التغطية الإخبارية في ظل الاحتلال في فلسطين

التغطية الإخبارية في ظل الاحتلال في فلسطين

مقابلة مع تامر المسحال أجراها عوّاد جمعة| من كتاب الصحافة في زمن الحرب

 

في جعبة تامر المسحال سنوات من الخبرة في تغطية مناطق الحروب. غطّى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل مكثف لقناة "الجزيرة"، كما راسل "بي بي سي" في وقت سابق. بدأ متدرّباً وصعد السلّم في مسيرته المهنية إلى أن أصبح أحد الوجوه المعروفة في الشرق الأوسط. أقام المسحال معظم حياته في غزة حيث غطّى الحروب الإسرائيلية العديدة والتوغلات الكثيرة في القطاع، كما غطّى أخبار الحصار الذي تلا ذلك. وغطّى أيضاً الحروب في سوريا وليبيا. واليوم يستقر المسحال في الدوحة حيث يخصص وقته للوثائقيات الاستقصائية. يحمل تامر درجة الماجستير في الصحافة الدولية من جامعة ويستمينستر في لندن.

تعتبر المسألة الفلسطينية الإسرائيلية التي تعدّ النزاع المركزي في الشرق الأوسط، أحد أكثر المواضيع متابعة من قبل الصحافيين. فالعديد من هؤلاء صنعوا أسماءً لهم عبر تغطية النزاع.

في المقابلة التالية، ارتأينا تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها مهنة الصحافة تحت الضغط وفي ظل الاحتلال لأنها تختلف عن التحديات التي تواجه صحافة الحروب بشكل عام. فأنت كفلسطيني، قد تعيش وتموت أحياناً أثناء تغطية قضايا شعبك، بكل ما ينطوي عليه ذلك من تحديات وفرص.

-
تامر يغطّي الحرب الإسرائيلية على غزة في العام 2014. الصورة من تامر المسحال.

عواد جمعة: لنبدأ بتاريخك الشخصي وتجربتك. ما هو أول عمل لك كصحافي؟

تامر المسحال: أعتبر قصتي الشخصية قصة إرادة وأمل وحلم بأن أتمكّن من تجاوز جميع الصعاب التي يواجهها مجتمعنا الفلسطيني. بدأت مسيرتي في الصحافة في العام 2000 كمتدرّب مع "بي بي سي" حين كنت طالباً في غزة. كان ذلك العام مفصلياً في التاريخ الفلسطيني إذ اندلعت فيه الانتفاضة الثانية. انضممت في البداية كمتدرّب قبل أن أصبح مراسل إذاعة "بي بي سي" العربية في العام 2006. استغرقت ست سنوات لأنتقل من موقعي كمتدرّب إلى موقع مترجم ومن ثم منتج بدوام جزئي قبل أن أعيّن منتجاً بدوام كامل. وبعد سنوات من الجدّ والعمل، عُيّنت مراسلاً.

يمكن تشبيه قصة التدرّج إلى المراسَلة بقصة بناء منزل. ودائماً أقول إنّي تخرّجت مرّتين كصحافي، الأولى كطالب في جامعة غزة والثانية كصحافي أعمل في "بي بي سي". خلال تلك الفترة غطّيت بعضاً من أصعب الأحداث في غزة، من الاجتياحات الإسرائيلية إلى الاغتيالات إلى الغارات بين عامي 2000 و2006. في آذار/مارس 2008، انتقلت إلى قناة "الجزيرة". ولم يمرّ الكثير من الوقت حتى اندلعت حرب في غزة. كان ذلك أكبر اختبار لي، إذ كان أمامي خياران: إما أن أنجح وأصبح مراسلاً جيداً أو أفشل. والحرب أطلقت مسيرتي كمراسل حربي في العالم العربي. وطيلة عقد من الزمن تقريباً لم أغطّ غزة فحسب بل النزاعات في سوريا وليبيا ومصر أيضاً.

 

تغطية الاحتلال في بلدك

عوّاد جمعة: أصبحت شديد الانخراط في قضايا غزة وتحوّلت إلى أحد أكثر الصحافيين العاملين هناك خبرة. كيف تقارب نزاعاً تعيش في ظلّه؟

تامر المسحال: يختلف الأمر عن مراسل زائر يأتي من بلد آخر ليغطّي الوضع في بلد أجنبي. فالتحديات كثيرة وثمة الكثير من الجوانب يجب التركيز عليها. أولاّ أنت تغطّي قصص شعبك أي قصص أشقائك وشقيقاتك وجيرانك وأصدقائك. بالتالي فإن الواقع الإنساني يعدّ جانباً بالغ الأهمية. ثانياً كفلسطيني، هذه قضيتك لذلك لا يمكنك أن تعزل نفسك عن قيمك الأساسية ومعتقداتك. فقبل أن تكون صحافياً، أنت فلسطيني وإنسان. أنت لاجئ من عائلة لاجئة. أنت عالق تحت الاحتلال وتعاني منه.

