أعمل كصحفية مستقلة بنظام القطعة لعدة مؤسسات إعلامية عربية، بدأت طريقي في الصحافة في عام 2018. عملت في المكتوب والمسموع والمرئي وفي رصيدي ما يتجاوز تسعة تحقيقات استقصائية محلية وعابرة للحدود، ولكنني بنظر القانون منتحلة صفة صحفي، وقد توجه لي التهمة في أية لحظة، لألتحق بعشرات الصحفيين المستقلين الذين مثلوا أمام المحاكم، لعدم استيفائهم شروط الانضمام لنقابات الصحفيين.
الاعتراف النقابي
لا تعترف غالبية قوانين العالم العربي بالصحفيين غير المنضمين للنقابة، وجعلت التعريف بالصحفي منحصرا بانضمامه للنقابة بعيدًا عن وصف العمل الصحفي الذي يمارسه أو الضوابط أو حتى آلية عمله. فيعرف قانون نقابة الصحفيين الأردنيين رقم (15) لسنة 1998 في مادته الثانية الصحفي على أنه "عضو النقابة المسجل في سجل الصحفيين" مما يشكل انتهاكا لحق دستوري ورد في المادة 15 من الدستور يضمن للأردنيين حق الرأي والتعبير، إذ تعد الصحافة شكلا من أشكال التعبير عن الرأي. وفي مصر عرّفت المادة 4 من قانون نقابة الصحفيين رقـم 185 لسنة 1955 في مصر الصحفي على أنه "من يعمل صفة أساسية ومنتظمة في مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في مصر أو باشر بهذه الصفة المهنة في وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل في مصر، وكان يتقاضى عن ذلك أجرا يستمد منه الجزء الأكبر اللازم لمعيشته. وأوضح في المادة السابعة أنه لا يجوز لأي فرد أن يحترف مهنة الصحافة ما لم يكن اسمه مقيدا بجدول النقابة.
لا تعترف غالبية قوانين العالم العربي بالصحفيين غير المنضمين للنقابة، وجعلت التعريف بالصحفي منحصرا بانضمامه للنقابة بعيدًا عن وصف العمل الصحفي الذي يمارسه أو الضوابط أو حتى آلية عمله.
في حديث مع "مجلة الصحافة"، يقول مراسل منظمة "مراسلون بلا حدود" في الأردن محمد شما إن "الصحفي الفريلانسر عرضة للانتهاك المباشر لحقوقه المختلفة دون أي حماية، وعدم انضمامه لنقابة الصحفيين تضاعف تحدياته وفي مقدمتها صعوبة الوصول للمعلومة، نتيجة عدم حمله بطاقة تفيد بأنه صحفي، أو امتناع المصادر أو المسؤولين عن مقابلته، بالإضافة إلى غياب الحماية الاجتماعية والأمن الذاتي وتدني مستوى الدفاع عنه، وكونه لا ينتمي لأي نقابة أو أي جهة تنظيمية يفقد فرصة الدفاع عن نفسه، كما لا يشعر أنه جزء من منظومة جسد إعلامي مستقل".
الصحفي في مواجهة القانون
حدد المشرع الأردني شروطًا ينبغي توفرها لاكتساب الصحفي العضوية في نقابة الصحفيين، فتمثلت هذه الشروط بما جاء بأحكام المادة الخامسة من قانون نقابة الصحفيين بتمتع المنتسب لها بالجنسية الأردنية، وألا يكون محكومًا بجناية أو جنحة مخله بالشرف، مع تمتعه بالأهلية القانونية، التي تمكنه من ممارسة مهنته، واشترطت ذات المادة حصول الصحفي على شهادات علمية باختصاص الإعلام أو الصحافة، وفرضت شرط التدريب على ممارسة المهنة لمدة محددة تبعا لكل درجة علمية، باستثناء الحاصلين على شهادة الدكتوراه في الصحافة والإعلام.
الصحفي الفريلانسر عرضة للانتهاك المباشر لحقوقه المختلفة دون أي حماية، وعدم انضمامه لنقابة الصحفيين تضاعف تحدياته وفي مقدمتها صعوبة الوصول إلى المعلومة، نتيجة عدم حمله بطاقة تفيد بأنه صحفي.
وبطبيعة الحال لا تقبل النقابة عضوية الصحفيين الفريلانسرز العاملين بنظام القطعة، إذ اشترطت على الصحفي أن يكون متفرغا لممارسة العمل الصحفي ممارسة فعلية وأن يكون عاملًا في مؤسسة ومشتركًا بشكل متواصل في الضمان الاجتماعي من خلال مؤسسته، وبالتالي لا تقبل الاشتراك الفردي. ويترتب على ذلك المنع الصريح للمؤسسات الصحفية من تشغيل أو استخدام الصحفي إلا إذا كان مسجلًا لديها وفق ما نصت عليه المادة 16/ أ من قانون نقابة الصحفيين.
وتمنح النقابة صحفييها القانونيين تسهيلات للقيام بعملهم وعدم جواز توقيفهم أو تعقبهم، فقد نصت المادة 44 من قانون النقابة على "منح الصحفي لدى جميع الجهات التي يمارس مهنته لديها أو بواسطتها أو يتعامل معها أثناء قيامه بأعمال المهنة التسهيلات المناسبة، ولا يجوز توقيفه أو تعقبه من أجل عمل قام به تأدية لواجبات مهنته، إلا إذا قام بذلك العمل بصورة تنطوي على جريمة جزائية"، كما نصت المادة 45 من نفس القانون أنه على النيابة العامة تبليغ النقابة عند إجراء التحقيق مع أي صحفي، وسمحت لنقيب الصحفيين أو من ينوب عنه حضور مراحل التحقيق وضرورة إبلاغ النقابة بنتيجة الحكم.
تعد هذه المواد ضمانات وحماية للصحفي وصونا لحقوق أقرتها المواثيق الدولية، ولكن وعلى الجانب الأخر حرمان لكل صحفي غير منتسب للنقابة وتجعله عرضة للملاحقة القانونية والتوقيف في أي وقت نتيجة إلزامية العضوية للنقابة للاعتراف بالصحفي.
صلاحيات تتجاوز حدود العضوية
تتمتع نقابات الصحفيين في العالم العربي بصلاحيات واسعة تتجاوز شؤون أعضائها، وتمتد إلى منع الصحفيين غير المنظمين من ممارسة الصحافة أو محاولاتهم تشكيل نقابة أو جمعية بديلة، إذ تتصدر المشهد كونها الجسم الصحفي القانوني التنظيمي الوحيد، وتحارب بشتى الطرق أي محاولة لتأسيس كيانات أخرى.
في مصر ظهرت نقابات مستقلة لتقديم السند والدعم القانوني للصحفيين المستقلين وسرعان ما أعلنت نقابة الصحفيين المصرية العداء تجاهها، وطالبت الهيئات والوزارات بعدم الاستجابة لها.
وفي الأردن لجأ صحفيون لإنشاء "جمعية الصحافة الإلكترونية" من خلال طلب لوزارة التنمية الاجتماعية، وبعد الموافقة على إنشائها رفعت نقابة الصحفيين دعوى قضائية تطعن في قرار الموافقة معتبرة أن ممارسة العمل الصحفي القانوني حق حصري لها، لكن ردت محكمة العدل العليا الدعوى التي تحمل رقم 350 لسنة 2011 لانتفاء شرط المصلحة، وفق "قسطاس" محرك البحث القانوني.
المحامي المختص في قضايا الصحافة والنشر خالد خليفات، يرى في حديثه لـ "مجلة الصحافة"، أن نقابة الصحفيين هي الجسد القانوني الوحيد الذي يمثل الصحفيين بموجب القوانين السارية، ولكن شروط الانتساب تشكل مخالفة صريحة لنص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن حرية الانتساب للأفراد، وكون المعاهدة تسمو على القوانين بالتالي هذا القانون يخالف المعاهدة.
ويضيف خليفات أن "غالبية دول العالم العربي تعاني من نفس المعضلة، وهي إجحاف بحق العاملين في قطاع الإعلام لأن الأصل ألا يكون الإعلام مقيدا، وتتجلى تلك القيود عندما تجتمع التشريعات معا مثل قانون نقابة الصحفيين مع قانون المطبوعات والنشر، وقانون ضمان حق الحصول على المعلومة التي تضيق على الصحفيين وتضيق على حرية الرأي والتعبير، لأن قانون المطبوعات والنشر ينص على عدم توقيف الصحفيين نتيجة ممارسة عملهم ولكن هذا النص ينطبق فقط على المنظمين لنقابة الصحفيين".
قانون قاصر وحلول على الرف
يعترف، عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة، في تصريح لـ "مجلة الصحافة" بأن قانون نقابة الصحفيين "يبقى قاصرا ولا يلبي تغطية فئات جديدة من الصحفيين، ولا يغطي فئات كانت موجودة في سنة إقرار القانون مثل العاملين في المؤسسات الأجنبية سواء كانوا في الأردن أو خارجه". ويعزو ذلك إلى الخشية من دخول كفاءات جديدة ستغير خارطة الهيئة العامة للنقابة.
ويرى القضاة أن الأردن في المرحلة الحالية بحاجة لنقابة قوية، ومن الضروري أن تكون ممارسة العمل الصحفي مرتبطة بالانتساب. أما عن الأسباب التي تجعل النقابة لا تعترف بالصحفي الفريلانسر، فيرجع ذلك إلى أن "مصطلح الفريلانسر مشوه في الأردن، وأصبح يطلق على أي كان، وهناك من الصحفيين من أساء للصحافة المستقلة الرائدة في العالم بعدم فهم مغزى هذا النوع من الصحافة وخاصة في الصحافة المحلية، وهي بنفس الوقت فرصة لهروب المؤسسات من التزاماتها تجاه الصحفيين المستقلين".
وحول محاولة إدماج الصحفيين الفريلانسرز في النقابة، يؤكد القضاة أن تعديل القانون بات أمراً ملحًا ليكون أكثر عدالة ومظلة للجميع بمن فيهم الصحفي الفريلانسر، ولكن بضوابط واضحة ومشددة لحماية الفكرة من الاستغلال ولاستقطاب الصحفيين بدلًا من تنفيرهم".
انتهاكات عمالية بالجملة
الصحفي المستقل المختص في القضايا العمالية نديم عبد الصمد يقول لـ"مجلة الصحافة" إن الصحفي المستقل عرضة للانتهاكات العمالية بصورة كبيرة نتيجة عدم قدرته على الانضمام إلى نقابة مهنية، من المعلوم أنها وجدت لتنظم عمل المهنة، وبنفس الوقت تساعد الصحفي على أخذ حقه ولكن قيود الانتساب لنقابة الصحفيين لا تسمح للصحفي "الحر" أن ينضوي تحتها.
ومن تلك الانتهاكات يروي عبد الصمد أن أجر الصحفي المستقل منخفض مقارنة بأي وظيفة أخرى، مما ينعكس على جودة المواد المقدمة التي ستكون بطبيعة الحال تغطيات سطحية، بالإضافة إلى طلب الكثير من المؤسسات الصحفية من الصحفي الفريلانسر أن يكون شاملًا، وعدم الاكتفاء بالصحفي ككاتب أو محرر، بل يطلب منه أن يحرر الفيديو ويصمم الإنفوغراف ويصور، وهي مهارات تعد كل مهارة منها تخصص بحد ذاته.
بمجرد أن دخل إلى القاعة المخصصة للمؤتمر الصحفي الذي سيعقده مسؤول بالحكومة حتى أشار عليه أحد رجال الأمن بسلاحه وهو يسأله بحدة عن اسم مؤسسته وما إن أخبره بأنه صحفي مستقل حتى تغيرت سحنة الرجل صارخا مناديا رفاقه بغضب: " تعالوا.. صحفي مستقل هنا"، ليجد نفسه يتعرض للصفع والركل خارج القاعة.
