لماذا تخذل لغة الصحافة السكان الأصليين؟

أريد أن أعطي هذه القصة حقها..

هذا هو الشعار الذي تمسكت به حتى قبل أن أغدو صحفية بفترة طويلة.. لقد قطع والداي مسافات طويلة ليبنيا معًا حياة جديدة، ولطالما وددت أن أؤدي واجبي وأسهم في إتمام ما بدآه.

وهذا أيضًا هو الشعار الذي حملته معي هذا الصيف عندما غادرت منزلي في قطر وقطعت 10 آلاف كيلومتر متجهةً إلى ولاية ألاسكا، وركبت الطائرة ذات المقاعد التسعة في مكتب التاكسي الجوي الصغير بمدينة أنكوريج، حين حلقنا فوق السلاسل الجبلية الثلجية، وسهول التندرا الجليدية الشاسعة.

كنت في طريقي إلى إيليامنا، تلك القرية النائية التي نشأت فيها والدتي، والتي تقع في ولاية ألاسكا على ضفاف بحيرة "إيليامنا" التي تعد أكبر موطن لأسماك السلمون الأحمر في العالم. تنتمي أمي إلى سكان ألاسكا الأصليين، وهي أحد أفراد مجموعة إثنية-لغوية تعرف باسم "ديناينا".

والدي قطري، ونحن نقيم في الدوحة، لكن في كل صيف نسافر -أنا وشقيقتي ووالداي- إلى إيليامنا لزيارة العائلة والمشاركة في موسم صيد أسماك السلمون، حيث نصطاد الأسماك وندخّنها ونملّحها ونخزنها، وهي أنشطة أساسية للناس تضمن استمرار معيشتهم ومتابعة أسلوب حياتهم.

كنت أعمل على إنتاج فيلم حول الضغوطات التي يواجهها هذا المجتمع، وهو مجتمع أشعر بانتماء إليه وغربة عنه في الوقت نفسه، إذ رغم معرفتي بالعديد من الأشخاص هناك منذ الطفولة، فقد خشيت أن لا يلبوا طلبي للحديث أمام الكاميرا. كنت أعلم أنني سأشعر بالأسى والحاجة إلى التبرير إذا ما رفضوا، رغم قدرتي على تفهم الوضع. لم يكن الأمر بالنسبة لي يتعلق بالنجاح في إجراء مقابلة أو الإخفاق في ذلك، بل بإثبات أني جزء من هذه القصة أو لا.

ثمة جانب مخيف قد يعتري العمل على القصص الشخصية، إذ فيها اعتراف بأنك لا تعرف كل شيء عن لغتك وثقافتك وعائلتك، وسيتعين عليك مواجهة أسئلة صعبة: هل جهلك بشيء ما يرجع إلى أنك لم تكلف نفسك عناء تعلمه؟ هل منعك الحرج من السؤال؟ في بعض الأحيان، تصعُب التفرقة بين اللامبالاة والشعور بالخزي، إذ قد تقف عاجزًا عن فعل شيء بسبب عدم اكتراثك بما يجري حولك أو بسبب فرط تأثرك به.

ورغم قضاء شهور في التخطيط وتبادل المكالمات الهاتفية، لم أصدّق حقًا أننا سنتمكن من تصوير الفيلم، وأن الناس سيتحدثون إلينا بالفعل، إلا عندما جلسنا مع رجل مسنّ في منزله القابع على تل صغير يطل على بحيرة "إيليامنا" لإجراء مقابلتنا الأولى.

كان الهدوء هو الصفة الأبرز التي اتسمت بها هذه المقابلات منذ البداية. تململت زوجة الرجل بتوتر أثناء التصوير. ومع أنّ دوري يحتّم عليّ أن أخفف حدّة التوتر لدى من أحاوره، إلا أنني جلستُ على الأريكة مسترخية في محاولة لتهدئة أعصابي أنا قبل الرجل. لقد جمعت بيننا صلة قرابة بعيدة، لكننا لم نلتقِ مسبقًا لأن كلينا نعيش خارج القرية.