في طفولتي كنّا دائماً نسمع عن منع تجوّل يفرضه الإسرائيليون وعن عدم القدرة على الذهاب إلى المدرسة وعن هجمات إسرائيلية على المنازل وغير ذلك. أنت جزء من كل ما يدور من حولك. اعتقل الإسرائيليون العديد من جيراني وأصدقائي وإخوتي وحتى أنا وقعت في قبضتهم. أوقفني الجنود الإسرائيليون عدة مرات. بالنتيجة، أنت تأتي من هذه الخلفية التي تشكّل أساس أفكارك وتصرفاتك اليومية، ومن ثم يأتي موقفك المهني. فصحيح أنك جزء من "القضية" بحكم أنّك تعيش هنا، إلاّ أن عليك أن تقيم توازناً مع مهنيّتك. فالعمل الصحافي يحتّم عليك أن تضع مسافة بينك وبين مواضيعك أكثر من أي وظيفة أو مهنة أخرى. فأنت لست سياسياً ولا ممثلاً عن شعبك بل أنت إعلامي مهني يغطّي قضيته الخاصة وقضية شعبه. والمعايير المهنية أدوات بالغة الأهمية إلى جانب نزاهتك. لذلك، رغم التحديات، يجب عليك أن تتمسّك بهذه المعايير. فحين تغطّي حرباً ما، قد يكون أصدقاؤك وجيرانك وأقرباؤك بين القتلى.

 

عوّاد جمعة: هل يمكنك إعطاء مثال على ذلك؟

تامر المسحال: في العام 2008، تعرّض منزل أحد أصدقائي المقرّبين لهجوم وكان صحافياً يدعى علاء مرتجى يعمل مع إذاعة محلية. أصيب علاء وأمّه بجروح بالغة. توجّهت لتغطّية القصة، أولاً لأنّ الهجوم استهدف صحافياً وثانياً لأن المستهدف صديقي. ذهبت إلى المستشفى وغطّيت الحدث على الهواء مباشرة. وأثناء ذلك توفّي صديقي وبترت ساق أمّه. تخيّل أن تجد نفسك في هذا الوضع الصعب حيث عليك أن تغطّي قصة صديقك وأن تكون أوّل من يعلن وفاته. في تلك اللحظة لم تكن عائلته أو أصدقاؤه يعرفون أنه أصيب وفارق الحياة.

في مناسبة أخرى، تلقّيت اتّصالاً يبلغني أن قريبي تعرّض لهجوم. كنت في ذلك اليوم أغطّي قصة أخرى وانتهى بي الأمر لأن أوقف عملي وأترك كل شيء لأحضر جنازته. يحدث ذلك كثيراً لنا وعليك أن تتحدّى نفسك لتحافظ على المسار المهني رغم الضغط النفسي والاجتماعي.

أنا تامر، أنا فلسطيني، أعيش هنا، أدعم القضية وأشكّل جزءاً منها. في هذه الحالة لن تفكّر في طموحاتك فحسب بل في طموحات شعبك أيضاً. فأنت تريد أن تعيش كإنسان حر وأن يكون بلدك مستقلاً تماماً كالآخرين. وهذا لا يتعارض مع معاييرنا المهنية. أقول ذلك من تجربتي في دول ومناطق مختلفة لا سيّما غزة، إذ عليك أن تتقبّل أنّك إنسان أولاً. إن كنت مناصراً للإنسانية ولحاجات الناس وحقوقهم كبشر، بإمكانك أن تغطّي قصصاً إنسانية. أما إذا عزلت نفسك فستصبح مجرّد أداة. إن فهم هذه الحاجات الإنسانية له الأفضلية على كل شيء آخر.

 

مواكبة السياسات التحريرية والأبعاد الأخلاقية للمراسَلة المهنية

عوّاد جمعة: كيف كان رد فعل وسائل إعلام دولية مثل "بي بي سي" على فكرة أن يغطّي فلسطيني في غزة هذه القصص؟ 

تامر المسحال: أنت تتحدث عن السياسات التحريرية؛ ليست خطوطاً حمراء. عليك أن تفهم حاجات المكان الذي تعمل فيه وسياسته التحريرية. سأعطيك مثالاً على ذلك: حين كنت أعمل في "بي بي سي"، كنا نسمّي الفلسطيني الذي يفجّر نفسه "انتحارياً" وهذا تعبير له دلالات سلبيّة في غزة. فالأثر النفسي الذي يتركه على الفلسطينيين الذين لا يوافقون عليه، هو ما يجعله مهماً. وقد يغضب الناس لأنهم لا يعتبرون هؤلاء "انتحاريين" بل "مقاتلين من أجل الحرية". ولكن رغم ذلك لا يمكنك أن تعارض السياسة التحريرية لقناتك. وفي الوقت نفسه، لا يمكنك أن تذهب إلى جنازة وتقول للناس بالعربية: "أنا هنا مع والد الانتحاري". سيهاجمونك بالتأكيد. إذاً ما الحل؟ يجب أن تكون دقيقاً.

