القصص الإنسانية الصحفية.. البحث عن التعاطف والتأثير

الإنسان كائن حكّاء بطبعه، والحكي أو القصُّ بكل أنواعه، خاصية إنسانية بارزة لازمته على مر الأزمنة، وقد ظلت شكلا من أشكال العيش اليومي، قبل أن تتحول فيما بعد إلى وسيلة من وسائل التعبير الإبداعي، من خلال القصص والحكايات الأدبية ثم الصحافة، كامتداد لفعل نقل الوقائع والأخبار، لكن بأهداف ووظائف تختلف عن نظيرتها في الأدب.

وواكب تقدّمَ الصحافة ووسائلها، تطورٌ في طرق اشتغالها بالقصة أيضا، حتى باتت القصص الصحفية تحتلّ حيّزًا مهمًّا في صحافة اليوم بأشكال جديدة وقوالب مختلفة، لعلّ أبرزها "القصص الإنسانية الصحفية" (Human interest stories) التي تحرّرت مع الصحافة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية من قيود النصّ إلى فضاءات الصوت والصورة. 

وتعتبر القصص الإنسانية أو القصص ذات الاهتمام الإنساني في الصحافة، نوعا من القصص الصحفية يقدّم حكاية شخص أو مجموعة أشخاص، من خلال إبراز تجاربهم الحياتية العامة أو الخاصة، الإيجابية والسلبية، في قالب صحفي وإبداعي، مكتوب أو مصوّر. وتسعى القصة الإنسانية عبر التركيز على المكون الإنساني -كأبرز عنصر فيها- إلى تحقيق استجابات عاطفية لدى القراء، من خلال نقل تجربة ومشاعر الشخصية أو الشخصيات الرئيسية في علاقتها بحدث أو قضية، من أجل تعريف أو إشعار المتلقي بشأنها، إيمانًا منها بأنه حيثما وُجد الإنسان وُجدت قصصٌ تستحق أن تروى.

ويعرّف معجم "كولينز" القصة الإنسانية بأنها "قصة مكتوبة أو مصوَّرة عن أفراد ومشاعرهم"، وهو ما يؤكده معجم "أوكسفورد" الذي يعرّفها بأنها توجّه في الإعلام يثير اهتمام القراء أو المشاهدين، فينقل تجارب ومشاعر أفراد، ويخلق ارتباطا عاطفيًّا مع المتلقي.

من جانبه، يعتبر "مجتمع الصحافة" التابع لجامعة "كارديف" بالمملكة المتحدة، أنّ "في قلب كل قصة إنسانية، هناك أناس يشاركون قصصهم المتميزة، بطريقة عاطفية ومثيرة للاهتمام"، مبرزًا أنها تتطرق "لحالات أشخاص استطاعوا تجاوز مراحل صعبة أو مخيبة للآمال من حياتهم، أو حقّقوا إنجازات استثنائية أو أعمالَ شَجاعة، أو قصصًا طريفة أو غرائبية، أو قصصا عن الانفتاح على تجارب جديدة، ويكون التركيز خلالها دائما على الفرد".

المكوّن الإنساني.. "القصة وراء القصة"

تدخل القصص الإنسانية ضمن ما يسمى "الأخبار الخفيفة" (Soft news). وفي معظم الأحيان، تكون هي "القصة وراء القصة" بمعنى أنها القصة وراء حدث أو واقعة ما، لكن لا تتم معالجتها بالطريقة التقليدية في تقديم وبناء الخبر، بل دائما ما يتم إبراز الإنسان داخل هذه القصة، من خلال تأثيره في الأحداث أو تأثره بها.

وكمثال على هذا، عند نقل خبر إغلاق معمل بعد إفلاسه، ستذهب التغطية الإعلامية العادية إلى معالجة الموضوع من زاوية تقديم أسباب الإفلاس وتأثيرات الإغلاق على الوضع الاقتصادي والاجتماعي عبر تقديم أرقام ومعطيات جافّة. في المقابل، تذهب القصة الإنسانية إلى المتضرّرين الرئيسيين من الواقعة، عبر عرض قصة إحدى العاملات كنموذج، وإبراز كيف تأثرت نفسيًّا وماديًّا من الوضع، والصعوبات الحياتية التي تعانيها بعد التوقف عن العمل الذي كان مصدر رزق أسرتها الوحيد، وهو ما من شأنه جلب الاهتمام بالموضوع، حيث تبقى هذه المقاربة -من خلال اقترابها من الإنسان- أكثر "استهلاكية"، وتملك قدرة كبيرة على صياغة الحدث، ولفت الانتباه إليه.

