الإعلام التلفزيوني.. لماذا سيظل مهمًّا؟

الإعلام التلفزيوني.. لماذا سيظل مهمًّا؟

 

يتذكر المتابعون في أنحاء العالم كيف أطل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الهاتف المحمول للإدلاء بأول تصريح له أثناء محاولة الانقلاب العسكري ليلة 15 يوليو/تموز 2016. وقد اعتبر البعض ذلك دليلا على ازدياد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة، وقدرتها على نقل الحدث بصورة تؤدي إلى تغييره كليا، وأن الإعلام التلفزيوني لم يعد مهما كما كان، لدرجة أن البعض قال إن أردوغان هزم الانقلاب بهاتفه المحمول.

لكن هذه المقولات تتجاهل عددا من الدلائل الأخرى التي تشير إلى أن التلفزيون -كوسيط إخباري- ما يزال الأكثر أهمية وتأثيرا، خاصة خلال الأحداث الكبرى، رغم تطور التكنولوجيا الحديثة، ورغم اعترافنا بأهميتها التي لا يستطيع أحد أن ينكرها.

أول هذه الدلائل سنستمدّه من واقعة أردوغان نفسها، فالرئيس التركي ظهر عبر الهاتف فعلا، ولكن عبر قناة "سي.أن.أن ترك" الواسعة الانتشار في تركيا، وهو ما ساهم بقوة في توصيل الرسالة عبر كافة أنحاء البلاد، وظهر ذلك في نزول الأتراك إلى الشوارع لمواجهة الانقلاب كما طلب منهم أردوغان.

الدليل الثاني يتعلق بالحدث نفسه، إذ شكك الكثير من المتابعين في مدى قوة موقف الرئيس التركي بعدما ظهر بهذه الصورة الباهتة عبر الهاتف المحمول. وقد تساءل هؤلاء عن السبب الذي جعل أردوغان يلجأ إلى هذه الطريقة، رغم أنه يستطيع نظريا إلقاء بيان تلفزيوني يبث عبر القنوات الفضائية والأرضية الحكومية، وهو ما جعلهم يؤكدون وقتها أن الرئيس التركي في موقف ضعيف، وأنه لا يستطيع إلقاء ذلك البيان التلفزيوني المنتظر، ولذلك لجأ إلى هذه الوسيلة. ولولا مواجهة قوات الشرطة وجماهير الشعب للانقلابيين لربما تغيرت معالم المشهد بصورة كلية. وقد كشف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالين لقناة الجزيرة في وثائقي "ليلة الانقلاب.. كيف صنعت تركيا انتصارها؟"، عن سبب لجوء أردوغان إلى هذه الطريقة لتوصيل أولى رسائله ليلة الانقلاب، فقد قام الرئيس بتسجيل بيان تلفزيوني بالفعل، وكان مقررا إرساله من مقر تواجده في مدينة مرمريس ليبث عبر التلفزيون، لكن شبكة الإنترنت كانت بطيئة في ذلك المكان، وبالتالي لم تكن هناك إمكانية لإرسال الفيديو لإذاعته عبر شاشة التلفزيون الرسمي، وهو ما يعد تأكيدا إضافيا على أن الرئاسة التركية لم تكن تحبّذ طريقة الهاتف المحمول في البداية، وأنها كانت على وعي تام بأن تلك الطريقة ستثير من التساؤلات والشكوك أكثر مما ستثير مشاعر الطمأنينة لدى الجمهور. وقد استمر ذلك التشكيك حتى ظهر أردوغان على الهواء بعد ذلك في تصريح متلفز لإعطاء دفعة قوية للشعب التركي في مواجهة الانقلابيين.

أما الانقلابيون فقد لجؤوا إلى إذاعة بيانهم الأول عبر التلفزيون، بعد السيطرة على قناة "تي.آر.تي هبر" (TRT HABER) الرسمية، وإجبار المذيعة على تلاوته، وهو ما خدع كثيرين تصوروا أن الانقلاب نجح وأن الأمور قد حسمت على الأرض، لدرجة أن رئيس الوزراء وقتها بن علي يلدريم لجأ إلى قناة خاصة هو الآخر لتأكيد وقوع محاولة الانقلاب ومواجهة خطاب الانقلابيين. وبعدما تمكنت الجماهير وقوات الشرطة الموالية للحكومة الشرعية في تركيا من استعادة السيطرة على مبنى القناة التي أذاعت بيان الانقلابيين الأول، كان هناك حرص على إظهار نفس المذيعة مرة أخرى لإعلان تبرئها من البيان الانقلابي، وتوصيل رسالة تفيد بأن الأمور تحت السيطرة وأن الانقلاب فشل، وهو ما دفع الانقلابيين إلى قصف مقر القمر الصناعي التركي "ترك سات" والسيطرة عليه، في إشارة إلى إدراكهم لأهمية احتكار الصورة ورواية الحدث تلفزيونيا. وقد حاولوا قطع إرسال كل وسائل الإعلام، من قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية وحتى شبكات الإنترنت، لكنهم فشلوا، إذ لم يكن لديهم الخبراء اللازمون للتعامل مع ذلك. كل هذا يكشف أهمية التلفزيون الذي تسيطر عليه قوات الجيش أولا قبل القيام بأي تحرك، لضمان إذاعة "البيان رقم 1" الذي تعلن فيه رسميا استيلائها على السلطة، وهو ما حدث في انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 في مصر، وكذلك أثناء عملية الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، وأيضا في الكثير من الدول الإفريقية الأخرى التي ما زالت تشهد انقلابات عسكرية.

وعلى الرغم من أن الجمهور قد ينصرف عن متابعة الأخبار عبر التلفزيون في الأوقات العادية، ويفضل عليها الوسائط الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت، فإن الأحداث الكبرى لا تزال تثبت أهمية الإعلام التلفزيوني، مثل الحروب والكوارث والثورات والانقلابات والانتخابات.

وقد شهدت الأزمة الخليجية بين قطر ودول الحصار الأربع مثالا واضحا على ذلك، فقد كان من أهم مطالب المحاصرين إغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية. وقد جاء ذلك المطلب رغم زعم وسائل الإعلام التابعة لدول الحصار -خاصة المصرية- أن الجزيرة فقدت مصداقيتها، وأنها لم تعد بنفس الأهمية التي كانت تتمتع بها قبل ذلك. وقد حاول مسؤولون من دول الحصار تدارك الموقف بعد ذلك، فزعم وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش أن النشطاء السعوديين على موقع تويتر استطاعوا هزيمة الجزيرة، ليأتي الرد المنطقي من عدد كبير من المتابعين -وحتى من بعض مذيعي الجزيرة وموظفيها- متسائلين: إذا كانت الجزيرة فاشلة كما تدعون، فلماذا طالبتم بإغلاقها؟ وهو ما يكشف تناقضا كبيرا في خطاب دول الحصار. وقد كانت الجزيرة بالفعل أحد العوامل الرئيسية في تفنيد ادعاءات دول الحصار على المستوى الدولي، خاصة مع امتلاكها قناة قوية وناجحة باللغة الإنجليزية.

ادعاء وسائل الإعلام المصرية ومن يمولها ويديرها بأن الجزيرة متراجعة، ربما يعود إلى اعتقادها بأنها نجحت في تأليب الرأي العام المصري على الرئيس المعزول محمد مرسي، وحشد الجماهير ضده في مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، وهو حشد اعتمد بالدرجة الأولى على الإعلام التقليدي (الصحف والفضائيات) بصورة أكبر بكثير من الإعلام الجديد الذي اعتمدت عليه ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في الحشد والتعبئة للتظاهر ضد حسني مبارك، وهي مفارقة تكشف عن الفارق بين الاثنين، لكنها تكشف أيضا أن الأحاديث عن سطوة مواقع التواصل الاجتماعي في بداية الربيع العربي احتوت مبالغات كثيرة وتفاؤلا لم يكن في محله، أو أن تلك السطوة ستتحقق بعد سنوات عديدة في أفضل الأحوال. كما أن أهم النجوم الذين ظهروا في البداية على مواقع التواصل "باسم يوسف" سرعان ما تم احتواؤه في برامج تلفزيونية ضخمة التكلفة تبث على القنوات الفضائية، وهو ما يمكن اعتباره "ردة" عن التطور المفترض. فوفقا للسردية التي تتحدث عن تفوق الإعلام الإلكتروني والإعلام الجديد، كان ينبغي أن يبدأ باسم يوسف من التلفزيون ثم يتوجه إلى الفضاء الإلكتروني، باعتباره الوسيط الأكثر متابعة وتأثيرا وتطورا، لكن ما حدث هو العكس. أو أن ذلك ببساطة يمكن اعتباره مفارقة تكشف أن التلفزيون ما يزال يمتلك بريقا وسطوة، ويمكنه احتواء الظواهر الجديدة وتدجينها ووضعها في إطار محدد، خاصة أن مجال الإعلانات ما زال مسيطرا عليه من قبل التلفزيون.

