 2019, press freedom in Indian-administered Kashmir has sharply declined, with local journalists facing harassment, surveillance, and charges under anti-terror laws, while foreign correspondents are denied access or deported for critical reporting. These measures, aimed at controlling the region’s narrative and projecting normalcy, have drawn widespread criticism from international watchdogs, who warn of increasing suppression of both domestic and foreign media.

headshot
AJR Correspondent Published on: 27 Nov, 2024
Gender Inequity in Sports Reporting: Female Journalists Demand Equality

Gender inequality persists in sports journalism, with female reporters significantly under-represented, as shown by studies revealing that only 5.1% of sports articles are written by women. Advocates call for equal representation, more inclusive hiring practices, and a broader focus on women's sports to challenge stereotypes, improve coverage, and give women a stronger voice in shaping sports narratives.

Akem
Akem Nkwain Published on: 18 Nov, 2024
Challenging the Narrative: Jeremy Scahill on the Need for Adversarial Journalism

Investigative journalist Jeremy Scahill calls for a revival of "adversarial journalism" to reinstate crucial professional and humanitarian values in mainstream Western media, especially regarding the coverage of the Gaza genocide.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 10 Nov, 2024
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 23 Oct, 2024
A Year of Genocide and Bias: Western Media's Whitewashing of Israel's Ongoing War on Gaza

Major Western media outlets continue to prove that they are a party in the war of narratives, siding with the Israeli occupation. The article explains how these major Western media outlets are still refining their techniques of bias in favor of the occupation, even a year after the genocide in Palestine.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 9 Oct, 2024
Testimonies of the First Witness of the Sabra & Shatila Massacre

The Sabra and Shatila massacre in 1982 saw over 3,000 unarmed Palestinian refugees brutally killed by Phalangist militias under the facilitation of Israeli forces. As the first journalist to enter the camps, Japanese journalist Ryuichi Hirokawa provides a harrowing first-hand account of the atrocity amid a media blackout. His testimony highlights the power of bearing witness to a war crime and contrasts the past Israeli public outcry with today’s silence over the ongoing genocide in Gaza.

Mei Shigenobu مي شيغينوبو
Mei Shigenobu Published on: 18 Sep, 2024
Journalist Mothers in Gaza: Living the Ordeal Twice

Being a journalist, particularly a female journalist covering the genocide in Palestine without any form of protection, makes practicing journalism nearly impossible. When the journalist is also a mother haunted by the fear of losing her children, working in the field becomes an immense sacrifice.

Amani Shninu
Amani Shninu Published on: 15 Sep, 2024
Anonymous Sources in the New York Times... Covering the War with One Eye

The use of anonymous sources in journalism is considered, within professional and ethical standards, a “last option” for journalists. However, analysis of New York Times data reveals a persistent pattern in the use of “anonymity” to support specific narratives, especially Israeli narratives.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 8 Sep, 2024
Cameroonian Journalists at the Center of Fighting Illegal Fishing

While the EU’s red card to Cameroon has undeniably tarnished its image, it has paradoxically unlocked the potential of Cameroonian journalists and ignited a movement poised to reshape the future. Through this shared struggle, journalists, scientists, conservationists, storytellers, and government officials have united, paving the way for a new era of ocean advocacy.

Shuimo Trust Dohyee
Shuimo Trust Dohyee Published on: 21 Aug, 2024
The Gaza Journalist and the "Heart and Mind" Struggle

Inside the heart of a Palestinian journalist living in Gaza, there are two personas: one is a human who wants to protect his own life and that of his family, and the other is a journalist committed to safeguarding the lives of the people by holding on to the truth and staying in the field. Between these two extremes, or what journalist Maram Hamid describes as the struggle between the heart and the mind, the Palestinian journalist continues to share a narrative that the occupation intended to keep "away from the camera."

Maram
Maram Humaid Published on: 18 Aug, 2024
Journalists Recount the Final Moments of Ismail Al-Ghoul

Journalists remembering the slain reporter of Al Jazeera in Northern Gaza, Ismail Al Ghoul. "He insisted on continuing his coverage from the northern part of the Gaza Strip, despite the challenges and obstacles he faced. He was arrested and interrogated by the Israeli army, his brother was killed in an Israeli airstrike, and his father passed away during treatment abroad."

Mohammad Abu Don
Mohammad Abu Don Published on: 11 Aug, 2024
Analysis: Media Disinformation and UK Far-Right Riots

Analysis on the impact of media disinformation on public opinion, particularly during UK riots incited by far-right groups. A look at how sensationalist media can directly influence audience behavior, as per the Hypodermic Needle Theory, leading to normalized discrimination and violence. The need for responsible journalism is emphasized to prevent such harmful effects.

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 8 Aug, 2024
Challenges for Female Journalists in Crisis Zones of Cameroon

Testimonies of what female journalists in Cameroon are facing and how they are challenging these difficulties.

Akem
Akem Nkwain Published on: 30 Jul, 2024
From TV Screens to YouTube: The Rise of Exiled Journalists in Pakistan

Pakistani journalists are leveraging YouTube to overcome censorship, connecting with global audiences, and redefining independent reporting in their homeland.

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 28 Jul, 2024
Daughters of Data: African Female Journalists Using Data to Reveal Hidden Truths

A growing network of African women journalists, data scientists, and tech experts is amplifying female voices and highlighting underreported stories across the continent by producing data-driven projects and leveraging digital technologies in storytelling.

Nalova Akua
Nalova Akua Published on: 23 Jul, 2024
Are Podcasts the Future of African Broadcasting?

The surge of podcasts across Africa is a burgeoning trend, encompassing a wide array of themes and subjects, and swiftly expanding across various nations.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 11 Jul, 2024