في ظل هذا التطور المذهل في عالم الإعلام الرقمي، وبالموازاة تماما مع ارتباط ذلك بتطور الإعلام والخبر معه، أصبح عالم الأخبار الرقمي هو الأول من نوعه، وتفوّق بذلك على الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، بل إن كل هذه الأنواع بدأت تتجه بشكل متسارع للحاق بالركب ومواكبة هذه الطفرة في عالم الإعلام والأخبار.
ولعل السائد في تفكير البعض أن الحصول على الخبر ما زال يؤخذ من التلفاز مثلا أو الراديو من خلال المحطات الإخبارية أو من الجرائد والمجلات. لكن الحقيقة فعلا أن كل ما ذكر آنفا بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، فنسبة من يتابع الأخبار من منصات التواصل الاجتماعي -حسب إحصاءات قام بها موقع "رايتر أكسس" (Writeracces) - قاربت الـ50%. وفي ظل انتشار الأجهزة الإلكترونية وتطورها المتسارع، فإن 56% يستخدمون هواتفهم الذكية للحصول على الأخبار، بينما يحصل عليها 29% من خلال الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة.
إن المتابع للتحديثات الجديدة والخدمات التي يقدمها موقعا فيسبوك وتويتر يدرك يقينا أنهما الأكثر نجاحا حتى الآن في الحصول على الخبر وصناعته، وتبدو المنافسة بينهما جلية، إذ يحرص كلٌ منهما على توفير كل التسهيلات الممكنة ليكون الأفضل على الإطلاق كمصدر أول للخبر.
وفي هذا التقرير نقوم بجولة سريعة نرصد فيها آخر ما وصل إليه الموقعان، ونتعرف على الإنجازات والتسهيلات التي وفَّراها مؤخرا للصحفيين.
تويتر.. المنصة الأفضل لعالم الأخبار
في بحث أعدَّه موقع "سوشيال تايمز" (SocialTimes) يتضمن استطلاعا لآراء أكثر من 4700 مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي، كشف أن مستخدمي تويتر هم المستهلكون الأكثر تعطشا للأخبار من شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى.
بناءً على الدراسة، أكَّد قرابة 79% من مستخدمي تويتر أن استخدامه للحصول على الأخبار أسهل بكثير مقارنة ببقية شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، وأنهم تمكنوا من الحصول على زخم كبير من الأخبار بعد انضمامهم إلى تويتر، مع ملاحظة أن 40% يستخدمونه للحصول على الأخبار العاجلة.
كما بينت الدراسة أن قرابة 80% من مستخدمي تويتر يأخذون الأخبار من خلال تصفح "Timeline" الخاص بهم بشكل اعتيادي، في حين يذهب 67% منهم إلى حسابات بعينها للحصول على الخبر، كما يفتح 92% الروابط المرفقة ويقرؤون تفاصيل الخبر.
وبطبيعة الحال فإن الحصول على الأخبار يتم عبر أمرين: إما متابعة أفراد بعينهم (صحفيين وكتاب ومحللين)، أو متابعة قنوات وصحف إعلامية رسمية معينة. وبناءً على هذه الدراسة، فإن 73% يتابعون أفرادا من الصحفيين والكتاب، بينما يتابع 63% حسابات القنوات والصحف الإخبارية الرسمية.
هذه المعلومات وغيرها تعطي مؤشرا مهمّا حول مكانة موقع "تويتر" في عالم الأخبار لكونه يمنح فرصة عظيمة لانتشار الخبر للأشخاص والصحف والقنوات الرسمية، لما يمتاز به من سرعة وواقعية وقرب من المستخدمين.
كما تساعدنا المعلومات السابقة في تشكيل نظرة مستقبلية تركز على أهمية الخبر في عالم مواقع التواصل الاجتماعي وعالم مسوِّقي الأخبار، بأن مستقبلهم أصبح في عالم شبكات التواصل الاجتماعي.
مومنتس.. عالم تجميع الأخبار على تويتر
هذه خدمة جديدة أطلقها موقع تويتر وتُعنى بتوفير طريقة سهلة لتتبع الأحداث والأخبار حال وقوعها. فيوميا يغرد على تويتر مئات الملايين بمواد يصعب أن نجدها في أي مكان آخر سواه، كالمحادثات بين قادة العالم المشاهير أو الأحداث التي تقع في مكان معين، فيقوم بعض المغردين المتواجدين في المكان بالتغريد فور وقوع الحادث بالصور أو الفيديوهات أو الأخبار وغيرها من الأحداث المباشرة، بحيث يكون إيجاد مثل هذه التغريدات بمثابة التحدي الكبير، وهذا ما حرصت على تقديمه تويتر لمستخدميها -خصوصا الصحفيين منهم- عبر ميزة "مومنتس" (Moments).
ويعتبر التطبيق الجديد واحدا من أكبر المميزات التي أضيفت إلى الموقع منذ إطلاقه للمرة الأولى عام 2006، ومن المرجح أن يكون أكثر فائدة من الأخبار الرئيسية، حيث استعان موقع تويتر بفريق متخصص من الإعلاميين -مثل موقع BuzzFeed الإخباري وفوكس نيوز، وموقع الصور المتخصص "جيتي"- للإشراف على المحتوى الإخباري.
فيسبوك يتجاوز غوغل كمصدر أول للخبر
تبين دراسة قامت بها شركة "Parse.ly" ونشرت مؤخرا على موقع "فورتون" (fortune)، أن معدل الأشخاص الذين يتصفحون المواقع الإخبارية عبر موقع فيسبوك أصبح أكثر من عدد الأشخاص الذين يقومون بذلك عبر موقع غوغل.
ويَعلم أيُّ عامل في مجال المواقع الإخبارية أو المؤسسات الصحفية أن الروابط التي تنشر في صفحات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، أصبحت من أهم المصادر الخبرية الموجودة في الشبكة العنكبوتية، والتي باتت تنافس طريقة "البحث" عبر مواقع التصفح.
وحسب ما ذكرته شركة "Parse.ly"، لم يعد فيسبوك ينافس غوغل في هذا الأمر فحسب، بل تجاوزه بقدر كبير. ويقول مدير مكتبها الفني إنها رصدت آخر النسب فيما يتعلق بمصادر الأخبار من شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تشير إلى أن فيسبوك تصدر القائمة بنسبة 43% وأصبح المصدر رقم واحد، حيث تفوّق على غوغل الذي أتى ثانيا بنسبة 38%.
وأجرت هذه الشركة تجربتها على أكثر من 400 محتوى -من ضمنها محتويات خبرية مهمة ومخرجات إعلامية- نقلتها عن بعض المؤسسات الصحفية التقليدية مثل "وايرد"، و"ذا أتلانتيك"، و"رويترز" و"ديلي تلغراف"، مع نقلها أيضا عن بعض الوسائل التي تنشر فقط المحتويات الرقمية مثل "ماشابل"، و"ذا نكست ويب" و"بزنس إنسايدر". وقد رصدت الشركة قرابة ستة مليارات مشاهدة وأكثر من مليار زائر للموقع في الشهر الواحد.
يظهر في الرسم البياني أعلاه كيف أن موقع فيسبوك تغلب على موقع غوغل وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة قاربت 40%، ليتجاوز بذلك موقع غوغل كمصدر للخبر.
ويظهر في الرسم البياني هنا أيضا النقلة النوعية التي استطاع فيسبوك أن يتغلب بها على موقع غوغل، ليصبح تفاعل مستخدمي مواقع التواصل معه يتعدى موقع غوغل كمصدر رئيسي للخبر.
سيغنل.. عالم تجميع الأخبار على فيسبوك
في ظل تطورات كبيرة يشهدها الموقع الأزرق، أعلن موقع فيسبوك مؤخرا عن إطلاق خدمته الجديدة الخاصة بالصحفيين تحت اسم "سيغنل" (Signal) أو "إشارة".
وتهدف الخدمة الجديدة إلى مساعدة الإعلاميين بشكل كبير على جمع الأخبار عبر منصتي فيسبوك وإنستغرام، واستخدامها لخدمة قصصهم وتقاريرهم الإخبارية باختلاف مضامينها السياسية والثقافية والترفيهية وحتى الرياضية منها.
فعبر هذه الخدمة، يمكن للصحفي معرفة القضايا الأكثر انتشارا ومتابعة على موقع فيسبوك، ومعرفة المواضيع المتعلقة بها أيضا للحصول على سياق أعمق في المتابعة، وبالتالي أصبح بالإمكان معرفة القصص التي تحظى بشعبية وانتشار كبيرين.
وفي ما يلي بعض الميزات التي توفرها هذه الخدمة:
- أصبح بإمكان الصحفي الوصول إلى قوائم مرتبة بالشخصيات الأكثر تأثيرا على فيسبوك من السياسيين والمؤلفين والممثلين والموسيقيين والأندية الرياضية والرياضيين، مع إمكانية المقارنة بين تأثير كل عضو في القائمة يوميا.
- تسهل هذه الخدمة على الصحفيين خاصية البحث عن المحتوى المرئي على إنستغرام عبر البحث عن وسم (هاشتاغ) معين أو أشخاص وحسابات معينة، أو حتى عبر تحديد المكان بدقة في جميع أنحاء العالم.
- تسهل عملية البحث عن المحتوى الذي يساعد الصحفي على بناء قصته مباشرة على موقع فيسبوك، وسيجد كل ما يتعلق به بالترتيب الزمني.
- تتيح للصحفي حفظ أي منشور أو صورة أو فيديو، ليتمكن من استخدامها لاحقا في القصص والتقارير الإخبارية التي يعدها.
- تتيح للصحفيين إمكانية تضمين أي منشور -سواء على فيسبوك أو إنستغرام- في مواقعهم، عبر كود ينسخ مباشرة في الموقع.
خدمة "سيغنل" متوفرة الآن مجانا لجميع الصحفيين، ويمكن لأي صحفي الدخول إلى المدونة الرسمية لموقع فيسبوك وتقديم طلب الحصول عليها. وتعد هذه الخطوة مهمة جدا لجذب أكبر عدد من الصحفيين لاستقاء أخبارهم ومشاركتها عبر فيسبوك، بدلا من منصات أخرى يعدها الصحفيون مصدرا رئيسيا للأخبار مثل تويتر.
صناعة الخبر
خلافا لكل الوسائل الإعلامية المختلفة كالتلفاز والإذاعة والصحف والمجلات، تتيح منصات التواصل الاجتماعي الفرصة أمام مستخدميها لصناعة الخبر، والقيام بدور فاعل وحقيقي في تبادل المعلومات وتحليل الأخبار.
قرابة نصف مستخدمي شبكات التواصل حول العالم يشاركون عبر حساباتهم وصفحاتهم المحتوى الخبري بجميع أشكاله كالصور والفيديو والأخبار المكتوبة. تلك المشاركة الفاعلة تخلق شعورا بالمعنى الحقيقي لأن تكون صانعا للخبر لا مجرد متلقٍ له، إذ أصبح بإمكان كل شخص أن يكون صحفيا عبر حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي.