منذ فترة وموقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك يفقد جزءا من هويته المتعلقة بـ"التواصل الاجتماعي" حصرا، فمليارات المستخدمين للموقع أضحوا فرائس جاهزة لإعلانات الشركات والمؤسسات الإعلامية. أمرٌ دعا مارك زوكربيرج، الأسبوع الماضي لإعلان تغييرات على خوارزميات الموقع بحيث تصبح الأولوية من نصيب منشورات الأقارب والأصدقاء لا إعلانات الشركات وروابط الأخبار.
طفرةٌ في عالم الإعلام كان قد أحدثها الموقع، بل إنه أثر على مصير بلدان وشعوب. ومع أنه ساهم في كشف أحداث كانت بعيدة عن نشرات الأخبار، إلا أنه تورط بنشر أخبار زائفة، ما حمل الموقع على التحديث والتغيير المستمر في خوارزمياته، بهدف السيطرة على الفوضى المنتشرة على الموقع الافتراضي، ومن جملة ما سعى إليه، توفير الحماية للصحفيين، مستخدمي الموقع وتدريبهم على استخدامه.
فحماية الصحفيين ونشر أعمالهم ودعم إنتاجهم الإعلامي المتنوع، أصبح يستقطب اهتمام شركة "فيسبوك" بصورة متزايدة في الآونة الأخيرة، وكان الموقع قد أعلن منذ فترة عن بدء مشروع خاص لدعم ومساعدة الصحفيين عبر توفير أدوات ومساقات مخصصة لهم.
أصدر فيسبوك دليل "أمن وسلامة الصحفيين على فيسبوك"، الذي يضم إرشادات من 10 خطوات لتأمين سلامة الصحفيين الإلكترونية، حيث يستخدم الصحفيون فيسبوك بأساليب مبتكرة لأداء وظائفهم وسرد القصص والتواصل المباشر مع الناس.
ويحرص فيسبوك على أن تكون "معلومات وحسابات الصحفيين مؤمَّنة حتى يتمكنوا من استخدام الإنترنت بأمان وحماية مصادرهم الصحفية" وفق ما أورد في مقدمة دليله.
وكانت فيسبوك قد أبدت التزامها بمساعدة الصحفيين على "الشعور بالأمان أثناء استخدامهم موقع فيسبوك والتواصل مع جمهورهم عن طريق موضوعاتهم الهادفة"، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل البداية التي سيعقبها استمرار العمل على خططها وجهودها للإعلان عن خطوات أخرى داعمة لعمل الصحفيين ونشاطهم عبر المنصة.
وأنشأ فيسبوك منصة تضم مجموعة من الموارد، صممت خصيصًا للصحفيين بهدف مساعدتهم وضمان سلامتهم وحماية حساباتهم الشخصية، بالتعاون مع المركز الأوروبي للصحافة ولجنة حماية الصحفيين و”كونيكت سيفلي” ورابطة الصحافة الأميركية IAPA ومؤسسة جيمس دبليو فولي ليجاسي.
وفي إطار هذه المبادرة دشن موقعا خاصا بالصحفيين Facebook for Journalists، يضم معلومات وموضوعات متعلقة بالسلامة الإلكترونية وتطبيق أفضل الممارسات المهنية، مثل آلية تفعيل ميزة التحقق الثنائي وإدارة الخصوصية والتعليقات المعتدلة ووقف التعدي والتحكم في مشاركة مواقعهم والمساعدة في حماية اتصالاتهم والإبلاغ عن محتوى مسيء وانتحال الهوية وكيفية التعامل مع مواقف اختراق حساباتهم.
وفي إطار اهتمام فيسبوك بخدمة الصحفيين وحماية أمنهم الإلكتروني، أعلن نيته إصدار شهادات للمسجلين بدوراته المفتوحة بعد اجتيازهم لتقييم أعده بالتعاون مع مؤسسة Poynter الإعلامية الشهيرة وذلك من خلال أنظمة التعليم الإلكتروني الحديثة.
حفاظاً على سرية مصادركم!
ويخشى فيسبوك على حسابات الصحفيين عنده لأن سرقتها أو اختراقها قد يسهم في "كشف معلومات سرية خاصة بالصحفيين مثل مصادر المعلومات والجهات التي يتواصلون معها عند إجراء تحقيقات صحفية، أو انتهاك الخصوصية التي يحق لأي مستخدم الاحتفاظ بها" كما يوضح لـ"مجلة الصحافة"، حسان جدة، مدير شركة "كونسبتس" للتسويق الرقمي.
ويرى أن خطورة اختراق حسابات الصحفيين ينبع من قوة تأثيرهم وبما قد يؤدي في مثل هذه الحالات إلى "نشر إشاعات معينة"، وهو ما يتطلب منهم – أي الصحفيين – "سرعة وضرورة التأقلم بشكل جديد مع شبكات التواصل الاجتماعي، وإيجاد دور واضح وآليات جديدة للتعامل مع الأخبار والمستجدات" في ظل المنافسة "غير المهنية" من المواطنين الصحفيين.
وحول رؤيته لاهتمام فيسبوك المتزايد بالوكالات الإعلامية والصحفيين، قال جدة: "يأتي الاهتمام في إطار سعيه المستمر للسيطرة على مجال الإعلام الرقمي عالميا، بوصفه الشبكة الإعلامية الأكثر انتشارا عالميا، لذا يحاول توفير مصادر وأدوات خاصة بالوكالات الإعلامية، ومساقات مفتوحة للصحفيين".
لكن سلطان ناصر – رئيس مقهى الإعلام الاجتماعي في فلسطين، ينظر للدليل من زاوية أخرى تتعلق بكون فيسبوك "مصدر المعلومات الأول للصحفيين وغيرهم"، ما يجعله المنصة الاجتماعية الأكثر نشرا للأخبار.
وقال ناصر لـ"مجلة الصحافة": "مستقبل أي وسيلة إعلامية وصحفي سيعتمد على مدى وجوده ووصوله ونقله للمعلومات الصحيحة عبر فيسبوك والشبكات الاجتماعية الأخرى، لذلك اعتقد أن دعم فيسبوك لصحفي مهني سيصب في صالحها وسيكسبها الكثير، سيما وأنها تحاول بجهد كبير محاربة الأخبار الكاذبة".
ومن أجل استثمار الدليل وتبسيطه بصورة أكثر مهنية لإفادة الصحفيين، يقترح عقد ورش عمل وتدريبات مع التركيز على الجانب التطبيقي العملي، داعياً في الوقت ذاته إلى صناعة محتوى متخصص عبر منصات الإعلام الاجتماعي حول الدليل وشرحه بطرق حديثة تعتمد على الفيديو بدرجة أساسية، خصوصا وأن هناك صحفيين ليس لديهم الخبرة الكافية في مجال التقنيات والأمن الإلكتروني.
10 خطوات..
دليل "أمن وسلامة الصحفيين على فيسبوك" -الذي شارك في مراجعته عدة مؤسسات دولية متخصصة، من بينها: المركز الأوروبي للصحافة، ولجنة حماية الصحفيين، ورابطة الصحافة الأميركية - يستهل نصائحه وإرشاداته بحماية كلمة السر الخاصة بالصحفي على الفيسبوك، مسدياً نصيحة مهمة في هذا الإطار تتعلق بالاستعانة بأحد برامج "مسؤول كلمة السر" أو ما تعرف بـ Administrator Password للإبقاء على كلمة السر الخاصة بك في حفظ وأمان، ولتتمكن من إنشاء كلمات سر صعبة التخمين لكل حساباتك.
وينتقل بعدها الدليل إلى نصيحة متعلقة بسابقتها وهي تلقي تنبيهات بشأن الأجهزة غير المعروفة (غير المصرح لها)، بهدف رصد أية محاولات تسجيل الدخول وتلقي الإشعارات في أي وقت يحاول فيه شخصٌ ما الدخول إلى حسابك من جهاز جديد أو غير معروف.
كما تتطرق النصائح إلى "إدارة الخصوصية والتعليقات ووقف التعدي والتحكم في مشاركة مواقع الصحفيين والمساعدة في حماية الاتصالات والإبلاغ عن محتوى مسيء وانتحال الهوية وكيفية التعامل مع مواقف اختراق حساباتهم".
في هذا الإطار، يقترح "فيسبوك" إرشادات من 10 خطوات، يجب اتباعها، لتساعد الصحفيين على حماية حساباتهم الشخصية وتوعيتهم لضرورة الاهتمام بالسلامة الإلكترونية، ولتأمين البيانات والحسابات على الإنترنت وحماية المصادر وجهات الاتصال.