من خلال ما سبق، يمكن استنتاج مجموعة من المميزات الخاصة بالقصة الإنسانية الصحفية، أهمّها أنّ أبرز عنصر فيها هو المكون الإنساني كعنصر أساسي في معالجة الموضوع، وأنّ الشخصية أو "بطل القصة" هو عمودها الناظم، والمعلومات التي تتضمنها تحوم في أغلبها حوله، بينما تخدمه مختلف العناصر الأخرى.

القصة الإنسانية تقضي على الحواجز، وتسمح للناس بتكوين روابط مع القصة عبر التقمص العاطفي الذي يُقصد به قدرةَ الشخص على أن يضع نفسه مكان شخص آخر عاطفيًّا ويفهم موقفه وأحاسيسه. ولهذه المسألة أهمية كبرى في الصحافة، ذلك أن تفاعل الأشخاص عاطفيا مع قصص الآخرين يرفع من وعيهم ويشكّل وجهة نظرهم، ويساعدهم على إدراك التأثّر البشري الحقيقي في عدد من القضايا، بدءًا من السياسات والمشاكل المحلية، وصولا إلى الحروب الدولية والقضايا الإنسانية الكبرى كالكوارث الطبيعية.

نجد أيضًا أنّ القصة لا تجيب بالضرورة عن الأسئلة الستة، بل يمكن أن تجيب فقط عن بعضها، مثل: من وماذا وأين؟ ويمكن تسجيل أنها تتقاطع في عدد من الخصائص مع أجناس صحفية أخرى -خصوصًا البروفايل (البورتريه) والريبورتاج- في عناصر السردية والصور المشهدية والوصف. 

تحمل القصة الإنسانية بصمة كاتبها الذي عايشها وكتب عنها في المرة الأولى، حيث إنه عندما يعاد إنجازها أو تحريرها من شخص آخر، قد تفقد قيمتها وعفويتها. كما تتميّز بالليونة، حيث يمكن أن تشتغل على مواضيع من مختلف المجالات والأبواب الصحفية، وأن تتخذ أشكالا متعددة.

كما أنّ مصدر القصص الإنسانية هو الواقع، وينبغي ألا تكون هذه القصص من محض خيال الصحفي وإبداعه، وإلا حُرّفت عن مسارها وأصبحت قصة أدبية أو فيلما قصيرًا. ويتم اختيار الأحداث والمواضيع التي ستتطرق إليها انطلاقا من القيم الإعلامية، كالجدّة والغرابة والأهمية.

 

من الصحف الشعبية إلى "الصحافة الجديدة"

يُرجع باحثون بدايات الاشتغال بالقصص ذات الاهتمام الإنساني إلى الصحافة الأميركية (3)، خصوصا صحف ومجلات القرن التاسع عشر، التي ظهرت مع "الصحف الشعبية" (PENNY PRESS) بالولايات المتحدة بداية من العام 1830، ثمّ تطورت بشكل أكبر مع ما يسمى "الصحافة الصفراء" وجمهورها العريض بداية من العام 1890، والتي اعتمدت بشكل كبير على "أنسنة الأخبار" بالتركيز على قصص تتمحور حول تجارب الفرد اليومية والغرائبية، وتتتبّع الأخبار الخاصة للشخصيات العمومية. 

وبلغ الاشتغال بالقصة الإنسانية في الصحافة الأميركية ذروته بين عامي 1960 و1970 مع ما يسمى "الصحافة الجديدة" (NEW JOURNALISM) التي عمدت إلى توظيف تقنيات الكتابة الأدبية في الصحافة بالاعتماد على الدراسات التي توصلت إليها الأبحاث العلمية في هذا المجال. 

السوسيولوجية والباحثة في مجال القصص ذات الاهتمام الإنساني هيلين هوغز، أنجزت دراسة عام 1940 لتعقّب أصول الاهتمام الإنساني في الصحافة، وكشفت أن صحيفة "ذي صن" التي تأسست في مدينة نيويورك عام 1833، لصاحبها الناشر بنجامين داي، كانت من أوائل الصحف التي تبنّت توجّه "أنسنة الأخبار". 

وحسب صاحبة كتاب "القصة الإنسانية والأخبار"، فإن اشتغال الصحيفة بهذا النوع من الأخبار أدّى إلى تحقيقها نجاحا فوريًّا من خلال زيادة انتشارها وأرباحها، مما دفع عددًا من الصحف الأخرى إلى اتباع نفس التوجه، مثل صحيفة "نيويورك هيرالد" عام 1935، وهو ما وسّع بالتالي المساحات التي تغطيها الأخبار. 

 

أهمية القصة الإنسانية في العمل الصحفي

في إعلام تكثر وتتكرّر فيه أخبار الحروب والكوارث، يمكن القول إنّ معظم التقارير الإخبارية أفرِغت من روحها وعمقها الإنساني، حتى صارت مجرّد "عدّادات" لأرقام المصابين وحجم الخسائر، مما خلق نوعًا من التطبيع بين القارئ أو المشاهد وبين صور الموت والخراب، فأصبح يمرّ على هذه الأخبار بدون مبالاة أو أي تأثّر أو تفاعل. من هنا تبرز الأهمية الكبرى للقصص الإنسانية الصحفية في تغطية الأزمات الدولية والإنسانية، حيث تقدّم هذه الأخيرة حالات إنسانية تعرض معاناتها وتضرّرها مما يقع حولها من الأحداث. 

أثبتت العديد من الدراسات أنه كلما اقتربت تغطية الأخبار والأحداث من الإنسان، وروت قصصه وتجاربه، نجاحاته ونكساته، كان تأثيرها ووقعها أكبر وأكثر فاعلية من الأخبار "الجامدة"، أو التي لا تولي أهمية للإنسان في تأثّره بالأحداث أو تأثيره فيها. ومن بين هذه الدراسات أبحاث في الصحافة الأميركية، تظهر أنّ الأميركيين منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 أصبحوا أكثر اهتمامًا بالقصص التي تحمل جوانب إنسانية، والتي تتوجه بشكل أكبر نحو تغطية القصص الإنسانية وتحوم حول تفاصيل حياة الآخرين.

وتبرز قيمة وأهمية "أنسنة الأخبار" -خصوصا في مناطق النزاعات والحروب- في قدرتها الكبيرة على نقل الصورة الحقيقية لهذه الأحداث، وإسماع صوت المتضررين الرئيسيين فيها. ولكون العنصر الإنساني مكوّنا كونيا، فإنها تخترق الحدود الجغرافية وتستمر مع الزمن، شاهدةً على الأحداث.

 

القصص الإنسانية والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي

أنجزت باحثتان فلسطينيتان دراستين إعلاميتين حول المقاربة الإنسانية للأخبار في الصحافتين الفلسطينية والإسرائيلية، أظهرتا "تفوّق الصحافة الإسرائيلية على نظيرتها الفلسطينية في تغطية الصراع بينهما، وفي التأثير بشكل أكبر في الرأي العام الدولي، من خلال اعتمادها على القصص الصحفية وأنسنة الأخبار".

الباحثة شذى دجاني أنجزت دراسة على 600 مادة صحفية نشرت عن وفاة 38 فلسطينيا، موزعة بين أكثر المواقع الإخبارية الفلسطينية قراءةً، وأخضعتها لاستمارة تحليل المضمون الكمي. وتبيّن في الدراسة أن الإعلام الفلسطيني يعتمد أكثر على الخبر المجرد، ومن ثم على الإحصائيات في تغطية أخبار الضحايا، حيث وصلت نسبة الأخبار المجردة التي نشرتها المواقع الإخبارية الفلسطينية عنهم 47%، بينما كانت نسبة وجود قصص صحفية مؤنسنة 2% فقط.

من جانبها أعدت الباحثة الثانية أصالة أبو حديد دراسة بعنوان "تغطية المواقع العبرية للقتلى الإسرائيليين خلال الهبة الحالية"، رصدت فيها 1225 مادة صحفية نُشرت عن 27 قتيلا إسرائيليا، موزعة بين أكثر المواقع الإخبارية الإسرائيلية تصفحًا. وتوصلت إلى أن هذه المواقع العبرية "أنْسَنَت" القتلى الإسرائيليين عن طريق تسليط الضوء على النواحي العاطفية والإنسانية في حياة القتيل وعائلته بنسبة 70% من المواد المنشورة عنهم. كما تحدثت قرابة 61% من المواد عن معاناة هؤلاء القتلى وعائلاتهم، وعن أحلامهم وطموحاتهم قبل الموت، وهو ما يظهر اشتغال الصحافة الإسرائيلية المكثف على القصص الإنسانية، واهتمامها بالجانب الإنساني في تغطيتها للموضوع، وتغييب كل ما له علاقة بالحرب.

 

قضية اللاجئين السوريين

تحظى قضايا اللاجئين بمتابعة خاصة من طرف المؤسسات الإعلامية الأجنبية أو المنظمات الدولية، خصوصا بعد أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا، والمشاكل التي رافقت هذا الموضوع. وخلال تغطية هذا الحدث، لعبت القصص الإنسانية دورا كبيرا في التأثير على الرأي العام الأوروبي. 

في هذا الصدد، كشفت صحيفة "الغارديان" في افتتاحية لها أن القصص التي يواجهها اللاجئون الفارون من مناطق الحرب في الشرق الأوسط خلال محاولاتهم الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر أو البر، وما يتعرضون له من مآسٍ وصعوبات أثناء فرارهم وعبورهم الحدود؛ هي ما يحرك مشاعر التعاطف في أوروبا والعالم، وليس الأخبار التي تتناول إحصاءات وأرقاما بشأن أعدادهم. ورغم معرفة الناس بعمليات الهجرة واللجوء والفرار من مناطق النزاعات في الشرق الأوسط، فإن صورة واحدة كانت كفيلة بتغيير المواقف ونقل الوضع المأساوي المؤلم للاجئين.

كما كشفت الصحيفة أنه نتيجة التحول المدهش في معالجة بعض الصحف الشعبية البريطانية، كان التغير واضحا في تجاوب الشعب البريطاني في التضامن مع مأساة ومعاناة هؤلاء اللاجئين أثناء استمرار تدفقهم على أوروبا، حيث أصبح لدى البريطانيين تعاطف مع قضية اللاجئين ونوع من التقبل والمساعدة، وذلك بفعل قصص تنقل تجاربهم مع الحرب. 

وأعدت الباحثة حسناء حسين دراسة بعنوان "قضية اللاجئين في الخطاب الإعلامي الأوروبي.. السياقات والأهداف"، حللت فيها تعامل الصحافة الأوروبية مع قضية اللاجئين. وكشفت الدراسة أن الصحف اليسارية، مثل "ليبراسيون" الفرنسية و"دير شبيغل" الألمانية، ركزت في تغطيتها على الجانب الإنساني العاطفي، بعيدا عن الجوانب السياسية والاقتصادية التي ركّزت عليها تغطية وسائل الإعلام اليمينية. وبرز توجه الصحيفتين من خلال تسليط الضوء على الأوضاع الصعبة والمضايقات والاعتداءات التي واجهها اللاجئون، سواء في بلدانهم الأصلية أو في بلدان اللجوء().

وهذا ما أكّدته عناوين صحيفة "ليبراسيون"، مثل: "مهاجرون على شفير الهاوية، وصور طافية"، و"مهاجرون في باريس: أوضاعنا تشبه الاعتقال"، و"المجر: أوروبا مغلقة.. أنت سوري ليس عليك إلا أن تعود لسوريا". كما نشرت "دير شبيغل" عناوين مثل: "بؤس المهاجرين.. جزيرة كوس اليونانية تترك اللاجئين لمصيرهم"، و"فوضى اللاجئين في مقدونيا.. حياة النساء والأطفال مهدَّدة بشكل خطير"، و"الوجه الأسود للمنفى.. تجارة الموت وتهريب البشر"، و"حارات مقفلة.. مراكز إيواء طالبي اللجوء تحت العنف".

 

القصص الإنسانية والمنظمات الدولية

جانب آخر يُبرز أهمية القصص الإنسانية في الصحافة وهو استخدامها من طرف المنظمات الدولية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، في تغطيتها الصحفية لقضايا الهجرة واللاجئين ومناطق النزاع والحروب، حيث أدركت هذه المؤسسات قدرتها الكبيرة في إثارة مشاعر التعاطف والتضامن، وتبسيط القضايا المعقدة والمشاكل الكونية وتقريبها للمتابع، لتشكيل وعي بخصوصها.

ونجد هذه القصص الإنسانية منتشرة على البوابات الصحفية لمنظمات دولية عدة، مثل اليونيسيف، واليونسكو، وعلى الموقع الرسمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو على شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

 

نقاش المزايا والعيوب

إجمالا، يمكن القول إنّ القصص الإنسانية استطاعت إيجاد مكان لها بين الأجناس والأشكال الصحفية الأكثر انتشارًا، وصارت تلقى تفاعلا كبيرا في صفوف المتابعين، خصوصا بعدما انتقلت من الصحافة المكتوبة إلى قصص الفيديو على الصحافة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.

ففي ظل الكم الهائل من المعلومات والأخبار المتوفرة اليوم، لم تعد مسألة البحث عن السبق الصحفي بذات الأهمية، ولا تشكل هاجسا رئيسيا للمؤسسات الإعلامية كما كان عليه الحال في السابق، ذلك أن ما يهم الآن لجذب القارئ هو طريقة معالجة الحدث، والكيفية التي يقدم بها، ويَظهرُ أن تقديمه في قالب إنساني من أفضل وأنجع الوسائل لتحقيق التميز سواء بالنسبة للصحفي أو للمؤسسة الإعلامية.

غير أنّه برغم كل المزايا السالفة الذكر، تُسجَّل انتقادات عديدة للاشتغال بالقصص الإنسانية، إذ هناك من يعتبر أنها تذهب إلى "تسليع" الإنسان وتعامله كأي بضاعة أخرى، من أجل خدمة قضايا وتوجهات سياسية محددة، عبر التأثير على الرأي العام سلبًا، دون خدمة القضية الأساسية للموضوع المعالج، الأمر الذي ينطبق كذلك على بعض المنظمات التي تُتاجر في قضايا ومعاناة الآخرين من أجل جمع الأموال والمساعدات.

من جهة ثانية، تستدعي بعض المؤسسات الإعلامية "حالات إنسانية" بغية تحقيق نسب متابعة عالية، خارقةً قيمَ وأخلاقيات العمل الصحفي خلال مختلف مراحل الإنجاز، حيث لا تحترم خصوصيات هذه الحالات، وفي حالات كثيرة تستغل ضعفها النفسي أو المادي. 

وبالمقابل، يمكن تسجيلُ أن المشكل ليس في القصة الإنسانية بحدّ ذاتها، بل في استعمالاتها، كما هو الحال مع أي وسيلة إعلامية أو جنس صحفي آخر، حيث يمكن استغلاله وتسخيره فيما يخدم الأدوار الحقيقية للصحافة أو عكس ذلك.

 

 

مراجع: 

1-  « Writing Human Interest Stories: A Guide », Center for Community Journalism (blog), 20 octobre 2016, https://www.communityjournalism.co.uk/resource/writing-human-interest-stories-a-guide/.
2- - «Human-Interest Story», TV Tropes, http://tvtropes.org/pmwiki/pmwiki.php/Main/HumanInterestStory.
3- Christopher H. Sterling, éd, Encyclopedia of journalism (Thousand Oaks, Calif: SAGE Reference, 2009).
P 729, 730. 
4- - أبحاث: الإعلام الإسرائيلي تفوق على الفلسطيني في "الأنسنة"، حديث اليوم  https://daytalk.net/post/28066.
5- المرجع السابق. 
6- المرجع السابق.
7-    حسناء حسين، قضية اللاجئين في الخطاب الإعلامي الأوروبي.. السياقات والأهداف،  
https://studies.aljazeera.net/ar/mediastudies/2015/12/201512239408698397.html 

 

المزيد من المقالات

ازدواجية التغطية الإعلامية الغربية لمعاناة النساء في العالم الإسلامي

تَعري طالبة إيرانية احتجاجا على الأمن، و70 في المئة من الشهداء في فلسطين نساء وأطفال. بين الخبرين مسافة زمنية قصيرة، لكن الخبر الأول حظي بتغطية إعلامية غربية واسعة مقابل إغفال القتل الممنهج والتعذيب والاعتقال ضد النساء الفلسطينيات. كيف تؤطر وسائل الإعلام الغربية قضايا النساء في العالم الإسلامي، وهل هي محكومة بازدواجية معايير؟

شيماء العيسائي نشرت في: 19 نوفمبر, 2024
صحفيو شمال غزة يكسرون عاما من العزلة

رغم الحصار والقتل والاستهداف المباشر للصحفيين الفلسطينيين في شمال غزة، يواصل "الشهود" توثيق جرائم الاحتلال في بيئة تكاد فيها ممارسة الصحافة مستحيلة.

محمد أبو قمر  نشرت في: 17 نوفمبر, 2024
كيف يقوض التضليل ثقة الجمهور في الصحافة؟

تكشف التقارير عن مزيد من فقدان الثقة في وسائل الإعلام متأثرة بحجم التضليل الذي يقوض قدرة الصحافة المهنية على التأثير في النقاشات العامة. حواضن التضليل التي أصبحت ترعاها دول وكيانات خاصة أثناء النزاعات والحروب، تهدد بتجريد المهنة من وظائفها في المساءلة والمراقبة.

Muhammad Khamaiseh 1
محمد خمايسة نشرت في: 11 نوفمبر, 2024
في السنغال.. "صحافة بلا صحافة"

شاشات سوداء، وإذاعات تكتم صوتها وصحف تحتجب عن الصدور في السنغال احتجاجا على إجراءات ضريبية أقرتها الحكومة. في البلد الذي يوصف بـ "واحة" الديمقراطية في غرب أفريقيا تواجه المؤسسات الإعلامية - خاصة الصغيرة - ضغوطا مالية متزايدة في مقابل تغول الرأسمال المتحكم في الأجندة التحريرية.

عبد الأحد الرشيد نشرت في: 5 نوفمبر, 2024
التضليل والسياق التاريخي.. "صراع الذاكرة ضد النسيان"

ما الفرق بين السادس والسابع من أكتوبر؟ كيف مارست وسائل الإعلام التضليل ببتر السياق التاريخي؟ لماذا عمدت بعض وسائل الإعلام العربية إلى تجريد حرب الإبادة من جذورها؟ وهل ثمة تقصد في إبراز ثنائية إسرائيل - حماس في التغطيات الإخبارية؟

سعيد الحاجي نشرت في: 30 أكتوبر, 2024
تهمة أن تكون صحفيا في السودان

بين متاريس الأطراف المتصارعة، نازحة تارة، ومتخفية من الرصاص تارة أخرى، عاشت الصحفية إيمان كمال الدين تجربة الصراع المسلح في السودان ونقلت لمجلة الصحافة هواجس وتحديات التغطية الميدانية في زمن التضليل واستهداف الصحفيين.

إيمان كمال الدين نشرت في: 28 أكتوبر, 2024
أدوار الإعلام العماني في زمن التغيرات المناخية

تبرز هذه الورقة كيف ركز الإعلام العماني في زمن الكوارث الطبيعية على "الإشادة" بجهود الحكومة لتحسين سمعتها في مقابل إغفال صوت الضحايا والمتأثرين بالأعاصير وتمثل دوره في التحذير والوقاية من الكوارث في المستقبل.

