صحيفة "خبر لاهاريا / Khabar Lahariya" أو بالعربية "موجات الأخبار"، هي الصحيفة الوحيدة في الهند التي تديرها حصرياً نساء من "الداليت" أو "المنبوذين". الفيلم الوثائقي "الكتابة بالنار" (2021) للمخرجين رينتو توماس وسوشميت غوش يعطينا نظرة عن كثب على طريقة عمل الصحيفة والصحفيين الشجعان الذين يعملون هناك. في مشهد إخباري وصحفي مزدحم يهيمن عليه الرجال، تظهر صحيفة "خبر لاهاريا" وصحفيوها المسلحين بالهواتف الذكية. تحطم مراسلات الصحيفة التقاليد والأعراف، ويحاربن سواء في الخطوط الأمامية لأكبر قضايا الهند أو داخل منازلهن.
العمود الفقري للصحيفة وفيلم "الكتابة بالنار" هي ميرا ديڤي، التي لا تقوم فقط بتتبع الأخبار، بل تشرف ايضاً على النسخة الرقمية للصحيفة وتقدم المشورة للصحفيات الشابات.
العمود الفقري للصحيفة وفيلم "الكتابة بالنار" هي ميرا ديڤي، التي لا تقوم فقط بتتبع الأخبار وإعداد التقارير عنها، بل تشرف ايضاً على النسخة الرقمية للصحيفة وتقدم المشورة للصحفيات الشابات (العديد منهن ليس لديهن خبرة في الكتابة الصحفية). تزوجت ميرا عندما كان عمرها 14 عاماً، لكن أهل زوجها سمحوا لها بمواصلة تعليمها. تتوفر الآن على ماجستير كما أنها أم عاملة، أما زوجها فكان دائماً يفكر ويأمل أن "خير لاهاريا" سوف تفشل. هو هادئ جداً، ولكن حزين أن زوجته بالخارج تعمل طوال الليل.
نتعرف أيضاً في الفيلم على صحفيتين أخريان من طاقم الصحيفة، شيامكالي ديڤي وسونيتا براجاباتي. شيامكالي خجولة ومترددة، ولا تعرف كيفية استخدام الهاتف المحمول، مرتبكة للغاية بشأن كل جانب من جوانب العمل، لكنها مصممة على التعلم ومقاومة التحديات المتعددة، أسخفها، كيف تحافظ على الكمبيوتر المحمول مشحوناً عندما تنقطع الكهرباء لأيام؟
أما سونيتا، ليست متزوجة وتريد أن تبقى كذلك رغم ضغوط والديها. شيامكالي لم تنه تعليمها، ضربها زوجها عندما رفضت ترك وظيفتها في الصحيفة. تعبر هؤلاء النساء عن واقعهن بألم، يحاربن الجميع ويقاتلن لتحقيق أحلامهن. الصحافة مهنة يستحوذ عليها الرجال بالإضافة إلى أنها مهنة الطبقة العليا، لذلك كان طريق تلك النساء ولا يزال صعباً للغاية.
شيامكالي خجولة ومترددة، ولا تعرف كيفية استخدام الهاتف المحمول، مرتبكة للغاية، لكنها مصممة على التعلم ومقاومة التحديات، أسخفها، كيف تحافظ على الكمبيوتر المحمول مشحوناً عندما تنقطع الكهرباء؟
عندما يدخلن إلى مكان ما، سواء كانت بلدة أو منجم أو مبنى حكومي، فإنهن محاطات بالرجال. وبعض القصص التي يغطيهن حساسة للغاية، إنهن يخاطرن بحياتهن حرفياً. قُتل أكثر من 50 صحفياً في الهند منذ عام 2014، مما يجعل الهند إلى جانب العراق والمكسيك والفيليبين وباكستان من أخطر الأماكن على الكوكب بالنسبة للصحفيين. تنتطبق هذه الحقيقة أكثر على النساء وخاصة صحفيات "خبر لاهاريا" لأنهن غير معروفات.
الرجال الذين يقابلونهن في كثير من الأحيان لا يعرفون كيفية التعامل مع المقابلات ومع نساء صغيرات في الحجم والعمر مع هواتف ذكية.
من الدقائق الأولى من الفيلم ثمة تأكيد على أهمية الصحافة والصحيفة. تصل ميرا إلى منزل متواضع يقع في ولاية أوتار براديش في شمال الهند. توضح امرأة أنها تعرضت للاغتصاب عدة مرات من قبل مجموعة من الرجال، ورجال الشرطة المحلية يهاجمونها بدلاً من مساعدتها. "خبر لاهاريا أملنا الوحيد" يقول زوجها، وميرا مصممة على إيصال قصة المرأة للجميع. بالإضافة إلى تقارير ضحايا العنف من النساء تظهر في الصحيفة أخبار عن قرى بدون كهرباء، فضح رجال الشرطة الفاسدين، المناجم غير القانونية وغيرها الكثير.
تركز سونيتا بشكل أساسي على التعدين غير القانوني، ولا تخشى أي شيء. تجري مقابلات مع مجموعة كبيرة من عمال المناجم الذين يتهربون من الحديث معها، وبعضهم يلمسها، ولكن سونيتا تدفعهم بيديها وتستمر في طرح الأسئلة عليهم.
لقد أظهر الفيلم جانباً رائعاً، وهو كيفية تحول الصحيفة إلى العالم الرقمي. رأينا كيف تتعلم الصحفيات استخدام الهاتف الخلوي كأداة للعمل والاتصال وكوسيلة صحفية، الأمر الذي يستلزم تحديات كبيرة.
"الكتابة بالنار" فرصة لا تفّوت للتعرف على العمل الدؤوب لنساء مثيرات للإعجاب وشغوفات بالصحافة، يحاربن من أجل إيجاد دور لهن في المجتمع وأن يكون لهن تأثيراً إيجابياً.
"الكتابة بالنار" فرصة لا تفّوت للتعرف على العمل الدؤوب لنساء مثيرات للإعجاب وشغوفات بالصحافة، يحاربن من أجل إيجاد دور لهن في المجتمع وأن يكون لهن تأثيراً إيجابياً في مجتمعهن من خلال صراع ملهم ومستدام ضد هيكل هرمي مجتمعي.
قتال هؤلاء الصحفيات ضد البنية التمييزية للمجتمع لا نهاية له، حتى أزواجهن يصبحون أعداء لهن. في مناسبتين، نسمع زوج ميرا يصر على أن الصحيفة لن تدوم طويلاً وأنه عليها البقاء والاهتمام بالبيت فقط، لا يبدو أن الإنجازات والتأثير الإيجابي الذي حققته زوجته يثير اهتمامه على الإطلاق.
تسعى ميرا وزميلاتها إلى إحداث تغيير كبير وتمكين نساء الداليت وتحسين ظروف المنطقة، ولكن في طريقهن عقبات عمرها قرون من الاضطهاد الاجتماعي والتمييزي. مع ذلك، تستمر ميرا وصديقاتها، في مواجهة الجميع بسبب، شغفهن بالصحافة وإيمانهن بها.
من الملهم بالتأكيد أن نرى الطريقة التي تتطور بها الصحيفة خلال الفيلم الوثائقي، فضلاً عن روابط الصداقة الحميمة التي تنشأ بين أعضائها.
- الداليت هم الأشخاص الذين ينتمون إلى أدني طبقات المجتمع في الهند، ويقبعون خارج الفئات الأربع الرئيسية للمجتمع الهندي، ويشكلون 2% من السكان.
- "خبر لاهاريا" هي الصحيفة الوحيدة في الهند التي تديرها نساء الداليت في الهند. تصل الصحيفة إلى أكثر من خمسة ملايين شخص كل شهر من خلال منصات رقمية متعددة. الصحيفة لديها شبكة من 25 مراسلة في 16 مقاطعة في أوتار براديش ومادهيا. الصحيفة مخصصة لأخبار الفيديو في المقام الأول مع 150 مليون مشاهدة وأكثر من 450 ألف مشترك على يوتيوب.
- https://khabarlahariya.org/
- https://www.youtube.com/channel/UCbvNC1RcIdlM2Kzn-QnjFng