صحافة "الباراشوت" ومعضلة الصحفي الأجنبي

حين غمرت الأمطار الموسمية الغزيرة باكستان في يوليو\تموز الماضي، بالتزامن مع ارتفاع منسوب التوتر بين رئيس الوزراء المعزول عمران خان والحكومة الائتلافية الجديدة، قررت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بعث مراسلتها من جنوب أفريقيا، بومزا فيهلاني، لتغطية الأحداث الجارية هناك.

وفي 30 يوليو/تموز من هذا العام وبعد وصولها إلى باكستان، كتبت فيهلاني تغريدة على حسابها في تويتر جاء فيها ما يلي:

"أنا متحمسة للإعلان أني في جنوب آسيا للعمل مراسلة للبي بي سي من باكستان لمدة شهر. أتطلع إلى الانغماس في هذه التجربة وتعلم ما أمكن من زملائي، ومن الناس هنا، وهم العنصر الأهم في أية قصّة. فلنتواصل".

لدى بومزا فيهلاني خبرة واسعة في تغطية النزاعات وشؤون التنمية والاقتصاد الاجتماعي والقضايا الإنسانية في أفريقيا، ونقلها للجمهور المحلي أو العالمي. كما اكتسبت فيهلاني خبرة خاصة فيما يتعلق بالواقع السياسي في جنوب أفريقيا، إضافة إلى معرفتها بالفرص والعوائق على مستوى المنطقة، مع اهتمام بتدريب وتوجيه الصحفيين الناشئين بشأن القارة الأفريقية والتعاون معهم في المنصات الرقمية ووسائل الإعلام المطبوعة والمرئية على السواء. هذه التوليفة من الخبرات والاهتمامات قد تجعل منها الخيار المثالي لتغطية بلد يعاني من الفيضانات والاحتقان السياسي مثل باكستان، أليس كذلك؟

في المقابل، ألا يبدو الأمر غريبًا ومخالفًا للمألوف؟ أن يكون لدينا صوت أفريقي (بدلًا من صوت أبيض هذه المرة) لينقل قصة من داخل باكستان على منصة شبكة عالمية وعلى مدى شهر كامل؟

جميعنا يعلم الآن - بعد الجريمة المأساوية التي راح ضحيتها جورج فلويد والظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كوفيد-19- أنّ البي بي سي وغيرها من المؤسسات الإعلامية اتخذت خطوات للاهتمام بالتنوع والشمول والتأكيد على ذلك كلما سنحت الفرصة؛ بهدف زيادة ظهور السود في التغطية الإعلامية، غير أنه لا جدوى في اتباع مقاربة واحدة وتوقّع أن تكون ملائمة لجميع السياقات. هذا أمر معيب، ويخفق في تقدير الهوية المتنوعة لباكستان.

وأنا كصحفية باكستانية أعيش في المهجر في المملكة المتحدة، أشعر بإهانة في ذلك؛ لأني أعتقد أن لكل بلد خصوصيته.

في تقرير ينتقد التصنيفات الاعتباطية للبشر واختزالها، مثل تصنيف "BAME" (الذي يجمع السود والآسيويين والأقليات العرقية)، قالت جون ساربونغ، وهي مسؤولة التنوع الإبداعي في بي بي سي: "حين تخفق في تقدير الاختلاف بين تجارب الناس المعيشة وتاريخهم، فإن الناس بالمحصّلة لن يشعروا أن لهم اعتبارًا حقيقيًا".

 

يخفق الإعلام السائد في تمثيل الواقع في سياقات تغطية الكوارث والأزمات إلى حدّ التسبب بموجة إضافية من الكوارث في بعض الأحيان. 

 

 

2
 لا يمكن لأي صحفي مهما كانت خبرته كبيرة أن يفهم الثقافة والجغرافيا في شهر واحد (فيسبوك).

 

يشتمل هذا التقرير الذي يشرّح المعنى المعقّد في مصطلح "BAME" على تذكير بأهمّية الحذر من الركون إلى تصنيفات تجميعية تتكئ على التنميط، وتأكيد على ضرورة تقدير الفروقات الثقافية بين المجموعات المتباينة عرقيًا على الصعيد التاريخي والثقافي والاجتماعي. ومع ذلك، فإن البي بي سي نفسها في هذه الحالة قد وقعت في الفخّ الذي حذّرت منه.