شيماء العيسائي نشرت في: 21 أكتوبر, 2024
الأثر النفسي لحرب الإبادة على الصحفيين

ما هي الآثار النفسية لتغطية حرب الإبادة على الصحفيين؟ وهل يؤثر انغماسهم في القضية على توازنهم ومهنيتهم؟ وماذا يقول الطب النفسي؟

أحمد الصباهي نشرت في: 18 أكتوبر, 2024
"أن تعيش لتروي قصتي"

في قصيدته الأخيرة، كتب الدكتور الشهيد رفعت العرعير قائلا "إذا كان لا بد أن أموت فلا بد أن تعيش لتروي قصتي".

لينا شنّك نشرت في: 15 أكتوبر, 2024
نصف الحقيقة كذبة كاملة

في صحافة الوكالة الموسومة بالسرعة والضغط الإخباري، غالبا ما يطلب من الصحفيين "قصاصات" قصيرة لا تستحضر السياقات التاريخية للصراعات والحروب، وحالة فلسطين تعبير صارخ عن ذلك، والنتيجة: نصف الحقيقة قد يكون كذبة كاملة.

Ilya U. Topper
إيليا توبر Ilya U. Topper نشرت في: 14 أكتوبر, 2024
النظام الإعلامي في السودان أثناء الحرب

فككت الحرب الدائرة في السودان الكثير من المؤسسات الإعلامية لتفسح المجال لكم هائل من الشائعات والأخبار الكاذبة التي شكلت وقودا للاقتتال الداخلي. هاجر جزء كبير من الجمهور إلى المنصات الاجتماعية بحثا عن الحقيقة بينما ما لا تزال بعض المؤسسات الإعلامية التقليدية رغم استهداف مقراتها وصحفييها.

محمد بابكر العوض نشرت في: 12 أكتوبر, 2024
عامٌ على حرب الإبادة في فلسطين.. الإعلام الغربي وهو يساوي بين الجاني والضحيّة

ما تزال وسائل إعلام غربية كبرى تثبت أنّها طرفٌ في حـرب الرواية، ولصالح الاحتلال الاسرائيلي.. في هذا المقال، يوضّح الزميل محمد زيدان كيف أن وسائل إعلام غربية كبرى ما تزال تطوّر من تقنيات تحيّزها لصالح الاحتلال، رغم انقضاء عام كامل على حرب الإبـادة في فلسطين.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 8 أكتوبر, 2024
حسابات وهمية بأقنعة عربية.. "جيش إلكتروني منظم"

أُغرقت منصات التواصل الاجتماعي بآلاف الحسابات الوهمية التي تزعم أنها تنتمي إلى بلدان العربية: تثير النعرات، وتلعب على وتر الصراعات، وتؤسس لحوارات وهمية حول قضايا جدلية. الزميلة لندا، تتبعت عشرات الحسابات، لتكشف عن نمط متكرر غايته خلق رأي عام وهمي بشأن دعم فئات من العرب لإسرائيل.

لندا شلش نشرت في: 6 أكتوبر, 2024
الذكاء الاصطناعي "المسلح".. "ضيف" ثقيل على منصات التدقيق

تعقدت مهمة مدققي المعلومات في حرب الإبادة الجماعية على فلسطين بعدما لجأ الاحتلال إلى توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف لممارسة التضليل. كيف أصبح الذكاء الاصطناعي قادرا على التأثير زمن الحروب، وماهي خطة مدققي المعلومات لمواجهة هذا "الضيف الثقيل" على غرف الأخبار؟

أحمد العرجا نشرت في: 30 سبتمبر, 2024
رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة على جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للمعايير التحريرية ومواثيق الشرف المهنية.

مجلة الصحافة نشرت في: 23 سبتمبر, 2024
"مأساة" الصحفي النازح في غزة

بينما تقترب حرب الإبادة الجماعية في فلسطين من سنتها الأولى، ما يزال الصحفيون في غزة يبحثون عن ملاذ آمن يحميهم ويحمي عائلاتهم. يوثق الصحفي أحمد الأغا في هذا التقرير رحلة النزوح/ الموت التي يواجهها الصحفيون منذ بداية الحرب.

