كيف نفهم تصاعد الانتقادات الصحفية لتغطية الإعلام الغربي للحرب على قطاع غزّة؟

المصدر: unbiasthenews.org | رسم: ووكر غاوندي

كيف نفهم تصاعد الانتقادات الصحفية لتغطية الإعلام الغربي للحرب على قطاع غزّة؟

نشر هذا المقال بالإنجليزية على موقع "unbiasthenews.org" بعنوان " Why journalists are speaking out against Western media bias in reporting on Israel-Palestine" ونعيد نشره هنا بالعربية مع بعض التصرف بموجب إذن بالترجمة والنشر من الموقع.

 

وقّع نحو 1500 صحفي يعملون لدى عشرات المؤسسات الإخبارية الأمريكية خطابا مفتوحا احتجوا فيه على تغطية وسائل الإعلام الغربية، وتعاملها مع الأعمال الوحشية والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول.  وأدان الصحفيون في خطابهم القتل المستهدف للصحفيين في غزة، وانتقدوا تحيّز وسائل الإعلام الغربية، وكتبوا أنّ غرف الأخبار "تتحمل وِزْر خطاب نزع الأنسنة الذي سوّغ التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، ووزر تقويض الآراء ووجهات النظر الفلسطينية والعربية والإسلامية، ووزر تصدير لغة تحريضية كرّست معاداة الإسلام والاستعارات العنصرية".

كذلك أرسل ثمانية صحفيين في شبكة بي بي سي خطابا مفتوحا إلى شبكة الجزيرة، اتّهموا فيها مؤسستهم بالإخفاق في تقديم تغطية إعلامية دقيقة للوقائع، وقالوا إنها "حرصت كثيرا على أنسنة الضحايا الإسرائيليين مقارنة بالفلسطينيين، وأسقطت السياق التاريخي الأساسي من تغطيتها الإعلامية". وكذا فعل صحفيون أستراليون؛ إذ كتبوا خطابا مفتوحا حثّوا فيه غرف الأخبار الأسترالية على اتخاذ ثماني خطوات لتحسين تغطيتها الإعلامية، منها: "التزام جانب الحقيقة عوضا عن الحياد الزائف"، وطالبوها أيضا بأن تتوخى على الأقل القدر ذاته من التشكّك المهني الذي تطبّقه على مصادر حماس، بدلا من منح الأفضلية والثقة لمصادر الحكومة والجيش الإسرائيليين من دون التحقق منها، وهو ما يتيح لروايتهم السيطرة على التغطية.

ليست هذه المرة الأولى التي يجاهر فيها صحفيون بتحيز وسائل الإعلام الغربية في تقاريرها عن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وهو تحيز ليس وليد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023؛ فقد وقّع 500 صحفي عام 2021 خطابا مفتوحا عبروا فيه عن مخاوفهم من تجاهل وسائل الإعلام الأمريكية للقمع الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. كما أُلّفت كتب كثيرة ووُضعت أطروحات عديدة عن هذه المسألة، وخلصت دراسات أكاديمية إلى ميل وسائل الإعلام الغربية، مثل صحيفة نيويورك تايمز، إلى الجانب الإسرائيلي في تغطيتها، ومحاباته على حساب الفلسطينيين.

لا ريب أنّ هذه الآراء المتباينة عن التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية تكرّس التباين في غرف الأخبار، وهي كذلك تؤجج جدلا قائما بشأن موضوعية وسائل الإعلام وإنصافها في تغطية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

 

ما الأهمية في ذلك؟  

لا ريب أنّ مهمة الصحفي هي جمع المعلومات، والتحقق من صحتها، وعرضها للجمهور بطريقة منصفة ودقيقة ومحايدة. ولمّا تصدر الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني عناوين الأخبار منذ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول والرد الانتقامي لإسرائيل، تعيّن على الصحفيين أن ينهضوا بمسؤولية استعراض التطورات ملتزمين بتلك المبادئ الصحفية الأساسية؛ فلا ينبغي أن تكتفي الوسائل الإعلامية بتقديم المعلومات فحسب، بل عليها إشاعة الفهم بين الناس على نحو يحول دون مفاقمة النزاع أو تكريس الروايات المتحيزة. بيد أنّ تغطية وسائل الإعلام الغربية للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني قدّمت آراء معينة وكتمت أخرى، وأهملت توضيح السياق رغم خطورته، ورسّخت الصور النمطية واعتمدت عليها.