أليس من الواضح الفرق بين باكستان وأفريقيا وأن كلًا منهما تواجه تحديات وصراعات فريدة ضمن سياق ثقافتين مختلفتين تحتكم كل منهما إلى قيم خاصة؟ هل يمكن مثلًا أن نتخيل الاستعانة بصحفي باكستاني لتغطية أحداث في جوهانسبرغ أو مدينة أخرى في جنوب أفريقيا؟ فلنتخيل مثلًا صحفيًا لا يعرف السواحيلية أو اليوربا ويضطر أن يستعين حصرًا بالمترجمين كي يتمكّن من نقل قصّة أفريقية لصالح البي بي سي، ألن يؤدّي ذلك إلى قدر لا حصر له من الإرباك؟

ثمة وفرة في الصحفيين الباكستانيين المحليين، ممن يمتلكون الكفاءة المهنية العالية ويتقنون اللغة الإنجليزية، هذا عدا عن الصحفيين البريطانيين من أصول باكستانية والمختصين بشؤون منطقة جنوب آسيا، والذي لديهم فهم أعمق بكثير بشأن ما يجري فيها، مقارنة مع شخص تنحصر خبرته في تغطية القارة الأفريقية. كما أن الاستعانة في هذه الحالة بصحفي غير محلي، سيعني تهميش عمل الصحفي الباكستاني أو الجنوب آسيوي الذي قد تعاون سابقًا مع البي بي سي، ووضعه في مرتبة ثانوية.

لقد أقدمت البي بي سي على مخاطرة جليّة حين قررت الاستعانة بصوت أفريقي للحديث عن الباكستانيين بلا تقدير للتعقيد والاختلافات على المستوى المحلي. وليست المشكلة هنا في كون الصوت أفريقيًا، بل في أنه صوت لا يمتلك أية خبرة فيما يخصّ باكستان.

كما أن شهرًا واحدًا ليس بالمدّة الكافية لفهم المكان وتقديم صورة عنه عبر منصّة عالمية، فهذا مطلبٌ جسيم، عدا عن كونه في موضع شكّ على مستوى الصواب الصحفي. إذ كثيرًا ما يشار إلى هذا النوع من التكليفات الصحفية بعبارة "صحافة الباراشوت" أو "صحافة الهيلوكوبتر"، وهو ما يحصل حين يلج صحفي غريب بلدًا ما لفترة محدودة من الوقت لتغطية كارثة أو نزاع ما، دون أن تكون لديه خلفيّة كافية عنه. أمّا النتيجة هنا على الأرجح فستكون تقديم سردية عن الباكستانيين لا تخلو من التضليل، وعلى نحو قد يعمّق الشروخ في المجتمع نفسه، ويرسّخ التصورات المسبقة والمغلوطة لدى فئة أوسع من الجمهور.

ولعل التعريف الأفضل لصحافة "الباراشوت" هو ما جاء على لسان الصحفي الأمريكي جيم ووتين (Jim Wooten) من شبكة "إيه بي سي" الإخبارية، حيث وصفها بأنها "مهمات مفاجئة لفترة قصيرة يجد بها الصحفي نفسه في خضمّ أزمة ما دون أن يكون لديه الفسحة الكافية للتفكّر". أمّا الناقد الإعلامي الأمريكي داني شيختر (Danny Schechter)، فيصف صحافة "الباراشوت" بأنها "تغطية صحفية "من الخارج"، لا سبيل لمن يؤديها للوصول إلى المصادر في الدولة التي كُلّف بتغطيتها، كما أنه لا يتحدث لغة أهلها، ولا يقدم التفسير الكافي حول ما يجري فيها. إنها أشبه ما تكون بسفر الصحفي الأجنبي إلى منطقة نزاع وقت الظهيرة فيحصل على معظم معلوماته من سائق التاكسي".

حين نقيّم هذا الطرز من العمل الصحفي، فإننا سنجد أنفسنا إزاء أسئلة حرجة بشأن مصداقية القصص التي نقلتها البي بي سي بشأن الفيضانات في باكستان، وذلك نظرًا لمحدودية قدرة المراسل على الوصول إلى المصادر المحلية والحديث معها، وعدم فهمه للطبيعة المحلية واللغة والسياق الذي تقع فيه الكارثة.

ثمة جانب إضافي في هذه الحالة تتعلق بصورة الأفريقي في الإعلام الغربي، والمرتبطة عادة بالأزمات والكوارث والتاريخي الاستعماري، وعن أثر الصوت الأفريقي في طريقة تلقي المعلومات بشأن باكستان وكيفية تفسيرها. كما أنّ لديّ فضولًا بشأن التصورات التي يمكن لأفريقي أن يحوزها بشأن باكستان، وما إذا كانت متسقة مع الصور النمطية السائدة بشكل ممنهج، والتي لا تعدو عن تصوير باكستان بأنها منطقة كوارث دائمة. ولعله تجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من القصص الصحفية التي نقرأها في الإعلام الغربي اليوم تكون قد حبكت حتى قبل وصول المراسل إلى مكان الحدث، وهذا ما قد يحصل حتى مع أكثر الصحفيين حرصًا ومسؤولية، إذ لا يخلو أحد من تساؤلات مسبقة وبعض الإجابات عنها.

 

3
 الكثير من القصص الصحفية التي نقرؤها في الإعلام الغربي اليوم تكون قد حبكت حتى قبل وصول المراسل إلى مكان الحدث (غيتي).

 

معظم التقارير التي قدمتها فيهلاني اشتملت على وصف باكستان ومن فيها باليأس والعوز والجوع، والحرمان من الأساسيات، ضمن ظروف جعلت توزيع المساعدات أمرًا مستحيلًا. أحد التقارير التي ظهرت على شاشة البي بي سي حول الفيضانات في باكستان بعنوان "الوقت ينفد أمام العائلات في السند"، ورد فيه أن "إيصال المساعدات إلى هذا المكان سيكون مهمّة هائلة".

ورغم أن ما يتضمنّه التقرير غير بعيدٍ تمامًا عن الصحّة إلى حدّ ما، إلا أنه يسقط الإشارة إلى وجود مناشدات دولية لتقديم الإغاثة لباكستان، ومشاركة مئات المنظمات والأفراد من دول مختلفة في هذه الجهود. فلم لا يتم تسليط المزيد من الضوء على الإغاثة التي أحدثت بعض الأثر الإيجابي في المناطق المتضررة من الفيضانات في باكستان، على اعتبار أن ذلك يمنح الأمل بوصول المزيد من المساعدات إلى مناطق أخرى؟

 

 

أليس من الواضح الفرق بين باكستان وأفريقيا وأن كلًا منهما تواجه تحديات وصراعات فريدة ضمن سياق ثقافتين مختلفتين تحتكم كل منهما إلى قيم خاصة؟  

 

 

على جهة أخرى، لعلها أكثر أهمّية، لم لا تقدّم التقارير صورة عمّا كانت عليه تلك المناطق قبل أن تغمرها الفيضانات وتلحق بها الدمار؟ فلا شكّ أنه ليس جميع الضحايا هناك قد ولدوا في أحياء فقر معدمة وبائسة، كما أن بعض المناطق كانت وجهات سياحية معروفة. ربما كان يجدر بفيهلاني إلى جانب تغطية بؤر الكارثة في باكستان أن تلفت النظر إلى بعض الحقائق عن هذه الدولة التي تتمتع بسلسلة جبال من بين الأطول في العالم، ومواقع فريدة لعشاق التزلّج، وأودية خصبة رائعة، وتاريخ ثقافي ثري. لقد كان بالوسع كذلك الإشارة إلى أن باكستان هي رابع أكبر منتج للقطن في العالم، وأن الفيضانات قد ألحقت ضررًا واسعًا بإمكانات تصدير هذا المنتج الذي يشكّل جزءًا مهمًا من اقتصاد البلاد. هذه جميعها جوانب كانت كفيلة لو توفّرت بتقديم تغطية أكثر توازنًا، إذ لا يمكن اختزال بلاد بأكملها بمجرّد كارثة.

