قراءة في تاريخ الصحافة الأمريكية

تعتبر الصحافة إلى حد بعيد انعكاسا وصورة للمجتمعات ولتاريخها، أليست الصحافة هي تلك المسودة الأولى للتاريخ؟ 

في الأوساط الإعلامية العربية، كثيرًا ما لا يتم التمييز بين المنظومة الصحفية في أمريكا وبين مواقف النظام السياسي القائم في البلاد، وهما أمران مختلفان رغم تداخلهما. إذ غالبًا ما يتم الحكم على وضعية الصحافة الأمريكية من زاوية سياسات هذا البلد تجاه قضايا الشرق الأوسط. فإذا كانت السياسات الأمريكية ظالمة عمومًا تجاه القضايا العربية، فإن المنظومة الصحفية ليست كذلك دائمًا لأنها ليست مرآة للسياسة الرسمية لواشنطن. دليل ذلك أن الإعلام الأمريكي نفسه، كثيرًا ما يصطدم بسلطة بلده كما حدث في قضايا عدة؛ كحرب فييتنام، أو "فضيحة ووترغيت"، ومؤخرًا خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الحافل بالعلاقات المتوترة مع وسائل الإعلام.

 

تسمي مجلة Editor Publisher  نفسها بـ "إنجيل صناعة الصحافة في أمريكا". قد يكون ذلك تجسيدًا لتضخمها واعتدادًا مبالغًا فيه بالذات، من قبل مجلة عريقة تأسست في القرن التاسع عشر، لكن جل الأخصائيين يشهدون بحرفيتها وسمعتها. رأت مجلة E&P، كما تسمى اختصارًا، النور في عام 1884 ولا تزال تصدر إلى اليوم. آخر إنجازاتها تمثل في تحويل أرشيفها الورقي إلى محتوى رقمي متوفر على الإنترنت، ما يسمح القيام برحلة تاريخية رائعة لتقصي مختلف مجالات حياة الأمريكيين على مدى حوالي قرن من الزمان. خطوة تندرج في إطار التحول الرقمي الذي تعيشه هذه المجلة المهتمة بكل ما يتعلق في صناعة الصحف والتوزيع، وجوائز الصحافة وحتى بفرص العمل، هذا إلى جانب دفاعها عن حرية الصحافة؛ إذ تقدم نفسها على أنها "صوت مستقل يدافع عن الحقوق التي يضمنها التعديل الأول للدستور للصحفيين في حرية التعبير وفي تبنيها لمبادئ الصحافة الاستقصائية".

 

أصبح الأرشيف الكامل للمجلة إذن متوفرًا على الموقع الأمريكي المتخصص في الأرشيف https://archive.org/ بفضل مبادرة مالكها الجديد مايك بلاندر Mike Blinder الذي قرر دعم عملية تحولها إلى العالم الرقمي عند إدارتها في عام 2019. هذه العملية، غير المكلفة ماديًا، تطلبت منه فقط تسليم ميكروفيلم يضم الأعداد الورقية للمجلة، في خطوة ذات قيمة كبرى؛ فهي تخدم جمهور القراء والتاريخ الوطني الأمريكي. خطوة ينبغي أن تستلهمها الصحف العربية التي يعيش أرشيفها الورقي، غالبًا، محفوظًا في أماكن متداعية داخل صناديق كرتونية يملؤها الغبار بعيدًا عن الفهرسة والأرشفة العصرية باستثناء بعض المبادرات المتفرقة (1).

 

لولا العلم لضاعت الصحافة

من بين الجوانب الأساسية التي يكشفها أرشيف مجلة E&P هو الارتباط العضوي والوثيق بين الجامعة والصحافة في أمريكا، ما ساهم في بروز مهنة الصحافة وتطورها. يشهد على ذلك مقال نشرته المجلة في عام 1936 حول وصية تركتها زوجة الصحفي الشهير لوسيوس ليمان Lucius Nieman، وهبت فيها جزءًا من ثروتها لإنشاء قسم متخصص في الصحافة داخل جامعة هارفارد، بهدف التكوين والتعليم لرفع مستوى الصحافة في أمريكا، بشرط أن يستفيد من التكوين الأشخاص الموهوبون والمؤهلون فعلًا في هذا المجال. 

كانت هذه المنح الجامعية تقدر آنذاك بحوالي 5000 دولار. ويعتبر هذا الجانب مهما لفهم تميز الصحافة الأمريكية بفضل الروابط البنيوية والتعليمية التي نشأت بين الصحفيين المهنيين في الميدان والتعليم الجامعي من جهة، وبين وجود روح مجتمعية قائمة على التبرع وعلى خدمة الصالح العام من جهة ثانية.  

