القصص الإنسانية الصحفية.. البحث عن التعاطف والتأثير

الإنسان كائن حكّاء بطبعه، والحكي أو القصُّ بكل أنواعه، خاصية إنسانية بارزة لازمته على مر الأزمنة، وقد ظلت شكلا من أشكال العيش اليومي، قبل أن تتحول فيما بعد إلى وسيلة من وسائل التعبير الإبداعي، من خلال القصص والحكايات الأدبية ثم الصحافة، كامتداد لفعل نقل الوقائع والأخبار، لكن بأهداف ووظائف تختلف عن نظيرتها في الأدب.

وواكب تقدّمَ الصحافة ووسائلها، تطورٌ في طرق اشتغالها بالقصة أيضا، حتى باتت القصص الصحفية تحتلّ حيّزًا مهمًّا في صحافة اليوم بأشكال جديدة وقوالب مختلفة، لعلّ أبرزها "القصص الإنسانية الصحفية" (Human interest stories) التي تحرّرت مع الصحافة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية من قيود النصّ إلى فضاءات الصوت والصورة. 

وتعتبر القصص الإنسانية أو القصص ذات الاهتمام الإنساني في الصحافة، نوعا من القصص الصحفية يقدّم حكاية شخص أو مجموعة أشخاص، من خلال إبراز تجاربهم الحياتية العامة أو الخاصة، الإيجابية والسلبية، في قالب صحفي وإبداعي، مكتوب أو مصوّر. وتسعى القصة الإنسانية عبر التركيز على المكون الإنساني -كأبرز عنصر فيها- إلى تحقيق استجابات عاطفية لدى القراء، من خلال نقل تجربة ومشاعر الشخصية أو الشخصيات الرئيسية في علاقتها بحدث أو قضية، من أجل تعريف أو إشعار المتلقي بشأنها، إيمانًا منها بأنه حيثما وُجد الإنسان وُجدت قصصٌ تستحق أن تروى.

ويعرّف معجم "كولينز" القصة الإنسانية بأنها "قصة مكتوبة أو مصوَّرة عن أفراد ومشاعرهم"، وهو ما يؤكده معجم "أوكسفورد" الذي يعرّفها بأنها توجّه في الإعلام يثير اهتمام القراء أو المشاهدين، فينقل تجارب ومشاعر أفراد، ويخلق ارتباطا عاطفيًّا مع المتلقي.

من جانبه، يعتبر "مجتمع الصحافة" التابع لجامعة "كارديف" بالمملكة المتحدة، أنّ "في قلب كل قصة إنسانية، هناك أناس يشاركون قصصهم المتميزة، بطريقة عاطفية ومثيرة للاهتمام"، مبرزًا أنها تتطرق "لحالات أشخاص استطاعوا تجاوز مراحل صعبة أو مخيبة للآمال من حياتهم، أو حقّقوا إنجازات استثنائية أو أعمالَ شَجاعة، أو قصصًا طريفة أو غرائبية، أو قصصا عن الانفتاح على تجارب جديدة، ويكون التركيز خلالها دائما على الفرد".

المكوّن الإنساني.. "القصة وراء القصة"

تدخل القصص الإنسانية ضمن ما يسمى "الأخبار الخفيفة" (Soft news). وفي معظم الأحيان، تكون هي "القصة وراء القصة" بمعنى أنها القصة وراء حدث أو واقعة ما، لكن لا تتم معالجتها بالطريقة التقليدية في تقديم وبناء الخبر، بل دائما ما يتم إبراز الإنسان داخل هذه القصة، من خلال تأثيره في الأحداث أو تأثره بها.

وكمثال على هذا، عند نقل خبر إغلاق معمل بعد إفلاسه، ستذهب التغطية الإعلامية العادية إلى معالجة الموضوع من زاوية تقديم أسباب الإفلاس وتأثيرات الإغلاق على الوضع الاقتصادي والاجتماعي عبر تقديم أرقام ومعطيات جافّة. في المقابل، تذهب القصة الإنسانية إلى المتضرّرين الرئيسيين من الواقعة، عبر عرض قصة إحدى العاملات كنموذج، وإبراز كيف تأثرت نفسيًّا وماديًّا من الوضع، والصعوبات الحياتية التي تعانيها بعد التوقف عن العمل الذي كان مصدر رزق أسرتها الوحيد، وهو ما من شأنه جلب الاهتمام بالموضوع، حيث تبقى هذه المقاربة -من خلال اقترابها من الإنسان- أكثر "استهلاكية"، وتملك قدرة كبيرة على صياغة الحدث، ولفت الانتباه إليه.

