"نذكِّر الصحفي دائما بأنه يجب أن يصغي جيدا للناس ويرصد معاناتهم، ولكن ننسى كثيرا أن نصغي للصحفي ونعرف معاناته هو الآخر".. في هذه الجملة التي جاءت في مقدمة الإصدار الجديد لمعهد الجزيرة للإعلام بعنوان"صحافة الصبيان"، يختزل المعهد هدفه من نشر كتاب سمارة القوتلي، مراسلة الجزيرة في الغوطة الشرقية بسوريا والذي رصدت فيه يومياتها كمواطنة صحفية في الحرب.
يأتي الكتاب متزامنا مع ذكرى الثورة السورية موثّقاً شهاداتٍ وقصصاً حية لمواطنين وصحفيين عاشوا ظروف الحرب وتعرضوا للقصف المتكرر خلال أدائهم لمهماتهم الإنسانية أو الصحفية، ويتناول على الأخص تجربة مجموعة من الشبان الهواة الذين تقدموا للعمل كصحفيين بعدما حوصرت الغوطة عام 2013 وأُفرغت من الصحفيين المحترفين، فأصبحوا القناة الوحيدة لوسائل الإعلام العالمية لنقل ما يجري في الغوطة وشتى أرجاء سوريا. ويروي الكتاب بأسلوب قصصي كيف صقل هؤلاء الشبان تجربتهم الصحفية من خلال الممارسة الفعلية للعمل الإعلامي في ظروف صعبة للغاية.
لا تركّز سمارة في كتابها على التحوّلات التي طرأت على شخصها ومكّنتها شيئا فشيئا من ممارسة العمل الصحفي، بل تضعنا في كثير من فقرات الكتاب أمام سؤال: "ماذا كنّا لنفعل لو كنّا مكانها؟"، حين تسمح لنا بالاقتراب من تجربتها الشخصية والاستماع لبوحها الذاتي أوقات الجوع والحصار والقصف، دون أن تَغفل عن نقل الأخبار.
ويعد الكتاب إضافة مهمة للمحتوى الإعلامي العربي في مجال رصد "صحافة المواطن" التي ازدهرت بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنها لم تنل حظاً وافراً من الدراسة والبحث.
والكتاب الصادر في 210 صفحة من القطع المتوسط، التجربة الكتابية الأولى لسمارة القوتلي، والتي حرص معهد الجزيرة للإعلام على إعداد وتقديم تجربتها لتستفيد منها أكبر شريحة من الصحفيين والمهتمين من الجمهور العام، تحقيقاً لرسالته في دعم مبادرات التطوير الإعلامي والعمل على تجويد مهنة الصحافة عبر تحويل الخبرات الإعلامية في شبكة الجزيرة إلى معرفة متاحة للجميع.