 

التنظيم المهني للصحفيين لا يقل أهمية أيضًا عن التربية والجامعة. ومن بين الأحداث التنظيمية التي يتوقف عندها أرشيف المجلة، تأسيس أول نقابة للصحفيين بمدينة كليفلاند في عام 1923 كانت تضم 102 صحفيًا. ومن بين التعليقات الطريفة والمضيئة التي أرفقتها مجلة E&P بهذا الحدث، تعليق يتناول جدلية الانتماء والاستقلالية التي تحدد مواقع نساء ورجال الصحافة. يقول كاتب التعليق: "الصحفيون قد يتظاهرون بأنهم متطرفون وشيوعيون لكن الحقيقة أنهم يحبون أن تطلق الأوصاف والألقاب على الآخرين وليس عليهم هم، إذ إن معظم الصحفيين يحبون أن يبقوا بعيدين وعلى مسافة معينة".

 

وقد تواصلت مع مرور السنين المحطات التنظيمية للمهنة، ففي عام 1933، ودائمًا بمدينة كليفلاند، قامت جمعية للمحررين يطلق عليها Cleveland Newspaper Guild بتغيير اسمها بهدف إعطاء تنظيمها هذا طابعًا وطنيًا. وهكذا تحولت إلى ما يشبه نقطة تجميع وتقاسم للمعلومات تتكامل داخلها كل التنظيمات الوطنية لتتطور لاحقاً ويصبح لها شكل تنظيمي يسمى اليوم بـ News Guild ، وهي تكتلات لعدد من الصحفيين غرضها تفعيل ومأسسة ما يمكن تسميته بشعار "الاتحاد قوة" لأن المهنة لا يمكنها أن تتطور بدون اتحاد وبدون تضامن وتكتل لتدافع عن حقوقها.

 

"صحفيو القمامة" أو "الصحفيون المزعجون"

في تاريخ الصحافة الأمريكية، لعب الآباء المؤسسون، مثل الرئيس بينجامين فرانكلين، الذي مارس الصحافة في شبابه، أدوارًا أساسية في بناء الدولة الأمة، وكذلك في تطوير وتعزيز حرية الصحافة والتعبير. وساهمت الصحف بشكل قوي في حركة المطالبة باستقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا، حيث شنت في عام 1765 حملة ضد الضريبة التي فرضها المستعمر على المطابع الأمريكية من أجل استهداف الصحف. ثم ما لبثت الحملة وأن انتقلت من صفحات الجرائد إلى الشارع، فاندلعت المظاهرات في عدة مدن. كانت هذه الأحداث بمثابة الشعلة التي ألهبت الحماس، وعززت اللحمة الوطنية التي ساهمت في التعبئة العامة والتنظيم السياسي المؤطر لمطالب الاستقلال. شكل ذلك تحولًا صحفيًا وسياسيًا ومجتمعيًا لخصه جاك أطالي بقوله: "حرية الصحافة هي السد المنيع الضامن لحرية الشعب" (2).

 

لكن هذا الارتباط التاريخي المؤسس بين الصحفيين والسياسيين لا يعني التبعية الميكانيكية؛ فقد بنت الصحافة الأمريكية تدريجيًا مكانتها كسلطة رابعة مستمدة من الدستور ومن مجتمع يقدس حرية التعبير، وسمحت هذه البيئة بتطور مهنة الصحافة واستقلاليتها. ومن تجليات ذلك، ظهور ما يسمى بتجربة "صحفيو القمامة" (Muckrackers) أو "الصحفيون المزعجون"، وهو لقب أطلق على الصحفيين والكتاب الذين اشتهروا بالتحقيق في القضايا السياسية والاقتصادية الحساسة، مثل الرشوة أو تضارب المصالح أو استغلال النفوذ. 

وقد ظهر هؤلاء "المزعجون" إبان ما يعرف بـ "العصر التقدمي" في أمريكا الممتد من عام 1890 إلى 1920. تميز هذا العصر بإصلاحات سياسية واجتماعية قطعت مع المنهج الليبرالي السائد سابقًا، ما سمح بسن تشريعات وسياسات اشتراكية تنتصر لحقوق العمال والمرأة التي حصلت لأول مرة على حق التصويت. 

ولا تزال آثار هذه المدرسة الصحفية حاضرة من خلال تقاليد التحقيق القوية في الصحافة الأمريكية. ومن بين الصحفيين الذين اشتهروا في هذا المجال إيدا ترابيل Ida Tarbel التي ألفت في عام 1904 كتابًا عن "تاريخ شركة ستاندراد للبترول" كشف عن فساد جون روكفيلي، مدير الشركة وأغنى شخصية في التاريخ الأمريكي. وتعرّف ترابل "البحث الصحفي في القمامة" كما يلي: "هو عملية الكشف عن الممارسات أو الظروف أو السياسات المعمول بها داخل المؤسسات أو في أوساط مجموعات من الناس... وطالما أن الناس يجتمعون للقيام ببعض الأمور في السر والخفاء، فستكون مهمة الصحفيين هي الكشف عنها". ومن بين الأسماء التي برزت أيضا في هذا الشأن، دافيد غراهام فيليبس الذي قام في عام 1906 بالكشف، عبر سلسلة مقالات، عن فضائح الرشوة في أوساط عدد من البرلمانيين الأمريكيين، والتي كشفت بدورها بعض الثغرات القانونية، ما أدى لاحقًا إلى تعديل الدستور الأمريكي لمحاربة هذه الظاهرة. حادثة تثبت مدى قوة وتأثير الصحافة التي يمكن أن تصل إلى درجة تغيير الواقع الدستوري والسياسي.

 

فضيحة ووترغيت.. الرمز الكبير

النموذج المؤسس والأشهر لقوة واستقلالية الصحافة الأمريكية يبقى كشف صحفيي "واشنطن بوست"، بوب وودوارد وكارل برنشتاين، تورط الرئيس ريتشارد نيكسون في عملية تجسس على مقر الحزب الديمقراطي عام 1972، ما أنهى حياة نيكسون السياسية وألزمه بالاستقالة من منصبه. وعرفانًا بهذا الإنجاز، نقلت مجلة E&P في ذلك التاريخ خبر تتويج وودوارد وبرنشتاين ورئيس التحرير باري بوسمان، بجائزة مؤسسة Drew Pearson Foundation، البالغ قدرها 6 آلاف دولار. لكن، وعلى الرغم من دور رئيس التحرير المحوري في التحقيق، إلا أن الأضواء غالبًا ما تسلط على وودوارد وبرنشتاين فقط. وساهم في ذلك الفيلم الشهير الذي تناول الفضيحة، "رجال الرئيس"، للمخرج آلان باكولا المتوج بالأوسكار، عبر تهميش دور بوسمان، لينتقده موقع "نييمان" ويعتبر أن "نسيان ذكر باري سوسمان في فيلم "رجال الرئيس" كان بمثابة جريمة في حقه" (3).  

 

ومن بين النماذج المبدعة أيضًا لصحافة التحقيق، نذكر إنجاز جريدة "نيويورك ديلي نيوز" في 2008 المغامر وغير المسبوق. قامت الجريدة بتزوير وثائق عقارية بهدف الاستيلاء على مبنى المقاطعة الملكية Empire State Building الشهير في نيويورك. ونجحت فعلًا في تزوير الوثائق والتلاعب بمصالح المحافظة العقارية بالمدينة وإقناعها بأن الجريدة أصبحت هي مالكة العمارة. لكنها عادت، بعد مرور 90 دقيقة بالتمام، إلى الاتصال بالمحافظة العقارية لتكشف لها حقيقة الخدعة، ولترد العمارة إلى أصحابها. كان الهدف يتعلق بتحدي وتنبيه الإدارة إلى مخاطر التزوير وسهولة الاستيلاء على أملاك وعقارات الناس في نيويورك. ويسلط ذلك الضوء دور الصحافة في تعزيز المواطنة وخدمة الصالح العام عبر الكشف عن الثغرات الإداراية والقانونية (4). 

 

صحافة الحرب: هيروشيما نموذجًا

تشكلت في أمريكا أيضًا معالم مجال صحفي خاص بالحرب له مبادئه وقواعده. كانت الحرب بمثابة امتحان لروح الوطنية من جهة، ومحكمًا لمدى التزام الصحافة بأدوارها في إخبار المواطنين وإطلاعهم على المجريات من جهة أخرى، في ظل ضغوطات ومتطلبات الحفاظ على الأمن القومي. ومثل غالبية البلدان، توجد في الولايات المتحدة جريدة خاصة بالجيش تسمى Stars and Stripes إلا أن تجربتها لها مسار خاص. صدر أول عدد منها في عام 1861 إبان الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وعاشت بعدها عدة تحولات أبرزها التركيز على مخاطبة الجنود الأمريكيين المنتشرين حول العالم والصدور على شكل نشرات خاصة بكل منطقة يوجد فيها هؤلاء الجنود كنشرة أوروبا أو نشرة الشرق الأوسط وغيرها. وفي عام 1919، توقفت المجلة مؤقتًا مع نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم استأنفت الصدور إلى اليوم على شكل جريدة ورقية وإلكترونية. المجلة تتمتع باستقلالية فريدة من خلال عملها تحت إشراف كل من البرلمان ووزارة الدفاع، إذ برز فيها صحفيون كبار وكتاب من بينهم هارولد روس، مؤسس مجلة "النيويوركر" المعروفة، والناقد الدرامي الشهير ألكسندر وولكوت.

لا شك أن الحرب تطرح معضلة أخلاقية ومهنية على الصحفيين تتمثل في قول حقيقة الحرب وأهوالها. ومما له دلالته في هذا الصدد، تعاطي الصحافة مع قنبلة هيروشيما. فبعد أيام على إطلاق الأمريكيين القنبلة على اليابان، سافر إليها الصحفي جون هيرسي من مجلة "النيويوركر" وأعد استطلاعًا تضمن حوارات مع 6 يابانيين ناجين من المجزرة، لتنشره المجلة في عدد كامل مخصص لهذا الحدث المأساوي. بعد عام، صدر هذا الريبوتاج في كتاب بعنوان "هيروشيما". وهكذا نال هيرسي شهرة عالمية واختير عمله كأفضل ريبورتاج في القرن العشرين. 

 

ولتعميم الحقائق الفظيعة التي كشف عنها الكتاب، سمحت المجلة، في 7 أيلول/سبتمبر من عام 1946، لجميع الجرائد الأخرى بإعادة نشره بالمجان، وهو مؤشر يدل على قيم الصحافة غير المبنية على الربح، وإنما على كشف الحقيقة أمام المواطنين. إذنُ المجلة بإعادة نشر الكتاب مجانًا بني على شرطين، أولهما أن ينشر الكتاب كاملًا بما يضمه من 30 ألف كلمة ومنع اقتطاع أجزاء منه أو تلخيصها، والآخر أن تذهب مداخيل هذا النشر إلى الصليب الأحمر الأمريكي لمساعدة الضحايا. وبالفعل، تم نشر الكتاب على نطاق واسع دون أي رقابة، وبفضله استطاع الأمريكيون والعالم أجمع التعرف على العواقب الإنسانية المهولة التي خلفتها القنبلة. 

 

إلى جانب صحفيي الحروب، ظهرت روح المغامرة لدى آخرين في ما يعرف بظاهرة "الصحفيين المتجولين عبر العالم"، والذين كانوا يراسلون عدة صحف في نفس الوقت. ومن بين هؤلاء هانتر طومسون، الذي كان يعمل مراسلًا صحفيًا حرًّا داخل بلاده أمريكا، ثم أصبح مراسلًا لعدد من الصحف الأمريكية خلال جولاته عبر أمريكا اللاتينية ابتداء من سنة 1962. والملاحظ هنا أن غالبية هؤلاء الصحفيين يصبحون كُتابًا أو يصدرون كتبًا بعد تخصصهم في مجال معين، الأمر الذي ساهم في تطوير تقنيات الكتابة وتجدديها. ويعتبر جون هيرسي من رواد ما يسمى بـ "الصحافة الجديدة" التي تستعمل تقنيات السرد القصصي والروائي عند كتابة الريبورتاجات الإخبارية.

 

 

 

العنصرية في الصحافة الأمريكية

تقول المفكرة الأمريكية ذات الأصل الألماني حنة آرندت، والتي كتبت في مجلات شهيرة مثل "النيويوركر"وأقامت في أمريكا وتعمقت في فهم بنيات اشتغال المجتمع، إن "التناقض الرئيسي في هذا البلد هو وجود حرية سياسية مقترنة بالعبودية الاجتماعية" (5).  

هذا العمق العنصري للمجتمع الأمريكي كان له تأثير واضح على مسارات الصحافة. فقد كان عدد من الصحفيين، خاصة في جنوب البلاد المعروف تاريخيًا بعنصريته التي كانت أحد أسباب اندلاع الحرب الأهلية، يتبنون بشكل علني وجهات نظر عنصرية في ستينات القرن الماضي. لدرجة أنهم كانوا ينتقدون حركة الحقوق المدنية للمطالبة بالمساواة للسود. من بين هؤلاء الصحفيين جيمس كيلباتريك، الذي كان يقول علانية إن "الجنس الأسود هو عرق أدنى وليس له مساهمة في الحضارة الغربية". بل إنه كان يعارض المساواة حتى في التعليم بين السود والبيض. وهي مواقف لا نزال نجد بعض أصدائها اليوم وسط أتباع اليمين المحافظ.

وردًا على الحركات العنصرية، تأسست أول جمعية للصحفيين السود في عام 1967، تحت اسم "آفاق سوداء "Black Perspective" بهدف تحسين صورة السود في الحياة الأمريكية". ومن بين الصحفيين المؤسسين لها إيد رادلي وبوبي ماينار.

الصحافة لعبت كذلك أدوارًا مهمة في دعم نضالات زعيم حركة الحقوق المدنية القس الشهير مارتن لوثر كينغ. ومن بين المبادرات التضامنية، يذكر التاريخ قيام الصحفي واين ماكوري، مدير جريدة بمدينة مونتغومري، بحملة لجمع الأموال من قراء جريدته لأداء مصاريف الدفاع عن لوثر كينغ خلال محاكمته بتهمة تنظيم حملة لمقاطعة الحافلات بالمدينة احتجاجًا على التمييز ضد السود. وقد وجه القس الشهير لاحقًا رسالة شكر لهذا الصحفي جاء فيها: "إن روح شجاعتكم تعطي أملًا جديدًا لأولئك الذين أجبرتهم الضرورة الطائفية على المعاناة من التفرقة والتمييز". وعرفانًا بمواقف ماكوري، أطلق اسمه على كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة مونماونت Monmouth University بولاية نيو جيرسي.

 

بين الحقيقة والأخبار الزائفة 

إشكالية الكذب والحقيقة ومصداقية الصحافة كانت دائمًا حاضرة في تاريخ الصحف الأمريكية عبر العديد من المحطات. بمعنى أنها ليست إشكالية جديدة تعززت اليوم مظاهرها نتيجة موجات الشعبوية السياسية التي اجتاحت العالم، مدفوعة بسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، وبتحريك من قادة سياسيين ركبوا هذه الموجة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 أو في الاستفتاء على البريكسيت في بريطانيا. 

فعلى الرغم من مراكمتها لإنجازات مهمة ولبناء طويل النفس للمصداقية، فإن صراع الصحافة الأمريكية مع الأخبار الزائفة كان حاضرًا دائمًا، كما هو الحال في الصحف حول العالم عمومًا. ويكشف الأرشيف أنه في عام 1981 مثلًا، استطاعت صحفية تدعى جانيت كوك أن تخترع قصة مقال كاذب بالكامل بعنوان "عالم جيمي" Jimmy’s World تحكي فيه بلمسة إنسانية خادعة عن طفل متشرد في الثامنة يتعاطى المخدرات. وقد صدقتها "الواشنطن بوست" ونشرت القصة، بل إن الأمر انطلى حتى على لجنة جائزة "بوليتزر" الشهيرة التي منحت صاحبتها الجائزة تلك السنة. شكلت هذه الحادثة ضربة موجعة لمصداقية الصحافة، ما جعل توم وينشيب رئيس تحرير جريدة "بوسطن غلوب" يكتب: "إن مسألة عدم وضع الثقة في الصحافة هي مسألة أزلية، وثقة الرأي العام في الصحافة اليوم متدنية". 

ومن بين آخر الخلاصات التي يمكن الخروج بها من هذه الجولة في أرشيفEditor Publisher أن الصحافة في أمريكا مرتبطة أشد الارتباط بالعائلات. فالعديد من الصحف الكبرى ملك عائلات أسستها وتوارثتها عبر الأجيال حتى اليوم، كما هو الحال مع "الواشنطن بوست" أو "النيويورك تايمز" وغيرهما. وهي ظاهرة بنيوية تفسر، جزئيًا، استمرارية الصحف واستقلاليتها. 

وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى تجربة كاتارين غراهام التي تولت مسؤولية جريدة "الواشنطن بوست" بعد انتحار زوجها. واستطاعت، كما كشف فيلم ستيفن سبيلبرغ، "أوراق بنما" Panama Papers، رغم ضغط السلطة ووزارة الدفاع خلال حرب فييتنام، أن تطور الجريدة وتجعلها من أقوى المنابر في أمريكا والعالم. وقد سبق لكاترين غراهام في عام 1961، وبمناسبة مرور 100 سنة على ملكية عائلتها لهذه الجريدة، مدح نظام الملكية والثناء على نجاعته قائلة: "قد تكون العائلات هي أسوأ أشكال ملكية الصحف باستثناء جميع الأشكال الأخرى التي تم تجريبها". تستعير غراهام  في هذه الجملة مقولة رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل الشهيرة عن الديمقراطية بأنها "أقل الأنظمة سوءًا". ولعل استلهام الفكر السياسي لوينستون تشرشل مؤشر دال على أهمية البيئة السياسية بالنسبة لأي تطور أو ازدهار للصحافة. إذ بدون حرية وديمقراطية لا يمكن للسلطة الرابعة أن تنشأ وتعيش وتزدهر.

 

 

مراجع:

 

  1. انظر موقع https://ijnet.org/ar الذي يقدم أرشيف بعض الصحف العربية.

  2. جاك أطالي "تاريخ وسائل الأعلام. من الإشارات الدخانية إلى شبكات التواصل وما بعدها"، منشورات فايار، نسخة رقمية، 2021. ص 100).

  3. رابط المقال: 

https://www.niemanlab.org/2021/02/thanks-to-the-internet-archive-the-hi…

  1. رابط المقال:

https://www.batiactu.com/edito/empire-state-building-vole-par-un-quotidien-new-yorkais-21769.php

  1. مجلة لوبوان الفرنسية. عدد خاص عن المفكرة آنة أرندت. سلسلة "كبار المفكرين" عدد 29 ص 22.

المزيد من المقالات

تدقيق المعلومات والذكاء الاصطناعي والشراكة "الحذرة"

هل ستساعد أدوات الذكاء الاصطناعي مدققي المعلومات، أم ستضيف عليهم أعباء جديدة خاصة تلك التي تتعلق بالتحقق من السياقات؟ ما أبرز التقنيات التي يمكن الاستفادة منها؟ وإلى أي مدى يمكن أن يبقى الإشراف البشري ضروريا؟

خالد عطية نشرت في: 14 سبتمبر, 2025
نجونا… وبقينا على قيد الحياة!

في العادة يعرف الصحفيون بمساراتهم وصفاتهم المهنية، لكن يمنى السيد، الصحفية التي عاشت أهوال الحرب في غزة، تعرف نفسها بـ: ناجية من الإبادة. وربما يفسد أي اختصار أو تقديم عفوية هذه الشهادة/ البوح الذي يمتزج فيه الصحفي بالإنساني وبالرغبة الغريزية في النجاة..

يمنى السيد نشرت في: 10 سبتمبر, 2025
محمد الخالدي ومروة مسلم.. "منسيون" أنكرتهم الحياة وأنصفهم الموت

قتل الاحتلال الصحفيان محمد الخالدي ومروة مسلم ضمن نسق ممنهج لاستهداف الصحفيين، لكن في مسيرتهما المهنية واجها الإنكار وقلة التقدير. الزميلة ميسون كحيل تحكي قصتهما.

ميسون كحيل نشرت في: 4 سبتمبر, 2025
الصحافة ومناهج البحث الاجتماعية

عكس ما يشاع من تنافر نظري بين الصحافة والعلوم الاجتماعية، فإنهما يتداخلان على نحو معقد ومفيد لكليهما، خاصة بالنسبة للصحافة التي لا ينبغي أن تتعلق فقط بتغطية الحقائق، بل أن تنشغل أيضا بالتحقيق بشكل منهجي في الظواهر المجتمعية لإعلام الجمهور وتثقيفه. يجيب المقال عن سؤال محوري: كيف يمكن أن نُجسّر الهوة بين الصحافة والعلوم الاجتماعية؟

أحمد نظيف نشرت في: 2 سبتمبر, 2025
المحنة المزدوجة للصحفيين الفريلانسرز بغزة

لا يتوفرون على أي حماية، معرضون للقتل والمخاطر، يواجهون الاستهداف المباشر من الاحتلال، يبحثون عن حقوقهم في حدها الأدنى.. عن المحنة المزدوجة للصحفيين الفريلانسرز في غزة تروي الزميلة نور أبو ركبة قصة أربعة صحفيات وصحفيين مستقلين.

نور أبو ركبة نشرت في: 26 أغسطس, 2025
"لا أريدك صحفية يا ماما".. هل يملك صحفيو غزة ترف الغياب؟

هل يملك الصحفي الفلسطيني في غزة حرية "الغياب"؟ وكيف يوازن بين حياته المهنية والعائلية؟ وإلى أي مدى يمثل واجب التغطية مبررا لـ "التضحية" بالأسرة؟ هذه قصص ترويها الزميلة جنين الوادية عن تفاصيل إنسانية لا تظهر عادة على الشاشة.

Jenin Al-Wadiya
جنين الوادية نشرت في: 24 أغسطس, 2025
اللغة تنحاز: كيف روت الصحافة السويدية حرب غزة؟

أظهرت نتائج تحقيق تحليلي أنجزته أنجزته صحيفة Dagens ETC على عينة من 7918 مادة خبرية منشورة في بعض المؤسسات الإعلامية السويدية انحيازا لغويا واصطلاحيا ممنهجا لصالح الروائية الإسرائيلية حول حرب الإبادة الجماعية المستمرة على غزة.

عبد اللطيف حاج محمد نشرت في: 19 أغسطس, 2025
الصحفي الفلسطيني كعدو "يجب قتله" في الإعلام الإسرائيلي

بعد اغتيال الصحفي أنس الشريف، ظهر الصحفي الفلسطيني في الإعلام الإسرائيلي كهدف عسكري مشروع ضمن إستراتيجية مصممة لإسكات شهود الحقيقة. يرصد هذا المقال جزءا من النقاشات في مؤسسات إعلامية عبرية تحرض وتبرر قتل الصحفيين في غزة.

Anas Abu Arqoub
أنس أبو عرقوب نشرت في: 14 أغسطس, 2025
تقاطعات الصحافة والعلوم الاجتماعية في الميدان

يمثل الميدان ذروة التقاطع بين الصحافة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، ومع تعقد الظواهر، يرتدي الصحفي في الكثير من الأحيان عباءة السوسيولوجي دون أن يتخلى عن جوهر المهنة في المساءلة والبحث عن الحقائق المضادة لكل أشكال السلطة. إن هذا "اللجوء" لأدوات ومعارف العلوم الاجتماعية، يحسن جودة التغطية ويؤطر القصص بسياقاتها الأساسية.

Mohammed Ahddad
محمد أحداد نشرت في: 10 أغسطس, 2025
فيليب ماير وولادة "صحافة الدقّة".. قصّة كتاب غيّر الصحافة الأمريكية

شهدت الصحافة منذ ستينيات القرن الماضي تحولًا نوعيًا في أساليبها وأدواتها، كان من رواده الصحفي والأكاديمي الأمريكي فيليب ماير، فيما عُرف لاحقًا بـ"صحافة الدقة". في هذا المقال، نعود إلى كتاب ماير الموسوم بالعنوان ذاته، والذي قدّم فيه دعوة جريئة لتبني أدوات البحث العلمي في العمل الصحفي، خاصة تلك المشتقة من حقل العلوم الاجتماعية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 3 أغسطس, 2025
رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة على جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للمعايير التحريرية ومواثيق الشرف المهنية.

Al Jazeera Journalism Review
مجلة الصحافة نشرت في: 31 يوليو, 2025
واشنطن بوست أو حين تصبح اللغة غطاء للانحياز إلى إسرائيل

كيف اختلفت التغطية الصحفية لواشنطن بوست لقصف الاحتلال لمستشفيات غزة واستهداف إيران لمستشفى إٍسرائيلي؟ ولماذا تحاول تأطير الضحايا الفلسطينيين ضمن "سياق عملياتي معقد؟ ومتى تصبح اللغة أداة انحياز إلى السردية الإسرائيلية؟

Said Al-Azri
سعيد العزري نشرت في: 30 يوليو, 2025
القصة الإنسانية في غزة.. الحيرة القاتلة "عمن نحكي"!

في سياق تتسارع فيه وتيرة الإبادة الجماعية، هل يتجاوز "إيقاع" الموت بغزة قدرة الصحفيين على معالجة القصص الإنسانية؟ وكيف يطلب منهم التأني في كتابة القصص في ظروف الجوع والنزوح والموت؟ وإلى أي حد يمكن أن يشكل التوثيق اللاحق للحرب قيمة صحفية في حفظ الذاكرة الجماعية وملاحقة الجناة؟

Mirvat Ouf
ميرفت عوف نشرت في: 28 يوليو, 2025
معركة أن يبقى الصحفي حيا في غزة

صحفيون جوعى يغطون أخبار التجويع في غزة، يتناولون الملح للبقاء أحياء، يبيعون وسائل عملهم لتوفير "كيس دقيق" لأبنائهم"، يتحللون من "خجل" أن يطلبوا الغذاء علنا، يقاومون أقسى بيئة إعلامية للحفاظ على "التغطية المستمرة"..

Mona Khodor
منى خضر نشرت في: 24 يوليو, 2025
المجتمع العربي والصحافة الاستقصائية.. جدلية الثقافة والسلطة والمهنة

عندما تلقت صحيفة بوسطن غلوب الأمريكية أول بلاغ عن تعرض طفل لانتهاك جنسي داخل إحدى الكنائس الكاثوليكية تجاهلت الصحيفة القصة في البداية، رغم تكرار البلاغات من ضحايا آخرين.

Musab Shawabkeh
مصعب الشوابكة نشرت في: 20 يوليو, 2025
الإعلام الرياضي في الجزائر.. هل أصبح منصة لنشر خطاب الكراهية؟

كيف انتقل خطاب الكراهية الرياضي في الجزائر من الشارع إلى مؤسسات الإعلام؟ وهل تكفي التشريعات القانونية للحد من تغذية الانقسام داخل المجتمع؟ وإلى أي مدى يمكن أن يلتزم الصحفيون بالموضوعية في ظل ضغوط شديدة من الجمهور؟ الصحفية فتيحة زماموش تحاور صحفيين رياضيين وأساتذة جامعيين، للبحث في جذور هذه الظاهرة.

فتيحة زماموش نشرت في: 15 يوليو, 2025
من "إعلان وفاة" إلى "مرثية".. "النعي" وقد أصبح نمطا صحفيا

أصبح النعي الإعلامي للشخصيات العامة المؤثرة نمطا/ جنسا صحفيا راسخا في الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية يتولاه كبار الصحفيين وأكثرهم خبرة ومعرفة. كيف تطورت هذه الممارسة وما أبرز سماتها المهنية؟ وإلى أي مدى يعتبر "تجهيز" النعي المسبق مقبولا من زاوية المعايير الأخلاقية؟

Mahfoud G. Fadili
المحفوظ فضيلي نشرت في: 13 يوليو, 2025
التحيّز بالحذف.. كيف تُفلتَر جرائم الاحتلال الإسرائيلي في وسائل إعلام غربية؟

لا تكتفي وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها للحرب على غزة بالانحياز في اختيار ما تنشر، بل تمارس شكلاً أعمق من التحيز: التحيز عبر الحذف. الشهادات تُقصى، والمجازر تُهمش، وتُعاد صياغة الرواية لتخدم سردية واحدة. في هذا المقال، يتناول الزميل محمد زيدان عمل "حرّاس البوابة" في غرف التحرير الغربية، ومساهمتهم المباشرة في تغييب الصوت الفلسطيني، وتثبيت الرواية الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 7 يوليو, 2025
عبء ترامب.. كيف تغطي وسائل الإعلام تصريحات الزعماء الكاذبة؟

لماذا يطلق ترامب تصريحات غير دقيقة؟ وهل تعتبر المؤسسات الإعلامية شريكة في التضليل إذا لم تتحقق منها؟ وكيف تصدت وسائل الإعلام خاصة الأمريكية لهذا الموضوع؟ وما الطريقة المثلى التي يجب أن تتبعها وسائل الإعلام في تغطيتها لتصريحات ترامب؟

Othman Kabashi
عثمان كباشي نشرت في: 5 يوليو, 2025
من رواند إلى فلسطين.. الإعلام شريكا في الإبادة الجماعية

يتزامن يوم 4 يوليو من كل سنة مع يوم التحرير في رواندا الذي يؤرخ لإنهاء حرب الإبادة الجماعية ضد التوتسي. يشرح المقال أسباب التجاهل الإعلامي للإبادة الجماعية وكيف أخفقت الصحافة في المساهمة في منع الإبادة الجماعية، كما يقدم رؤية نقدية عن إعادة إنتاج نفس الممارسات في تغطيتها لحرب الإبادة الجماعية على فلسطين.

Mohammed Ahddad
محمد أحداد نشرت في: 4 يوليو, 2025
تدريس الصحافة والعلوم الاجتماعية.. خصومة راسخة؟

في شمال الضفة الغربية، عاش طلبة الصحافة تجربة مختلفة مع "بدو الأغوار" لمدة ثلاثة أيام، جربوا فيها الاشتباك بالميدان في سياق ممارسة "الصحافة بالمجاورة" تحت إشراف الدكتور منير فاشة. خارج قاعات الدرس اختبر الطلبة أدوات قادمة من العلوم الاجتماعية رغم أن دراسات موثقة تبرز الخصومة الراسخة بين تدريس الصحافة في تقاطعها مع العلوم الاجتماعية والإنسانية.

سعيد أبو معلا نشرت في: 29 يونيو, 2025
حسن إصليح.. "وكالة الأنباء" وصوت المهمشين الذي قتله الاحتلال

لا يمثل اغتيال الصحفي حسن إصليح من طرف الاحتلال الإسرائيلي حالة معزولة، بل نمطا ممنهجا يستهدف الصحفيين الفلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية. تقدم رشيدة الحلبي في هذا البروفيل ملامح من سيرة إصليح الصحفي والإنسان.

رشيدة الحلبي نشرت في: 25 يونيو, 2025
إجابات كبيرة في أماكن صغيرة أو نقد تاريخ السلطة!

هناك تاريخ السلطة، وهناك تاريخ المجتمع. بين هذين الحدين، بحث عمار الشقيري عن إجابات كبيرة في قرية صغيرة في الأردن هي "شطنا" متقصيا عن الأسباب السوسيولوجية لهجرة سكانها إلى المدن الكبرى. بعد فحص المصادر التاريخية وإجراء المقابلات، سرد قرنا كاملا من تاريخ القرية بمنظور "التاريخ المصغر".

عمار الشقيري نشرت في: 22 يونيو, 2025
كيف يصوغ الإعلام الغربي كارثة المجاعة في قطاع غزة؟

هل يمكن لوسائل الإعلام أن تخضع موضوع المجاعة في فلسطين للتوازن المهني حتى بعد إقرار المنظمات الأممية ومحكمة العدل الدولية بذلك؟ لماذا تفادت الكثير من وسائل الإعلام الغربية توصيفات قانونية وأخلاقية دقيقة، مثل "مجاعة" (famine) أو "تجويع " (starvation) ولجأت إلى تعابير فضفاضة مثل "نفاد الغذاء" أو "أزمة تغذية؟ ألا تنطوي هذه الممارسة على تحيز واضح لصالح الرواية الإسرائيلية وتبرير لسياسة "التجويع الممنهجة"؟

Fidaa Al-Qudra
فداء القدرة نشرت في: 18 يونيو, 2025