أحمد الأغا نشرت في: 22 سبتمبر, 2024
من الصحافة إلى الفلاحة أو "البطالة القسرية" للصحفيين السودانيين

كيف دفعت الحرب الدائرة في السودان العشرات من الصحفيين إلى تغيير مهنهم بحثا عن حياة كريمة؟ الزميل محمد شعراوي يسرد في هذا المقال رحلة صحفيين اضطرتهم ظروف الحرب إلى العمل في الفلاحة وبيع الخضروات ومهن أخرى.

شعراوي محمد نشرت في: 15 سبتمبر, 2024
حرية الصحافة بالأردن والقراءة غير الدستورية

منذ إقرار قانون الجرائم الإلكترونية بالأردن، دخلت حرية الرأي والتعبير مرحلة مقلقة موسومة باعتقال الصحفيين والتضييق على وسائل الإعلام. يقدم مصعب شوابكة قراءة دستورية مستندة على اجتهادات وأحكام تنتصر لحرية التعبير في ظرفية تحتاج فيها البلاد لتنوع الآراء في مواجهة اليمين الإسرائيلي.

Musab Shawabkeh
مصعب الشوابكة نشرت في: 8 سبتمبر, 2024
المصادر المجهّلة في نيويورك تايمز.. تغطية الحرب بعين واحدة

ينظر إلى توظيف المصادر المجهلة ضمن المعايير المهنية والأخلاقية بأنها "الخيار الأخير" للصحفيين، لكن تحليل بيانات لصحيفة نيويورك تايمز يظهر نمطا ثابتا يوظف "التجهيل" لخدمة سرديات معينة خاصة الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 5 سبتمبر, 2024
إرهاق الأخبار وتجنبها.. ما الذي عكر مزاج جمهور وسائل الإعلام؟

أبرزت دراسة  أجريت على 12 ألف بالغ أمريكي، أن الثلثين منهم يعترفون بأنهم "منهكون" بسبب الكم الهائل من الأخبار التي تقدم لهم. لماذا يشعر الجمهور بالإرهاق من الأخبار؟ وهل أصبح يتجنبها وتؤثر عليه نفسيا؟ وكيف يمكن لوسائل الإعلام أن تستعيد الثقة في جمهورها؟

عثمان كباشي نشرت في: 1 سبتمبر, 2024
كليات الصحافة في الصومال.. معركة الأنفاس الأخيرة

لا تزال كليات الصحافة في الصومال تسير بخطى بطيئة جدا متأثرة بسياق سياسي مضطرب. أكاديمية الصومال للإعلام الرقمي تحاول بشراكة مع الجامعات بناء صحفيي المستقبل.

الشافعي أبتدون نشرت في: 27 أغسطس, 2024
إسماعيل الغول.. سيرتان لرجل واحد

إلى آخر لحظة من حياته، ظل الزميل إسماعيل الغول، صحفي الجزيرة، يغطي جرائم الإبادة الجماعية في غزة قبل أن يغتاله الاحتلال. في هذا البروفايل، تتابع الزميلة إيمان أبو حية، سيرته الحياتية والمهنية التي تماهت فيه الصحافة بفلسطين.

إيمان أبو حية نشرت في: 25 أغسطس, 2024
كيف تستفيد الصحافة من أدوات العلوم الاجتماعية؟

حينما سئل عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو عن رأيه في مساهمة الضواحي في الانتخابات، أجاب أنه لا يمكن اختصار عقود كاملة من الاستعمار والمشاكل المعقدة في 10 دقائق. تظهر قيمة العلوم الاجتماعية في إسناد الصحافة حين تعالج قضايا المجتمع والسلطة والهوية في سبيل صحافة أكثر جودة.

رحاب ظاهري نشرت في: 21 أغسطس, 2024
عمر الحاج.. "التحول" الصعب من العطلة إلى بؤرة الزلزال

قبل أن يضرب زلزال عنيف مناطق واسعة من المغرب، كان عمر الحاج مستمتعا بعطلته، ليجد نفسه فجأة متأرجحا بين واجبين: واجب العائلة وواجب المهنة، فاختار المهنة. في تغطيته لتداعيات الكارثة الطبيعية، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، خرج بدروس كثيرة يختصرها في هذه اليوميات.

عمر الحاج نشرت في: 17 أغسطس, 2024