كان هجوم حماس والآثار الناجمة عنه حدثا جديرا بالتغطية الإعلامية لأنه كان عملا ماديا عنيفا مباشرا وصادما. لكن حينما توجهت أنظار العالم صوب المنطقة، لم تنل الأعمال الانتقامية الإسرائيلية الضخمة النصيب ذاته من التغطية الإعلامية، وإنما مرّت من دون انتقاد، وتم الحديث عنها باعتبارها أعمال دفاع عن النفس. ويجوز أن يُعزى هذا التناقض إلى بعض المعايير الإخبارية؛ أي حينما يكون لعوامل القرب، والبروز، والاهتمام الإنساني، والصراع، تأثير في التغطية. لكن حتى لو سلّمنا بأهمية العوامل التي تؤثر في القيمة الإخبارية (newsworthiness)، فيجب ألا يفضي ذلك إلى تغطية متحيزة أبدا. 

يرصد الأستاذ المشارك مارك أوين جونز، المتخصص في المعلومات المضللة والدعاية، ما يلي: لم تورد صحيفة الديلي ميل المجموع التراكمي لعدد القتلى في غزة ضمن صفحتها الأولى خلال الأيام الأربعة عشر الأولى من الصراع، لكنها ذكرت هناك عدد القتلى الإسرائيليين مرات عديدة. وقال جونز: "لقد أُبعِد الفلسطينيون عن الواجهة، فكأنما المعاناة الإسرائيلية هي الوحيدة التي تستوجب الذكر في الصفحة الأولى". وفيما يلي نعدد بعض الأسباب الرئيسية التي أدت لتزايد الانتقادات لتغطية وسائل الإعلام الغربية السائدة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة:

1. سياق مفقود

خلت التغطية الإعلامية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من شيء جوهري ومهم؛ السياق. فقد أعرضت التغطية الإعلامية لهجوم حماس عن ذكر السياق التاريخي للأحداث، وتجاهلته في المقالات المفصلة، ولم تذكر احتلال إسرائيل لفلسطين ولا أشكال العنف الممنهج منذ نكبة عام 1948. واتخذت التغطية الإعلامية عموما شكلَ التحديثات الآنية، ولم تعط إلا مستجدات قصيرة عن آخر التطورات. ويشير التحليل الأكاديمي إلى تركيز التغطية الإعلامية للأحداث على العنف والعنف المضاد؛ فهي بذلك لم تتطرق إلى القضايا الجذرية والسياق الأوسع للصراع.

"تخلو التغطية الإعلامية غالبا من السياق التاريخي، فقلّما يكون لازما ومهما لاستيعاب مجريات الأحداث كأهميته في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".

لم ينبثق هجوم 7 أكتوبر من العدم، خلافا لطريقة عرضه وتصويره في التغطية الإعلامية السائدة، بل جرى في ظروف متواصلة منذ عقود من الاضطهاد، والتمييز، والتهجير. ولا ريب أنّ الافتقار إلى الحاجات الأساسية والمعيشة المتردية في قطاع غزة –الذي تراه الأمم المتحدة «مكانا لا يصلح للمعيشة»- أفضى إلى حدوث تلك العملية من المقاومة المسلحة العنيفة.

تتحاشى وسائل الإعلام غالبا إيراد السياق التاريخي الحاسم هنا، وتتذرع بالتعقيد الملحوظ والطبيعة الخلافية للصراع. ومن أوجه المفارقة أنّ هذا النهج نفسه يودي بصاحبه إلى التحيز في تصوير الأحداث؛ فمعظم منظمات حقوق الإنسان والأكاديميين والخبراء متفقون على ممارسة إسرائيل للفصل العنصري، أما إسرائيل فتستنكر هذا المصطلح وتتهمه بمعاداة السامية. فلا بد للصحفيين إذًا من إيراد السياق التاريخي لتعزيز مستوى الفهم والدقة في التغطية الإعلامية.

برع الكوميدي المصري والجراح السابق باسم يوسف في إيجاز القضية خلال مقابلته الثانية مع بيرس مورغان، فرصد أنّه كلما استجد حادث في سياق القضية الفلسطينية، وصفه الناس بـ «الوضع المعقد» وعجزوا عن إدراك مجريات الأمور.

يقول يوسف إنه "حينما تغطي وسائل الإعلام صراعا مستمرا منذ 75 عاما، وتفرد له كل مواردها وخبراتها، ثم يبادر الناس بالتفاعل ذاته في كل مرة، فذلك ولا ريب إخفاق للمنظومة الإعلامية. فلماذا يبدو الصراع في كل مرة كأنه ينشب من العدم؟".

 

2. نشر معلومات مغلوطة

تتضمن العريضة التي قدمها الصحفيون الأمريكيون اتهاما آخر لوسائل الإعلام الغربية السائدة يرى أنها نشرت معلومات مغلوطة روّجها مسؤولون إسرائيليون، كما تذكر إخفاقها في تسليط الضوء على القتل العشوائي للمدنيين في غزة؛ فالأمر ليس محض معلومات مغلوطة روجها مسؤولون إسرائيليون، وإنما يتعداها إلى سقطات إعلامية غذّت سرديات معينة.