في ليبيا.. " تعالوا.. صحفي مستقل هنا"
بمجرد أن دخل إلى القاعة المخصصة للمؤتمر الصحفي الذي سيعقده مسؤول بالحكومة حتى أشار عليه أحد رجال الأمن بسلاحه وهو يسأله بحدة عن القناة أو المؤسسة التي يتبعها، وما إن أخبره بأنه صحفي مستقل حتى تغيرت سحنة الرجل صرخ مناديا رفاقه في غضب " تعالوا.. صحفي مستقل هنا"، ليجد نفسه يتعرض للصفع والركل خارج القاعة.
يقول "علي" وهو صحفي يعمل مستقلا يوثق الأحداث المهمة ويلتقط بكاميرته أهم الاجتماعات وأحيانا الاشتباكات، ويبيعها لوكالات أجنبية: "للأسف نحن في نظرهم مجرد جواسيس نعمل لصالح قوة أجنبية.. ولا يوجد من يحمينا لا نقابة ولا دولة، والأمر سيان سواء في بنغازي أو طرابلس فقد تعرضت لذات الموقف في كليهما".
عميل وجاسوس!
اختار العديد من الصحفيين الليبيين العمل المستقل لأسباب مختلفة سواء كانت مادية أو حبا في الابتعاد عن المؤسسات وإداراتها والتفضيل بالبقاء أحرارا دون أن يحسبوا على أي جهة خصوصا في ظل حالة الاستقطاب الشديدة التي تسيطر على المشهد الإعلامي في البلاد. غير أن هذا التوجه لم يكن سفينة النجاة التي تمنوها، بل أدخلهم في مواجهات واتهامات أخرى، كالعمالة لحساب الأجنبي والتجسس ناهيك عن الاتهام بالكذب وانتحال شخصية الصحفي المستقل لحماية المؤسسة التي ينتمي إليها.
الظروف التي يعمل خلالها الصحفي المستقل في ليبيا أقل ما يمكن وصفها بالصعبة والمعقدة من الناحية المهنية والقانونية. فعلي الصعيد المهني، يعمل الصحفي المستقل وسط بيئة لا تقدر هذا العمل، بينما الأغلبية لا يستوعبون أجواء العمل التي يبحثون عنها والمتمثلة في التحرر من قيود المؤسسات الإعلامية الروتينية. وتكمن معاناته - قانونيا - في عدم الاعتراف بوجوده وبالتالي لا يحصل على أية خدمات تسهل عمله أو مساعدات حين يقع في أي مشكلة نظرا لغياب قوانين تحفظ حقوق الصحفي المستقل سواء المادية أو المعنوية.
اختار العديد من الصحفيين الليبيين العمل المستقل لأسباب مختلفة سواء كانت مادية أو حبا في الابتعاد عن المؤسسات وإداراتها والتفضيل بالبقاء حرا دون أن يحسب على أي جهة خصوصا في ظل حالة الاستقطاب الشديدة التي تسيطر على المشهد الإعلامي في البلاد.
تجاهل وعدم اعتراف
يعتبر الصحفي "عاطف الأطرش" حجم العمل الصحفي المستقل في ليبيا ضعيفا وكارثيا في ذات الوقت، وأن أغلب الصحفيين يشتغلون لدى مؤسسات إعلامية من الأساس. كما يرى أن "تدني مستوى دخل هذه الشريحة وغلاء المعيشة دفعهم للعمل كصحفيين مستقلين للحصول على مورد مالي إضافي".
وعن الصعوبات التي تواجه العمل الميداني يرى الأطرش أن الصحفي المستقل قد يستغل معارفه أو أقاربه في الهيئات والمؤسسات الحكومية للحصول على معلومة أو دعوة حضور بشكل شخصي لأنهم لا يقومون بتقديم المعلومات أو تسهيل المشاركة وحضور الندوات الحكومية لهم.
في الجنوب الليبي، حيث البيئة الأكثر صعوبة في كل مناحي الحياة، يصف الصحفي المستقل من مدينة سبها وليد بكاكو بيئة العمل بغير المستقرة والمحفوفة بالمخاطر نتيجة الصراع السياسي، لذا يلجأ البعض نحو العمل المستقل لعدم رغبته في الانخراط أو التبعية لأي مشروع سياسي.