ومثل معظم أفراد ذلك المجتمع المحلي، فقد كان ذلك الرجل راويا جيدًا للقصص، وأضفى إيقاعه الروائي تناغمًا على التفاصيل التي يتحدث عنها. كان حديثه بمثابة حبل آخر جديد ربطني بهذا المكان بشكل أثّر فيّ بشكل عميق. وفجأة انفتح الباب على مصراعيه ودخل بعض الناس من الجيران لجزّ العشب في أرضه، واضطررنا لتحديد موعد آخر لاستئناف مقابلتنا. 

--
خلال الصيف، يوازن السكان بين وظائفهم وبين عملية صيد وتخزين أسماك السلمون التي تحتاج إلى تعاون كبير بين

السكان. تصوير: شوكت شافي – الجزيرة.

واجهتنا بعض العقبات اللوجستية فيما يتعلق بتصوير الفيلم في إيليامنا، فالوقت يسير بشكل مختلف في مجتمع تغرب شمسه عند منتصف الليل وتتحكم أحوال الطقس في الأنشطة اليومية للناس.

وكان من الصعب ترتيب المقابلات وأماكنها مع قلة الطرق الموجودة، واحتمالية تواجد الناس في مكان ما قرب "الطريق العام السريع" ومكان ما "أعلى النهر". كما أن زيارتنا جاءت خلال أكثر فترات العام انشغالًا، بينما يحاول السكان المُوازنة بين أعمالهم وبين عملية صيد وتخزين أسماك السلمون لتلك السنة، وهي عملية تتطلب جهودًا مكثفة.

على المستوى الشخصي، كان الإخفاق هاجسًا كاد يسيطر عليّ، فكنت أخشى مثلًا طرح الأسئلة الخاطئة في التوقيت الخاطئ أو بطريقة غير لائقة. دائمًا ما أشعر بذلك تجاه أي قصة أعمل عليها، لأني أعتقد أنه لا غنى للصحفي عن النقد الذاتي. ولكن عندما تنتمي إلى أكثر من ثقافة وتراث، فإنك تشعر بأنك مدين لمجتمع ما لأنه منحَك كلّ شيء، بينما تشعر أنك لم تقدم له إلا بعض مما لديك.

لذلك عندما تسنح لك فرصة كهذه، تراودك رغبة في بذل جهد مضاعف لإتمام العمل، مناشدًا أن يخرج على الوجه الأمثل. 

"نادرًا ما خدم الإعلام السكان الأصليين"

أعتقد أن معظم طواقم العمل التلفزيوني التي تمر عبر منطقة بحيرة إيليامنا، تعمل على تصوير أفلام وثائقية حول الطبيعة، أو ينصب تركيزها على مشروع "ببيل" للتعدين القريب والمثير للجدل، أو تحاول تعقب قصة وحش بحيرة إيليامنا الأسطوري. لذا، أردت حقًا أن تدور هذه القصة حول المجتمع المحلي، وأن تكون من أجله.

ينضاف إلى ذلك أيضًا عبء التاريخ، فنادرًا ما خدمت وسائل الإعلام مصالح مجتمعات السكان الأصليين، لذلك، لا عجب من تدني الثقة بالصحفيين والارتياب منهم.

لكننا لم نواجه هذا القدر من الريبة وانعدام الثقة في إيليامنا، ولعل ذلك يعود في جزء منه إلى ارتباط عائلتي بالمجتمع المحلي، عدا عن خصوصية المدينة نفسها وقربها الشديد من مدينة أنكوريج، إذ تفصلهما مسافة تستغرق 50 دقيقة بالطائرة.

لم يسلم ذلك من بعض الاستثناءات، فقد طردني أحد أصدقاء العائلة مع بقية طاقم التصوير من ورشته قبل أن نتفوه بكلمة واحدة. غير أنه أخبرني لاحقًا أنه لا يكنّ لي أي ضغينة، لكن طواقم العمل التلفزيوني دائمًا ما يحرفون الكلام، وقد تفهمت موقفه تمامًا.

أعتقد أن غياب الثقة يترسخ في مجتمعات السكان الأصليين التي تعيش على صيد الثدييات البحرية، وهي المجتمعات التي تأثرت بشدة إثر حملات الرفق بالحيوان المناهضة لصيد الحيتان وحيوان الفقمة خلال سبعينيات القرن الماضي، ولا تزال آثار الدمار الثقافي والاقتصادي التي نتجت عن تلك الحملات حاضرة بعمق، بدءًا من نقص المواد الغذائية، ووصولا إلى الارتفاع الهائل في معدلات الانتحار.

كنت قد تواصلت في وقت سابق مع منظمة للسكان الأصليين في منطقة مضيق بيرنغ الذي يقع شمال غرب ولاية ألاسكا، ويتألف في معظمه من مجتمعات تعيش على صيد الحيتان والفقمات، وقوبلتُ بغضب قائم على موقف دفاعيّ.

طرحت ممثلة المنظمة تساؤلات حول خلفيتي والشركة التي أعمل بها ودوافعي، ثم أوضحت -عقب خوض بعض المناقشات- أنهم لا يريدون التحدث عن طريقة حياتهم، لأن الناس غالباً ما يسيئون فهمها.

تعاملت الممثلة بلطف معي، بالنظر إلى تقديرها لطبيعة المخاطر التي تطرقنا لها، ولكنها ترى أنه لطالما شُوّهت صورة السكان الأصليين بسبب طريقة الحياة التي تُصوَّر على أنها بدائية أو وحشية أو مخجلة، بدلا من اعتبارها طريقة عريقة راسخة في وجدان الناس هنا وقادرة على التكيف مع أي زمان.

وذكّرتني بحادثة وقعت في العام الماضي، تعرّض فيها فتى في سن السادسة عشرة من مدينة غامبيل التي يقطنها مجتمع محلي صغير من شعب يوبيك السيبيري، يعيش في جزيرة سانت لورانس في بحر بيرنغ؛ لتنمّر إلكتروني اشتمل على خطاب كراهية وتحريض وتهديد بالقتل بعدما اصطاد حوتًا للمساعدة في توفير الطعام للناس في مجتمعه.

وقد تلقى الفتى سيلًا من الرسائل بعدما شارك ناشط بيئي شهير مقالًا عنه في منشور مُشين على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.

أعتقد أن هذه القضية قضية أساسية، فقلّما أنصف الصحفيون مجتمعات السكان الأصليين، والسبب هو أن لغة الصحافة السائدة نادرًا ما تمتلك القدرة على إنصافهم.

وهذا ما يجعل السكان الأصليين يدركون استحالة فهم وجهة نظرهم ونقلها، حتى قبل البدء بالحديث مع الصحفيين، نظرًا لأن الوسيلة التي يُمثلون من خلالها -أي تلك اللغة الجافة والصارمة- تفتقر إلى الحساسية وتعجز عن منح مساحة للسكان الأصليين للتعبير عن أنفسهم كما يجب.

فاللغة المستخدمة في وسائل الإعلام اليوم لا تأبه بالمسكوت عنه ولا تلقي بالًا لاختلاف زوايا النظر عند البشر، ولا تحترم قوة القصص الساحرة، ويضيع فيها صوت الجماعة في صوت الفرد، وهذا أمر لا يروق السكان الأصليين.

لكن هناك الكثير الذي يمكن أن نتعلمه من وجهات النظر تلك. من واقع خبرتي، تتمتع ثقافة السكان الأصليين بقدر كبير من المرونة الممزوجة بالثقة، فهي لا تحاول أن تنعزل عن محيطها لأنها تعلم أن بقاءها ومصلحتها يكمنان في الاعتماد على البيئة المحيطة بها ورعايتها.

فالتعاطي مع الحياة يكون على أساس الواقع الموجود، لا المنشود بالضرورة، خاصّة أن مجتمع السكان الأصليين يتسم بالقدرة على الابتكار بدافع الضرورة، لا الجشع. وهذه النظرة للحياة تعني شكلًا مختلفًا من المألوف، وبما أننا غارقون اليوم في العالم الحديث في ثقافة الاستهلاك والتصنيع ومسؤولون بشكل أساسي عن تدهور البيئة، فإننا بحاجة ماسة إلى أن نألف شيئًا جديدًا.

عالمان متداخلان

كان هذا هو مشروعي الأول لإنتاج فيلم، وقد كان التعاون مع المخرجة سيارا لاسي وفريقها مُثيرًا للحماسة بالنسبة لي، لأن ذلك منحنا فرصة طال انتظارها للتحدث والتواصل بالصوت والصورة.

ففي الكتابة، يمكن أن يخفق المرء في تمييز الأسلوب ونبرته، إذ الطريقة التي يتحدث بها الشخص أو يعبّر من خلالها عن شعوره حيال شيء ما، قد لا تتضح دومًا عند الاقتباس المباشر للكلمات، وكثيرًا ما تضطر إلى بذل الجهد لإيضاح تلك المساحات الصامتة بين سطور المحادثة المكتوبة. أما في الأفلام، فالمشهد ينطق بذاته دون الحاجة حتى إلى الكلمات، وهنا تكمن القوة الهائلة في الصورة.

شعرت بالراحة في تعاوني مع سيارا ومع الملحنة كايلا بريت، وهما أيضًا تنتميان إلى أكثر من ثقافة ومن أصول تعود إلى السكان الأصليين. وقد ساعدتني أعمالها على الاحتفاء بجذوري أيًا كانت، والتعبير عنها كجزء أصيل من هويتي.

--


"في ضوء تجربتي، فإن الثقافة الأصيلة لا يمكن تغافلها، إنها متجذرة في سلوك يقول "هذه هي الطريقة" وليس "هذا ما

أريده أن يكون". شوكت شافي – الجزيرة.  

أتساءل عما إذا كان الانتماء إلى أصول مختلطة هو ما يجعلني أشعر بأنني أكثر ارتباطًا بمجتمعي المحلي في ألاسكا، فوجهات نظر السكان الأصليين اليوم هي حتمًا وجهات نظر نابعة من الانتماء إلى تراث مختلط. عقب الاستعمار، عشنا جميعًا في عالميْن حاولنا الجمع بينهما، وبذلنا جهدنا لتعلم ثقافاتنا ولغاتنا الأصلية، وعادة ما ترافق ذلك مع شعور بالذنب والتردد.

لكني أعتقد أن التصالح مع ذلك يمدّنا بالقوة ويمنحنا الثقة، كما أن انتقالنا بين عوالم مختلفة يجعلنا أكثر قدرة واستعدادًا لرواية قصص جديدة، وابتكار طرق مختلفة لروايتها.

يمكن أن يكون تطوير لغة جديدة مهمة بالغة الصعوبة ولن تجد ما يكفي من الحماسة والدعم، إلا أنه من الضروري أن نؤكد على أهمية ذلك لتعزيز قدرتنا على مراعاة الفروقات الدقيقة حسب التجارب الحياتية المعاشة للبشر، لعل ذلك يساعدنا على اكتشاف حقيقة جديدة.

 

ترجمة محمد زيدان

المزيد من المقالات

نجونا… وبقينا على قيد الحياة!

في العادة يعرف الصحفيون بمساراتهم وصفاتهم المهنية، لكن يمنى السيد، الصحفية التي عاشت أهوال الحرب في غزة، تعرف نفسها بـ: ناجية من الإبادة. وربما يفسد أي اختصار أو تقديم عفوية هذه الشهادة/ البوح الذي يمتزج فيه الصحفي بالإنساني وبالرغبة الغريزية في النجاة..

يمنى السيد نشرت في: 10 سبتمبر, 2025
محمد الخالدي ومروة مسلم.. "منسيون" أنكرتهم الحياة وأنصفهم الموت

قتل الاحتلال الصحفيان محمد الخالدي ومروة مسلم ضمن نسق ممنهج لاستهداف الصحفيين، لكن في مسيرتهما المهنية واجها الإنكار وقلة التقدير. الزميلة ميسون كحيل تحكي قصتهما.

ميسون كحيل نشرت في: 4 سبتمبر, 2025
الصحافة ومناهج البحث الاجتماعية

عكس ما يشاع من تنافر نظري بين الصحافة والعلوم الاجتماعية، فإنهما يتداخلان على نحو معقد ومفيد لكليهما، خاصة بالنسبة للصحافة التي لا ينبغي أن تتعلق فقط بتغطية الحقائق، بل أن تنشغل أيضا بالتحقيق بشكل منهجي في الظواهر المجتمعية لإعلام الجمهور وتثقيفه. يجيب المقال عن سؤال محوري: كيف يمكن أن نُجسّر الهوة بين الصحافة والعلوم الاجتماعية؟

أحمد نظيف نشرت في: 2 سبتمبر, 2025
المحنة المزدوجة للصحفيين الفريلانسرز بغزة

لا يتوفرون على أي حماية، معرضون للقتل والمخاطر، يواجهون الاستهداف المباشر من الاحتلال، يبحثون عن حقوقهم في حدها الأدنى.. عن المحنة المزدوجة للصحفيين الفريلانسرز في غزة تروي الزميلة نور أبو ركبة قصة أربعة صحفيات وصحفيين مستقلين.