من الأمثلة على هذه الحالة خطأ هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عند ترجمة شهادة أسيرة فلسطينية محررة؛ إذ حرّفت جزءا من كلامها وقوّلتها ما معناه: "وحدها حماس اهتمت بأمرنا.. إننا نحبهم كثيرا"، غير أنّ كلامها الحقيقي بالعربية: "حلّ الشتاء وقطعوا عنا الكهرباء، وكدنا نموت من البرد. لقد رشونا برذاذ الفلفل، وتركونا حتى نموت في السجن". صححت الشبكة الإخبارية الترجمة، ونشرت توضيحا بأنّ الترجمة المغلوطة سببها "خطأ في عملية التحرير".

كذلك تفشى ادعاء غير موثق في وسائل الإعلامية الغربية، مفاده أنّ حماس قطعت رؤوس 40 طفلا إسرائيليا. واستند هذا الادعاء على تقارير مشكوك بصحتها، وسرعان ما تراجعت عنه مراسلة شبكة سي أن أن، التي استقته أصلا من بيان صادر عن مكتب نتنياهو. ويتعارض نشر ادعاءات كهذه من دون التثبت منها مع الأخلاقيات الصحفية القارّة عالميا والتي يتعين على الصحفيين ومؤسساتهم الالتزام بها، والتي لا تجيز النشر إلا بموجب الحقائق التي يعلمون مصدرها ويتسنى لهم التحقق منها؛ فصحيح أنّ الادعاء السابق مفتقر إلى الأدلة، لكنّ تفشي القصة أحدث رعبا وصدمة في أرجاء العالم، وأوجد شعورا أجج الدعم للانتقام الإسرائيلي.

لقد أفضى افتضاح تلك القصة السابقة إلى تعقيد إضافي؛ إذ اتخذها بعض معتنقي نظرية المؤامرة ذريعة للتشكيك بالهجوم برمته؛ إذ نشر أحد المؤثرين أخبارا بأن صحيفة هآرتس فضحت زيف معظم التقارير بشأن ما حصل في 7 أكتوبر، وهو أمر لم يحصل حقيقة. وهكذا عندما ينصرف الصحفيون عن أساليب التغطية الموضوعية والتثبت من الوقائع، فإنهم يجيزون لمنظري المؤامرة (والجمهور بأكمله) أن يشككوا بقدرة الصحافة على تقديم القصة الحقيقية.

 

3. توظيف اللغة

يتجلى التحيز الإعلامي كذلك في اللغة المعتمدة في التغطية الإعلامية للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني؛ فقد وصفت صحيفة الغارديان هجوم حماس في افتتاحيتها بـ "الهيجان الإجرامي" (murderous rampage). أما صحيفة الإيكونوميست فوصفته بـ "الاعتداء المتعطش للدم على إسرائيل" (bloodthirsty assault on Israel). بيد أنّ وسائل الإعلام الغربية أحجمت عن وصف الهجمات الإسرائيلية بعبارات مماثلة، حتى بعد أن قتلت إسرائيل أكثر من 15 ألف فلسطيني. ولمّا وصفت صحيفة هآرتس الإخبارية الإسرائيلية حكومة نتنياهو بـ "الدموية" في افتتاحيتها، تحاشت وسائل الإعلام الغربية إطلاق هذه الأوصاف.

لا ريب أنّ فجاجة اللغة المتحيزة عند التحدث عن الفلسطينيين مدعاة للأسى؛ إذ وصفت الغارديان الرهائن الإسرائيليين بـ "النساء والأطفال"، أما السجناء الفلسطينيون الذين خرجوا مقابلهم فوصفتهم بـأنهم "نساء وأشخاص بعمر 18 عاما أو أقل"، وما لبثت أن عدّلت الصياغة عقب موجة غضب عمّت منصات التواصل الاجتماعي؛ فاعتماد لغة كهذه ينزع عن الضحايا الفلسطينيين إنسانيتهم، ويؤنسن الضحايا الإسرائيليين.

من الأمثلة الدامغة على اختلافات اللغة توظيف صيغة المبني للمعلوم عند الحديث عن الضحايا الإسرائيليين؛ كأن يقال: "الصواريخ تقتل الإسرائيليين"، في حين تُعتمد صيغة المبني للمجهول عند ذكر الضحايا الفلسطينيين؛ كأن يقال: "مات فلسطينيون"، أو "انتهت حياتهم" (عدّلت صحيفة واشنطن بوست هذه الصياغة إلى "عُثِر عليهم أمواتا" عقب موجة غضب عارم في منصات التواصل الاجتماعي).