ويضيف بكاكو: "الجهات الحكومية لا تعترف بالصحفي المستقل إلا في حالة إقامة ملتقيات أو حفلات، لكن في الأمور السياسية الهامة يتم تجاهلنا لأن الصحفي لا ينتمي لذات التيار الذي تنتمي له الحكومة أو المسؤول".
غياب نقابة منتخبة
ما يزيد صعوبة العمل الصحفي سواء المستقل أو غيره في ليبيا يكمن في عدم وجود نقابة للصحفيين منتخبة ومعترف بها ويحسب لها حساب من قبل السلطات والجهات الحكومية.
لا يوجد في ليبيا إلا نقابات ومنظمات صحفية صغيرة تقدم نفسها بأنها الحامي والمدافع عن حقوق الصحفيين، فيما يعتبرها البعض منظمات ضعيفة تستغل اعترافها بهذه الشريحة للحصول على الدعم مستغلة حاجتهم إلى غطاء قانوني يحميهم، وهو أمر غير واقعي كون كل النقابات الصحفية في ليبيا غير معترف بها في الداخل والخارج.
مفهوم الحماية!
هذا التصور يراه مدير المركز الليبي لحرية الصحافة محمد الناجم مبالغا فيه رغم إقراره بأن الكثير من الصحفيين يعتقدون به، "فهناك غياب تام لمفهوم الدفاع عن حرية التعبير، والكثير من الصحفيين والمنظمات المدنية وبعض من الجهات الحكومية تُحمّل النقابات الصحفية مسؤولية أكبر من قدرتها". والنتيجة حسب الناجم كالآتي: "حين تعجز المنظمات الأهلية عن تقديم الحماية للصحفيين بمفهومهم هم وليس بمفهومها الحقيقي يتم اتهام النقابات بالمتاجرة بالصحفيين!".
ويضيف مدير المركز الليبي أن الكثيرين قد لا يستوعبون مفهوم الحماية الذي تعمل عليه هذه المنظمات، "فالحماية هنا هي معنوية والمساعدة مالية وأحيانا العمل على المساهمة والمساعدة في نقل الصحفيين من البيئة الخطرة وهي حماية ليست لكل الصحفيين إنما تخص فقط المتضررين".
وسط هذه الأجواء وتحميل المسؤوليات هنا وهناك، برزت مطالبات بضرورة تأسيس نقابة جامعة للصحفيين لضمان حقوقهم المهنية والدفاع عنهم أمام الجهات ذات العلاقة، خصوصا مع استمرار الوضع الإعلامي المتردي الذي تعيشه ليبيا وفقا لتقارير محلية ودولية.
غير أن نقابة صحفيين حقيقية لم يعد هو المطلب الوحيد. فعلى سبيل المثال وجهت المنظمة الليبية للصحافة المستقلة دعوتها لجميع المؤسسات الحكومية بحماية الصحفيين وتوفير بيئة مواتية لعملهم دون تمييز أو خوف من الأعمال الانتقامية أو العقابية.
مصير مجهول!
تكمن أهمية الصحافة المستقلة في إحداث نوع من التوازن بعيدا عن الرواية الرسمية الحكومية، وأقل استقطابا من معلومات الصحف والقنوات الخاصة بمختلف مشاربها. وهذا لا يمنع أن يكون الصحفي منحازا لهذا الطرف أو ذاك لكنه على الأقل يعلم جيدا أن المادة الخبرية المتوازنة والمتعددة الروايات تجلب "زبونا" جيدا.
ورغم ذلك، تبقى الصحافة المستقلة خارج المشهد الإعلامي، وتبقى الصحافة في ليبيا رهينة لتوازنات القوى بين المؤسسات الخاصة والجهات الحكومية. وحتى مع بعض النجاحات التي حققها صحفيون مستقلون ووجود مواهب حقيقية قادرة على صنع الفارق والتطوير من شكل المحتوى الإعلامي وتنويع المصادر والأخبار إلا أن مصيرهم يبدو مجهولا.