من خلال ما سبق، يمكن استنتاج مجموعة من المميزات الخاصة بالقصة الإنسانية الصحفية، أهمّها أنّ أبرز عنصر فيها هو المكون الإنساني كعنصر أساسي في معالجة الموضوع، وأنّ الشخصية أو "بطل القصة" هو عمودها الناظم، والمعلومات التي تتضمنها تحوم في أغلبها حوله، بينما تخدمه مختلف العناصر الأخرى.

القصة الإنسانية تقضي على الحواجز، وتسمح للناس بتكوين روابط مع القصة عبر التقمص العاطفي الذي يُقصد به قدرةَ الشخص على أن يضع نفسه مكان شخص آخر عاطفيًّا ويفهم موقفه وأحاسيسه. ولهذه المسألة أهمية كبرى في الصحافة، ذلك أن تفاعل الأشخاص عاطفيا مع قصص الآخرين يرفع من وعيهم ويشكّل وجهة نظرهم، ويساعدهم على إدراك التأثّر البشري الحقيقي في عدد من القضايا، بدءًا من السياسات والمشاكل المحلية، وصولا إلى الحروب الدولية والقضايا الإنسانية الكبرى كالكوارث الطبيعية.

نجد أيضًا أنّ القصة لا تجيب بالضرورة عن الأسئلة الستة، بل يمكن أن تجيب فقط عن بعضها، مثل: من وماذا وأين؟ ويمكن تسجيل أنها تتقاطع في عدد من الخصائص مع أجناس صحفية أخرى -خصوصًا البروفايل (البورتريه) والريبورتاج- في عناصر السردية والصور المشهدية والوصف. 

تحمل القصة الإنسانية بصمة كاتبها الذي عايشها وكتب عنها في المرة الأولى، حيث إنه عندما يعاد إنجازها أو تحريرها من شخص آخر، قد تفقد قيمتها وعفويتها. كما تتميّز بالليونة، حيث يمكن أن تشتغل على مواضيع من مختلف المجالات والأبواب الصحفية، وأن تتخذ أشكالا متعددة.

كما أنّ مصدر القصص الإنسانية هو الواقع، وينبغي ألا تكون هذه القصص من محض خيال الصحفي وإبداعه، وإلا حُرّفت عن مسارها وأصبحت قصة أدبية أو فيلما قصيرًا. ويتم اختيار الأحداث والمواضيع التي ستتطرق إليها انطلاقا من القيم الإعلامية، كالجدّة والغرابة والأهمية.

 

من الصحف الشعبية إلى "الصحافة الجديدة"

يُرجع باحثون بدايات الاشتغال بالقصص ذات الاهتمام الإنساني إلى الصحافة الأميركية (3)، خصوصا صحف ومجلات القرن التاسع عشر، التي ظهرت مع "الصحف الشعبية" (PENNY PRESS) بالولايات المتحدة بداية من العام 1830، ثمّ تطورت بشكل أكبر مع ما يسمى "الصحافة الصفراء" وجمهورها العريض بداية من العام 1890، والتي اعتمدت بشكل كبير على "أنسنة الأخبار" بالتركيز على قصص تتمحور حول تجارب الفرد اليومية والغرائبية، وتتتبّع الأخبار الخاصة للشخصيات العمومية. 

وبلغ الاشتغال بالقصة الإنسانية في الصحافة الأميركية ذروته بين عامي 1960 و1970 مع ما يسمى "الصحافة الجديدة" (NEW JOURNALISM) التي عمدت إلى توظيف تقنيات الكتابة الأدبية في الصحافة بالاعتماد على الدراسات التي توصلت إليها الأبحاث العلمية في هذا المجال. 

السوسيولوجية والباحثة في مجال القصص ذات الاهتمام الإنساني هيلين هوغز، أنجزت دراسة عام 1940 لتعقّب أصول الاهتمام الإنساني في الصحافة، وكشفت أن صحيفة "ذي صن" التي تأسست في مدينة نيويورك عام 1833، لصاحبها الناشر بنجامين داي، كانت من أوائل الصحف التي تبنّت توجّه "أنسنة الأخبار". 