كتبت شبكتا بي بي سي وسي أن أن في تغطيتهما أنّ الإسرائيليين "قُتِلوا" (بيد حماس)، أما الفلسطينيون فقالتا إنهم "ماتوا". كذلك توصف أحداث 7 أكتوبر بأنها "هجوم"؛ فهذه الكلمة تقضي بأنّ حماس دؤوبة على مهاجمة الإسرائيليين، أما أهل غزة فيُقتَلون بـ "الانفجارات"، فكأنما موتهم حدث عارض وليس حصيلة الصواريخ الإسرائيلية المتواصلة.

من الأمثلة الدامغة على اختلافات اللغة توظيف صيغة المبني للمعلوم عند الحديث عن الضحايا الإسرائيليين؛ كأن يقال: "الصواريخ تقتل الإسرائيليين"، في حين تُعتمد صيغة المبني للمجهول عند ذكر الضحايا الفلسطينيين؛ كأن يقال: "مات فلسطينيون"، أو "انتهت حياتهم"

لم تتوان شبكة سي أن أن عن عزو تلك الأفعال إلى حماس، أما حينما صُوِّر جندي إسرائيلي وهو يطلق الرصاص على مدني في الضفة الغربية، فقد وصفته الشبكة في عنوانها بأنه "رجل بِزِيّ عسكري" ولم تقل إنه من الجيش الإسرائيلي (غيرته لاحقا عقب غضب عارم في الإنترنت). إنه تخيّر للألفاظ مرهون بجنسية الضحايا، يلوم الفلسطينيين ويجرّمهم حين يكون الضحايا إسرائيليين، لكنه لا يجرّم إسرائيل عندما تكون معتدية ويكون الضحايا فلسطينيين. لذلك؛ حريّ بالصحفيين أن يراعوا الاتساق اللغوي في تغطيتهم الإعلامية، لئلا تترسخ الصور النمطية اللاواعية التي تكرّس السرديات المتحيزة.

 

4. التشكيك بالمصادر الفلسطينية

عندما تؤكد وسائل الإعلام على قيادة حماس لمؤسسات غزة، مثل وزارة الصحة، وإدارتها للحكومة، فإنها تشكك بشكل غير مباشر بالمعلومات الواردة عنها، أما الحكومة والمؤسسات الإسرائيلية فلا يشار بتاتا إلى أنها "بقيادة حزب الليكود" أو "برئاسة نتنياهو"؛ بل إنّ الرئيس الأمريكي، جو بايدن، جاهر بأنّه "مرتاب بشأن صحة الأرقام التي يقدمها الفلسطينيون". دفعت هذه الاتهامات وزارة الصحة في غزة إلى إصدار قائمة فيها 6747 شخصا قتلتهم الغارات الجوية الإسرائيلية، وأوردت كذلك أسماءهم، وأعمارهم، وجنسهم، وأرقام هوياتهم.

في المقابل، وثِقَت وسائل الإعلام الكبرى ثقةً عمياء بكلام رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف نتنياهو، ولا سيما عندما أعلنت إسرائيل وقوع 1400 ضحية لهجوم 7 أكتوبر، قبل أن تعلن في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر تقليص العدد إلى 1200 شخص. حتى تلك اللحظة، كانت الحرب الانتقامية الإسرائيلية بحق غزة قد أودت بحياة 11 ألف قتيل، كما سُجّلَت 250 هجمة رصدتها الأمم المتحدة على المرافق الصحية في غزة والضفة الغربية، منها هجمات على "المستشفيات، والعيادات، وسيارات الإسعاف، والمرضى، فضلا عن قصف 5 مستشفيات في ذلك الأسبوع وحده".

لا يُفضي الطعن بأعداد القتلى في غزة والثقة العمياء بالأرقام الإسرائيلية إلى التمييز فحسب، بل يُفرّط بالمبدأ الصحفي الداعي إلى التثبت من بيانات جميع المصادر من دون تحيّز لطرف على حساب آخر. ويكفل هذا المبدأ دقة التغطية الإعلامية، وإنصافها، وعنايتها بالقضية الأساسية (خسارة الأرواح في هذه الحالة)، ويُنزِّهها عن تكريس الممارسات التمييزية أو محاباة رأي دون آخر.

لا يُفضي الطعن بأعداد القتلى في غزة والثقة العمياء بالأرقام الإسرائيلية إلى التمييز فحسب، بل يُفرّط بالمبدأ الصحفي الداعي إلى التثبت من بيانات جميع المصادر من دون تحيّز لطرف على حساب آخر.