وقد أثبتت استطلاعات رأي مهمة بعضا مما يذكره المقال، ففي استطلاع "المؤشر العربي" لعام 2018، الذي يجريه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات سنويا، تبين أن 57% من جمهور الرأي العام في المنطقة العربية يعتمد على التلفزيون لمتابعة الأخبار السياسية، بينما حلت شبكة الإنترنت في المركز الثاني بنسبة 22%، والراديو ثالثا بنسبة 8%، وجاءت الصحف اليومية في المركز الأخير بنسبة 5%، وهو ما اعتبره القائمون على الاستطلاع دليلا على أن النسبة الأكبر من الرأي العام ما زالت تعتمد على التلفزيون مصدرا للأخبار، وأن "القنوات التلفزيونية هي الأكثر أهمية في التأثير في مواطني الدول العربية"، خاصة في مصر والعراق ولبنان، إذ تراوحت نسبة متابعي التلفزيون باعتباره المصدر الأول لمتابعة الأخبار السياسية في تلك البلدان بين 70 و88%. 

إذا كنا استعرضنا في الجزء السابق أسباب وعوامل قوة وسطوة الإعلام التلفزيوني، ففي هذا الجزء سنستعرض الوجه الآخر من الظاهرة، ألا وهو سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي، وإستراتيجيات أنظمة الحكم في تدجينها والسيطرة عليها مثلما تحاول السيطرة على المجال العام والإعلام التقليدي بالضبط. وقد تحقق لبعض تلك الأنظمة نجاحات معتبرة في ذلك، وهو ما يجعل المرء حذرا في تقييم النظرة المتفائلة للبعض حول قدرة الإعلام الجديد على كسر القيود الحكومية وإتاحة الفرصة للأصوات المهمشة والجماهير.

شملت جهود الأنظمة العربية عدة مجالات، منها إصدار تشريعات وقوانين تتعامل مع الفضاء الإلكتروني مثلما تتعامل مع وسائل الإعلام التقليدية، وتشمل معاقبة مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتنكيل بهم، وتطوير تقنيات وحجب المواقع التي لا تريد لها أن تصل إلى الجمهور، وتكوين ما يعرف باسم "الجيش الإلكتروني" أو "الذباب الإلكتروني" الذي تتلخص مهمته في نشر خطاب السلطة، والهجوم على المعارضين وتشويه سمعتهم، ونشر أخبار زائفة عنهم لدفعهم للانسحاب من الفضاء الإلكتروني، وصناعة وسوم مؤيدة للسلطة ودفعها للوصول إلى قمة "الترند" للإيحاء بوجود شعبية كبيرة لنظام الحكم، والترويج لإنجازات وهمية، والإبلاغ عن التغريدات والمنشورات المعارضة.

كما شملت جهود الأنظمة العربية: الاستعانة بفرق متخصصة في اختراق الحسابات الإلكترونية وتقنيات التجسس والتعقب الإلكتروني، خاصة الإسرائيلية منها، لملاحقة النشطاء والمعارضين، وتحديدا الذين ينشطون عبر مواقع التواصل بأسماء مستعارة وحسابات لا تكشف عن شخصيتهم الحقيقية. وقد كشف عن عشرات الحالات من هذه الأمثلة عبر الصحف العالمية، وكانت آخرها ما أوردته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بشأن وجود شبكة روبوتات لنشر المحتوى الموالي لدولة الإمارات والمناهض لقطر وإيران بين القراء الإسرائيليين على تويتر. 

هذه الجهود امتدت أيضا إلى محاولة التأثير على الشركات الكبرى التي تتحكم في أهم المواقع والشبكات الإلكترونية على الإنترنت، وقد أسفرت بالفعل عن خضوع نسبي من عدد من الكيانات التي تدير مواقع التواصل الاجتماعي. ويمكن أن نذكر هنا عددا من الأمثلة الدالة، فقد رضخ موقع "سناب شات" للضغوط السعودية، وقرر حجب حساب شبكة الجزيرة في المملكة بحجة "الالتزام بالقوانين المحلية". كما رضخت شبكة "نتفليكس" وحذفت حلقة كوميدية تنتقد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من السعودية، قدمها الفنان الكوميدي الأميركي حسن منهاج الذي انتقد "شركات وادي السيليكون التي تسبح في المال السعودي" على حد قوله، مطالبا تلك الشركات برفض الاستثمارات القادمة من المملكة. كما حذف موقع يوتيوب آلاف الفيديوهات التي توثق جرائم نظام بشار الأسد في سوريا خلال الأعوام الماضية، بحجة أن تلك الفيديوهات مرتبطة "بالمنظمات الإرهابية"، وهو ما يمكن أن يؤثر على جهود جمع الأدلة ضد النظام السوري لاستخدامها مستقبلا.

أما عن المحتوى الفلسطيني، فما أكثر الصفحات والحسابات الفلسطينية التي حُذفت خدمة لإسرائيل وانتصارا لها، لدرجة أن تلك الانتهاكات أصبحت توثق شهريا من قبل مراكز متخصصة. فمثلا، أعلن عن 20 انتهاكا تعرض لها نشطاء فلسطينيون على موقع فيسبوك خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شملت حذف حسابات ومنعا من النشر، وفقا لتقرير مركز "صدى سوشيال" المتخصص في الإعلام الاجتماعي.

وسبق أن تعرضت قناة "شبكة قدس" على يوتيوب وإنستغرام للحذف، وكذلك قناة "فلسطين اليوم"، استجابة لضغوط وبلاغات إسرائيلية. كما حظر محرك البحث "غوغل" حسابات نشرت أخبارا وتقارير عن استخدام إسرائيل الأسرى الفلسطينيين كفئران تجارب لأدوية جديدة، بينما تعرضت قناة تلفزيون "هيسبان" الإيراني على يوتيوب وقناة تلفزيون "برس تي.في" قبل أشهر للحظر بالسبب نفسه. كما شهد مايو/أيار 2019 هجمة جديدة من فيسبوك ضد الحسابات الفلسطينية، ووثق المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) إغلاق فيسبوك 69 صفحة لإعلاميين ونشطاء فلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة يومي 23 و24 مايو/أيار 2019، وشملت صفحات لصحفيين وكتاب ونشطاء ومواطنين فلسطينيين، دون أن يتلقى أصحابها أي إنذارات مسبقة أو تفسيرات للإغلاق.

وموقع تويتر بالذات تدور شكوك واتهامات كثيرة بحق مكتبه الإقليمي في دبي، وسياساته الموالية والداعمة للسلطات في الإمارات والسعودية. وتتمثل هذه الشكوك في حذف عدد من الحسابات والتغريدات والوسوم بسبب تعارضها مع سياسات الدولتين.

وقد شهد كاتب هذه السطور بنفسه تجربة حية توثق هذه السياسة، عندما عطّل الموقع خاصية البحث عن كلمة "الفجيرة" عدة ساعات، بعد ورود أنباء عن وقوع انفجارات في ميناء المدينة يوم 12 مايو/أيار 2019، قبل أن تعلن الخارجية الإماراتية عن تعرض سفن تجارية لما سمتها "عمليات تخريبية" قرب الميناء. وكُشِف سابقا عن فضيحة تورط فيها موظف سعودي بمكتب دبي، سرّب بيانات حسابات سعودية معارضة على تويتر، لتعتقل السلطات السعودية أصحابها، ومنهم تركي الجاسر صاحب حساب "كشكول"، فيما تتحدث تقارير صحفية بأنه قتل تحت التعذيب. حتى الناشطة السعودية منال الشريف أعلنت إغلاق حسابها على تويتر، قائلة إن الموقع يشكل خطرا على حياتها.

وقد امتدت هذه السياسة إلى مصر، بعدما أغلق تويتر حساب الناشط البارز وائل عباس، الذي وثق انتهاكات حقوق الإنسان في الجمهورية، منذ ما قبل ثورة يناير وبعدها. وكانت "الجزيرة" نفسها قد تعرّض حسابها على تويتر للحذف لعدة ساعات بدون إبداء أي أسباب، قبل أن يعود الحساب فجأة كما حذف فجأة، بدون تقديم أية توضيحات.

هذه الشواهد تكشف أيضا عن ظاهرة أخطر، وهي: كيف يمكن أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي عرضة للتلاعب والتحكم بها والسيطرة عليها وتوجيهها نحو ما تريده أنظمة بعينها؟ وقد عرف العالم تفاصيل الاختراق الروسي الناجح لمواقع التواصل في الولايات المتحدة لتوجيه دفة الرأي العام الأميركي عبر فيسبوك بهدف التأثير في نتائج انتخابات الرئاسة عام 2016، مما لا يحتاج إلى كثير من الشرح. فضلا عن أن انتشار مواقع التواصل أدى إلى زيادة هائلة في انتشار ما باتت تعرف "بالأخبار الكاذبة" أو "الأخبار الزائفة" التي ملأت مواقع التواصل في عدد كبير من البلدان.

وتعد الصور ومقاطع الفيديو الزائفة التي تناولت ما يحدث لأقلية الروهينغا في ميانمار دليلا واضحا على ذلك؛ فرغم حملة القمع الوحشية التي تعرض لها المسلمون في ذلك البلد منذ أعوام، والتي وثقتها منظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، فإن البعض لجأ إلى نشر صور ومقاطع فيديو لأحداث وحشية تدور في مناطق وبلدان أخرى من العالم، والادعاء بأنها وقعت في ميانمار، وهو ما أضر كثيرا بجهود التوعية بالقضية وجعل كثيرين يتشككون في مصداقية ما يتعرض له الروهينغا ككل، حتى إن البعض أنشأ صفحات متخصصة لمحاربة انتشار تلك الأخبار والشائعات وتفنيدها، مثل صفحة "ده بجد" وصفحة "متصدقش" على فيسبوك، وهما صفحتان تركزان بشكل أساسي على تفنيد أبرز الشائعات والأخبار الزائفة على مستوى مصر والوطن العربي بشكل عام. 

لكن مواقع التواصل الاجتماعي كانت مسرحا لنشر خطاب الكراهية والتحريض في ميانمار نفسها من قبل النظام الحاكم في البلاد ورجال الدين البوذيين المتشددين ضد المسلمين. وقد أقر موقع فيسبوك بأنه لم يقم بجهود كافية من أجل مواجهة استخدام الموقع في التحريض على العنف في ميانمار.

قد تفسر هذه الشواهد التي عرضت في هذا المقال ما قامت به شركة غوغل عندما نظمت حملة إعلانات تلفزيونية موجهة لمشاهدي التلفزيون في مصر، إذ ما زال التلفزيون يمتلك الجزء الأكبر من مساحة سوق الإعلانات، وكذلك الرغبة في الوصول إلى شرائح جديدة من الجمهور، خاصة كبار السن والشباب اليافع. ربما لا تستخدم هاتان الشريحتان موقع غوغل كثيرا، لأن نسبة معتبرة من الكبار لا تجيد التعامل مع التكنولوجيا بشكل عام، أما الصغار فقد تفتح وعيهم على عالم الشبكات الاجتماعية ومواقع التواصل مباشرة، فإذا أرادوا معرفة أي معلومة توجهوا في الأغلب بالسؤال إلى أصدقائهم عبر حساباتهم على مواقع التواصل المختلفة، أو كتابة السؤال عبر المجموعات المغلقة في تلك المواقع، بدلا من كتابة السؤال أو المعلومة المراد معرفتها عبر غوغل، وهو تحليل قد يفسر تلك الحملة الإعلانية التي اعتمدت بالتأكيد على إحصائيات موثوقة تثبت الفرضيات التي استندت إليها حول أهمية التلفزيون.

وبالطبع فإن كل هذه الشواهد التي نعرضها هنا ليست حكما نهائيا باستمرار أفضلية التلفزيون وتفوقه، لكن المقال يطرح عددا من القضايا التي لا يزال الإعلام التلفزيوني يحقق فيها تقدما وأفضلية، مقابل عدد من التحديات التي تواجه وسائل الإعلام الجديدة والفضاء الإلكتروني الذي لا شك أن له فوائد وإيجابيات كبيرة.

More Articles

Inside Vietnam’s Disinformation Machine and the Journalists Exposing It from Exile

Vietnam’s tightly controlled media environment relies on narrative distortion, selective omission, and propaganda to manage politically sensitive news. Exiled journalists and overseas outlets have become essential in exposing these practices, documenting forced confessions and smear campaigns, and preserving access to information that would otherwise remain hidden.

AJR Contributor Published on: 15 Dec, 2025
What It Means to Be an Investigative Journalist Today

A few weeks ago, Carla Bruni, wife of former French president Nicolas Sarkozy, was seen removing the Mediapart logo from view. The moment became a symbol of a major victory for investigative journalism, after the platform exposed Gaddafi’s financing of Sarkozy’s election campaign, leading to his prison conviction. In this article, Edwy Plenel, founder of Mediapart and one of the most prominent figures in global investigative journalism, reflects on a central question: what does it mean to be an investigative journalist today?

Edwy Plenel
Edwy Plenel Published on: 27 Nov, 2025
In-Depth and Longform Journalism in the AI Era: Revival or Obsolescence?

Can artificial intelligence tools help promote and expand the reach of longform journalism, still followed by a significant audience, or will they accelerate its decline? This article examines the leading AI tools reshaping the media landscape and explores the emerging opportunities they present for longform journalism, particularly in areas such as search and content discovery.

. سعيد ولفقير. كاتب وصحافي مغربي. ساهم واشتغل مع عددٍ من المنصات العربية منذ أواخر عام 2014.Said Oulfakir. Moroccan writer and journalist. He has contributed to and worked with a number of Arab media platforms since late 2014.
Said Oulfakir Published on: 24 Nov, 2025
Leaked BBC Memo: What Does the Crisis Reveal?

How Should We Interpret the Leak of the “BBC Memo” on Editorial Standards? Can we truly believe that the section concerning U.S. President Donald Trump was the sole reason behind the wave of resignations at the top of the British broadcaster? Or is it more accurately seen as part of a broader attempt to seize control over editorial decision-making? And to what extent can the pressure on newsrooms be attributed to the influence of the Zionist lobby?

 Mohammed Abuarqoub. Journalist, trainer, and researcher specializing in media affairs. He holds a PhD in Communication Philosophy from Regent University in the United States.محمد أبو عرقوب صحفي ومدرّب وباحث متخصص في شؤون الإعلام، حاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الاتّصال من جامعة ريجينت بالولايات المتحدة الأمريكية.
Mohammed Abuarqoub Published on: 20 Nov, 2025
Crisis of Credibility: How the Anglo-American Journalism Model Failed the World

Despite an unprecedented global flood of information, journalism remains strikingly impotent in confronting systemic crises—largely because the dominant Anglo-American model, shaped by commercial imperatives and capitalist allegiances, is structurally incapable of pursuing truth over power or effecting meaningful change. This critique calls for dismantling journalism’s subordination to market logic and imagining alternative models rooted in political, literary, and truth-driven commitments beyond the confines of capitalist production.