وحسب صاحبة كتاب "القصة الإنسانية والأخبار"، فإن اشتغال الصحيفة بهذا النوع من الأخبار أدّى إلى تحقيقها نجاحا فوريًّا من خلال زيادة انتشارها وأرباحها، مما دفع عددًا من الصحف الأخرى إلى اتباع نفس التوجه، مثل صحيفة "نيويورك هيرالد" عام 1935، وهو ما وسّع بالتالي المساحات التي تغطيها الأخبار. 

 

أهمية القصة الإنسانية في العمل الصحفي

في إعلام تكثر وتتكرّر فيه أخبار الحروب والكوارث، يمكن القول إنّ معظم التقارير الإخبارية أفرِغت من روحها وعمقها الإنساني، حتى صارت مجرّد "عدّادات" لأرقام المصابين وحجم الخسائر، مما خلق نوعًا من التطبيع بين القارئ أو المشاهد وبين صور الموت والخراب، فأصبح يمرّ على هذه الأخبار بدون مبالاة أو أي تأثّر أو تفاعل. من هنا تبرز الأهمية الكبرى للقصص الإنسانية الصحفية في تغطية الأزمات الدولية والإنسانية، حيث تقدّم هذه الأخيرة حالات إنسانية تعرض معاناتها وتضرّرها مما يقع حولها من الأحداث. 

أثبتت العديد من الدراسات أنه كلما اقتربت تغطية الأخبار والأحداث من الإنسان، وروت قصصه وتجاربه، نجاحاته ونكساته، كان تأثيرها ووقعها أكبر وأكثر فاعلية من الأخبار "الجامدة"، أو التي لا تولي أهمية للإنسان في تأثّره بالأحداث أو تأثيره فيها. ومن بين هذه الدراسات أبحاث في الصحافة الأميركية، تظهر أنّ الأميركيين منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 أصبحوا أكثر اهتمامًا بالقصص التي تحمل جوانب إنسانية، والتي تتوجه بشكل أكبر نحو تغطية القصص الإنسانية وتحوم حول تفاصيل حياة الآخرين.

وتبرز قيمة وأهمية "أنسنة الأخبار" -خصوصا في مناطق النزاعات والحروب- في قدرتها الكبيرة على نقل الصورة الحقيقية لهذه الأحداث، وإسماع صوت المتضررين الرئيسيين فيها. ولكون العنصر الإنساني مكوّنا كونيا، فإنها تخترق الحدود الجغرافية وتستمر مع الزمن، شاهدةً على الأحداث.

 

القصص الإنسانية والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي

أنجزت باحثتان فلسطينيتان دراستين إعلاميتين حول المقاربة الإنسانية للأخبار في الصحافتين الفلسطينية والإسرائيلية، أظهرتا "تفوّق الصحافة الإسرائيلية على نظيرتها الفلسطينية في تغطية الصراع بينهما، وفي التأثير بشكل أكبر في الرأي العام الدولي، من خلال اعتمادها على القصص الصحفية وأنسنة الأخبار".

الباحثة شذى دجاني أنجزت دراسة على 600 مادة صحفية نشرت عن وفاة 38 فلسطينيا، موزعة بين أكثر المواقع الإخبارية الفلسطينية قراءةً، وأخضعتها لاستمارة تحليل المضمون الكمي. وتبيّن في الدراسة أن الإعلام الفلسطيني يعتمد أكثر على الخبر المجرد، ومن ثم على الإحصائيات في تغطية أخبار الضحايا، حيث وصلت نسبة الأخبار المجردة التي نشرتها المواقع الإخبارية الفلسطينية عنهم 47%، بينما كانت نسبة وجود قصص صحفية مؤنسنة 2% فقط.