5. لمن الصوت الأقوى؟

كانت التغطية الإعلامية لوجهة النظر الفلسطينية قاصرة وقليلة؛ فوسائل الإعلام الغربية اعتمدت مراسلين غربيين يفتقرون إلى الخبرة والإلمام التاريخي بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، فأرسلتهم إلى المنطقة بخبرة قليلة، وبمعرفة قاصرة باللغة أو الثقافة أو السياق. (يسمى هذا الإجراء بـ "صحافة الباراشوت" وقد انتُقد كثيرا خلال السنين الأخيرة). يعجز أولئك الصحفيون أيضا عن دخول غزة لأنهم لم يوجدوا فيها أساسا. لذلك؛ يُعزى الفضل إلى صحفيين غزيين، مثل بلستيا العقاد ومعتز عزايزة؛ فالناس باتت مُلمةً بمجريات الأمور داخل قطاع غزة المحاصر بفضل تغطيتهم الإعلامية في منصات التواصل الاجتماعي. ويغيب أولئك الصحفيون عن المشهد أحيانا بسبب انقطاع خدمات الكهرباء والإنترنت، في حين تواصل إسرائيل استهدافها للصحفيين وعائلاتهم بلا هوادة.

حينما تقابل وسائل الإعلام الغربية مسؤولين عسكريين إسرائيليين، فإنها تخصص وقت الذروة للناطقين باسم الجيش الإسرائيلي، وقلّما تقابل أفرادا من السلطات الفلسطينية، بل إنها تكيل لهم الاتهامات بدلا من الأسئلة الحوارية حينما تقابلهم. وحين يرفض أولئك المسؤولون الفلسطينيون إجراء مقابلات كهذه، تتعمّد تلك الوسائل الإعلامية إبراز هذه اللحظة ضمن فيديوهات قصيرة، من دون أن تتدبر إن كانت معاييرهم بشأن المقابلات تسري على المصادر الإسرائيلية والفلسطينية سواءً بسواء. 

يُعتَمد تأطير مماثل لفرز ضحايا العنف تبعا لجنسيتهم الإسرائيلية أو الفلسطينية؛ فالضحايا الإسرائيليون يظهرون بوجوههم وأسمائهم، ولا سيما أن وسائل الإعلام الغربية تنشر تفاصيل قصصهم الشخصية ومعاناتهم، أما القتلى الفلسطينيون فيشار إليهم غالبا برسوم بيانية وأرقام، ولا يعاملون على أنهم بشر لهم حيوات متعددة الجوانب. ولا ريب أنّ هذه الأساليب المتباينة تبعث على التعاطف مع الإسرائيليين، وتنزع عن الفلسطينيين إنسانيتهم وتختزل حياتهم برقم إحصائي.

"بلغ خذلان الصحافة الغربية لأهل غزة مبلغا شديدا؛ فاندفع شبابها لإطلاق مشروع "لسنا أرقاما" لإسماع أصواتهم؛ إذ يرون الأرقام لا تمثل شخوصهم، وهي إلى ذلك تنزع الإحساس بمأساتهم من نفوس الآخرين، وتعجز عن إيصال صراعاتهم وانتصاراتهم اليومية، ودموعهم، وفرحهم، وأمانيهم التي يشاطرونها العالم؛ فلولا السياق الراهن، لاكتسبت أهمية فورية لدى الناس جميعا".

 

6. التعامل مع الخبراء وضيوف المقابلات

يُطالَب ضيوف المقابلات من غزة وفلسطين أغلبَ الأحيان بـ "إدانة حماس"، ومنهم ضيوف خسروا معظم أحبائهم وأقاربهم خلال الأسابيع الماضية، فيُباغَتون بهذا الطلب قبل أن يقرّ المحاورون بخسارتهم ويقدرون مصابهم. ومن المعلوم أنّ السؤال الأول يضبِط دوما مسار المقابلة؛ فسؤال الفلسطينيين عن إدانة حماس فيه شطط عن لبّ الموضوع، أي تجارب الفلسطينيين، وهو أيضا يبرز معاناتهم بما يتصل بحماس، لذلك يمضي ضيوف تلك المقابلات شطرا كبيرا منها وهم يتحدثون عن حماس، عوضا عن ذكر أوضاعهم وظروفهم. ولا يكتفي مثل هذا السؤال بتوجيه المقابلة بما يخدم السردية الإسرائيلية منذ بدايتها وحسب، وإنما يوحي أيضا بأنّ معاناة الفلسطينيين من صنيعة أيديهم، فيُصنّف العنف الإسرائيلي بأنه انتقام من "هجوم إرهابي" وليس إبادة جماعية محتملة بحسب رأي خبراء الأمم المتحدة.

في المقابل، لا يلاقي الضيوف الإسرائيليون مثل هذا الإصرار لمطالبتهم بإدانة جرائم حكومتهم عند مقابلتهم، وإن حصل ذلك في أثناء قصف إسرائيلي متواصل لأسابيع على غزة، ولا يُضغَط عليهم لإدانة تصرفات رئيس الوزراء اليميني المتطرف نتنياهو، المتهم بارتكاب جرائم حرب عديدة مقترنة باسمه. فمن الحماقة الخلط بين الناس وحكومات بلادهم، وهو أمر يطعن كذلك بالإسرائيليين. وصحيح أن مئات الإسرائيليين تظاهروا احتجاجا على نتنياهو وسياساته، لكن قلما يُخصّص وقت من البث للإسرائيليين الناقدين لحكومتهم.

يُعامَلون كأنهم يتحملون وزر العنف الدائر في فلسطين وإسرائيل، أما الإسرائيليون فيُسأَلون أسئلة متعمقة عن تجاربهم وخبراتهم، ولا يُسألون عن إدانتهم لحكومتهم.

يرى الصحفي الفلسطيني أحمد الناعوق، من حملة "لسنا أرقاما"، أن هذه التصرفات قديمة العهد وليست وليدة اليوم؛ فأحمد مقيم في مدينة لندن، وقد خسر 21 فردا (منهم 14 طفلا) من عائلته في فلسطين. مع ذلك، فإنه حينما استضافه برنامج (Good Morning Britain)، بادره المذيع بالسؤال التالي: "ما مدى قربك من إخوتك؟". وقال أحمد إنّه أَلِفَ أن يقابله الآخرون بنبرة الإنكار لكلامه، وأضاف في لقاء مع شبكة الجزيرة: "تدعو وسائل الإعلام الفلسطينيين للتحدث سعيا لإحراجهم، والتضييق عليهم حتى يتعين عليهم الدفاع عن أنفسهم وإثبات أهليتهم في عيون الجمهور الغربي".

بدائل ساخرة

انصرفت الجماهير إلى البدائل الإعلامية الساخرة بسبب النفاق والأخطاء في وسائل الإعلام الغربية السائدة، ولا سيما أن مثل هذه البدائل تبلي بلاء حسنا وتتفوق على الوسائل الإخبارية المهنية في استعراض التناقضات التي نعيشها. ومن الأمثلة الجلية على ذلك موقعا ذا أونيون (The Onion) وريديكوترس (Reductress) اللذان نشرا عناوين ساخرة أبرزها: "مسؤولون إسرائيليون يزعمون أن فلسطين احتلت نفسها". ومن ذلك أيضا المقابلة الأولى بين بيرس مورغان وباسم يوسف، التي وظّف فيها باسم أسلوبه الهزلي الساخر للطعن بالافتراضات الغربية عن الفلسطينيين، فأصبحت من أولى المقابلات عن هذه المسألة انتشارا على صعيد العالم، وباتت أيضا من أنجح مقابلات مورغان وأكثرها مشاهدة.

يحثّ الصحفيون في خطابهم المفتوح، الذي يدعو إلى تغطية أدق للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وأكثر تشكيكا، زملاءَهم الآخرين على "قول الحقيقة كاملة بلا خوف ولا محاباة"، ويحضون غرف الأخبار على استخدام المصطلحات التي أحسنت منظمات حقوق الإنسان الدولية تعريفها بدقة مثل "الفصل العنصري" و"التطهير العرقي". ومع أنّ خبراء الأمم المتحدة حذروا من "تعرض الشعب الفلسطيني لخطر الإبادة الجماعية"، تتردد المنصات الإخبارية الغربية في اقتباس كلامهم والإتيان بوصف دقيق للتهديد الوجودي المتتالي في غزة. فبعد أن تجاوزت أعمال العنيف المتواصلة أعداد الحوادث خلال النكبة، حري بوسائل الإعلام الغربية أن تباشر تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية.

ينبغي للصحفيين أن يتوخوا الحذر، ويراعوا أن تقوم لغتهم على الحقائق المثبتة، والمصادر الموثوقة، والإحاطة الوافية بالسياقات القانونية والتاريخية للقضية التي يعملون على تغطيتها.

صحيحٌ أن لدى السياسيين والفاعلين أجندات معينة، وأنهم يتلاعبون باللغة والألفاظ لصالحهم، لكن يجدر بالصحفيين ألا يفعلوا ذلك؛ ففي بعض الأحيان تفي المصطلحات القانونية بالغرض وتصف الأحداث بدقة، فيتيسر للجمهور إدراك خطورة الأوضاع التي يغطيها الإعلام. ويتحمل الصحفيون مسؤولية أخلاقية لتصوير الحقيقة بدقة؛ فإذا استلزم الوضع استخدام مصطلحات مثل "التطهير العرقي"، فإن الامتناع عن قولها يُهوِّن من خطورة الحدث وفداحته، وربما يسهم في نشر معلومات مضللة. فينبغي للصحفيين أن يتوخوا الحذر، ويراعوا أن تقوم لغتهم على الحقائق المثبتة، والمصادر الموثوقة، والإحاطة الوافية بالسياقات القانونية والتاريخية للقضية التي يعملون على تغطيتها.