نور أبو ركبة نشرت في: 26 أغسطس, 2025
"لا أريدك صحفية يا ماما".. هل يملك صحفيو غزة ترف الغياب؟

هل يملك الصحفي الفلسطيني في غزة حرية "الغياب"؟ وكيف يوازن بين حياته المهنية والعائلية؟ وإلى أي مدى يمثل واجب التغطية مبررا لـ "التضحية" بالأسرة؟ هذه قصص ترويها الزميلة جنين الوادية عن تفاصيل إنسانية لا تظهر عادة على الشاشة.

Jenin Al-Wadiya
جنين الوادية نشرت في: 24 أغسطس, 2025
اللغة تنحاز: كيف روت الصحافة السويدية حرب غزة؟

أظهرت نتائج تحقيق تحليلي أنجزته أنجزته صحيفة Dagens ETC على عينة من 7918 مادة خبرية منشورة في بعض المؤسسات الإعلامية السويدية انحيازا لغويا واصطلاحيا ممنهجا لصالح الروائية الإسرائيلية حول حرب الإبادة الجماعية المستمرة على غزة.

عبد اللطيف حاج محمد نشرت في: 19 أغسطس, 2025
الصحفي الفلسطيني كعدو "يجب قتله" في الإعلام الإسرائيلي

بعد اغتيال الصحفي أنس الشريف، ظهر الصحفي الفلسطيني في الإعلام الإسرائيلي كهدف عسكري مشروع ضمن إستراتيجية مصممة لإسكات شهود الحقيقة. يرصد هذا المقال جزءا من النقاشات في مؤسسات إعلامية عبرية تحرض وتبرر قتل الصحفيين في غزة.

Anas Abu Arqoub
أنس أبو عرقوب نشرت في: 14 أغسطس, 2025
تقاطعات الصحافة والعلوم الاجتماعية في الميدان

يمثل الميدان ذروة التقاطع بين الصحافة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، ومع تعقد الظواهر، يرتدي الصحفي في الكثير من الأحيان عباءة السوسيولوجي دون أن يتخلى عن جوهر المهنة في المساءلة والبحث عن الحقائق المضادة لكل أشكال السلطة. إن هذا "اللجوء" لأدوات ومعارف العلوم الاجتماعية، يحسن جودة التغطية ويؤطر القصص بسياقاتها الأساسية.

Mohammed Ahddad
محمد أحداد نشرت في: 10 أغسطس, 2025
فيليب ماير وولادة "صحافة الدقّة".. قصّة كتاب غيّر الصحافة الأمريكية

شهدت الصحافة منذ ستينيات القرن الماضي تحولًا نوعيًا في أساليبها وأدواتها، كان من رواده الصحفي والأكاديمي الأمريكي فيليب ماير، فيما عُرف لاحقًا بـ"صحافة الدقة". في هذا المقال، نعود إلى كتاب ماير الموسوم بالعنوان ذاته، والذي قدّم فيه دعوة جريئة لتبني أدوات البحث العلمي في العمل الصحفي، خاصة تلك المشتقة من حقل العلوم الاجتماعية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 3 أغسطس, 2025
رصد وتفنيد التغطيات الصحفية المخالفة للمعايير المهنية في الحرب الحالية على غزة

في هذه الصفحة، سيعمد فريق تحرير مجلة الصحافة على جمع الأخبار التي تنشرها المؤسسات الصحفية حول الحرب الحالية على غزة التي تنطوي على تضليل أو تحيز أو مخالفة للمعايير التحريرية ومواثيق الشرف المهنية.

Al Jazeera Journalism Review
مجلة الصحافة نشرت في: 31 يوليو, 2025
واشنطن بوست أو حين تصبح اللغة غطاء للانحياز إلى إسرائيل

كيف اختلفت التغطية الصحفية لواشنطن بوست لقصف الاحتلال لمستشفيات غزة واستهداف إيران لمستشفى إٍسرائيلي؟ ولماذا تحاول تأطير الضحايا الفلسطينيين ضمن "سياق عملياتي معقد؟ ومتى تصبح اللغة أداة انحياز إلى السردية الإسرائيلية؟

Said Al-Azri
سعيد العزري نشرت في: 30 يوليو, 2025
القصة الإنسانية في غزة.. الحيرة القاتلة "عمن نحكي"!

في سياق تتسارع فيه وتيرة الإبادة الجماعية، هل يتجاوز "إيقاع" الموت بغزة قدرة الصحفيين على معالجة القصص الإنسانية؟ وكيف يطلب منهم التأني في كتابة القصص في ظروف الجوع والنزوح والموت؟ وإلى أي حد يمكن أن يشكل التوثيق اللاحق للحرب قيمة صحفية في حفظ الذاكرة الجماعية وملاحقة الجناة؟

Mirvat Ouf
ميرفت عوف نشرت في: 28 يوليو, 2025
معركة أن يبقى الصحفي حيا في غزة

صحفيون جوعى يغطون أخبار التجويع في غزة، يتناولون الملح للبقاء أحياء، يبيعون وسائل عملهم لتوفير "كيس دقيق" لأبنائهم"، يتحللون من "خجل" أن يطلبوا الغذاء علنا، يقاومون أقسى بيئة إعلامية للحفاظ على "التغطية المستمرة"..

Mona Khodor
منى خضر نشرت في: 24 يوليو, 2025
المجتمع العربي والصحافة الاستقصائية.. جدلية الثقافة والسلطة والمهنة

عندما تلقت صحيفة بوسطن غلوب الأمريكية أول بلاغ عن تعرض طفل لانتهاك جنسي داخل إحدى الكنائس الكاثوليكية تجاهلت الصحيفة القصة في البداية، رغم تكرار البلاغات من ضحايا آخرين.

Musab Shawabkeh
مصعب الشوابكة نشرت في: 20 يوليو, 2025
الإعلام الرياضي في الجزائر.. هل أصبح منصة لنشر خطاب الكراهية؟

كيف انتقل خطاب الكراهية الرياضي في الجزائر من الشارع إلى مؤسسات الإعلام؟ وهل تكفي التشريعات القانونية للحد من تغذية الانقسام داخل المجتمع؟ وإلى أي مدى يمكن أن يلتزم الصحفيون بالموضوعية في ظل ضغوط شديدة من الجمهور؟ الصحفية فتيحة زماموش تحاور صحفيين رياضيين وأساتذة جامعيين، للبحث في جذور هذه الظاهرة.

فتيحة زماموش نشرت في: 15 يوليو, 2025
من "إعلان وفاة" إلى "مرثية".. "النعي" وقد أصبح نمطا صحفيا

أصبح النعي الإعلامي للشخصيات العامة المؤثرة نمطا/ جنسا صحفيا راسخا في الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية يتولاه كبار الصحفيين وأكثرهم خبرة ومعرفة. كيف تطورت هذه الممارسة وما أبرز سماتها المهنية؟ وإلى أي مدى يعتبر "تجهيز" النعي المسبق مقبولا من زاوية المعايير الأخلاقية؟

Mahfoud G. Fadili
المحفوظ فضيلي نشرت في: 13 يوليو, 2025
التحيّز بالحذف.. كيف تُفلتَر جرائم الاحتلال الإسرائيلي في وسائل إعلام غربية؟

لا تكتفي وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها للحرب على غزة بالانحياز في اختيار ما تنشر، بل تمارس شكلاً أعمق من التحيز: التحيز عبر الحذف. الشهادات تُقصى، والمجازر تُهمش، وتُعاد صياغة الرواية لتخدم سردية واحدة. في هذا المقال، يتناول الزميل محمد زيدان عمل "حرّاس البوابة" في غرف التحرير الغربية، ومساهمتهم المباشرة في تغييب الصوت الفلسطيني، وتثبيت الرواية الإسرائيلية.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 7 يوليو, 2025
عبء ترامب.. كيف تغطي وسائل الإعلام تصريحات الزعماء الكاذبة؟

لماذا يطلق ترامب تصريحات غير دقيقة؟ وهل تعتبر المؤسسات الإعلامية شريكة في التضليل إذا لم تتحقق منها؟ وكيف تصدت وسائل الإعلام خاصة الأمريكية لهذا الموضوع؟ وما الطريقة المثلى التي يجب أن تتبعها وسائل الإعلام في تغطيتها لتصريحات ترامب؟