توضح الكاتبة والمؤرخة والناشطة ريبيكا سولنيت، عبر مجموعة مقالات في كتابها (Encyclopedia of Trouble and Spaciousness) كيف أن وسائل الإعلام السائدة تشوه تمثيل الواقع في حالات الأزمات والكوارث، إلى حدّ التسبب بكوارث من نوع آخر. وللتدليل على ذلك تذكر مثالًا من صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، حين نشرت سلسلة من الصور اشتمل وصف عدد منها على كلمة "نهب"، لوصف ما حصل عقب الزلزال الذي ضرب هايتي عام 2010. تقول إحدى الجمل الشارحة أسفل الصور: "رجل شرطة هايتي يضبط رجلًا يحمل كيسًا من الحليب بعد الاشتباه بمشاركته في أعمال نهب". تتساءل سولنيت هنا عمّا إذا كان الرجل بكيس الحليب مجرمًا حقًا؟ ألا يحتمل مثلًا أنه قد جلبه لإطعام أطفال له بين الركام؟ ما الذي يمكن لأيّ منا أن يفعل لو تعرضت مدينته للدمار بفعل كارثة طبيعية، وضاع كلّ ماله وواجه بكاء أطفاله الجائعين؟

ثمّة تحيّز كامن حتى في تغطية الكوارث والنزاعات، يعكس أحيانًا تلك الشُقّة البعيدة بين مقرّ الشبكة الإعلامية، مثل البي بي سي، والمكان الذي ينتمي إليه صحفيوها، وبين الدول حيث تقع مثل هذه الكوارث.

في مقال مطوّل، يكاد يكون بحجم كتاب، بعنوان "الالتفات إلى آلام الآخرين"، تقول الكاتبة الأمريكية سوزان سونتاغ: "إن شهود مصائب تقع للآخرين في دولة أخرى، هي تجربة حديثة بامتياز، تمثّل تراكم ما قدمه على مدى قرن ونصف أولئك السياح المحترفون المتخصصون، المعروفون باسم الصحفيين".

ليس يعني هذا أبدًا أن الصحفي الأفريقي أو غير المحلي مجرّد سائح لا يسعه تقديم تقارير صحفية من مناطق أجنبية عنه. فثمة صحفيون أجانب يقومون بواجبهم على أتمّ وجه، ويتجنّبون التسرّع قبل تشكيل فهم شبه متكامل حول المكان الذي أرسلوا إليه. أذكر مثلًا المراسلة كريستينا لام، إحدى أبرز المراسلات في بريطانيا، والتي عملت مع الصنداي تايمز، وما تزال تعمل مراسلة في دول مثل باكستان وأفغانستان وجنوب أفريقيا. تعدّ لام بحقّ مثالًا نموذجيًا عن إمكان ولوج المراسل الأجنبي إلى مجتمعات غير مألوفة له والبقاء بها لفترات زمنيّة مطوّلة، تتيح له اكتساب الثقة وتشكيل تصورات أكثر دقة وتقديمها على نحو أكثر نقديّة، حتى يصبح مراسلًا ذا اعتبار حقيقيّ حول القضايا والتطوّرات التي يتناولها.

في لقاء عقده المجلس الثقافي البريطاني معها، تحدثت كريستينا لام عن المهارات والسمات التي يلزم توفرها لدى المراسل الأجنبي، وقالت: "الفضول هو السمة الأهم لدى المراسل الأجنبي، بالإضافة إلى امتلاك العزيمة والإصرار على الوصول إلى مكان معيّن، وهو مكان عادة ما لا يكون مرغوبًا أن يتواجد فيه. من المهمّ كذلك امتلاك المقدرة على الإصغاء".

وتضيف لام: "لا أعتقد أن الصحفي موضوعي، وذلك لأنّ كلًا منّا ينظر إلى الأمور بعدسة تختلف عن الأخرى بحسب المكان الذي ولدنا فيه والطريقة التي نشأنا عليها. أما السبيل لتجاوز ذلك فيكون عبر الحديث إلى أكبر عدد ممكن من الناس في نقطة عملك كمراسل؛ كي تتمكّن من فهم الأوضاع التي يعيشونها. إن المراسل الجيد يراقب أدق التفاصيل لينقل المشهد ويقرّبه للآخرين".