More Articles

Gender Inequity in Sports Reporting: Female Journalists Demand Equality

Gender inequality persists in sports journalism, with female reporters significantly under-represented, as shown by studies revealing that only 5.1% of sports articles are written by women. Advocates call for equal representation, more inclusive hiring practices, and a broader focus on women's sports to challenge stereotypes, improve coverage, and give women a stronger voice in shaping sports narratives.

Akem
Akem Nkwain Published on: 18 Nov, 2024
How Does Misinformation Undermine Public Trust in Journalism?

Reports reveal a growing loss of trust in the media, driven by the extent of misinformation that undermines professional journalism's ability to influence public discourse. The platforms of misinformation, now supported by states and private entities during conflicts and wars, threaten to strip the profession of its core roles of accountability and oversight.

Muhammad Khamaiseh 1
Muhammad Khamaiseh Published on: 13 Nov, 2024
What Explains the Indian Media’s Silence on Muslim Lynchings?

A review of why the Indian media is biased in its coverage of cow vigilantes' lynchings, highlighting how the killing of a Hindu boy by such vigilantes sparked widespread outrage, while the lynching of a Muslim man over similar allegations was largely ignored, reflecting deeper anti-Muslim bias under the ruling BJP government.

Saif Khaled
Saif Khalid Published on: 11 Nov, 2024
Freedom of the Press in Jordan and Unconstitutional Interpretations

Since the approval of the Cybercrime Law in Jordan, freedom of opinion and expression has entered a troubling phase marked by the arrest of journalists and restrictions on media. Musab Shawabkeh offers a constitutional reading based on interpretations and rulings that uphold freedom of expression in a context where the country needs diverse opinions in the face of the Israeli ultra right wing politics.

Musab Shawabkeh
Musab Al Shawabkeh Published on: 8 Nov, 2024
Corporate Dominance and the Erosion of Editorial Independence in Indian Media

Corporate influence in Indian media has led to widespread editorial suppression, with media owners prioritising political appeasement over journalistic integrity, resulting in a significant erosion of press freedom and diversity in news reporting.

headshot
AJR Correspondent Published on: 3 Nov, 2024
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 23 Oct, 2024
Atrocity Inc.: What Max Blumenthal's New Documentary Reveals About Western Media's Complicity in Israeli Propaganda

A digest of Max Blumenthal's new documentary, Atrocity Inc., in which he uncovers how the Israeli PR machinery and propaganda efforts were carefully and intentionally designed to manufacture consent for a campaign of mass death against Palestinians. It reveals how the Western media, especially in the United States, supported Israel's misinformation war.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 13 Oct, 2024
A Year of Genocide and Bias: Western Media's Whitewashing of Israel's Ongoing War on Gaza

Major Western media outlets continue to prove that they are a party in the war of narratives, siding with the Israeli occupation. The article explains how these major Western media outlets are still refining their techniques of bias in favor of the occupation, even a year after the genocide in Palestine.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 9 Oct, 2024
Failing Gaza: Pro-Israel Bias Uncovered Behind the Lens of Western Media

Journalists at CNN and the BBC expose the inner workings of their newsrooms, a year into Israel’s war on Gaza.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 8 Oct, 2024
Guns, Threats, and Poverty: The Daily Struggles of an African Journalist

The welfare of African journalists continues to deteriorate, from poor wages to security risks, arrests, detention, and even death. This common, ongoing trend generally affects the wellbeing of journalists during their discharge of duties, and these overlooked difficulties tend to affect the quality and output of their work.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 26 Sep, 2024
Testimonies of the First Witness of the Sabra & Shatila Massacre

The Sabra and Shatila massacre in 1982 saw over 3,000 unarmed Palestinian refugees brutally killed by Phalangist militias under the facilitation of Israeli forces. As the first journalist to enter the camps, Japanese journalist Ryuichi Hirokawa provides a harrowing first-hand account of the atrocity amid a media blackout. His testimony highlights the power of bearing witness to a war crime and contrasts the past Israeli public outcry with today’s silence over the ongoing genocide in Gaza.

Mei Shigenobu مي شيغينوبو
Mei Shigenobu Published on: 18 Sep, 2024
How to Bring more Balance to Western Media Coverage of Israel and Palestine

How can journalists accurately cover Palestine without becoming unbalanced or biased? Here are some concrete tools and techniques for reporters to keep in mind.

A picture of the author, Megan O'Toole
Megan O'Toole Published on: 16 Sep, 2024
Journalist Mothers in Gaza: Living the Ordeal Twice

Being a journalist, particularly a female journalist covering the genocide in Palestine without any form of protection, makes practicing journalism nearly impossible. When the journalist is also a mother haunted by the fear of losing her children, working in the field becomes an immense sacrifice.

Amani Shninu
Amani Shninu Published on: 15 Sep, 2024
Anonymous Sources in the New York Times... Covering the War with One Eye

The use of anonymous sources in journalism is considered, within professional and ethical standards, a “last option” for journalists. However, analysis of New York Times data reveals a persistent pattern in the use of “anonymity” to support specific narratives, especially Israeli narratives.

Mohammad Zeidan
Mohammad Zeidan Published on: 8 Sep, 2024
Monitoring of Journalistic Malpractices in Gaza Coverage

On this page, the editorial team of the Al Jazeera Journalism Review will collect news published by media institutions about the current war on Gaza that involves disinformation, bias, or professional journalistic standards and its code of ethics.

A picture of the Al Jazeera Media Institute's logo, on a white background.
Al Jazeera Journalism Review Published on: 5 Sep, 2024
India’s Social Media Crackdown; Broader Implications for Journalism

India’s crackdown on X-Twitter accounts documenting hate crimes highlights the increased risks faced by journalists who report on these issues. The suppression of such accounts significantly hampers the ability of journalists to access and report critical information on hate crimes.

Rushda Fathima Khan
Rushda Fathima Khan Published on: 3 Sep, 2024
Cameroonian Journalists at the Center of Fighting Illegal Fishing

While the EU’s red card to Cameroon has undeniably tarnished its image, it has paradoxically unlocked the potential of Cameroonian journalists and ignited a movement poised to reshape the future. Through this shared struggle, journalists, scientists, conservationists, storytellers, and government officials have united, paving the way for a new era of ocean advocacy.

Shuimo Trust Dohyee
Shuimo Trust Dohyee Published on: 21 Aug, 2024
The Gaza Journalist and the "Heart and Mind" Struggle

Inside the heart of a Palestinian journalist living in Gaza, there are two personas: one is a human who wants to protect his own life and that of his family, and the other is a journalist committed to safeguarding the lives of the people by holding on to the truth and staying in the field. Between these two extremes, or what journalist Maram Hamid describes as the struggle between the heart and the mind, the Palestinian journalist continues to share a narrative that the occupation intended to keep "away from the camera."

Maram
Maram Humaid Published on: 18 Aug, 2024
India and Pakistan; Journalists building Bridges for Understanding

Amid decades of tension, journalists from India and Pakistan are uniting to combat hostile narratives and highlight shared challenges. Through collaboration, they’re fostering understanding on pressing issues like climate change and healthcare, proving that empathy can transcend borders. Discover how initiatives like the Journalists' Exchange Programme are paving the way for peace journalism and a more nuanced narrative.

Safina
Safina Nabi Published on: 12 Aug, 2024
Journalists Recount the Final Moments of Ismail Al-Ghoul

Journalists remembering the slain reporter of Al Jazeera in Northern Gaza, Ismail Al Ghoul. "He insisted on continuing his coverage from the northern part of the Gaza Strip, despite the challenges and obstacles he faced. He was arrested and interrogated by the Israeli army, his brother was killed in an Israeli airstrike, and his father passed away during treatment abroad."

Mohammad Abu Don
Mohammad Abu Don Published on: 11 Aug, 2024
Analysis: Media Disinformation and UK Far-Right Riots

Analysis on the impact of media disinformation on public opinion, particularly during UK riots incited by far-right groups. A look at how sensationalist media can directly influence audience behavior, as per the Hypodermic Needle Theory, leading to normalized discrimination and violence. The need for responsible journalism is emphasized to prevent such harmful effects.

Anam Hussain
Anam Hussain Published on: 8 Aug, 2024
Challenges for Female Journalists in Crisis Zones of Cameroon

Testimonies of what female journalists in Cameroon are facing and how they are challenging these difficulties.

Akem
Akem Nkwain Published on: 30 Jul, 2024
Daughters of Data: African Female Journalists Using Data to Reveal Hidden Truths

A growing network of African women journalists, data scientists, and tech experts is amplifying female voices and highlighting underreported stories across the continent by producing data-driven projects and leveraging digital technologies in storytelling.

Nalova Akua
Nalova Akua Published on: 23 Jul, 2024
Are Podcasts the Future of African Broadcasting?

The surge of podcasts across Africa is a burgeoning trend, encompassing a wide array of themes and subjects, and swiftly expanding across various nations.

Derick Matsengarwodzi
Derick Matsengarwodzi Published on: 11 Jul, 2024