Othman Kabashi
عثمان كباشي نشرت في: 5 يوليو, 2025
من رواند إلى فلسطين.. الإعلام شريكا في الإبادة الجماعية

يتزامن يوم 4 يوليو من كل سنة مع يوم التحرير في رواندا الذي يؤرخ لإنهاء حرب الإبادة الجماعية ضد التوتسي. يشرح المقال أسباب التجاهل الإعلامي للإبادة الجماعية وكيف أخفقت الصحافة في المساهمة في منع الإبادة الجماعية، كما يقدم رؤية نقدية عن إعادة إنتاج نفس الممارسات في تغطيتها لحرب الإبادة الجماعية على فلسطين.

Mohammed Ahddad
محمد أحداد نشرت في: 4 يوليو, 2025
تدريس الصحافة والعلوم الاجتماعية.. خصومة راسخة؟

في شمال الضفة الغربية، عاش طلبة الصحافة تجربة مختلفة مع "بدو الأغوار" لمدة ثلاثة أيام، جربوا فيها الاشتباك بالميدان في سياق ممارسة "الصحافة بالمجاورة" تحت إشراف الدكتور منير فاشة. خارج قاعات الدرس اختبر الطلبة أدوات قادمة من العلوم الاجتماعية رغم أن دراسات موثقة تبرز الخصومة الراسخة بين تدريس الصحافة في تقاطعها مع العلوم الاجتماعية والإنسانية.

سعيد أبو معلا نشرت في: 29 يونيو, 2025
حسن إصليح.. "وكالة الأنباء" وصوت المهمشين الذي قتله الاحتلال

لا يمثل اغتيال الصحفي حسن إصليح من طرف الاحتلال الإسرائيلي حالة معزولة، بل نمطا ممنهجا يستهدف الصحفيين الفلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية. تقدم رشيدة الحلبي في هذا البروفيل ملامح من سيرة إصليح الصحفي والإنسان.

رشيدة الحلبي نشرت في: 25 يونيو, 2025
إجابات كبيرة في أماكن صغيرة أو نقد تاريخ السلطة!

هناك تاريخ السلطة، وهناك تاريخ المجتمع. بين هذين الحدين، بحث عمار الشقيري عن إجابات كبيرة في قرية صغيرة في الأردن هي "شطنا" متقصيا عن الأسباب السوسيولوجية لهجرة سكانها إلى المدن الكبرى. بعد فحص المصادر التاريخية وإجراء المقابلات، سرد قرنا كاملا من تاريخ القرية بمنظور "التاريخ المصغر".

عمار الشقيري نشرت في: 22 يونيو, 2025
كيف يصوغ الإعلام الغربي كارثة المجاعة في قطاع غزة؟

هل يمكن لوسائل الإعلام أن تخضع موضوع المجاعة في فلسطين للتوازن المهني حتى بعد إقرار المنظمات الأممية ومحكمة العدل الدولية بذلك؟ لماذا تفادت الكثير من وسائل الإعلام الغربية توصيفات قانونية وأخلاقية دقيقة، مثل "مجاعة" (famine) أو "تجويع " (starvation) ولجأت إلى تعابير فضفاضة مثل "نفاد الغذاء" أو "أزمة تغذية؟ ألا تنطوي هذه الممارسة على تحيز واضح لصالح الرواية الإسرائيلية وتبرير لسياسة "التجويع الممنهجة"؟

Fidaa Al-Qudra
فداء القدرة نشرت في: 18 يونيو, 2025
أن تحكي قصص الأطفال من غزة!

تبدو تجربة الصحفية الفلسطينية ريما القطاوي مختلفة تماما في الاشتغال على القصص الإنسانية. في معهد الأمل بغزة التقت أطفال يعيشون ظروفا قاسية بعد فقدان عائلاتهم، ولم تخل التجربة من تحديات مهنية وأخلاقية. أين ينتهي التعاطف وأين تبدأ المهنة؟ وكيف يمكن التعامل مع الأطفال، وهل مقبول من الناحية الأخلاقية إجراء المقابلات معهم؟

Rima Al-Qatawi
ريما القطاوي نشرت في: 16 يونيو, 2025