من جانبها أعدت الباحثة الثانية أصالة أبو حديد دراسة بعنوان "تغطية المواقع العبرية للقتلى الإسرائيليين خلال الهبة الحالية"، رصدت فيها 1225 مادة صحفية نُشرت عن 27 قتيلا إسرائيليا، موزعة بين أكثر المواقع الإخبارية الإسرائيلية تصفحًا. وتوصلت إلى أن هذه المواقع العبرية "أنْسَنَت" القتلى الإسرائيليين عن طريق تسليط الضوء على النواحي العاطفية والإنسانية في حياة القتيل وعائلته بنسبة 70% من المواد المنشورة عنهم. كما تحدثت قرابة 61% من المواد عن معاناة هؤلاء القتلى وعائلاتهم، وعن أحلامهم وطموحاتهم قبل الموت، وهو ما يظهر اشتغال الصحافة الإسرائيلية المكثف على القصص الإنسانية، واهتمامها بالجانب الإنساني في تغطيتها للموضوع، وتغييب كل ما له علاقة بالحرب.

 

قضية اللاجئين السوريين

تحظى قضايا اللاجئين بمتابعة خاصة من طرف المؤسسات الإعلامية الأجنبية أو المنظمات الدولية، خصوصا بعد أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا، والمشاكل التي رافقت هذا الموضوع. وخلال تغطية هذا الحدث، لعبت القصص الإنسانية دورا كبيرا في التأثير على الرأي العام الأوروبي. 

في هذا الصدد، كشفت صحيفة "الغارديان" في افتتاحية لها أن القصص التي يواجهها اللاجئون الفارون من مناطق الحرب في الشرق الأوسط خلال محاولاتهم الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر أو البر، وما يتعرضون له من مآسٍ وصعوبات أثناء فرارهم وعبورهم الحدود؛ هي ما يحرك مشاعر التعاطف في أوروبا والعالم، وليس الأخبار التي تتناول إحصاءات وأرقاما بشأن أعدادهم. ورغم معرفة الناس بعمليات الهجرة واللجوء والفرار من مناطق النزاعات في الشرق الأوسط، فإن صورة واحدة كانت كفيلة بتغيير المواقف ونقل الوضع المأساوي المؤلم للاجئين.

كما كشفت الصحيفة أنه نتيجة التحول المدهش في معالجة بعض الصحف الشعبية البريطانية، كان التغير واضحا في تجاوب الشعب البريطاني في التضامن مع مأساة ومعاناة هؤلاء اللاجئين أثناء استمرار تدفقهم على أوروبا، حيث أصبح لدى البريطانيين تعاطف مع قضية اللاجئين ونوع من التقبل والمساعدة، وذلك بفعل قصص تنقل تجاربهم مع الحرب. 

وأعدت الباحثة حسناء حسين دراسة بعنوان "قضية اللاجئين في الخطاب الإعلامي الأوروبي.. السياقات والأهداف"، حللت فيها تعامل الصحافة الأوروبية مع قضية اللاجئين. وكشفت الدراسة أن الصحف اليسارية، مثل "ليبراسيون" الفرنسية و"دير شبيغل" الألمانية، ركزت في تغطيتها على الجانب الإنساني العاطفي، بعيدا عن الجوانب السياسية والاقتصادية التي ركّزت عليها تغطية وسائل الإعلام اليمينية. وبرز توجه الصحيفتين من خلال تسليط الضوء على الأوضاع الصعبة والمضايقات والاعتداءات التي واجهها اللاجئون، سواء في بلدانهم الأصلية أو في بلدان اللجوء().

وهذا ما أكّدته عناوين صحيفة "ليبراسيون"، مثل: "مهاجرون على شفير الهاوية، وصور طافية"، و"مهاجرون في باريس: أوضاعنا تشبه الاعتقال"، و"المجر: أوروبا مغلقة.. أنت سوري ليس عليك إلا أن تعود لسوريا". كما نشرت "دير شبيغل" عناوين مثل: "بؤس المهاجرين.. جزيرة كوس اليونانية تترك اللاجئين لمصيرهم"، و"فوضى اللاجئين في مقدونيا.. حياة النساء والأطفال مهدَّدة بشكل خطير"، و"الوجه الأسود للمنفى.. تجارة الموت وتهريب البشر"، و"حارات مقفلة.. مراكز إيواء طالبي اللجوء تحت العنف".

 

القصص الإنسانية والمنظمات الدولية

جانب آخر يُبرز أهمية القصص الإنسانية في الصحافة وهو استخدامها من طرف المنظمات الدولية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، في تغطيتها الصحفية لقضايا الهجرة واللاجئين ومناطق النزاع والحروب، حيث أدركت هذه المؤسسات قدرتها الكبيرة في إثارة مشاعر التعاطف والتضامن، وتبسيط القضايا المعقدة والمشاكل الكونية وتقريبها للمتابع، لتشكيل وعي بخصوصها.