وينطلق بك لاستخدام فحص الأمان لمراجعة إعدادات الأمان لصفحتك الشخصية وإدارتها، من خلال عرض المتصفحات والتطبيقات التي استخدمتها للدخول إلى فيسبوك في الماضي، ولكنك لم تستخدمها منذ أكثر من شهر واحد، كما يمكنك تسجيل خروج حسابك من أي متصفح أو تطبيق لا تحتاجه بعد الآن بسرعة، علاوة على إدارة التنبيهات التي تتلقاها عند تسجيل الدخول إلى حسابك من جهاز أو متصفح غير معروف ثم الحصول على نصائح حول كيفية تعزيز كلمة السر الخاصة بك وعدد مرات تغييرها.
لمزيد من الاطلاع، انقر/ي الرابط
https://www.facebook.com/journalistsonFB/videos/1702752716403402/
استخدام أدوات الفحص الأمني
ومن الأمور المهمة جدا للصحفيين إدارة تواجدهم على الصفحات العامة والصفحات الشخصية، وهنا يقدم دليل فيسبوك إرشادات تتعلق بكيفية إدارة منشوراتك، مثل: التحكم في الكيفية التي تظهر بها صفحتك الشخصية للأشخاص الآخرين من خلال استخدام أداة "عرض كـ" وما عليك سوى الانتقال إلى صفحتك الشخصية، ثم النقر فوق "عرض كـ"، وسترى ما تبدو عليه صفحتك الشخصية للعامة أو لشخص معين.
وسواء كنت محرراً لموقع اجتماعي أو كنت صحفيا تستخدم صفحة للوصول إلى قرائك أو مشاهديك أو كنت مشرفاً لصفحة؛ فثم خيارات متعددة للحفاظ على أمان صفحتك، حيث سيساعدك تحديد وتعيين الأدوار الصحيحة للمسؤول على إدارة صفحتك دون المساس بكلمات السر أو تعريضها للكشف.
كما ينصحك بالتأكد من أن مسؤولي الصفحة يستخدمون حسابات حقيقية حتى لا يفقدوا إمكانية الدخول إلى حساباتهم، لأن فيسبوك عادة ما يحذف الحسابات الزائفة والحسابات التي تنتحل شخصية أحد ما عندما نعلم بأمرهم.
وعلى صعيد إجراء الاتصالات الخاصة مع المصادر، فما عليك سوى اللجوء إلى استخدام خدمات المراسلة مثل واتساب وMessenger Facebookمن أجل حماية اتصالاتك، خاصة أن واتساب يقدم خاصية التشفير التام بين الأطراف end-to-end تلقائيا لكل رسالة ترسلها وكل اتصال تجريه مما يجعل رسائلك ومكالماتك محمية.
ويمكن للصحفيين أيضا استخدام فيسبوك على متصفح Tor للمساعدة في إخفاء عنوان IP (عنوان بروتوكول الإنترنت) حتى لا يمكن لفيسبوك أو للمعلنين أو لشبكات الهواتف المحلية أو الشركات الموفرة لخدمة الإنترنت أن تعرف وترى من أين تقوم بتسجيل الدخول، إذ تعزز هذه الميزة حماية لأمن موقعهم واتصالهم بموقع فيسبوك.
ويستعرض الدليل آليات حظر المضايقات، والإبلاغ عن المحتوى المسيء وانتحال الشخصية، من خلال رابط "إبلاغ" الذي يظهر بجانب المحتوى نفسه، ويرشدك إلى أنه في حال شعرت بأنك مهدد، فاتصل بجهات إنفاذ القانون لإبلاغهم عن مضايقات، وهنا بادر بأخذ لقطات شاشة وانسخ روابط URL لأي محتوى غير مرغوب فيه قبل حظر "المتحرش/مرتكب المضايقات" وبعدها لن تكون مشاركته السابقة معك مرئية.
ويختتم الدليل توجيهاته بمعرفة ما يجب عليك فعله إذا تعرض حسابك للاختراق حيث تحتاج إلى تأمينه في أسرع وقت ممكن. وسيساعدك تفعيل خاصية "المصادقة الثنائية" في منع حدوث ما سبق. إذا كان يمكنك تسجيل الدخول إلى حسابك، يوصيك فيسبوك بـ تغيير كلمة السر الخاصة بك، ومراجعة معلومات الاتصال المخزنة في حسابك للتأكد من أنها صحيحة ولم يتم تغييرها.
وإن لم تتمكن من الدخول إلى حسابك، فبمقدور فيسبوك مساعدتك في تأمين حسابك من خلال مطالبتك بتغيير كلمة السر الخاصة بك، ومراجعة نشاط تسجيل الدخول الأخير أو من خلال زيارة facebook.com/hacked.
للاطلاع على مختصر الدليل، اضغط/ي الرابط: