محرمات الصحافة.. هشاشتها التي لا يجرؤ على فضحها أحد

جُبلتُ على فكرة التفاني من أجل الخبر، أن أفعل ما بوسعي وأعمل في عجلة، أن أضحي بكل شيء كي أدرك كل الجوانب المحتملة لقضية ما، أن أتحمل قلق الحرص على أن أكون موضوعية ومنصفة، وألا تفوتني الحقيقة. ندين المسؤولين الذين يسيئون استخدام السلطة، الفاسدين والقتلة المجرمين، أجل، لكن أحدا منا نحن الصحفيين لا يجرؤ على فضح ظروف عملنا الهشة، أو حتى طرحها للنقاش العام.

لا تهيئ كليات الصحافة والإعلام طلابها الذين سيحترفون الصحافة مستقبلا لمواجهة الهشاشة الكبيرة في المؤسسات الصحفية، تلك أمور لا يخاض فيها، كما لو كانت من المحرمات. من المقبول اجتماعيا أن يتقاضى المراسلون رواتب بالكاد تسد جوعهم، أن يعملوا لساعات طويلة أكثر مما تتطلبه أي وظيفة أخرى، وأن يتحملوا ضغوطا هائلة، بل إن هناك خوفا من الحديث بهذا الشأن، حتى إن بعض الصحفيين يطلب صراحة عدم ذكر اسمه خوفا من تشويه سيرته المهنية أو تعريض وظيفته -المهددة بالفعل– للخطر. تُطلَق الأحكام جزافا على كل من يقرر الحديث وتوجيه النقد، هكذا تقول إحداهن وقد طلبت إخفاء اسمها: "يُنظر إلى ذلك على أنه لفتة سيئة، سقطة مهنية ونكران للجميل"، وتضيف: "هذه وظيفة تعتمد على السمعة كثيرا، وأخشى أن يؤثر انتقادي ظروف العمل في هذا القطاع على سمعتي، سيظنون أنني أنتقد المؤسسة نفسها التي أعمل لديها، وهذا سيسبب لي مشكلة كبيرة، لكن من حق الجميع أن يفعل ذلك".

يزداد العمل الصحفي هشاشة كل يوم، ولا أفق يلوح للخلاص. يفضل الصحفيون الصمت على أن يخاطروا بعملهم، وقد يحجبون أسماءهم عن نصوصهم، والمفارقة أن عمل الصحفي هو التواصل ورصد الأخبار والأحداث وتتبع القضايا، لكن، هو كذلك ما دام يتحرى مشكلات الآخرين فحسب!

"هذه وظيفة تعتمد على السمعة كثيرا، وأخشى أن يؤثر انتقادي ظروف العمل في هذا القطاع على سمعتي، سيظنون أنني أنتقد المؤسسة نفسها التي أعمل لديها، وهذا سيسبب لي مشكلة كبيرة، لكن من حق الجميع أن يفعل ذلك".

أن يعتاش الصحفي على الحد الأدنى من الأجور فهذه ليست ظروفا محترمة ولا مناسبة لإنجاز مواد صحفية، خاصة عندما تنطوي الوظيفة على مخاطر، لكن يبدو أن عدم الاستقرار الوظيفي صار سمة مقبولة بالكامل، أوفر الصحفيين حظا هم أولئك الذين حصلوا على عمل بعقد رسمي، لكنه في كثير من الأحيان لا يوفر لهم مزايا الضمان الاجتماعي ولا إجازات ولا حتى هاتفا نقالا، أو أجرة المواصلات، مع أن عملهم يتطلب إجراء تنقلات كثيرة وطويلة أحيانا، وبعضهم لا يقبض راتبا إنما يُحاسَب بالقطعة، وهو ما يعني أنهم يعيشون سباقا مع الزمن لإنجاز المواد الصحفية، يقبلون أي شيء على حساب راحتهم.

الصحفي والكاتب كيفين لاريوس عمل في مؤسسات إعلامية متعددة، وعلى الرغم من مواصلته مهنته واهتمامه بالكتابة، فإنه يرفض العودة إلى العمل بدوام كامل في أي مؤسسة. يقول: "رواتب تعيسة، وساعات عمل للعبيد، عدا عن تواطئها مع السلطة، وكذبها على القراء، وتسوّلها الشركاء والرعاة". طُرد كيفين من وظيفته في إحدى المؤسسات في كولومبيا من دون حجة واضحة ومنصفة، لكن تبيّن فيما بعد أن أعماله كانت مراقبة بعد النشر، وفيها انتقد الانحطاط المستشري في كثير من المجالات الثقافية العامة، يقول: "على الصحافة واجب اجتماعي قبل أي شيء، إنها مدينة للقراء، لا لملاكها أو رعاتها".

إن إفقار هذه المهنة، متمثلا في أجورها الزهيدة، يحفز على اللجوء إلى استقاء المعلومات من على أسطح المكاتب، بدلا من الذهاب إلى مسرح الأحداث، كما ينبغي أن يكون العمل.

تحول كبير طرأ على العمل في عدد من المؤسسات الصحفية والإعلامية الكبرى، كلها كانت تسعى دائما لأن تكون الأكثر قراءة، والآن باتت أعداد المشاهدات أو النقرات تفرض نفسها مقياسا للنجاح. بات يُنظر إلى عدد الإعجابات على خبر ما باعتباره علامة النجاح حتى لو كان بلا أي قيمة، إنه العمل تحت ديكتاتورية الخوارزمية. حين أتحدث عن هشاشة الصحافة فلست أعني الجانب الاقتصادي فحسب، بل إن الإفراط في إنتاج الأخبار واستهلاكها يقلل من جودة النص الصحفي أو أي مادة صحفية أخرى، كتابة نصوص بناء على توجهات بعض السياسيين أو تصريحاتهم ما هي إلا تدوين أو تسجيل للأخبار، لكن، لكي تكتب صحافة بحق فإن ذلك يتطلب عمقا وتحققا من المعلومات، هذا هو الحد الأدنى من المعايير التي -ببساطة- لا يستوفيها كثيرون في عملهم.

أصاب كيفين الإحباط حين سمع أحد مسؤولي تحسين محركات البحث SEO يوجه مجموعة من المحررين لأن يكتبوا نصوصهم كما يحب (غوغل)، يقول: "إن الهوس بزيادة المشاهدات والإعجابات، مع الحرص على موضع الظهور في محركات البحث، أدى إلى إغفال كل ما سوى ذلك، وبالنسبة إلى القارئ -الذي صار يسمى (الجمهور) وهذه تسمية بليغة بالمناسبة- فهو لا يريدك أن تقدم له مادة تتضمن معلومات جديدة، ولا حتى للترفيه أو الاستهلاك، بل يحب أن توقعه فيما يشبه الفخ الذي لا يستطيع الخروج منه". 

 بعض الصحفيين اليوم يسعون إلى الظهور فحسب، وبأي ثمن، يحملهم شغفهم وتعطشهم لأن يُدرَج اسمهم في أي قضية أو حوار أو خلاف عبر وسائل التواصل، وجوههم مُنكَبّة على هواتفهم الجوالة، كما لو أن الحقيقة ذاتها تخاطبهم هناك، مستعبَدين للسبق الصحفي. لم يعد للصحفيين مجال للتعمق في الأفكار والموضوعات.

كتابة مواد صحفية، التنقل بين أماكن متباعدة، ومواجهة المخاطر في تغطية الصراعات، كل هذا يتطلب أجرا. في الماضي وقبل أن تشتعل المنافسة الحالية على أزرار الإعجاب، حين كانت تقع كارثة في مكان ما، كانت المؤسسات الإعلامية تتسابق بشغف لإرسال موفديها إلى موقع الحدث في سبيل الحصول على السبق، اليوم، ما زالوا يبحثون عن الأسبقية، لكن مؤسسات قليلة جدا هي التي تدفع الأجور والتعويضات اليومية لمراسليها، الذين يُطلق عليهم في زمن "الفريلانسرز" تسمية (المتعاونين) وكأنهم يعملون مجانا -يجب أن نكون دقيقين باللغة هنا-، بل في كثير من الأحيان هم من يتحمل تكاليف إنجاز عملهم ونفقاته، مقابل رواتب سخيفة لا تعوضهم عن الجهد ولا الوقت ولا المال الذي بذلوه في سبيل إتمامه. إن إفقار هذه المهنة، متمثلا في أجورها الزهيدة، يحفز على اللجوء إلى استقاء المعلومات من على أسطح المكاتب، بدلا من الذهاب إلى مسرح الأحداث، كما ينبغي أن يكون العمل.

يُبدي لاريوس قلقه من أن بعض الصحفيين اليوم يسعون إلى الظهور فحسب، وبأي ثمن، يحملهم شغفهم وتعطشهم لأن يُدرَج اسمهم في أي قضية أو حوار أو خلاف عبر وسائل التواصل، وجوههم مُنكَبّة على هواتفهم الجوالة، كما لو أن الحقيقة ذاتها تخاطبهم هناك، مستعبَدين للسبق الصحفي. لم يعد للصحفيين مجال للتعمق في الأفكار والموضوعات.

يشبّه لاريوس هؤلاء الصحفيين ببعض الأطباء الذين -من خلف الشاشات- تشغلهم وثائق باسم المريض ومعلوماته الشخصية والمخبرية بدلا من إجراء فحص للمريض والاستماع إليه، "الأطباء يلقون باللوم على نظام العمل، والصحفيون كذلك، يعملون في أجواء تتطلب منهم السرعة وتستثني التفاني والحذر، اللذين ليسا ضروريين فحسب، بل هما من أهم معايير الجانب الأخلاقي في الوظيفة"، ويخلص إلى أن "أي نشاط فكري أو إبداعي -خاصة إذا كان يتطلب القراءة والكتابة؛ كما هو العمل الصحفي كله سواء كان بودكاست أو سمعيا بصريا أو غير ذلك- لا يمكن إنجازه من دون استماع".

 

تسرب إلى طلبة البروفيسور والصحفي أوسكار بارّا الإحباط منذ بداية تدريبهم في العمل الصحفي، اصطدموا بكثير من المؤسسات الصحفية التي فضلت حرق عباءة الهيبة في نار الشهرة والمشاهدات، والتي تسعى بحثا عن الترندات على وسائل التواصل إلى نسخ مقالات من وسائط أخرى ثم تغيير العناوين إلى أخرى جذابة على شكل سؤال جديد أو استخدام كلمات مثيرة للجدل. بعض هؤلاء الطلاب أمضى خمس سنوات من العمل مرغما على ممارسات غير أخلاقية في الصحافة، وفي آخر الأمر أصابه الندم؛ ليس لأن الرواتب سيئة فحسب، بل لأن الأمر ينتهي به محاصرا في قاعة التحرير، أو خلف مكتب في المنزل، ينسخ نصوصا ويلصقها بعد تغيير عناوينها أو يجري تقديما وتأخيرا لبعض الجمل والكلمات، كل ذلك في سبيل ملء الصفحة الرسمية للمؤسسة، ولو كان ذلك كله بلا معنى.

يوضح بارّا: "يجري اصطياد هذه المشاهدات أساسا بطريقتين؛ أولاهما نشر أخبار تعزز التحيز والأحكام المسبقة عبر معلومات مضللة أو مبالغ فيها أو معيبة في بعض الأحيان، والأخرى وضع أكوام من الروابط التي تحيلك إلى الموقع لتقرأ بقية الخبر، يُطلب من المتدربين إنجاز ما بين ثماني وعشر مواد إخبارية في اليوم، هم لا يكتبون بل "ينتجون" نصوصا بالجملة، بالصيغة الخبرية ذاتها وأحيانا يدرجون معلومات لا يمكن التحقق من صحتها، ومن دون الإشارة إلى أي مصدر".

في واحدة من المؤسسات الثلاث التي يُلقي فيها بارّا محاضراته منذ 13 عاما، انخفض عدد الطلبة المسجلين في تخصص الصحافة من ثمانين عام 2018 إلى ثمانية فقط في الفصل الماضي. يتساءل بارّا ما إذا كان التخصص مع الوقت سيجري تقسيمه بين من ينوون احتراف الصحافة الاستقصائية أو من يريدون أن يصبحوا "صانعي محتوى"، اتجاهان مختلفان تماما. بعد الوباء وسنوات عديدة من تفشي الهشاشة في العمل الصحفي، تولّد شعور بالإحباط لدى المقبلين على هذه المهنة، أمر يربطه بارّا بانطلاق منصات رقمية مثل تيك توك، جعلت كثيرا من طلاب الصحافة يطمحون لأن يصيروا مؤثرين و"يوتيوبرز" و"تيكتوكرز". أحد الأسباب الأخرى التي يرى بارّا أنها أسهمت في خفض أعداد طلبة الصحافة هو انحدار سمعة المؤسسات الصحفية التقليدية في كولومبيا، التي ترتبط بالمصرفيين الكبار وتعمل حسب هوى هذه القوى، بالتأكيد ما زالت ثمة مؤسسات جادة تكافح من أجل الحفاظ على استقلاليتها، تواجه السلطة ولا تخضع للضغوط، لكن الفكرة هنا أنه في كثير من الأحيان، إلى جانب معاناتهم من الرواتب المنخفضة، يُجبَر الصحفيون على تغطية الأحداث بطرق وصيغ تضيع المعنى الحقيقي لتوافق رؤية أصحاب المؤسسة، يقول بارّا: "إن إضفاء الرومانسية على الصحافة بأشكالها المختلفة يبرر في كثير من الأحيان (العنف الوظيفي)".

 

إحدى الصحفيات -فضلت عدم ذكر اسمها- ترى أن فكرة مثالية الصحافة تُقدَّم للصحفيين وهم على مقاعد الدراسة، "لقد كانوا يبيعوننا وهم "رومانسية الصحافة"، الصحفي الشجاع الذي يقتحم مسرح الأحداث لا ينام بحثا عن تفاصيل الخبر، بدلا من أن يشرحوا لنا الحقيقة العملية، كانوا يحدثوننا عن ترومان كابوتي وغاي تاليس وغابرييل غارسيا ماركيز. يحدثونك عن هذه المثالية فتقول: "أريد أن أصبح مثل هؤلاء"، لكن في المقابل، لم تكن هناك محاضرة واحدة عن أجر الصحفي مثلا، أو عن كيفية تحقيق الاستقلالية في عملك، أو عن حقوق الصحفي حتى، لقد علموني أن أتعامل بأخلاقية مع مصادري الصحفية، لكنهم في الوقت نفسه لم يذكروا أن عليهم معاملتي بأخلاقية، وهذا لن تتعلمه إلا بالصدمات المتتالية التي ستتلقاها في العمل".

ما علينا فعله نحن الصحفيين هو أن نقاوم بكل الوسائل المتاحة هذا النوع من الصحافة الذي يسعى إلى زيادة عدد المشاهدات فحسب؛ الصحافة التي لا تراعي جودة النصوص والمواد، والتي في كثير من الأحيان تؤدي إلى انتشار الأخبار الزائفة. يجب علينا أن نطالب المؤسسات بظروف عمل لائقة، الجمهور أو القراء متعطشون دائما إلى سماع أخبار حقيقية، ينشدون مستوى عاليا من الكفاءة الصحفية، يهاجموننا على وسائل التواصل، لكن هنا من الضروري أن يعرف الجميع أن هذه الوظيفة بالكاد تسد رمق العيش، "بما أنه ليست لديك وظيفة محترمة فقد تكون لديك ثلاث أو أربع أخرى في مؤسسات مختلفة، كلها وظائف جزئية ضعيفة المردود لكنك بحاجة إليها مجتمعة لتدبر معيشتك، هذا يعني أنك ستضحي بجودة نصوصك كي تحافظ على عملك في كل هذه المؤسسات، لكن هشاشة العمل الصحفي تؤثر في جودته، والصحفي المنهك سيكتب نصوصا منهكة، ومن ثم صحافة منهكة.. ما لم تكن تلك الوظيفة مصدر رزقه الأساسي".

صحفي آخر -طلب إخفاء اسمه- يصف وضع الصحافة: "لا أحد من الزملاء الذين أعرفهم يعمل بظروف جيدة وعادلة، بقياس الجهد الذي يبذله والوقت الذي يستغرقه إنجاز عمله إلى الأجر الذي يتقاضاه، قليلون جدا من يعملون في ظروف عمل جيدة، وهذه مأساة؛ لأن هؤلاء الصحفيين هم الأشخاص المسؤولون عن الإبلاغ باستمرار عن أوضاع العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، بينما هم يعيشون ظروفا صعبة وغير مستقرة في عملهم".

بعض هؤلاء الطلاب أمضى خمس سنوات من العمل مرغما على ممارسات غير أخلاقية في الصحافة، وفي آخر الأمر أصابه الندم؛ ليس لأن الرواتب سيئة فحسب، بل لأن الأمر ينتهي به محاصرا في قاعة التحرير، أو خلف مكتب في المنزل، ينسخ نصوصا ويلصقها بعد تغيير عناوينها أو يجري تقديما وتأخيرا لبعض الجمل والكلمات.

إحدى الممارسات السيئة للغاية التي انتشرت على نطاق واسع هي التعاون مع بعض المؤسسات مقابل ميزة الظهور والتعريف بالصحفي فحسب، دون الحصول على أي أجر. ميريليس موراليس صحفية فنزويلية بلغت خبرتها في الصحافة أكثر من عشرين عاما، تعارض هذه الممارسات وتنتهج رؤية أكثر تفاؤلا؛ إذ تعتقد أن على الصحفيين تغيير طريقة تفكيرهم وتنويع مصادر دخلهم، "لست أعمل من أجل تأمين مصاريف هذا الشهر، بل لتأمين مصاريف الأشهر الثلاثة المقبلة، عليك أن تضع معاييرك الخاصة وأن تلتزمها إذا أردت تحقيق استقلاليتك، في المقابل لو سألت الصحفيين الذين يعملون بدوام جزئي فستجدهم لا يفكرون حتى في الحصول على تأمين صحي، ألهذا المستوى من الضعف وصلنا؟ ولأن المنافسة شديدة على الوظائف اليوم صرنا نخفض من أجورنا ونقبل بمبالغ تافهة؟!"

ميريليس هاجرت من فنزويلا، عملت في كولومبيا والبيرو، واليوم تعيش في الولايات المتحدة حيث تنشر نصوصها لصالح مؤسسة صحفية عالمية، كما أنشأت مشروعها الخاص، لا تنفك تخاطب الصحفيين وتدعوهم لأن يعملوا على صنع علامتهم الخاصة، باستغلال المساحات التي توفرها وسائل التواصل، "في الجامعة علمونا الالتزام، باعتباره جزءا من المصلحة العامة، لكن الحقيقة أن هذا لا يطعم خبزا، نعيش بعقلية العبيد والتفاني الشديد، لكن هل ستقبل العمل لمدة ستة أشهر على إعداد تقرير مفصّل ثم يدفعون لك 300 دولار آخر الأمر؟ كلا، في الواقع عليك أن تحدد أجرك بالساعة، علينا أن نفكر كما يفكر رجال الأعمال!

الصحافة مهنة في غاية الصعوبة، يتدرج فيها الصحفي بين مستويات عديدة؛ من تعلم إعداد التقارير، ومعرفة كيف تروي قصة صحفية، إلى غيرها من المعارف، بما في ذلك كيف تكسب أجرك من الصحافة، ناهيك عن أن كثيرا من الصحفيين يعيشون على وقع تهديدات عصابات وسياسيين فاسدين، وأن آخرين يمارسون رقابة ذاتية على نصوصهم باعتبارها آلية للوقاية. إذا كان الصحفي هشا فالصحافة كذلك؛ لأن الهشاشة هذه تؤثر في الحقيقة نفسها، التي صارت ورقة للمساومة. إن الصحافة بالأساس فعل مقاومة!

 

المزيد من المقالات

كيف تغطي الألعاب الأولمبية؟

تمنح تغطية الألعاب الأولمبية للإعلامي الشغوف فرصة لا تُضاهى كي يستعمل كل الأجناس/ الأنماط الصحفية التي درسها، ولا سيما الأجناس الكبرى منها، من ربورتاج، وحوار، و

يونس الخراشي نشرت في: 26 يوليو, 2024
نظرة على تقرير رويترز للأخبار الرقمية 2024

يتحدث التقرير عن استمرار الأزمة التي تعانيها الصحافة الرقمية عالميا، وهي تحاول التكيّف مع التغييرات المتواصلة التي تفرضها المنصات، وهي تغييرات تتقصد عموما تهميش الأخبار والمحتوى السياسي لصالح المحتوى الترفيهي، ومنح الأولوية في بنيتها الخوارزمية للمحتوى المرئي (الفيديو تحديدا) على حساب المحتوى المكتوب.

Mohammad Zeidan
محمد زيدان نشرت في: 21 يوليو, 2024
الأمهات الصحفيات في غزة.. أن تعيش المحنة مرتين

أن تكون صحفيا، وصحفية على وجه التحديد تغطي حرب الإبادة الجماعية في فلسطين ومجردة من كل أشكال الحماية، يجعل ممارسة الصحافة أقرب إلى الاستحالة، وحين تكون الصحفية أُمًّا مسكونة بالخوف من فقدان الأبناء، يصير العمل من الميدان تضحية كبرى.

أماني شنينو نشرت في: 14 يوليو, 2024
حرية الصحافة في مواجهة مع الذكاء الاصطناعي

بعيدا عن المبالغات التي ترافق موضوع استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، فإن سرعة تطوره تطرح مخاوف تتعلق بمدى تأثيره على حرية التعبير. تنبع هذه الهواجس من أن الذكاء الاصطناعي يطور في القطاع الخاص المحكوم بأهداف اقتصادية رأسمالية بالدرجة الأولى.

عبد اللطيف حاج محمد نشرت في: 7 يوليو, 2024
"الحرب الهجينة".. المعلومات سلاحا في يد الاحتلال

شكلت عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة مسرحا لإستراتيجيات متقدمة من التلاعب الجماعي بالمعلومات، وقدمت أمثلة وشواهد حية وافرة على حرب المعلومات التي باتت لازمة للحروب والصراعات والنزاعات في العصر الرقمي للاتصال، ضمن ما بات يعرف في أوساط الباحثين بـ "الحروب الهجينة".

بكر عبد الحق نشرت في: 3 يوليو, 2024
عندما نَحَرت إسرائيل حرية الصحافة على أعتاب غزة

بينما كانت تحتفل الأمم المتحدة يوم 3 مايو من كل سنة باليوم العالمي لحرية الصحافة، كان الاحتلال الإسرائيلي يقتل الصحفيين في فلسطين دون وجود آلية للمحاسبة ومنع الإفلات من العقاب. وأمام صمت الكثير من المنظمات الدولية وتعاملها بازدواجية معايير، انهارت قيمة حرية الصحافة في تغطية حرب الإبادة الجماعية.

وفاء أبو شقرا نشرت في: 30 يونيو, 2024
قصص صحفيين فلسطينيين من جحيم غزة

خائفون على مصير عائلاتهم، يواجهون خطر الاغتيال، ينامون بالخيام، يتنقلون على ظهور الدواب، يواجهون أسوأ بيئة لممارسة الصحافة في العالم.. إنها قصص صحفيين فلسطينيين في صراع مستمر بين الحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم والحفاظ على قيمة الحقيقة في زمن الإبادة.

محمد أبو قمر  نشرت في: 23 يونيو, 2024
حارس البوابة الجديد.. كيف قيدت الخوارزميات نشر أخبار الحرب على غزة؟

ازدادت وتيرة القيود التي تضعها وسائل التواصل الاجتماعي على المحتوى الفلسطيني منذ هجوم السابع من أكتوبر. الكثير من وسائل الإعلام باتت تشتكي من حذف محتواها أو تقييد الوصول إليه مما يؤثر بشكل مباشر على طبيعة التغطية.

عماد المدولي نشرت في: 18 يونيو, 2024
هروب الصحفيين من اليمن.. "الهجرة" كحل أخير

فروا من جحيم الحرب في اليمن بحثا عن موطن آمن للعيش، سلكوا طريقا مليئا بالمخاطر هروبا من القبضة الأمنية التي لم تترك للصحفيين فرصة لممارسة عملهم. وعلى مدار سنوات تعرضوا للقتل والخطف والتهديد، ما جعل بعضهم مضطرا إلى مغادرة الوطن، في هذا التقرير نرصد عددا من تجارب الصحفيين اليمنيين.

منار البحيري نشرت في: 14 يونيو, 2024
الاستشراق والإمبريالية وجذور التحيّز في التغطية الغربية لفلسطين

تقترن تحيزات وسائل الإعلام الغربية الكبرى ودفاعها عن السردية الإسرائيلية بالاستشراق والعنصرية والإمبريالية، بما يضمن مصالح النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في الغرب، بيد أنّها تواجه تحديًا من الحركات العالمية الساعية لإبراز حقائق الصراع، والإعراب عن التضامن مع الفلسطينيين.

جوزيف ضاهر نشرت في: 9 يونيو, 2024
بعد عام من الحرب.. عن محنة الصحفيات السودانيات

دخلت الحرب الداخلية في السودان عامها الثاني، بينما يواجه الصحفيون، والصحفيات خاصّةً، تحديات غير مسبوقة، تتمثل في التضييق والتهديد المستمر، وفرض طوق على تغطية الانتهاكات ضد النساء.

أميرة صالح نشرت في: 6 يونيو, 2024
"صحافة الهجرة" في فرنسا: المهاجر بوصفه "مُشكِلًا"

كشفت المناقشات بشأن مشروع قانون الهجرة الجديد في فرنسا، عن الاستقطاب القوي حول قضايا الهجرة في البلاد، وهو جدل يمتد إلى بلدان أوروبية أخرى، ولا سيما أن القارة على أبواب الحملة الانتخابية الأوروبية بعد إقرار ميثاق الهجرة. يأتي ذلك في سياق تهيمن عليه الخطابات والمواقف المعادية للهجرة، في ظل صعود سياسي وشعبي أيديولوجي لليمين المتشدد في كل مكان تقريبا.

أحمد نظيف نشرت في: 5 يونيو, 2024
الصحفي الغزي وصراع "القلب والعقل"

يعيش في جوف الصحفي الفلسطيني الذي يعيش في غزة شخصان: الأول إنسان يريد أن يحافظ على حياته وحياة أسرته، والثاني صحفي يريد أن يحافظ على حياة السكان متمسكا بالحقيقة والميدان. بين هذين الحدين، أو ما تصفه الصحفية مرام حميد، بصراع القلب والعقل، يواصل الصحفي الفلسطيني تصدير رواية أراد لها الاحتلال أن تبقى بعيدة "عن الكاميرا".

Maram
مرام حميد نشرت في: 2 يونيو, 2024
فلسطين وأثر الجزيرة

قرر الاحتلال الإسرائيلي إغلاق مكتب الجزيرة في القدس لإسكات "الرواية الأخرى"، لكن اسم القناة أصبح مرادفا للبحث عن الحقيقة في زمن الانحياز الكامل لإسرائيل. تشرح الباحثة حياة الحريري في هذا المقال، "أثر" الجزيرة والتوازن الذي أحدثته أثناء الحرب المستمرة على فلسطين.

حياة الحريري نشرت في: 29 مايو, 2024
في تغطية الحرب على غزة.. صحفية وأُمًّا ونازحة

كيف يمكن أن تكوني أما وصحفية ونازحة وزوجة لصحفي في نفس الوقت؟ ما الذي يهم أكثر: توفير الغذاء للولد الجائع أم توفير تغطية مهنية عن حرب الإبادة الجماعية؟ الصحفية مرح الوادية تروي قصتها مع الطفل، النزوح، الهواجس النفسية، والصراع المستمر لإيجاد مكان آمن في قطاع غير آمن.

مرح الوادية نشرت في: 20 مايو, 2024
كيف أصبحت "خبرا" في سجون الاحتلال؟

عادة ما يحذر الصحفيون الذين يغطون الحروب والصراعات من أن يصبحوا هم "الخبر"، لكن في فلسطين انهارت كل إجراءات السلامة، ليجد الصحفي ضياء كحلوت نفسه معتقلا في سجون الاحتلال يواجه التعذيب بتهمة واضحة: ممارسة الصحافة.

ضياء الكحلوت نشرت في: 15 مايو, 2024
"ما زلنا على قيد التغطية"

أصبحت فكرة استهداف الصحفيين من طرف الاحتلال متجاوزة، لينتقل إلى مرحلة قتل عائلاتهم وتخويفها. هشام زقوت، مراسل الجزيرة بغزة، يحكي عن تجربته في تغطية حرب الإبادة الجماعية والبحث عن التوازن الصعب بين حق العائلة وواجب المهنة.

هشام زقوت نشرت في: 12 مايو, 2024
كيف نفهم تصدّر موريتانيا ترتيب حريّات الصحافة عربياً وأفريقياً؟

تأرجحت موريتانيا على هذا المؤشر كثيرا، وخصوصا خلال العقدين الأخيرين، من التقدم للاقتراب من منافسة الدول ذات التصنيف الجيد، إلى ارتكاس إلى درك الدول الأدنى تصنيفاً على مؤشر الحريات، فكيف نفهم هذا الصعود اليوم؟

 أحمد محمد المصطفى ولد الندى
أحمد محمد المصطفى نشرت في: 8 مايو, 2024
"انتحال صفة صحفي".. فصل جديد من التضييق على الصحفيين بالأردن

المئات من الصحفيين المستقلين بالأردن على "أبواب السجن" بعد توصية صادرة عن نقابة الصحفيين بإحالة غير المنتسبين إليها للمدعي العام. ورغم تطمينات النقابة، فإن الصحفيين يرون في الإجراء فصلا جديدا من التضييق على حرية الصحافة وخرق الدستور وإسكاتا للأصوات المستقلة العاملة من خارج النقابة.

بديعة الصوان نشرت في: 28 أبريل, 2024
إسرائيل و"قانون الجزيرة".. "لا لكاتم الصوت"

قتلوا صحفييها وعائلاتهم، دمروا المقرات، خاضوا حملة منظمة لتشويه سمعة طاقمها.. قناة الجزيرة، التي ظلت تغطي حرب الإبادة الجماعية في زمن انحياز الإعلام الغربي، تواجه تشريعا جديدا للاحتلال الإسرائيلي يوصف بـ "قانون الجزيرة". ما دلالات هذا القانون؟ ولماذا تحاول "أكبر ديمقراطية بالشرق الأوسط" إسكات صوت الجزيرة؟

عمرو حبيب نشرت في: 22 أبريل, 2024
هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل المعلق الصوتي في الإعلام؟

يضفي التعليق الصوتي مسحة خاصة على إنتاجات وسائل الإعلام، لكن تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي يطرح أسئلة كبرى من قبيل: هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل المعلقين الصوتيين؟ وما واقع استخدامنا لهذه التطبيقات في العالم العربي؟

فاطمة جوني نشرت في: 18 أبريل, 2024
تعذيب الصحفيين في اليمن.. "ولكن السجن أصبح بداخلي"

تعاني اليمن على مدى عشر سنوات واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إن لم تكن الأسوأ على الإطلاق. يعمل فيها الصحفي اليمني في بيئة معادية لمهنته، ليجد نفسه عُرضة لصنوف من المخاطر الجسيمة التي تتضمن القتل والخطف والاعتقال والتهديد وتقييد حرية النشر والحرمان من حق الوصول إلى المعلومات.

سارة الخباط نشرت في: 5 أبريل, 2024
صدى الأصوات في زمن الأزمات: قوة التدوين الصوتي في توثيق الحروب والنزاعات

في عالم تنتشر فيه المعلومات المضلِّلة والأخبار الزائفة والانحيازات السياسية، يصبح التدوين الصوتي سلاحا قويا في معركة الحقيقة، ما يعزز من قدرة المجتمعات على فهم الواقع من منظور شخصي ومباشر. إنه ليس مجرد وسيلة للتوثيق، بل هو أيضا طريقة لإعادة صياغة السرديات وتمكين الأفراد من إيصال أصواتهم، في أوقات يكون فيها الصمت أو التجاهل مؤلما بشكل خاص.

عبيدة فرج الله نشرت في: 31 مارس, 2024
عن دور المنصات الموجهة للاجئي المخيمات بلبنان في الدفاع عن السردية الفلسطينية

كيف تجاوزت منصات موجهة لمخيمات اللجوء الفلسطينية حالة الانقسام أو التجاهل في الإعلام اللبناني حول الحرب على غزة؟ وهل تشكل هذه المنصات بديلا للإعلام التقليدي في إبقاء القضية الفلسطينية حية لدى اللاجئين؟

أحمد الصباهي نشرت في: 26 مارس, 2024