كما تولي لام اللغة أهميّة خاصة، وتقول: "أعمل مع المترجمين والمنسقين في بعض المناطق، لكن لا غنى عن تعلم بعض الكلمات من اللغات المحلية؛ لأن ذلك يحدث فرقًا كبيرًا، وهذا ما يجب عليه القيام به حين تكون في بلد آخر". 

 هنا يطرأ السؤال حول الفترة التي يجب على المراسل الأجنبي أن يقضيها في بلد ما قبل أن يكون جاهزًا بحقّ لإعداد التقارير ونقلها عبر وسائل إعلام عالمية.

 

4
لقد أقدمت البي بي سي على مخاطرة جليّة حين قررت الاستعانة بصوت أفريقي للحديث عن الباكستانيين بلا تقدير للتعقيد والاختلافات على المستوى المحلي (غيتي).

 

في دراسة بعنوان: "تكوين المراسل الأجنبي يبدأ من بلده: ممارسات متغيرة عبر معارف الشتات"، صدرت عام 2021 ونشرت في مجلة "The Journalism Practice Journal" الصادرة عن دار "تايلور أند فرانسيس"، يشير الباحثان كريسانتي غيوتيس وكريستوفر هول، إلى المقاربات الجديدة الضرورية لتكوين المراسلين الأجانب وتجهيزهم قبل إرسالهم في مهام خارجية. ولهذا الهدف تم تطوير تقنية بحثية صحفية جديدة، أطلق عليها اسم "مقابلة الانعكاس الإطاري" (Frame Reflection Interview)، والتي تمكّن المراسل من اكتساب فهم معمق حول السياقات الاجتماعية في الدولة التي يرغب بتغطيتها (الدولة الهدف)، خلال فترة قصيرة من الزمن. وتقدم الدراسة خلاصة نتائج تحقيق تجريبي بالاعتماد على هذه الطريقة، قام بها صحفي أسترالي قبل سفره للعمل مراسلًا من جاكارتا بالتواصل مع أفراد من الجالية الأندونيسية في سيدني وقضاء بعض الوقت بينهم.

 

ربما كان يجدر بفيهلاني إلى جانب تغطية بؤر الكارثة في باكستان أن تلفت النظر إلى بعض الحقائق عن هذه الدولة التي تتمتع بسلسلة جبال من بين الأطول في العالم، ومواقع فريدة لعشاق التزلّج، وتاريخ ثقافي ثري.

 

ثمة حاجة ملحّة من أجل تقليص التحيّز المتكرّر في وسائل الإعلام، كما أن العمل الصحفي الفعال يتطلب الحرص على نقل تمثيلات دقيقة عبر إستراتيجية محكمة طويلة المدى. ولا بدّ لتحقيق ذلك من التعاون مع المراسلين المحليين أو المغتربين، ومنحهم الفرصة إلى جانب الصحفيين الأجانب وغير المحليين، وذلك لكي يتسنى لهم نقل قصصهم. إن نموذج صحافة "الباراشوت" لا يخلو من التحيّز الممنهج عند تغطية الكوارث، وهذا قد يعود بأثر سلبي على الانطباعات المتشكّلة حول منطقة ما وأهلها، هذا عدا عمّا يمكن أن يتسبب به ذلك في تقليص فرص تدفق المساعدات إلى من يحتاج إليها. 

 

"إن شهود مصائب تقع للآخرين في دولة أخرى، هي تجربة حديثة بامتياز، تمثّل تراكم ما قدمه على مدى قرن ونصف أولئك السياح المحترفون المتخصصون، المعروفون باسم الصحفيين". 

المزيد من المقالات

عامٌ على حرب الإبادة في فلسطين.. الإعلام الغربي وهو يساوي بين الجاني والضحيّة

ما تزال وسائل إعلام غربية كبرى تثبت أنّها طرفٌ في حـرب الرواية، ولصالح الاحتلال الاسرائيلي.. في هذا المقال، يوضّح الزميل محمد زيدان كيف أن وسائل إعلام غربية كبرى ما تزال تطوّر من تقنيات تحيّزها لصالح الاحتلال، رغم انقضاء عام كامل على حرب الإبـادة في فلسطين.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 8 أكتوبر, 2024
تاريخ الصحافة.. من مراقبة السلطة السياسية إلى حمايتها

انبثقت الصحافة من فكرة مراقبة السلطة السياسية وكشف انتهاكاتها، لكن مسار تطورها المرتبط بتعقد الفساد السياسي جعلها أداة في يد "الرأسمالية". يقدم المقال قراءة تاريخية في العلاقة الصعبة بين الصحافة والسياسة.

نصر السعيدي نشرت في: 26 سبتمبر, 2024
حرية الصحافة بالأردن والقراءة غير الدستورية

منذ إقرار قانون الجرائم الإلكترونية بالأردن، دخلت حرية الرأي والتعبير مرحلة مقلقة موسومة باعتقال الصحفيين والتضييق على وسائل الإعلام. يقدم مصعب شوابكة قراءة دستورية مستندة على اجتهادات وأحكام تنتصر لحرية التعبير في ظرفية تحتاج فيها البلاد لتنوع الآراء في مواجهة اليمين الإسرائيلي.

مصعب الشوابكة نشرت في: 8 سبتمبر, 2024
المصادر المجهّلة في نيويورك تايمز.. تغطية الحرب بعين واحدة

ينظر إلى توظيف المصادر المجهلة ضمن المعايير المهنية والأخلاقية بأنها "الخيار الأخير" للصحفيين، لكن تحليل بيانات لصحيفة نيويورك تايمز يظهر نمطا ثابتا يوظف "التجهيل" لخدمة سرديات معينة خاصة الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 5 سبتمبر, 2024
إرهاق الأخبار وتجنبها.. ما الذي عكر مزاج جمهور وسائل الإعلام؟

أبرزت دراسة  أجريت على 12 ألف بالغ أمريكي، أن الثلثين منهم يعترفون بأنهم "منهكون" بسبب الكم الهائل من الأخبار التي تقدم لهم. لماذا يشعر الجمهور بالإرهاق من الأخبار؟ وهل أصبح يتجنبها وتؤثر عليه نفسيا؟ وكيف يمكن لوسائل الإعلام أن تستعيد الثقة في جمهورها؟

عثمان كباشي نشرت في: 1 سبتمبر, 2024
كليات الصحافة في الصومال.. معركة الأنفاس الأخيرة

لا تزال كليات الصحافة في الصومال تسير بخطى بطيئة جدا متأثرة بسياق سياسي مضطرب. أكاديمية الصومال للإعلام الرقمي تحاول بشراكة مع الجامعات بناء صحفيي المستقبل.

الشافعي أبتدون نشرت في: 27 أغسطس, 2024
كيف تستفيد الصحافة من أدوات العلوم الاجتماعية؟

حينما سئل عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو عن رأيه في مساهمة الضواحي في الانتخابات، أجاب أنه لا يمكن اختصار عقود كاملة من الاستعمار والمشاكل المعقدة في 10 دقائق. تظهر قيمة العلوم الاجتماعية في إسناد الصحافة حين تعالج قضايا المجتمع والسلطة والهوية في سبيل صحافة أكثر جودة.

رحاب ظاهري نشرت في: 21 أغسطس, 2024
هذه تجربتي في تعلم الصحافة في الجامعة الجزائرية

تقدم فاطمة الزهراء زايدي في هذه الورقة تجربتها في تعلم الصحافة في الجامعة الجزائرية. صعوبة الولوج إلى التدريب، عتاقة المناهج الدراسية، أساليب التلقين التلقيدية، والتوظيف بـ "الواسطة" يفرخ "جيشا" من الصحفيين يواجهون البطالة.

فاطمة الزهراء الزايدي نشرت في: 11 أغسطس, 2024
البودكاست في الصحافة الرياضية.. الحدود بين التلقائية والشعبوية

في مساحة تتخلّلها إضاءة خافتة في أغلب الأحيان، بينما الصمت الذي يوحي به المكان تُكسِّره أصوات تحمل نبرة منخفضة، يجلس شخصان أو أكثر ليتبادلا أطراف الحديث، يجولان بين الماض

أيوب رفيق نشرت في: 4 أغسطس, 2024
نظرة على تقرير رويترز للأخبار الرقمية 2024

يتحدث التقرير عن استمرار الأزمة التي تعانيها الصحافة الرقمية عالميا، وهي تحاول التكيّف مع التغييرات المتواصلة التي تفرضها المنصات، وهي تغييرات تتقصد عموما تهميش الأخبار والمحتوى السياسي لصالح المحتوى الترفيهي، ومنح الأولوية في بنيتها الخوارزمية للمحتوى المرئي (الفيديو تحديدا) على حساب المحتوى المكتوب.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 21 يوليو, 2024
في الحرب على غزة.. كيف تحكي قصة إنسانية؟

بعد تسعة أشهر من حرب الإبادة الجماعية على فلسطين، كيف يمكن أن يحكي الصحفيون القصص الإنسانية؟ وما القصص التي ينبغي التركيز عليها؟ وهل تؤدي التغطية اليومية والمستمرة لتطورات الحرب إلى "التطبيع مع الموت"؟

يوسف فارس نشرت في: 17 يوليو, 2024
حرية الصحافة في الأردن بين رقابة السلطة والرقابة الذاتية

رغم التقدم الحاصل على مؤشر منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة، يعيش الصحفيون الأردنيون أياما صعبة بعد حملة تضييقات واعتقالات طالت منتقدين للتطبيع أو بسبب مقالات صحفية. ترصد الزميلة هدى أبو هاشم في هذا المقال واقع حرية التعبير في ظل انتقادات حادة لقانون الجرائم الإلكترونية.

هدى أبو هاشم نشرت في: 12 يونيو, 2024
الاستشراق والإمبريالية وجذور التحيّز في التغطية الغربية لفلسطين

تقترن تحيزات وسائل الإعلام الغربية الكبرى ودفاعها عن السردية الإسرائيلية بالاستشراق والعنصرية والإمبريالية، بما يضمن مصالح النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في الغرب، بيد أنّها تواجه تحديًا من الحركات العالمية الساعية لإبراز حقائق الصراع، والإعراب عن التضامن مع الفلسطينيين.

جوزيف ضاهر نشرت في: 9 يونيو, 2024
"صحافة الهجرة" في فرنسا: المهاجر بوصفه "مُشكِلًا"

كشفت المناقشات بشأن مشروع قانون الهجرة الجديد في فرنسا، عن الاستقطاب القوي حول قضايا الهجرة في البلاد، وهو جدل يمتد إلى بلدان أوروبية أخرى، ولا سيما أن القارة على أبواب الحملة الانتخابية الأوروبية بعد إقرار ميثاق الهجرة. يأتي ذلك في سياق تهيمن عليه الخطابات والمواقف المعادية للهجرة، في ظل صعود سياسي وشعبي أيديولوجي لليمين المتشدد في كل مكان تقريبا.

أحمد نظيف نشرت في: 5 يونيو, 2024
أنس الشريف.. "أنا صاحب قضية قبل أن أكون صحفيا"

من توثيق جرائم الاحتلال على المنصات الاجتماعية إلى تغطية حرب الإبادة الجماعية على قناة الجزيرة، كان الصحفي أنس الشريف، يتحدى الظروف الميدانية الصعبة، وعدسات القناصين. فقد والده وعددا من أحبائه لكنه آثر أن ينقل "رواية الفلسطيني إلى العالم". في هذه المقابلة نتعرف على وجه وملامح صحفي فلسطيني مجرد من الحماية ومؤمن بأنّ "التغطية مستمرة".

أنس الشريف نشرت في: 3 يونيو, 2024
كيف نفهم تصدّر موريتانيا ترتيب حريّات الصحافة عربياً وأفريقياً؟

تأرجحت موريتانيا على هذا المؤشر كثيرا، وخصوصا خلال العقدين الأخيرين، من التقدم للاقتراب من منافسة الدول ذات التصنيف الجيد، إلى ارتكاس إلى درك الدول الأدنى تصنيفاً على مؤشر الحريات، فكيف نفهم هذا الصعود اليوم؟

 أحمد محمد المصطفى ولد الندى
أحمد محمد المصطفى نشرت في: 8 مايو, 2024
تدريس طلبة الصحافة.. الحرية قبل التقنية

ثمة مفهوم يكاد يكون خاطئا حول تحديث مناهج تدريس الصحافة، بحصره في امتلاك المهارات التقنية، بينما يقتضي تخريج طالب صحافة تعليمه حرية الرأي والدفاع عن حق المجتمع في البناء الديمقراطي وممارسة دوره في الرقابة والمساءلة.

أفنان عوينات نشرت في: 29 أبريل, 2024
الصحافة و"بيادق" البروباغندا

في سياق سيادة البروباغندا وحرب السرديات، يصبح موضوع تغطية حرب الإبادة الجماعية في فلسطين صعبا، لكن الصحفي الإسباني إيليا توبر، خاض تجربة زيارة فلسطين أثناء الحرب ليخرج بخلاصته الأساسية: الأكثر من دموية الحرب هو الشعور بالقنوط وانعدام الأمل، قد يصل أحيانًا إلى العبث.

Ilya U. Topper
إيليا توبر Ilya U. Topper نشرت في: 9 أبريل, 2024
الخلفية المعرفية في العلوم الإنسانية والاجتماعية وعلاقتها بزوايا المعالجة الصحفية

في عالم أصبحت فيه القضايا الإنسانية أكثر تعقيدا، كيف يمكن للصحفي أن ينمي قدرته على تحديد زوايا معالجة عميقة بتوظيف خلفيته في العلوم الاجتماعية؟ وماهي أبرز الأدوات التي يمكن أن يقترضها الصحفي من هذا الحقل وما حدود هذا التوظيف؟

سعيد الحاجي نشرت في: 20 مارس, 2024
وائل الدحدوح.. أيوب فلسطين

يمكن لقصة وائل الدحدوح أن تكثف مأساة الإنسان الفلسطيني مع الاحتلال، ويمكن أن تختصر، أيضا، مأساة الصحفي الفلسطيني الباحث عن الحقيقة وسط ركام الأشلاء والضحايا.. قتلت عائلته بـ "التقسيط"، لكنه ظل صامدا راضيا بقدر الله، وبقدر المهنة الذي أعاده إلى الشاشة بعد ساعتين فقط من اغتيال عائلته. وليد العمري يحكي قصة "أيوب فلسطين".

وليد العمري نشرت في: 4 مارس, 2024
الإدانة المستحيلة للاحتلال: في نقد «صحافة لوم الضحايا»

تعرضت القيم الديمقراطية التي انبنى عليها الإعلام الغربي إلى "هزة" كبرى في حرب غزة، لتتحول من أداة توثيق لجرائم الحرب، إلى جهاز دعائي يلقي اللوم على الضحايا لتبرئة إسرائيل. ما هي أسس هذا "التكتيك"؟

أحمد نظيف نشرت في: 15 فبراير, 2024
قرار محكمة العدل الدولية.. فرصة لتعزيز انفتاح الصحافة الغربية على مساءلة إسرائيل؟

هل يمكن أن تعيد قرارات محكمة العدل الدولية الاعتبار لإعادة النظر في المقاربة الصحفية التي تصر عليها وسائل إعلام غربية في تغطيتها للحرب الإسرائيلية على فلسطين؟

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 31 يناير, 2024
عن جذور التغطية الصحفية الغربية المنحازة للسردية الإسرائيلية

تقتضي القراءة التحليلية لتغطية الصحافة الغربية لحرب الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، وضعها في سياقها التاريخي، حيث أصبحت الصحافة متماهية مع خطاب النخب الحاكمة المؤيدة للحرب.

أسامة الرشيدي نشرت في: 17 يناير, 2024
أفكار حول المناهج الدراسية لكليات الصحافة في الشرق الأوسط وحول العالم

لا ينبغي لكليات الصحافة أن تبقى معزولة عن محيطها أو تتجرد من قيمها الأساسية. التعليم الأكاديمي يبدو مهما جدا للطلبة، لكن دون فهم روح الصحافة وقدرتها على التغيير والبناء الديمقراطي، ستبقى برامج الجامعات مجرد "تكوين تقني".

كريغ لاماي نشرت في: 31 ديسمبر, 2023