Imran Muzaffar
Imran Muzaffar, Aliya Bashir, Syed Aadil Hussain Published on: 14 Nov, 2025
Why Has Arab Cultural Journalism Weakened in the Third Millennium?

The crisis of cultural journalism in the Arab world reflects a deeper decline in the broader cultural and moral project, as well as the collapse of education and the erosion of human development. Yet this overarching diagnosis cannot excuse the lack of professional training and the poor standards of cultural content production within newsrooms.

Fakhri Saleh
Fakhri Saleh Published on: 10 Nov, 2025
Podcasters, content creators and influencers are not journalists. Are they?

Are podcasters, content creators, and influencers really journalists, or has the word 'journalist' been stretched so thin that it now covers anyone holding a microphone and an opinion? If there is a difference, where does it sit? Is it in method, mission, accountability, or something else? And in a media landscape built on noise, how do we separate a journalist from someone who produces content for clicks, followers or sponsors

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 7 Nov, 2025
The Power to Write History: How Journalism Shapes Collective Memory and Forgetting

What societies remember, and what they forget, is shaped not only by historians but by journalism. From wars to natural disasters, the news does not simply record events; it decides which fragments endure in collective memory, and which fade into silence.

Daniel Harper
Daniel Harper Published on: 30 Oct, 2025
Journalism in Spain: Why Omitting Ethnicity May Be Doing More Harm Than Good

In Spain, a well-intentioned media practice of omitting suspects’ ethnic backgrounds in crime reporting is now backfiring, fuelling misinformation, empowering far-right narratives, and eroding public trust in journalism.

Ilya إيليا توبر 
Ilya U Topper Published on: 10 Sep, 2025
Interview with Zina Q. : Digital Cartography as a Tool of Erasure in Gaza

Amid Israel’s war on Gaza, Zina Q. uncovers how Google Maps and satellite imagery are being manipulated; homes relabelled as “haunted,” map updates delayed, and evidence of destruction obscured, revealing digital cartography itself as a weapon of war. By exposing these distortions and linking them to conflicts from Sudan to Ukraine, she demonstrates how control over maps and AI surveillance influences not only what the world sees, but also what it remembers.

Al Jazeera Journalism Review
Al Jazeera Journalism Review Published on: 6 Sep, 2025
Canadian Journalists for Justice in Palestine: A Call to Name the Killer, Not Just the Crime

How many journalists have to be killed before we name the killer? What does press freedom mean if it excludes Palestinians? In its latest strike, Israel killed an entire Al Jazeera news crew in Gaza—part of a systematic campaign to silence the last witnesses to its crimes. Canadian Journalists for Justice in Palestine (CJJP) condemns this massacre and calls on the Canadian government to end its complicity, uphold international law, and demand full accountability. This is not collateral damage. This is the targeted erasure of truth.

Samira Mohyeddin
Samira Mohyeddin Published on: 14 Aug, 2025
Protecting Palestinian Journalists Should be First Priority - Above Western Media Access

Why demand entry for foreign reporters when Palestinian journalists are already risking—and losing—their lives to tell the truth? Real solidarity means saving journalists' lives, amplifying their voices, and naming the genocide they expose daily.

Synne Furnes Bjerkestrand
Synne Bjerkestrand, Kristian Lindhardt Published on: 10 Aug, 2025
The Washington Post: When Language Becomes a Veil for Pro-Israel Bias

How did The Washington Post's coverage differ between Israel’s bombing of Gaza hospitals and Iran’s strike on an Israeli hospital? Why does the paper attempt to frame Palestinian victims within a “complex operational context”? And when does language become a tool of bias toward the Israeli narrative?

Said Al-Azri
Said Al-Azri Published on: 6 Aug, 2025
In the War on Gaza: How Do You Tell a Human Story?

After nine months of genocidal war on Palestine, how can journalists tell human stories? Which stories should they focus on? And does the daily, continuous coverage of the war’s developments lead to a “normalisation of death”?

Yousef Fares
Yousef Fares Published on: 8 Jul, 2025
How Much AI is Too Much AI for Ethical Journalism

As artificial intelligence transforms newsrooms across South Asia, journalists grapple with the fine line between enhancement and dependency

Saurabh Sharma
Saurabh Sharma Published on: 1 Jul, 2025
How to Tell the Stories of Gaza’s Children

Where does compassion end and journalism begin? How can one engage with children ethically, and is it even morally acceptable to conduct interviews with them? Palestinian journalist Reem Al-Qatawy offers a profoundly different approach to human-interest reporting. At the Hope Institute in Gaza, she met children enduring the harrowing aftermath of losing their families. Her experience was marked by intense professional and ethical challenges.

Rima Al-Qatawi
Rima Al-Qatawi Published on: 26 Jun, 2025
Do Foreign Journalists Matter in Covering Genocide? A Look into Bosnia, Rwanda, and Gaza

How did foreign journalists cover the killings in both Bosnia-Herzegovina and Rwanda? Did they contribute to conveying the truth and making an impact? Would the entry of foreign journalists into the Gaza Strip change the reality of the ongoing genocide? And would their coverage of the famine and massacres add to the daily coverage of local journalists? Why is the local press's coverage of wars seen as deficient compared to Western journalism, even though they incur greater losses and casualties?

Saber Halima
Saber Halima Published on: 20 Jun, 2025
How Palestine Is Forcing Journalists to Reexamine Objectivity and Decolonize

This article argues that the Palestinian context exposes the colonial roots of traditional journalism and calls for a decolonial approach that centers marginalized voices, promotes collaborative reporting, and demands structural change within newsrooms to uphold journalistic integrity.

Sanne Breimer
Sanne Breimer Published on: 12 Jun, 2025
The Role of Social Science Tools in Enhancing Journalism

When French sociologist Pierre Bourdieu was asked about the contribution of the suburbs to elections, he replied that decades of colonialism and complex problems cannot be summarised in 10 minutes. The value of social sciences in supporting journalism is demonstrated when they address issues of society, power, and identity for the sake of better journalism.

Rehab Zaheri
Rehab Zaheri Published on: 6 Jun, 2025
Digital Dependency: Unpacking Tech Philanthropy’s Grip on Local News in the MENA

AI-driven journalism initiatives in the Middle East, often backed by philanthropic media development projects, are reshaping local newsrooms under the influence of global tech giants. These efforts, while marketed as support, risk deepening power asymmetries, fostering digital dependency, and reactivating colonial patterns of control through algorithmic systems and donor-driven agendas.

Sara Ait Khorsa
Sara Ait Khorsa Published on: 3 Jun, 2025
Journalism Colleges in Somalia: A Battle for Survival

Journalism colleges in Somalia are struggling to survive due to outdated curricula, lack of practical training, insufficient funding, and a shortage of qualified educators, leading to declining student enrollment and interest. Despite efforts by institutions like Mogadishu University and Hormuud University to revive journalism education, these challenges persist, threatening the future of journalism in the country.

Al-Shafi Abtidon
Al-Shafi Abtidon Published on: 30 May, 2025
Philippine Activists Fight Archive Erasure and Revive Dictatorship-Era Memories

In the Philippines, archivists fight to preserve evidence of the country’s bloodied past, in hope that it will provide lessons for the future.

Tristan James Biglete
Tristan James Biglete Published on: 27 May, 2025
News Fatigue and Avoidance: How Media Overload is Reshaping Audience Engagement

A study conducted on 12,000 American adults revealed that two-thirds feel “exhausted” by the overwhelming volume of news they receive. Why is the public feeling drained by the news? Are audiences actively avoiding it, and at what psychological cost? Most importantly, how can the media rebuild trust and reconnect with its audience?

Othman Kabashi
Othman Kabashi Published on: 25 May, 2025
Weaponized Artificial Intelligence: The Unseen Threat to Fact-Checking

How has artificial intelligence emerged as a powerful tool during wartime, and what strategies are fact-checkers adopting to confront this disruptive force in newsrooms? The work of fact-checkers has grown significantly more challenging during the genocide in Palestine, as the Israeli occupation has relied heavily on artificial intelligence to disseminate misinformation.

Ahmad Al-Arja
Ahmad Al-Arja Published on: 18 May, 2025