سأعطيك مثالاً آخر: في إحدى المرات كنت في منزل عائلة فلسطيني فجّر نفسه بمجمّع عسكري. لم أكن أريد معارضة السياسة التحريرية لمؤسستي، ولكنّي كنت مدركاً لخصوصية الظرف الذي كنت فيه. لذلك أجريت مقابلة مع الوالد ووصفت العملية من دون أي نعوت يمكن أن يكون لديها أي دلالات سلبية لدى العائلة. قلت: "معي الآن والد الفلسطيني الذي فجّر نفسه" أي أشرت إلى نوع العملية من دون إضافة أوصاف أو الحكم عليها، وبذلك أبعدت نفسي عن السجال. فثقة الناس هي الجانب الأهم والقاعدة الأساسية لأن تكون مراسلاً في أي بلد. إذا مددت جسر ثقة مع الناس فستحصل على مصادر موثوقة وسيتحسّن عملك كصحافي خطوة بخطوة. أما إذا خسرت ثقتهم لأنك لا تفهم السياق الثقافي وحاجات الناس والبيئة التي تعمل فيها، فستضع مسيرتك المهنية في خطر.

عوّاد جمعة: أين ترسم الخط الفاصل بين الشخصي والمهني؟

تامر المسحال: هذا الخط ليس خطاً واضحاً ولكن مررت بأوقات تساءلت إذا كان من الأفضل أن أغطّي خطاً إخبارياً أقرب إليّ. حين فارق صديقي الصحافي الذي ذكرته سابقاً الحياة كنت في بث مباشر من المستشفى. وحين انتقل المذيع إلى زميلي في القدس، جاء الطبيب وأبلغني بأن صديقي توفّي. كان عليّ أن أتخذ قراراً فورياً سواء بأن أبلغ المركز الرئيسي بوفاته أو بأن أنقله على الهواء. حينها قلت لنفسي أن الصحافي لا يختار الأخبار التي يغطّيها وعليه أن يغطّي القصة لأنّ مسؤوليته تقوم على إطلاع الناس على آخر الأخبار وأن يقول الحقيقة.   

عوّاد جمعة: ثمة تقليد في وسائل الإعلام الغربية بعدم ذكر أسماء القتلى قبل إبلاغ عائلاتهم. كيف تعاملت مع هذا الجانب في غزة حيث يمكن أن تعرف الخبر قبل العائلة؟ هل تخرج على الهواء وتنقل أسماء القتلى أم تنتظر حتى تعرف عائلاتهم؟

تامر المسحال: للأسف ليس لدينا مثل هذه المعايير في العالم العربي. من وجهة نظر قانونية لا يوجد قوانين واضحة تحكم ذلك. أما من وجهة نظر إنسانية، يمكنني أن أفهم لماذا قد يكون ذلك إشكالياً. ولكن من منظار شخصي أفضّل أن تعرف العائلة أولاً لأن مشاهدة الخبر مباشرة سيشكّل صدمة لها. ولكن في تلك الحالة (في إشارة إلى حالة الصحافي علاء مرتجى الآنف ذكره)، للأسف كانت الحرب دائرة ولم يكن هناك اتصال بالإنترنت وكانت خطوط الهاتف مقطوعة، لذلك فإن الوضع الذي أنت فيه لا يسمح لك عملياً أن تقوم بالأمور بالطريقة التي ترغب بها.

كصحافيين، نحاول قدر المستطاع أن نعمل وفق أعلى المعايير الأخلاقية لأن الإعلام قبل أن يكون مهنة، هو مرتبط بالفهم الإنساني والأخلاقيات والقانون. لا يمكنك أن تكون فوق كل هذه الأمور. فخلال الحرب وفي ظل الحصار والانتهاكات التي لا يحرّك أحد ساكناً حيالها، عليك أن تقوم بعملك. خلال الحروب يطلب من الصحافيين البحث في آلاف الحوادث يومياً لذلك لدينا مسؤولية أن نخبر قصص الناس.  

أرغب في التركيز على أمر مهم وهو أن القصة وتجربتك يأتيان في المقام الأول. سأعطيك مثالاً على ذلك: في حروب غزة، لطالما عانينا تداعيات رؤية الآلاف من صور ومقاطع فيديو القتلى. ستعلّمك التجربة ما الذي يتوافق مع بعض المعايير الأخلاقية وقوانين البث. كما ستوجّهك المعرفة المتراكمة خلال عملية الاختيار الصعبة.

 

عوّاد جمعة: تذكر عبارات مهني ومعايير مهنية كثيراً. كيف تعرّف المراسل المهني في منطقة حرب؟

تامر المسحال: تقتضي المهنية بأن تعطي الحدث بعده الحقيقي من دون المبالغة في تصويره ومن دون التقليل من شأنه. فأنت لست قاضياً بل ناقل لقصة صحافية. تجمع الأدلّة والعناصر الضرورية التي تدعم قصتك. في الحرب الأخيرة في غزة، اتخذنا قراراً مهماً. قلنا لأنفسنا إننا في حرب لذلك نتفهّم أن يشكك الكثيرون في مصداقية الأخبار التلفزيونية في العالم العربي. أثيرت أسئلة حول مدى مصداقية مقاطع مصوّرة أو ما إذا كان الصحافيون ينقلون بشكل صادق أحداث غزة. لذلك قررنا أن نبث معظم تغطية "الجزيرة" بشكل حي من دون أي تدخّل أو تحرير، لندع القصة تنكشف.   

 

عوّاد جمعة: كيف تعاملت مع المشاعر التي انتابتك لدى وفاة صديقك الصحافي حين كنت على الهواء؟

تامر المسحال: أكذب إن قلت أنّي لم أبك. ففي النهاية أنا إنسان، أنا زوج ووالد لأطفال، وأنا صحافي فلسطيني أعمل لصالح "الجزيرة". ودائماً يجد الصحافيون أصحاب القضايا الإرادة والتصميم للقيام بعملهم على أحسن ما يرام لأنهم دائماً يشعرون أن هناك أمر يجب أن ينجزوه. في تلك الحادثة، تأثرت شخصياً ولكن نحن دائماً نحاول بقدر استطاعتنا ألاّ نصبح نحن الحدث. هذا تحدٍّ آخر. ولم تقضِ مهمتي بأن أكون أنا الحدث أو الخبر بل أن أنقله. لهذا نتّخذ كل الإجراءات الأمنية ليس فقط من أجل سلامتنا. فلو كنّا نحن الحدث، لكان الحدث الذي نريد تغطيته قد تلاشى. في الخلاصة إن الحدث الإخباري أهم من قصتك الشخصية.

 

كيف تحمي نفسك في الميدان؟

عوّاد جمعة: كيف تحافظ على سلامتك؟ ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها أثناء تغطية حرب؟ هل يمكنك إعطاؤنا أمثلة؟

تامر المسحال: التجربة والخبرة مهمتان جداً لأنك حين تصبح خبيراً في التغطية الإعلامية في نطاق محدد فستكون أنت أفضل مستشار لنفسك. ثانياً تأتي المصادر، إذ يجب أن يكون لديك مصادر ذات مصداقية. فالسلامة ليست فقط ارتداء سترة واقية من الرصاص وخوذة، وأدوات أمنية أخرى. ولكن رغم أهمية هذه الأمور والحاجة العظيمة لها، إلاّ أن أفضل أدوات الحماية هي المصادر التي تملكها والثقة التي تكتسبها. فهي ستعطيك المعلومات الصحيحة وتخبرك بمدى خطورة المكان الذي تقصده. وبالفعل قضى الكثير من الصحافيين الذين عرفتهم لأنهم للأسف اعتمدوا على مصادر سيئة أو ضعيفة. فالمعلومات الخاطئة أو الاستقصاء السيئ يمكن بسهولة أن تضعك في موقف صعب لست مستعداً له.  

لا يمكن الاستخفاف بالإجراءات والأدوات الأمنية الأساسية كما يفعل كثيرون. فعلى المحررين والمدراء أن يضمنوا ارتداء الموظفين الملابس الواقية المناسبة. فأنا لا أتخيّل شخصاً يغطي منطقة حرب أو معركة أو تبادلاً لإطلاق النار من دون سترة واقية وخوذة. ولكن المفارقة أنّي رأيت صحافيين يفعلون ذلك طوال الوقت. فحين تكون في الشارع ترتدي فقط ملابسك العادية، قد لا تخسر حياتك فقط بل قد تكون السبب في خسارة حياة آخرين. لا يمكنك أن تكون وسط معركة ولا تخشى على سلامتك. يمكنك أن تكون شجاعاً ولكنّ مناطق النزاعات ليست المكان الصحيح لإظهار شجاعتك. هذا تهور وليس شجاعة. فالشجاعة تكون بطريقة إعدادك للقصة والأماكن التي تصل إليها واللاعبين الذين تتحدث إليهم.

رابعاً، أنا لا أعتبر الصحافة حدثاً واحداً عليّ أن أغطّيه وأعود أدراجي. فأنا دائماً أفكّر في القصص التالية. أتطلّع لمواصلة القصة بطريقة ما. وحين أغطّي حدثاً لا أفكر فيه كحدث منفرد بل كجزء من سياق أوسع. لذلك لن تقوم بمخاطرات غير ضرورية من أجل سبق صحافي. أضف إلى ذلك أنّي أؤمن بالقضاء والقدر، والقرآن يقول بشكل واضح إن المرء يحتاج لأن يعقل ويفكّر قبل أن يتصرّف، وألاّ يكون تابعاً أعمى بل أن يحمي نفسه ولا يلقي بها إلى التهلكة.

-
تامر على أحد الطرق في لبنان أثناء تصوير فيلم وثائقي عن أحداث عبرا. الصورة من "الجزيرة".

دور الصحافي في نقل أخبار الحرب

عوّاد جمعة: هل تشعر أن المراسَلة الصحافية تساعد في رسم معالم البيئة من حولك؟ هل يساعدك هذا النوع من الصحافة الحربية في توجيه القرارات السياسية أو الرأي العام في غزة وخارجها؟ أم أنك تشعر أن كل ذلك صراخ بلا صوت، أو أسوأ من ذلك: شكل من أشكال تلفزيون الواقع؟

تامر المسحال: لا أعتقد أن الإعلام هو صراخ بلا صوت. إذا قارنت الوعي لدى الناس بالقضية الفلسطينية وبما يجري في غزة اليوم، ستلاحظ فرقاً عمّا كان عليه قبل عقود. فمستوى الوعي أعلى بكثير. ستلمس الفرق أيضاً حين تسافر حول العالم. ليس هدفي إثارة الاحتجاجات السياسية أو الحصول على دعم سياسي. أنا المراسل، ومهمتي تقضي بنقل ما يحصل. وفي النهاية، يعود إلى الأمر إلى الناس إن رغبوا في الإصغاء أم لا.  

سأشعر بالسعادة إن ساعدت قصتي في حشد الدعم الإنساني لشعبي أو حتى لفرد واحد. لا يمكنك أن تتخيّل مدى سعادتي خلال حرب 2009 في غزة حين تلقّيت اتصالاً هاتفياً في منتصف الليل من مكتب التحرير في الدوحة بقطر. كنت في اليوم السابق قد غطّيت قصة طفلين أحدهما أصيب بجروح حين استهدفت قذيفة مدفعية إسرائيلية منزله وفقد عينه، والثانية طفلة فقدت ساقيها. أخبرني المحرر أن وزير الصحة السعودي اتصل بقناتنا وأراد أن يُنقل الطفلان إلى مستشفى سعودي. كان ذلك في خضمّ الحرب. كذلك أعددت قصّة أخرى عن طفل فلسطيني ولد في غزة من دون أطراف وشوهدت حالته في الخارج وتبرّع بعض الأشخاص لنقله إلى السويد للعلاج.

هذه اللحظات هي التي تذكّرني بقيمة أن نكون صحافيين. فأنت لست الشخص الذي يقدّم الدعم ولا المتبرّع بل أنت الوسيط. ليس هذا هو الهدف إلاّ أنّه يظهر مدى أهمية ونجاح الإعلام والتقارير الإعلامية في رسم الخطاب العام.

طلبت من التحرير إرسالي لتغطية نزاعات أخرى وقلت لهم إنّي سأبلي حسناً لأن أفضل من يغطّي المعاناة في الصحافة هو الذي عانى أكثر من غيره. لا يتعلق الأمر بأن أكون الأول والثاني، بل بالتفهّم والتماهي. حين ذهبت إلى ليبيا وسوريا، استطعت أن أعبّر عن المعاناة رغم الاختلافات في السياق. فتغطيتي مثل هذه الأحداث لسنوات، سهّلت عليّ التواصل مع الناس والتماهي مع قصص معاناتهم. عرفت ما الذي يعني أن تخبرني أمّ أنها فقدت ابنها أو بأن ابنها سجن أو تعرّض للتعذيب. ستعرف الشعور لأنك مررت به. هذا أهم ما في تجربتك وخبرتك اللتين لا تقاسان بعدد القصص في رصيدك بل بالأجواء التي تعرّضت لها. تجربتك هي التي تصنعك.  

سأعطيك مثالاً. خضت تجربة مفصلية في طفولتي حين تم اختياري لأكون لاعباً في أول فريق وطني فلسطيني رياضي يذهب إلى النروج في العام 1995. حصل ذلك بعد عام من تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية. وبما أن السلطة لم تكن بدأت إصدار جوازات سفر بعد، كنّا لا نزال كفلسطينيين نحمل في ذلك الوقت ببساطة وثائق صادرة عن قوات الاحتلال الإسرائيلي.

حاولت في ذلك الوقت قدر استطاعتي أن أتعلّم الإنجليزية. وكنت أفضل متحدث لها بين اللاعبين. وحين حصلت على وثيقة السفر صعقت بلونها البرتقالي. وحين قرأت التفاصيل والمعلومات المدرجة فيها لاحظت أن الاسم صحيح وتاريخ الميلاد ولكنّ الجنسية: "مجهولة". ما الذي يعنيه "مجهولة"؟ لم أستطع إيجاد أي معنى لها. وقلت في نفسي إني عضو في الفريق الوطني الفلسطيني وسألعب ضد فرق وطنية أخرى لديها وثائق وطنية بينما وثيقتي تشير إلى أنّي "مجهول الهوية". طيلة حياتك تكبر على أنك فلسطيني ولكن وثائق التعريف عنك تقول شيئاً آخر. صدمت فعلاً. كانت تلك المرة الأولى التي أخرج فيها من غزة ولم يسبق لي أن سافرت من قبل ولا رأيت طائرة. وكنت في طريقي لأقابل أناساً مختلفين غير الغزّيين. كان كلّ شيء جديداً.

الصدمة الثانية كانت حين بدأت ألتقي بالناس هناك. كنت طفلاً في الثانية عشرة من عمري. وكانت محادثاتي تأخذ الشكل والمضمون التالي: "مرحباً، اسمي تامر المسحال، أنا قائد الفريق الفلسطيني"

"مرحبا، من أين أنت؟".

"فلسطين Palestine".

"ماذا؟ باكستان Pakistan؟ ".

"كلا، فلسطين".

لم يفهم الناس حين كنت أقول إنّي من فلسطين، لم يفهم أحد إطلاقاً. وفي ذلك الوقت بدأ هدفي يتحوّل من الفوز في المباراة إلى الدفاع عن هويتي وقضيتي الإنسانية. كان ذلك أول دافع لي لأصبح صحافياً. وبعد 15 عاماً حين ذهبت لتغطية الحرب في ليبيا وسوريا، بدأت أدرك أموراً أخرى. هناك يقولون إن الصحافة هي جنسية مجهولة. هذا صحيح فأنا لا أحتاج إلى جنسية لأغطّي ما يحدث في سوريا أو ليبيا أو أي مكان آخر. أصبحت جنسيتي هي إنسانيتي ومهنيّتي. أعتقد أن هذا هو الأهم: الإنسانية والمهنيّة. لا يمكنك أن تكون صحافياً إن لم تكن إنسانياً ولا يمكنك أن تقدّم صحافة إنسانية إن لم تكن مهنيّاً.

الصحافة لا جنسية لها. أنا أؤمن بقضيتي ولكن يسعدني رؤية زملائي من بلدان أخرى يأتون إلى فلسطين وغزة لتغطية الأحداث هنا. لست ممن يعتبرون أن على السوريين تغطية الأحداث في سوريا ولا الغزّيين في غزة ولا الدنماركيين في الدنمارك. أنت إنسان لذلك يمكنك أن تغطّي أي نزاع.

صحيح أن النظرة المحلّية مهمة ولكنّ التغطية من الخارج مهمة بالقدر نفسه. إن كنت فلسطينياً تغطّي أحداث غزة، هذا عظيم ولكن إن كنت شخصاً من خارج غزة يغطّي من منظار مختلف فهذا أفضل.

 

عوّاد جمعة: تحدثنا أيضاً عن مسؤولية المراسلين الحربيين التي تقوم على إخراج الرسالة إلى العالم. وقلت إن المراسلة من منطقة حرب مختلفة عن غيرها. فإن كنت تعيش في السويد ستختلف نظرتك إلى الأمور وتغطيتك؟  

تامر المسحال: نحن نعيش في عالم غير مستقر. ففي غضون ساعة يمكن أن يتحوّل أفضل مكان إلى الأسوأ على الإطلاق. لذلك فإن الإعلام هو صوت الناس. والآن لا يكمن التحدّي الذي يواجه الصحافة في الصحافة نفسها بل بمن هو الصحافي.

ما تعريف الصحافي الآن؟ إذا نظرت إلى الإعلام الاجتماعي، ستسأل كم من الأشخاص الذين يكتبون هنا هم صحافيون فعليون؟ مثلاً غطّى ناشطون معظم أحداث الربيع العربي. ولكن هل هم صحافيون؟ اليوم على الصحافي أن يفكّر في "سناب تشات" ومنصات الاعلام الاجتماعي جميعها كوسائط أخرى لإعداد التقارير الإعلامية بالإضافة إلى الإعلام التقليدي كالتلفزيون والراديو. لذلك فهل كل شخص يعمل في ذلك الميدان هو صحافي أم لا؟ اليوم لم يعد بإمكاننا أن نقول إن هناك مجتمع واحد محدد من الصحافيين. فالصحافة هي الصحافة ولكن أدواتها تحسّنت كثيراً رغم أن الصحافي ومجتمع الصحافيين اليوم أقلّ تحديداً من قبل.

أعتقد أنّ أكبر تحدّ يواجهنا هو أن نواصل قول الحقيقة قدر استطاعتنا فالصحافة ليست ببساطة أن تكون أول من يطلع الناس على الحدث فأنا واثق من أن الناس على تويتر وفيسبوك أسرع من الصحافيين التقليديين. فصحافي تويتر مستعجل، لا يستعين بمحرر ولا يجري أي اتصالات إذ إن كل همّه أن يكون السبّاق. لذلك فإن التحدي يكمن في قول الحقيقة وتحديد السياق بدلاً من السرعة في نقل الخبر.

 

عوّاد جمعة: ما نصيحتك لشخص بدأ للتوّ في هذا المجال؟

تامر المسحال: لا يوجد بداية ونهاية للصحافة. فالصحافة عملية مستمرة. لذلك لا أعتقد أنّه يمكن للمرء أن يتخرّج من الصحافة. لا يمكنك أبداً أن تتوقف وتقول: أنا صحافي. فأنت دائماً تلميذ. ثانياً الصحافة عملية مرتبطة بعناصر أخرى وليست عملية معزولة.

الصحافة اليوم كأن تكون على متن قطار وتذكرتك تبقى صالحة فقط عبر تحديثها.  فعليك أن تحدّث مصادرك دائماً وأن تواكب الإعلام الاجتماعي وأن تتواصل مع الآخرين. عليك أن تواصل التعلّم والإصغاء إلى تجارب الآخرين. وأخيراً، لا يمكنك أن تكون كل شيء وفي كل مكان. عليك أن تركّز على شيء يمكنك تحقيقه وتسعى إليه.

المشكلة لدى بعض الصحافيين أنّ كلّ همّهم أن يصبحوا مشهورين. وإذا نظرت إلى سجلّ المشاهير في الصحافة، ستلاحظ أنهم حصلوا على شهرة فورية إثر حادثة معيّنة أو حدث كبير قاموا بتغطيته. ولكن إذا أردت أن تكون جزءاً من هذا العالم من الصحافة فيجب أن يكون هدفك دائماً الحفاظ على النزاهة والمهنيّة والمصداقية.

More Articles

Testimonies of the First Witness of the Sabra & Shatila Massacre

The Sabra and Shatila massacre in 1982 saw over 3,000 unarmed Palestinian refugees brutally killed by Phalangist militias under the facilitation of Israeli forces. As the first journalist to enter the camps, Japanese journalist Ryuichi Hirokawa provides a harrowing first-hand account of the atrocity amid a media blackout. His testimony highlights the power of bearing witness to a war crime and contrasts the past Israeli public outcry with today’s silence over the ongoing genocide in Gaza.

Mei Shigenobu مي شيغينوبو
Mei Shigenobu Published on: 18 Sep, 2024
Journalist Mothers in Gaza: Living the Ordeal Twice

Being a journalist, particularly a female journalist covering the genocide in Palestine without any form of protection, makes practicing journalism nearly impossible. When the journalist is also a mother haunted by the fear of losing her children, working in the field becomes an immense sacrifice.

Amani Shninu
Amani Shninu Published on: 15 Sep, 2024
The Gaza Journalist and the "Heart and Mind" Struggle

Inside the heart of a Palestinian journalist living in Gaza, there are two personas: one is a human who wants to protect his own life and that of his family, and the other is a journalist committed to safeguarding the lives of the people by holding on to the truth and staying in the field. Between these two extremes, or what journalist Maram Hamid describes as the struggle between the heart and the mind, the Palestinian journalist continues to share a narrative that the occupation intended to keep "away from the camera."

Maram
Maram Humaid Published on: 18 Aug, 2024
Challenges of Investigating Subculture Stories in Japan as a Foreign Correspondent

Japan's vibrant subcultures and feminist activists challenge the reductive narratives often portrayed in Western media. To understand this dynamic society authentically, journalists must approach their reporting with patience, commitment, and empathy, shedding preconceptions and engaging deeply with the nuances of Japanese culture.

Johann Fleuri
Johann Fleuri Published on: 24 Jun, 2024
The Privilege and Burden of Conflict Reporting in Nigeria: Navigating the Emotional Toll

The internal struggle and moral dilemmas faced by a conflict reporter, as they grapple with the overwhelming nature of the tragedies they witness and the sense of helplessness in the face of such immense suffering. It ultimately underscores the vital role of conflict journalism in preserving historical memory and giving a voice to the voiceless.

Hauwa Shaffii Nuhu
Hauwa Shaffii Nuhu Published on: 17 Apr, 2024
Targeting Truth: Assault on Female Journalists in Gaza

For female journalists in Palestine, celebrating international women's rights this year must take a backseat, as they continue facing the harsh realities of conflict. March 8th will carry little celebration for them, as they grapple with the severe risks of violence, mass displacement, and the vulnerability of abandonment amidst an ongoing humanitarian crisis. Their focus remains on bearing witness to human suffering and sharing stories of resilience from the frontlines, despite the personal dangers involved in their work.

Fatima Bashir
Fatima Bashir Published on: 14 Mar, 2024
A Woman's Journey Reporting on Pakistan's Thrilling Cholistan Desert Jeep Rally

A Woman's Voice in the Desert: Navigating the Spotlight

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 8 Mar, 2024
Through a Mexican lens: Navigating the intricacies of reporting in Palestine

A Mexican journalist's journey through the complexities of reporting on Palestine and gives tips on how to manage this kind of coverage.

Témoris Grecko
Témoris Grecko Published on: 10 Dec, 2023
The bombs raining down on Gaza from Israel are beyond scary, beyond crazy

REPORTER'S NOTEBOOK: As Israel bombarded Gaza for the third night, I found myself closer to a missile hit than I could have imagined

Maram
Maram Humaid Published on: 11 Oct, 2023
Reporter’s Notebook - what I learned from covering the Kalash people

As journalists, our fascination with Indigenous communities can blind us to our ethical obligations to respect privacy and dignity of those we document - we must reflect carefully

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 5 Oct, 2023
'Rebuilt memory by memory' - recreating a Palestinian village 75 years after the Nakba

REPORTER'S NOTEBOOK: How it took the collective memories of several generations, painstaking interviews and a determined search through tall grass and prickly plants to recreate a destroyed community

Amandas
Amandas Ong Published on: 4 Jun, 2023
Tear gas and internet blackouts - reporting on protests in Pakistan

REPORTER'S NOTEBOOK: Following the arrest of former Prime Minister Imran Khan, violence has erupted across Pakistan. For journalists, it is like reporting from the centre of a storm

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 14 May, 2023
Remembering Shireen; my colleague and a 'role model for professionalism'

On the eve of the first anniversary of the killing of Shireen Abu Akleh, Al Jazeera's Senior Correspondent in Palestine, her colleague commemorates the compassion, integrity and professionalism which made her the extraordinary journalist and human being that she was

Walid
Walid Omary Published on: 10 May, 2023
Investigating the assassination of my own father

As a journalist, reporting on the murder of my father meant answering questions about my own position as an objective observer

Diana Lopez
Diana Lopez Zuleta Published on: 3 Apr, 2023
Field notes from an earthquake - reporting on human misery

REPORTER'S NOTEBOOK: Where do you draw the line when covering human suffering? When does reporting on a devastating earthquake cross over from objective journalism to tasteless voyeurism?

Ilya
Ilya U Topper Published on: 20 Feb, 2023
Conflict, crisis and Colombia’s shifting media landscape

THE LONG READ: As political and commercial elites continue their stranglehold on mainstream media in Colombia, some independent minnows are starting to emerge

Mauricio
Mauricio Morales Published on: 5 Dec, 2022
Al Jazeera Investigations - the making of the Labour Files

An Al Jazeera investigation into the running of the UK’s Labour Party has revealed evidence of an ‘Orwellian’ smear campaign against its former leader, Jeremy Corbyn, a ‘hierarchy’ of racism within the party and even the hacking of journalists. Here’s how it came about 

Phil
Phil Rees Published on: 19 Oct, 2022
The devastating silencing of the ‘Voice of Palestine’

Al Jazeera English’s Senior Correspondent recalls the last time she saw Shireen Abu Akleh and what it has been like to cover the investigations into her killing by Israeli forces

Natasha Ghoneim
Natasha Ghoneim Published on: 21 Sep, 2022
Casualties of Partition - telling the story of Zainab and Boota

REPORTER'S NOTEBOOK: On the 75th anniversary of the Partition of Pakistan and India, a writer recalls his efforts to uncover the mystery of a family divided and asks if we always have the right to push for the ‘truth’

Haroon Khalid
Haroon Khalid Published on: 15 Aug, 2022
She showed me a picture of her dead son - moments later, she was back with the tea and cake

Listening to stories of trauma and loss - such as those of women in Pakistan-controlled Kashmir - is what many journalists must do to find and report the truth. The way in which we listen while setting aside preconceived notions of how victims ‘should’ behave is critical

Anam Z
Anam Zakaria Published on: 16 Jun, 2022
Reporter’s notebook - analysing the video of a brutal murder

I spent a week watching a sickening video of the Jordanian pilot, Muath al-Kasasbeh, being burned alive by ISIL. Here’s how I set about verifying its contents and how I coped

Jody Fish
Jody Fish Published on: 25 May, 2022
‘You will be silenced’ - investigating human traffickers in Nigeria

REPORTER'S NOTEBOOK: Philip Obaji Jr has devoted years to uncovering and reporting on the sexual abuse and human trafficking of displaced women and girls in Nigeria. This is his story

Philip Obaji Jr
Philip Obaji Jr Published on: 18 May, 2022
Beyond bystanders: Citizen journalism during the Egyptian revolution

A journalist looks back at the founding of RASSD News Network during the Egyptian revolution, which trained and supported ordinary citizens to become journalists

Khaled Faheem
Khaled Faheem Published on: 14 Apr, 2022
Telling the stories of brutality - reporting on political prisoners in Belarus

REPORTER’S NOTEBOOK: Constructing a long-form feature to document the narratives of Belarusians imprisoned for protesting after the 2020 presidential election was a pain-staking, months-long task fraught with danger

Olga
Olga Loginova, Ottavia Spaggiari Published on: 30 Mar, 2022