ونجد هذه القصص الإنسانية منتشرة على البوابات الصحفية لمنظمات دولية عدة، مثل اليونيسيف، واليونسكو، وعلى الموقع الرسمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو على شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

 

نقاش المزايا والعيوب

إجمالا، يمكن القول إنّ القصص الإنسانية استطاعت إيجاد مكان لها بين الأجناس والأشكال الصحفية الأكثر انتشارًا، وصارت تلقى تفاعلا كبيرا في صفوف المتابعين، خصوصا بعدما انتقلت من الصحافة المكتوبة إلى قصص الفيديو على الصحافة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.

ففي ظل الكم الهائل من المعلومات والأخبار المتوفرة اليوم، لم تعد مسألة البحث عن السبق الصحفي بذات الأهمية، ولا تشكل هاجسا رئيسيا للمؤسسات الإعلامية كما كان عليه الحال في السابق، ذلك أن ما يهم الآن لجذب القارئ هو طريقة معالجة الحدث، والكيفية التي يقدم بها، ويَظهرُ أن تقديمه في قالب إنساني من أفضل وأنجع الوسائل لتحقيق التميز سواء بالنسبة للصحفي أو للمؤسسة الإعلامية.

غير أنّه برغم كل المزايا السالفة الذكر، تُسجَّل انتقادات عديدة للاشتغال بالقصص الإنسانية، إذ هناك من يعتبر أنها تذهب إلى "تسليع" الإنسان وتعامله كأي بضاعة أخرى، من أجل خدمة قضايا وتوجهات سياسية محددة، عبر التأثير على الرأي العام سلبًا، دون خدمة القضية الأساسية للموضوع المعالج، الأمر الذي ينطبق كذلك على بعض المنظمات التي تُتاجر في قضايا ومعاناة الآخرين من أجل جمع الأموال والمساعدات.

من جهة ثانية، تستدعي بعض المؤسسات الإعلامية "حالات إنسانية" بغية تحقيق نسب متابعة عالية، خارقةً قيمَ وأخلاقيات العمل الصحفي خلال مختلف مراحل الإنجاز، حيث لا تحترم خصوصيات هذه الحالات، وفي حالات كثيرة تستغل ضعفها النفسي أو المادي. 

وبالمقابل، يمكن تسجيلُ أن المشكل ليس في القصة الإنسانية بحدّ ذاتها، بل في استعمالاتها، كما هو الحال مع أي وسيلة إعلامية أو جنس صحفي آخر، حيث يمكن استغلاله وتسخيره فيما يخدم الأدوار الحقيقية للصحافة أو عكس ذلك.

 

 

مراجع: 

1-  « Writing Human Interest Stories: A Guide », Center for Community Journalism (blog), 20 octobre 2016, https://www.communityjournalism.co.uk/resource/writing-human-interest-stories-a-guide/.
2- - «Human-Interest Story», TV Tropes, http://tvtropes.org/pmwiki/pmwiki.php/Main/HumanInterestStory.
3- Christopher H. Sterling, éd, Encyclopedia of journalism (Thousand Oaks, Calif: SAGE Reference, 2009).
P 729, 730. 
4- - أبحاث: الإعلام الإسرائيلي تفوق على الفلسطيني في "الأنسنة"، حديث اليوم  https://daytalk.net/post/28066.
5- المرجع السابق. 
6- المرجع السابق.
7-    حسناء حسين، قضية اللاجئين في الخطاب الإعلامي الأوروبي.. السياقات والأهداف،  
https://studies.aljazeera.net/ar/mediastudies/2015/12/201512239408698397.html 

 

المزيد من المقالات

هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل المعلق الصوتي في الإعلام؟

يضفي التعليق الصوتي مسحة خاصة على إنتاجات وسائل الإعلام، لكن تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي يطرح أسئلة كبرى من قبيل: هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل المعلقين الصوتيين؟ وما واقع استخدامنا لهذه التطبيقات في العالم العربي؟

فاطمة جوني نشرت في: 18 أبريل, 2024
تعذيب الصحفيين في اليمن.. "ولكن السجن أصبح بداخلي"

تعاني اليمن على مدى عشر سنوات واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إن لم تكن الأسوأ على الإطلاق. يعمل فيها الصحفي اليمني في بيئة معادية لمهنته، ليجد نفسه عُرضة لصنوف من المخاطر الجسيمة التي تتضمن القتل والخطف والاعتقال والتهديد وتقييد حرية النشر والحرمان من حق الوصول إلى المعلومات.

سارة الخباط نشرت في: 5 أبريل, 2024
صدى الأصوات في زمن الأزمات: قوة التدوين الصوتي في توثيق الحروب والنزاعات

في عالم تنتشر فيه المعلومات المضلِّلة والأخبار الزائفة والانحيازات السياسية، يصبح التدوين الصوتي سلاحا قويا في معركة الحقيقة، ما يعزز من قدرة المجتمعات على فهم الواقع من منظور شخصي ومباشر. إنه ليس مجرد وسيلة للتوثيق، بل هو أيضا طريقة لإعادة صياغة السرديات وتمكين الأفراد من إيصال أصواتهم، في أوقات يكون فيها الصمت أو التجاهل مؤلما بشكل خاص.

عبيدة فرج الله نشرت في: 31 مارس, 2024
عن دور المنصات الموجهة للاجئي المخيمات بلبنان في الدفاع عن السردية الفلسطينية

كيف تجاوزت منصات موجهة لمخيمات اللجوء الفلسطينية حالة الانقسام أو التجاهل في الإعلام اللبناني حول الحرب على غزة؟ وهل تشكل هذه المنصات بديلا للإعلام التقليدي في إبقاء القضية الفلسطينية حية لدى اللاجئين؟

أحمد الصباهي نشرت في: 26 مارس, 2024
العلوم الاجتماعيّة في كليّات الصحافة العربيّة.. هل يستفيد منها الطلبة؟

تدرس الكثير من كليات الصحافة بعض تخصصات العلوم الاجتماعية، بيد أن السؤال الذي تطرحه هذه الورقة/ الدراسة هو: هل يتناسب تدريسها مع حاجيات الطلبة لفهم مشاكل المجتمع المعقدة؟ أم أنها تزودهم بعدة نظرية لا تفيدهم في الميدان؟

وفاء أبو شقرا نشرت في: 18 مارس, 2024
عن إستراتيجية طمس السياق في تغطية الإعلام البريطاني السائد للحرب على غزّة

كشف تحليل بحثي صدر عن المركز البريطاني للرقابة على الإعلام (CfMM) عن أنماط من التحيز لصالح الرواية الإسرائيلية ترقى إلى حد التبني الأعمى لها، وهي نتيجة وصل إليها الباحث عبر النظر في عينة من أكثر من 25 ألف مقال وأكثر من 176 ألف مقطع مصور من 13 قناة تلفزيونية خلال الشهر الأول من الحرب فقط.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 13 مارس, 2024
صحفيات غزة.. حكايات موت مضاعف

يوثق التقرير قصص عدد من الصحفيات الفلسطينيات في قطاع غزة، ويستعرض بعضاً من أشكال المعاناة التي يتعرضن لها في ظل حرب الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.

فاطمة بشير نشرت في: 12 مارس, 2024
عن العنف الرقمي ضد الصحفيات في الأردن

تبرز دراسة حديثة أن أكثر من نصف الصحفيات الأردنيات تعرضن للعنف الرقمي. البعض منهن اخترن المقاومة، أما البعض الآخر، فقررن ترك المهنة مدفوعات بحماية قانونية ومهنية تكاد تكون منعدمة. هذه قصص صحفيات مع التأثيرات الطويلة المدى مع العنف الرقمي.

فرح راضي الدرعاوي نشرت في: 11 مارس, 2024
الصحافة المرفقة بالجيش وتغطية الحرب: مراجعة نقدية

طرحت تساؤلات عن التداعيات الأخلاقية للصحافة المرفقة بالجيش، ولا سيما في الغزو الإسرائيلي لغزة، وإثارة الهواجس بشأن التفريط بالتوازن والاستقلالية في التغطية الإعلامية للحرب. كيف يمكن أن يتأثر الصحفيون بالدعاية العسكرية المضادة للحقيقة؟

عبير أيوب نشرت في: 10 مارس, 2024
وائل الدحدوح.. أيوب فلسطين

يمكن لقصة وائل الدحدوح أن تكثف مأساة الإنسان الفلسطيني مع الاحتلال، ويمكن أن تختصر، أيضا، مأساة الصحفي الفلسطيني الباحث عن الحقيقة وسط ركام الأشلاء والضحايا.. قتلت عائلته بـ "التقسيط"، لكنه ظل صامدا راضيا بقدر الله، وبقدر المهنة الذي أعاده إلى الشاشة بعد ساعتين فقط من اغتيال عائلته. وليد العمري يحكي قصة "أيوب فلسطين".

وليد العمري نشرت في: 4 مارس, 2024
في ظل "احتلال الإنترنت".. مبادرات إذاعية تهمس بالمعلومات لسكان قطاع غزة

في سياق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقطع شبكات الاتصال والتضييق على المحتوى الفلسطيني، يضحي أثير الإذاعة، وبدرجة أقل التلفاز، وهما وسيلتا الإعلام التقليدي في عُرف الإعلاميين، قناتين لا غنى عنهما للوصول إلى الأخبار في القطاع.

نداء بسومي
نداء بسومي نشرت في: 3 مارس, 2024
خطاب الكراهية والعنصرية في الإعلام السوداني.. وقود "الفتنة"

تنامى خطاب الكراهية والعنصرية في السودان مع اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان، وانخراط صحفيين وإعلاميين ومؤسسات في التحشيد الإثني والقبلي والعنصري، بالتزامن مع تزايد موجات استنفار المدنيين للقتال إلى جانب القوات المسلحة من جهة والدعم السريع من جهة أخرى.

حسام الدين حيدر نشرت في: 2 مارس, 2024
منصات تدقيق المعلومات.. "القبة الحديدية" في مواجهة الدعاية العسكرية الإسرائيلية

يوم السابع من أكتوبر، سعت إسرائيل، كما تفعل دائما، إلى اختطاف الرواية الأولى بترويج سردية قطع الرؤوس وحرق الأطفال واغتصاب النساء قبل أن تكشف منصات التحقق زيفها. خلال الحرب المستمرة على فلسطين، واجه مدققو المعلومات دعاية جيش الاحتلال رغم الكثير من التحديات.

حسام الوكيل نشرت في: 28 فبراير, 2024
كيف نفهم تصاعد الانتقادات الصحفية لتغطية الإعلام الغربي للحرب على قطاع غزّة؟

تتزايد الانتقادات بين الصحفيين حول العالم لتحيّز وسائل الإعلام الغربية المكشوف ضد الفلسطينيين في سياق الحرب الجارية على قطاع غزّة وكتبوا أنّ غرف الأخبار "تتحمل وِزْر خطاب نزع الأنسنة الذي سوّغ التطهير العرقي بحق الفلسطينيين"

بيل دي يونغ نشرت في: 27 فبراير, 2024
حوار | في ضرورة النقد العلمي لتغطية الإعلام الغربي للحرب الإسرائيلية على غزة

نشر موقع ذا إنترسيبت الأمريكي، الذي يفرد مساحة واسعة للاستقصاء الصحفي والنقد السياسي، تحليلا بيانيا موسعا يبرهن على نمط التحيز في تغطية ثلاث وسائل إعلام أمريكية كبرى للحرب الإسرائيلية على غزّة. مجلة الصحافة أجرت حوارا معمقا خاصا مع آدم جونسون، أحد المشاركين في إعداد التقرير، ننقل هنا أبرز ما جاء فيه.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 25 فبراير, 2024
في فهم الفاعلية: الصحفيون وتوثيق الجرائم الدولية

إن توثيق الجرائم الدولية في النزاعات المسلحة يُعد أحد أهم الأدوات لضمان العدالة الجنائية لصالح المدنيين ضحايا الحروب، ومن أهم الوسائل في ملاحقة المجرمين وإثبات تورطهم الجُرمي في هذه الفظاعات.

ناصر عدنان ثابت نشرت في: 24 فبراير, 2024
الصحافة في زمن الحرب: مذكرات صحفي سوداني

منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في منتصف نيسان/أبريل 2023، يواجه الصحفيون في السودان –ولا سيما في مناطق النزاع– تحديات كبيرة خلال عملهم في رصد تطورات الأوضاع الأمنية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد جراء الحرب.

معاذ إدريس نشرت في: 23 فبراير, 2024
محرمات الصحافة.. هشاشتها التي لا يجرؤ على فضحها أحد

هل من حق الصحفي أن ينتقد المؤسسة التي يعمل بها؟ لماذا يتحدث عن جميع مشاكل الكون دون أن ينبس بشيء عن هشاشة المهنة التي ينتمي إليها: ضعف الأجور، بيئة عمل تقتل قيم المهنة، ملاك يبحثون عن الربح لا عن الحقيقة؟ متى يدرك الصحفيون أن الحديث عن شؤون مهنتهم ضروري لإنقاذ الصحافة من الانقراض؟

ديانا لوبيز زويلتا نشرت في: 20 فبراير, 2024
هل يفرض الحكي اليومي سردية عالمية بديلة للمعاناة الفلسطينية؟

بعيدا عن رواية الإعلام التقليدي الذي بدا جزء كبير منه منحازا لإسرائيل في حربها على غزة، فإن اليوميات غير الخاضعة للرقابة والمنفلتة من مقصلة الخوارزميات على منصات التواصل الاجتماعي قد تصنع سردية بديلة، ستشكل، لاحقا وثيقة تاريخية منصفة للأحداث.

سمية اليعقوبي نشرت في: 19 فبراير, 2024
شبكة قدس الإخبارية.. صحفيون في مواجهة الإبادة

في ذروة حرب الإبادة الجماعية التي تخوضها إسرائيل ضد غزة، كانت شبكة القدس الإخبارية تقاوم الحصار على المنصات الرقمية وتقدم صحفييها شهداء للحقيقة. تسرد هذه المقالة قصة منصة إخبارية دافعت عن قيم المهنة لنقل رواية فلسطين إلى العالم.

يوسف أبو وطفة نشرت في: 18 فبراير, 2024
آيات خضورة.. الاستشهاد عربونا وحيدا للاعتراف

في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 استشهدت الصحفية آيات خضورة إثر قصف إسرائيلي لمنزلها في بيت لاهيا شمالي القطاع، بعد ساعات قليلة من توثيقها اللحظات الأخيرة التي عاشتها على وقع أصوات قنابل الفسفور الحارق والقصف العشوائي للأحياء المدنية. هذا بورتريه تكريما لسيرتها من إنجاز الزميل محمد زيدان.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 16 فبراير, 2024
"صحافة المواطن" بغزة.. "الجندي المجهول" في ساحة الحرب

في حرب الإبادة الجماعية في فلسطين وكما في مناطق حرب كثيرة، كان المواطنون الصحفيون ينقلون الرواية الأخرى لما جرى. "شرعية" الميدان في ظروف حرب استثنائية، لم تشفع لهم لنيل الاعتراف المهني. هذه قصص مواطنين صحفيين تحدوا آلة الحرب في فلسطين لنقل جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال.

منى خضر نشرت في: 14 فبراير, 2024
السقوط المهني المدوي للصحافة الغربية في تغطيتها للإبادة الجماعية في فلسطين

بعد سقوط جدار برلين بشّر المعسكر الرأسمالي المنتشي بانهيار الاتحاد السوفياتي، بالقيم الديمقراطية في مقدمتها الحرية التي ستسود العالم. مع توالي الأحداث، أفرغت هذه الشعارات من محتواها لتصل ذروتها في فلسطين، حيث سقطت هذه القيم، وسقط معها جزء كبير من الإعلام الغربي الذي تخلى عن دوره في الدفاع عن الضحايا.

عبير النجار نشرت في: 12 فبراير, 2024
رواية فلسطين في وسائل الإعلام الغربية و"الأجندة المحذوفة"

تحاول هذه المقالة تقصّي ملامح الأجندة المحذوفة في المعالجة الإعلامية التي اعتمدتها وسائل الإعلام الغربية الرئيسية لحرب غزّة. وهي معالجة تتلقف الرواية الإسرائيلية وتعيد إنتاجها، في ظلّ منع الاحتلال الإسرائيلي مراسلي الصحافة الأجنبية من الوجود في قطاع غزّة لتقديم رواية مغايرة.

شهيرة بن عبدالله نشرت في: 11 فبراير, 2024